الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
وهي ثلاثة أقسام: لفظية وحسابية ومعنوية. القسم الأول: الأحكام اللفظية، وفي الكتاب: أوصى بعبد من عبيده فماتوا كلهم، أو بعبد فمات بطلت الوصية. قال غير ابن القاسم: لأن ما مات أو تلف قبل النظر في الثلث كان الميت لم يتركه ولم يوص بشيء لأنه لا يقوم ميت ولا على ميت، وإن أوصى بعشرة من عبيده ولم يعينهم وهم خمسون، فمات عشرون قبل التقويم عتق عشرة أجزاء من ثلاثين بالسهم خرج ذلك عشرة عددا أم لا لأن الباقي عبيده، والميت لا يعتد به، وإن هلكوا إلا عشرين عتق نصفهم في الثلث، أو إلا خمسة عشر فثلثاهم، أو إلا عشرة فجملتهم توفية باللفظ، وكذلك لو أوصى بعشرة من رقيقه أو إبله. قال صاحب التنبيهات: قوله: يعتق ثلثهم بالسهم وإن خرج أقل من العدد، هذا أصله، وراعى في العتق الأول العدد فيما يحمله الثلث، واختلف هل هو وفاق أو خلاف، وقوله: إن لم يعيينهم، يدل على أنه لو عين عتقوا بالحصص عند ضيق الثلث كما قاله محمد. قال صاحب النكت: إذا قال: ثلث رقيقي لفلان أسهم بينهم بالقرعة بخلاف ثلث رقيقي أحرار: لأن فلانا يصير شريكا في كل واحد، ومن له جزء تابع رجع في معين عند القسمة، والعتق لا بد أن يكون في جميعهم. قال التونسي: قال عبد الملك يعتق خمس من بقي من الخمسين، وسواء قال: خمسهم أو عشرة منهم لأنه لما قال ذلك وهو خمسون فقد أراد الشركة فالهالك والباقي على القسمة، فلا يعتق إلا الخمس ولو لم يبق إلا واحد، وعلى هذا القول لو تمت وهي غنم له خمس الأولاد وقاله أشهب فيه في الغلة، وابن القاسم يراه قصد اخراج ذلك العدد فلو لم يبق إلا هو أخرجه، ويلزم عليه إذا خرج بالأجزاء أقل من ذلك العدد إن يكمل العدد، وقد قاله في كتاب العتق، قال سحنون: إذا أوصى بعشرة من غنمه ومات وهي ثلاثون وصارت بعد موته بأولادها خمسين، له خمسها نظرا للتسمية. وقاله أشهب، وقال أيضا: له من الأولاد مثل ما له من الأمهات، فيأخذ ثلثها إن حملها الثلث. أو ما حمله الثلث وكأن سحنونا أجاب على مذهب ابن القاسم، فلما كان لا تكمل إذا انقضت لا يراد إذا زادت. قال: وفي هذا نظر، لأن من وصى بأمة فولدت بعد موت الموصي، ولدها له إذا حمله الثلث، فكان يجب أن يسهم في الأمهات فما خرج منها تبعها أولادها، لأن ما أخرجه السهم كان هو الموصى به، قال ابن يونس: وجه قول ابن القاسم المتقدم: إذا سمى عشرة فقد قصد العدد، فيكون الورثة شركاء للعبيد أو للموصى له بهم، فتتعين القرعة وهي تسقط حكم العدد لعدم اتفاق الغنم، وإذا لم يبق إلا العدد الذي سمى بطلت الشركة، فلا يضر هلاك البعض، ولو قال عند موته: أثلاث رقيقي أحرارا، أو أنصافهم، عتق ذلك في جملة الثلث، وإلا فما حمله الثلث من كل واحد بالحصاص بغير سهم لأنه عين ذلك، وقيل: لو قال: أثلاثهم لفلان، له أثلاثهم بالقرعة، لأنك شريك في كل واحد، ومن له جزء في رقيق رجع معينا عند القسم بخلاف العتق لاستوائهم في الوصية، فلا يفضل بعضهم على بعض في العتق، وفي الوصية لفلان العبد حيث وقع رقيقا، فلا يفرق نصيبه بغير منفعة للعبد. فرع: في الكتاب: ثلث رقيقي أحرار، يعتق ثلثهم بالسهم لأن من كل واحد ثلثه توفيرا لمصلحة العتق بكمال الحرية، فيخلص للعبادات والولايات الشرعية، أو قال: ثلثهم لفلان فهلك بعضهم. أو ثلث غنمي فاستحق ثلثها. فإنما له ثلث ما بقي، لأن الباقي هو في غنمه، فإن لم يقتسموا ففهو شريك بالثلث، وإن أوصى بعشرة من غنمه فهلكت إلا عشرة فهي له بمقتضى اللفظ، وإن عدلت نصف الغنم، وإن أوصى بعشر غنمه فهلكت ليس له إلا عشر الباقي لأنك شريك والأول مختص. فرع: قال: في الكتاب: إن مت من مرضي هذا أو من سفري هذا فأنت حر، أو لفلان كذا، فهي وصية تنفذ إن مات من مرضه ذلك أو من سفره، فإن صح أو قدم ولم يغيرها حتى مات لا تنفذ لتقييده لما قد بطل، إلا أن يكتب كتابا ويصفه على يد رجل،ولا يغيرها بعد قدومه أو إفاقته وبعده حتى يموت، لأن الإقرار كالإنشاء، فإن أخذ الكتاب بعد إفاقته أو قدومه وأقره بيده حتى مات بطلت، وإن أشهد عليها، لأن استرجاعها دليل رجوعه عنها، وإنما تنفذ إذا جعلها على يد رجل، وإن كتبه عند المرض أو السفر أو في الصحة ولم يقل: إن مت من مرضي هذا أو سفري، بل كتب: إن حدث بي حدث نفذت أقره عنده أم لا، مات من ذلك أو من غيره إذا أشهد عليه ثلثه لأنه لم يقيد وصرح بالإطلاق، قال التونسي: إذا قال: إن مت من مرضي هذا أو قدمت من سفري هذا: قال أشهب: إن مات من مرض آخر أو سفر آخر نفذت، لأن التنفيذ لا يقصد به الناس خصوص مرض دون مرض بل الاحتياط فقط، ألا ترى أنه لو مات قبل السفر نفذت، قال: وإن سارت في غير سفر أو مرض لم ينفذ لبطلان التقييد بلا كلية، وعن مالك: إن كتب: إن مت من سنتي هذه، فعاش بعدها شيئا ثم مات وهي بيده لم يغيرها نفذت، وإذا لم يقرأها على الشهود، وقال: اشهدوا علي بما فيها، فإن تيقنوا أنها الكتاب بعينه ولم يشكوا في الطابع، شهدوا به، وإن فتحوها فوجدوا فيها محوا لم يغير ما قبله ولا ما بعده لم يضر ذلك، فإن غير البعض لم ينفذ ذلك البعض فقط إلا أن يعرفوا المحو، ومن شك فلا يشهد إلا أن تكون الوصية عنده، أو يتحقق خاتمه بعينه في الغيبة. ويشهد من لم يكن بيده الكتاب بمبلغ علمه، قال ابن يونس: سواء قال: من مرض، أو من في مرض، أو من سفري، أو في سفري لأنه المقصود عرفا. قال مالك: إذا وجدوا خطة بعد موته الذي لا يشكون فيه لا ينفذ إلا أن يشهد فيها على نفسه، لأنه قد يكتب ما لا يعزم عليه، ولو قرأها على الشهود لا ينفذ إلا أن يقول: اشهدوا علي بما فيها، ويجوز أن يشهدهم فيها بغير قراءة،قاله مالك إذا طبع عليها، وقال أشهب: كانت مختومة، أو منشورة إذا قرأوها، وقال: يشهد بأنها وصية، فقال: برأسه: نعم، فإن قال: اشهدوا بما فيها، وما بقي من ثلثي فلعمتي فوجد بعد موته، وما بقي من ثلثي فلليتامى والمساكين والأرامل، قال ابن وهب: يقسم بقية الثلث بين العمة، والأنصاف نصفين لتعارض السببين، قال اللخمي: إذا وجدوا محو الغير أرى أن يمضي إذا كانت بخط الميت، والإصلاح بخطه أو بخط كاتب الوصية وهو عدل، فإن كان غير عدل، أو مجهولا وأخرجها الورثة وهم جائزو الأمر حكم بذلك الحق إن تضمن زيادة ولا يحكم به إن تضمن نسخ بعضها أو رجوعه إليهم وإن كانوا غير جائزي الأمر لم يحكم به وإن تضمن زيادة، وكل هذا استحسان، والقياس: إمضاؤها مطلقا لأنه رضي بما في المختوم مطلقا، وإن قال: إن مت من مرضي أو من سفري هذا فأنت حر ولم يكتب كتابا فلم يكن ذلك لم يعتق، فإن كتبه وجعله على يد غيره ولم يأخذه بعد صحته وقدومه نفذت وإلا فلا إن كان الكتاب من الأول عنده، وعن مالك: ينفذ لأن الناس يفعلون ذلك، وعنه: أنها باطلة لذهاب الشرط. قال التونسي: إذا قال: فلان وصي فصدقوه صدق، كقوله: وصيتي عند فلان فنفذوها. وعن ابن القاسم:وصيتي عند فلان فأنفذوا ما فيها: إن كان عدلا أنفذت، وقال سحنون: تنفذ وإن كان غير عدل لأنه رضيه وائتمنه، قال: وهو الأشبه كقوله: ما ادعى علي فلان فصدقوه، ولو قال: إنما أوصى بالثلث لابني أو لي، لم يصدقه ابن القاسم للتهمة، وصدقه غيره، لأنه ائتمنه، فإن قال: يجعل ثلثي حيث يرى، فأعطاه لولد نفسه، ولذلك وجه جاز، وإلا فلا، قال ابن يونس: إذا قال: علي ديون وابني يعلم أهلها، وصدقوه، قال ابن القاسم: هو كالشاهد إن كان عدلا يحلف معه المدعي، وقال أصبغ: يصدق من جعل إليه الميت التصديق كان عدلا أم ل،ا كقول مالك: من ادعى علي من دينار إلى عشرة فأعطوه بلا بينة. وتعزل العشرة من رأس المال، وتوقف حتى يعلم من يدعي، فلو ادعى جماعة فيها وادعى كل واحد أقل من العشرة، فلا شيء لمن ادعى عشرة فأكثر إلا ببينة، فيقدم على غيره، وعن مالك: يتحاص مدعي العشرة فأقل، ومدعي الأكثر لا شيء له،ومنشأ الخلاف: هل الغاية تدخل في المعنى أم لا؟ وقد جعل العشرة غاية. وعن ابن القاسم: من ادعى مثل ما قال الميت اعطيه مع يمينه، فإن قال من ادعى دينارا، فحلفوه، وأعطوه بغير بينة، أو بلا يمين، ولا بينة، ولم يحدد للدين نهاية فهو من ثلثه بخلاف المؤقت لأنه بيع من البيوع، وإن قال: كنت أعامل فلانا، فمهما قال، يصدق. قال مالك: يصدق في معاملة مثله لقرينة ذكره المعاملة، قال ابن القاسم: وهو من رأس المال، وإن ادعى ما لا يشبه بطلت دعواه، وقال أيضاً: يبطل ما زاد على معاملة مثله. فرع: في الكتاب: يقدم في كتب الوصية التشهد قبلها، ولم يذكر مالك: كيف هو، وقال أنس بن مالك: كانوا يوصون: أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأوصي من تركت من أهلي: أن يتقوا الله ربهم، ويصلحوا ذات بينهم إن كانوا مسلمين، وأوصيهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون، وأوصي إن مت من مرضي هذا بكذا. فرع: قال: قال في مرضه: إن مت فكل مملوك لي مسلم حر، وله عبيد مسلمون ونصارى، فأسلم بعضهم قبل موته،لم يعتق إلا من هو مسلم عند الوصية؛لأنه المقصود،ولم يخطر إسلام هذا بباله، قال ابن يونس: قال بعض القرويين: لعله فهم منه إرادة عتق هؤلاء، فإن لم يكن مقصد فالأشبه عتق الجميع، لأن الموصي إنما يوصي بما يكون يوم الموت، لأنه إذا قال: إذا مت فعبيدي أحرار، فباع عبيده، واشترى غيرهم، ثم مات، عتق الذي مات عنهم، واختلف إن اشترى بعد الوصية مسلمين، قال ابن القاسم: يدخلون في الوصية خلافا لأصبغ. قال محمد: فإن لم يكن فيهم يوم الوصية مسلمون؛ فها هنا من أسلم أو اشتراه يدخل لتجرد اللفظ عن قرينة التخصيص فيبقى على عمومه. فرع: في الكتاب: أعتقوه بعد موتي بشهر، أو هو حر بعد موتي بشهر سواء، إن لم يحمله الثلث خير الورثة بين الإجازة، وعتق ما حمله الثلث الآن، فإن أجازوه خدمهم شهراً ثم عتق الجميع. قال ابن يونس: فلو حمله الثلث خدمهم شهراً وعتق، لأنه مقتضى لفظ الوصية. فرع: في الكتاب: أوصى له بدينار، ثم بالثلث فله الأكثر جمعاً بين اللفظين، أو بقدر عشرين إردباً من أرضه، وهو مبذر مائة فله خمسها بالسهم، وإن كان دون العشرين لجودته، أو زاد لدناءته، لأنه المعلوم عند الوصية، أو بدار ثم بعشرة أأدر، فله الأكثر إن حمله الثلث، أو ما حمله إلا أن يجيزوا، وإن كانت الدور في بلدان شتى أخذ النصف من كل ناحية بالسهم عدلا بينه وبين الورثة، ومن أوصى بوصية بعد أخرى ولم يتناقصا وهما من صنفين نفذتا، أو من صنف، فالأكثر حملا للثانية على الزيادة، كانت الأولى أو الأخيرة، فإن تناقصتا أنفذت الأخيرة فقط لأنها الناسخة، وإن أوصى بشيء بعينه ثم أوصى به لآخر فهو بينهما، لأن الأصل عدم الرجوع، كما لو أوصى لرجل بثلثه ولآخر بجميع ماله، فالثلث بينهما أرباع، ولو أوصى بثلث ثلاث آدر، فاستحق داران، أو بثلث داره، فاستحق ثلثاها، فللموصى له ثلث ما بقي؛ لأنه إنما أوصي له بالثلث، ولو قال: العبد الذي أوصيت به لزيد أوصيت به لعمرو، فهو رجوع، أو أوصى بعتقه ثم لرجل، أو بالعكس، فهو رجوع عن الأول لتعذر الشركة مع العتق. قال اللخمي: له الوصيتان إن كانتا في معين نحو: سعد وسعيد، أو إحداهما غير معينة نحو: لسعيد، ثم قال: له عبد عبيدي، قاله أشهب. قال: وهو يتجه إذا كانتا (بكتاب واحد أو نسق واحد من كلامه بعد كتاب، وإن ذكرهما في يومين بغير كتاب، ففيه نظر لاحتمال الإخبار عما مضى، وإن قدم النكرة فهو أشكل لاحتمال بيان المبهم، واختلف إذا كانتا) من جنس واحد نحو عشرة دنانير، ثم قال: عشرون أو بالعكس، ففي الكتاب: له عشرون تقدمت أو تأخرت حملا للثانية على تأكيد البعض إن تأخر القليل أو الزيادة، وإن تأخر فله ثلاثون، لأن الأصل: اعتبار الألفاظ، والفرق: أن الثاني تأكيد محض، وهو خلاف الأصل، والأول فيه إنشاء الزيادة، وقال عبد الملك: إذا كانت بكتابين فله الأكثر كانت الأولى أو الأخيرة، أو في كتاب وقدم الأكثر، كانتا له،أو تأخر فهو له،لأن اتحاد الكتاب يقتضي اتحاد العطية فإن استوى العددان: قال محمد: له أحدهما قياسا على الإقرار. وقال عبد الملك: هما له بكتاب أو كتابين،لأن الأصل عدم التأكيد. قال: وأرى إن كانتا بكتاب أو كلام نسق فله أحدهما كانت الأخيرة الأقل، أم لا، لأن الاتحاد يقتضي الجمع، وإن لم يكونا نسقا أعطي الأخيرة أكثرهما، لأن الإنسان يوصي بالشيء ثم يستقله، وإن استوتا بكتاب فهما له، لعدم الفائدة في إبطال عشرة بعشرة، وإن كانتا في كتابين وفي الوصية الثانية زيادات لأقوام أجريت هذه كذلك، أو تنتقص لأقوام اقتصر على واحدة طردا للمناسبة، وكذلك العبيد والدور وكل جنس متحد يجري فيه الخلاف المتقدم في العين، والحران كالعددين، فإن استويا فهما له عند عبد الملك. وأحدهما عند محمد، وإن اختلفا نحو الثلث والسدس تقدم أو تأخر جرى فيه الخلاف في العددين المختلفين، واختلف إذا كانت التركة عينا أو ثيانا أو عبيدا أو ديارا، فقال: له عشرة دنانير، ثم قال: ثلث مالي، فقيل: ثلث ما سوى العين، وله من العين الأكثر على ما تقدم إذا أوصى بعشرة ثم عشرين. فإن كان الثلث أكثر من العشرة أخذه إن أجاز الورثة، وقيل: له العشرة وثلث التركة قبل إخراج العشرة إن أجازوا كما لو كانت الوصيات لرجلين، وكذلك دار من دوري، أو عبد من عبيدي، ثم قال: له ثلث مالي، فإن أوصى بدنانير ثم بدراهم؛ قال محمد: يأخذهما لبيانهما، وقال ابن حبيب: هما له كما لو كانا دنانير أو دراهم. قال صاحب المنتقى: الدنانير والدراهم والقمح والشعير والدراهم والسبائك أجناس لتباين الصورة. وقال عبد الملك: الدراهم والدنانير جنس، وإذا فرعنا عليه فأوصى بأحدهما لزيد، ثم بالآخر: فعن مالك: يعطى الأكثر بالصرف. قال اللخمي: قال محمد: فإن كانتا دراهم وسبائك فضة، أو قمحا أو شعيرا، أخذها، ولو أوصى بعبد لفلان، ثم قال: بعده فهو رجوع، ولو قال لفلان، وبعده لفلان في كلام واحد كبيع من هذا بثلثي ثمنه، وأعطى ذانك الثلثين فلانا، وإن لم يشتره أعطى ثلث ثمنه للورثة، ولو أوصى به لفلان وبعتقه في كتابين أو كتاب، فالمعتبر الأخير، وقال أشهب: العتق أولى تقدم أو تأخر لشرفه، وقال عبد الملك: إن مات عن وارث واحد، وأوصى بثلثه له، ثم قال: ثلثي لفلان الأجنبي، ثم قال: لفلان، وهو الوارث فهو للأخير منهما، ويلزم على قوله إذا كانا أجنبيين أن يكون رجوعا عن الأول، وقال فيمن قال: عبدي مرزوق لمحمد، ولسعيد مثله، يعطى لمحمد، ويشتري لسعيد مثله، ولو قال: لسعيد مثله بغير لام فهو بينهما نصفان أي مثله في الوصية. قال صاحب المنتقى: وكذلك في مائة دينار معينة، وأما غير المعينة فلكل واحد مائة دينار معينة، وأما غير المعينة فلكل واحد مائة مطلقا لعدم الحصر بالتعيين، قال التونسي: إذا أوصى بمائة ثم بخمسين، يحتمل الرجوع عن المائة، وعدم الرجوع فيقسم نصفها مع الخمسين فيكون له مائة، ولم يقصد ابن القاسم هذا في قوله: يأخذ الأكثر وإلا يلزم أن يأخذ مائة وخمسة وعشرين إذا تأخرت المائة، ولم يقله بل أعطاه المائة لأنه لاحظ أن الأخيرة إذا كانت أكثر فالعادة أنهما زيادة، وأبطل الأولى لأنها بقيت مسكوتا عنها، أو الأقل فهو لم يصرح بالرجوع عنها، ولا بزيادة الخمسين عليها فله المائة فقط، وإن أوصى بدنانير ثم بدراهم أو بعرض: فله الوصيتان، وقيل أكثرهما قيمة، ولو قال: عبدي لفلان، ثم قال: هو حر وجهل أي القولين أول. القياس: أن يكون نصفه حرا، ونصفه لفلان، وقيل الحرية أولى، وإن قال: هو لفلان، ثم قال: بيعوه لفلان، قيل: رجوع، وقيل: يباع من فلان بنصف ثلث ثمنه، وقيل: إذا لم يكن له مال غيره: فالثلث بينهما على أربعة أجزاء: للموصى له ثلاثة، كما لو وصى بماله لفلان وثلثه لفلان، قال ابن يونس: قوله في الكتاب: أوصي بثلاثين دينارا ثم أوصى له بالثلث، يضرب بالأكثر. قال سحنون: معناه التركة كلها عين، فلو كانت عينا وعرضا ضرب بثلث العرض، وبالأكثر من ثلث العين، أو التسمية، وإن كانت كلها عرضا ضرب بالثلث، والتسمية فإن لم يكن معه وصايا، فإنما له الثلث إلا أن يجيزوا فله الوصيتان، وإن أوصى بعشرة شياه، ثم بعشرين، فله الأكثر كالدنانير، فإن كانت الغنم مائة فله خمسها بالسهم، كان أقل من العشرين أو أكثر, وكذلك العبيد، وإذا قال: ثلثي لفلان وفلان وفلان، ثم قال: وأعطوا فلانا مائة دينار لأحد الثلاثة، ضرب بأكثر الوصيتين؛قاله ابن القاسم. قال: وإنما يصح ذلك إذا كان ماله كله عيناً. أما العين والعرض فله تسع العرض، والأكثر من تسع العين أو التسمية، وإن أوصى بمائة مبدأة، وبوصايا ثم لصاحب المائة بألف قال مالك: يحاص بالألف إن وقع له أكثر من المائة وأخذه فقط، أو يأخذ المائة المبدأه ويحاص بالألف في بقية الثلث، وإن قال: ثلثي في سبيل الله، ثم قال بعد يومين: يقسم ثلثي أثلاثاً: ثلث للمساكين: وثلث في الرقاب: وثلث يحج به عني، قال ابن القاسم: نصف ثلثه في سبيل الله، ونصفه أثلاث على ما نص، وإذا قال: غلة عبدي لفلان، ثم قال: خدمته لفلان. قال أشهب: ليس برجوع بل يستخدمانه أو يستغلانه بالسواء، فإن حمله الثلث وإلا خير الورثة بين الإجازة أو إسلام ثلث الميت، وإن قال: يخدم فلانا سنين ثم هو حر، ثم قال: يخدم فلانا سنتين: يحاصا في سنة أثلاثا. فرع: في الجلاب: أوصى بمائة، ولآخر بخمسين، ولآخر بمثل إحدى الوصيتين: روي عن مالك: نصف الأولى ونصف الأخرة لعدم الاختصاص، وروي: مثل الآخرة ترجيحا للقرب، وقال أشهب: مثل أقلهما لأنه المتيقن. فرع: قال صاحب المنتقى: قال ابن وهب: لفلان ولفلان عشرة ولا ينقص صاحب الثلث شيئا: فله الثلث لتعذر ما عداه: وكذلك لفلان عشرة ولفلان ثلثي: ولا ينقص صاحب العشرة شيئا، والثلث عشرة يأخذها صاحب العشرة فقط، ويستوي في ذلك التقديم في اللفظ والتأخير. فرع: قال: قال أصبغ: لفلان عبدي سعيد، أو بدر: يتخير الورثة في أيهما يعطي.كما لو قال: له دينار أو دابة لأن (أو) للتخيير. فرع: قال: ترك أخاه وجده وعمه وأوصى بثلثه لأقاربه والأقرب فالأقرب: قال ابن القاسم: يبدأ بأخيه فيعطى أكثر من الجد لأنه يدلي بالنبوة وهي أقرب من الأبوة، ثم يعطى الجد أكثر من العم، لأنه يدلي بالجد فيقدم الجد عليه، ولا يخصص الأخ بالدفع لقوله: لأقاربي فهذا طريق الجمع بين العبارة الأولى والأخيرة. فرع: في الكتاب أوصى له بمثل نصيب بنيه وهم ثلاثه فله الثلث لأنه المثل أو مثل نصيب أحد ورثتي وهم رجال ونساء قسم على عدد رءوسهم وله مثل أحدهم إذ ليس الذكر أولى من الأنثى قال اللخمي قال ابن أبي أنيس: إن كانوا ثلاثة لأنه جعله ولدا من أولاده فيكونوا أربعة، ولو قال: أنزلوه منزلة أحد ولدي، أو اجعلوه كأحدهم فالربع اتفاقا، وكذلك إن قال: له نصيب أحد ولدي ولم يقل مثله، وقال عبد الملك: إذا كانوا ذكورا إناثا له نصف نصيب ذكر، ونصف نصيب أنثى كالخنثى، وعلى قوله: إذا أوصى بنصيب أحد ورثته وهم عشرة بنين، وزوجات، وأبوان، يعطى ربع نصيب ذكر، وربع نصيب أنثى، وربع نصيب زوجه، وربع نصيب أحد الأبوين، وفي الجواهر: هو وارث مع ولدي، أو مع عدد ولدي، وألحقوه بولدي، أو بميراثي، أو ورثوه في مالي، أو يقول في ابن مات أبوه: ورثوه مكان أبيه، هو في هذا كله رابع إن كانوا ثلاثة، ولو كان له ثلاثة ذكور وثلاث إناث فهو رابع الذكور، ولو كانت الوصية لأنثى فهي رابعة الإناث، قال صاحب البيان قال مالك: إذا أوصى بنصيب أحد أولاده فمات بعضهم اعتبر مثل نصيب أحدهم يوم يموت أحدهم، لأنه أوصى له بجزء معلوم، وجعل نصيب الولد تقديرا له، وقال ابن نافع: فيعتبر يوم الموت لا يوم الوصية، لأن الوصايا إنما تعتبر يوم الموت، قال ابن كنانة: الأمر كذلك إن علم الموصي التعبير، وإلا فيوم الوصية، قال شارح الجلاب: سواء يموت بعضهم أو يتوالد بعض، يعتبر نصيب أحدهم يوم يموت الموصي، وإن لم يبق إلا واحد رجع الثلث وإن لم يجز الورثة. فإن أوصى بذلك ومات ولم يولد له: قال ابن القاسم: لا شيء، قال صاحب المنتقى: إذا أوصى بسهم أو نصيب ولم يعينه: قال محمد: هو سهم مما انقسمت عليه الفريضة من عدد السهام، قلت أو كثرت. وقال ابن عبد الحكم: الثمن، لأنه يعقل الفرائض، وقيل: سهم من سهام الفريضة إن كانت تنقسم من ستة فأقل ما لم يتجاوز الثلث فيرد إلى الثلث وإذا لم يجز الورثة، ولا ينقص من السدس، واختاره محمد، وعليه جماعة الأصحاب، وعند ابن عبد الحكم: يسهم مما يقسم على الفريضة. قلت السهام أو كثرت. وقال (ش) ما يختاره الورثة. وقال (ح): أقل سهام الورثة إلا أن يزيد على السدس فيعطاه، وإذا قلنا: يسهم مما تنقسم عليه الفريضة وكان أصلها ستة وتعول إلى عشرة. قال ابن القاسم: له سهم من عشرة لأنه أقل سهام الفريضة. قال الطرطوشي: من أصحابنا من قال: يعطي شيئا يقع عليه سهم أو حظ أو نصيب إذا أوصى له بأحد هذه الألفاظ. وقاله القاضي أبو الحسن إلا في نحو الدرهم، بل على حسب قلة التركة وكثرتها، وقال (ش) ما يقع عليه ذلك الاسم وإن قل، وقاله (ح): نصيب أحد الورثة ما لم ينقص من السدس، ومنشأ الخلاف: أن السهم مجهول يقع على القليل والكثير، أو هو مقدر بما تقدم في حكاية المذاهب، والأول الصحيح، لأنه يقال: سهم من اثنين ومن عشرة ومن ألف، وليس تحديده بمقدار أولى من خلافه، والأصل: أن لا يخرج من مال الميت إلا ما يتيقن. احتج (ح) (بأن رجلا جعل لرجل سهما من ماله على عهده - عليه السلام - فجعل له السدس).