فصل: الفصل الأول: كلام كلي في النبض:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الرابع: حاصل علامات المعتدل المزاج:

علاماته المجموعة الملتقطة مما قلنا هي: اعتدال الملمس في الحر والبرد واليبوسة والرطوبة واللين والصلابة واعتدال اللون في البياض والحمرة واعتدال السحنة في السمن والقصافة وميل إلى السمن وعروقه بين الغائرة ويين الركبة على اللحم المتبرية عنه بارزاً واعتدال الشعر في الزبب والزعر والجعودة والسبوطة إلى الشقرة ما هو في سن الصبا وإلى السواد ما هو في سن الشباب واعتدال حال النوم واليقظة ومواتاة الأعضاء في حركاتها وسلاسة وقوة من التخيل والتفكر والتذكر وتوسط من الأخلاق بين الإفراط والتفريط أعني التوسط بين التهور والجبن والغضب والخمول والدقة والقساوة والطيش والتيه وسقوط النفس وتمام الأفعال كلها وصحة وجودة النمو وسرعته وطول الوقوف.
وتكون أحلامه لذيذة مؤنسة من الروائح الطيبة والأصوات اللذيذة والمجالس البهيجة ويكون صاحبه محبباً طلق الوجه هشاً معتدل شهوة الطعام والشراب جيد الاستمراء في المعدة والكبد والعروق والنسبة في جميع البدن معتدل الحال في انتقاض الفضول منه من المجاري المعتادة.

.الفصل الخامس: علامات من ليس بجيد الحال في خلقته:

هذا هو الذي لا يتشابه مزاج أعضائه بل ربما تعاندت أعضاؤه الرئيسة في الخروج عن الاعتدال فخرج عضو منها إلى مزاج والآخر إلى ضده فإذا كانت بنيته غير متناسبة كان رديئاً حتى في فهمه وعقله مثل الرجل العظيم البطن القصير الأصايع المستدير الوجه والهامة العظيم الهامة أو الصغير الهامة لحيم الجبهة والوجه والعنق والرجلين وكأنما وجهه نصف دائرة فإن كان فكاه كبيرين فهو مختلف جداً وكذلك إن كان مستدير الرأس والجبهة لكن وجهه شديد الطول ورقبته شديدة الغلظ في عينيه بلادة حركة فهو أيضاً من أبعد الناس عن الخير.

.الفصل السادس: العلامات الدالة على الامتلاء:

الامتلاء على وجهين: امتلاء بحسب الأوعية وامتلاء بحسب القوة.
والامتلاء بحسب الأوعية هو أن تكون الأخلاط والأرواح وإن كانت صالحة في كيفيتها قد زادت في كميتها حتى ملأت الأوعية ومددتها.
وصاحبه يكون على خطر من الحركة فإنه ربما صدع الامتلاء للعروق وسالت إلى المخانق فحدث خناق وصرع وسكتة، وعلاجه هو المبادرة إلى الفصد.
وأما الامتلاء بحسب القوة فهو أن لا يكون الأذى من الأخلاط لكميتها فقط بل لرداءة كيفيتها فهي تقهر القوة برداءة كيفيتها ولا تطاوع الهضم والنضج ويكون صاحبها على خطر من أمراض أما علامات الامتلاء جملة: فهي ثقل الأعضاء والكسل عن الحركات واحمرار اللون وانتفاخ العروق وتمدد الجلد وامتلاء النبض وانصباغ البول وثخنه وقلة الشهوة وكلال البصر والأحلام التي تدلّ على الثقل مثل من يرى أنه ليس به حراك أو ليس به استقلال للنهوض أو يحمل حملاً ثقيلاً أو ليس يقدر على الكلام كما أن رؤيا الطيران وسرعة الحركات تدل على أن الأخلاط رقيقة وبقدر معتدل وعلامات الامتلاء بحسب القوة.
أما الثقل والكسل وقلة الشهوة فهو يشارك فيها الامتلاء الأول ولكن إذا كان الامتلاء بحسب القوة ساذجاَ لم تكن العروق شديدة الانتفاخ ولا الجلد شديد التمدد ولا النبض شديد الامتلاء والعظم ولا الماء كثير الثخن ولا اللون شديد الحمرة ويكون الانكسار والإعياء إنما يهيج فيه بعد الحركة والتصرف وتكون أحلامه تريه حكة ولذعاً وإحراقاً وروائح منتنة.
ويدلّ أيضاً على الخلط الغالب بدلائله التي سنذكرها.
وفي أكثر الأمر فإن الامتلاء بحسب القوة يولّد المرض قبل استحكام دلائله.

