الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
وفيه مقدمتان وقسمان: المقدمة الأولى في اشتقاقها ولفظها قال الجوهري: أوصيت له إذا جعلته وصيك وأوصيت له بشيء، والاسم الوصاية بكسر الواو وفتحها، والوصاة أيضا ووصيت وأوصيت بمعنى واحد، ووصيت الشيء بالشيء بتخفيف الياء أصيه إذا أوصيته به، وأرض واصية أي متصلة النبات. قال صاحب القبس: الوصية قول يلقيه أحد كما لبر آخر ليعمل به، وهو مخصوص بالغائب والميت لتنفيذ مقاصدهما بالوصية. وقال غيره: الوصية من وصيت الشيء بالشيء كما تقدم، كأن الموصي وصل ما بعد الموت بما قبله في نفوذ التصرف. المقدمة الثانية في مشروعيتها، قال الله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين) الآية، وقال تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين). فتقديمها على الميراث يدل على وجوب تنفيذها وصحتها. واختلف في الأولى فقيل: المراد من لا يرث من الأقربين كالعبيد والكفار، أو مسلم غير مستحق ولم تنسخ، وقيل: منسوخة (في الوالدين دون الأقارب، وقيل منسوخة) في الجميع بآية المواريث، ورجع الطبري وغيره الأول، لأن عدم النسخ أولى مهما أمكن، قال صاحب المقدمات: والمشهور: النسخ، قاله مالك بآية المواريث لكونها بعدها، وروي أن الناس كانوا يتوارثون بالوصية حتى نزلت آية المواريث، وهذا لا يعلم إلا توقيفا، إذ ليس في آية المواريث ما يقتضي النسخ لإمكان الجمع بين الفرض والوصية، ويمكن التمسك في النسخ بقوله عليه السلام: (إن الله قد فرض لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) فنافى بين الوصية والفرض. وقيل: الناسخ قوله عليه السلام: (لا وصية لوارث) على مذهب من يجيز نسخ القرآن بالسنة، وقاله مالك أيضًا، وقال علي وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم: المراد بالخير المال الكثير الذي لا ضرر على الورثة فيه، وأما السنة: قال صاحب القبس: أحاديثهما كثيرة وأصولها أربعة، الأول: ما في مسلم: (قيل لعبد الله بن أبي أوفى: هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، قلت: فكيف كتب الوصية أو أمر بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله. الثاني فيه، وفي الموطأ: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة) زاد مسلم: أو ثلاث. قال صاحب الاستذكار: ويروى: (لا ينبغي لأحد عنده مال يوصي فيه تأتي عليه ليلتان إلا ووصيته عنده). والجمهور على عدم الوجوب إلا أن يكون عنده وديعة، أو عليه دين، وقاله (ش) وأوجبها أهل الظاهر، لأن الحق (هو الحق) هو الثابت، فصرح عليه السلام أنه لا يثبت للمسلم إلا الوصية، (والنفي) كالنهي، والنهي للتحريم، وإذا حرم الترك وجب الفعل، ويدل على عدم الوجوب قوله تعالى في آية الوصية (بالمعروف حقاً على المتقين). والمعروف يختص بالمندوب، والواجب لا يختص بالمتقين، ولكونه لم يوص، ويرد عليه أن جميع تركته عليه السلام صدقة، فهو يكفي في الوصية. واختلف في المال الذي تندب فيه الوصية أو تجب على الخلاف، فعن علي رضي الله عنه: ألف درهم، وترك اليسير للورثة أفضل، لقوله عليه السلام: (لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس). وعن عائشة رضي الله عنها: لا يوصي في ثلاثة آلاف من له أربعة أولاد، ولا وصية لوارث إجماعاً، لما في أبي داود. قال عليه السلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث) وهو الحديث الثالث، ولأنها لو جازت لانتقصت قسمة الله تعالى في المواريث، فإن أوصى لغير قرابته ردها طاوس على قرابته الذين لا يرثون، وقال الطحاوي: من أوصى لغير قرابته ختم عمله بمعصية، وقال ابن المسيب: إن أوصى لغير قرابته دفع لقرابته ثلث الثلث، ويمضى لمن أوصى له، وقال الأئمة: إذا ترك قرابته محتاجين وأوصى لغيرهم بئس ما فعل ويمضى، لأنه ماله ويفعل فيه ما شاء، لقوله عليه السلام: (إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم) الحديث الرابع: في مسلم: قال سعد بن أبي وقاص: (عادني عليه السلام في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغ بي ما ترى من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قال: أفأتصدق بشطره؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس). قال صاحب التنبيهات: روي عن مالك في الحديث الثاني: يريد أن يوصي فيه، وتفويض ذلك إلى إرادته يقتضي عدم الوجوب، ومنهم من خصص الوجوب بما له بال وجرت العادة بالوصية فيه، لأن تكليف الوصية كل يوم شطط، وخصصه بعضهم بالمرض، ومعنى قوله: مكتوبة عند العلماء، أي مشهود عليها وإلا فلا تمضى إلا أن يكتبها بخطه، وقال: إذا مت نفذوها، فتنفذ إذا عرف أنه خطه، قال ابن يونس: قيل: معنى الحديث: بقيت موعوكاً، قال صاحب المقدمات: الحديث محمول على الندب، وهو في الصحيح والمريض، لأن الصحيح قد يموت فجأة، وهي في المريض آكد، ومتى كان المال قليلاً فترك الوصية وإبقاؤه للمال أفضل. قال اللخمي: الوصية خمسة أقسام: واجبة في حقوق الله تعالى كالزكاة والكفارات فرط فيها أم لا، وحقوق الآدمي كالدين والوديعة إذا لم يتقدم الإشهاد بها، وكذلك الغصوب والتعدي، ومندوبة وهو فيه ما فيه قربة ولا يضر الوارث لكثرة المال، ويظن فيها من الثواب أكثر من ثواب الترك للوارث، ومكروهة وهي التي يكون الثواب في الترك أكثر، ومباحة وهي إذا استويا ولا تتعلق بها طاعة ولا معصية، ومحرمة وهي التي تتعلق بها معصية. وتنقسم بوجه آخر إن كان الموصى له موسراً فهي مباحة، أو معسراً فمستحبة، وإن كان معسراً وقريب الموصي كذلك استحبت للقريب وكرهت للأجنبي، وقاله الأئمة لأنها في القريب صلة وصدقة، فإن استوت القرابات درجة وإعساراً قدم الأقرب، والصغير أولى من الكبير لتوخر حاجة الصغير وعجزه، ومتى كان قبل الصحيح حق لله تعالى وجب إيصاله الآن لمستحقه ولا يجعله وصية، وإن كان عنده وديعة أو قراض تقدم الإشهاد فيه اختلف في وجوب الإشهاد واستحبابه بناء على أن الأمر للوجوب أم لا؟ ثم الوصية تنقسم إلى ما يفيد الأمر بتنفيذ تصرف الموصي ومقاصده. وإلى ما يفيد ولاية للغير في إنشاء مقاصد الموصي في ماله أو ولده: وفيه بابان: وهي أربعة: الركن الأول، الموصي، وفي الجواهر تصح الوصية من كل حر مميز مالك، فتبطل وصية العبد لأن ماله للسيد، والحر جعل له ثلث ماله يوصي به، وتبطل من المجنون والصبي الذي لا يميز لأنهما مسلوبا العبارة، وأهلية التصرف قياساً على البهائم. وتصح من السفيه المبذر، وكذلك الصبي المميز إذا عقل وجه الفرق وأصاب الوصية بأن لا يكون فيها تخليط، وتنفذ وصية الكافر كما تنفذ صدقته إلا أن يوصي بخمر أو خنزير لمسلم لعدم قبول ذلك للملك. ولا تنفذ وصية المرتد وإن تقدمت ردته الوصية. لأن الوصية إنما تعتبر زمن التمليك وهو زمن الموت، وقاله (ش) في الجميع. قاعدة: تنفيذ تصرفات المكلفين إنما هو وسيلة لبقاء نفوسهم فإن بقاء العين مع تعذر كل المقاصد محال، والمرتد أسقط الشرع حرمة نفسه ودمه، فتصرفاته بطريق الأولى. قاعدة: تعرف عند الأصوليين بجمع الفرق، وهو أن يقتضي المعنى الواحد حكمين متناقضين كالسفه يوجب رد تصرفات السفيه والصبي صوناً لمالهما على مصالحهما، وتنفذ وصيتهما صوناً لمالهما على مصالحهما لأن الوصية تثمر خيراً لهما في الدار الآخرة، ولو ردت لأخذ المال الوارث، فصون المال على المصالح اقتضى تنفيذ التصرف ورده، وهما حكمان متناقضان، وفي الكتاب: تنفذ وصية ابن عشر سنين لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له عن صبي ابن عشر سنين، غريب بالمدينة ومعه ابنة عمه، وله ماله، ولا وارث له فأمره عمر أن يوصي لابنة عمه، فأوصى لها ببئر جشم فبيعت بثلاثين ألفاً فأجازه عمر رضي الله عنه. قال اللخمي: قال محمد: تجوز من ابن عشر سنين، وقال أشهب: إذا عقل الصلاة، وقاله مالك، وقال عبد الملك: إذا كان مراهقاً ومال إلى التقرب إلى الله تعالى. فرع: قال التونسي: إذا أدان المولى عليه ثم مات لم يلزم إلا أن يوصي به, وقد بلغ مال الوصية فتجوز في ثلثه لعدم لزومه، وقال ابن كنانة: إن لم يسم إلا ذلك الدين فمن رأس ماله، لأن الأصل رد الديون، قال صاحب المنتقي: له الوصية به من ثلثه، ويقدم على الوصايا، قال ابن كنانة: إن أوصى به في رأس المال لم تمض لعدوله به عن الوصايا، قال ابن القاسم للسفيه تدبير عبده في المرض، فإن صح بطل كالوصية والتبرع، وأبطله أشعب مطلقاً، لأنه ليس وصية بل بتلاً،وتبتل السفيه باطل وجوزه ابن كنانة إن قل الثمن وإلا فلا. فرع: قال: قال: لو أوصى الصبي إلى غير وصية بتنفيذ وصاياه، منع ذلك، ويتولى الوصي، لأنه لا يتمكن من عزله. فرع: قال صاحب البيان: قال سحنون: ليس للنصراني من أهل العنوه ولا من أهل الصلح الذين عليهم الجزية كل واحد على جمجمته شيء يؤديه عن نفسه، ولا يؤخذ غنيهم بمعدمهم؛ أن يوصي إلا بثلثه لأن المسلمين ورثته بخلاف المصالحين على أن على جملتهم شيء معلوم لا ينقص بموت أحدهم ولا بعدمه، لأن مال الميت لأهل خراجه يستعينون به فيه، قال صاحب المنتقى: قال ابن القاسم: إذا أوصى للكنيسة بماله كله ولا وارث له دفع للأساقفة الثلث يجعلونه حيث أوصى، والثلثان للمسلمين أما من هو من أهل الصلح الذين المال على