وجوابه: منع الصحة، فلو قال: أعطوه ضعف نصيب ابني. قال أصحابنا: يعطى مثل نصيب الابن، وقال (ح) و(ش): يعطى مثله مرتين إن كان نصيب الابن مائة أعطي مائتين، واختاره القاضي أبو الحسن منا، لنا: قول الخليل: ضعف الشيء مثله، وضعفاه مثلاه، وقال المفسرون في قوله تعالى: (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) أي تعذب ثلاثة أمثال عذاب غيرها: وقيل: مثلين، ولأنه لو أوصى بضعفي نصيب ابنه فعندنا يعطى مثليه، وعندهم ثلاثة أمثاله مع أنه لفظ نفسه فيلزمهم مخالفة ظاهر اللفظ احتجوا بأن أصل الكلمة التضعيف والزيادة، لقوله تعالى: (فأولئك لهم جزاء الضعف) والضعف أكثر من الواحد، وتقول العرب: أضعفت الثوب إذا طويته طاقتين، والورد المضاعف والنرجس.أي كل ورقة ورقتين. وأضعف العطاء أي مثله مرتين، والأصل: عدم الترادف بين المثل والضعف. والجواب: أن مقتضى هذه النقول أن يكون الضعف مشتركا بين المثل والمثلين لأنه اسم يقتضي الإضافة، لا يقال: ضعف إلا مع غيره، نحو لفظ (ثاني) يقتضي أولا، ومثل يقتضي مثلا آخر، وزوج يقتضي فردا أخر معه، ثم إذا ازدوج اثنان قيل لكل واحد منهما: زوج، ولهما جميعا: زوج وزوجان أيضا، فبطل قولهم، أو نقول: مقتضى نقلنا ونقلكم أن يكون اللفظ مشتركا، والأصل: عصمة المال إلا في المتيقن. فرع: في البيان: قال ابن القاسم: قال: ثلث مالي حر، وغلامي فلان حر، بدئ بالغلام من الثلث لتعينه، فإن فضل فضل اشتري به رقيق فأعتق، وإن كان له رقيق عتق ثلثهم بالقرعة لوصفه ثلث ماله بالحرية. فرع: قال صاحب المنتقى: قال ابن القاسم: إن أوصى لفلان وللفقراء والمساكين بثلثه: أعطي فلان حاجته بالاجتهاد. وقال (ح): له الثلث، وللفقراء الثلث، وللمساكين الثلث، لأن العطف يقتضي الشركة. والشركة تقتضي التسوية عند الإطلاق. وجوابه: أن العطف إنما يقتضي الشركة في أصل الحكم، وهو كونه موصى له، ونحن نقول به، وعلى المذهب: لو مات قبل القسمة لا شيء لورثته كموت أحد المساكين. وقاله محمد، وإن قال: لقرابتي وللمساكين: قال ابن القاسم: نصفان، كما لو أوصى لشخصين معينين لاستوائهما في عدم التعيين كاستواء الشخصين في التعيين، وهو الفرق بينه وبين الأولى، ويحاص فقراء قرابته لقرينة اقترانهم بالمساكين، وعن مالك: ثلثي لليتامى والفقراء والسبيل يقسم بالاجتهاد، بين إخوتي وبين بني أخي، وبين ولد فلان، يقسم أثلاثا على قدر الحاجة والعدد بخلاف لو قال: لزيد وعمرو، واحدهما فقير، فالثلث بينهما نصفان. القسم الثاني: في الأحكام الحسابية، قال اللخمي: إذا أوصى بجميع ماله، ولآخر بثلث ماله ولم يجز الورثة فالثلث بينهما أرباع، لأنه نسبة الثلث إلى جملة المال، وإن أجازوا تحاصوا كذلك في المال، أو بنصف ماله ولآخر ثلثي ماله، فالثلث بينهما أسباع، أو المال فيجعل النصف ثلاثة فيكون الثلثان أربعة، أو نقول: أقل عدد له نصف وثلثان ستة فيجعل الثلث ستة، وجملة المال ثمانية عشر، أو نقول: مخرجه: النصف من اثنين، والثلثين من ثلاثة وهما متباينان، فيضرب ثلاثة في اثنين تكون ستة وهو جملة الثلث فيكون المال ثمانية عشر، والوصايا وإن سميت من المال فالحجر الشرعي يردها للثلث، فكأنه أوصى له بنصف الثلث وهو ثلاثة في هذه الصورة، وبثلثيه وهو أربعة فذلك سبعة، وينتقل جملة المال إلى أحد وعشرين، لأنه المتحصل من ضرب ثلاثة في سبعة، ولو أوصى بالسدس والربع فخرج الربع أربعة والسدس ستة، فكأنه أوصى لهما بالمخرجين فيكون الثلث بينهما على عشرة، لصاحب الربع ستة، ولصاحب السدس مخرجه، لأنه قد صرح أن صاحب الربع يفضل صاحب السدس بمثل نصف السدس وهو ما ذكرناه، وكذلك النصف والثلث، مخرج النصف اثنان ومخرج الثلث ثلاثة، فكأنما أوصى لهما بالمخرجين، لكن لكل واحد منهما مخرج صاحبه، لأن النصف أكثر من الثلث بمثل نصف الثلث، وهو زيادة مخرج الثلث على مخرج النصف، فيكون الثلث بينهما خمسة، وجملة المال خمسة عشر، ولو أوصى بالنصف والثلث والربع فالثلث بينهم ثلاثة عشر، للنصف ستة والثلث أربعة والربع ثلاثة، لأن هذه الأعداد تثبت هذه الوصايا، وهذا الباب كثير الفروع فقس غير هذه عليها، واختلف إذا أوصى بثلث ماله ولآخر بعبد قيمته الثلث وأجاز الورثة قيل: يكون للموصى له بالثلث ثلثا الثلث، ولصاحب العبد ثلثا العبد، وثلث العبد، بينهما نصفان، لأنه وصى بثلثه مرتين، وقيل: لصاحب الثلث جميع الثلث، وللآخر جميع العبد لصحة إنفاذ الوصيتين، وإن لم يجيزوا فالثلث بينهما نصفان لاستوائهما، وقيل يبدأ بصاحب الثلث ولا شيء للآخر لأن الميت إنما أوصى له من ثلثي الورثة، وإن قال: لفلان هذا وقيمته ثلث ماله، ولفلان خدمة هذا الآخر وأجاز الورثة لصاحب الخدمة، فله أن يخدمه ويقوم الورثة مقامه في المحاصة فما نابه أخذوه. وقال محمد فيمن أوصى بخدمة عبد ولآخر بعشرة دنانير ولا مال له سوى العبد وأجاز الورثة للمخدم الخدمة، فإنه يباع ثلث العبد محاصا فيه. هذا بالعشرة والآخر بقيمة الخدمة، فما صار للمخدم أخذه ثم يختدم ثلثي العبد حتى يموت فيرجع العبد للورثة إن صار له في المحاصة ثلث الخدمة فأقل، وإن صار له أكثر سلم الفاضل للورثة ولا يزاد على وصيته، وهو كرجل وصى لرجلين بثلث ماله ولآخر بنصف ماله فأجاز الورثة للموصى له بالنصف فإنه يحاص الموصى له بالثلث بجميع النصف ويعطيه الورثة تمام النصف. فَرْعٌ: فِي الْكِتَابِ: أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ، وِلِآخَرَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا، وَالتَّرِكَةُ سِتُّونَ، فِلِصَاحِبِ الْمَالِ سِتَّةُ أَجْزَاءَ، وَلِلنَّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلثُّلُثِ اثْنَانِ، وَالْعِشْرُونَ اثْنَانِ، لِأَنَّ الثُّلُثَ عِشْرَونَ، فَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يُقَسَمُ عَلَيْهَا الثُّلُثُ، وَكَذَلِكَ لِرَجُلٍ بِثُلِثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِسُدُسِهِ وَلِآخَرَ بِرُبُعِهِ يَتَحَاصَوْنَ فِي الثُّلُثِ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَغَيْرِهِمَا عَلَى حِسَابِ عول الْفَرَائِضِ سَوَاءٌ، وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَلِآخَرَ بِعَبْدِهِ، وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ، فَهَلَكَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، قِيلَ: النَّظَرُ فِي الثُّلُثِ. فِلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مَا بَقِيَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ إِلَّا لَهُ، وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَرُبُعِهِ وَشَيْءٍ بِعَيْنِهِ ضُرِبَ فِي الثُّلُثِ بِالتَّسْمِيَاتِ وَقِيمَةِ الْمُعَيَّنِ فَمَا صَارَ لِصَاحِبِ الْمُعَيَّنِ حِصَّتُهُ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، وَمَا صَارَ لِلْأَخَوَيْنِ شَارَكَ بِهِ الْوَرْثَةُ، فَإِنْ هَلَكَ الْمُعَيَّنُ بِطَلَتِ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَالْبَاقِي بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا الْأُخَرِ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَبِنِصْفِهِ فَأَجَازُوا لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ أَخْذَ النِّصْفِ، وَالْآخَرِ خُمُسَ الثُّلُثِ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لَهُ لَوْ لَمْ يُجِيزُوا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَحْدَهُ أَخْذَهُ وَأَخْذَ الْآخَرِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الثُّلُثِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يَتَحَاصَّانِ فَمَا صَارَ لِلْمَجَازِ لَهُ أَتَمُّوا لَهُ مِنْ مَوَارِيثِهِمْ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْض عمل مخرجها بغير إجازة، فما حصل لمن لم يجز له أخذه، ومخرجها مع الإجازة، فما وقع للمجاز أخذه، والفاضل عن حصته لو لم يجز للموصى له، وبمذهبنا في التراجم في الثلث عند عدم الإجازة قال (ش)، وقال (ح): إذا أوصى بالنصف والثلث، الثلث بينهما نصفان وتسقط الزوائد على الثلث، وكأنه أوصى لكل واحد بالثلث، ونقص أصله فيقسم على التفاوت إذا أجاز الورثة، وإذا أوصى بالثلث وبالربع أو بالسدس، لنا: قوله تعالى: (فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه).والمخالف بدل، لأن الميت فاوت وهو سواء. بل نقول: إذا أوصى بماله وقد أوصى بجميع ثلثه، وإذا أوصى بنصف ماله فقد أوصى بنصف ثلثه، وإذا أوصى بربع ماله فقد أوصى بربع ثلثه، فينبغي أن يقسموا على هذه النسبة أو نقول: ما قسم على التفاضل عند السعة قسم على التفاضل عند الضيق قياسا على المواريث، لأنها وصية لقوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) فكما عمل في العول يعمل ههنا. احتجوا بأمور: أحدها: قلب القياس المتقدم فقالوا: وصية لا يزاحم فيها بأكثرها وهو الثلث، كالميراث لا يزاحم فيه بأكثره وهو الثلثان، وثانيها: الزوائد لا تستحق بالوصية فلا يضرب به كمال الفقير. والجواب عن الأول: أن الشرع ما سمى أكثر من الثلثين، وههنا سمى أكثر من الثلث، ولا يتصور هناك الخمس والسبع ونحوهما بخلاف ههنا، فدل على اتساعه. والجواب عن الثاني: إن مال الغير غير قابل بخلاف ماله. القسم الثالث: في الأحكام المعنوية، ففي الكتاب: أوصى بشراء عبد فيعتق، لم يكن بالشراء حراً حتى يعتق، لأنه لو قبل فيه القيمة وجميع أحواله أحوال العبيد، فإن مات بعد الشراء وقبل العتق، عليهم شراء رقبة أخرى ما بينهم وبين مبلغ الثلث لعدم تنفيذ الوصية، ولو أوصى بعتق عبد يشترى ولم يسم ثمناً، أخرج بقدر قلة المال وكثرته، وكذلك إن قال: عن ظهاري، لأن تصرف الإنسان بقدر ماله، وإن سمى ثمناً، لا يسعه الثلث اشترى الثلث، فإن لم يبلغ رقبة شورك به في رقبة، فإن لم يبلغ أعين به مكاتب في آخر نجومه، وإن سمى ثمنا قدر الثلث فاشترى وأعتق عنه ثم لحق الميت دين يغترق المال رجع العبد رقيقا لظهور بطلان الوصية، أو يغترق بعض المال عتق منه ما بقي بعد الدين، ولا يضمن الوصي إذا لم يعلم بالدين. قال ابن يونس: إذا مات قبل العتق وبعد الشراء: قال محمد: يشتري الورثة من ثلث ما بقي أبدا، قاله ابن القاسم: قال محمد: ما لم يمت بعد قسمة الميراث فيشتري ما بقي من الثلث الأول شيء، وقال يحيى بن عمر: موته بعد القسمة وقبلها سواء، ويشترون ما بقي من الثلث الأول شيء، وفي كتاب محمد: لو أخرج الثمن فسقط اشتروا من ثلث ما بقي ما لم يتلف بعد القسمة فمن بقية الثلث، كموت العبد سواء، ولو هلك الثاني بعد القسم لعتقوا أبدا من ثلثه ما بقي أبدا، ما لم ينفذ العتق أو يقسم المال. فإن قسم وقد أخرج ثمنه فذهب فلا شيء على الورثة لحصول المفاصلة بينهم وبين الميت إلا أن يكون معه وصايا نفذت فليؤخذ مما أخذوا ثمن رقبة لتقديم العتق على الوصايا إلا أن يكون في الوصايا ما هو مثله فيكونان في الثلث سواء، ولو بقي بيد الورثة من الثلثين شيء فيه ثمن رقبة أخذ ذلك منهم بعد القسم، واشتري به رقبة ونفذت الوصايا. قال محمد: لو جن العبد قبل العتق خير الورثة بين إسلامه وشراء غيره من ثلث الباقي وفداه وعتقه هو أو غيره. فإن أسلموه عتقوا غيره من ثلث الباقي، وإن فدوه فمن ثلث الباقي لا أكثر كأنهم ابتدأوا شراءه وذلك إن لم يكن قسم بالثلث. قال أصبغ: ويرجع في هذا إلى باقي الثلث الأول إذا كان قد قسم، ويقسم الورثة بالثلثين فينفذ لهم ولا يرجع عليهم بشيء في موت الرقبة ولا إسلامها لأنه صار ضمان كل قسم من أهله، وعن أصبغ: إذا مات قبل العتق أو ضاع الثمن ولم يفرط الوصي في تنفيذ العتق ولا في الشراء بالثمن المعزول لم يضمن، ولا يرجع في الثلث بشيء إن فرق في أهل الوصايا، وجنايته كموته أو جنى عليه جناية لا يجري مثلها في الرقاب، بيع واشتري بثمنه مع أرش رقبته، وإن لم يقبضها عتق وأعين في الأرش في رقبة، وإن فرط في العتق أو في الشراء حتى مات أو تلف الثمن أو جنى ضمن الثمن لتفريطه، ولو كان الوارث الوصي فسواء فرط أم لا إن مات أو جني عليه أو جنى فلا بد أن يعتقوا من ثلث ماله رقبة أخرى لأنه لا ميراث إلا بعد الوصية، وهو الذي تولى ذلك، ولو كانت رقبة بعينها فسواء أوصى لصبي أو وارث لا شيء عليهم إذا مات فرطوا أم لا. لقصره الوصية على ذلك المعين. وإن جنى والثلث يحمله فهو دين عليه وهو حر، فإن لم يحملها قسمت الجناية على ما عتق منها وما رق، وإن جني عليه فالأرش له وهو حر قاله ابن القاسم كله، وقال أشهب إذا لم يسم الثمن لا ينظر إلى مقدار المال بل يشتري رقبة وسط كما قيل في العدة، فإن عجز الثلث عن الوسط اشترى به ويحاصص أهل الوصايا ببقية الوسط، وهو استحسان، والقياس: محاصصتهم بقيمة أدنى ما يجزئ عن المظاهر، والأول أحسن كالمتزوجة على خادم لها الوسط. قال اللخمي: إن قال: إن اشتريتموه فهو حر: عتق بنفس الشراء. وإن قال: أعتقوه فهلك قبل العتق فثلاثة أقوال. ففي الكتاب: يشترون إلى مبلغ ثلث الميت، وعن ابن القاسم: من ثلث ما بقي كأنه لم يكن له مال إلا ما بقي، وقال ابن حبيب: القياس: أن لا يرجع في بقية الثلث بشيء والرجوع (استحسان، وإذا قال: اشتروا رقبة عن ظهاري ولم يوجد إلا ما يشتري به رضيع اشتري، أو معيب اشتري في التطوع دون الظهار، وإن لم) يبلغ العتق عن الظهار أطعم عنه. وفي الإطعام أو بعضه، فإن كان فوق الإطعام ودون العتق أطعموا والفضلة لهم، والقياس: أن يتصدقوا بها لأنها بقية الوصية المخرجة عنهم، وإذا طرأ الدين بعد العتق: ففي كتاب محمد: يمضي العتق ويغرم الوصي. فرع: في الكتاب: اشتروا عبد فلان لفلان، أو فأعتقوه، أو بيعوا عبدي من فلان، أو ممن أحب، أو ممن يعتقه، فامتنع المشتري إن يشتريه بمثل القيمة، أو البائع أن يبيعه في الشراء أو نقص في البيع ما بينه وبين ثلث قيمته إلى ثلث المبيع كأنه أوصى له بأحد الثلثين، فإن امتنع المشتري أو البائع من الموصي. بتلك الزيادة أو النقصان انتظر المشتري للعتق إن رضي بائعه وإلا رجع ثمنه ميراثاً، لأن ذلك هو الممكن. رواه ابن القاسم، وروى ابن وهب: ينظر ما رجي بيعه إلا أن يفوت بموت أو عتق، وأما الذي يشتري لفلان فيدفع ثمنه وثلث ثمنه للموصي أن يشتري له، لأنه القدر الذي وصى به له إن كان السيد امتنع طلباً للزيادة، وإن امتنع مطلقا غبطة بالعبد رجع الثمن ميراثاً كما لو أوصى بمعين فهلك. وقال غيره: هما سواء، ويوقف الثمن وثلثه حتى يؤيس من العبد فيورث لأنه لم يرض الموصى له بالعبد بعد شرائه إلا بعبد فلا يأخذ مالا كما لو أوصي له بعبد فمات، وأما الذي أوصى له بأن يباع منه فطلب زيادة وضيعة على الثلث: فيخير الورثة بين بيعه بما سئلوا أو يعطوه ثلث العبد لأن الوصية بالبيع منه على التعيين مظنة الوصية له ببعض العبد، والثلث أصل في الوصية فيرجع إليه. وأما الذي يباع ممن أحب دون رجل بعينه، وطلب المشتري وضيعة أكثر من ثلث الثمن يخير الورثة بين بيعه بما سئلوا أو يعتقوا ثلث العبد لأن الوصية له في المعنى. رواه ابن القاسم، وروى غيره: ليس على الورثة غير بدل ثلث الثمن. فإن لم يجدوا من يشتري به لا شيء عليهم لأن الوصية إنما تشعر بخلاصة من ملكهم إن أحب لا بالعتق، ولم يختلف قوله في المشتري للعتق. وأما الذي يباع ممن يعتقه فيخير الورثة بين بيعه بما أعطى فيه أو يعتقوا ثلثه لأن العتق المقصود. قال صاحب النكت: إذا لم يجدوا من يشتري العبد بما يلزمهم من الوضيعة، والثلث يحمل العبد فها هنا يقطع بثلث العبد، وإن لم يحمله قطع بثلث الثلث ولا يقتصر على ثلث العبد. قال أشهب: إذا قال: بيعوا من فلان فعليهم إعلامه بالوصية لأنه له. فإن باعوه بأكثر من الثلث رجع عليهم إذا علم بالزائد، لأنه حقه بالوصية، وكان ابن القاسم يقول: لا يرجع لأن ظاهر الوصية قد نفذت، وإذا اشتراه بأكثر من قيمته بكثير رجع بعد علمه بثلث القيمة لا ثلث الثمن لأنه الذي اقتضته الوصية. قال أشهب: وإن قال: بيعوه ممن يعتقه أو ممن أحب: ليس عليهم اعلام المشتري بذلك لأن الوصية للعبد، وليس عليهم وضع شيء من ثمنه إذا وجدوا من يعطي، وإذا اشتراه باكثر من ثلثي القيمة ولم يعلم، لا يرجع بشيء ولو بذل لهم ثلثي الثمن فأكثر لزمهم بيعه إن حمله الثلث. قال ابن أبي زيد في قوله: بيعوه ممن أحب، أو من فلان أو ممن يعتقه يلزمهم بيعه بثلثي قيمته: إنما ذلك إذا حمله الثلث. قال أشهب: لو كان العبد المال كله، أولا يخرج من الثلث، لم يلزمهم بيعه بوضيعة ولا بثمنه كله، بل يخيروا بين بيعه بثلثي ثمنه أو يعتقوا منه ما يحمله الثلث، لأن الوصية له، وأما بيعوه من فلان: فيخيروا بين بيعه بثلثي ثمنه أو يعطوا لفلان الثلث الميت من كل شيء لأن الوصية له. قال سحنون: ليس للمريض أن يوصي ببيعه من أحد إن لم يحمله الثلث وإن لم تكن فيه محاباة، لأن الورثة قد ملكوا الثلثين بعد الموت فليس له الوصية ببيعه. قال أشهب: وكذلك لو لم يملك غير عبد فأوصى بثلثه لرجل، وأن يباع ثلثاه بقيمتهما. فلا وصية له في الثلثين. قال أشهب: فإن أوصى أن يباع ولم يقل من فلان، ولا ممن أحب، ولا ممن يعتقه، إن شاء الورثة باعوه أو تركوه، لأنه ليس فيه حق لأحد. قال بعض القرويين: إذا أوصى أن يباع من رجل سماه جعلت قيمة رقبته في الثلث، فإن حملها جازت بخلاف لو باع عبدا وحابى فيه في مرضه يجعل في الثلث المحاباة خاصة لأنه مثل البيع على نفسه وعلى الورثة، والذي أوصى أن يباع يلزم الورثة دون نفسه، لأنه لو باشره لم يلزمه من ذلك شيء. قال التونسي: إذا أوصى أن يباع عبده من فلان: عليهم إعلام فلان عند أشهب دون ابن القاسم، فإن أبى شراءه بوضيعة الثلث اعطي الثلث عند ابن القاسم ولا شيء له عند غيره، كانه رد الوصية، ولم يقل ابن القاسم في الذي أوصى أن يشتري عبده فامتنع من بيعه: إنه يعطى ثلث الثمن كما قال في الذي أوصى أن يباع منه وهما سواء. قال مالك: إن أوصى أن يشتري عبد فلان لفلان، فامتنع من بيعه بقدر زيادة ثلث الثمن، يعطى الثمن وثلثه لمن أوصى له بالعبد بعد شرائه. قال: وهو مشكل، لأنه أوصى له بعبد لا بثمن. ولو باع البائع العبد لم يكن له غيره،فإذا امتنع البائع: إما أن يكون للبائع الثلث الزائد كالذي يمتنع من الشراء أو يكون الثلث الزائد للورثة. فلو كان ثمن العبد ثلاثين فهو بزيادة الثلث أربعون، وثلث الميت عشرون فيقول البائع: أبيع نصفه لتحصل زيادة خمسة، ينبغي أن يكون ذلك له، ثم يسلم ذلك للموصي، فإن امتنع لشركة في العبد لا ضنا منه بالعبد: ينبغي على مذهب ابن القاسم تسليم العشرين له إن يطلب البائع الخمسة وحدها ويمتنع من البيع خشية الشركة في العبد ينبغي أن يكون ذلك له كقوله في الذي امتنع من الشراء: إن له ثلث العبد، وههنا أولى، لأنه امتنع خشية الضرر بالشركة لا ضناً منه بالقيمة، قال ابن يونس: إذا أوصى بوصايا وأن يشترى عبد فلان لفلان بحصة أقل من ثمنه وثلث ثمنه وامتنع البائع من بيعه: رجع للورثة على أحد القولين، ولا يقسم منه لأهل الوصايا كرد بعض أهل الوصايا، وهو الأشبه. قال أشهب: إذا أوصى ببيعه ممن أحب ووصايا وضاق الثلث: إن أجاز الورثة وإلا جعلوا الثلث فيدخل العتق ويبدأ به فيه، فإن فضل شيء فللوصايا، وقاله ابن القاسم، وفي كتاب محمد: يحاص بثلث ثمنه ذلك وذلك الذي يوضع لمن أحب العبد أن يشتريه أو رضي