.الفصل السابع: علامات غلبة الخلط:

خلط أما الدم إذا غلب فعلاماته: مقارنة لعلامات الامتلاء بحسب الأوعية ولذلك قد يحدث من غلبته ثقل في البدن في أصل العينين خاصة والرأس والصدغين وتمط وتثاؤب وغشيان ونعاس لازب وتكدر الحواس وبلادة في الفكر وإعياء بلا تعب سابق وحلاوة في الفم غير معهودة وحمرة في اللسان وربما ظهر في البدن دماميل وفي الفم بثور ويعرض سيلان دم من المواضع السهلة الانصداع كالمنخر والمقعدة واللثة.
وقد يدلّ عليه المزاج والتدبير السالف والبلد والسن والعاثة وبعد العهد بالفصد والأحلام الدالة عليه مثل الأشياء الحمر يراها في النوم ومثل سيلان الدم الكثير عنه ومثل الثخانة في الدم وما أشبه ما ذكرنا.
وأما علامات غلبة البلغم: فبياض زائد في اللون وترهّل ولين ملمس وبرودة وكثرة الريق ولزوجته وقلة العطش إلا أن يكون مالحاً وخصوصاً في الشيخوخة وضعف الهضم والجشاء الحامض وبياض البول وكثرة النوم والكسل واسترخاء الأعصاب والبلادة ولين نبض إلى البطء والتفاوت ثم السن والعادة والتدبير السالف والصناعة والبلد والأحلام التي يرى فيها مياه وأنهار وثلوج وأمطار وبرد برعدة.
وأما علامات غلبة الصفراء: فصفرة اللون والعينين ومرارة الفم وخشونة اللسان وجفافه ويبس المنخرين واستلذاذ النسيم البارد وشدّة العطش وسرعة النفس وضعف شهوة الطعام والغثيان والقيء الصفراوي الأصفر والأخضر والاختلاف اللاذع وقشعريرة كغرز الأبر ثم التدبير السالف والسن والمزاج والعادة والبلد والوقت والصناعة والأحلام التي يرى فيها النيران والرايات الصفر ويرى الأشياء التي لا صفرة لها مصفرة ويرى التهاباً وحرارة حمام أو شمس وما يشبه ذلك.
وأما علامات غلبة السوداء: فقحل اللون وكمودته وسواد الدم وغلظه وزيادة الوسواس والفكر واحتراق فم المعدة والشهوة الكاذبة وبول كمد وأسود وأمر غليظ وكون البدن أسود أزب فقلما تتولد السوداء في الأبدان البيض الزعر وكثرة حدوث البهق الأسود والقروح الرديئة وعلل الطحال والسن والمزاج والعادة والبلد والصناعة والوقت والتدبير السالف والأحلام الهائلة من الظلم والهوات والأشياء السود والمخاوف.

.الفصل الثامن: العلامات الدالة على السدد:

إنه إذا احتقنت مواد ودلت الدلائل عليها وأحس بتمدّد ولم يحس بدلائل الامتلاء في البدن كله فهناك سدد لا محالة وأما النقل فيحسّ في السدد إذا كانت السدد في مجار لا بد من أن يجري فيها مواد كثيرة مثل ما يعرض من السدد في الكبد فإن ما يصير من الغذاء إلى الكبد إذا عاقته السدد عن النفوذ اجتمع شيء كثير واحتبس وأثقل ثقلاً كثيراً فوق ثقل الورم ويميز عن الورم بشدة الثقل وعدم الحمى.
وأما إذا كانت السدّة في غير هذه المجاري لم يحس بثقل وأحس باحتباس نفوذ الدم وبالتمدّد وأكثر من به سدد في العروق يكون لونه أصفر لأن الدم لا ينبعث في مجاريه إلى ظاهر البدن.