جملتهم ولا ينتفعون بموت من مات ولا إعدام من افتقر، فله الوصية بماله كله لأن ميراثه لهم عند ابن القاسم، وقال ابن حبيب: ميراثه للمسلمين إذا لم يكن له وارث من أهل دينه، وقد قيل في أهل العنوة: مالهم للمسلمين ولا وصية لهم في ثلث ولا غيره، لأنهم في حكم العبيد المأذون لهم في التجارة. نظائر: قال صاحب الخصال: أربعة تجوز وصاياهم دون تصرفاتهم، الصبي، والصبية، والمحجور عليه، والأحمق، والمصاب الذي يفيق أحيانا في تلك الحال، وقال (ح): وصية الصبي غير نافذة قياساً على تصرفاته في الحياة، وهو أحد قولي الشافعي؛ والفرق يعرف مما تقدم، وخالفنا في العبد والمدبر والمكاتب وأم الولد لأنهم لا يملكون عنده. الركن الثاني: الموصى له. وفي الجواهر: يصح لكل من يصح له الملك ويتصور، فلو أوصي لحمل امرأة فانفصل حياً صحت الوصية، لأن مصالح المال يمكن حصولها من الحمل في المستقبل، كما جوز شراء الجحش الصغير وإن كان في الحال لا يحصل منه مقصود الملك بل باعتبار المآل، ولو أسقطته بعد موت الموصي ولم يستهل صارخاً بطلت الوصية لانكشاف الغيب عن بطلان أهلية الملك، وقاله في الكتاب ولو أوصى لحمل سيكون صح لتوقع الانتفاع كبيع الرضيع. فرع: قال اللخمي: تجوز وصيته لعبده وعبد وارثه إذا لم يكن معه وارث سواه لأنه له انتزاعه، فليس فيه إزواء عنه، وإن كان معه وصايا حاص بوصيته، وإن كان معه وصايا جازت فيما قل نحو الثوب والشيء الخفيف لعدم التهمة، وبأكثر من ذلك لقضاء دين عليه، والقضاء يزيد في ثمنه الشيء اليسير، لأنه لا يتهم في الوصية لسيده الوارث حينئذ، وتجوز وصيته لمدبره وولده وأم ولده باليسير، وللمكاتب بالكثير لكونه أحرز ماله كالأجنبي إن كان يقدر على أداء كتابته من غير الوصية، قال أشهب: فإن لم يقدر إلا من الوصية والأداء أفضل لسيده امتنع، أو العجز أفضل جازت لعدم التهمه، قال: وأرى الجواز مطلقاً لأن القصد الخروج من الرق، فقد اختلف فيمن زوج أمته في مرضه وضمن الصداق، فقيل: الضمان جائز وهي وصية للزوج: وإن كانت المنفعة تصير للابنة، وقيل يمتنع، وقال (ش): الوصية لعبد الوارث وصية للوارث، لأن العبد لا يملك عبده فتمتنع، وكذلك الوصية لعبد نفسه لأن وقت نفوذ الوصية ملك للوارث، بخلاف أم الولد والمكاتب والمدبر، والوصية عنده لعبد الغير وصية للسيد، ويقبل العبد دون إذن سيده قياساً على تملكه بالأسباب الفعلية كالصيد والاحتطاب، قال اللخمي: وإذا أوصى لعبده أو لعبد وارثه لا ينتزع الورثة ولا سيد العبد الوصية لأنه يؤدي إلى بطلانها، وإن يبع بيع بماله، وللمشتري الانتزاع لعدم منافاة الوصية وقال أشهب: بتفريد العبد حتى ينتفع بها ويطول زمان ذلك، ولا ينتزعونها إن باعوه قبل الطول، قال: والأحسن عدم الانتزاع مطلقاً لأنه قصد الموصي، قال: وكذلك المشتري لأن البيع على أن ينتزع كانتزاع الوارث، وأجاز ابن القاسم إذا أوصي لعبد أجنبي أن ينتزع سيده. قال: والقياس عدم الانتزاع لما تقدم، وفي الجواهر: لا يفتقر في القبول إلى إذن سيده لأنه صحيح العبارة وإنما حجر على السيد. فرع: في الجواهر: تصح الوصية للمسجد والقنطرة ونحوهما وإن لم يملكا لأن الوصية للمسلمين لحصول تلك المصالح لهم. فرع: قال: تصح للذمي كالصدقة عليه، قال: وكرهها أبو الحسن للحربي ومنعها (ش) للحربي ولكل ما لا قربة فيه لقوله عليه السلام: (إن الله أعطاكم ثلث أموالكم في آخر أعمالكم زيادة في حسناتكم) وما لا قربة فيه لا حسنه فيه. وجوابه: له الصرف للحربي وفي المباح حالة الحياة، ولو وهب الحربي ثلث ملكه إجماعاً فكذلك بعد الوفاة عملاً بالقياس والاستصحاب. قال صاحب المنتقى: تجوز الوصية للذمي والحربي، وقيل: تمتنع وقاله (ح). فرع: قال التونسي في كتاب محمد: لو أوصى لأخيه وارثه فولد له ثبتت الوصية لصيرورته محجوباً غير وارث، وكذلك لو ظهر له حمل بعد موته، وعند ابن القاسم إنما ثبتت الوصية إذا علم بالولد حتى يكون مجيزاً لها، وأما إقراره بالدين لغير وارث فصار وارثاً يلزمه لعدم التهمة عند الإقرار بخلاف الوصية لأن له الرجوع عنها، فكأنه أنشأها بعد أن صار وارثاً، وفي كتاب محمد:حمالته في مرضه عن وارثه جائزة صح أم لا، وولد له في مرضه، ولو مات ذلك الولد فعاد وارثاً على حاله ثبتت الحمالة، قاله أشهب وومشهور (ش) إن المعتبر من هو وارث عند الموت وقبل يوم الوصية، وروي عنه: الوصية للوارث باطلة، لقوله عليه السلام: (لا وصية لوارث) وعند الصحة، ويتوقف على إجازة الورثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تجوز لوارث وصية إلا أن يشأ الورثة) ووافقنا في جواز البيع من الوارث بغير محاباة كالأجنبي ومنع (ح) لأنه يخصه بعين المبيع، والورثة يستحقون ذلك، وكذلك تمتنع الوصية له بالثلث وإن كان يملك صرفه للأجانب، وجواب الأول: لا نسلم استحقاق الورثة للعين بل لهم الثلثان شائعان فقط. وعن الثاني: أن الوصية له بالثلث بغير الفرض المقدر له شرعاً. فرع: في الكتاب: إذا أوصى لوارث وأجنبي تحاصا وحط الوارث موروثاً إلا أن يجيز الورثة، فإن لم يبتد إلا هذا الوارث لم يحاصص في ضيق الثلث وبدى الأجنبي, قال يحيى بن سعيد: إن أوصى بثلثه في السبيل: فإن أراد وارثه الغزو به وله ورثة غيره يريدون الغزو غزواً فيه بالحصص ليلاً يختص بعض الورثة بشيء من التركة. فإن لم يرثه غيره أنفق منه في ذلك، قال ربيعة: لو أوصت لبعض الورثة بوصية وفي السبيل بوصية أخرى فأجاز الزوج ثم قال: إنما أجزته رجاء أن يعطوني في وصية السبيل لأنه غاز، ليس ذلك له، وبعدما أجازه، قال صاحب النكت: قال بعض الشيوخ في قول سعيد يغزون بالحصص أي بقدر كفايتهم، فإن ضاق الثلث تحاصوا بمقادير الكفاية على قدر مواريثهم، قال ابن يونس: إن أوصى لجميع ورثته وأجنبي وأنصباؤهم في الوصية والميراث سواء، فالأجنبي مقدم لتقدم الوصية على الميراث إلا أن يكون الورثة ذكوراً وإناثاً، وسوى بينهم في الوصية فيعلم أنه خص الإناث بزيادة على ميراثهم فيحاصص الأجنبي، واختلف في صورته؛ فقال ابن القاسم: إذا أوصى لأبيه ولابنته وأجنبي كل واحد بمائة تحاصص الابنة بخمسين لأنها الزيادة على ميراثها لما أعطي الذكر مائة، وقال غيره: تحاصص بثلث المائة لأن أصل ميراثها من مائتين لثلاثمائة فتحاصص بالزائد، قال بن وهب: إن أوصى بثلثه لإخوته وهم شقيقان وأخوان لأم، وأخوان لأب ولم يدع غيرهم، قسم الثلث ستة؛ فحصة أخوي الأب لهما لأنهما لا يرثان، ويضم الباقي إلى ثلثي المال ميراثاً ولو أوصى لهم بذلك وله ابن فمات الابن قبل موته فالجواب سواء، قال مالك: إذا أوصت لبعض ورثتها فقال الزوج: بئست الوصية، وما علمت أنه لا وصية لوارث، يحلف ولا يلزمه ذلك، قال اللخمي: قال عبد الملك: إن ترك وارثاً واحداً وأوصى بثلثه لأجنبي، ثم قال: ثلثي لوارثي أو عكس إن تأخر الأجنبي فله الثلث أو الوارث فله الثلث لأنه انتزاع من الأجنبي، فجعل الثلث كالعبد المعين يوصى به مرتين، قال صاحب المنتقى: قال عبد الوهاب: إذا أوصى لوارثه وأجنبي فيه تفصيل: إن كان مع الوارث وارث آخر: فعن مالك: يحاص الأجنبي في الثلث فما صار له أخذه. أو للأجنبي فميراث، وإن لم يكن معه وارث غيره يعلم إرادة تفضيله عليه، أو أوصى لجميع الورثة مع الأجنبي وقد استووا في الوصية وسهام الميراث فلا محاصة. فرع: قال الأبهري: قال مالك: إذا أوصى لوارث فباع الوارث العين بعد موت الموصي فللورثة الثمن لا القيمة إذا لم يحاب لأنه باع بشبهة، فإن حابى فلكل وارث رد ما يخصه، وإن فات لزم البائع في ماله، فلو ابتاع ما قيمته عشرة بعشرين من وارثه أو بالعكس قال ابن القاسم: إن لم يجز الورثة فسخ البيع وليس له إتمام الفضل، لأن العقد عدل به عن البيع إلى وصية لوارث، وقال أشهب: له ذلك لأن المنع إنما كان لأجل الفضل. فرع: في الكتاب يجوز لولد الولد إذا لم يرث، فإن مات أحدهم وولد غيرهم بعد موت الموصي قبل القسمة فذلك كقوله: لأخوالي وأولادهم أو بني أخي أو لبني فلان، فهو لمن حضر القسم، ولا يحسب من مات بعد موت الموصي، ولا يحرم المولود بعده لأنه لم يعين أحداً، وكذلك لموالي فلان فيموت البعض (ويولد البعض) ويعتق آخرون، وإن قال: لهؤلاء - وهم عشرون - فمن مات فنصيبه لورثته لأجل التعيين. قيل لابن القاسم: لو قال: ثلثي لولد فلان - وهم عشرة -: قال: قال مالك: إذا أوصى بحبس داره أو ثمرة حائطه على ولد فلان يؤثر المحتاجون ولم أسمع منه في الوصية شيئًا، وأراهما سواء. قال سحنون: وهذه المسألة أحسن من قوله فيمن أوصى لأخواله وأولادهم، وقد روى ابن وهب مثل رواية ابن القاسم، وليس الوصية لأخواله بشيء ناجز كوصيته بغلة موقوفة تقسم إذا حضرت كل عام، ووصيته لأخواله وولد فلان بمال ناجز، وهم معروفون لقلتهم ويعلم عددهم كالوصية للمعينين بخلاف الحبس على بني تميم أو المساكين فهو لمن حضر القسمة، قال صاحب التنبيهات: تأول سحنون أنه اختلاف من قول ابن القاسم لقوله أولا: إنما تكون لمن أدرك القسم فجعلهم كالمجهولين، ولقوله أخيرا: هو بينهم بالسوية أنه جعلهم كالمعنيين المعروفين، والخلاف فيه معلوم، وقال عبد الملك: يحمل على التعيين حتى يعلم أنه أراد التعقيب. وهو قول سحنون بخلاف قوله لبني تميم، ولأشهب قولان، أحدهما:مثل هذا، والآخر يحمل على الجهالة، ويقسم