الورثة، لأن بقيته لا يلزمهم بيعه وينبغي على مذهب ابن القاسم إن لم يشتره أحد يعتق ثلثه ويبدأ على الوصايا فيعتق ما حمل الثلث، وعن مالك: إذا أوصى أن يباع ممن أحب وبوصايا يوضع ثلث ثمنه ولا يبدأ عليها. قال أشهب: وإذا بيع للعتق وظهرت وصايا لا تضر، ولو قال: يباع ممن أحب أو من فلان حاصه به أهل الوصايا، قال: ولو طرأ دين لرد عتقه أو بيعه ممن أحب إلا أن يسع الثلث، وإن لم يسع الثلث وقد بيع ممن أحب فأعتقه رجع على المشتري بما وضع له ونفذ العتق. قال مالك: وإذا قال: بيعوه ولم يقل للعتق، ولا من فلان، ولا ممن أحب، لهم عدم بيعه لعدم تعلق حق بالمبيع لأحد، ولو قال: يخير في البيع والبقا لبيع إن خرج من الثلث وشاء العبد، لأنها وصية له، ولا يوضع لمشتريه شيء، لأنه بيع غير متقرر، ولم يخص أحدا بعينه، وإذا أوصى ببيعه ممن أحب أو من فلان فأعتقه الورثة فليس ذلك لهم، ويبيعونه بوضيعة الثلث، ولو قال: ممن يعتقه فأراد الورثة كلهم عتقه كان ذلك لهم، لأن المقصود العتق. قال ابن كنانة في الذي يباع ممن أحب: لا يقام للمزايدة بل يجمع له الإمام ثلاثة أو أربعة فيقوم ويحط ثلث القيمة، فإن أحب رجلين تزايدا عليه على أن يحط الثلث. فمن وقع عليه وضع ثلث ذلك الثمن عنه. فإن أحب رجلاً فاشتراه: قال أشهب: له الانتقال إلى غيره، وثالث ورابع، ما لم يطل حتى يضر بالورثة. قال: اللخمي إذا: قال بيعوه ممن أحب فأحب أحداً بيع منه. فإن لم يشتره بقيمته، حط إلى مبلغ ثلث قيمته، فإن لم يرض فقولان لمالك، يخير الورثة بين بيعه بذلك وعتق ثلثه، وعنه يكون رقيقا لأن الوصية لم تقتض أكثر مما فعلوه، قال: ويزاد الثلث وينقص في هذه المسائل إلا في مسألتين: بيعوه من فلان للعتق أو بيعوه للعتق، ولم يسم فلاناً، وأما الانتظار فيختلف: إن كان الامتناع من الموصى له لم ينتظر نحو: اشتروا عبد فلان فيأبى البائع، أو بيعووا عبدي من فلان فيأبى الشراء فلا انتظار، لأن الموصى له رضي بترك الوصية، وإن كان الامتناع من غير الموصى له نحو: اشتروه للعتق فيأبى سيده بيعه فالعبد له حق في العتق، ولم يكن الامتناع منه، قال ابن القاسم: الثمن ميراث بعد الانتظار، ولم يجزه. وفي كتاب الوصايا الثاني بعد اليأس، وقيل: لا ينتظر، وكذلك الجواب إذا قال: بيعوه من فلان للعتق فامتنع فلان من الشراء، واختلف إذا قال: اشتروا عبد ولدي فأعتقوه ومعه ورثة، فقال: مرة لا يزاد على قيمته، وعنه: يزاد ثلث قيمته، لأنه قد يعلم هذه الزيادة حتى يكون وصية لوارث. فرع: في الكتاب: إذا أوصى بعتق عبد فلم يقبل فلا قول له، لأن العتق حق لله تعالى، ويعتق ما حمله الثلث، وإن أوصى أن تباع جارية ممن يعتقها فأبت وهي من جواري الوطء، ذلك لما يدخل عليها في ذلك من الضرر، ولا يتزوجها بعد ذلك إلا أوباش الناس فهو كمن أوصى بضرر، وإن لم تكن من جواري الوطء بيعت ممن يعتقها، وقيل: تباع للمعتق مطلقاً تحصيلاً لمصلحة العتق ولا يلتفت إلى قولها، قال صاحب النكت: إذا أوصى بعتقها لم يقبل منها كانت من جواري الوطء أم لا، بخلاف وصيته ببيعها ممن يعتقها، والفرق: إن الوصية بالعتق مصلحة فلا بد من نفاذها، وفي البيع أراد مصلحة الورثة بالثمن والجارية بالبيع فلها كراهة ذلك. قال ابن يونس: قال أصبغ: إذا قال لورثته: أعتقوها فقالت: لا أحب، فهو مثل: بيعوها ممن يعتقها في القياس، واستحسن عتقها إن حملها الثلث، وإن لم يحملها أو كان أوصى بعتق بعضها قبل قولها، أما لو قال: إن مت فهي حرة نفذ العتق كما لو باشر عتقها. قال مالك: وإذا أوصى بتخييره بين البيع والعتق فله اختيار كل واحد منهما بعد اختيار الآخر ما لم يبع أو تقوم لأن الأصل إبقاء تخييره ما لم يتعلق به حق لله أو لآدمي، فإن قال: بيعوني من فلان، فلهم بيعه في السوق توفيراً للثمن الذي هو حقهم، ولا يوضع منه شيء، وإن أراد البيع وأرادوا قيمته ليس ذلك لهم إلا برضاه، فإن الموصي قد يقصد بالبيع تخليصه من عداوتهم، وإن رضي بترك البيع والقيمة، لهم بيعه لأنه شأن الأملاك. وروى عنه أبو زيد: إن اختار العتق أو البيع له الرجوع مالم يوقفه السلطان وشهد العدول بذلك. فرع: في الكتاب: يجوز شراؤه ابنه في مرضه إن حمله الثلث، ويعتق ويرث لتقدم حريته الموت، فإن أعتق عبده واشترى ابنه وقيمته الثلث بدئ الابن لجمعه بين قربتي العتق وصلة الرحم، وإن أوصى بشراء ابنه بعد موته اشترى وعتق في ثلثه، وإن لم يقل: فأعتقوه، لدخوله في ملكه في الوصية، ولو كان عبداً كان ولاؤه له، والولاء فرع الملك. قال التونسي: إن قيل: إذا اشترى ابنه كيف يرثه وهو إنما يعتق بعد الموت والتقويم؟ قال: قال عبد الملك: القياس: عدم الإرث، ومنع أصبغ إرثه، لأن التقويم واعتبار الوصايا بعد الموت، ومالك يراه لما خرج من الثلث، لأنه لم يزل حرا كما أن غلة المبتل وثمرة النخل لا تقوم، بل الأصول وتتبعها الغلات على أحد القولين كان الحكم تقدمها، ويلزم على قول مالك في تقديم الابن على عتق العبد كما لو اشتراه صحيحاً أنه لو تقدم شراء العبد على شراء الابن أن يقدم الابن وهو بعيد،لأن الابن إذا قلنا يعتق من الثلث فلا بد من الترتيب، فكيف يبطل شراء الابن عتقاً متقدماً؟ قال أشهب: ولو اشترى ابنه وأخاه في مرضه واحداً بعد واحد فالأول أولى لتقدم استحقاقه، أو في صفقه: فقياس قول مالك: يتحاصان. قال: وأرى تبدئة الابن وعتقه وتوريثه، قال ابن يونس: إن اشترى ابنه بماله كله عتق منه ما حمله الثلث، فإن كان يعتق على الوارث عتق الباقي عليه. وقال ابن وهب: إن اشترى من يحجب ابن الوارث ورث جميع المال. فإن كان لا يرث غيره جاز شراؤه لكل المال، ويعتق ويرث ما بقي، وإن كان لا يحجب وشارك في الميراث لا يشتريه إلا بالثلث ولا يرثه، لأنه إنما يعتق بعد الموت. وقد جاز المال لغيره، وقال أشهب: لا يشتريه إلا بالثلث كان يحجب أم لا، ولا يرث، وقال عبد الملك: كل من يجوز له استلحاقه يجوز له شراؤه بجميع المال، شارك في الميراث أم لا، لأنه لو استلحقه ثبت نسبه وميراثه، ويمتنع شراؤه غير الابن والأباء والأمهات والأخوات والأخوة لأنه لا يستلحقهم، وقاله المدنيون، وعن مالك: يشتري الأب وغيره من الثلث ويرثه، وعن أشهب: ليس له شراء ابنه بماله كله إذا لم يكن معه مشارك في الميراث أو يكون من يرث في رق الولد، ويحجبه الولد الحر، فأما مع المشارك فلا يشتريه إلا بالثلث، وكذلك من يعتق عليه، وأنكر قول مالك: أنه لا يشتريه إلا بالثلث ولم يقصد. قال اللخمي: اختلف في الأباء والأبناء والأم والأخوة والأخوات والجدات كالاختلاف في الولد: هل يعتقون من رأس المال أو من الثلث؟ فعن أشهب: من رأس المال، وعنه: ذلك إذا لم يكن معه وارث لأنهم أولى بماله وخصص عبد الملك هذا بالابن فيعتق من رأس المال فيرث، لأنه له استلحاقه بخلاف غيره. وقيل: يختص برأس المال الولد وولد الولد كان له ولد آخر أم لا. فرع: في الكتاب: أوصى بعتق أمته بعد موته بسنة، والثلث يحملها فما ولدت بعد موته، وقبل السنة يعتقون بعتقها وكذلك المكاتبة والمدبرة بعد العقد، وأرش خراجها وقيمة مثلها قبل السنة للورثة لأنها ملكهم فيها، وما أفادت بعطية أو كسب لا ينزع منها كالمعتقة إلى أجل يتبعها مالها، وقيل: ينزع إذا لم يقرب الأجل، لأنها رقيق. فإن جنت خير الورثة في فداء. الخدمة بجميع الجناية، أو يسلموا الخدمة للمجني عليه ويقاص بها في الجناية، فإن وفت قبل السنة رجعت للخدمة بقية السنة، وإن بقي من الأرش شيء بعد السنة عتقت وأتبعت به، وللوارث عتقها قبل السنة، لأن الحق له في الخدمة، والولاء للموصي، لأنه المنشئ للعتق من ثلثه، وإن كانا وارثين فأعتق أحدهما سقط حقه من الخدمة وحده، وبقيته حر، ويخدم الآخر إلى تمام الأجل. قال التونسي: من أعتق في صحته إلى أجل ثم مات فالأقرب أن للوارث انتزاع المال. فرع: في الكتاب: أوصى لعبده بثلث ماله، وقيمته الثلث، عتق جميعه لأنه ملكه ثلث نفسه، فيعتق على نفسه كما يعتق على الشريك المعتق، وما فضل من الثلث فللعبد، وإن لم يحمله عتق منه ما يحمله، وله مال استتم منه عتقه، (كما يقوم على غيره، وكذلك إن أوصى له بالسدس وقيمته السدس عتق) رواه ابن القاسم، وروى ابن وهب: لا يعتق فيما بيده ويوقف بيده لأن العتق على الغير لنفي الضرر عن الشريك وهو لا يضر نفسه. قال: قال مالك: فإن لم يترك غير العبد وأوصى بثلث ماله، وبيد العبد ألف دينار لا يعتق إلا بثلثه ولا يعتق فيما بيده بل يوقف بيده، لأن الموصي أوصى بعتق ثلثه، فالتكميل إنما يتعين على السيد وهو معسر، بخلاف إذا كان له مال وأوصى له بثلث المال. وكذلك إذا كان للعبد امرأة حرة، وولدها منه أحرار فأوصى السيد لجميعهم بثلث ماله عتق العبد في ذلك، لأن ولده ملك بعضه، لكونه من جملة الثلث (وملك هو من نفسه للبعض). قال صاحب النكت: قال بعض القرويين في مسألة الوصية لأولاد العبد: إن لم يقبل الأولاد عتق ما أوصى لهم به من أبيهم، وإن لم يقبلوه على الاختلاف، وإن قبلوا ما أوصي لهم به من أبيهم دون المال، كما عتقه في ذلك المال، وإن كان عليهم دين فالمال في دينهم، أما لو أوصي لهم من أبيهم فالعتق أولى من الدين. قال ابن أبي زيد: ينبغي على قول مالك إن لم يقبل الولد الوصية من أبيهم وقبلوا الوصية في بقية الثلث: أن يعتق عليهم ما وقع لهم من ثلث أبيهم ولا يكمل عليهم، وعلى قول أشهب: لا يعتق حصتهم من رقبته إلا أن يقبلوها فيتم عليهم باقيه. قال التونسي: إذا أوصى له بثلث تركته، عتق ثلثه في نفسه ويكمل عتقه فيما أوصى له به من بقية ماله، ويبدأ على الوصايا إلى تمام رقبته، وما فضل فهو له، وإن أوصى له بثلث نصيبه ومائة دينار لم يبدأها في الثلث وحاص بها أهل الوصايا، قاله مالك، وقال سحنون: لا يبدأ إلا في الوجهين إلا بثلث نفسه، ويحاص بما سوى ذلك لأنها وصية كغيرها. قال ابن القاسم: إذا أوصى لعبده بثلث ماله ولأجنبي بثلث، يتحاصان، فما صار للعبد عتق فيه، أو أخذه ولا يبدأ العبد لأنه عتق على نفسه. قال التونسي: ولا فرق في الحقيقة بين الوصية له بثلثه أو بثلث نفسه وبمائة دينار، بل ينبغي التبدئة فيهما لأجل العتق وبدأه عبد الملك في نفسه في الثلث ولم يبدأه في المائة، ولم يبدأه ابن القاسم في بقية الثلث مع قوله: إنه يعتق فيه، وهو يدل على أن ذلك ليس من جهة الميت. فلهذا عتق على العبد، وهو غير قادر على رد عتق ثلث نفسه، وإذا أجاز ذلك وأجاز عتقه في بقية الثلث لأنه عتق على نفسه، لزم عليه إذا وهب رجل لعبده نصفه وعليه من الدين ما يستغرق النصف الآخر أن يقوم النصف على العبد إن كان له مال، ولو أوصى له بنصف نفسه أن يكمل، وقال أصبغ: وإن أوصى له بربع نفسه وثلث ما يبقى من ماله سوى العبد: فإن قال: لم يعتق إلا ربع العبد، ولا يعتق نفسه في بقية الثلث، وإن لم يقل: دخل في ذلم بقية رقبته ثم يقوم على العبد ما بقي من رقبته إن عجز منها شيء في مال نفسه، فقد بين أنه إذا قال: سوى العبد أنه كالموصى له بمال مع ثلث رقبته، وأنه لا يقوم في ذلك، وإن لم يقل: يقوم في مال نفسه وبقية الثلث، وينبغي على قوله أن لا يقوم في مال نفسه لأن مال نفسه ليس هو الوصية. فإن أوصى لعبده بشيء بعينه فلم يحمله الثلث قطع له فيه ولم يعتق على القولين، وإذا أوصى له بخدمة أو سكنى ولم يحملها الثلث قطع له بالثلث شائعاً. وعتق في ذلك، فإن أوصى له بدنانير تخرج من الثلث حاضرة لا يحتاج إلى بيع العبد أخذها إذا حملها الثلث، وإن لم تحضر كلها واحتيج إلى بيع العبد لتكميلها. ولا يتم الثلث الآن للعبد: رجع ذلك كله عتقاً فيعتق من العبد ثلث جميع الميت، وكذلك لو أوصى له بدراهم ودنانير ولم تقل من ثمنه، وليس له إلا العبد، عتق منه بقدر ذلك، وليس للورثه إعطاء ذلك، ولا يعتق العبد، وإن وصى له بثلث دين عليه شاهد، حلف معه كحلف الورثة، ولو أوصى له بعتقه لم يحلف له مع شاهد يقوم للميت ليعتق فيه، والصورتان تؤلان إلى عتق، وفي كتاب ابن سحنون في عبد له امرأة وأربعة أولاد أحرار أوصى سيده بثلث ماله لجميعهم: تطلق عليه امرأته إن قبلت والثلث بين الولد والأبوين أسداس، للعبد الثلث من نفسه، ولبنيه أربعة أسداس، ويعتق نصيبه ونصيبهم، وبيد الزوجة سدس ثلث ينضم إلى ما يقع له ولبنيه من بقية الثلث، فإن وسع بقية العبد عتق، وإلا فما وسع من ذلك وإن كان فيه، وما عتق في سهمه وسهم بنيه ويبقى سهم المرأة، فإن بقي للعبد ولبنيه من الثلث بقية فهي على خمسة أجزاء، عتق سدس المرأة فيما للعبد من بقية الثلث، فإن لم يف عتق باقيه على بنيه فيما لهم من ذلك وغيره إن قبلوا الوصية، ولا يقوم على العبد باقيه في مال إن كان له على مقتضى رواية ابن وهب عن مالك، قال: وفيه نظر، لأنه جعل ثلثي الورثة من العبد تقوم على العبد وعلى بنيه، ولم يبدأ بالتقويم على العبد، فإن عجز قوم على بنيه فيما ورثوا في غيره، والتحقيق: لا فرق بين ثلثي الورثة وسدس المرأة، وينبغي على مذهب ابن القاسم لو لم يقبل الولد الوصية في رقبة أبيهم أن يعتق ذلك عليهم وأن لا يقوم عليهم في بقية الثلث كمن أوصى لولده بمن يعتق عليه أنه يعتق ولا يقوم عليه، وعلى قول غيره: لا يعتق عليهم منه شيء، قال سحنون: فإن أوصى لعبده بثلث ماله وللعبد ولد رقيق للسيد فالأب أولى بالثلث يعتق فيه، فإن بقي منه شيء دخل فيه الابن بالعتق ما بلغ الثلث، ثم قال: الذي يعتق على بنيه ما صار لهم منهم في الوصية، ويأخذ ما بقي مالا مع أن مذهبه أنه إذا أوصى لعبده بثلثه إنما يعتق ثلثه بلا تقويم على نفسه فكيف قال ههنا يستتم في بقية الثلث، وإذا حمل عليه في بقية الثلث على قوله كمل عليه ابنه في بقية الثلث. قال ابن يونس: قال ابن كنانة: أوصى بأن يباع منه بعشرة لأخيه وللعبد بقية نفسه، بيع منه بما ذكر لأخيه، وعتق باقيه إن حمل الثلث، ويقوم في ذلك بماله. قال ابن القاسم: أوصى أن يباع بثلاثين منها لفلان عشرة فبيع بذلك فأكثر لا يزاد على العشرة، أو بأقل وأكثر من عشرين فله ما زاد على عشرين، أو بعشرين لم يكن له شيء، لأنه إنما أوصى له بالزائد عليها، وقيل: له ثلث ما بيع به مطلقا بأقل من ثلاثين، لأنه له بثلث ثلاثين، وقال أشهب: له عشرة ولو لم يبع إلا بها فأقل، لأنه أوصى له بها. قال مالك: وإذا قال: ثلث عبدي له وله مائة دينار، ليس له أن يأخذ بالمائة في نفسه عتقا لأنه إنما أوصى له بها مالا. قال ابن القاسم: لو أوصى له بثلث ماله وأوصى بعتق عبد آخر بيد الموصى بعتقه لأنه عتق على الميت، وذلك عتق على نفسه. قال ابن القاسم: وإن أوصى بثلث ماله لابن عبده والابن حر كبير، وقبل الوصية عتق عليه أبوه، أو لم يقبل عتق ثلث الأب لدخوله، في ملكه فهو أولا يفتقر إلى القبول، وإن كان صغيراً عتق ثلثه فقط، وإن أوصى له بثلث ماله وفي التركة أخوه فليس له أن ينكب عنه حذر العتق، بل إن قبل عتق عليه كله، ورد للورثة بقية القيمة، وله قبول الوصية إلا ثلث أخيه، ولا يلزمه عتق باقيه بل يعتق ثلثه لدخوله في ماله. فرع: في الكتاب: أوصى بخدمة عبده سنة، لا يبيعه الورثة على القبض بعد سنة لأنه معين بتأخر قبضه فهو غرر، وإذا أوصى بخدمة أو غلة نخل أو السكنى سنة، جعل في الثلث قيمة الرقاب، فإن حملها نفذت الوصايا، وإلا خير الورثة في إجازة ذلك أو يقطع الموصى له بثلث الميت في كل شيء بتلا، قال صاحب التنبيهات: لو لم يعلم المشتري بذلك حتى انقضت السنة بأن يشتريه ويودعه فيسافر. ثم يقدم فيعلم ويرضى قيل: يفسد لوقوعه أولاً فاسداً على الخلاف في علم أحد المتعاقدين بالفساد. وعلى القول بجوازه يخير في التمسك، ولا كراء له في السنة، أو يقسم البيع لأنه عيب. قال التونسي: إنما جعلت الرقبة في الثلث لأن الميت أخرجها عن الورثة مع الخدمة مع إمكان عدم الرجوع إليهم، وأوصى مع ذلك بوصايا قومت الخدمة بقدرها وحوصص بها لأن الرقبة ههنا سقط إخراجها عن الورثة، ويصير إنما له مال يحاصص به وهو قيمة الخدمة، وهو حكم الغلات كلها. قال ابن يونس: قال محمد: لو قال: عبدي لفلان بعد سنة، أو يخدم فلانا سنة، أو هو لفلان، فأصل مالك: أنه متى زاد على ثلثه وأبى الورثة الإجازة فإنهم يخرجون لأرباب الوصايا من ثلث الميت من عين أو دين أو غيرهما إلا في خصلة واحدة اختلف قول مالك فيها: دابة بعينها أو عبد بعينه وضاق الثلث، فقال مرة: كما تقدم، وعنه: يعطى مبلغ ثلث التركة في ذلك المعين لاختصاص الوصية به، قال: وهو الصواب الذي يثبت عليه قول مالك، ومن قال: يخدم فلانا سنة ثم هو حر فلم يقبل فلان، خدم الورثة ثم عتق، ولو وهبها العبد أو باعها منه فهو قبول، ويعتق مكانه لسقوط الخدمة المانعة من العتق، وإن كان غائبا أجره له السلطان وعتق بعد الأجل إلا أن يريد في الكفالة والحضانة فينتظر ويكتب إليه أو يخرج العبد إليه. فإن انقضت السنة من يوم موت الموصي عتق خدم أم لا، كما لو قال مالك: لو قال لعبده: اخدمني سنة وأنت حرفأبق أو مرض حتى مضت السنة عتق، أو قال: عبدي حر بعد عشرين سنة فإنما يحسب من يوم الموت دون الوصية، وإذا أوصى بخدمته لرجل وبرقبته لآخر بعد موته، فنفقته على المخدم لأنه الحائز له ولمنافعه الآن، وكذلك ما تلده جاريته في حياته لرجل، وبرقبتها لآخر، فالنفقة على من له الولد، وزكاة الفطر هل هي على المخدم أو صاحب الرقبة وهو مذهب الكتاب؟ قولان. قال اللخمي: حساب السنة في الغائب من يوم الموت محمول على أن الموصي اعتقد أنه حاضر، وإلا فالسنة من يوم وصول العبد إليه، وخدمة ما بين وصوله إليه للورثة، ونفقته عليهم، والموصي: يخدم فلانا حياته يخدم ولدها معها. وكذلك ولد المخدم من أمته بعد الوصية، لأن الخدمة تقرير لما أوصى به، وأما نحو ثلاث سنين وهو يرضع لا يبلغ الخدمة قبل الحرية. عتق الولد الآن، لعدم الفائدة في إيقافه، إذ لا خدمة له في ذلك الأجل، وإن كان المرجع لرجل فالولد له من الآن. قال صاحب التنبيهات: عن مالك: في نفقة المخدم ثلاث روايات: على المخدم في مال نفسه، فإن لم يكن له مال فعلى من له الخدمة، وفي الكتاب: زكاة الفطر على ربه، وإن جعل رقبته لآخر: فعلى صاحب الرقبة. وقال أشهب: على من له الخدمة فيهما. فرع: في الكتاب: ولد الأمة للموصى بعتقها قبل موت سيدها رقيق، لأن الوصية إنما تعتبر بعد الموت، لأن له الرجوع قبل ذلك، وبعد موته حر معها في الثلث أو ما حمل الثلث بغير قرعة. قال التونسي: لم يذكر ههنا خلافاً كالثمرة تحدث بعد موت الموصي. فقال مرة: تقوم الأصول وحدها فإن خرجت من الثلث تبعها الثمرة. وقال مرة: يقوم الجميع، وأما إن أوصى بحمل الأمة فإن خرجت الأم من الثلث عتق الولد إذا خرج، وإن لم يخرج من الثلث عتق منهما ما حمل الثلث، ولم يقطع بالثلث للموصى له بالجنين كما قال في السكنى والخدمة، لأن الجنين كأنه بعض الأمة فقطع له في جنسها. قال ابن يونس: لو ماتت الأم قبل القيام في الثلث عتق ولدها بعد الموت من الثلث. وكذلك لو أوصى بعتقها وهي حامل وقال: ولدها مملوك، فولدت بعد موته، عتق ولا ينفع استثناؤه لأنه على خلاف عند الوصية، قال مالك: ولو أوصى أن تباع ممن أحبت وكانت حاملا فتأخر ذلك حتى ولدت فولدها معها حر للوصية، لأن القاعدة: أن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها.ويروى ذلك حديثاً، قال ابن القاسم: ولو أوصى أن يحج عنه بثمن جارية فولدت بعد الموت دخل ولدها معها، وإن أوصى أنها حرة إن أسلمت فغفل عنها بعد موته حتى ولدت ثم أسلمت دخل ولدها معها، وكذلك إن ودت عشرة دنانير، أو إن رضي أبي فهي حرة فغفل عنها حتى ولدت ثم كان ذلك، ولا يجعل بيعها إن أبت أن تبذل عشرة حتى يردد عليها فتأبى، ولها الرجوع ما لم ينفذ فيها حكم بيع أو قسمة، لأنه حقها حتى تمكن من تعلق حق غيرها، وإن أوصى له بعشرة من غنمه فمات وهي ثلاثون فصارت خمسين. قال سحنون: له خمسها، وقاله أشهب، وقال مرة؛ له من الأولاد بعدد الأمهات. فرع: في الكتاب: أوصى بحمل أمة أو وهبة أو تصدق به ثم أعتقها هو أو ورثته، عتق وبطلت الوصية وغيرها، لأنه لو وهبها ثم فلس بيعت وما في بطنها للمشتري. قال صاحب التنبيهات: إذا أعتقها الوارث قبل الوضع فولاؤها للوارث المعتق، قال اللخمي: إذا أوصى بجنين أمة لزيد جعل في الثلث الأم لامتناع الورثة من التصرف فيها، فإن لم يحملها الثلث ولم يجيزوا الوصية بالعتق جعل في الثلث الأمة وعتق منها ومن ولدها ما حمله الثلث، وإن كانت الوصية لرجل قطع له بثلث الميت سابقاً لأن الوصية به معاوضة من الميت لأخذه سهماً أقل من الثلث. وهو الجنين، ووقف عليهم التصرف في الأم بخلاف إذا أوصى بعتقه، لأن من شرط الوصية بالعتق جمع ثلث الميت في عين المعتق، لأن الموصى له لما تعذر جعل الثلث في الجنين جعل في الأم لينال من العتق أكثر مما يكون لو كان شائعاً. إن أوصى بالجنين لرجل وبالأم لآخر فأعتق الأم الموصى له بها: ففي الكتاب: يمضى عتق الأم ويسقط حق الموصى له بالولد، وعن ابن القاسم: يوقف عتق الأمة حتى تضع فيقوم الولد على إن يعتق الأم فيعتقان، وعنه أيضاً: يوقف عتقها حتى تضع فيأخذ الولد الموصى له بعد، ويمضى عتق الأم بالعقد الأول وهو أحسن للإجماع على أن عتق الولد لا يسرى للأم،وليس لمن أعتق بعض الأم. وإن وهبه ثم أعتق الأم قبل الحوز مضى العتق وسقط حق الموهوب من الولد، وبعد الحوز امتنع عتق الأم حتى تضع. فرع: قال اللخمي: إذا أوصى لبكر لا ولي لها ودفع الورثة ذلك لها بغير إذن الإمام برأوا، لأنه أوصى بدفع ذلك إليها. قال: وأرى إن كان لها وصي أن يدفع إليه، إلا أن يعلم أن الميت أراد دفع ذلك إليها توسعة في مطعمها. فرع: في الكتاب: إذا أوصى بشراء عبد ابنه لا يزاد على قيمته لئلا يكون وصية للوارث بخلاف الأجنبي. فرع: في الكتاب: إذا قتل الموصى له الموصي خطأ جازت الوصية في المال دون الدية، لأن الوصية إنما تخل فيما علمه الموصي، أو عمدا فلا في المال ولا في الدية، قياساً على الوارث، وإن أوصى له بعد أن ضربه خطأ وعلم به جازت في المال والدية لعلمه بها، ويجوز في المال دون الدية في العمد لأنه قد لا يصالح عليها فهي غير معلومة له. قال صاحب التنبيهات: إذا حيي حياة بينه وعرف ما هو فيه والوصية مقدمة ولم يغيرها ولا جدد أمراً فقيل: ينفذ وهو ظاهر ما في (كتاب الديات) وتدخل الوصايا في ذلك على العموم، وقيل: لا تدخل إلا أن ينص عليها ولو قبله الموصى له عمدا، قال في الهبات: تبطل الوصية ولم يفصل علم أم لا، ولا يتركونها في مال ولا دية، وعنه: إن قتله عمداً بعد الوصية بطلت لإرادته بتعجيل ما أحله الله تعالى، وعنه: تبطل في المال والدية إلا أن يعلم أنه قتله عمداً فيوصي له بعد علمه فيجوز في المال دون الدية إن قبلت، وقال محمد: يجوز في المال دون الدية علم أم لا، لانتفاء التهمة بتعجيل الوصية، وجعل ابن أبي زيد هذا معنى ما في الكتاب. قال صاحب النكت: قال بعض الصقليين: قوله في الكتاب: إذا قتله خطأ الوصية في المال دون الدية، معناه: إذا مات بالفور، أما لو حيي وعرف ما هو فيه كانت في المال والدية. قال التونسي: في كتاب محمد: إن قال: إن قبل ولاتي الدية فالوصايا فيها، لم تدخل الوصايا في الدية إن قبلوها، لأن عفوهم مشكوك فيه. قال: وهو مشكل، لأنه لو قيل: غرقت سفينتك فقال إن سلمت فالوصايا فيها؟ هل يمكن أن يقال: لا تدخل الوصايا فيها؟ وفي كتاب محمد: إن أوصى لمكاتب فقتله سيد المكاتب: إن كان ضعيفاً عن الأداء، والأداء أحب للسيد، امتنعت الوصية لاتهامه في تعجيل منفعته، أو قويا على الأداء وعجزه أحب لسيده جازت في الثلث، وإن كان القتل خطأ جازت مطلقاً، والمستحسن ههنا: أن تكون من الثلث والدية لأن الموصى له غير القاتل، فالأخذ غير الغارم، وإن أوصى لعبد رجل أو مدبره أو معتقه إلى أجل فقتله سيد الموصى له بطلت الوصية إلا في التافه الذي لا يتهم فيه، وإن كانت خطأ جازت، واستحسن أيضاً أن تكون من الثلث والدية، فلو قتله أبو الموصي أو ابنه أو امرأته أو عبده جازت الوصية في العمد والخطأ لعدم التهمة، (فلو وهب في مرضه فقتله الموهوب بعد القبض أو قبله نفذت من الثلث في العمد والخطأ لعدم التهمة).وكذلك لو أقر له بدين فقتله، ولو كان الدين مؤجلاً أخذه حالا، ولا يتهم في تعجيل الدين كأم الولد إذا قتلت سيدها فعفا عنها عجل عتقها، وقد قيل: إذا علق عتق عبده على موت دابة فقتلها العبد عدواناً تعمر ويعتق بعد تعميرها، ولو قامت البينة على القتل فعفا الولد عنه صح عفوه ولا يرثه لاتهامه في العفو على الميراث، بل له أن يوصي له بقدر إرثه، لأنه غير وارث بخلاف الإبراء إلا أن يجعل وصيته لأنه جعله من رأس المال فأشبه قوله: أعتقت هذا في صحتي تبطل، ولا تكون من رأس المال ولا ثلث على أحد القولين، وقيل: من الثلث. قال ابن يونس: لو أنفذت مقاتله وقبلت ولاته الدية وهو حي فعلم بها فأوصي فيها، دخلت فيها وصاياه لعلمه بها، ولو أوصى لمعتوه نفذت الوصية لعدم التهمة لعدم القول المرشد لها، وكذلك الصبي، قاله أشهب، وفي الكتاب: أوصى لامرأته في صحته ثم تزوجها، ثم مات، بطلت الوصية. وفي المجموعة أوصى لابنه العبد أو النصراني فعتق أو أسلم قبل الموت بطلت الوصية، لأن الوصايا إنما تعتبر عند الموت. قال اللخمي: إن أوصى له بعد الجناية ولم يعلم قاتله لا شيء له، قال ابن القاسم: إلا أن يعلم أنه علم وأوصى له بعد ذلك، وقال محمد: إذا أوصى له بعد الجناية وهو لا يعلم نفذت الوصية، وقاس مالك القتل على الميراث، وهما مختلفان لأنه لو أوصى أن يورث من الدية ما جاز، ولو أوصى لغير الوارث بثلث الدية جاز، وتعلقهم بأن الدية تجب عليه فلا يأخذ منها لئلا يؤدي لعدم القيام بالواجب، يبطل، فإذا أوصى لغريمه بثلث ماله فللغريم من الدين الذي عليه ثلثه، ولو جنى على عبد مريض فللموصى له ثلث قيمة ذلك العبد، ولو أوصى لامرأة في صحته فتزوجها في صحته بطلت الوصية، لأنها وارثة، أو تزوجها في مرضه لم تبطل، ولو أوصى لها في المرض وتزوجها في المرض فكذلك، لأن النكاح فاسد، وإن تزوجها في الصحة وطلقا في المرض ثم أوصى بطلت لأن الطلاق في المرض لا يبطل الميراث طلقها برضاها أم لا. قال: وأرى إن سألها أن لا ترث ولها الوصية إن كانت مثل ميراثها فأقل، وإن كانت أكثر لم تعط الزائد لاتهامها في العمل على ذلك، ولو وهب أخاه في مرضه هبة فقبضها ثم مات بطلت لأنه يخرج من الثلث. فرع: في الكتاب: إذا مات الموصى له بعد موت الموصي فالوصية لورثته علم بها أو لا، لأنها حق موروثهم ولهم عدم القبول كالشفعة وخيار البيع إذا انتقل إليهم. قال اللخمي: إذا مات في حياة الموصي بطلت الوصية لأنها إنما تعتبر عند الموت وعند موت الموصي هل هو غير أهل، ووافقنا (ش) في الموت في حياته وبعدها أنها تبطل أولا فتنقل للورثة في الثاني، وقال الأبهري: الأشبه إذا مات بعد موت الموصي أن تكون لورثة الموصي لأنها على ملك موروثهم حتى تخرج بالقبول من الموصى له. قال صاحب التنبيهات: تبين بهذه المسألة أن القبول لا يشترط قبل موته ولا علمه. وقال الأبهري: وتكون لورثته إذا قبلها، وقيل: تورث عنه على كل حال وليس لورثته ردها ولا يحتاجون لقبول: قال ابن يونس: إذا مات في حياة الموصي وبطلت: اختلف قول مالك هل يحاص بها ورثة الموصي أهل الوصايا أم لا. فرع: في الكتاب: لا تدخل الوصية إلا فيما علمه الميت لأنه الذي توجه إليه القصد والوصايا، ويدخل المدبر في الصحة فيما علم وما لم يعلم، والفرق: أن الوصية تمليك فافتقرت للوصي، والمدبر يخرج من الثلث بحكم الشرع دون السيد، وإن أوصى بثلثه أو عتق أو غيره ولا مال له أو كان له ثم هلك عن مال مستفاد أو موروث وعلم بذلك المال قبل موته دخلت فيه الوصايا، وإن لم يعلم فلا، وكل ما يرجع بعد موته من عمرى أو غيرها تدخل فيه الوصايا، لأنه معلوم، ويرجع فيه من انتقص من وصيته شيء، وإن أوصى بعتق كل مملوك له وقد ورث رقيقاً لا يعلم بهم لم يعتقوا، ولا يعتق إلا من علمه منهم، قال صاحب التنبيهات: ظاهر الكتاب: يقتضي أن المدبر في المرض والمبتل فيه لا يدخلان في المجهول، وعليه حمله المحققون، وفي الموازية: المدبر فيها سواء يدخلان في المعلوم والمجهول، واختلف في المبتل في المرض: ففي الكتاب: لا يدخل وخرج الشيوخ على ما في الموازية: دخول المبتل لأنه أقوى وهو بعيد لنصه في الموازية على الفرق، ولا قياس مع النص، قال اللخمي: أرى إن كانت الوصية بالثلث لا ينفذ المعلوم وصى لواحد أو لجماعة، معينين أم لا، لأنه القدر الذي وصى به، فلو وصى بزكاة أو كفارات أو هدي وضاق الثلث تمت مما لا يعلم به لقصده تنفيذ ذلك عنه، وقد قيل: إن ذلك يخرج من رأس المال عند ابن شهاب. فإن أوصى بتطوع وعدة وصايا مخالفة وضاق الثلث فذلك أشكل، وقد قيل: إن قصد الميت إنفاذ جميع ذلك من ثلثي الورثة، ولهذا يخيروا بين الإجازة والمحاصة في الثلث، والتبدئة بالآكد إن لم يجيزوا، فعلى هذا تنفيذ الوصية فيما لم يعلم به، لأنه إذا رغب في إتمأم ذلك من غير ماله وهو مال الورثة فأولى من مال نفسه، وقيل: الوصية على ثلثه لا غير فعلى هذا لا يخير الورثة لأنه لم يتعرض لهم، ولا تدخل الوصايا في المجهول واختلف في الدين في الصحة: والذي ثبت عليه مالك: الدخول في المعلوم والمجهول كما اختلف في مدبر المرض، والذي ثبت عليه ابن القاسم عدم الدخول في المجهول، والفرق: أن الصحيح يجهل ما يموت عليه، فقد قصد بمدبره المجهول، والمريض يتوقع الموت فما قصده إلا ما يعلمه حينئذ. وهذا مات من هذا المرض، فإن مات من غيره أو من غير مرض فكالصحيح، وما ذهب لم يقطع بعدمه فهو كالمعلوم، فإذا عاد الآبق دخلت فيه الوصايا وإن أيس منه، وإن أقر بدين متهم فيه ولم يجزه الورثة لم تدخل فيه الوصايا لإخراجه من ماله، وقيل: تدخل لتوقعه عدم الإجازة. وهذا إذا كان جاهلا، أما العالم: فإن حكم الورثة التخيير تدخل فيه الوصايا. قال الأبهري: إذا أوصى بثلثه وحدث مال بعد الوصية فعلم به حصلت الوصية فيه، وإن تقدمت عليه، لأن المقصود ثلث المال عند الموت، ولو وهب هبة فلم تحز عنه حتى مات لا تدخل فيه الوصية، وإن رجعت ميراثاً لأنه أراد الوصية فيما عداها، وفي شرح الجلاب: تدخل في الموئس منه كالعبد الآبق عند مالك لعلمه به، وعنه: عدم الدخول للإياس، وقال (ش) و(ح): تدخل الوصايا في المجهول مطلقاً، لأن لفظ المال يتناوله، وقد قال: ثلث مالي، وانعقد الإجماع على الجهالة، لأننا في الوصية، وأن الوصي لا يشترط في تفاصيل بدليل دخول الوصية فيما يحدث بعد الوصية، وأن الجاهل بتفاصيل ماله عند الوصية تنفذ وصيته في جملة ماله، والجواب قوله عليه السلام: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه). (والمجهول لم تطب به نفسه). خالفناه في تفاصيل المعلوم لتوجه القصد إليها من حيث الجملة فإنه دخل في وصيته على ثلث ما يتجدد وعلى ما هو الآن في ملكه، ورضي بمقدار ذلك من حيث الجملة، أما المجهول على الإطلاق فلم يخطر له ببال، والأصل: استصحاب ملكه وإعمال ظاهر الحديث. ولا يلزم من إجماعنا على الجهالة التي اشتمل عليها المعلوم وقصد إليها من حيث الجملة تجويزنا المجهول المطلق كما أجمعنا على جواز السلم اقتصاراً على الأوصاف المشتملة (على الجهالة) بخصوص العين، ومنعنا جهالة لم يشملها العلم من وجه، فكذلك ههنا، واصل نقل الأملاك الرضا بالإجماع؛ بدليل أنه لو لم يوص لم ينتقل ملك الموصى له إجماعا، فالمجهول مطلقاً كما لم يوص فيه. فرع: في الكتاب: أو ما يبدأ به من الثلث: المدبر في الصحة على الوصايا والعتق الواجب وغيره لأن له الرجوع في العتق وغيره من الوصايا دونه، والتدبير على المبتل في المرض، وما أوصى به من الزكاة وفرط فيه من كفارة أو زكاة لأن المبتل في المرض كالوصية، وكذلك ما فرط فيه هو في الثلث، وأما ما تحل زكاته في مرضه أو مال يقدم عليه وقد حال حوله، ففي رأس المال وإن لم يأمر به لم يقض به على الورثة بل يؤمر بهما احتمال دفعه إياه من جهه أخرى، وإذا أقر المريض بدين أو أوصى بزكاة فرط فيها، وبتل في المرض دبر فيه وأوصى بعتق بعينه وشراء عبد بعينه ليعتق، وبكتابة عبد له، وبحجة الإسلام، وبعتق عبد غير معين: فالدين من رأس المال، إن لم يتهم فيه لأنه مستحق قبل الإرث، ولقوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) وهو مقدم على الوصية إجماعاً، وما ذكر في ثلث ما يبقى، فإن كان الدين لمن يجوز إقراره له أخذه، وإلا رجع ميراثا، ثم يبدأ بالزكاة لوجوبها ثم المبتل والمدبر معا في المرض، لأنه أنجزهما، ثم الموصى بعتقه المعين والمشترى بعينه معاً ثم المكاتب لتوقف عتقه على أمر من جهته بخلافهما، ثم غير المعين لتعلق حق المعين لتعينه وتضرره بفوات العتق، وغير المعين لا يتضرر وغير المعين والحج معا، وقد قال مالك: يبدأ بالعتق لضعف الحج. ويقدم الموصى بعتقه على المشترى للعتق غير المعين لتأكد ضرر المعين بالفوات، وإذا أوصى بشيء في السبيل بديء بذي الحاجة، وإن قال: ثلث مالي لفلان والمساكين أو في السبيل والفقراء واليتامى قسم بينهم بالاجتهاد، ولا أثلاثاً ولا أنصافاً، وإن أوصى بعتق عبده بعد موته، ولفلان بثلثه أو مائة دينار، والعبد هو الثلث بديء بالعبد لشرف العتق وقوة التعيين، ولا يعتق إلا بعد سنة، ويخير الورثة بين إعطاء المائة أو الثلث للموصى له بالثلث ويأخذون الخدمة أو إسلامها للموصى له لأنها بقية الثلث، فإن اسلموها فمات العبد قبل السنة عن مال فهو لأهل الوصايا لإسلامه لهم، وإن لم يحمل العبد الثلث خير الورثة بين إجازة الوصية أو يعتق من العبد مبلغ الثلث بتلا، وتسقط الوصايا لتقديم العتق على الوصايا لتشوف الشرع له، وقاله جميع الرواة إلا أشهب، وإن قال: إن مت فأنت حر: قدم المدبر في المرض عليه لأنه وصية، وقاله الرواة كلهم إلا أشهب. فإن باع عبداً في مرضه بمحاباة وقيمته الثلث وأعتق آخر قيمته الثلث بديء بالمعين كالعتق مع الوصية، وإن قال: إن مت فمرزوق حر وميمون حر. على أن يؤديا إلى ذريتي مائة دينار.فإن عجل ميمون المائة تحاصا لكونهما عتقا بعد الموت وإلا بديء بمرزوق، أبت عتقه من غير شرط، فإن بقي من الثلث ما لا يحمل ميموناً خير الورثة بين إمضاء الوصية أو تعجيل بقية الثلث من عتقه، وقيل: يبدأ الموصى بعتقه على الذي قال: يؤخذ منه مال، لكونه من باب المعاوضة وهو أقوى من التبرع المحض، وإن أوصى بكتابة هذا وبعتق آخر قدم العتق لتحققه، ويتحاص العتق بعد الموت. والموصى بعتقه إلى شهر بعد الموت لقرب الأجل، ولو بعد كالسنة بديء المعجل ويتحاص الوصية بالمال والحج بمال وهو غير معين، فإن حمل الثلث الرقبة وتعين الحج بديء بالرقبة وحج عنه بالنفقة من حيث تبلغ ولو من مكة جمعاً بين المصالح وعتق عبده المعين في المرض، أو يوصي بعتقه بعد موته، أو بشراء معين فيعتق، فذلك كله مقدم على الوصايا، والوصية بدنانير في رقبة يحاص بها أهل الوصايا لقوة شبهها بالوصية، وعنه عليه السلام، أمره بتقديم العتق على الوصايا، وقاله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا يقدم ما قدم الميت أول الكتاب، ولا يؤخر، بل الآكد في نظر الشرع إلا أن ينص على تقديم غيره، وقد قال تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين). والدين مقدم على الوصية إجماعاً. وقال الشافعي: إذا ضاق الثلث بسط على المستوية في المغني والزمان، فإن قدم بعضها قدم الأول فالأول، كانت جنساً واحداً أم لا لأن التقديم يوجب الاستحقاق قبل صدور الثاني. قال صاحب التنبيهات: قوله: في الموصى بعتقه إلى أجل والآخر بمال: عليه الرواة وإلا أشهب. قال أشهب: أما أن (يجيزوا العتق إلى أجله ثم) يخيروا في دفع الوصية للموصى له أو إسلام خدمة ما يخرج من الثلث، أو يعتقوا محمد الثلث من العبد بتلا، وعن مالك: يخدم (ثلث السنة ثم يعتق إذا لم يترك سواه، لأن الخدمة مبدأة في عتقه كله، فكذلك في عتق) ثلثه أو ما يحمل منه الثلث، ثم رجع إلى تبدئة العتق على الخدمة لما حالت وصية الميت، وقاله في المدبر في المرض، ومن قال له: إن مت فأنت فحر، يبدأ بالمدبر، إلا أشهب، يعني قال هذا إذا بدأ بلفظ التدبير، ولو عكس تحاص، وقد رجع مالك إلى تحاصصهما، واختلاف قوله في الحج مع العتق المعين والوصايا هل يبدأ أو يحاصص. قال الشيوخ: ذلك في الضرورة، واختلف في صفة التبدئة: قيل: إذا بديء بالعتق أضيف لوصية المال، فما صار ينفق في الحج يبدأ منه العتق، فإن بقي شيء فله وإلا سقط، لأنه قال: الوصية مبدأة على الحج ولم يقل على الوصايا، وقيل: يبدأ العتق ويتحاصص الحج والمال لأنه لم يفرق بين الضرورة وغيره، وقيل: يبدأ الحج على رواية ابن وهب، ويتحاصص العتق والمال، لأن العتق مثل الصدقة. ولم يختلف قول ابن القاسم ومالك أن العتق مقدم على وصية الحج التطوع، وهل يتحاص المال والحج أو يقدم المال؟ قولان. وقال أصبغ: الضرورة وغيره سواء في المحاصة مع العتق بغير عينه والوصايا، وقوله في الموصى بعتقه معينا وشراء رقبة للعتق، يتحاصان، وكذلك المبتل والمدبر، وكذلك قال ابن القاسم في كتاب الزكاة في عبد الظهار والقتل، وقال أبو عمران: التحاصص في هذه المسائل بالاقتراع لأنه يعتق من كل واحد منهما كما يعتق من الآخر. وقال غيره: الحصاص على ظاهره بغير قرعة، وقوله: يقدم الآكد فالآكد إلا أن ينص على خلاف ذلك، معناه: في كل وصية يجوز له الرجوع فيها، فأما العتق والتدبير والعطيات المبتلات فلا يبدأ عليها غير المبتلات، لقوله بدؤه، لأنه لا يجوز له الرجوع فيها إذا أتى كذلك في أوقات مختلفة أما بلفظ واحد أو كتاب واحد ووصل بكلامه التبدئة. فهذا ليس بتلا منه بل أبقى النظر فيه بعد الموت ما قال: يقدم، قال صاحب النكت: قوله: إذا باع عبداً في مرضه بمحاباة يقدم على العتق المبتل. قال أشهب: ليس للمشتري أخذه بجميع ثمنه لأجل استيفاء الميت ثلثه. وأما إن بدأ بأحدهما قدم، وإن كانت العطية المبتلة، ويجعل ما يؤخذ من باقي ثمنه في عتق العتق ولو لم يكن إلا درهماً لتعذر الرجوع في المبتل، ولابن القاسم في تقديم المدبر في الصحة على صداق المريض ثلاثة أقوال: قدمه في الكتاب لأن تصرف الصحة مقدم على تصرف المرض، ولأنه ليس له أن يأتي بما يبطل تدبيره ويقدم الصداق لأنها معاوضة، ولو صح كان ديناً ثابتاً، والتدبير في الثلث، ويتحاصان لتعارض الأدلة، ثم يقدم بعد ذلك الزكاة المفرط فيها لأنها لا تعلم إلا من قوله، وما علم من غير جهته أقوى، ولأن صداق المريض التدبير يقام بهما ويحاصص بهما فهما أقوى من حق المساكين، ثم العتق عن الظهار والعتق، لأنهما لهما بدل عند عدمهما بخلاف الزكاة، فإن ضاق الثلث عن العتقين أقرع بينهما وهو معنى كلامه في الكتاب، وقيل: يتحاصا فما وقع للعتق شورك به في رقبة، وقيل: يقدم القتل لأنه لا إطعام فيه بخلاف الظهار، ثم كفارة اليمين لأنها على التخيير بخلافهما، ثم إطعام رمضان لوجوب كفارة اليمين بالقران والإطعام بالسنة، والمقطوع بوجوبه أقوى، ثم النذر لأنه أدخله على نفسه، والإطعام واجب في أصل الشرع، ثم العتق المبتل في المرض والتدبير فيه عند ابن أبي زيد خلافاً لابن مناس لوجوب النذر حالة الصحة وهما واجبان حالة الحجر، ويتحاص التدبير والعتق الواقعان في المرض إذا ضاق الثلث إن كانا في فور واحد، فإن تقدم أحدهما ثم الموصى بعتقه المعين والموصى بشرائه للعتق المعين والموصى بعتقه إلى أجل قريب كالشهر أو يعتق على مال: يعجله عند ابن القاسم، لأن له الرجوع في هؤلاء بخلاف العتق والتدبير المبتلين في المرض، فإن ضاق الثلث عن هؤلاء يحاصوا لتساوي الرتبة، ثم الموصى بعتقة إلى أجل بعيد كالسنة لأنه قد لا يقع، ثم الموصى إن يكاتب أو يعتق على مال ولم يجعله لأنه ليس بعتق صريح ويتحاص الموصى بكتابته والمعتق إلى عشر سنين لتساويهما، ثم النذر في المرض عند ابن مناس على الموصى بعتقه غير معين بالمال وبالحج، ويتحاصص هذه فيما ناب الحج فالرقبة أولى به. قال التونسي: زكاة الفطر مؤخرة عن زكاة الأموال لوجوبها بالسنة. وقال أشهب: لا تقدم الزكاة على الوصايا بشقص عبد في مرضه ثم أعتق الحر قدم الأول لبتله على قياس قول ابن القاسم، وقيل: يقدم العتق على مذهب أشهب، لقوله: المبتل والموصى بعتقه يتحاصان، لقوله: إن مت فأنت حر، وإن عشت فأنت حر، وقال لآخر: إن مت فأنت حر فسوى بينهما في المرض، وفضل أحدهما على صاحبه، وقال محمد: هما كالذي بتل ووصي يعتق، فإن المقول له: إن مت فأنت حر، ويلزمه: إن عشت فأنت حر. فإذا لم يصح فهو كالموصى بعتقه وله الرجوع عنه. فلو قال: اشهدوا إن مت فقد رجعت عن الوصية بعتقه، رق لورثته على هذا، ولو باعه في مرضه بطل عتقه إذا صح، وقيل: كفارة القتل تقدم على كفارة الظهار بناء على الخلاف في العود ما هو؟ وإن لم يكن في ملكه إلا رقبة واحدة على من لم يبدأ القتل أعتقوها عن أيهما شاءوا، ولو كان مع الرقبة ما يطعم عن الظهار، عتقت عن القتل وكفر بالإطعام عن الظهار والرقبة غير المعينة مبدأة على الحج، وقيل: الوصايا كلها مبدأة على الحج وسواء عند ابن القاسم الضرورة وغيره. ويقدم الحج عند ابن وهب على الرقبة المعينة في الضرورة وإلا قدمت. وفي كتاب محمد: أوصى بخدمة عبده لرجل، وبرقبته لآخر، ولم يوقت، ضرب صاحب الخدمة بخدمة العبد، وصاحب الرقبة بمرجع الرقبة فيأخذان ذلك معجلا، تعجل الخدمة حياة الرجل لا حياة العبد، والمعروف 0تبدئة الخدمة، ولو أوصى بخدمته لفلان حياته ثم هو حر، وبمائة لفلان والعبد هو الثلث قومت خدمته على غررها، فإن كانت مائة فالخدمة بينهما نصفان لأنه بقية الثلث، فإن مات العبد وترك دنانير فهي للموصى له بالدنانير لا لصاحب الخدمة، لأن وصيته في شيء بعينه مات، ولو كان في الثلث زيادة عشرة على قيمة العبد أخذها صاحب المائة ليحصل عشر وصيته، وصاحب الخدمة عشر الخدمة، ويقسمان بقية الخدمة على جزء بقية الخدمة من بقية المائة. قال ابن يونس: أول ما يبدأ به من التركة أسباب مواراته إلى دخوله قبره من رأس ماله، لأن ستره المفلس وقوته مقدمان على الدين وغيره في الحياة، فكذلك في الممات. قال ابن القاسم: إن أعتق عبده في مرضه واشترى ابنه فأعتقه وقيمته الثلث قدم الآن، وإن اشترى ابنه وأخاه في مرضه واحداً بعد واحد قدم الأول، أو في صفقة فقيل: يقدم الابن لشرفه، وقيل: يتحاصان لاتحاد العقد، وتقدم الصدقة المبتلة على الوصايا قاله مالك. وقال ابن دينار: يقدم على العتق المعين، لأن له الرجوع فيه بخلافها. قال ابن القاسم: ويقدم العتق المبتل عليها. قال عبد الملك: إذا أعتق عبده في المرض وأعتق من آخر نصف عتق جميعه ويبدأ ذلك النصف على الموصى بعتقه لأن له الرجوع فيه. قال اللخمي: الواجب ثلاثة. أحدها: ما يخرج من رأس المال بغير وصية، وما اختلف فيه هل يخرج من رأس المال بغير وصية وما يخرج من رأس المال بغير وصية وما يخرج من الثلث إن وصي به، ويجتمع في الزكاة. قال: لم يفرط فيها وهي زكاة حب أو ثمار. فمن رأس المال بغير وصية، وكذلك الماشية إن لم تكن بساع، واختلف في زكاة العين إذا علم وجوبها ولم يفرط. قال ابن القاسم: إن أوصى أخرجت من رأس المال لوجوبها كالدين. قال: وهو أحسن لاتفاقهما على زكاة الحب والثمار أنها تخرج وإن لم يوص، ولقول ابن القاسم: إنها من رأس المال بعد الوصية وإن أوصى بزكاة فرط فيها فمن الثلث. وقال ابن شهاب: من رأس المال: وقال محمد: من علم منه التفريط فيها ولم يوص أخرجت من الثلث. قال: والقياس من رأس المال، وعن محمد: إذا مات المتمتع عند قضاء حجة وبعده ولم يهد عن متعته: أخرج الهدي من رأس المال، وإن فرط سقط مطلقاً، ويقدم الهدي في الثلث على كفارة رمضان لوجوبه بالقرآن، ويقدم هدي التمتع على الفدية لعدم التخيير فيه، والفدية على هدي الفساد لأنها بالقرآن، ولأنها جبر الحج، والحج الفاسد يؤتى ببدله، وإن قال: أعتقوا هذا وضعوا عن هذا كتابة تحاصا، أو: ضعوا عن هذا كتابة وكاتبوا قدم الأول أو كاتبوا هذا وأعتقوا الآخر إلى سنة. قيل: يتحاصان، وقيل: يقدم العتق لتوقع عجز المكاتب، ويقدم ما في ملكه على ما وصي بشرائه للعتق لتوقع الامتناع من البيع. قاله محمد. وقال مالك: يتحاصان. قال صاحب المقدمات: قاله محمد. وقال مالك: يتحاصان قال صاحب المقدمات: يقدم ما يخرج من رأس المال على ما يخرج من الثلث كأم الولد والزكاة الحاضرة وما أقر به من المعينات، أو قامت عليه بينة، والرهن وغير المعين إن كان في التركة وفاء به، وإلا قدم الآكد فالآكد، والمستوية يتحاص، فالآكد: تجهيز الميت لأنه عليه السلام (أمر بقتلى أحد فزملوا بثيابهم) ولم يعتبروا ورثتهم ولا ديونهم، ثم حقوق الآدميين كالدين بالإقرار أو البينة، ثم حقوق الله تعالى كالزكوات والكفارات والنذور إذا أشهد على ذلك في صحته يقدم الآكد فالآكد من رأس المال. كما يبدأ الآكد فالآكد من ذلك في ثلثه إذا فرط فيه وأوصى به، وإذا مات عن الماشية وليس فيها السن الواجب فهي كالزكاة المفرط فيها، وإنما تخرج من رأس المال إذا كان فيها السن، وخالف عبد الملك ابن القاسم في التبدئة في الثلث فقال: المقدم: التدبير في الصحة، ثم العتق المبتل في المرض، ثم العطية المبتلة في المرض، ثم التدبير في المرض ثم الزكاة المفرط فيها، ثم كفارة القتل، ثم الظهار. قال: وهو أحسن، لأن للموصي أن يرجع فيما أوصى به من الزكاة دون البتل والتدبير في المرض، ولأنه بتهم فيوصي بزكاة ليست عليه، وفي المعونة: الوصية بالعتق المعين مقدمة على الزكاة لأمره - عليه السلام - بتبدئة العتق على الوصايا، وهو بعيد في القياس. وقدم أبو عمر الإشبيلي الوصية بفداء الأسارى على جميع الوصايا، والمدبر في الصحة وغيره. وقال: الشيوخ أجمعوا على ذلك. فرع: قال: وصاياه موقوفة: إن مات فمن الثلث، أو صح فمن رأس المال، إلا أن تكون له أموال مأمونة ينفذ عتقه معجلاً وتقبض الهبات والصدقات قبل الموت. وقاله فقهاء الأمصار. وقال داوود: تصرفه كتصرف الصحة، وللجماعة حديث الستة الأعبد لقوله - عليه السلام -: (إن الله أعطاكم ثلث أموالكم) الحديث. تنبيه وتمهيد: قد تقدم تقديم بعض الأنواع على بعض التراجم الفقهية، وإفراد النوع الواحد هل يقدم منها ما تقدم سببه بالزمان؟ قال مالك في المدونة في كتاب التدبير: من مات ومدبرين في صحة أو مرض أو في مرض ثم صح مدبرا ومرض مدبر فلذلك سواء يبدأ الأول فالأول إلى مبلغ الثلث، وما بقي رق، فإن دبرهم في كلمة واحدة في صحة أو مرض عتق جميعهم إن حملهم الثلث. وإن لم يحملهم لا يقدم أحد على أحد بل يفض الثلث على جميعهم بالقيمة، وإن لم يدع غيرهم عتق ثلث كل واحد ولا يقرع بينهم بخلاف المبتلين في المرض في الثلث، قوله في الكتاب: يتحاص المدبر والمبتل، يريد: إذا كانا في فور واحد، وإلا بدئ الأول لأنه تقرر حقه فليس له إبطاله، ويراعى سبق الزمان في الزكاة والمبتل، فقوله في المدونة: تبدأ الزكاة. معناه: إذا كان الجميع في فور، أو قدم الوصية بالزكاة، وإن تقدم العتق قدم على الزكاة لتقرره فليس له إبطاله، فقد حصل النقل في هذه الثلاثة أنواع: التدبير، والتبتيل، والزكاة معهما، فهل تجري على ذلك كفارة القتل والظهار، وسائر الأنواع بطلب النقل فيه؟ أو يفرق بين مورد النقل بالفروق الفقهية. فرع: في الكتاب: إذا شهد أن أباهما أعتق هذا العبد وهو الثلث، وشهد أجنبيان أنه أوصى بالثلث: إن اتهما في جر ولائه سقطت شهادتهما، وجازت الوصية وإلا جازت كما إذا كان معهما من الورثة نساء. قال التونسي: إذا كان معهم من الورثة نساء ووصية يتهمان لاختصاصهما بجر الولاء (إن كان العبد يتهم في مثله وتبقى تهمتهم على الوصية، فإنها لا يعود عليها منها شيء بخلاف الولاء) ونفذها محمد مطلقا لأن للميت العتق في المرض فيتخصص الذكران بالولاء، وإذا رد ابن القاسم شهادتهما عتق عليها لإقرارهما بحريته وأنهما غصبا الثلث، ولم يجعلهما كما إذا غصب من المال شيء أو ضاع لا يعتق إلا (في ثلث الباقي إن حمله، وقال أشهب: لا يعتق إلا ثلثاه) وجعل الثلث المأخوذ للوصية كجائحة أتت على المال. قال: وهو الأشبه، ونحو هذا: إقرار أحدهما بمائة وقد ترك مائتين لهما. والمقر لا تجوز شهادته، فعند أشهب: تعطى مائة الدين، وما أخذه أخوه كجائحة طرأت على المال، وعند ابن القاسم: يعطى خمسين للدين ويعد ما أخذ بالحكم كأنه قائم، ويقول: إنما لك عندي خمسون، وخمسون غصبها أخي فخذها منه، فإن كان المقر عدلا حلف معه صاحب الدين على مذهب ابن القاسم، وعلى مذهب أشهب: لا ينبغي أن يحلف لاستتحقاقه المائة بالإقرار، فهو غير منتفع بيمينه، بل هو يحلف ليأخذ غيره، وهو نحو قولهم في الشهادة في عدم الغريم: يحلف صاحب الدين معه، وهو لو شاء أخذ الحميل لما أنكر المديون، فصار المنتفع الحميل، فإن شهدت بينه بالثلث لزيد وأخرى بالثلث لعمرو في موطنين قسم الثلث بينهما لإمكان كونه وصى به مرتين، أو في موطن واحد، فهو تكاذب يحكم بأعدل البينتين؟ فإن كان المردود شهادتهما ولدين فليس للمشهود عليهما بالثلث شيء لأنهما يقولان: غصب الثلث الموصى به لك، وليس علينا تعويضك، وإن تكافأتا في العدالة سقطتا وصدق الورثة لمن أقروا له عند ابن القاسم القاتل: إن البينتين إذا تكافأتا في شيء ادعاه رجل في يد ثالث، هو للذي هو في يديه إن ادعاه لنفسه أو لمن أقر له به منهما، وعند من يقول: لا يكون لمن هو في يديه لاتفاق البينتين على أنه ليس له وأنه يكون لهما بعد أيمانهما، فعلى هذا يتحالفان ويكون لهما لاتفاق البينتين على إخراجه من ملك الميت، ولو شهد الوارثان بعبد لزيد وصى به الميت هو الثلث، وشهد أجنبيان بوصية الثلث لعمرو وليس الوارثان عدلين، أو يتهمان لمن شهدا له، يخرج الثلث بشهادة الأجنبيين، ودفعا العبد لزيد عند ابن القاسم كالعتق سواء. وعند أشهب: ثلثه كما لو ذهب الثلث بجائحة. فرع: في الكتاب: يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حر، ولم يترك سواه، ولم تجز الورثة، بديء بعتق العبد بتلا، وسقطت الخدمة، وعليه أكثر الرواة، فإن أوصى بخدمة عبده سنة، أو سكنى داره سنة. وليس له مال غير ما أوصى فيهما وما لا يخرج منه، خير الورثة في الإجازة أو يقطع ثلث الميت من كل شيء للموصى له، لأنه مرجع الوصايا عند عدم الإجازة، وأما إن أوصى برقبة عبد أو دار لا يحملها الثلث، فله محمل الثلث من تلك الأعيان لتعلق اللفظ بها، فإن أوصى بخدمته سنة أو حياته، ثم هو لفلان: فإن حمله الثلث بديء بالخدمة لأنه مقتضى اللفظ اتفاقاً، فإن انقضت الخدمة أخذه صاحب الرقبة، زادت القيمة أم نقصت، وإن حمل الثلث بعضه خدم ذلك البعض إن كان نصفه: خدم يوماً للورثة ويوماً الموصى له حتى ينقضي، فهو لصاحب الرقبة، وللورثة بيع حصتهم قبل السنة. قال صاحب التنبيهات: قال فضل: ينبغي أن ينظر قيمة الخدمة وقيمة الرقبة بعد مرجعها فتكون قيمة الخدمة للموصى له بها شائعة، فإن اغترقت الثلث فلا شيء لصاحب مرجع الرقبة لتبدئة هذا عليه، وإن كان فضلا فله في العبد، وبقيته للورثة. قال بعض الشيوخ: ويضرب صاحب الخدمة بقدرها. وصاحب الرقبة بقيمتها، على أنها لا خدمة فيها، وهو معنى قول ابن القاسم، وقال غيره: إنما يتحاصص بقيمة مرجع الرقبة، وهو مروي عن ابن القاسم. قال صاحب النكت: إنما أعتق ثلثه بتلا في المسألة الأولى إذا لم يجز الورثة ولم يتأخر إلى الأجل، لأن غرض السيد أن يعتق جملته إلى الأجل، فإذا بطلت غرضه نفذتا الآن ما كان يقدر عليه في الوصية. قال التونسي: مقتضى وصيته تقديم الخدمة على الوصية فكيف سقطت؟ وقد قال أشهب: يخدم بثلثه الموصى له بالخدمة سنة ثم يعتق ذلك الثلث نظراً للفظ الوصية، على أن ابن القاسم كان يقول: كان الميت إذا لم يجيزوا يقول: نفذوا ثلثي في الوصايا التي أوصيت بها منجزًا، فصار في الوصايا مال وعتق، فيقدم العتق فإن قال الورثة: يجيزوا العتق دون الخدمة، بقي معتقاً إلى أجل، وللموصى له خدمة ثلثه فقط، لأنه محمل الثلث، ولا حجه له لقدرة الورثة على تعجيل العتق فتسقط الخدمة. قال ابن يونس: لو أجازوا الخدمة دون العتق عتق ثلثه بتلاً، وخدم باقيه بقية الأجل، للعبد يوم وللمخدوم يومان، فإذا انقضت الخدمة رجع ثلثاه للورثة رقاً، فإن قال: يخدم فلاناً سنة ثم هو كذلك بعد سنتين: قال أشهب: إن حمله الثلث خدم الأول سنة ثم الورثة سنتين ثم أخذه الآخر. فإن كان العبد ثلثي الميت تحاصا في الثلث، هذا بخدمته سنة، وهذا بمرجع الرقبة على غررها يشاركان الورثة فيما أصابهما في جميع التركة، هذا إذا لم يجز الورثة، قال اللخمي عن مالك: إذا أوصى بخدمته سنة ثم هو حر ولم يحمله الثلث ولم يجيزوا: ينظر إلى ما حمله الثلث، يخدم فلاناً سنة ثم يعتق الجزء بعد انقضائها، وهو خلاف المشهور كما تقدم، ولم يختلف إذا جعل المرجع بعد الخدمة لفلان، لا يبدأ أحدهما على الآخر لهما منه ما حمله الثلث، يخدم الموصى له بالخدمة ذلك الجزء فإذا انقضت عاد لمن له المرجع، لأنه قصد قسمة ذلك بينهما. قال: قال: يخدم فلاناً سنة ولم يحمله الثلث ولم يجيزوه: قطع للموصى له بالثلث شائعاً، وإن قال: له خدمته حياة العبد: قطع له في عين العبد بخلاف الأول: لأنه ههنا أخرج العبد جملة عن الورثة فأشبه الوصية برقبته، وبما عاوضهم على نصيبه بما أخذه من خدمة العبد على أن أعطاهم ما له فيه من المرجع، وكذلك إذا قال: يخدم ورثتي سنة ثم هو لفلان فيه معاوضة من الثلث، فإن لم يجيزوا قطع له بالثلث،وإن قال: يخدم فلاناً سنة ثم ورثتني سنة ثم مرجعه لفلان ولم يحمله: الثلث قطع للموصى لهما بالثلث شائعاً، لهذا بقيمة خدمته سنة، وللآخر بقيمة المرجع بعد سنتين، وإن قال: يخدم فلاناً عشر سنين ثم هو لفلان وجعل آخر لفلان تحاصا فما صار لهما بالخدمة والمرجع بقيمة ذلك العبد يبدأ الآن، لأنه أخرج جميعه لهما، فما نال المخدم خدم الموصى له مما حمل الثلث منه، ومرجع ذلك القدر لمن جعل له، وما ناب الآخر أخذه في عين ذلك العبد. فرع: في الكتاب: ثلاثة أعبد قيمتهم سواء: أوصي بأحدهم لرجل وبخدمة الآخر لآخر حياته، فإن لم يجيزوا أسلموا الثلث يضرب فيه صاحب الرقبة بقيمتها وصاحب الخدمة بقيمتها على غررها على أقل العمرين: عمر العبد والمخدم. فإن مات قبل الأجل بطل حقه، وما صار لصاحب الرقبة أخذه فيها، أو لصاحب الخدمة شارك به في سائر التركة بتلاً، وكذلك إن وصى مع ذلك الآخر بالثلث يتحاصون في الثلث كما تقدم. قال ابن يونس: قال محمد: ويخير الورثة في حصة صاحب الخدمة بين مشاركته وبين إسلام العبد بخدمة الأجل، وإن أوصى بالثلث مع ذلك وكان الثلث ثلاثين ولم يجيزوا والعبد الموصى به قيمته ثلاثون وقيمة الخدمة خمسة عشر فالثلث بينهم على خمسة: لصاحب العبد جزءان، ولصاحب الثلث جزآن، ولصاحب الخدمة جزء، ولو وصى لرجل بثلث كل عبد منهم بتلا، ولآخر بثلث واحد بعينه بتلا فلكل واحد ثلاثة إن كانوا ثلاثة أرباع وصيته، فيصير للموصى له بثلث كل عبد، ربع كل عبد، وللموصى له بثلث العبد ربع ذلك العبد، ويبقى نصفه للورثة مع ثلاثة أرباع الآخرين. فرع: في الكتاب: أوصى لرجل بمائة دينار ولآخر بخدمة عبده حياته، ثم هو حر، وقيمة العبد الثلث، تقوم خدمة العبد إلى أقصرهما عمراً: العبد أو الموصى له، ويحاص بتلك القيمة هو وصاحب المائة في خدمة العبد، فإن هلك الموصى له بالخدمة عتق العبد، وإن لم يحمل العبد الثلث ولم يجز الورثة عتق منه مبلغ الثلث وسقطت الوصايا: الخدمة وغيرها.قال ابن يونس: فإن كان العبد أقل من الثلث قدم العتق إلى أجل ثم تحاص الخدمة بقيمتها، وأهل الوصايا في بقية الثلث، وفي الخدمة، فيأخذ أهل الوصايا ما صار لهم في التركة وفي الخدمة، ويأخذ أهل الخدمة ما صار لهم في الخدمة، وإن كانت الوصايا في شيء بعينه أخذوا فيه ما نابهم. قال ابن القاسم: يضرب المخدم بقيمة الخدمة في الخدمة وفي بقية الثلث، ولا يجمع له حقه في أصل الخدمة. قال أصبغ: إن كان العبد مع عشرة دنانير هو الثلث أخذ العشرة الموصى له بالمائة وأخذ صاحب الخدمة عشرة، فإن كان قيمة الخدمة عشرة دنانير فقد صار عشرها للمخدم ويتحاصان في تسعة أعشارها على أحد عشر جزءاً: عشرة أجزاء لصاحب المائة، وجزء لصاحب الخدمة، (ولو كان باقي الثلث خمسين أخذها صاحب المال في نصف وصيته، وأخذ صاحب الخدمة نصفها). ثم يتحاصان في نصفها فما بقي لهما، فإن كانت قيمة الخدمة كلها خمسين تحاصا في نصفها على الثلث والثلثين، وتقوم الخدمة على غررها باعتبار أقصر العمرين، فإن انكشف الغيب على خلاف ذلك التعمير: قال أشهب: يوقف للحصاص مرة أخرى ليتبين الخطأ، وخالفه ابن القاسم لأنه حكم مضى مع توقع هذه الحالة. قال اللخمي: إن مات العبد وخلف مائة دينار أخذها الموصى له (بالعين ورجع المخدم على صاحبه بقيمة ما أخذ من الخدمة، وإن خلف العبد خمسين أخذها الموصى له) بالمائة، وهي نصف وصيته. ويكون للمخدم نصف الخدمة باعتبار نصف ما بقي من الأجل، ويرجع على صاحبه بقيمة ما أخذ من الخدمة، وإن خلف العبد خمسين أخذها الموصى له بالعين وهي نصف وصيته، ويكون للمخدم باعتبار نصف ما بقي من الأجل، ويرجع على صاحبه بنصف الأجل الآخر، يتحاصان فيه، هذا على القول بنقض الحكم. فرع: قال في الكتاب: لفلان مائة دينار، ولفلان خدمة عبدي هذا حياته ثم هو لفلان، وضاق، الثلث ولم يجيزوا: يضرب في الثلث صاحب المائة بمائة ولا يضرب معه صاحب الرقبة، إلا ببقية الرقبة فما صار لهما أخذاه في العبد، وما صار لهما في العبد يبدأ فيه المخدم بالخدمة فإذا مات المخدم رجع ما كان من العبد والخدمة لصاحب الرقبة. وما صار لصاحب المائة شارك به جميع الورثة في جميع التركة، ولا يعمر المخدم في هذه المسألة بخلاف التي قبلها، وإن قال: يخدم فلاناً ولم يقل: حياته ولا أجلاً، ورقبته لفلان ولم يقل: بعده: قومت الرقبة وقومت الخدمة على غررها حياة الذي أخدم، وتحاصا في رقبة العبد بقدر ذلك. وقال أشهب: بل هي وصية واحدة والخدمة حياة فلان ثم يرجع لصاحب الرقبة، قال ابن يونس: قال أبو محمد: قول أشهب أحسن، لأنك إن حملته على حياة العبد فهي رقبة أوصى بها لرجلين فهي بينهما، ولا معنى لحصاص الرقبة. قال محمد: وهذا أصل مالك. قال التونسي: كأن ابن القاسم يريد: أن الخدمة تقوم حياة وتقوم رقبة العبد. قال اللخمي: إذا لم يوقف الخدمة حملت على حياة المخدم إذا قال: يخدم عبدي فلاناً، وإن قال: خدمة عبدي اختلف فيه: حمله ابن القاسم على حياة العبد، وأشهب على حياة المخدم؛ ولو أراد حياة العبد لأعطاه العبد بتلاً، والأول أحسن، ويصح إعطاء الخدمة دون الرقبة ليبقى ميراثه وجنايته له. فرع: في الكتاب: إذا مات المخدم أجلاً مسمى قبل الأجل خدم الورثة بقيته إذا لم يكن من عبيد الحضانة والكفالة، بل من عبيد الخدمة، لأن من مات عن حق مالي أو متعلق بالمال فلورثته قياساً على المال، ولو وهب خدمة عبده لفلان فمات فلان فلورثته خدمة العبد ما بقي، إلا أن يفهم أنه أراد حياة المخدم. وقال أشهب: يحمل على حياة فلان، ولو أراد حياة العبد كان هبة للرقبة.