.الفصل التاسع: العلامات الدالة على الرياح:

الرياح قد يستدل عليها بما يحدث في الأعضاء الحساسة من الأوجاع وذلك تابع لما يفعله من تفرّق الاتصال ويستدلّ عليها من حركات تعرُّض للأعضاء ويستدلّ عليها من الأصوات ويستدل عليها باللمس.
وأما الأوجاع الممددة تدل على الرياح لا سيما إذا كانت مع خفة فإن كان هناك انتقال من الوجع فقد تمت الدلالة وهذا إنما يكون إذا كان تفرق الاتصال في الأعضاء الحساسة.
وأما مثل العظم واللحم الغددي فلا يبين ذلك فيها بالوجع فقد يكون من رياح العظام ما يكسر العظام كسراً ويرضّها رضًّا ولا يكون له وجع إلا تابعاً لحس المنكسر بما يليه.
وأما الاستدلال على الرياح من حركات الأعضاء فمثل الاستدلال من الاختلاجات على رياح تتكون وتتحرك على الإقلال والتحلّل.
وأما الاستدلال عليها من الأصوات فإما أن تكون الأصوات منها أنفسها كالقراقر ونحوها وكما يحس في الطحال إذا كان وجعه من ريح بغمز وإما أن يكو الصوت يفعل فيها بالقرع كما يميّز بين الاستسقاء الزقيّ والطبلي بالضرب.
وأما الاستدلال عليها من طريق المس يميز بين النفخة والسلعة بما يكون هناك من تمدّد مع انغماز في غيررطوبة سيّالة مترجرجة أو خلط لزج فإن الحسّ اللمسي يميّز بين ذلك والفرق بين النفخة والريح ليس في الجوهر بل في هيئة الحركة والركود والإنزعاج.

.الفصل العاشر: العلامات الدالة على الأورام:

أما الظاهرة: فيدل عليها الحس والمشاهدة وأما الباطنة فالحار منها يدلّ عليه الحمّى اللازمة والثقل إن كان لا حس للعضو الذي هو فيه أو التفل مع الوجع الناخس إن كان للعضو الوارم حسّ.
ومما يدل أيضاً أو يعين في الدلالة الآفة الداخلة في أفعال ذلك العضو ومما يوكد الدلالة إحساس الانتفاخ في ناحية ذلك العضو كان للحس إليه سبيل.
وأما البارد فليس يتبعه لا محالة وجع وتعسر الإشارة إلى علاماته الكلية وإن سهل أحوج إلى كلام ممل والأولى أن نؤخر الكلام فيه إلى الأقاويل الجزئية في عضو عضو.
والذي يقال ههنا أنه إذا أحس بثقل ولم يحس بوجع وكان معه دلائل غلبة البلغم فليحدس أنه بلغمي.
وإن كان معه دلائل غلبة السوداء فهو سوداوي وخصوصاً إذا لمس وكان صلباً.
والصلابة من أفضل الدلائل عليها.
وإذا كانت الأورام الحارة في الأعصاب كان الوجع شديداً والحميات قوية وسارعت إلى الإيقاع في التمدد وفي اختلاط العقل وأحدثت في حركات القبض والبسط آفة.
وجميع أورام الأحشاء يحدث رقة ونحولاً في المراق وإذا أجمعت أورام الأحشاء وأخذت في طريق الخراجية اشتد الوجع جداً والحمى وخشن اللسان خشونة شديدة واشتد السهر وعظمت الأعراض وعظم الثقل وربما أحس الصلابة والتركز وربما ظهر في البدن نحافة عاجلة وفي العينين غؤر مغافص فإذا تقيّح الجمع سكنت ثورة الحمى والوجع والضربان وحصل بدل الوجع شيء كالحكة وإن كانت حمرة وصلابة خفت الحمرة ولان المغمز وسكّنت الأعراض المؤلمة كلها وبلغ الثقل غايته فإذا انفجر عرض أولاً نافض للذع المدة ثم ظهرت حمى بسبب لذع المادة واستعرض النبض للاستفراغ واختلف وأخذ طريق الضعف والصغر والإبطاء والتفاوت وظهر في الشهوة سقوط.
وكثيراً ما تسخن له الأطراف.
وأما المادة فتندفع بحسب جهتها إما في طريق النفث أو في طريق البول أو في طريق البراز.
والعلامة الجيدة بعد الانفجار تمام سكون الحمى وسهولة التنقس وانتعاش القوة وسرعة اندفاع المادّة في جهتها وربما انتقلت المادة في الأورام الباطنة من عضو إلى عضو وذلك الانتقال قد يكون جيداً وقد يكون رديئاً والجيد أن ينتقل من عضو شريف إلى عضو خسيس مثل ما ينتقل في أورام الدماغ إلى ما خلف الأذنين وفي أورام الكبد إلى الأربيتين.
والرديء أن ينتقل من عضو إلى عضو أشرف منه أو أقلّ صبراً على ما يعرض به مثل أن ينتقل من ذات الجنب إلى ناحية القلب أو إلى ذات الرئة.
ولانتقال الأورام الباطنة وميلان الخراجات الباطنة التي تحت وإلى فوق علامات فإنها إذا مالت في انتقالها إلى ما تحت ظهر في الشراسيف تمدد وثقل وإذا مالت في انتقالها إلى ما فوق دلّ عليه سوء حال النفس وضيقه وعسره وضيق الصدر والتهاب يبتدىء من تحت إلى فوق وثقل في ناحية الترقوة وصداع وربما ظهر أثره في الترقوة والساعد.
والمائل إلى فوق إن تمكّن من الدماغ كان رديئاً فيه خطر وإن مال إلى اللحم الرخو الذي خلف الأذنين كان فيه رجاء خلاص.
والرعاف في مثل هذا دليل جيد وفي جميع أورام الاحشاء.
وانتظر في استقصاء هذا ما نقوله من بعد حيث نستقصي الكلام في الأورام وحيث نذكر حال ورم عضو عضو من الباطنة.

.الفصل الحادي عشر: علامات تفرق الاتصال:

تفرق الاتصال إن عرض في الأعضاء الظاهرة وقف عليه الحس وإن وقع في الأعضاء الباطنة دل عليه الوجع الثاقب والناخس والآكال ولا سيما إن لم يكن معه حمى.
وكثيراً ما يتبعه سيلان خلط كنفث الدم وانصبابه إلى فضاء الصدر وخروج مدة وقيح إن كان بعد علامات الأورام ونضجها.
والذي يكون عقيب الأورام فربما كان دالا على انفجار عن نضج وربما لم يكن.
فمان كان عن نضج سكن الحمى مع الانفجار واستفراغ القيح وسكن الثقل وخف.
وإن لم يكن كذلك اشتد الوجع وزاد.
وقد يستدل على تفرق الاتصال بانخلاع الأعضاء عن مواضعها وبزوال العضو عن موضعه وإن لم ينخلع كالفتق.
وقد يستدل عليه باحتباس المستفرغات عن المجاري فإنها ربما انصبت إلى فضاء يؤدي إليه تفرق الاتصال ولم ينفصل عن المسلك الطبيعي كما يعرض لمن انخرق أمعاؤه أن يحتبس برازه وربما خفي تفرق الاتصال ولم يوقف عليه بالعلامات الكلية المذكورة واحتيج في بيانه إلى الأقوال الجزئية بحسب عضو عضو وذلك بأن يكون العضو لا حس له أو لا يحتوي على رطوبة فيسيل ما فيه أو لا مجال له فيزول عن موضعه أو ليس يعتمد على عضو فيزول بانخلاعه.
واعلم أن أصعب الأورام أعراضاَ وأصعب تفرق الاتصال أعراضاً ما كان في الأعضاء العصبية الشديدة الحس فإنها ربما كانت مهلكة وأما الغشي والتشنج فيلحقها دائماً.
أما الغشي فلشدة الوجع.
وأما التشنّج فلعصبية العضو ثم اللاتي تكون على المفاصل فإنها يبطؤ قبولها للعلاج لكثرة حركة المفصل وللفضاء الذي يكون عند المفصل المستعد لانصباب المواد إله ولأن النبض والبول من العلامات الكلية لأحوال البدن.

