فصل: الفصل الرابع: أمراض تفرق الاتصال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الرابع: أمراض تفرق الاتصال:

وأما أمراض تفرق الاتصال فقد تقع في الجلد وتسمى خدشاً وسحجاً وقد تقع في اللحم والقريب منه الذي لم يقيح وتسمّى جراحة.
والذي قيح تسمى قرحة ويحدث فيه القيح لاندفاع الفضول إليه لضعفه وعجزه عن استعمال غذائه وهضمه فيستحيل أيضاً فضل فيه وربما قبلت الجراحة والقرحة لتفرق اتصال يعرض في غير اللحم وقد يقع في العظم إما مكسر إلى جزأين أو أجزاء كبار هاما مفتتاً أو واقعاً في طوله صادعاً وإما أن يقع في الغضاريف على الأقسام الثلاثة أو يقع في العصب.
فإن وقع عرضاً سمي بتراً وإن وقع طولاً ولم يكن غوراً كبيراً سمي شقًا وإن كان غوراً كبيراً سمي شدخاً.
وقد يقع في أجزاء العضلة فإن وقع على طرف العضلة سمي هتكاً سواء كان في عصبة أو وتر وإن وقع في عرض العضلة سمي جزاً وإن وقع في الطول وقل عدده وكبر غوره سمي فدغاً وإن كثر أجزاؤه وفشا وغار سمي رضا وفسخاً وربّما قيل الفسخ والرضض والفدغ لكل ما يتفق في وسط العضلة كيف كان.
فإن وقع في الشرايين أو الأوردة سمي انفجاراً ثم إما أن يعترضها فيسمى قطعاً أو فصلاً أو ينفذ في طولها فيسمى صدعاً أو يكون ذلك على سبيل تفتح فوهاتها فيسمى بثقاً.
وإن كان في الشريان فلم يلتحم وكان الدم يسيل منه إلى الفضاء الذي يحويه حتى يمتلئ ذلك الفضاء.
وإذا عصرت عاد إلى العرق سمّي أم الدم وقوم يقولون أم الدم لكل انفجار شرياني.
واعلم أنه ليس كل عضو يحتمل انحلال الفرد فإن القلب لا يحتمله ويكون معه الموت وإما أن يقع في الأغشية والحجب فيسقى فتقاً وإما أن يقع بين جزأين من عضو مركّب فيفصل أحدهما من الآخر من غير أن ينال العضو المتشابه الأجزاء تفرق اتصال فيسمى انفصالاً وخلعاً.
وإذا كان ذلك في عصب زال عن موضعه سمي فكاً.
وقد يكون تفرّق الاتصال في المجاري فيوسع وقد يكون في غير المجاري فيحدث مجاري لم تكن وزوال الاتصال والتقرح ونحوه إذا وقع في عضو جيد المزاج صلح بسرعة وإن وقع في عضو رديء المزاج استعصى حيناً ولا سيما في أبدان مثل أبدان الذين بهم الاستسقاء أو سوء القنية أو الجذام.
واعلم أن القروح الصيفية إذا تطاولت وقعت الآكلة وأنت ستجد في كتب التفصيل استقصاء لأمر تفرق الاتصال مؤخراً إليه فاعلم ذلك.

.الفصل الخامس: الأمراض المركبة:

وأما الأمراض المركبة فلنقل فيها أيضاً قولاً كلياً فنقول: إنا لسنا نعني بالأمراض المركبة أي أمراض اتفقت متجمعة بل الأمراض التي إذا اجتمعت حدث من جملتها شيء هو مرض واحد وهذا مثل الورم والبثور من جنس الورم فإن البثور أورام صغار كما أن الأورام بثور كبار.
والورم يوجد فيه أجناس الأمراض كلها فيوجد فيه مرض مزاج لآفة لأنه لا ورم إلا ويحدث من سوء مزاج مع مادة ويوجد فيه مرض الهيئة والتركيب فإنه لا ورم إلا وهناك آفة في الشكل والمقدار وربما كان معه أمراض الوضع ويوجد فيه المرض المشترك وهو تفرق الاتصال فإنه لا ورم إلا وهنا تفرق اتصال فإنه لا شك أن تفرق الاتصال لما انصبت المواد الفضلية إلى العضو الوَرِمِ وسكنت بين أجزائه مفرقة بعضها عن بعض حتى تأخذ لأنفسها أمكنة.
والورم يعرض للأعضاء اللينة وقد يعرض شيء شبيه بالورم في العظام يغلظ له حجمها وتزداد رطوبتها ولا يغرب أن يكون القابل للزيادة بالغذاء يقبلها بالفعل إذا أنفذ فيه أو حدث فيه وكل ورم ليس له سبب بادٍ وسببه البدني يتضمّن انتقال مادة من عضو إلى ما تحته فيسمى نزلة.
وربما كان السبب المادي الذي تتولد منه الأورام والبثور مغموراً في أخلاط أخرى غير مؤذية في كيفيتها فإذا استفرغت الأخلاط الجيدة في وجوه من الاستفراغ: إما الطبيعي كما يعرض للنفساء في الإرضاع وإما غير الطبيعي كما يعرض لجراحة تسيل دماً محموداً بقيت تلك الأخلاط الرديئة خالصة مفردة فتأذّى بها الطبع فدفعها.
وربما كان وجه دفعها إلى الجلد فحدثت أورام وبثور.
فالأورام قد تنفصل بفصول مختلفة إلا أن فصولها بالاعتبار هي الفصول الكائنة عن أسبابها وهي المواد التي تكون عنها الأورام والمراد التي تكون عنها الأورام ستة: الأخلاط الأربعة والمائية والريح.
فالورم إما أن يكون حاراَ وإما أن لا يكون ولا ينبغي أن يظن أن الورم الحار هو الكائن عن دم أو مرّة فقط بل عن كل مادة كانت حارة بجوهرها أو عرضت لها الحرارة بالعفونة وإن كانت هذه الأجناس أيضاً قد تنقسم بحسب انقسام أنواع كل مادة وذلك بالقول النوعي في الأورام أولى.
وعادتهم أن يسموا الدموي المحض فلغمونيا والصفراوي المحض جمرة والمركب منها باسم مركّب منهما ويقدّمون الأغلب فيقولون مَرَة فلغموني جمرة وَمرَة جمرة فلغمونية وإذا جمع سمي خراجاً وإذا وقع الخراج في اللحوم الرخوة والمغابن وخلف الأذنين والأرنبة وكان من جنس فاسد- وسنذكره في موضعه الجزئي- سمي طاعوناً.
وللأرام الحارة ابتداء فيه يندفع الخلط ويظهر الحجم ثم يزيد ويزيد معه الحجم ويتمدد ثم يقف عند غاية الحجم ثم يأخذ في الانحطاط فينضج بتحلّل أو قيح وماَل أمره إما تحلّل وإما جمع مدة وإما استحالة إلى الصلابة.
وأما الأورام غير الحارة فإما أن تكون من مادة سوداوية أو بلغمية أو مائية أو ريحية.
والكائنة عن مادة سوداوية ثلاثة أجناس: الصلابة والسرطان وأكثرهما حريفية.
وأجناس الغدد التي منها الخنازير والسلع.
والفرق بين أجناس الغدد وبين الجنسين الآخرين أن أجناس الغدد تكون مبتدئة عما يحويها مثل الغدد المحضة أو متشبثة بظاهرها فقط مثل الخنازير.
وأما تلك الأخر فتكون مخالطة مداخلة لجوهر العضو التي هي فيه.
والفرق بين السرطان والصلابة أن الصلابة ورم ساكن هاد مبطل للحس أو آيف فيه لا وجع معه.
والسرطان متحرك متزيّد مؤذٍ له أصول ناشئة في الأعضاء ليس يجب أن يبطل معه الحس إلا أن تطول مدته فيميت العضو ويبطل حسّه وليس يبعد أن يكون الفصل بين الصلابة والسرطان بعوارض لازمة لا بفصول جوهرية.
والأورام الصلبة السوداوية تبتدىء في أول كونها صلبة وقد تنتقل إلى الصلابة وخصوصاً الدموية وقد يعرض ذلك أيضاً في البلغمية أحياناً وتفارق الغدد والسلع وما أشبههما من تعقد العصب بأن التعقد ألزم لموضعه وملمسه عصبي وإذا مدد بالغمز عاد وإذا تبدَد بدواء قوي غير الغمز لم يعد.
وأكثرها تحدث عن التعب وتبطل بالمثقلات من الأسرب ونحوه وأما جنس الأورام البلغمية فينقسم إلى نوعين: الورم الرخو والسلع اللينة ويتفاصلان بأن السلع متميزة في غلف والورم الرخو مخالط غير متميّز وأكثر أورام الشتاء بلغمية حتى الحارة منها تكون بيض الألوان.
واعلم أن الأورام البلغمية تختلف بحسب غلظ البلغم ورخاوته ورقته حتى تشبه تارة السوداوية وتارة الريحية وكثيراً ما ينزل البلغم الرقيق في النوازل في خلل ليف الأعصاب حتى يبلغ إلى مثل عضلات الحنجرة السفلى منها فما دونها.
وأما الأورام المائية فهي كالاستسقاء والقيلة المائية والورم الذي يعرض في القحف من المائية وما يشبه ذلك وأما الأورام الريحية فهي أيضاً تتنوع إلى نوعين: أحدهما التهيج والآخر النفخة والفرق بين التهيج والنفخة من وجهين: أحدهما القوام والثاني المخالطة.
وبيان هذا أن الريح في التهيج مخالطة لجوهر العضو وفي النفخة مجتمعة متمددة غير مخالطة للعضو وأن التهيج يستلينه الحس والنفخة تقاوم المدافع مقاومة كثيرة أو قليلة والبثور أيضاً على عدد الأورام فمنها دموية كالجدري وصفراوية محضة كالشري الصفراوي والجاورسية ومختلطة كالحصبة والنملة والمسامير والجرب والثآليل وغير ذلك وقد تكون مائية كالنفاطات وريحية كالنفّاخات وأنت تجد ذلك في الكتاب الرابع تفصيلاً لأحوال الأورام والبثور ويليق بذلك الموضع.