على من حضر دون من مات. ورواه عن مالك، وقاله محمد إلا أن يسميهم أو يعلم أنه قصد أعيانهم،وقال غير سحنون: ما في الكتاب ليس بخلاف، وإنما تكلم على صفة اختلاف القسم بين الوصايا والحبس، قال صاحب النكت: قال بعض القرويين: إذا أوصى لبني فلان فعلى ثلاثة أوجه: إن لم ينضبطوا لكثرتهم فلمن حضر القسم اتفاقًا، أو معروفين فنصيب الميت باق اتفاقاً، ويقسم بالسواء بينهم، أو ينحصروا بعد مشقة فهو موضع الخلاف، قال التونسي: لو أوصى لولد فلان ولا ولد له وهو يعلم، ثم ولد له، ينبغي له أن يوقف ذلك حتى يكبر وينتفع ويوقف لغيره حتى ينتفعوا لأنه لما علم عدم الولد فقد قصد نفع الذرية بجملتهم فلا يختص بالانتفاع بعضهم حتى ينقرضوا فيكون لورثتهم، وحكي عن بعض الناس أنه لأول ولد بتلا. فرع: قال التونسي: إن أوصى لقرابته أو لأهله، قيل: هم عصبته دون أخواله وأخته وابن أخته إلا أن لا تكون له قرابة إلا من جهة النساء فذلك قرينة دالة على إرادتهم، وقال أشهب: يدخل من تقدم لصدق الاسم عليه. وفي المنتقى، قال أشهب: لا يدخل قرابته الوارثون، ويدخل النصارى لأنه عرف الاستعمال. فرع: قال: إن أوصى لمواليه: حمله ابن القاسم على الأسفلين لأنه المفهوم من كلام الناس عنده، وقسمه أشهب بين الأعلين والأسفلين نصفين إن كان الأعلون ثلاثة فأكثر، فلو كان أحدهما ثلاثة والآخر عشرة وقسمته إنما هي من باب الشك بأن تكون لهؤلاء، وتارة تكون لهؤلاء، فهو كمال تداعياه الجميع يقسم بينهما نصفين، فإن كان أحدهما ثلاثة والآخر أقل فهو للثلاثة، لأن الأول لا يسمى موال، وإن كانا اثنين اثنين أو واحدا واحدا فهو لجملتهم لاشتراكهما في عدم صدق الاسم عند الانفراد فدل هذا على أنه أراد جملتهم، فإن كان له أنصاف موالي أعطوا نصف ما يعطى المولى الحر كله، وقال: لعله يريد أنه أعتق نصفا وأعتق غيره نصفا، وإذا اجتمع موال من قبل الأب وموال من قبل الأم قدم الأقرب فالأقرب من مواليه، ويعطى الآخرون منه إن كان في المال سعة، ويؤثر الأحوج وإن بعد، وقيل: يدخل فيه موالي الموالي، قال ابن يونس: قال مالك: يدخل في مواليه أم ولده ومدبره والموصى بعتقه إذا عتقوا بعد موته من الثلث، بخلاف المعتق إلى أجل والمكاتب إن سبقهم القسم، فإن أديت الكتابة وحل الأجل قبل القسم دخلوا لتناول الاسم لهم. وقال ابن القاسم: يدخلان وتوقف لهما. فإن عتقا أخذاه وإلا رجع إلى بقية الموالي، وقال عبد الملك: إذا لم يحل أجل المعتق لا يدخل لأنه ليس مولى عند الوصية إلا أن تكون غلة تتكرر نحو الثمرة فيأخذ ما وافق العتق لتحقق الوصف حينئذ، قال مالك: ويدخل موالي الموالي مع الموالي، وقال عبد الملك: إن قال: على موالي عتاقي اختص بمن باشر عتقه، أو قال لموالي وهم يحصرون لقلتهم فكذلك، وإلا اندرج الجميع لتناول الاسم، قال اللخمي: أدرج مالك في لفظ الموالي موالي الأجداد والجدات والإخوة دون موالي بني الإخوة والعمومة، وقال قبل ذلك: يختص بمعتقيه وأولادهم، قال: وهو أحسن حتى يدل دليل على غيرهم من قرينة حال. فرع: قال ابن يونس: قال أشهب: إذا أوصى لبني فلان وهم أربعة يعلم عددهم أم لا، فمات بعضهم قبل موت الموصي وولد آخرون: فالوصية لمن بقي دون المولود والميت، ولو سماهم لحرم المولود وآخر وارث الميت لأن التسمية تعيين، قال محمد: إذا كانوا معنيين وعلم أنه قصدهم بأعيانهم لا يحرم الميت دون المولود، قاله مالك وأصحابه. فرع: قال: إذا أوصى لتميم لا يدخل الموالي عند مالك، لأن الصفة لا تتناولهم، وخالفه أشهب لأنه العادة بخلاف قوله لبني تميم، فهذا يختص، لأن مواليهم ليسوا من بنيهم، وسوى عبد الملك في الدخول، وقال: قد تكون قبائل لا يحسن فيها لفظ بني، نحو: قيس وربيعة ومزينة وخزاعة. فرع: قال: قال أشهب: ولد عبد الله: يختص بالذكور، وبني فلان: تعم الذكور والإناث، قال ابن القاسم: لولد فلان وهم عشرة ذكور وإناث: هو بينهم بالسوية، لأن الولد يتناول الذكر والأنثى، ولفظ الابن يختص بالذكور، ولذلك قال الله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) ولم يقل: في أبنائكم لتعم، وقال أشهب: يقسم على قدر الحاجة. وإذا قال لبني فلان، فإذا هم بنات كلهن، فهو بينهن، وكذلك لو مات ذكورهن قبل بعد الوصية، قاله ابن القاسم لأن الأنثى يتناولها لفظ البنين ولا يندرج الذكور في لفظ الإناث، ويندرج بنات البنين دون أبنائهم كما يدخل ولد الولد مع الولد. فرع: قال: ولا يندرج ولد الصلب في لفظ الأقارب، قاله مالك، فإن لم يترك غير ولد البنات وولد الخالات أعطوا، قال أشهب: يدخلون وقد تقدم تقريره في الحبس، وذوي رحمي وقرابتي سواء يدخل كل ذي رحم محرم من الرجال والنساء كان محرما أم لا، ولا يفضلوا بالقرب بل بالحاجة، ولا يدخل الوارثون لقرينة حرمان الشرع لهم، ويدخل قرابته النصارى، ويندرج الموالي في لفظ الأقرب، ويقدم الأقرب فالأقرب، والأخ أقرب من الجد، لأنه يدلي بالبنوة، قال ابن كنانة ومتى سماها: صدقة فلا يعطي إلا المحتاج، ويدخل في لفظ الأهل والقرابة عند مالك ولد البنات،وخالفه ابن القاسم، قال الطرطوشي: إذا أوصى لأقاربه أو قرابته أو الأقربين: روى ابن القاسم عن مالك: لا يدخل ولد البنات وولد الخالات، وروى غيره: يدخل جميع قرابته من الأب والأم، وعن ابن القاسم: لا يدخل القرابة من قبل الأم ولا بنوا البنات، قال القاضي أبو الحسن ابتي عند مالك:لولدي وولد ولدي، لا يدخل فيه ولد البنات، وقال ابن القطان: يدخلون، وقال (ح) يدخل كل ذي رحم محرم إلا الوالدين والمولودين وابن العم، وقال (ش): يدخل قرابته من قبل أبيه وأمه، وقال أحمد: يدخل قرابة الأب دون الأم ولا يتجاوز الأب الثالث ويختص المسلم به دون الكافر. لنا على الحنفية: لما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) نادى عليه السلام: (يا عباس يا فاطمة، لا أغني عنكما من الله شيئا) فدل على اندراج العم والولد في الأقربين، ولأن عمود النسب أصل القرابة، والأصل أولى بالاندراج، ووافقنا (ش) على أنه لو أمن في الحرب القرابة اندرجوا، واحتج بقوله تعالى: (الوصية للوالدين والأقربين) فأفردهما من الأقربين، ولأن الولد والوالد لا يفهمان من لفظ القرابة في العرف فلا يصرف إليهما كالأجنبي، ولأنه مال يستحق بالقرابة فلا يدخل فيه ابن العم قياسا على النفقة. والجواب عن الأول: أنها أصل القرب والقرابة فكيف لا يندرجان، وإنما أفردهما لعظمهما كما أفرد جبريل صلوات الله على نبينا وعليه في قوله تعالى: (وملائكته وجبريل) وكما أفرد: والإحسان، وإيتاء ذي القربى. وكقوله: والمنكر والبغي، ونظائره كثيرة. وعن الثاني: لا يلزم من عدم دلالة العرف (عليهما خروجهما، لدلالة اللغة عليهما، كما أن الأخ لا يفهم من القرابة في لفظ العرف) وهو يندرج، ولو صح قولكم لم يدخل في الأمان. وابن العم يدخل في القرابة عادة ولغة، فلا يدخل في الوصية باسم القرابة. وعن الثالث: إن الأخوة لا نفقه لهم مع اختلاف الدين ومع الغنا، ويدخلون في الوصية، ثم المعارضة بأنه مال مستحق بالقرابة فيدخل ابن العم كالميراث، وهذا القياس أولي، لأن الموت شرط في الميراث والوصية بخلاف النفقة. فرع: في البيان: إذا أوصى لابن السبيل: قال مالك: لا يندرج اليهود ولا النصارى لأن الناس لا يقصدون بوصاياهم الكفار، والوصية للكفار مكروهة، لأن المسلم أولى منه إلا أن يكون قريبا فلا تحمل الوصية على المكروهات. فرع: قال الأبهري: قال مالك إذا أوصى للفقراء وله أقارب فقراء لا يندرجون لأنه لو أرادهم لعينهم. فرع: قال ابن يونس: ولفظ الجيران لمن يواجهه ويلصق بمنزله من ورائه وجنبه دون من بينهما السوق المتسع، ويقتصر في الدار العظيمة الكثيرة المنازل إذا أوصى بعض سكانها عليها فإن شغل الموصي أكثرها وسكن معه غيره فالوصية لمن خارجها لا لمن فيها، وإن سكن أقلها اختصت بمن فيها، قال سحنون: قال عبد الملك: جوار البادية أوسع من هذا، وقد يكون الجار على أميال إذا لم يكن دونه غيره إذا جمعهم المأوى والمسرح، وقال سحنون: كل قرية صغيرة ليس لها اتصال بالحارات فهم جيران، قال عبد الملك: وإذا أوصى لجيرانه إنما يعطى الجار الذي له المسكن والزوجة وولده الكبير البائن عنه بنفقته، ولا يعطى الصغير والبنت البكر ولا خدمه ولا ضيف ينزل به، ويعطى الجار المملوك إذا سكن بيتاً على حدة كان سيده جارا أم لا، وقال سحنون: يعطى الولد الصغير والبكر بالاجتهاد. فرع: قال اللخمي: إن أوصى لولد فلان ولا ولد له إلا حمل، حملت الوصية عليه، فإن أسقطته أو ولد ميتا سقطت الوصية ولا شيء لمن يولد بعد، وإن لم يكن حمل والموصي يظن أن له ولدا بطلت الوصية لعدم المحل، وإن كان عالما حملت على من يولد بعد، فإن كثروا فمن ولد تجرله بذلك المال، وإن ولد آخر تجرله مع الأول، ومن بلغ تجر لنفسه، فإن حسن أوضاع منه شيء حتى التجربة لم يضمن، لأن الميت رضي بالوصية مع توقع ذلك والصغير لم يضمن ذلك،فإذا بلغ وتجر لنفسه ضمن الخسارة والسلف لأجل وضع يده. فرع: قال: ولو أوصى لميت لا يعلم بموته بطلت الوصية لعدم المحل، أو يعلم وصي وفى بها دينه ورثته عنه. قاله مالك:لأن ذلك مقصد الموصي ويقدر تقدم ملكه قبل موته كما يقدر ذلك في دية الخطأ فإنها تورث، ولا يملكه في الحياة لبقاء الروح، وعنه: الوصية باطلة لعدم من يصلح للملك. وقال الأئمة قياسا على الوصية للجهاد. فرع: قال: إذا قال: لآبائي، دخلت الأجداد والأمهات والجدات كما يقال للناس: أولاد آدم وحواء، فإن لم يجز الورثة للآباء حوصص الأجداد والجدات بما ينوبهم وكان نصيبهم ميراثا، وتندرج في الأعمام والعمات من كل جهة كالأم مع الأب لأن هذه مجازات عالية والألفاظ تحمل على العوائد وتندرج في عصبتي نسب الأب الذكور وإن بعدوا دون الإناث، لأن التعصيب من المعاوضة والتقوية، ومنه عصب الحيوان، وذلك مختص عادةً بهؤلاء دون من هو من قبل الأم. فرع: قال: والأهل والآل سواء لأن الهمزة بدل من الهاء كما في قوله تعالى: (هاؤم اقرأوا كتابيه) أي هاكم فهم العصبة والأخوات والعمات دون الخالات، قال ابن القاسم، فجعله لمن كان من قبل الأب الذكور والإناث (دون من هو من قبل الأم، وقال مطرف: يدخل الأخوال والخالات وبنوهم الذكور والإناث) وبنو البنات ذكورهم وإناثهم. فرع: قال: وقوله: إخوتي، يتناول الأشقاء والأب والأم لأن الأخوة هي المساواة في صفة، ومنه قوله تعالى: (كلما دخلت أمة لعنت أختها) أي المساوية لها في صفة الكفر، وقوله تعالى: (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) لاستوائهما في صفة الدلالة، وتقول: هذه النخل أخت هذه، والأخوة مستوية أما في صفة الخروج من الظهر أو من الرحم أو منهما، وهم الأشقاء، فلفظ الأخوة يشمل الجميع. فرع: في الكتاب: لولد فلان، عالما بأنه لا ولد له، ينتظر أيولد له أم لا، ويساوى فيه بين الذكور والإناث لعدم اختصاص اللفظ، وإن لم يعلم فهي باطلة لعدم من يملك، قال ابن يونس: قال أشهب: إذا مات الموصي ولا ولد للموصى لولده بطلت الوصية، علم بأن له ولدا أم لا، وإن ولد له بعد ذلك إلا أن يكون له له حمل يوم موت الموصي لأنه مات ولم يحرم بنقل ماله لأحد، وعن ابن القاسم: إذا أوصى لبني فلان فلم يوجد لهم ولد: رجعت ميراثا لعدم المحل، والوصية لغير شيء باطلة إجماعا، وعنه: إذا أوصى لفقراء بني عمه فوجدوا أغنياء فليوقف عليهم فمن افتقر دفع له وإن لم يفتقر أحد رجعت ميراثا. فرع: قال صاحب البيان: الفخذ أعم من الفصيلة وأخص من البطن، والقبيلة والبطن أخص من القبيلة، وقد تقدم تعامل هذه الألفاظ والخلاف فيها في الوقف ووالوصية تتخرج عليه. فرع: في الجواهر: إذا أوصى لحمل فلانة فولدت اثنين وزعت عليهما بالسوية، وإن اختلفا بالذكورة الأنوثة، كمن أوصى لأولادها الموجودين، ولو قال: إن كان في بطنها غلام استحق دون الجارية. ولو أوصى للفقراء دخل المساكين وبالعكس لإطلاق الاسم عليهما، ولقوله تعالى: (فإطعام ستين مسكينا). وتجوز للفقراء إجماعا، ولو أوصى لزيد وللفقراء لا يستحق النصف بل بقدر الحاجة في حاله لأنه لو حطت الشركة لم يحصل له شيء لأن عدد الفقراء غير متناه، فإن مات قبل القسمة فلا شيء لورثته لأنه أسوة أحد الفقراء، قاله محمد. فرع: قال صاحب المنتقى: لا يمين على الموصى له إن الوصية ليست على وجه التوليج، ووجه ذلك أنها يمين تهمة، وإذا صرف الوصية للوارث جاز للوارث أخذها لأنها هبة منه، قاله أصبغ سواء كان الموصى له غنيا يظن أن الوصية تمسه أم لا، لأن الوصية تكون للفقير والغني. فرع: قال: قال ابن القاسم: إذا أوصى لأم ولده وله منها ولد صح ولا تكون وصية لولده وقصدا منه لغناه لأنه قد يموت فيرثه، وكذلك إذا أوصت لابن زوجها من غيرها، ولا يرد الوصايا سوء الظن، وقال أصبغ: وكذلك وصيته لولده ولد وأبوه حي وارث، ولا يحلف: ما وصى في هذه المسائل للوارث. قاله أصبغ، قال: ويجري فيها الخلاف في عين التهم، ولو حقق وارث عليه الدعوى حلف قولا واحدا. فرع: قال: قال ابن القاسم: إن أوصت لزوجها وقد طلقها: إن علمت بذلك جاز، وإلا فلا لأنها ظنت أنه وارثها، أجازها أشهب مطلقا نظرا لظاهر الوصية، ولأن القصد النفوذ وهو الأصل من العقلاء. فرع: في الجواهر: إذا أوصى لوارث فحجب عن ميراثه، أو لغير وارث فصار وارثا فالاعتبار بالمآل، إن كان الموصي عالما بتغير حال الوارث لأن الوصايا إنما تعتبر عند الموت، فإن لم يعلم صحت عند أشهب دون ابن القاسم. فرع: قال الطُّرطوشيُّ: إذا أوصى لقاتل بعد جرحه عمدا أو خطأ وعلم أنه الجاني أم لا، يصح في الخطأ في المال والدية، وفي العمد في المال دون الدية، لأنها في العمد غير معلومه له، والوصية تختص بالمعلوم، فلو تأخرت الجناية العمد عن الوصية بطلت في المال والدية معاقبة له بنقيض قصده، وإن تاخرت الجناية الخطأ فالوصية في المال دون الدية، وقال (ح): لا تصح الوصية للقاتل عمدا ولا خطأ، وعند (ش) قولان، لنا: قوله تعالى: (فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه) وإبطال الوصية تبديل، وقياسا على غيره، ونقل ملك فينعقد سببه للقاتل كالبيع والهبة، واحتجوا بقوله عليه السلام: (لا وصية للقاتل) لأن الوصية تتعلق بالموت فيمنعها القتل كالميراث، وبه يظهر الفرق بينهما وبين البيع والهبة، لأنهما لا يتعلقان بالموت، ولأن الموصى له شريك الوارث , لأنهما نصيبهما يزيدان بزيادة المال وينقصان بنقصانه، فيكون كالميراث في منع القتل إياه. والجواب عن الأول: أنه غير معروف. سلمنا صحته لكنه محمول على الوصية الشرعية وهي الميراث وهو يسمى وصية، لقوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) صونا للآية عن التخصيص. وعن الثاني: الفرق بين القتل والعمد والميراث، أما الخطأ فلا يمنع عنده أن الكفر والرق يمنعان الميراث دون الوصية فالميراث أقوى، ولأنه بالقتل مستعجل للميراث بخلاف الوصية فعوقب بنقيض قصده، ولأن الميراث ملك ضروري فلو أثبتناه للقاتل صار مكتسباً. وهو الجواب عن الثالث. نظائر، قال صاحب الخصال: خمسة تبطل ما وصي لهم به: الوارث، وقاتل العمد إلا أن يعلم المقتول بذلك قبل الوصية، والقاتل خطأ تبطل وصيته من الدية دون المال إلا أن يعلم الموصي بذلك قبل الوصية فتجوز في المال والدية، والموصى له يموت قبل موت الموصي، والموصى له يريد في حياة الموصي بعد الوصية. الركن الثالث: الموصى به، وفي الجواهر: هو كل مقصود يقبل النقل ولا يشترط كونه موجودا أو غنيا، بل تصح (بالحمل وثمرة الشجرة المنفعة، ولا كونه معلوما أو مقدورا عليه، بل تصح بالحمل والمغصوب والمجهول، ولا كونه معينا) بل تصح بأحد العبدين، ولا تصح بما لا يقبل الملك كالخمر والخنزير لعدم قبوله للملك، والوصية بغلة ملك، ووافقنا الشافعي و(ح) في الوصية بخدمة العبد سنة، ومنعه ابن أبي ليلى وجماعة لأن المنافع تتجدد على ملك الوارث، ومنع (ح) الوصية بما لم يدخل في ملكه إلى الموت لعدم قبول المحل لنفوذ التصرف ونحن نجيزه قياسا على النذر. قاعدة: العقود أربعة أقسام: قسم مشتمل على المعاوضة كالبيع والإجارة، وغير مشتمل، كالهبة والوصية، ومشتمل على طريق التبع لمقصد آخر كالنكاح مقصده المودة والائتلاف واستبقاء النوع الإنساني في الوجود للعبادة، لقوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) فصرح بحكمة الزوجية، وغير مقصود أصلا في ذلك التصرف كالطلاق، فإن العوض فيه غير مقصود في أصله النية، ويقع فيه لغرض الفداء من الضرر لا للطلاق، فمنع الشرع من الغرر والجهالة في القسم الأول لأن مقصوده تنمية المال وهما يحلان بالحزم بضبطهما بل هما مظنة تعددها، وهذا القسم (هو الذي ورد فيه النهي عنهما كنهيه عن بيع الغرر، وبيع المجهول ), والقسم الثاني: يجوز فيه الغرر والمجهول إذ لا غبن، ولا يحسن لعدم المعاوضة، وأقل الأحوال أن لا يحصل له شيء فلا ضرر، والقسم الثالث: منع فيه ما عظم من الغرر دون قليله كما تقدم بسطه في النكاح لأجل اشتراطه في أصله، فلو جوز الغرر مطلقا أهمل الشرط، والرابع: يجوز فيه الغرر أكثر من الأول لعدم اشتراط العوض في أصله فرع: في الكتاب: إذا زاد على ثلثه جاز منه الثلث، لقوله عليه السلام في الحديث المتقدم أول الباب: (الثلث والثلث كثير) وإذا زادت المرأة على الثلث فرد الزوج الزائد بطل الجميع عند مالك لفساد العقد، والفرق من وجهين: أن المريض غالبا يقصد البر لا الضرر بخلافها وهي متمكنة من إنشاء عقد آخربخلافه، لأنه قد مات، وإن أوصى بعبد قيمته ألف، ولآخر بدار قيمتها ألف وترك ألفا ولم يجز الورثة، فالثلث بين الموصى لهما، لهذا نصف العبد ولهذا نصف الدار، قال ابن يونس: من لا وارث له، لا يوصي بماله كله، لقوله تعالى: (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدن والأقربون) فليس أحد إلا وله وارث عرف أو جهل، وعن ابن القاسم: من لا وارث له يتصدق به إلا أن يكون الوالي عمر بن عبد العزيز يخرجه من وجهه فيدفع له. نظائر، قال أبو عمران: الثلث في حد القلة في ست مسائل: الوصية، وهبة المرأة ذات الزوج إذا لم ترد الضرر، واستثناء ثلث الصبرة إذا بيعت، وكذلك ثلث الثمار والكباش، والسيف إذا كان حليته الثلث يجوز بيعه بجنس الحلية، والثلث في حيز الكثرة في ثلاثة مواضع: جائحة الثمار، وحمل العاقلة الدية، ومعاقلة المرأة للرجال، قال العبدي: وهو قليل في الطعام يستحق منه أو ينقص في الشراء عند أشهب، وكذلك النصف عنده، وفي استثناء الأرطال من الشاة وفي الدالية تكون في دار الكراء، قال اللخمي: اختلف إذا زاد على الثلث يسيراً فقيل: إذا أوصى بعبده إن وسعه الثلث وزادت قيمته على الثلث ولا يتبع بشيء، وقيل يكون بذلك القدر رقيقا، وقيل: يرق جميعه لقول الميت: إن وسعه الثلث ولم يسعه، وقيل من لا وارث له تمضى وصيته بكل ما له، وحكم الوارث المجهول حكم العدم، والخلاف إذا أوصى به للأغنياء أو وجه لا يصرفه الإمام فيه أما للفقراء وما يصرفه الإمام فيه، فلا تغير الوصية، لأنها جائزة، واختلف إذا مات عن غير وصية: هل يجري مجرى الفيء وتحل للفقراء والأغنياء قياسا على اللقطة، أو تكون مقصورة على الفقراء لأن ثم وارثا مجهولا يتصدق به عنه؟ وقال ابن نافع: إذا اشترى أخاه في مرضه لا يعتق إلا ما حمله الثلث إلا أن يكون له وارث فيعتق من ماله كله. ويأخذ الفضل، وأباه ابن القاسم ورأى أنه لا يرث لأنه لم يحمله الثلث، قال الطرطوشي: إذا أوصى بماله كله ولا وارث له بطل الزائد على الثلث، وقيل: يجوز، وهذا كله إذا كان للمسلمين بيت المال وإلا صحت الوصية، وقيل: يكون للموصى له الثلث والباقي للفقراء وقال (ش): تبطل، وهل للإمام إجازتها كالوارث؟ قولان، وقال (ح): تنفذ الوصية في الجميع، ولأحمد قولان، وأصل المسألة: هل بيت المال وارث عندنا أو حائز عنده؟ لنا: قوله عليه السلام: (إن الله أعطاكم ثلث أموالكم...) الحديث المتقدم فلم يجعل الحق إلا في الثلث وهو عام فيمن له وارث ومن لا وارث له، وبالقياس على من له وارث، لأنه جعل مصرفا كالوارث، ومن أتلف له شيئا ضمنه، والوصية إتلاف عليه ولأنه يعقل كالوارث ولأن الوصية على خلاف الأصل لأنها فيما بعد الموت، خالفناه في الثلث فيبقى على مقتضاه في الزائد، ولقوله عليه السلام: (أنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه). وهو الإمام الأعظم فيكون المراد بيت المال وهو المطلوب، ولأن باب الميراث أوسع من العقل، لأن الزوجين والنساء والصبيان يرثون ولا يعقلون، فلأن يرث من يعقل أولى، ويؤيده أن من قتل ولا وارث له اقتص له الإمام. احتجوا بقوله عليه السلام: (الثلث والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك...) الحديث المتقدم، فعلل المنع بحاجة الورثة، فحيث لا وارث تجوز الزيادة، ولأنه ليس لماله مستحق معين فيضعه حيث شاء كالصحيح ولأن الإنسان لا يخلو من ابن عم في الوجود غير أنه مجهول، فهو كلقطة جهل ربها فيكون بيت المال غير وارث. بل يجعل فيه المال للمصالح كاللقطة المجهول ربها، ولأن بيت المال يأخذه الرجل ومن يحجبه، ولو كان وارثا لامتنع ذلك، ولأن الوصية لآحاد المسلمين جائزة إجماعا، والوصية للوارث ممنوعة، وللإمام أن يقتل من لا وارث له لمقتوله ويأخذ ماله والقاتل لا يرث، والنساء لا يساوين الرجال في الميراث بخلاف مال بيت المال، ويشترط وجود الوارث عند الاستحقاق نصفه من يرث والميراث يعم الورثة بخلاف بيت المال في ذلك كله. والجواب عن الأول: أن المسلمين ورثة فلا يعدل بالمال عنهم لأنه يضر بفقيرهم، ولأن علل الشرع يخلف بعضها بعضا. والجواب عن الثاني: أن المسلمين ورثة معينة لأن الجهة المعينة كالوارث المعين، وإذا ثبت الدين للمسلمين بإتلاف شيء من بيت المال أو حصير المسجد منع ذلك الوصية، فكذلك استحقاق الإرث، ويقتص لمن لا وارث له كما يقتص الوارث المعين. والجواب عن الثالث: أن ذلك الوارث ساقط في نظر الشرع لأن من شرط إرث النسب معرفة العرب ولذلك يورث المعتق حينئذ، واللقط يرجى ظهور صاحبها. والجواب عن الرابع: أن الكل ورثة بالصفة لا بالتعيين، وحكمها مختلف بدليل أن الوصية للأعيان تقتضي تعيينهم كأولاد زيد، ولبني تميم أو للفقراء لا يجب التعميم ولا وجود الصفة عند الوصية, بل من ولد أو افتقر بعد ذلك استحق، وأما القاتل فيصح عندنا أن يعطيه الإمام من مال المقتول اجتهادا، وههنا لا يهتم الإمام في القتل بخلاف الوارث (يتهم في استعجال الإرث).وأما الوصية لآحاد المسلمين فلعدم تعين أخذه من بيت المال بخلاف القريب. ومساواة الذكر والأنثى فلا ينافي الإرث كأخوة الأم وميراث الولاء، ولاستوائهما ههنا في صفة الاستحقاق وهي الإسلام وفي القربة. وإن استويا فتوقع النفع للموروث مع التعيين من الذكر أوفر، وعدم التعميم لعدم الحصر شاهدة الغنيمة لما كانت لمحصرين عمدا، والفيء لغير معين فلم يعم، وأما أخذ الإنسان مع من يحجبه فلعدم تعين أخذ حاجته بخلاف الإرث في الجواهر: اختلف هل بيت المال حائز أو وارث؟ وفائدة الخلاف: انصرف إليه أو إلى ذوي الأرحام؟ وهل يرد ما فضل عن ذوي السهام عليهم؟ قال الأستاذ أبو بكر عقيب كلامه في هذه المسألة: وذلك إذا كان للمسلمين بيت المال، فإن لم يكن صحت الوصية مطلقا، وقال بعض المتأخرين: للموصى له الثلث والباقي للفقراء. فرع: قال: لو أوصى نصراني بجميع ماله للكنيسه: قال ابن القاسم: يدفع لأساقفتهم ثلثه وثلثاه للمسلمين، لأنهم يرثونه كما يواسونه في فقره، فهو حكم بينهم وبين ناظر الكنيسه فيحكم فيه بحكم الإسلام. فرع: قال الأبهري يجوز العفو عن قتل العمد لأنه ليس مالا، وعن الخطأ إن حمل الثلث الدية، وإلا فما حمل الثلث لأنه تصرف في مال الورثة. فرع: في الكتاب: الوصية بغير متناهي كوقد مسجد وسقي ماء ونحوهما مما يفعل كل يوم أبدا، ووصى مع ذلك بوصايا تحاصص للمجهول بالثلث لأنه اقصى ما يمكن وتوقف له حصته، قال صاحب التنبيهات: قال أشهب: يصرف بالمال كله لأنه أعظم من المال: قال عبد الملك: إذا اجتمع مجهولان قسم الثلث بينهما على السواء لاستوائهما في عدم التناهي، وقال غيره: يقسم على نسبة ما يخرج كل يوم لأنه سبب التفاوت، قال ابن يونس: إذا أوصى أن ينفق على فلان كل يوم درهم، ويتصدق كل يوم بدرهم. وبعتق (وفرس في السبيل) عمر صاحب النفقه وحوصص له بقدر نفقته، وللفرس والعبد بالقيمة الوسط، وللصدقه بالثلث كله أو بالمال كله على الخلاف في المجهول غير المتناهي، فإن خرج نصف وصاياهم لا تنقص النفقة والصدقة على حالهما في اليوم، وإن نقصت حصة العبد والفرس أعين به فيهما. قال اللخمي: قيل: يحمل المجهول على أنه وصية بكل المال، فإن أجازوه وإلا رجع الثلث لعدم تناهيه، وقيل يحمل على الثلث ولا تر شيء. فإن اجتمع مجهولان: قيل كمجهول واحد، يجتمعان في الثلث، وقيل: لكل واحد ثلث فيخرج ثلثي المال، فإن أجاز الورثة وإلا رد إلى الثلث، فعلى الأول: نقص الثلث على قدر ما يخرج كل يوم، وعلى الثاني: الثلث بينهما نصفان، وإذا قال: ينفق على زيد وأطلق: حمل على حياة المنفق عليه تتمة سبعين سنة أو ثمانين، أو تسعين أو مائة، أربعة أقوال مبناها: قوله عليه السلام: (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين) ونظرا لأقصى العوائد، فإن وصى لجماعة: قال مالك: ثمانون لكل واحد: وقال محمد: سبعون، لأن الجماعة يحمل بعضهم بعضا فيموت أحدهم قبل السبعين ويتأخر الآخر، فإن كان الموصى له ابن سبعين: قال مالك: يزاد عشرة وعنه: يزاد عشرة على الثمانين، ثم الميت إن حدد النفقه تحددت أو أطلقها حملت على نفقة مثله من الطعام والكسوة والماء والحطب والثياب، قاله مالك، وقال ابن أبي حازم بسقوط الكسوة، لأن لفظ النفقة لا يتناولها عرفا، ولا يدخل عياله معه لاختصاصه بالذكر. واختلف فيما يصير في المحاصة إذا أوصى كل شهر بدينار مع وصايا على ثلاثة أقوال، قال محمد: إن صار له النصف أنفق عليه النصف في كل شهر، وقال مطرف: يكمل له لأنه لفظ الموصي، وقال أصبغ: يدفع له الجميع بتلاً، قال: وأرى أن ينظر قصد الميت: إن أراد بالتقسيط خشية تبذيره قسط له مجملا لأن الميت قصد التوسعة، وإن قصد الرفق بالورثة ليخرجوه مقسطا من غلات الرقاب ولا يبيعونها، عجل له الجميع، وإن أشكل لم يعجل وحمل على الظاهر. قال محمد: التعمير والنفقة من يوم الموت، فإن مات قبل أجل التعمير، قال مطرف: يكمل بالفاضل الوصايا لانكشاف الغيب عن قصر عمره،والفاضل للورثة على الميراث، وانتفض القسم، وأرى عدم الرجوع للورثة، لأنه من الثلث فمصيبته ونقصانه على أرباب الوصايا، قال شارح الجلاب: إذا أوصى بنفقته رجل مدة، فإما أن يسمي سنين، أو حياته، أو يطلق، ففي الأول: لا يورث بخلاف السكنى مدة معينة، لأن السكنى تراد للتمليك، والنفقة تراد لإقامة البينة. والثاني: لا يورث، والإطلاق محمول عليه، قال الأبهري: إذا أوصى أن ينفق على فلان عشر سنين: فيعزل له ذلك فيموت بعد سنة: يرجع إلى ورثة الموصي، لأنه لم يرد تمليكه جملة النفقة، بل ينفق عليه شيئا بعد شيء، ولو أوصى بنفقته وكسوته سنة فمات قبلها بشهرين لم يرجع بما تخلق بخلاف الطعام، والفرق: أن الخلق تبع لأصله وأجزاء الطعام مستقلة بأنفسها. فرع: قال اللخمي: إذا أوصى بما يضر من غير منفعة له كثوب أن يحرق، أو دار تهدم، أو تخلى بغير سكنى بطلت، لقوله تعالى: (غير مضار) ولنهيه عن إضاعه المال، فإن قصد الضرر وجعلها في قربة فيوصي لوارث بثلث ماله ويقول: إن لم يجز الورثة فهي في سبيل الله، بطل الجميع لأنه قصد الضرر أول،ا فإن قال: داري في السبيل إلا أن يدفعوها لابني، نفذت في سبيل الله لأن قصده الأول قربة، فإن قال: عبدي هذا لابني فإن لم يجزه ابني الآخر فهو حر، فهو ميراث، ولا يعتق، وإن قال: هو حر إلا أن ينفذ لابني فهو كما قال لتقدم القربة، وقال أشهب: يبطل في الصورتين لأنه ضرر، وحمل قوله تعالى: (غير مضار) على العموم، وقيل معناه