.الجملة الأولى: النبض:

وهي تسعة عشر فصلاً:

.الفصل الأول: كلام كلي في النبض:

فنقول: النبض حركة من أوعية الروح مؤلفة من انبساط وانقباض لتبريد الروح بالنسيم.
والنظر في النبض إما كليّ وإما جزئي بحسب مرض مرض.
ونحن نتكلم ههنا في القوانين الكلية من علم النبض ونؤخر الجزئية إلى الكلام في الأمراض الجزئية فنقول: إن كل نبضة فهي مركبة من حركتين وسكونين لأن كل نبض مركّب من انبساط وانقباض ثم لا بد من تخلل السكون بين كل حركتين متضادتين لاستحالة اتصال الحركة بحركة أخرى بعد أن يحصل لمسافتها نهاية وطرف بالفعل وهذا مما يبين في العلم الطبيعي وإذا كان كذلك لم يكن بد من أن يكون لكل نبضة إلى أن تلحق الأخرى أجزاء أربعة: حركتان وسكونان حركة انبساط وسكون بينه وبين الانقباض وحركة انقباض وسكون بينه وبين الانبساط.
وحركة الانقباض عند كثير من الأطباء غير محسوسة أصلاً وعند بعضهم أن الانقباض قد يحسّ أما في النبض القوي فلقوته وأما في العظيم فلإشرافه وأما في الصلب فلشدة مقاومته وأما في البطن فلطول مدة حركته.
وقال جالينوس: إني لم أزل أغفل عن الانقباض مدة ثم لم أزل أتعاهد الجسّ حتى فطنت لشيء منه ثم بعد حين أحكمت ثم انفتح علي أبواب من النبض ومن تعهد ذلك تعهدي أدرك إدراكي وأنه- وإن كان الأمر على ما يقولون- فالانقباض في أكثر الأحوال غير محسوس والسبب في وقوع الاختيار على جس عرق الساعد أمور ثلاثة:
- سهولة متناوله.
- وقلة المحاشاة عن كشفه.
- واستقامة وضعه بحذاء القلب وقربه منه.
وينبغي أن يكون الجس واليد على جنب فإن اليد المتكئة تزيد في العرض والإشراف وتنقص من الطول خصوصاً في المهازيل والمستلقية تزيد في الإشراف والطول وتنقص من العرض.
ويجب أن يكون الجس في وقت يخلو فيه صاحب النبض عن الغضب والسرور والرياضة وجميع الانفعالات وعن الشبع المثقل والجوع وعن حال ترك العادات واستحداث العادات، ويجب أن يكون الامتحان من نبض المعتدل الفاضل حتى يقايس به غيره، ثم نقول إن الأجناس التي منها تتعرف الأطباء حال النبض هي على حسب ما يصفه الأطباء عشرة وإن كان يجب عليهم أن يجعلوها تسعة:
فالأول منها: الجنس المأخوذ من مقدار الانبساط.
والجنس الثاني: المأخوذ من كيفية قرع الحركة الأصابع.
والجنس الثالث: المأخوذ من زمان كل حركة.
والجنس الرابع: المأخوذ من قوام الآلة.
والجنس الخامس: المأخوذ من خلائه وامتلائه.
والجنس السادس: المأخوذ من حر ملمسه وبرده.
والجنس السابع: المأخوذ من زمان السكون.
والجنس الثامن: المأخوذ من استواء النبض واختلافه.
والجنس التاسع: المأخوذ من نظامه في الاختلاف أو تركه للنظام.
والجنس العاشر: المأخوذ من الوزن.
أما من جنس مقدار النبض فيدل من مقدار أقطاره الثلاثة التي هي طوله وعرضه وعمقه فتكون أحوال النبض فيه تسعة بسيطة ومركبات.