.الفصل السادس: أمور تُعد مع الأمراض:

وههنا أمور خارجة عن الأمراض وتعد فيها وهي الأمور الداخلة في الزينة أحدها في الشعر والثاني في اللون والثالث في الرائحة والرابع في السحنة بعد اللون.
وأجناس أمراض الشعر التناثر والتمرط والقصر والفلة والشقاق والدقة والغلظ وإفراط الجعودة وإفراط السبوطة والشيب واستحالة اللون كيف كان.
وآفات اللون تدخل في أربع أجناس: جنس استحالته عن سوء مزاج بمادة كاليرقان أو بغير مادة كالحصبة العارضة للون عن مزاج بارد مفرد والصفرة التي ربما كانت عن مزاج حار مفرد وجنس إستحالته عن أسباب بادية كما تسفع الشمس والبرد والريح اللون وجنس انبساط أجسام غريبة اللون على الجلد الحامل اللون كالبهق الأسود والتقاطها فيه كالخيلان والنمش.
وجنس الآثار العارضة من التئام تفرق اتصال عرض كآثار الجدري وأنداب القروح وآفات الرائحة كالضأن وغيره من الروائح الكريهة التي تفوح من الأبدان وآفات السحنة بعد اللون إما الهزال المفرط وإما السمن المفرط.

.الفصل السابع: أوقات الأمراض:

واعلم أن لأكثر الأمراض أربعة أوقات: وقت الابتداء ووقت التزايد ووقت منتهى ووقت الإنحطاط.
وما خرج من هذه فهي من أوقات الصحة.
وليس نعني بوقت الإبتداء والإنتهاء طرفان لا يستبان فيهما حال المرض بل لكل واحد منهما زمان محسوس يكون له حكم مخصوص.
ووقت الإبتداء هو الزمان الذي يظهر فيه المرض ويكون كالمتشابه في أحواله لا يستبان فيه تزايده.
والتزايد هو الوقت الني يستبان فيه اشتداده كل وقت بعد وقت.
ووقت الانتهاء هو الوقت الذي يقف فيه المرض في جميع أجزائه على حالة واحدة.
والانحطاط هو الزمان الذي يظهر فيه انتقاصه.
وكل ما أمعن كان الانتقاص أظهر.
وهذه الأوقات قد تكون بحسب المرض من أوله إلى آخره في نوائبه وتسمى أوقاتاً كلية وقد تكون بحسب نوبة نوبة وتسمى أوقاتاَ جزئية.