قال ابن يونس: وقول مالك أبين، لأنه يهب الخدمة ويترك الرقبة ليأخذ ميراثها وجنايتها، أو يريد انتفاع المخدم بالعبد ولا يبيعه، ولو وهبه لباعه، ولو قال: يخدم عبدي فلاناً ولم يؤقت، ثم مات: اتفق الأصحاب أنه حياة المخدم، وفرقوا بين المصدر والفعل المضارع، ولو أوصى لرجل بخدمة عبده حياته وأوصى بوصايا لغيره ولم يترك غير العبد وأجاز الورثة الخدمة بيع ثلث العبد ويحاص في ثمنه أهل الوصايا، وصاحب الخدمة بالتعمير بثلث الخدمة فما صار له أخذه بتلاً، ويستخدم ثلثي العبد حياته ثم يرجع إلى الورثة، قاله محمد. فرع: في الكتاب: وصى بخدمة عبده لرجل حياته، وما بقي من الثلث فلفلان، والعبد ثلث بديء بالخدمة، والرقبة بعد انقضاء الخدمة للآخر، زادت قيمته الآن أو نقصت، وكذلك داري حبس فلان حياته،وما بقي من ثلثي لفلان، والدار الثلث. قال ابن يونس: لو مات العبد قبل التقويم لأحي بالذكر، وأضيفت قيمته إلى ما بقي، فإن كان الثلث فلا شيء للموصى له في بقية الثلث. ولو وصى مع ذلك بوصايا أخرجت من بقية ما بقي ثم أحي الميت بالذكر وحسب مع الوصايا، فإن بقيت بقية من الثلث بعد ذلك أنفذت للموصى له بالبقية، وإلا فلا شيء له. قال محمد: إذا كان العبد في المسألة الأولى أقل من الثلث يوم الحكم كان للموصى له ببقية ما فضل عن الثلث من قيمة العبد، ومرجع العبد أيضاً متى رجع إن كان باقياً أو لورثته، وإن كان يوم الحكم أكثر خير الورثة بين إجازة العبد كله للمخدم يخدمه حياته على أنه إذا رجع بما حمله من الثلث اليوم لا يوم يرجع، أو يقطعوا للمخدم بثلث مال الميت بتلا من جملة التركة وتسقط لوصية بباقي الثلث، ولو أوصى أن يكاتب عبده بستين ديناراً وبباقي ثلثه لفلان والعبد الثلث فأقل، ورضي العبد بالكتابة قبل الكتابة، لصاحب بقية الثلث، وإن بقي بعد قيمة العبد من الثلث شيء هو له تبع للكتابة، لأن العبد إذا كان الثلث فقد استوفى الميت ثلثه، والورثة الثلثين، فلا شيء لهم من الكتابة، ولا حجة لهم أن الميت أخرج أكثر من الثلث لأن الكتابة علة ذلك الثلث فهي كنفسه، لأن المريض إذا كاتب بألف وقيمة الرقبة مائة وهي الثلث وأوصى بالكتابة لرجل نفذت الكتابة والوصية، وقيل: يجعل قيمة الكتابة في الثلث، ولو كانت أكثر من قيمة الرقبة، فإذا حملها بعد إسقاط قيمة الرقبة من مال الميت جازت الوصية والكتابة بالستين، وإن كان ذلك كله أكثر من الثلث. قال مالك: إذا أوصى بوصايا وبقية ثلثه لواحد، وأقام أياما فأوصى بعتق رقيق له وبوصايا لقوم آخرين، ولم يقيد من الأولى شيئاً: يبدأ بالعتق ووصايا الأولين والآخرين سواء، فإن ضاق تحاصوا، لأن العتق مقدم على الوصايا لشرفه وللحديث (والوصايا كلها سواء، لا يكون للموصى له ببقية الثلث شيء إلا بعد العتق) والوصايا الأول. قال ابن القاسم: فإن مات أحد العبيد أو استحق وأخذت له، ورد أحد من له الوصايا وصيته، ولا يأخذ من أوصى له بقية الثلث من ذلك شيئاً ويدخل في الثلث قيمة الميت والمستحق والوصية المردودة، وهو كله للورثة، ولو أوصى لرجل بعشرة، ولآخر بعبده أو بعتق، ولآخر ببقية الثلث فمات العبد قبل النظر في الثلث، فإن كان الثلث بالعبد قدر العبد والعشرة فلا شيء لصاحب بقية الثلث، وإن كان الثلث قدر العبد فقط زال صاحب بقية الثلث وأخذ صاحب العشرة من ثلث ما بقي بعد العبد لأن الهالك من التركة كما لم يكن، ولو أوصى بعتق عبده لرجل ببقية الثلث،فمات العبد قبل النظر في الثلث: قال ابن القاسم: يقوم وتضم قيمته إلى باقي المال ثم ينظر ثلث ذلك فيطرح منه قيمة العبد فما بقي فللموصى له ببقية الثلث. ولو أوصى مع ذلك بعشرة لرجل حملت قيمته العبد على بقية المال وأزيل من الجميع قيمة العبد ثم العشرة، فما بقي فلصاحب بقية الثلث، فإن لم يكن فيه بعد العبد عشرة نظر إلى ثلث المال من غير العبد فأعطي لصاحب العشرة عشرة والباقي للورثة، وقال عبد الملك: موت العبد في الوصايا من رأس المال، وفي الدين له باقي الثلث من الثلث. قال ابن يونس: والمعتد إن العبد إذا مات كأنه لم يوص فيه، وبقي من وصاياه لفلان كذا ولفلان كذا؛ فللموصى له ببقية الثلث ما بقي من الثلث بعد العبد، ولو أوصى لرجل بمال ولآخر ببقية الثلث فمات الموصى له بالتسمية قبل موت الموصى ولم يعلم. قال مالك: إنما لصاحب بقية الثلث مما يبقى بعد إخراج التسمية من الثلث ثم تقوم التسمية ميراثاً. فإن أوصى بعتق أمة وبعشرة لفلان، وخمسة لفلان، وبقية الثلث لفلان ثم صح، فأعتق الأمة ومات الموصى لهما، ثم مات هو، لصاحب بقية الثلث الباقي بعد قيمة الأمة والخمسة عشر، قال مالك: ولو قال: اكتبوا باقي ثلثي: الثلث لفلان فإني أريد أن أوصى غداً، فمات قبل الوصية لا شيء لفلان، لأنه لا يدري لو أوصى هل يبقى له شيء أم لا؟. وقال أشهب: له الثلث كله لعدم المزاحم. قال ابن القاسم: إذا أوصى لرجل بعشرة دنانير وقال: أريد أن أوصي غداً فاشهدوا أن ما بقي لزيد، فمات قبل الوصية: لا شيء لزيد. فرع: في الكتاب: إذا أوصى بسكنى داره ولا مال له غيرها: أسلمت إليه السكنى، يقطع له بثلثها لأنها ثلث ماله، وإن أوصى أن تؤاجر أرضه منه سنين مسماة بأجرة معلومة، وقيمة الأرض أكثر من الثلث: إما أن يجيزوا أو يعجلوا له ثلث الميت بغير ثمن، قال صاحب التنبيهات: معنى كراء الأرض: أنه حابى، ولو لم يحاب لزم الورثة كبيعه إلا أن يقول: اكروها ولم يسم أجرة فهي وصية، قال ابن يونس: إذا لم يسم، والثلث له بحطيطة ثلث الكراء فلم يقبل، فلهم موافقته أو يعطوه ثلث الأرض يزرعها بغير كراء، ولو لم يحملها الثلث وأبوا أن يحطوا ثلث الكراء وأن يكروها منه فعليهم ثلث الميت من جملة التركة، قاله بعض الشيوخ: لأن الثلث مرجع الوصايا وهو أقل أحوالها مع المشاحة. فرع: في الكتاب: له مال حاضر ومال غائب، ولا تخرج الوصايا من الحاضر: خير الورثة بين إخراجها منه أو إسلام ثلثه وثلث الغائب لأنه ثلث ماله، وإن كان له مائة عين ومائة دين فأوصى لرجل بثلث العين ولآخر بثلث الدين اختصا بما عين لهما من غير خصاص، ولهذا بخمسين من العين، ولآخر بأربعين من الدين، ولم يجيزوا، سلموا ثلث العين والدين لهما تحاصا بقيمة العين مع الدين، وإن أوصى بدين لا يحمله الثلث وله عين حاضر: فإما أن يجيزوا أو يعطوه ثلث الدين والعين وكذلك إن أوصى من العين، بأكثر من ثلثها أوله عقار وعروض كثيرة، ولم يخرج عن هذا الأصل إلا إذا أوصى بعبد بعينه أو دابة وضاق الثلث ولم يجيزوا، فقال مرة: أعطوه الثلث من كل شيء وقال: مرة يقطع الثلث من جميع التركة في ذلك الشيء بعينه، قال ابن القاسم: وهو أحب إلي، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: أوصى باثني عشر ديناراً لمن هي عليه وهو معسر، ولآخر باثني عشر ولم يترك غيرها حاضرة، ولم يجيزوا، قوم الدين مثلا بأربعة وتحاصا في ثلث الحاضرة، هذا بأربعة، وهذا باثني عشر فيحصل للأول دينار، ولهذا ثلاثة، لأنها نسبة وصيتهما، ويوقف ديناره ويطرح عنه مثله من الدين، ثم يرجع إلى ثلث الاثني عشر الدين فيضرب فيها هذا باثني عشر، وهذا بأربعة كما عمل في العين، فيطرح عنه دينار وهذا بأربعة كما عمل آخر فتبقى عشرة، ثم يتحاصص الورثة والموصى له بالعين يتحاصون في الدينار الموقوف فما ناب كل واحد من الاثني عشر الدين بقدر مواريثهم وبالثلاثة التي صارت له بالعين، ولا يضرب الموصى له بالدين لأنه ضرب فيه مرة ثم اقتضى من العشرة الباقية فعلوا فيه ذلك، ولا يدخل صاحب الدين معهم في شيء من ذلك، ولو كان له مائة على معدم، ومائة على مليء، ومائة عين، أوصى لكلا الغريمين بما على صاحبه ولم يجيزوا، تحاصا في الثلث المائة الحاضرة وثلث المائتين الدين؛ فينظروا إلى قيمة المائة التي علي المليء إن كانت مؤجلة فقيل: ستين، وقيمة المائة التي على المعدم فقيل: ثلاثين، فللمعدم: الثلث، وللمليء ثلث الثلث من عين وغيره، فيصير للمعدم على المليء اثنان وعشرون وتسعان، وللمليء على المعسر ثلث ثلاثة عشر أحد عشر وتسع ولا يحاصه بها، لأن عليه ديناً للورثة فيؤخذ من الموسر ما كان للمعسر فيضم إلى ما للمعسر بالحصاص من المائة الناضة وذلك اثنان وعشرون وتسعان، فالجميع أربعة وأربعون وأربعة أتساع فيتحاصص في ذلك الورثة والموسر بقدر ما لكل واحد عند المعسر، والذي للموسر على المعسر أحد عشر وتسع، وللورثة تسعة وستون وثلثان ثلثا المائة التي عليه فيقتسمون ذلك على سبعة أجزاء، للورثة ستة أجزاء، وللمليء جزء فيقع للورثه ثمانية وثلاثة أسباع تسع، وللمليء ستة وثلاثة أسباع وتسع سبع يسقط عن المعدم جميع ما أوصى له به، وذلك سبعاً كل مائة وهو ستة وستون وثلثان، ويبقى عليه ثلاثة وثلاثون وثلث، فما اقتضى بعد ذلك من شيء قسمه الورثة على ستة أجزاء. قال ابن القاسم: لو كانت مائة للمليء حالة ضرب المعسر في الحصاص بعددها، ويؤخذ من المليء ويضم إلى المائة الأخرى ويكون كمن ترك مائتين عيناً ومائة على معدم وأوصى بمائة الدين لرجل وبمائة العين على ما مضى فيعمل على ما تقدم، وهذا الموافق للمدونة. وقال محمد: إذا كانت له مائة على مليء ومائة على معدم فأوصى لكل واحد بما على صاحبه: إن حمل ذلك الثلث فلكل واحد مائته التي أوصى له بها بعينها، وإن لم يكن غيرها واستوت وصيته من كل مائة بالعدد والجزء وهو أكثر من الثلث، قطع لكل واحد منهما بثلث مائته التي أوصت له بها، ولا يشتركان في كل مائة، ولا حصاص بينهما، وإنما يشتركان أن لو كان للميت شيء آخر سوى مائتي الدين ولا تحمل وصيته الثلث. قال محمد: قول مالك وابن القاسم: لا يقوم الدين الموصى له بل يحسب عدده فإن خرج من الثلث وإلا لم يكن بد من قطع الثلث من كل شيء إلا أن يجيزوا، وإنما استحسن إذا قوم خرج من الثلث فيقوم بالنقد، ويكون لكل واحد مائته بعينها. وإن لم يخرج لهم أقومه، ومذهب ابن وهب والمغيرة: يقوم الدين على كل حال فإن خرج وإلا فالمحاصة على القيم، وسوياً في الوصية بالدين لهما أو لغيرهما. قال محمد: وأراه مفترقاً إن أوصي به لغيره من هو عليه قوم وإن لم يكن معه وصية، لأن الدين كالعرض أو لمن هو عليه وهو حال ولا وصية معه، لا يقوم بل يحسب عدده في الثلث، لأنه كالحاضر لأنه يتعجل لنفسه، فإن كان معه وصية لغيره وهو على عديم فلا بد من التقويم، لأنه كالأجل، وكذلك المؤجل يقوم، فإن خرج من الثلث وإلا خلع الثلث من كل شيء إذا لم يجيزوا، فإن أوصى بدينه عشرين لمن هو عليه وناضة ثلاثون؛ أسقط عن الغريم ستة عشر وثلثان، ثلث الجميع، فإن كان لم يحل قوم لأنه كالعرض، فإن خرج من الثلث نفذت الوصية وإلا خير الورثة بين إنفاذها أو القطع بثلث الميت فيأخذ ثلث الحاضر معجلاً ويسقط ثلث الدين عنه، فإن وصى معه لغيره بثلث ماله والثلث حال على موسر أخذ منه بغير تقويم، أو معسر فهو كالمؤجل فلا بد من التقويم بالعرض أو بالطعام نقداً. ثم يقوم ذلك بالعين فقط إن كانت قيمة ذلك خمسة عشر وقيمة الدين الموصى بتركه خمسة عشر فالثلث بينهما نصفان، فيترك للمديون نصف ما عليه ويشارك صاحب الثلث الورثة في جملة مال البيت، فما بقي على المديون وغيره على خمسة أجزاء؛ فللموصى له جزء إذا لم يحل الدين، ولم يجيزوا، قطعوا لهما بثلث الدين والعين، فما صار للمديون سلم إليه، فإذا حل ما عليه، اتبعه الورثة والموصى له بثلث ما بقي لهم عليه وذلك ستة عشر وثلثان فقسموها على خمسة أجزاء: للموصى له سهم، ولو كان له عشرة على موسر وعشرة على معسر وعشرة ناضة فأوصى بما على الموسر لرجل، وبما على الآخر لآخر، فلو لم يكن له غير العشرين لكان لكل واحد ثلث عشرته لاستواء وصيته من كل عشرة، أما إذا كان له سواهما مما يخرج العشرتان من الثلث ولم يجيزوا، فلا بد من قطع ثلث العشرات لهما يقتسمانه على قدر قيمة عشرة كل واحد منهما، ويبقى للورثه ثلثا كل عشرة. وكذلك إن كانت العشرتان مؤجلتين يقتسمان ثلث الناضة على القيم، وكلما حلت عشرة أخذ الورثة ثلثها، وقسما ثلثيها على ما تقدم، فإن كانت له مائة دينار وأوصى بعشرة فقبض منها عشرة فلا يخير الورثة في دفعها ولا قطع ثلث الميت، لأن الميت قد علم أن جميع ماله دين فقد أشركه في المائة بعشرة ولم يقل من أولها ولا من أخرها، ولو وجد من الميت شيء يدل على قيمة فيه وقع التخيير، ولو قبض الميت منها خمسة عشر قبل الموت وكان عنده خمسة من غيرها خير الورثة بين دفع الخمسة ويكون شريكاً فيما بقي بخمسة، وبين القطع له بالثلث بتلاً. قال اللخمي: إذا كانت التركة صنفاً: عبيداً أو غيرها فوصى بشيء بعينه هو الثلث فأقل ليس للورثة إعطاء الثلث شائعاً، وكذلك إذا أراد أخذ أحد الصنفين وهما في نجاز البيع سواء، ولا يقولوا نأخذ ثلث كل صنف لعدم الضرر عليهم، وكذلك إن كانت عيناً فوصى بالدراهم دون الدنانير أو بالعين، وهو الثلث في القيمة، أو دنانير مختلفة السكة، وله ترك فضل السكة لمكان الجودة، وليس ذلك رباً بينه وبين الورثة، لأن الوصية باب معروف كالقرض، ولو ترك عيناً وديناً دنانير أو دراهم فأوصى بالدين جاز إن حمل الثلث عدده، فإن كان العدد أكثر من الثلث وقيمته الثلث فأقل، فقيل: يجوز لأن الدين كعرض، ولو وصى بعرض وله عين جاز إذا حمل الثلث قيمته، وقيل: يعجل في الثلث العدد. قال مالك: لا يوصى بالعين ويترك لهم الدين. قال: وأرى إذا كان الدين حالا على موسر حاضر غير ملد وهو مؤجل لا يتعذر بيعه، وقيمته إن بيع الثلثان فأكثر: أن تجوز الوصية وإن كره الورثة، كما لو أوصى بالعين وترك لهم العرض، ولو ترك دوراً وغيرها فله جعل ثلثه في أيها أحب، وإن لم يرض الورثة إلا أن يترك لهم ما يتأخر بيعه بالأمد البين، وغرضهم البيع دون الاقتناء، فإن زاد على الثلث في وصيته بحيث يجوز له كما تقدم صح في الصنف الذي جعله فيه، ومقالهم في الزائد، فإن كان في التركة رباً نحو مائة شعيراً أو مائة قمحاً فرضي بالشعير وهو الثلث صح وللورثة القمح، وإن أوصي بالثلث فأقل فيما يضر بالورثة فيوصي بالحاضر ويترك لهم الغائب خيروا بين الإجازة وبين إعطائه ثلث الحاضر وثلث الغائب، فإن ترك عيناً وعقاراً وعبيداً فأوصى بالعين متعه مالك، وجوزه أشهب. وقال عبد الملك: إن كان بيع العقار يبطيء خيروا بين الإجازة ودفع ثلث الجميع، وإن وصى لهذا بعده ولهذا بدار وضاق الثلث تحاصوا فيه بالقيم، وإن كان وصى بجزء نحو السدس أو بشيء بعينه فثلاث روايات: في الكتاب: يتحاصان في الثلث، وروي: يبدأ بالجزء، لأن الثلث حق له وهو الحرية والإعتاق للورثة، ولأنها محتملة للزيادة بخلاف التسمية. وروي: التسمية لقوتها بالتعيين ومنعها من النقصان بخلاف التجزئة، فلو أوصى بسدس ولآخر بدار وهي ثلثه بديء بالسدس وخيروا بين إجازة الدار أو يعطوا له منها تمام الثلث، وإذا أوصى بثلثه لرجل وبعبده لآخر فقد رضي بثلث العبد مرتين فيكون الثلث بينهما نصفين، فإن أوصى بثلث ماله، ولآخر بنصفه فأجازوا النصف دون الثلث قيل: يقتسمان الثلث على خمسة: للنصف ثلاثة ويتم له الورثة من مال الميت النصف، فإن أجازوا النصف ولم يعلموا بالموصى له بالثلث، فلصاحب النصف ثلث المال بإجازة الورثة، ثم يضرب هو والموصى له بالثلث في الثلث، النصف بثلاثة، والثلث سهمان، فيصير لهما خمسا الثلث.وفي الجواهر: أوصى بعتق عبد وله مال حاضر ومال غائب ولا يخرج من ثلث الحاضر، فرواية أشهب: يوقف لاجتماع المال. وقاله ابن القاسم، وهذا إذا كان يقبض إلى أشهر يسيرة، أي عرض يباع وإلا عجل العتق في ثلث الحاصل، ثم إذا قبض ما بقي أتم فيه، وعن أشهب: يتعجل منه ثلث الحاضر حتى لو لم يحضر غيره عتق ثلثه تنفيذاً للوصية بحسب الإمكان، وكلما حصل زيد فيه ثلثه حتى يتم أو يويس، وقال سحنون: إنما يجعل ما حضر إذا أضر ذلك بالموصي والموصى له بطول ذلك. فرع: في الكتاب: أوصى بعتق عبده ولا يخرج من ثلثه الحاضر وله مال غائب يخرج منه: يوقف العبد، فإذا اجتمع المال قوم حينئذ، وليس له أن يقول: أعتقوا مني ثلث الحاضر الآن لأن تنفيذ الوصية فرع التقويم في الثلث إلا أن يضر ذلك به وبالورثة بطول الجمع، قال صاحب التنبيهات: إذا طال نحو الشهر والسنة أنفذ الثلث. قال أشهب: يعتق منه ثلث الحاضر، ثم إذا اقتضى شيء عتق بقدر ثلثه وهو تفسير قول ابن القاسم: إذا طال. قال ابن يونس: ولو كان مع ذلك وصايا: خير الورثة في إنفاذ الوصايا أو القطع بثلث الحاضر والغائب، وبديء بالعتق في الحاضر والباقي للوصايا وإن أوصى بعتق وجميع ماله عروض حاضرة أو دور حاضرة أو غائبة والرقيق يخرج من ثلث ذلك لو بيع، لعجل عتقهم، قال مالك: وليس للورثة تأخير العتق للبيع. فرع: قال ابن يونس: تركت زوجها وابنها مدبرة موصى بعتقها قيمتها مائة، ولها على زوجها مائة وهو عديم، فالمال بينهم على ستة أسهم: سهمان للأمة، وربع الباقي للزوج، وثلثه للابن، فإذا سقط سهم الزوج لأن عنده أكثر من حقه تبقى خمسة يقسم عليها ما حضر وهو قيمة الأمة، للابن ثلاثة وللأمة سهمان. فيعتق خمسا الأمة، وسقط عن الزوج مما عليه ما يخصه، وهو ثلث الأمة، لأن له سدس جميع التركة، فيسقط ذلك مما عليه ويبقى ما زاد على ميراثه وهو ثلثا المائة التي عليه، وكلما قبض من الزوج من ثلثي المائة الباقي عنده فللابن منه ثلاثة أخماس: خمس يعتق فيه من بقية الأمة حتى يكمل عتق ثلثيها، وتكمل الابن المائة، فهي التي له من التركة. ويبقى للزوج ثلث المائة. وهو حقه. قال أصبغ: فإن تركت مع ذلك مائة عتق أربعة أخماس الأمة، لأن الفريضة من ستة: سهمان للأمة، وثلاثة للابن، وسهم للزوج، يسقط ويقسم ما حضر - وهو مائتان - بين الأمة والابن على خمسة: للأمة خمسا المائتين، تعتق فيها أربعة أخماسها، وللابن المائة الباقية وعشرون في الأمة، ويسقط عن الزوج مما عليه مقدار إرثه من المائتين، وهو ثلث المائتين، ثم ما قبض من الزوج عتق من المدبرة ما يخص خمسه، وقبض الابن أخماسه، فإذا تم عتق الأمة بقي للزوج خمسون مما عليه، وهو حقه، وحصل للولد خمسون ومائة، وهو حقه. قال محمد: فإن لم يترك غير المدبرة، وقيمتها مائة، وعلى الزوج أربعمائة، عجل عتق خمسي المدبرة. ولو كانت الأربعمائة على الابن عجل عتق ثلث المدبرة، لأن ما حضر من التركة بين الزوج والمدبرة سهمان لها، وسهم له، ولو ورثها ابنان وزوج وعلى الابنين دين قل أو كثر عجل من عتق الأمة أربعة أتساعها لأن الفريضة من اثني عشر، للأمة الثلث، وربع الباقي للزوج، ولكل ابن ثلاثة، يسقط سهم الابن المديان تبقى تسعة، أربعة منها للأمة، ولو كان الدين على الزوج عجل عتق خمسها، ولو تركت ابناً عليه مائة، وزوجها عتق ثلثا الأمة ويبقى ثلثا للزوج، وقد أخذ الابن حقه، ولو كان على الزوج لأجنبي دين مثل ما للزوجة عليه فمصابه من الأمة وهو السدس نصفه في دين الأجنبي، ونصفه بين الأمة والابن على ما تقدم، وعن ابن القاسم: إذا تركت مدبرة قيمتها مائة وخمسون ولها على الزوج مثلها وتركت زوجها وأخاها، يعجل عتق نصف الأمة لأن لها ثلث نفسها وثلث للزوج وثلث للأخ يؤخذ ثلث الزوج فيما عليه من الدين فيكون بين الأمة والأخ نصفين، ويبقى على الزوج فاضلا عن حقه خمسون بين الأخ والمدبرة نصفين ولو كان الزوج بعيد الغيبة لا يعلم حاله لم يبع مما عليه شيء إلا أن يكون قريباً يعرف ملاوه من عدمه، وإذا لم يبع مما عليه شيء ولا أيسر حتى حالت قيمة المدبرة بزيادة أو نقص. ثم ايسر لم تؤتنف فيها قيمة عن القيمة المتقدمة لأنه حكم نفذ، ولو ماتت الأمة قبل ذلك وقد تركت المرأة مما على الزوج الابن كله، ولو استوفى من الزوج (وقد زادت قيمة الأمة لم ينظر إلى ذلك ولم يعتق غير ما عتق، ولو قبض من الزوج) بعدما نقصت فليعتق منها تمام الثلثين زادت قيمتها أو نقصت. ولو يئس مما عليه الزوج فباع الابن ثلاثة أخماسها ثم أيسر الزوج نقص من ذلك البيع تمام ثلثها وعتق زادت قيمتها أو نقصت ويرد الابن على المشتري حصة ذلك، ولا يمنع الابن أو الأخ من بيع ما بيده منها وإن لم يؤيس من الزوج بعدم أو موت. ولكن إن شاء البيع بديء بيع ما للمدبرة على الزوج يتعجل منه عتقها، ويأخذ الابن ثمنه ثم يطلق يده على جميع ما بقي له فيها إلا أن يويس الزوج بعدم أو موت، فالابن يجعل بيع جميع ما بيده منها، وإن طرأ للزوج مال نقص من ذلك البيع ما يتم بيع عتق ثلثيها، ولو لم يكن، وكانت وصيته بمال لرجل أو صدقة على وارث دين: فالجواب: مثل ما تقدم في العتق، ويحاص ذو الوصية الوراث الذي لا دين عليه فيما حص سواء كانت الوصية دنانير بعينها أوبغير عينها عند ملك وأصحابه إلا أصبغ. فرع: في الكتاب: إذا رد ما أوصى له به رجع ميراثًا، ويحاص به أرباب الوصايا لأنه إنما أوصى لهم بوصف مزاحمته. قال صاحب النكت: يريد: رد الوصية بعد موت الموصي، ولو رد قبل موته لكان كموته قبل موت الموصي ففيه ثلاثة أقوال. قال ابن يونس: موته قبل موت الموصي وقد ضاق الثلث خلافه يجري فيما إذا مات العبد الموصى به بعد موت السيد قبل قسمة المال؛ فيحيا العبد بالذكر ويحاص به أرباب الوصايا لأنه إنما أوصى لهم مع هذا، فقام الورثة مقامه، وعلى القول الآخر يجعل نسياً منسياً. فرع: قال قال ابن يونس: قال ابن عبدوس: لو أوصى بعبد لا يحمله الثلث وقال الرجل: أنا أعطي بقية ثمنه ويكون لي، وقال الورثة: نعطيك قيمة حقك، ليس ذلك للجميع لأنهم شركاء بل يتقاومونه أو يبيعونه. فرع: قال اللخمي: إذا ترك امرأة حاملا لا ولد لها، اختلف هل تعطى الآن الثمن، فإن أسقطته أو ولدته ميتاً أتم الربع، فإن فيه تعجيل حق متيقن، أو لا تعطى شيئاً حتى تضع، لأن القسمة فرع تيقن الشركة، وكذلك إذا كانت حاملاً ولها ولد، قيل: لا تعطى هي ولا أولادها حتى تضع، وقيل: تعطى الثمن، والولد نصف الباقي، لإمكان كون الحمل ذكراً، وقيل: ثلثه لإمكان أن يكون غلامين، وقيل: الربع لإمكان أن يكون ثلاثة، وقيل: الخمس لإمكان أن يكونوا: خمسة، والنصف أحسن لأنه غالب. فرع: في الكتاب: أوصى بدنانير من غلة داره، أو خمسة أوسق من ثمره، والثلث يحمل الدار والحائط، فأخذ ذلك عاما ثم بار ذلك أعواما: له أخذ نصيبه كل عام ما بقي من غلة العام الأول شيء، فإن لم يبق منه شيء أخذ ذلك للأعوام التي لم يأخذ فيها، لأنه حق يتأخر له، ولو أكريت الدار أول سنة بعشرة دنانير فضاعت إلا دينار فهو له، لأن الوصية مقدمة على الميراث وكذلك الغلة، ولو قال: من غلة كل سنة خمسة أو سق أو من كراء الدار كل سنة عشرة لم يأخذ من سنة عن سنة أخرى لم تغل، لأن (من) للتبعيض، فقد نص على بعض كل سنة ههنا بخلاف الأولى. ولو أكريت بأقل من