غير مضار بالزيادة على الثلث، وقال ابن عبد الحكيم: يعتق قدم ذلك أواخره، لأن العتق قربة فيصح ويبطل غيره، قال: وإن أوصى لموسر أو فيما لا يراد به القربة: فالأشبه: المنع إذا أراد ضرر الورثة، وفي كتاب محمد: عبدي يخدم ولدي فلانا حتى يبلغ فهو حر، فإن لم يجيزوا فثلثي صدقة الخدمة لجميعهم، ويعتق إذا بلغ الوارث إن حمل الثلث، لأنه عتق معلق على شرط. فرع: في الكتاب: إذا أوصى بالحج عند موته، يحج عنه من قد حج أحب إلي، وغيره يجزيء، وتحج المرأة عن الرجل وبالعكس، بخلاف الصبي ومن فيه بقية رق لأنه لا حج عليهم، ويضمن الدافع إليهم إلا أن يظن أن العبد حر، وقد اجتهد لأن الواجب عليه الاجتهاد، وقال غيره: لا يسقط الضمان بالجهل لأن الجهل والعلم في ضمان الأموال سواء إجماعا، فإن أوصى أن يحج عنه عبد أو صبي نفذ كما لو أوصى له بمال، ولو لم يكن ضرورة نفذت الوصية لحجة التطوع، ويدفع له ذلك إن أذن السيد للعبد والوالد للولد، ويمتنع إذن الوصي إن خيف على الصبي ضيعة، ويجوز إن كان يظن كإذنه في المتجر، وقال غيره: لا يأذن له الوصي في هذا لقوة الغرر، قال ابن القاسم: فإن لم يأذن له وليه وقف المال لبلوغه إن حج به وإلا رجع ميراثا لأنه حيث أوصى لعبده أو صبي لم يرد الفريضة بل التطوع. فلو كان ضرورة فسمى معينا حج عنه بخلاف التطوع يرجع ميراثا، كمن رد وصيته، وقال غيره: لا يرجع ميراثا كالضرورة، لأن الموصي إنما يريد في الحج نفسه بخلاف الوصية، فإن قال: أحجوا فلانا ولم يقل: عني، أعطي من الثلث قدر ما يحج به، فإن أبى الحج فلا شيء له، وإن أخذ شيئا رده إلا أن يحج به، لأنه شرط، وإن أوصى أن يحج عنه وارث أو غيره نفذت وصيته في حج الفرض والتطوع ولم يزد على النفقة والكراء شيئا، وكان مالك يكرهه، ولو قال أعطوه ثلثي يحج به، لم يزد على النفقة والكراء خشية الوصية للوارث والأجنبي له الفاضل لأنه أجي،ر قال صاحب النكت: قال بعض الشيوخ: إذا لم يأذن السيد للعبد ولا ينتظر كما ينتظر الصبي للبلوغ، لأن أجل البلوغ معروف بخلاف العتق، وعن أشهب: ينتظر حتى يؤيس من العتق، قال ابن يونس: لو كان ضرورة وعلم أن الوصية للفريضهة وظن أن الصبي والعبد يجزئه: قال ابن القاسم: يدفع ذلك لغيرهما: والتسوية بين العبد والصبي في الانتظار أحسن وهو مقتضى قول ابن القاسم: لأنه مقصود، الموصي قال اللخمي: اختلف في جواز العبد والصبي في الضرورة. فرع: في الكتاب: إذا أوصى بأكثر من ثلثه في مرضه فأجاز ورثته قبل موته سألهم ذلك أم لا، فمن رجع بعد موته وهو مباين عنه ولد أو أخ أو غيرهما ليس له الرجوع لأنه أسقط حقه،ومن هو في عياله من ولد بالغ وبنات وزوجه وابن عم فلهم ذلك لأن إذنهم خوف على رده ورفده إلا أن يميزوا بعد الموت، ولا ينفذ إذن البكر والسفيه لسقوط عبارتهما، وإن لم يرجعا: قال التونسي في الجواب على ما إذا استأذنهم، وفي كتاب المكاتب: إذا استأذنهم ليس لهم الرجوع،قال: والأشبه إذا لم يستأذنهم وهم جائزوا الأمر، فلا رجوع لهم ولا يلزم إجازتهم وهو صحيح، واختلف في المسافر الصحيح: فقيل يلزمهم لأنه مظنة العطب كالمرض، وقيل: لا لأنه قادر على إتلاف ماله كالمقيم، قال: ولا فرق بين الصحيح والمريض، بل هم علقوا ذلك بملكهم كقولك: إن ملكت هذا العبد فهو حر، ولو أعتق أحد ورثة المريض قبل موته أحد عبيد المريض ثم مات المريض فورثه لكان حرا لتقدم سبب الانتقال وهو المرض، وقال: لو وطئ جارية من مال أبيه وهو مريض لم يجز، قال صاحب الاستذكار: في مسألة الاستيذان ثلاثة أقوال: إن كان في مرضه وهم ليسوا في عياله لزم الإذن وإلا فلا، وهو المشهور، وعن مالك: يلزمهم في الصحة كالمرض. وقال (ش) و(ح): لا يلزمهم لا في الصحة ولا في المرض، لأنه قد لا يموت وقد يموت الآذن فلا يكون وارثا، والإذن في غير حق لا يلزم، وفي المنتقى: إذا أذن الورثة حالة المرض في الوصية فأوصى ثم حج ومرض ومات: لايلزمهم إذنهم عند ابن القاسم، لانتفاء السبب الذي أوجب اعتبار إذنهم، وعليهم اليمين ما سكتوا رضا. قاعدة: إذا كان للحكم سبب وشرط فوقع الحكم قبلهما لا ينفذ إجماعا، أو بعدهما أو بعد السبب، وقبل الشرط: فمختلف فيه كأداء الزكاة قبل ملك النصاب لا يجزئ إذا ملك إجماعا، وبعد الملك والحول يجزئ إجماعا، وبعد الملك وقبل الحول فيه خلاف، وإسقاط الشفعة قبل البيع لا ينفذ وبعده ينفذ، لأن البيع سبب ووالأخذ شرط، والعفو عن عن القصاص قبل الجرح الذي هو سبب زهوق الروح، وقبل الزهوق الذي هو شرط (لا ينفذ والتفكير قبل اليمين الذي هو سبب وقبل الحنث الذي هو شرط) خلاف، وكذلك ههنا سبب الإرث: القرابة أو النكاح أو الولاء بشرط تقدم موت الموروث. والمرض سبب هذا الشرط غالبا، فجعل كسب الحكم كما كان سبب شرطه فقبله لا يفيد الإذن، وبعده يفيد كما تقدم في نظائر القاعدة. فرع: قال التونسي: فإن أجازوا الزيادة بعد الموت فهي كالهبة عند ابن القاسم، وإن مات الوارث قبل قبض الموصى له بطلت الهبة كموت الواهب قبل قبض الهبة وعند أشهب: تمضي وإن مات، لأنها تنفيد لفعل الموصي، وكذلك عنده لو أقر الوارث أن أباه أوصى لفلان فليس للمقر له الوصية إن كانت معينة حاضرة، فإن لم تكن معينة حاضرة أو لم يجد في تركة الأب حاص غرماء الابن مع أن مذهبه: إذا أقر أن أباه أوصى بوصية وعلى الابن دين يبطل الإقرار، بخلاف إقراره بدين على أبيه، وسوى ابن القاسم بينهما في الصحه قبل قيام الغرماء، وعند (ش): هل يبطل الزائد لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه أو يوقف على إجازة الوارث لأنه لا يدل على الخلاف؟ فيه قولان، قال ابن يونس: قال ابن كنانة: إذن البكر المعنسة يلزمها، وليس ابتداء الزوجة بالإذن كمن يبتدئها هو فينظر في ذلك، قال أشهب: الزوجات لسن سواء، فالتي لا تهابه لا ترجع، وكذلك الابن الكبير في عياله خلافا لابن القاسم. قال ابن القاسم: لو أذنوا له في مرضه ثم صح فأقر وصيته، ثم مرض ومات لا يلزمهم إذنهم لاستغنائهم عن إذنهم بالصحة، قال ابن كنانة: ويحلفوا ما سكتوا رضا، وإذا أذنوا له عند خروجه للغزو أو السفر، قال مالك وابن القاسم: يلزمهم، وقال ابن وهب: لا يلزمهم فإن أوصى بوصايا وبمائة وزاد على الثلث، فأجازوا المائة ثم مات، قال مالك: يحاص صاحب المائة أهل الوصايا فما انتقص فعلى الورثة تمامه فيما ورثوا دون أموالهم، فإن كانت المائة أكثر من الثلث وأجازوها ثم أوصى بوصايا حاصهم صاحب المائة، ويرجع على الورثة كما تقدم، وإن علموا أن وصاياه لغيره فرضوا أو سكتوا حتى مات، وإن لم يعلموا أو علموا وقالوا: لا نجيز الذي جوزنا أولا إلا ما زادت وصيته على الثلث فذلك لهم، ولا يرجع عليهم إلا بما كان تنقصه المائة من الثلث قبل أن يوصي بما أوصى بعد ذلك، قال مالك: ولو استوهب المريض من وارثه ميراثه فوهبه ولم يقض فيه شيء: رد إلى واهبه، لأنه أولى من غيره إلا أن يكون سمى له من يهبه له من ورثته فذلك ماض، ولو أنفذ بعضه: رد الباقي، قال ابن القاسم: إن أوصى المريض بجميع ماله وليس له وارث إلا ابن مريض فأجاز وقال الابن: ثلث ما لي صدقة على فلان ثم مات الأب ثم الابن وترك الأب ثلثمائة لا مال لهما غير ذلك، فلموصى الأب مائة، ثم يتحاصص هو والذي أوصى له الابن (يصرب هذا بالمائتين اللتين أجازهما له الابن، ومن أوصى له الابن) بثلث المائتين لأنهما الفاضلتان للابن ميراثا بعد وصية ابنه قال: عيسى: فإن أجاز الابن ثم مرض فأوصى بثلثه فليس ذلك المال ماله إذا قبضه المتصدق به عليه قبل موت هذا ومرضه، وإن لم يقبضه حتى مرض الابن فلا شيء له لأنها صدقة لم تجز، وتبطل وصية الابن لما أجازه، ويجوز من وصية الأب الثلث، قال اللخمي: ويختلف في الولد الكبير السفيه إذا لم يكن مولى عليه: فمن أبطل تصرفاته أبطل إجازته، ولو قال: كل مال أرثه من فلان صدقة عليك، وفلان صحيح لزمه ذلك، وهو أقيس من المشهور لأنه التزمه بشرط الملك. وفي الجواهر: إنما يلزم إذن الوارث في المرض المخوف، والابن من قطع بره أو من سلطان يرهبه، وقال عبد الملك لا تلزم الإجازة مطلقا إلا بعد موت الموصي فلو أجازوا الوصية لوارث ثم قال بعضهم: ما علمت إن الوصية للوارث لا تجوز: حلف ما علم ذلك، وله نصيبه إن كان مثله يجهل ذلك. نظائر: قال أبو عمران: ست مسائل لا يعتبر فيها الإسقاط: حق الشفعة قبل الشراء، والميراث قبل الموت وإذن الوارث في الصحة في الوصية، وإذن الوارث في المرض إذا كان في العيال، والمرأة تسقط حقها من ليلتها لصاحبتها قبل مجيئها، والأمة تختار نفسها قبل العتق لا يلزمها والمرأة تسقط شروطها قبل الزواج، وقيل: لا شيء لها وقيل لها الرجوع في القرب. فرع: في الجواهر: ينبغي أن لا يكون الموصى به زائدا على الثلث للحديث المتقدم أول الكتاب، وهل ذلك شرط في الصحة أو النفوذ، يتخرج على القولين في إجازة الوارث هل هي هبة أو تنفيذ؟. فرع: في الكتاب: أوصى بجميع ماله وله وارث واحد فأجاز، فلغرمائه رد الثلثين أو أحدهما في الدين، ولو أقر أن أباه أوصى بثلثه وعلى الأب دين مغترق، وأنكر الغرماء بعد إقراره قبل القيام عليه بالدين لعدم الحجر لا بعد القيام، وكذلك إقراره بدين على أبيه أو بوديعة عند أبيه يجوز قبل القيام، ويحلف المقر له إن كان حاضرا كمن شهد أن هذا الذي في يدي تصدق به فلان على فلان وتركه له في يدي، وأنكر الذي هو له، فإن حضر المشهود له حلف وأخذه، وإن غاب لم يجز، لأن المقر يتهم في بقاء ذلك الشيء بيده، قال صاحب التنبيهات: جعل تنفيذ الوارث للوصية بجملة المال كالهبة وكذلك رد الغرماء، وقال ابن العطار، بل تنفيذ لفعل الميت وفهل المقر على أبيه بدين وعلى نفسه سواء إذا أحاط الدين بماله؟