.الفصل الثامن: تمام القول في الأمراض:

إن الأمراض قد تلحقها التسمية من وجوه.
إمّا من الأعضاء الحاملة لها كذات الجنب وذات الرئة وإما من أعراضها كالصرع وإما من أسبابها كقولنا مرض سوداوي وإما من التشبيه كقولنا داء الأسد وداء الفيل وإما منسوباً إلى أول من يذكر أنه عرض له ذلك كقولهم قرحة طيلانية منسوبة إلى رجل يسمى طيلانس، وإما منسوباً إلى بلدة يكثر حدوثها فيه كقولهم القروح البلخية وإما منسوباً إلى من كان مشهوراً بالإنجاح في معالجاتها كالقرحة السيروتية وإما قال جالينوس: إن الأمراض إمّا ظاهرة فتعرف حساً وإما باطنة سهلة الوقوف عليها كأوجاع المعدة والرئة أو عسرة الوقوف عليها كآفات الكبد ومجاري الرئة وإما غير مدركة إلا بالتخمين كالآفات العارضة لمجاري البول.
والأمراض قد تكون خاصة وقد تكون بالشركة والعضو يشارك عضواً في مرضه إما لأنهما متواصلان بالطبع يتّصل بينهما الات كالدماغ والمعدة يوصل بينهما العصب والرحم والثدي يوصل الأوردة بينهما وإما لأن أحدهما طريق إلى الثاني كالأربيتين لورم الساق وإما لأنهما متجاوران كالرئة والدماغ فكل يشرك الآخر وخصوصاً إذا كان أحدهما حاراً ضعيفاً فيقبل الفضل من صاحبه كالإبط للقلب وإما لأن أحدهما مبدأ فاضل لفعل الثاني كالحجاب للرئة في التنفس وإما لأن أحدهما يخدم الثاني كالعصب للدماغ وإما لأنهما يشاركان عضواً ثالثاً مثل الدماغ تشارك الكلية بسبب أن كل واحد منهما يشارك الكبد.
وربما عادت الشركة.
وبالأمثل أن الدماغ إذا لم تشاركه المعدة فضعف هضمها فأوصلت إليه أبخرة رديئة وغذاء غير منهضم فزادت في ألم الدماغ نفسه.
والمشاركة تجري على أحكام الأصل في الدوام وفي الدور.
ومراتب الأبدان من الصحة والمرض ستة على ما نحن نصفه: بدن في غاية الصحة وبدن في الصحة دون الغاية وبدن لا صحي ولا مرضيّ كما قيل ثم البدن المستقام القابل للصحة سريعاً ثم البدن المريض مرضاً يسيراً ثم البدن المريض في الغاية وكل مرض إما مسلم وإما غير مسلم.
والمسلم هو المرض الذي لا عائق عن معالجته كما ينبغي.
وغير المسلم هو الذي يقترن به عائق لا يرخص في صواب تدبيره مثل الصداع إذا قارنته النزلة.
واعلم أن المرض المناسب للمزاج والسن والفضل أقل خطراً من الذي لا يناسبه.
فإن الذي لا يناسبه ولا يحدث إلا عن عظم سببه.
واعلم أن أمراض كل فصل يرجى أن ينحل في صدره من الفضول.
واعلم أن من الأمراض أمراضاً تنتقل إلى أمراض أخرى وتقلع هي ويكون فيها خيرة فيكون مرض واحد شفاء من أمراض أخرى مثل الربع فإنه كثيراً ما يشفي من الصرع والنقرس والدوالي وأوجاع المفاصل والجرب والحكة والبثور ومن التشنّج.
وكذلك الذرب من الرمد ومن زلق الأمعاء ومن ذات الجنب وكذلك انفتاح عروق المقعدة وينفع من كل مرض سوداي ومن وجع الورك ومن أوجاع الكِلى والأرحام.
وقد ينتقل بعض الأمراض إلى أمراض أخرى فيصير الحال لذلك أشد رداءة مثل انتقال ذات الجنب إلى ذات الرئة وانتقال العلّة المعروفة بقرانيطس إلى ليثرغس.
ومن الأمراض أمراض معدية مثل الجذام والجرب والجدري والحمى الوبائية والقروح العفنة وخصوصاً إذا ضاقت المساكن وكذلك إذا كان المجاور في أسفل الريح ومثل الرمد وخصوصاً إلى متأمله بعينه ومثل الضَرَس حتى إن تخيل الحامض يفعله ومثل السبل ومثل البرص.
ومن الأمراض أمراض تتوارث في النسل مثل القرع الطبيعي والبرص والنقرس والسبل والجذام.
ومن الأمراض أمراض جنسية تختص بقبيلة أو بسكان ناحية أو يكثر فيهم.
واعلم أن ضعف الأعضاء تابع لسوء المزاج أو تحلّل البنية.