عشرة أو غلت أقل من خمسة أوسق لا يرجع بتمام ذلك في عام آخر. قال صاحب النكت: إذا مات الموصى له نصف السنة له نصف الوصية وكذلك الثلث وغيره على قدر موته، وإذا أراد تعجيل عشرته وشاحة الورثة فينبغي أن يكون بحساب ما مضى من السنة ككراء الدور والدواب، وإذا لم يحمل الثلث ولم يجيزوا دفعوا له ثلث الميت شائعاً، لأنه حق الميت، ولو جعل ذلك له ولعقبه مؤبداً فهو كالوصية بالحائط للمساكين يقطع في الثلث، وإن قال: ادفعوا لي بقية الثمرة في العام الأول لئلا يهلك النخل في العام الثاني نظر السلطان، فإن كانت مأمونة لا تخاف أو غير مأمونة حبس قدر ما يخاف عليه من ذلك، ويمتنع بيت السلطان لا يشترط على المشتري حق الموصى له وهو غرر، فإن أوصى له بقدر معلوم لم يعينه في جهة جاز البيع إذا كان الورثة أملياء ثقاة وحملوا ذلك. قال ابن يونس: لو أكروها بالنقد فضاع إلا نصيبه أعطوه له، ولو بقي عجلوا له نصيبه، ولو انهدمت بعد ستة أشهر أخذه مما مضى، ولو قال: من كل سنة دينار أو وسق فأكروها نصف سنة فله نصف دينار، لأنه أوصى بدينار من السنة كلها (وإن جاء الحائط بأقل لم يرجع به في عام آخر) ولو أوصى بثلثه ولآخر بدرهم كل شهر من غلة عبده ولم يدع غيره، قال محمد: يحاص الثلث بثلث قيمته والآخر بتعميره لكل شهر درهم، فما أصابه وقف له بيد عدل ينفق عليه، فإن مات قبل ذلك عاد لصاحب الثلث، وإن فني وهو حي رجع على صاحب الثلث بما يرى أنه بقي له من عمره لو حوصص له بذلك، وفي رجوعه خلاف، ولو أوصى بخدمة عبده ولآخر بدرهم من غلة ذلك العبد كل شهر، والعبد ثلث، بديء بصاحب الدرهم كمن أوصى بثلثه لرجل، ولآخر بمائة من ثلثه، فإن شاء المخدم أعطى الدرهم كل شهر وحاز الخدمة، وإلا استؤجر العبد وبديء بالدرهم من أجرته، وكذلك لو أوصى بثمرة حائطه ولآخر بعشرة آصع من ثمرته كل سنة قدمت الآصع، وما فضل للآخر، فلو فضل أقل من عشرة أخذ التمام من العام المقبل. وعن ابن القاسم في الموصى له من غلة حائطه أو من عبده بدينار كل شهر حياته، والثلث يحمل ذلك: إن ضمن له الورثة ذلك إلا وقف العبد والحائط، وإن لم يحمل الثلث وقعت المحاصة بالتعمير في العبد على أقل العمرين للعبد أو الموصى له، قال ابن القاسم: ولو أوصى بوصايا ولرجل بنفقته حياته من بقية الثلث ولم ينظر في ذلك حتى مات الموصى له بالنفقة، فإن فضل من الثلث شيء أعطى منه ورثته قدر ما عاش بعد موت الموصي لاستحقاقه بالموت، وكذلك لو لم يمت إنما تحسب له من يوم موت الموصي. قال ابن القاسم: لم يقل: ينفق عليه من بقية الثلث بل ينفق عليه حياته: حاصص ورثته أهل الوصايا في جميع الثلث بنفقته ما عاش بعد موت الموصي، فإن أوصى بعشرين ديناراً ولآخر بعشرة ولآخر بدينار كل شهر حياته فكان تعميره يقتضي ثلاثين، والثلث أربعون: قال ابن نافع: يأخذ كل واحد ثلثي وصيته وينفق على صاحب النفقة ثلثا دينار كل شهر، فإن مات قبل الأجل رجع الفاضل لأرباب الوصايا، ولو أوصى بنفقة رجل عشر سنين فمات، فالفاضل لورثة الموصي، كما لو أوصى له حياته، ولو أوصى لجماعة بنفقتهم (حياتهم، وجعل نفقتهم بيد عدل فإن مات بعضهم قبل أجل التعمير رجع الباقي لنفقتهم) فإن ماتوا كلهم رجع الباقي لأهل الوصايا، فإن استوفيت الوصايا فللورثة، وإن نابهم نصف وصاياهم لم تنقص نفقتهم كل شهر. قال مالك: وكذلك لو أوصى بكل دينار كل شهر فوقع له نصف دينار، لأن الميت قصد التوسعة عليه خلافاً لابن نافع. قال مالك: لو أوصى لخمس أمهات أولاده بعطية كل سنة، عشر لكل واحدة بعدد مسمى فمن ماتت رجع نصيبها للورثة دون صواحبها، لأن التسمية لا يزاد عليها، قال محمد: ولو لم يسم رجع لصواحبها كأنهم رجل واحد. قال ابن القاسم: لو وصى بمائة دينار تنفق على رجل منها كل سنة كذا وعليه دين فقال غرماؤه: عمروه لنأخذ الفضل، لم يجابوا، لأن الفضل لورثة الموصي (ولو أوصى له بدينار كل شهر ينفق عليه فلهم أخذ الفضل عن نفقته، لأنه ماله، وقال عبد الملك في الموصي) بالنفقة والخدمة والسكنى ففلس: إن كان الفضل بيناً نحو خمسة دنانير في الشهر فهي وصية بالنفقة وبغيرها فلهم الفضل، فإن سمى ما بين ضيق النفقة وسعتها فلا، قال التونسي: لو أوصى بغلة ثلث حائطه لأوقفت الحائط إذ لا تختص الغلة بثلث معين، وللورثة قسمة الحائط وإيقاف ثلثه كما لو أوصى له بثلثه، وقيل: يوقف جميع الحائط، وللموصى له بالخدمة حياته بيعها من الورثة لتخلص الرقبة لهم، وتجوز إجارتهم له السنين، والأمد المأمون دون العشر سنين، وإن جازت إجارة العبد عشر سنين، لأن الإجارة تبطل ههنا بموت العبد وبموت المخدم، بخلاف إجارة الرقيق تبطل بموته فقط فالغرر أكثر، ولو أجرت عبدك بشرط: إن مت بطلت الإجارة وفسدت، ومقتضى ذلك الفساد ههنا في القليل لكنه استخف في المأمون من المدة، أما إذا أوصى بخدمة عشر سنين لأن الإجارة لا تنتقض بموت غير العبد، وإذا أوصى بثمرة حائطه جازت مصالحة الورثة على ذلك، وتترك الوصية، وإن كان بيع مجهول، لأن الحياة مجهولة، لأنه تخليص للرقاب، فكأنهم اشتروا الرقاب لما كانوا ممنوعين منها، فلو أوصى بثمرة سنة واحدة ولم يؤبر امتنع شراء الثمرة لتمكنهم من بيع الأصل، لأن ابن القاسم يجوز في المساقاة بيع الحوائط بالمساقاة قبل التأبير، وتبقى الثمرة ملكاً لصاحبها، وأما قول غيره: إنه يمتنع البيع إلا بعد إبار الثمرة سنة فيجوز لهم الشراء ههنا لتعذر التصرف، وإن أبرت وهي سنة واحدة فيمتنع على مذهب ابن القاسم القائل: إن شراء أصل فيه ثمرة بطعام، لا تجوز إلا على الجذاذ. قال اللخمي: إذا أوصى بدينار من داره كل سنة وأكراها الميت سنة بالنقد ليس للموصى له من ذلك شيء لتعلق الوصية بما يكري بعد، وإن أكراها بغير النقد دخلت الوصية فيما يقبض من ذلك لتأخره بعد الوصية، فإن أكراها الورثة كل شهر بدينار فله من كل دينار نصف سدسه، ويسلم الباقي للورثة إن كانوا مأمونين، وإلا أخرج الدينار لأن وقف بقيته ضرر على جميعهم، وإن اختلفوا هل يكرى بالنقد أو مؤجلاً؟ حملا على العادة في تلك الدار، فإن عدمت العادة أكريت مشاهرة، لأن كراء جميع السنة يحبس، فإن أكريت سنة فانهدمت بعد نصفها فله الديناران، قال: يعطى من الغلة كل سنة ديناراً أو نصفه إن قال: من غلة كل سنة دينار على مراعاة الألفاظ إلا أن يفهم عنه خلاف ذلك، فإن مات الموصى له بعد شهر فله نصف سدس دينار، أو مات وفي الحائط ثمر مزة فليس للموصى له منه شيء، بل المزهي للورثة كالبيع. قال ابن القاسم: إن أوصى بدينار من غلة داره أو حائطه لرجل حياته: إن ضمن الورثة له ذلك وإلا وقف الحائط، أو بآصع ليس له ضمان ذلك إلا أن يرضى، لأن الوصية بالثمار كالسلعة المعينة ليس لهم بدلها بغيرها بخلاف الدينار لا تختلف فيه الأغراض، ولو علم أن قصد الموصي الحفظ عليه من التلف إن أخذه جملة لم يجز رضاه، وعليهم غرم الوصية كل سنة. قال محمد: إن انهدمت في حياة الموصي وهي تخرج من الثلث، فما بين القيمتين ميراث، والوصية على حالها في القاعة، وإن هدمها أحد بعد الموت غرم ذلك وبنيت له والوصية على حالها، وكذلك لو قطع نخل الحائط، لأن الأصل: بقاء حقه. فرع: في الكتاب: إذا أعمرك أو أخدمك أو أسكنك أو أعطاك ثمرة حائطه جاز شراؤه منك كله هو أو ورثته، ويصالحوك على مال ولو لم يتم النخل، لأنه تخليص للرقاب، ولأن أصله معروف، وإن أوصى لك حياته جاز للورثة بنقد أو دين كشراء العرية بخرصها، ولو صالحوك على مال ثم مات العبد وأنت حي لا يرجعون عليك لدخولك لهم على الغرر، ويمتنع بيع هذه الخدمة من أجنبي لأنه غرر سوغ لضرورة تخليص الرقبة للتصرف فيها، وهو منفي في حق الأجنبي، ولك إعارة ما أوصى به لك من السكنى وإخدام العبد إلا أن يعلم أنه أراد الحضانة والكفالة، لأنه حينئذ ملكك أن تنتفع لا المنفعة كتمليك الشرع المكلف أن ينتفع بالمسجد والمدرسة وقارعة الطريق، وليس لك المعاوضة على شيء من ذلك، ولو مت قبل الأجل عتق العبد إن جعل حراً بعد الأجل إلا أن يكون من عبيد الخدمة، أو ممن أريد به الخدمة، فإنه يخدم الورثة بقية الأجل، لأنه بقية حقه يورث عنك، وإن قال الموصي: اخدم ابني فإذا تزوج فأنت حر، فبلغ النكاح موسراً عتق، لأنه أراد بلوغ أمده والإعانة مدة الضعف. قال صاحب النكت: قال جماعة من الشيوخ: لو بلغ الابن معسراً لم يعتق حتى يكون له مال يتزوج في مثله، لأن المقصود رفع كلفة الخدمة. قال ابن يونس: إذا أوصى بغلة داره أو جنانه للمساكين ولم يحمل الثلث الدار أو الجنان: قال أشهب: يخرج منها محمل الثلث ولا يخير الورثة فيها لأنه لا يرجى مرجعه للورثة، ولو كان على أقوام بأعيانهم ولم يحمله الثلث ولم يجيزوا: قطع لهم بثلث التركة بتلا، لأن المرجع للورثة إذا هلكوا، ولو أوصى للمساكين بعدة أوسق من بستانه، أو عدة دنانير من داره كل عام: فهذا يخير فيه الورثة بين الإجازة أو القطع بالثلث بتلا. قال اللخمي: أشهر قولي مالك: إن للموصى له شراء الرقبة ليتصرف فيها بالبيع. وعنه: المنع. قال سحنون: لا يجوز من ذلك إلا للضرورة (من فلس ونحوه، لأنه شراء عين لم يبق فيها منفعة. قال: وكذلك أرى في شراء الورثة الخدمة لا يجوز إلا للضرورة) ويجوز على قول مالك شراء بعض الورثة نصيبه من الخدمة دون نصيب شريكه إلا أن يشتري جميع الخدمة للسنة والسنتين، كما يجوز للأجنبي، فإن هلك العبد قبل الأجل رجع بقية الإجارة فلو كانت الوصية بالخدمة عشر سنين جاز أن يشترطوا تلك المدة. وإن هلك (العبد قبلها رجعوا عليه بالبقية إلا أن يكون قصدهم بالشراء التحلل في الرقاب، لأن الثمن لهذا العرض، وإذا كانت خدمة العبد موفية) جاز بيعها ما لم يبعدالأجل، وأجاز ابن القاسم إذا كان الأجل عشر سنين أن يكريه بالنقد فيها، لأنه إذا مات المخدم قبل العشر خدم الورثة بقية الأجل، ومنعه ابن نافع، لأن العبد عنده بعد الموت يرجع لسيده، وإن أخدمه حياة المخدم أجره الأمد القريب، لأن الغرر من حياة العبد وحياة المخدم، وإن كانت الخدمة بحياة العبد جاز على أصل ابن القاسم إجازة عشر سنين لأن الغرر من وجه واحد موت العبد، كما لو أجر عبد نفسه. وقال في الدار الموصى له بسكناها: لا يكريها إلا الأمد القريب نحو الستين، وكره ابن ميسر لأربع. قال: ولو كرهت هذه لكرهت إجارة عبده سنتين لأن الغرر في الدار من جهة واحدة، لأنها مأمونة، ويجوز النقد للأمان، ويجوز في الدار والعبد العشر سنين بغير نقد على القولين، وأجاز ابن القاسم للموصى له أن يؤاجر العبد وهو من عبيد الحضانة إن لم يحتج للحضانة، فإن احتاج منعه، وجوزه أشهب في مثل تلك الحضانة، لأنه تمليك للمنفعة. قال: والأول أحسن، لأن الموصي بمثل تلك يكره إجارة عبده. قال: وكذلك (أرى الذي يوصي بخدمة عبده فلاناً أو يخدمه إياه من غير وصية أجلاً معلوماً وكذلك) إذنه في ركوبه وسكنى داره وقاله ابن نافع. وإذا مات العبد في أثناء المدة لا يبقى للورثة شيء لأنه ملكه أن ينتفع دون المنفعة، وكذلك الرجل يسكن داره صهره سنة فيطلق ابنته في بعضها أو يموت، وإذا ضرب أجلاً للثمرة فانقضى وقتها مدة لم تؤبر فلورثته، أو أزهت فللموصى له لأنها كملت في أجله، واختلف إذا أبرت هل للورثة أم للموصى له؟ لأنها حالة متوسطة بين البداية والنهاية. قال: وأن لا شيء لهم أحسن، إلا أن تزهى، فإن كانت الوصية بما تلده أمته فانقضى الأجل وهي حامل: فلورثته، لأنه أوصى بما تلده في تلك السنة، وهذا ولد في غيرها. قال محمد: إن أوصى بثمرة حائطه الآن لرجل، والمستقبلة لآخر والحائط لا يخرج من الثلث إن أبرت قومت ثم قومت المستقبلة إلى حياة الموصى له، فإن استوت القيمتان فلصاحب المأبورة شطر ثلث الميت في عين الثمرة، وللآخر الشطر شائعاً في جملة التركة، فإن لم تؤبر فلهما ثلث مال الميت على قدر وصاياهما. فرع: في الكتاب: أوصى برقبة بستانه أو أمته فأثمر البستان أو ولدت الأمة قبل موت الموصي والثلث يحمل البستان والثمرة والأمة وولدها، والثمرة والولد للورثة لأن الوصية إنما تستحق بعد موت الموصي، وكذلك إذا أبرت النخل أو لقحت الشجر قبل الموت، وما أثمرت به بعد الموت قبل النظر في الثلث فللموصى له لتقدم سبب الاستحقاق. ولا تقوم الثمرة مع الأصل بعد الموت بخلاف الولادة وشبهها، والثمرة كالغلة والخراج، والولادة كالأجزاء، ولا يقوم ما أفاد المؤبر والموصى بعتقه والموصى به لرجل بعد الموت قبل النظر في الثلث لحدوثها بعد سبب الاستحقاق، بخلاف أموالهم التي مات السيد عنها بأيديهم، أو نما من ربحها بعد موته، وليس لهم التجر فيه بعد موته فإن فعلوا فالربح كرأس المال، ولا يقوم مع المبتل في المرض ما أفاد بعد عتقه قبل موت السيد أو بعد موته بل هي فوائد لهم، والموصى له بالعبد إن حمل الثلث رقابهم، وإن حمل بعضها وقف المال بأيديهم. قال صاحب النكت: إذا اكتسب الموصى بعتقه مالا قبل الموت ومالا بعده لسيده، قوم ما هو قبل على القولين، ولا يقوم ما بعد على القول الواحد إذا حمله الثلث، لأنه ظهرت حريته من حين الموت، ومال الحر له، فإن لم يحمله الثلث قوم لأنه موقوف بيده وقد وجب الشركة فيه. قال التونسي: العبد للموصى به لرجل لا يتبعه العبد في الصحة والبيع، وقيل: يتبعه كالعتق، وما أغلت النخل بعد موت الموصي، أو اكتسبه العبد الموصى بعتقه بعد الموت، أو الموصى به لرجل، والمدبر أو المبتل قبل الموت وإن وهب ففي ذلك خلاف، قيل: تقوم الأصول بغير غلات لحدوثها بعد الموت. فإن خرجت تبعها الغلات، وقيل بغلتها وهو أشبه قياساً على نماء العبد بعد الموت، وولد الأمة لم يختلف فيهما كأعضائهما، وإذا قومت الأصول وحدها فخرجت من الثلث وتبعتها الغلات وقد اتفق عليها من مال السيد إلى أن نمت، أنظر هل يرجع على الموصى له لعدم نفع الميت لأنها خرجت من الثلث؟ فإن لم تخرج من الثلث نصفه هل يرجع عليه بنصف النفقة؟ ولو مات الموصى به لرجل وترك مالا قوم ماله على القول بأنه يتبعه، فإن خرج من الثلث أخذه الموصى له، وفي كتاب محمد: إنما اكتسبه لورثته إذا مات، ولم تكن أموال مأمونة، ولو جني على عبده فأخذ أرشاً فهو لورثة سيده، أو قتل فقيمته لورثته، كما لو أوصى بعتقه لعدم تمام الحرية فيه. قال اللخمي: النفقة على الغلات من مال الميت، وعلى عدم تقويمها فنفقتها على الموصى له، وولد العبد والأمة يدخل في الوصية قولاً واحداً إن حدث الحمل بعد الموت اتفاقاً، فإن حدث الحمل في الحياة والولادة بعد الوفاة: فولد الأمة للموصى له، وولد العبد من أمته للورثة أوصي بعتقهما أو لفلان، والجناية في حياة السيد للورثة يكثر بها مال الميت، وكذلك إذا كانت بعد موته وقد وصى بعتقه لأنه جني عليه وهو عبد.فإن قال: إن مت فهو حر عتق بنفس، والجناية عليه جناية حر له ولورثته. وقال محمد: الموصى به لرجل حياته لورثة السيد كالموصى بعتقه، وعلى قول ابن القاسم: للموصى له، لأن الميت أخرجه عن الورثة. فرع: في الكتاب: استحداث الدين في المرض يرد ما بتل من العتق في المرض ويضر ذلك بالعبد كما يضر به ما تلف، (وقد قال غير هذا). فرع: قال ابن وهب: إذا أوصى بما تلده بقرته هذه أبداً: إن كانت حاملا يوم الوصية فهو له، وإلا فلا شيء ولو حدث حمل، ولربها بيعها لأن الوصية يرجع فيها. وقال أشهب: بل له ما تلده أبداً وهو أصوب، لأنه ظاهر اللفظ. قال محمد: وهذا إذا لم تكن يوم الوصية حاملاً وإلا فليس له إلا حملها، وإذا أوصى بصوف غنمه ولبنها لرجل وبها لآخر: فالنفقة على صاحب الغلة، وله ما كان تاما في الصوف يوم مات، وما في ضروعها من اللبن، وما في بطونها من ولد وما تلد حياته، يريد: إذا لم تكن حوامل يوم الوصية، وإنما حملت يوم الموت. ولو كانت حوامل يوم الوصية لم يكن له غيره إلا أن يوصي بما تلده حياته أو يعلم أنه أراد ذلك، قال عبد الملك: إذا أوصى بما في بطن أمته أو غنمه أو ثمرة نخله وبوصايا، فولدت قبل النظر حوصص بالولد على حسنه وقبحه وقيمته وإلا حوصص بقيمة الأمهات، فإن تبين عدم الحمل رد ما وقف على أهل التلف، فإن ماتت الأمهات، وخفي أمرها وكان الحمل بيناً مضى الحصاص على عشر قيمة الأمهات، وقيل: تباع الأمهات ولا تنتظر، ولا تكون أقوى حالا ممن يعتق ما في بطنها ثم يموت، فإنها تباع في دينه، وإذا أثمرت النخل فينظر كم يسوى المؤجل تبعهما يحاصص بذلك وكذلك يحاصص في العبد الآبق يرضى بقيمته على غرره. قال ابن القاسم: يوقف الزرع الموصى به حتى يحل بيعه فيحاص به. وقال أشهب: إن أوصى بحمل أمته: إن حمل الأم الثلث حاملاً وقفت حتى تضع فتقوم الوصية على وجهها، ولا ضرورة في الغرر. قال ابن القاسم: إن قال: ثمرة حائطي ولم يبين أي ثمرة ولا المدة: إن كان فيها يوم الوصية ثمرة لم يكن له غيرها، لأنها الموجوده التي تسمى ثمرة، وإلا فله ثمرته حياته، وإن أوصى بثمرة حائطه ولم يدع غيره ولم تؤبر، لم يلزمهم إيقاف الحائط حتى يؤبر، بل إما أجازوا أو قطعوا له الثلث من التركة، ولو أوصى بغلة ثلث حائطه لزم الورثة كما لو أوصى بثلث حائطه ملكاً، لأن ثلث غلته إيقاف لجملته ولا يصح فيه القسم، والآخر يصح فيه القسم. قال سحنون: لو أوصى بغلة حمامه للمساكين: ليس للورثة قسمته وإن خرج الحمام من الثلث، بل يبقى الثلث موقوفاً حتى تحصل غلة جميعه فيعطى ثلثها كما أوصى. فإن لم يحمله الثلث خير الورثة بين إيقافه كله وإعطاء ثلث الميت للمساكين، وإنما قال ذلك في الحمام لأنه لا ينقسم، ولو كان داراً تحمل القسم لفرق بين قوله: غلة ثلث داري، وثلث غلة داري، كما تقدم لأشهب في الحائط. فرع: في الكتاب: إذا أوصى لبني فلان، قسم بينهم بالسوية لا بحسب الحاجة بخلاف الحبس فإنه يجري مجرى الصداقة. فرع: في الكتاب: إذا مات الموصى له بعد موت الموصي فهي لورثة الموصى له علم بها أم لا، لموته بعد تقرر حقه، وإن مات قبله بطلت الوصية علم الموصي بموته أم لا، لأن الوصية إنما تعتبر عند الموت، فإذا ظهر أنها لا محل لها حينئذ بطلت، ويحاص بها ورثة الموصي أهل الوصايا في ضيق الثلث، لأن موروثهم إنما أوصى لأهل الوصايا بصفة كونهم يضايقوا بوصية الميت، وعنه: إذا علم بموته بطلت الوصية وعليه الرواة، لأنه إذا علم فقد أقر وصيته لمن بقي من أهل الوصايا، وإلى الأول رجع مالك، وبه أخذ ابن القاسم، قال ابن يونس: قال مالك: إذا رد أحد أرباب الوصايا وصيته بعد موت الموصي، حاصص بها الورثة كالميت فيقسمها الورثة مع ميراثهم، فلو رد قبل موت الموصي، فهي كموته قبل موت الموصي، ويجري فيها اختلاف قول مالك. قال اللخمي في محاصة الورثة: إذا مات قبل موت الموصي والوصايا أكثر من الثلث: أقوال لمالك، ثالثها: إن علم لم يحاصصوا، وإلا حاصصوا فالمحاصة - وإن علم - مبنية على أحد أقواله: إن الميت إذا زاد على ثلثه فقد قصد دخول أرباب الوصايا (بعضهم على بعض وعدم المحاصة، وإن لم يعلم إما على أحد القولين في دخول الوصايا) فيما لم يعلم به، أو لأنه يتوقع رده والتفرقة بناء على أن علمه إقرار لأصحابه. أما إن أوصى له بالثلث فلم يقبل أحدهم أو مات حاص الورثة بنصيبه قولاً واحداً، لأن الموصي إنما أعطى بصفة المحاصة فلا يؤخذ أكثر منها. فرع: قال ابن يونس: قال يحيى: إذا ترك زرعاً أخضر وثمرة لم تطب ورقيقاً وأوصى بما يضيق عنه الثلث: فإن كان بمال بيع رقيقه ونفذت الوصية وانتظر حالة جواز بيع الزرع. بيع ودفع لهم ثلث الثمن. فإن أوصى بعتق أو ببعض الرقيق فلا يباع فيه، بل إذا حل بيع الزرع بيع الزرع ولا يقسم شيء حتى يباع الزرع إلا أن يجيز الورثة فيقتسمون بقية المال ويبقى الزرع لهم. وقال أصبغ: إن كان الزرع في أول بذره وفي ذلك عطب الحيوان والضرر على العبد عتق محمل الثلث. فرع: في الجواهر: كل تبرع في المرض المخوف فهو محسوب في الثلث، وإن كان منجزاً، وقاله الأئمة لحديث المعتق ستة أعبد فأقرع - عليه السلام - بينهم فأعتق ثلثهم ورق ثلثاهم. وكذلك إن وهب في الصحة وقبض في المرض، لأن القبض معتبر في الهبة ويحجر عليه إلا في الثلث، وإن لم يكن المرض مخوفاً لم يحجر عليه، والمخوف: كل ما لا يؤمن فيه الموت، كالحمى الحادة، والسل، والقولنج، وذات الجنب، والإسهال المتواتر مع الدم، وما يقول الأطباء: إنه سبب الهلاك غالباً، وما دون الجرب، ووجع الضرس وحمى يوم، والرمد، والبرص، والجنون، وحمى الربع، وكل ما أشكل، أخذ فيه بقول أهل المعرفة بالطب كما في العيوب، وأما المفلوج والمجذوم