, ولا بد من حلف المقر له للتهمة في المحاباة بالمقر به، وقيل: لا يحلف في صورة المقر على نفسه لأنه سوى بينه وبين غرمائه، والمقر على أبيه قدم المقر له على غرمائه هو، فيحلف للتهمة. والحاكم يلزم هذه الأيمان وإن لم يطلب ذلك الخصم، وليس المقر ههنا كالشاهد، وكذلك لم يشترط فيه العدالة، قال صاحب. النكت: لم يجعل مالك على المقر على نفسه قبل قيام غرمائه يمينا بخلاف المقر على أبيه، ولو أقر على نفسه بوديعة قدمت على دين الغرماء، ومع ذلك لا يحلف، لأن الوديعة إذا لم توجد وجب الحصاص بها كالدين، والدين المقر به يقدم على كل حال، قال التونسي: إذا أقر الوارث بوديعة عند أبيه حلف المقر له أخذها، فإن كان معه ورثة والمقر عدل حلف المقر له، وإلا أعطاه نصيبه منها مؤاخذة له بإقراره، قال ابن يونس: إن أقر ولا دين عليه أن أباه أوصى بأكثر من ثلثه، وأنه أجاز ذلك وأشهد ثم مات الابن مدينا ولم يقبض الموصى له وصيته قدمت وصية الأب إن عرف أنه مال الأب لتقدم التصرف على الحجر، وإن لم يوجد للأب شيء من ماله وعلى الأب دين حاصص غرماء الابن الموصى له في مال الابن، وإن وجد من مال الأب شيء أخذه الموصى له خاصة، فما فضل حاص به، لأن الوصية صارت على الابن باستهلاكه مال الأب، قاله أشهب: قال محمد: كذلك فيما بلغ ثلث الأب وما جاوزه، ومال الابن بيد الابن حتى مات بطل الزائد لأنه هبة له لم تقبض، فإن كان بيد غيره نفذ للموصى له، لأن ذلك كالحوز. فرع: قال ابن يونس في الكتاب: إذا ترك ابنين وألفين فأقر أحدهما أن على الأب ألفا لفلان: حلف معه إن كان عدل،ا وإلا أخذ خمسمائة، وقال أشهب، يأخذ الألف كلها، لأنه لا ميراث لوارث يزعم أن الميت مديون بخلاف الدين إقراره بالوصية، لأن الموصى له شريك في المال، ولو أقر كل واحد بألف على أبيهما لغير من أقر له الآخر وكلاهما ينكر قول أخيه: قضي بالألفين مع حلف كل واحد من المقر له إن كان المقران عدلين، وإلا جرى الخلاف المتقدم، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر أخذ الحالف ألفه والناكل خمسمائة من المقر له، ويحلف له الأخ الآخر: ما يعلم صحة شهادة أخيه، ولو أقر كل واحد بثلث في وصية غير الذي أقر به الآخر، وهما عدلان: فالحلف كما تقدم، فإن نكل أحدهما فلا شيء له، على الذي شهد له لأنه لم يكن بيده من الثلث شيء بخلاف الدين، لأنه من رأس المال، والوصية من الثلث لم يبق من الثلث شيء، وإن نكلا أو كان الولدان غير عدلين أعطى كل واحد للمقر له ثلث ما في يديه، ولو رجعا بعد الحكم وأقر أن الذي شهد به صاحبه حق بعد أن أخذ كل واحد ما شهد له به، أخذ كلاهما من الذي أنكر وصيته ثلث ما في يديه لإقراره بإتلاف ذلك عليه، ولو شهد اثنان من الورثة أن أباهما أوصى لفلان بالثلث ودفعا ذلك إليه ثم شهدا إن كان أوصى به لآخر، وأنهما أخطآ، فلا يصدقا على الأول للتهمة في الضمان الذي دخل عليهما، ويضمنان للآخر الثلث، ولو لم يكونا دفعاه صحت شهادتهما للآخر وبطلت الأولى لعدم التهمة المذكورة. فرع: قال: لو أقر بدين يغترق التركة ثم أقر لآخر بمثله فإن لم يكن عدلا برئ بالأول لتعذر إبطال الإقرار، أو عدلا وذكرا عذرا بينا قبل قوله وحلف للآخر، فإن نكل فهو كما لو لم يكن عدلا. فرع: قال لو أقر بالوصية لفلان بالثلث، وأعتق هذا العبد وهو الثلث بكلام متصل قدم العتق، وإن لم يكن الولد عدلا أو كلام غير متصل وتقدمت الوصية قدمت وعتق العبد على الوارث. قال محمد: كان عدلا أم ل. فرع: في الجواهر: تصح بالحمل دون الأمة وبالعكس، لأن الوصية بالغرر جائزة، فإن أطلق تناول الحمل بلفظ الجارية كالبيع، ولو أوصى بقوس حمل على ما يرمي به النشاب دون ما يرمي به البندق لأنه الأغلب إلا أن يكون له إلا هو فيتعين بقوسه الحال أو تعيينه قرينة أخرى، ولو أوصى بشاة من ماله شارك بواحدة من عددها ضأنها ومعزها ذكورها وإناثها صغارها وكبارها لعدم اختصاص اللفظ فلو كانت عشرة فله عشرها، فلو هلكت كلها فلا شيء له لتعلق الوصية بعينها، فإن لم يكن له غنم فله من ماله قيمة شاة من وسط الغنم، ولو قال: أعطوه شاة من غنمي فمات ولا غنم له فلا شيء له، لأن الوصية إنما تعتبر عند الموت، أو له شاة واحدة دنية عليه أو عليه دفعت له، أو ثلث غنمي فماتت فله ثلث ما بقي فلو سمى عددا مثل ثلث عدد الغنم فهل هو كقوله: ثلثها فيكون شريكاً بالثلث فيما زاد أو نقص؟ أو له ذلك القدر وإن لم يبق إلا هو أو بقي أكثر منه أخذ بحصة عدده كما لو كانت خمسين فأوصى بعشرة فعلى الأول: له خمسها زادت أو نقصت، وعلى الثاني إن ماتت عشرة فله الربع أو عشرون فله الثلث، أو أربعون أخذ الباقي كان أدنى أو أعلى، ولو أوصى بتيس من غنمه شارك بواحد من التيوس، ولا يدخل مع ذلك البهم والإناث، أو بكبش لم يدخل إلا كبار ذكور الضأن، أو بنعجة فكبار إناث الضأن، ولو قال: بقر من بقري دخل الذكور والإناث، أو ثور اختص بكبار الذكور، أو عجل اختص بذكور العجول، أو بقرة من عجولي ففي الذكور والإناث من العجول، أو شاة من بهمي أو ضاينة من خرفاني لم يدخل الكبار، أو رأس من رقيقي ومات له واحدة تعينت، أو عدة فماتوا أو قتلوا قبل موته بطلت الوصية، أو بعد الموت انتقلت الوصية للقيمة، ولو قال: أعتقوا عني رقيقا فأقلها ثلاث، لأنه أقل الجمع، ومدرك هذه المسائل كلها: مقتضى اللفظ لغه أو عرفا، وفي الجلاب: إذا أوصى بعبد من عبيده (المختلفة القيم فله جزء منهم إن كانوا عشرة فعشرهم، أو لعبد من عبيده) وهم عشرة فمات ثمانية فله نصف الباقين إن خرجا من ثلثه، وإن لم يكن له مال غيرهما فثلثهما له، ولو أوصى بعشرهم فله عشر الباقي بعد الموت. فرع: قال صاحب البيان: قال ابن القاسم: أوصى بأحد عبيده الثلاثه لرجل، وقال: لفلان أحدهم، وقيمتهم سواء ولا مال له غيرهم، أسهم للثاني فإن وقع سهمه في العبد الموصى به للأول فهو بينهما نصفان، أو في غيره فله نصفه وللورثه نصفه، وللأول نصف الموصى به له ونصفه للورثه لأنه ليس له أن يوصي بأكثر من الثلث، وإن اختلفت قيمتهم أسهم للثاني أيضا، فإن خرج الموصى به للأول وقيمته الثلث فأقل هو بينهما نصفان، أو أكثر من الثلث شطر بينهما ما يحمل الثلث منه وللورثة باقيه وإن خرج في غيره وقيمته الثلث فأقل، أخذ العبد الذي خرج وله آخر الذي أوصى له به، أو أكثر من الثلث فلهما ثلث الثلاثة وإن لم تجز الورثة، لأن الوصايا إذا لم يحملها الثلث صارت شائعة فيه، وهذا على القول بأن من أوصي له بعبد من جملة عبيده يعطي واحدا من جمله عددهم بالقرعة، وقيل: من عددهم بالقيمة، وهما في المدونة وعلى الثاني سهم على الثلاثة؛ فإن حمل الثلث الوصيتين أخرجتا افترقتا في العبيد أو اجتمعتا، وإن لم يحملها ولا أجيزتا تحاصا في الثلث على قدر وصاياهما، وفيها قول ثالث: إن الموصى له بعبد من العبيد شارك الورثة في كل عبد بالثلث، وإن كانوا ثلاثة، أو بالربع إن كانوا أربعة، وعلى هذا يكون للموصى له ههنا بالمعين ثلثا العبد الموصى له به، وثلثه بينه وبين الآخر الموصى له بالمنكر، لأن وصاياهما قد اجتمعت في ثلثه، وللآخر ثلث كل عبد من العبدين الآخرين أيضا إن حمل ذلك الثلث وإلا يحاصصا فيه على قدر وصاياهما. فرع: قال: قال ابن القاسم: قال ولد لا وارث معه: أبي أوصى بعتق هذا، ثم قال: لا، لكن هذا، ثم قال: لا. بل هذا. من كل واحد ثلث قيمة ثلاثتهم، فإن استوت قيمتهم عتق الثلاثة، أو اختلفت عتق من قيمته ثلث قيمة ثلثهم. ومن قيمة البر عتق منه ما حمله ثلث قيمتهم، ومعناه: إذا لم يكن للميت مال غيرهم فواحدة للوارث بإقراره، مثاله: قيمة أحدهم عشرة والباقي عشرون والثالث ثلاثون، فيعتق الأولان، لأن قيمة كل واحد أما ثلث المال أو أقل، وثلث الثالث، لأن ذلك ثلث المال، وإن كان مالَ ثلاثين، عتق الثالث كله مع الأولين لأنه ثلث المال. فرع: قال: قال ابن القاسم: أعطوا فلانا مائة، ولم يبين دنانير أو دراهم، له مائة درهم، لأنها المتيقنة، ومعناه إذا كان البلد إنما تجري فيه الدراهم، أو الدراهم والدنانير، ولو قال: لفلان عشرة دنانير، ولفلان عشرون، فتقدم البطلان فالدنانير قرينة تعين للثاني دنانير. فرع: قال: قال مالك: لفلان عبدي سعيد أو حبشي، أو خشب من خشبي الأحمر، وله عبيد بذلك الاسم، أو خشب، فله ثلثهم إن كانوا ثلاثة، ويعطى ثلث القيمة في العبد والحبشي بالقرعة، وما بلغت ولو كانا عبدين أو خشبين، ولو شهد الشهود بذلك عليه في صحته ولم يعينوا المشهود به بطلت الشهادة لعدم التعيين بخلاف الوصية لأنها كالصدقة على زيد بأحد العبيد وهم عشرة فهو شريك بعشرهم، ولو أوصى بعتق عبد من عبيده وهم عشرة عتق عشرهم بالقرعة، وفي المسألة ثلاثة أقوال في الشهادة في الصحة والمرض، ثالثها: الفرق بين أن يعين فينسى أو لا يعين بالأصالة ولو عينه الموصي للشهود في صحته أو مرضه فنسوه، أو عينه الشهود في غير الوصية فنسوه أو شكوا فيه: فثلاثة أقوال: تبطل الشهادة في الوصية بعد الموت، وفي الصحة في غير الوصية، قاله ابن القاسم، وعنه: يصح في الوجهي،ن والفرق بين الصحة والمرض وفي العبيد والخشب في أصل المسألة ثلاثة أقوال: يعتق ثلثهم بالقرعة ما بلغت كما تقدم ويعتق واحد قلت قيمته أو كثرت ويعتق من كل واحد ثلثه إن كانوا ثلاثة، أو ربعه إن كانوا أربعة بغير قرعة، ومن مات قبل ذلك كأنه لم يكن. فرع: قال: قال ابن القاسم: اشتروا أخي أو من يعتق عليه، ولم يقل: فاعتقوه، يشتري فيعتق، لأن العتق هو المقصود في مثل هذا، وإن أوصى بثمن معين فامتنع السيد من البيع انتظر حتى يتيسر، وإن لم يعين ثمنا زيد ما بينه وبين ثلث قيمته. فرع: قال: قال ابن القاسم: خيروا جاريتي بين العتق والبيع، لها اختيار العتق بعد اختيار البيع قبل أن تباع، واختيار البيع بعد اختيار العتق قبل التقويم، لأن المقصود برها ما لم يتعلق حق لآدمي أو لله، فإن اختارت البيع وقالت: بيعوني من فلان فلهم بيعها في السوق، ولا يوضع من ثمنها شيء لأن ذلك لم يدخل في الوصية ولا لهم اقتناؤها إذا اختارت البيع لأنه مخالفة للوصية إلا برضاها وإن رضيت بأن تكون ملكا لهم فلهم بيعها لأنه شأن الأملاك، بخلاف تخيير الرجل أمته بين العتق والبيع فإن اختارت العتق لزمه أو البيع لزمها ولا رجوع لها، فإن انقضى المجلس ولم يختر، جرى على الخلاف في تمليك الزوجة، والفرق: أن الوصية شيء واحد مبناه على المعروف، فلو ردت بعيب فليس لها اختيار العتق، لأن البيع حكم تقرر، قاله مالك، وقال ابن وهب: ذلك لها على الخلاف في الرد بالعيب هل هو نقص للبيع أو ابتداء بيع؟ فرع: قال: قال ابن القاسم: قيل له: أوص، قال: عبدي سعيد حر، ثم قيل له: أوص، فقال: أحد هؤلاء الثلاثة حر، قيل: الشهادة باطلة، وقيل: يقرع بين الثلاثة، فإن خرج المعين عتق، أو غيره بطلت الشهاده لعدم التعيي،ن والخلاف (في الشهادة ههنا يتخرج في الشهادة إذا اختلف اللفظ والمعنى، واتفق ما يوجبه الحكم نحو الشهادة بمائة من بيع، والشهادة) على الخلاف في تلفيق الشهادة بمائة من سلف، أو امرأتي طالق إن بعت كذا وله امرأتان. فرع: قال: قال ابن القاسم: أوصى له بمائة درهم، وقال: لي عنده عشرون فاقبضوها منه، فأنكر العشرين، لا يكون له إلا ثمانون، لأنه إنما أوصى له بما زاد على العشرين. فرع: قال: قال سحنون: له عبدان ميمون وميمون، فقال عند موته: ميمون حر، وميمون لميمون، إن حملها الثلث أسهم بينهما بالقيمة. فأيهما خرج عتق وأعطى الباقي له، وقيل: إنما يعطى نصف الثاني لاحتمال أن يريد بقوله: ميمون لميمون أي رقبة ميمون لنفسه، فيكون أوصى لأحدهما بنفسه، ولآخر بحريته، فيقع التنازع في الباقي فيقسم، وإن لم يحمل الثلث أو أحدا عتق. فرع: قال ابن القاسم: أعتقوا خيار رقيقي: يعتق أغلاهم ثمنا حتى يستوعب الثلث منهم إلا أن تدل قرينة على الدين أوغيره، لقوله- عليه السلام - لما سئل: أي الرقاب أفضل؟ قال: (أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها) فإن كانوا متقاربين قدم الصلحاء، لقوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وقال ابن زرب: إن استوت القيمة عتقوا كلهم في الثلث لعدم الأولية. فرع: قال ابن القاسم: إذا أوصى له بمائة سلف ولغيره بمائة ملك ظو حاصص بقيمة ربحا لأن مقصوده التجر إلا أن يكون أكثر من نصف الثلث فلا، يزاد ولا تكون المائة السلف أكثر من المائة الملك. فرع: قال: قال مالك: أوصى لثلاثة ثم قال: لفلان عشرون، ولفلان عشرة وسكت عن الثالث، فللثالث ثلث الثلث، وللأولين ما سمى لهما، ويقسم الباقي من الثلث على قدر ثلث الثلث والتسميتي،ن لأن كلامه آخرا تفسير لما أجمله أول،ا ولو لم تكن التسمية على الفور لحملت على أنها وصية أخرى، وضرب المسمى لهما في الثلث بالأكثر منه أو التسمية، وقال أصبغ: يقسم ثلث الثلث على المسمى لهما على ثلاثة أجزاء، لأنها نسبة التسميتين، ولأن الميت فسر وصيته لهما كيف تقسم، ولم يزد صاحبها على ثلث الثلث. فرع: قال: قال مالك: أوصى بتخيير أمته بين البيع والعتق، فأعتقها بعض الورثة ولعله يعادلها، بطل عتقه، وتباع إن اختارت، لأن رب المال تصرف فيه بهذه الصفة فليس للوارث إبطاله. فرع: قال: قال مالك: أوصى بعبده لزيد أتبعه ماله كالعتق، وكان يقول: لا يتبعه كالبيع والهبة، لأنه انتقل من ملك إلى ملك، ولم يختلف قوله في الصدقة والهبة أنهما كالبيع، وإن كان الخلاف يدخل فيهما قياسا على الوصية. فرع: قال: قال مالك: ولو أوصى بعتق رقيقه ولرقيقه رقيق، عتق رقيقه فقط، لأن رقيق رقيقه ليس رقيقه، ولا يجري ههنا الخلاف الذي فيما إذا ملك من يعتق على سيده أنه يعتق عليه، أو حلف: لا يركب دابتك فركب دابة عبدك أنه يحنث، لأن قدرتك على الانتزاع كالملك مع تشوف الشرع إلى بر القرابة وإلى العتق، والإيمان مبنية على المقاصد العرفية، والوصايا على الألفاظ. فرع: قال: قال مالك: أوصى لفلان بمائة ولفلان بمائتين، وقال: فلان شريك لهما، فللآخر ثلث المبين الثلاثمائة، ويقسم الأولان الباقي أثلاثا، وعنه يكون له نصف وصية كل واحد منهما، لأنه مقتضى الشركة، ويحتمل أن يكون في المجموع أو في كل واحد منهما. فرع: قال صاحب المنتقى: قال ابن القاسم: لفلان عشرة، ولفلان السدس: يحمل السدس على سدس المال، لأنه المتبادر للفهم، وقيل سدس الثلث إن كان بعد وصيته لأنه المتيقن فيقصر عليه وسدس المال إن كان بعد إقراره بدين، وسوى ابن القاسم. فرع: في الجواهر: إذا ملك فرسه في مرض الموت بالإرث، عتق من رأس المال لأنه ملك قهري، أو بالشراء فمن الثلث لأنه بتصرفه وهو تبرع، وقال سحنون: له شراء الابن خاصة، ولو تحمله المال لأن له استحقاقه بخلاف الأب والهبة والوصية كالبيع في هذا الباب، ثم إذا أعتق من الثلث أو من رأس المال ورث لزوال المانع قبل الموت، وقال أصبغ: لا يرث لأنه لا يعتق إلا بعد الموت والتقويم، أو لأنه أحوج ورثته بعد انعقاد النسب لهم. الركن الرابع، فيما تكون به الوصية. وفي الجواهر: تكون بالإيجاب، ولا يكون لها مخصوص، بل كل لفظ مفهم قصد الوصية بالوضع أو بالقرينة، نحو: أوصيت، أو أعطوه، أو جعلته له، أو هو له، إذا فهمت الوصية بذلك، ولو كتب وصيته بخطه فوجدت في تركته وعرف أنه خطه بشهادة عدلين فلا يثبت شيء منهما حتى يشهد عليها، لأنه قد يكتب ولا يعزم، رواه ابن القاسم. وقال أشهب: لو قرأها ولم يأمرهم بالشهادة عليها فليست بشيء حتى يقول: إنها وصية وإن ما فيها حق: وإن لم يقرأها لأنه صريح بالإقرار بها: وكذلك إذا قرأها وقالوا: تشهد إنها وصيتك وأن ما فيها حق، فقال: نعم، أو قال برأسه: نعم ولم يتكلم جاز. قال مالك: وإن لم يقرأها عليهم فليشهدوا أنها وصيته أشهدنا على ما فيها، والقبول شرط، لأنه نقل ملك كالبيع والهبة والإجارة، لكن لا أثر له في حياة الموصي،فإن الوصية إنما تجب بموته فيكون قبول الموصى بعده، وقاله (ش)، ولأن الإيجاب علق على الموت والأصل مقاربتها، ولا يشترط فيه الفرق بعدد قياسا على الهبة. فرع: قال: إن مات الموصى له بعد موت الموصي لا ينتقل حق القبول للوارث، قاله الشيخ أبو بكر، وقال القاضي أبو محمد: ينتقل. قاعدة: ينتقل للوارث كل ما كان مالا أو متعلقا بالمال أو فيه ضرر عليه، فلأول كالأعيان المملوك: والثاني خيار البيع والرد بالعيب والأخذ بالشفعة، والثالث كحد القذف، ولا ينتقل إليه ما هو متعلق بجسم الوارث كالوصية له بغدائه ما عاش لو بملاذ نفسه كالنكاح، أو بفعله كالخيار الذي اشترط له من متبايعين غيره، وكاللعان، لأن جسمه ونفسه وعقله لا يورث، فلا يورث ما يتعلق بها، ولما ورث الأموال ورث ما يتعلق بها وههنا اجتمع فيه الشيئان: كونه من متعلقات المال فيورث كخيار البيع، وكونه من الرأي والنظر في المصلحة، قد يؤثر الإنسان حدوث هذا الملك بهذا الطريق وقد لا يؤثره، ثم يتأيد بقاعدة أخرى وهي: أن الوارث إنما ينتقل إليه ما تحقق سببه، وههنا السبب معدوم لعدم جزئه وهو القبول، غير أنه يلاحظ أن سبب استحقاق القبول الإيجاب وقد تحقق، وقد يلاحظ سبب الملك لا سبب القبول ولم يتحقق، فهذه القواعد الفقهية مجال النظر بين الفرق. فرع: قال: إن أوصى للفقراء أو لمن لا يتعين لا يشترط القبول لتعذره كالوقف. فرع: قال: إن مات الموصي وقف الموصى به إن قبله الموصى له تبين أن العين له من حين الموت، أو ردها تبين عدم الدخول، وقيل: الموصى به باق على ملك الميت لعدم كمال السبب الأول، وهو كمال العقد بالقبول، ويتخرج عليه الزكاة إذا وجبت بعد الموت وقبل القبول، ووافقنا (ش) على عدم اعتبار الرد قبل الإيجاب لعدم تحقق السبب، وعدم اعتباره بعد القبول والقبض لاستقرار الملك، وله بعد الإيجاب والموت وقبل القبول قولان قياسا على البيع والوقف، وإذا أوصى له بامراته الأمة فأولدها ثم علم: فقيل: ما حكم الولد وهل تكون أم ولد أم لا؟ وما أفاده الرقيق بعد الموت من المال وتجدد الولد وثمرة النخيل. فرع: قال: إذا فرغنا على أن الغلات تبع للأصول اختلف في كيفية التقويم، فقيل: تقوم الأصول بغير غلات إن خرجت من الثلث تبعها الغلات ولا تقوم الغلات، وقيل: بغلاتها، قال التونسي: وهو الأشبه، لأنها من جملة المال، ولم يختلف أن نماء العبد يقوم معه، وكذلك ولد الأمة لأنه كالعين.
|