فالتسعة البسيطة هي الطويل والقصير والمعتدل والعريض والضيق والمعتدل والمنخفض والمشرف والمعتدل.
فالطويل هو الذي تحس أجزاؤه في طوله أكثر من المحسوس الطبيعي على الإطلاق وهو المزاج المعتدل الحق أو من الطبيعي الخاص بذلك الشخص وهو المعتدل الذي يخصه وقد عرفت الفرق بينهما قبل.
والقصير ضده وبينهما المعتدل وعلى هذا القياس فاحكم في الستة الباقية.
وأما المركبات من هذه البسيطة فبعضها له اسم وبعضها ليس له اسم فان الزائد طولاً وعرضاً وعمقاً يسمى العظيم والناقص في ثلاثتها يسمى الصغير وبينهما المعتدل والزائد عرضاً وشهوقاً يسمى الغليظ والتاقص فيهما يسمى الدقيق وبينهما المعتدل.
وأما الجنس المأخوذ من كيفية قرع الحركة للأصابع فأنواعه ثلاثة: القوي وهو الذي يقاوم الجس عند الانبساط والضعيف يقابله والمعتدل بينهما.
وأما الجنس المأخوذ من زمان كل حركة فأنواعه ثلاثة: السريع وهو الذي يتمم الحركة في مدة قصيرة البطيء ضده ثم المعتدل بينهما.
وأما الجنس المأخوذ من قوام الآلة فأصنافه ثلاثة: اللين وهو القابل للاندفاع إلى داخل عن الغامر بسهولة والصلب ضده ثم المعتدل.
وأما الجنس المأخوذ من حال ما يحتوي عليه فأصنافه ثلاثة: الممتلىء وهو الذي يحس أن في تجويفه رطوبة مائلة.
يعتد بها لإفراغ صرف والخالي ضدَه ثم المعتدل.
وأما الجنس المأخوذ من ملمسه فأصنافه ثلاثة: الحار والبارد والمعتدل بينهما.
وأما الجنس المأخوذ من زمان السكون فأصنافه ثلاثة: المتواتر وهو القصير الزمان المحسوس بين القرعتين ويقال له أيضاً المتدارك والمتكاثف والمتفاوت ضده ويقال له أيضاً المتراخي والمتخلخل وبيهما المعتدل.
ثم هذا الزمان هو بحسب ما يدرك عن الانقباض فإن لم يدرك الإتقباض أصلاً كان هو وأما الجنس المأخوذ من الاستواء والاختلاف فهو إما مستو وإما مختلف غير مستو وذلك باعتبار تشابه نبضات أو أجزاء نبضة أو جزء واحد من النبضة في أمور خمسة:
العظم والصغر والقوة والضعف والسرعة والبطء والتواتر والتفاوت والصلابة واللين حتى إن النبض الواحد يكون أجزاء انبساطه أسرع لشدة الحرارة أو أضعف للضعف وإن شئت بسطت القول فاعتبرت في الاستواء والاختلاف في الأقسام المذكورة الثلاثة سائر الأقسام الآخَر.
لكن ملاك الاعتبار مصروف إلى هذه والنبض المستوي على الإطلاق هو النبض المستوي في جميع هذه وإن استوى في شيء منها وحده فهر مستوفية وحده كأنك قلت مستوفي القوة أو مستوفي السرعة.
وكذلك المختلف وهو الذي ليس بمستوٍ فهو إما على الإطلاق وإما فيما ليس فيه بمستو.
وأما الجنس المأخوذ من النظام وغير النظام فهو ذو نوعين مختلف منتظم ومختلف غير منتظم والمنتظم هو الذي لاختلافه نظام محفوظ يدور عليه وهو على وجهين:
إما منتظم على الإطلاق وهو أن يكون للمتكرر منه خلاف واحد فقط واما منتظم يدور وهو أن يكون له دوراً اختلافين فصاعداً مثل أن يكون هناك دور ودور آخر مخالف له إلا أنهما يعودان معاً على ولائهما كدور واحد وغير المنتظم ضده وإذا حققت وجدت هذا الجنس التاسع كالنوع من وينبغي أن يُعلَم أن في النبض طبيعة موسيقاوية موجودة فكما أن صناعة الموسيقى تتم بتأليف النغم على نسبة بينها في الحدة والثقل وبأدوار إيقاع مقدار الأزمنة التي تتخلل نقراتها كذلك حال النبض فإن نسبة أزمتها في السرعة والتواتر إيقاعية ونسبة أحوالها في القوة والضعف وفي المقدار نسبة كالتأليفية وكما أن أزمنة الإيقاع ومقادير النغم قد تكون متفقهّ وقد تكون غير متفقة كذلك الاختلآفات قد تكون منتظمة وقد تكون غير منتظمة وأيضاً نسب أحوال النبض في القوة والضعف والمقدار قد تكون متفقة وقد تكون غير متفقة بل مختلفة وهذا خارج عن جنس اعتبار النظام.
و جالينوس يرى أن القدر المحسوس من مناسبات الوزن ما يكون على إحدى هذه النسب الموسيقاوية المذكورة إما على نسبة الكل والخمسة وهو على نسبة ثلاثة أضعاف إذ هو الضعف مؤلفة بنسبة الزائد نصفاً وهو الذي يقال له نسبة الذي بالخمسة وهو الزائد نصفاً وعلى نسبة الذي بالكل وهو الضعف وعلى نسبة الذي بالخمسة وهو الزائد نصفاً وعلى نسبة الذي بالأربعة وهو الزائد ثلثاً وعلى نسبة الزائد ربعاً ثم لا يحس وأنا أستعظم ضبط هذه النسب بالجس وأسهله على من اعتاد درج الإيقاع وتناسب النغم بالصناعة ثم كان له قدرة على أن يعرف الموسيقى فيقيس المصنوع بالمعلوم فهذا الإنسان إذا صرف تأمله إلى النبض أمكن أن يفهم هذه النسب بالجس.
وأقول أن أفراد جنس المنتظم وغير المنتظم على أنه أحد العشرة- وإن كان نافعاً- فليس بصواب في التقسيم لأن هذا الجنس داخل تحت المختلف فكأنه نوع منه.
وأما الجنس المأخوذ من الوزن فهو بمقايسهّ مقادير نسب الأزمنة الأربعة التي للحركتين والوقوفين وإن قصر الجس عن ضبط ذلك كله فبمقايسة مقادير نسب أزمنة الانبساط إلى الزمان الذي بين انبساطين.
وبالجملة الزمان الذي فيه الحركة إلى الزمان الذي فيه السكون.
والذين يدخلون في هذا الباب مقايسة زمان الحركة بزمان الحركة وزمان السكون بزمان السكون فهم يدخلون باباً في باب على أن ذلك الإدخال جائز أيضاً غير محال إلا أنه غير جيد.
والوزن هو الذي يقع فيه النسب الموسيقاوية.
ونقول إن النبض إما أن يكون جيّد الوزن وإما أن يكون رديء الوزن.
ورديء الوزن أنواعه ثلاثة:
أحدها: المتغيِّر الوزن مجاوز الوزن وهو الذي يكون وزنه وزن سن يلي سن صاحبه كما يكون للصبيان وزن نبض الشبان.
والثاني: مباين الوزن كما يكون للصبيان مثل وزن نبض الشيوخ.
والثالث: الخارج عن الوزن وهو الذي لا يشبه في وزنه نبضاً من نبض الأسنان.
وخروج النبض عن الوزن كثيراً يدل على تغير حال عظيم.