إن لزما الفراش، فكالمرض، وإلا فلا، ويلحق بالمخوف: الحامل في ستة أشهر، والمحبوس للقتل في قصاص أو حد، والحاضر في صف القتال متعرضاً للقتل، لأن هؤلاء يغلب في حقهم الموت كالمرض المخوف، وألحق ابن وهب وأشهب: الملجج في البحر وقت الهول، وخالفهما ابن القاسم، ولا يحجر عليه في القوت والكسوة والتداوي وما يحتاج إليه من الأشربة وأجرة الطبيب ونحو ذلك، وكذلك المعاوضة كالتجارة بغير محاباة، الإجارة والرهن والأخذ بالشفعة فلا يحجر عليه، لأنه لا ضرر على الورثة فيه، وما عدا ذلك من التبرعات موقوف، وإن مات فمن الثلث، أو عاش نفذت، وإن أجر بأقل من الأجرة فالمحاباة في الثلث، وفي المنتقى: قال عبد الوهاب: يحجر على المريض فيما زاد على حاجته في الدواء والكسوة والإدام وما خرج عن العادة. قال: ومحاباة المريض موقوفة، فلو باع ذهباً بورق وحابى فيه صح، لأنه لم يقصد الإتلاف بل هو ينجز حتى يرد الورثة، كالرد بالعيب، ووافقنا أحمد في الحامل، وخالفنا (ش) و(ح) حتى تبلغ المخاض لأنها صحيحة، وجوابهما: أنها في العادة يندفع حلها وهي أيضاً تتغير صحتها وتتعلل، ويشير إليه قوله تعالى: (حملت حملاً خفيفاً فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين) فدل على أن زمن الثقل هو الزمن المرجى للوضع ومظنته، ولذلك دعوا، ومعلوم أنها في الستة مثقلة، وخالف الشافعي في الزاحف في الصف حتى يتصدى للجراح ليشرع في المطاعنة، لنا: قوله تعالى: (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) وإنما رأوا القتال وهو الذي كانوا يتمنونه فجعله موتاً لوجود مظنته. فرع: قال: الوصية بالعتق لا تفتقر إلى قبول العبد، لأن العتق حق لله تعالى. وكذلك لو أوصى برقبته، ووقع في الكتاب: إذا أوصى ببيع أمته ممن يعتقها، لها الامتناع إن كانت من جواري الوطء حيث يكون العتق هدراً، قاله ابن القاسم، كمن أوصى بضرر وأنفذ غيره عتقها، لأنه قربة يثاب عليها. فرع: قال: لو أوصى بثلث ماله فاستحق ثلثا ماله فالوصية في ثلث الثلث شائعاً، ووافقنا الشافعي على أن المعتبر في قدر المال بحال الموت دون يوم الوصية. فرع: قال: إذا أعتق عبيداً وضاق المال أقرع بينهم. قال صاحب البيان: قال مالك: تقع القرعة في الموصى بعتقهم، وفي المبتلين في المرض إذا أوصى بعدد منهم أو جزء أو بجميعهم ولا يحملهم الثلث لما في الموطأ: إن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته فأسهم - عليه السلام - بينهم فأعتق ثلثهم ورق الباقي. قال مالك: وبلغني أنه لم يكن له مال غيرهم، ولو كان له مال غيرهم عتق منهم بالقرعة محمل الثلث عند مالك. وقال ابن نافع: تختص القرعة بموت السيد في العتق عند الموت ولا مال له غيرهم، لأنها تذهب ما ثبت لجميعهم من العتق. وقال أشهب: لا يقرع إلا في الموصى بعتقه لعدم ثبوت العتق، لأن الوصايا تقبل الرجوع بخلاف المبتلين في المرض. فلو قال: أحد عبدي هذين حر ونصفهما أعتق نصف قيمتها بالقرعة عند الجميع بأن يقوم كل واحد على حدته ويقرع عليهما. فإن خرج العتق للأول عتق من الآخر بقية نصف الجميع، وإن خرج الأكثر خرج منه قدر نصفهما دون باقيه وجميع الآخر. ولو قال: أنصاف عبيدي حرة، أو أنصاف عبدي عتق من كل واحد نصفه. قال ابن القاسم: ولو قال في رقيقه ليس له مال غيره: بيعوا رأساً منه في الدين، والبقية أحرار، بيع واحد بالقرعة، فإن فضل من الثلث شيء أسهم بين الباقي، فمن خرج عتق منه بقدر الباقي. فرع: قال صاحب البيان: قال مالك: إذا أوصى بعبد بعينه فمات العبد عن مال قبل النظر في مال الميت: المال للموصى له ويتخرج فيه الخلاف في بيع مال العبد في الوصية، ويخرج المال من ثلث ما بقي بعد موت العبد كأن العبد لم يكن. فرع: قال: قال ابن القاسم: إذا أقر في مرضه أن عبدي هذا حر، وكنت اغتصبته على نفسه وهو حر الأصل: إن كان يورث كلالة لا يصدق للتهمة في إزوائه عن الورثة، ولا يعتق من المال ولا غيره، لأنه لم يقل: أعتقته، وإن ورثه ولده عتق من رأس المال لعدم التهمة مع الولد. وهذا التفصيل فيمن قال: أولدت أمتي هذه، وفي المسألتين ثلاثة أقوال: إن لم يورث كلالة يعتق من رأس المال في المدونة لأنه إقرار صحيح. لا يعتق مطلقاً قاله ابن القاسم في المدونة لأن الحالة حالة حجر، ولم يخرجه مخرج الوصايا، ويعتق من الثلث لأن أقل أحواله يكون وصية، وإن ورث كلالة فثلاثة أقوال: يعتق مطلقاً في المدونة.ويعتق من رأس المال في المدونة. وروي:إقراره نافذ مطلقاً ورث كلالة أم لا، فتجتمع في المسألة خمسة أقوال. لا يعتق مطلقاً ورث كلالة أم لا. ويعتق مطلقاً من رأس المال في كلالة وغيرها، ويعتق من رأس المال إن لم يكن كلالة، وإلا لم يعتق مطلقاً. فرع: قال: قال مالك: إذا أوصى أن ربع عبده حر، لم يقوم على العبد باقيه، لأن السيد هو المعتق، ولو أوصى لعبده بربع نفسه عتق وقوم عليه باقيه، كأن العبد ملك بعض نصيبه فأعتقه بالتقويم عليه أولى من الشريك المعتق. فرع: قال: قال ابن القاسم: أوصى لرجل بصوفها ولآخر بلحمها ولآخر بجلدها فتركت حتى ولدت الأولاد فلا شيء للأولين من الولد، ولصاحب الجلد قيمته، لأن الولد تابع لأمه، والأم داخل الجلد والصوف، والجلد تبع فيعطى قيمته إذا استحييت. فرع: قال: قال ابن القاسم: أوصى لرجل بعشرة، ولآخر بعشرين، ولآخر بثلاثين. وقال في آخر: هو شريكهم، يعطى نصف وصية كل واحد منهم مما أوصى له به، لا من بقية الثلث بعد الوصايا، لأنه شرك ولم يبين، فإن قال: هو شريك معهم بالتسوية فقد وصى له بربع كل وصية، إن كانوا أربعة فهو رابعهم، أو خمسة فله الخمس. فرع: قال: قال ابن القاسم: أعطوا فلاناً هذا الفرس، وخيروا فلاناً في الفرسين الباقيين، وادفعوا الباقي لفلان، فاختلط المعين فلم يعرف: يعطى صاحبه الثلث من كل فرس، وللمخير ثلث الأعلى وثلث الوسط، وللآخر ثلث الدني والوسط، فيصير لكل واحد فرس، وتجوز شهادة الشهود فيها مع اللبس كما لو طلق إحداهما وشكوا فيها. فرع: قال: قال مالك: إذا جهل سبقية موت الموصي والموصى له: لا شيء لورثة الموصى له، كما لا يورث بالشك إلا أن تقوم بينة. فرع: قال: ابن القاسم: أوصى له بمائة سلفاً إلى أجل، ثم هي لآخر، يضمن الأول ما نقص منها لأنه المتصرف فيها. فإن لم يحملها الثلث أخرج ما حمله علي الشرط المذكور. فرع: قال: ابن القاسم: إن مت من مرضي هذا فعبدي مدبر. فهي وصية إن عاش اتفاقاً، وإن مات فله في كونها وصية أو تدبيراً قولان نظراً للفظ التدبير أو التعليق على الموت، وفائدة الخلاف: التقديم على الوصية. فرع: قال: قال ابن القاسم: كنت حلفت بعتق رقيقي إن لم أتصدق بمائة فأخرجوها من ثلثي: إن حمل الثلث المائة بر، لأن حال الثلث بعد موته كحال ماله في حياته، بخلاف قوله: كنت حنثت في صحتي. فرع: قال: قال مالك: إذا أوصى بعتق بعض رقيقه فمرض بعضهم قوم مريضاً ولا ينتظر به الصحة خوف الموت، لأن تنفيذ الوصية واجب على الفور. فرع: قال: قال ابن القاسم: أوصى لفقراء بني عمه، ولم يشهد بذلك إلا أغنياؤهم: ترد الشهادة للتهمة في صيرورتهم محتاجين للمشهود به إلا في الشيء اليسير. فرع: قال: قال ابن القاسم: الوصية بالغائب جعل إحضاره على الموصى له لأنه ملكه، وله نفعه، ويقوم بذلك الموضع في رفعته وخسته، ولا يجلب. فرع: قال: قال ابن القاسم: بيعوا عبدي هذا بعشرين، وأعطوا فلاناً منها خمسة عشر، فحبس عن العشرين: أعطي ثلاثة أرباع المتحصل لأنها نسبة الوصية، وعنه: له ما زاد علي الخمسة قل أو كثر، لأنه لم يبق للورثة إلا خمسة فلا تنقص. فرع: قال: قال ابن القاسم: لا تدخل بئر الماشية في الوصية، لأنها لا تباع ولا تورث، ولا للموصى له شرب مع الورثة لعدم تناول الوصية إياها. فرع: قال: قال مالك: أوصى أن يعتق إن حمله الثلث فلم يسعه، لم يعتق إلا أن ينقص الشيء اليسير فيعتق كله لاشتراطه السعة، وظاهر قوله: إنه لا يغرم ذلك اليسير، والذي في الكفالة من المدونة: اليسير مثل الدنانير والدراهم، وقال ابن القاسم: يغرمه موسراً ويتبعه الورثة معسراً. لأنه يكمل على نفسه مراعاة لقول ربيعة أنه يقوم بماله، فإن لم يحمله قوم بما يحمله من ماله ويكون الباقي اليسير، مضافاً للمال اليسير. وابتاعه مراعاة للقول بالاستسعاء، وقال سحنون: يرق الباقي ليسارته، ولا يلزمه غرم، ووجه قول مالك بالعتق إذا بقي الشيء اليسير: أن الزيادة غير محققة، لأنه تقويم بالاجتهاد. فرع: قال: قال مالك: إذا ادعت المرأة حملاً أخرت الوصايا (حتى يتبين أمرها لئلا تؤخذ الوصايا) ويوقف الثلثان، فربما هلك فيرجع الورثة على الموصى له بثلثي ما أخذ، ولعله يفوت في يده أو يعدم، وقال أشهب: تنفذ الوصايا، لأن الأصل: عدم الهلاك، والخلاف أيضاً جار على الخلاف في الموصى له بالثلث يطرأ على الورثة، هل حكمه حكم الوارث يطرأ على الورثة أو حكم الغريم أو حكم الوارث؟ فعلى الأول: تعطى الوصايا ويوقف للورثة ثلثاهم لهم النماء وعليهم النقص، ولا يرجعون بشيء ولا يرجع صاحب الثلث بشيء إن نما المال. وعلى الثلثين وقف جميع المال، ولا يجعل له الثلث كما لا يجعل السدس حتى يوضع، وعلى هذا لو عجل له الورثة الثلث وتلف بقية المال قبل وضع الحمل، رجعوا بثلثي الثلث، ويرجع هو عليهم بثلث النماء، وعلى القول الثاني: لا يرجع، ولو كانت الوصية بعدد دنانير عجل ووقف الباقي اتفاقاً، لأن الوصية بالعدد واجبة الإخراج كالدين. فرع: قال: قال مالك: أوصى أن يشترى عبد بعشرة فيعتق عنه فوجد عبد بعشرين فقال: أخو العبد للسيد - وهو حر -: بعه بعشرة وأنا أعطيك عشرة فباعه بعشرة ولم يعلم الوصي، فهو عيب يرجع به على البائع من الثمن، لأن الأخ قد شارك في العتق فما دفع فكأنه أعتق النصف، والوصي النصف. قال ابن القاسم: وتنظر قيمته بغير شرط العتق وبشرطه، ويرجع بما بين القيمتين. قال: وليس بصواب، بل هو كالذي استحق نصفه ويجعل ذلك في رقبة أخرى، فإن كانت الوصية في عتق واجب لم يجز، وضمن الموصي عند أشهب، لأن الخطأ في الضمان كالتفريط، ويشتري رقبة أخرى فيعتقها عن الموصي ولا يضمن عند ابن القاسم لعدم علمه، ويرجع على الورثة في باقي الثلثين. فرع: قال مالك: أوصي بوصايا وماله دين، فاستأجر الوصي على تخليصه لم يكن على الموصى لهم شيء من الأجرة، لأنه لم يوص لهم بدين بل بما يتخلص. وقال ابن نافع: إن لم يكن في الثلث فضل فعليهم حصتهم لأن الوصايا لا تزيد على الثلث. فرع: قال: قال ابن القاسم: إذا أوصى برقيقه أو غيره فبدله فله ما يوجد عند الموت من البدل، لأن الوصية إنما يقصد بها حالة الموت، أما لو عينه فثلاثة أقوال: يتعين العبد والزرع توفية باللفظ، لا يتعينان لأن مقصود الوصية إنما هو عند الموت فهو يعلم أن له الرجوع والاستبدال، يتعين العبد دون الزرع ونحوه لتعلق حق العبد والجهاد لا حق له، واختلف هل يتعين العبد بالتسمية والصفة؟ عينه ابن القاسم نظرا للفظ، وقيل: لا يتعين، لأن مقصود هذه التعينات الإشارة للنوع دون الشخص. فرع: قال: قال مالك: أوصى أن يشترى عبد وارث له فيعتق عنه فزاد الوارث مثل ثلث الثمن، لأن الوصية مقصدها: المعروف والإيثار فتحمل ههنا عليه، والثلث أصل في الوصايا ولم يتهمه، وهو خلاف ما في المدونة، واتهمه في الوصية لوارثه، ولو فرق بين العالم بوجه الحكم لكان وجهاً. فرع: قال: قال مالك: أوصى بعتق نصيبه من عبد وعتق نصيب شريكه: لزم ذلك شريكه، لأنه من باب التقويم، وعنه: لا يجبر ويعتق نصيبه وحده، لأن الميت لا يقوم عليه. وقال (ش) يكمل على الميت في ثلثه قياساً على الحي، والفرق عندنا: انتقال المال وبطلان الملك والأهلية. فرع: قال الأبهري: قال مالك: سلاحي في سبيل الله، لا يجعله الوصي حبساً بل يجتهد فيه فيملكه من يقاتل في سبيل الله تعالى. فرع: قال: قال مالك: أوصى بثلثه في سبيل الخير، فقضى الوصي منه ديناً بغير بينة ضمنه، لأنه متعد بعدم البينة. فرع: قال: قال مالك: ما اكتسبه العبد الموصى به بعد الموت وقبل الجمع للتركة فللموصى له، لأنه بالموت صار على ملكه. فرع: قال صاحب المنتقى: قال ابن القاسم: هو مدبر وإن لم أحدث فيه حدثاً فهو وصية، وكذلك: عبدي مدبر بعد موتي، لأنه تصرف غير مبتوت الآن، وإن مت من مرضي فعبدي مدبر، لا يرجع فيه، لأن شأن التدبير التعلق بالموت، وإن قال: هو حر يوم أموت: قال مالك: إن أراد: التدبير فهو تدبير، وإلا فوصية لأنها الأصل. فرع: قال: قال مالك: إذا أعتق المريض أو الحامل أو تصدقا، ولم يقل: إن مت، ثم صح فقال: أردت: إن مت، فيستدل بالقرينة على قصده، وقال في مريض قيل له: أوص، فقال: فلان حر، ثم صح فقال: أردت بعد موتي: يصدق لقرينة تقدم الأمر بالوصية، ومتى عدمت القرائن فهو بتل، لأنه ظاهر اللفظ. فرع: شرع الله تعالى الوصية وشرع الرجوع فيها لطفاً بالعباد بتوفير عزومهم على تكثير الوصايا، وقاله الأئمة، فلو اعتقد المريض تعذر الرجوع لامتنع من الوصية خشية الصحة فيذهب عليه ماله. فإذا علم أن له الرجوع صحيحاً ومريضاً استكثر من الوصايا حتى لو أمكنه استيعاب ماله استوعبه بتقديم ماله بين يديه، ويسعد الموصى له بالوصايا. قال صاحب المقدمات: له الرجوع في وصية الصحة والمرض في الصحة والمرض وليس له الرجوع في التدبير، واختلف إذا قال: إن مت فعبدي حر، هل هو وصية حتى يعلم التدبير؟ قاله ابن القاسم: أو تدبير حتى تعلم الوصية؟ قاله أشهب، ثم الرجوع قد يكون بالصريح، وقد يكون بالمحتمل فتقسم التصرفات ثلاثة أقسام: منها ما يدل على الرجوع، وما لا يدل، وما هو متردد، ويتضح ذلك بسرد فروع المذهب، وقال ابن يونس: إذا أوصى بدين ثم اقتضاه فأنفقه أو أودعه فهو رجوع، قاله ابن القاسم، ولو أوصى بزرع فحصده أو بتمر فجذه أو بصوف فجزه ليس برجوع؛ لأنه من مصالح ذلك لهلاكه بالتأخير إلا أن يدرسه ويشيله إلى بيته فهو رجوع، ورهن العبد ليس برجوع وكذلك الإجارة والأجرة للموصى له؛ لأن الرهن قد يكون بالعارية، وإجارة الفضولي صحيحة، قاله مالك، وإن صبغ الثوب فهو بصبغة للموصى له، وكذلك غسله، ويحمل على زيادة في الوصية، وكذلك تجصيص الدار وزيادة البناء لعدم تغيير الاسم عن حاله، قال أشهب: وبناء العرصة داراً رجوع لتغيير الاسم، ولو هدم الدار حتى بقيت عرصة فليس برجوع؛ لأنها موصى بها ولا شيء له في النقض، وقال ابن القاسم: العرصة والنقص للموصى له؛ لأن الجميع موصى به، قال: وإذا لت السويق وصبغ الثوب فهما شريكان بقدر الصبغ واللت؛ لأن الأصل بقاؤهما على ملكه، قال ابن القاسم: نسج الغزل وقطع الثوب رجوع؛ لتغيير الاسم. قال أشهب قطع القميص قباء أو الجبة قميصاً، والبطانة يبطن بها أو الظهارة يبطنها ببطانة، أو القطن يحشى به، أو الغزل ينسج، أو الفضة تصاغ، أو الشاة تذبح رجوع لقوة هذا التصرف وتغيير الاسم في بعضها، وإذا اشتري الموصى به قبل الموت عادت الوصية للموصي له؛ لأن الوصية إنما تعتبر عند الموت، وإن أوصى له بعبد في غير ماله أن يشترى له فملكه بميراث أو هبة نفذت الوصية؛ لأن المقصود تحصيله له، ولو أعتق عبده في مرضه فقيل له جهلاً: لا يجوز منه إلا الثلث فقال: اعتقوا ثلثه هو رجوع، ولا يعتق إلا الثلث؛ لأن الرجوع لا يتوقف على موجبه شرعاً، ولو كان لا يجوز فأعتقوا ثلثه عتق كله قاله أصبغ، ولو أوصى بثيابه فباع بعضها وأخلف ثياباً، أو بمتاع بيته فتكسر بعضه فأخلفه، أو بسلاحه فتكسر، أو ذهب درعه فأخلفه، أو بحائطه فيكسر منه النخلات ويغرس غيرها أو يزرع فيه زرعاً فذلك كله للموصى له، لأنه مراد الموصي قاله مالك، بخلاف العبد يموت فيخلف غيره؛ لأنه عينه ولو قال: رقيقه لفلان فأفاد رقيقاً فهو للموصى له، كما لو قال: إذا مت رقيقي أحرار عتق رقيقه عند الموت، والوصية أيضاً لا تعتبر إلا عند الموت لسلطنة الرجوع قبله، ولو قال: رأس من رقيقي أو من إبلي فمات بعضهم وأخلف غيره فالوصية فيما أخلف، ولو قال: ثوبي الخز لفلان فيذهب ويخلف غيره فلا شيء للموصى له تنزيلاً للصفة منزلة التعيين، وقال أشهب: إذا وصف ثيابه بصفتها وألوانها وأجناسها ورقيقه لا يكون الخلف للموصي إلا أن يوافق الأولى في الاسم والجنس والصفة نحو قوله: عبدي مبارك النوبي وقميصي المرزوي ويكون الثني مثله فهو للموصى له، وفرق بين الوصية والخلف بالعتق: أن الوصية له الرجوع فيها. ولو حلف بعتق رقيقه إنما يلزمه في رقيقه يوم الحلف والوصية إنما تلزم يوم الموت، وقاس مالك على الحلف. ولو قال في وصيته: عبدي حر وله عبد واحد فاشترى غيره ثم مات فالأحسن عتق نصفها بالسهم لتناول الاسم إياها. وقال محمد: لا يعتق إلا الأول لتعينه بالملك، قال أشهب: لو قال: أحدهما حر فمات أحدهما واشترى آخر فهما حران، قال محمد: لا يعتق الثاني فقط؛ لأنه بقية ما تناوله اللفظ، قال ابن القاسم: وطء الجارية ليس برجوع؛ لأن الملك إنما ينتقل عند الموت، فإذا وقف بعد الموت لتبين الحمل منه فقتلت، قيمتها للميت؛ لأنها قد تكون حاملاً، واستشكله ابن عبدوس لأن الأصل: عدم الحمل، قال صاحب المنتقى قال مالك: رهن العبد والجارية ليس برجوع ويفدى المرهون من رأس المال لبقاء الاسم والصورة على ملكه، ولو أوصى بعبد بعينه، ثم أمر ببيع كل عبد له: قال ابن القاسم: كما لو تصدق بكل عبد له على رجل أو أعتق كل عبد له. وقال ابن وهب: تبقى الوصية؛ لأن اللفظ الخاص يقدم على العام، ومذهب ابن القاسم على مذهب (ح): أن العام المتأخر يرفع الخاص المتقدم، قال البصري في تعليقه: إذا أوصى بعبد بعينه ثم أوصى به لآخر فهو بينهما، وقاله الأئمة، وليس رجوعاً عن الأول؛ لأن الوصية إنما تملك بالموت فكأنه ملكهم في وقت واحد. فرع: في المنتقى: أوصى أن يشترى عبد بثلاثين فيعتق عنه ففعل واستحق نصفه، خير المستحق بين إجازة البيع وأخذ نصف الثمن؛ لأنه بيع فضولي، أو أخذ النصف فيقوم على الوصي في ماله دون الورثة لإتلافه ذلك خطأ، وهو في الإتلاف كالعمد، وقال أصبغ: بل على الورثة في ثلث الميت نظراً لأصل الإذن، وإذا قوم علي الموصي وفيه فضل رد على الورثة؛ لأنه من نماء التركة أو نقصان فعليه، لأنه بإتلافه، كما أنه إذا لم يجد البائع فالمصيبة منه. فرع: قال: أوصى بوصايا أو بنفقة رجل عمره فلم ينفذ ذلك حتى مات الموصى له بالنفقة. حاص ورثته أرباب الوصايا بقدر ما عاش؛ لأنه استحقه. فرع: قال ابن القاسم: إذا قال: رقيقي أحرار، فوجدوا الثلث فأعتقوا، ثم طرأ دين وقد قسم المال فثلثه على العبيد يقرع بينهم فيباع الثلث للدين والثلثان على الورثة كانوا أملياء أم لا؛ لأخذهم مصرف الدين وهو التركة. فرع: قال: قال ابن القاسم: شهد شاهدان أنه قال: إن مت من مرضي فغلامي سعيد حر، وأنه مات في مرضه، وشهد آخران: إن صححت من مرضي فبدر حر، وأنه صح في مرضه يعتق نصف كل واحد منهما؛ لتكافئ البينتين كما لو ترك ولداً نصرانياً وولداً مسلماً، وشهدت بينة أنه مات نصرانياً وشهدت أخرى أنه مات مسلماً يقتسمان المال، ولو كانت إحداهما أعدل قدم عبدهما، وقال أصبغ: تقدم بينة الصحة لإثبات ما لم تعلمه الأخرى، كما لو حضر البينتان موت المتنازع في إسلامه فشهدا بذلك، ولم يعرف أكان قبل ذلك مسلماً أم لا حكم بأعدلهما، ولو علم إن أصله كافر فقالت الأخرى: إنه أسلم ونفت الأخرى قدمت الأولى؛ لإطلاعها على ما جهلته الأخرى. فرع: في الاستذكار: إذا أوصى بشيء بعينه فادعى الورثة أنه أكثر من الثلث: قال مالك وأصحابه: يخيرون بين دفعه أو دفع جميع ثلث الميت؛ لأنه مرجع الوصايا، وخالفه الأئمة لأن الوصية ملكته ذلك بالموت فيفتقر أخذه منه للمعاوضة عليه ويمتنع أخذه بغير رضاه، وجوابهم: لا نسلم أن الوصايا تنفذ من غير الثلث ولا يتقرر ملك في غيره. قال: وأرى أن يلزم الورثة تحقيق دعواهم فإن تحققت فهم شركاء معهم في تلك العين؛ لأن التعيين يوجب تعلق الحق به وإلا خيروا، وهذه المسألة تعرف بخلع الثلث. قال الطرطوشي: فلو كان له الثلث فأقل فقال الورثة: لا نعطيه لأنه ثلث الجميع، وقد يعطب بعض المال قبل جمعه فيفوز بالعين دوننا خيروا أيضاً، وإن كانت التركة كلها حاضرة عروضاً وأوصى بدنانير: قال ابن القاسم: لا يخيروا بل تباع العروض ويعطى، ولو ترك مائة دينار وعروضاً وأوصى بمائة عجلت قبل البيع. قال أشهب: كانت الدنانير معينة أم لا، وعن ابن القاسم: إذا لم يترك إلا ثلاثة دور وأرضاً وأوصى بخمسة دنانير يعطوه إياها وثلث الميت، ولا يبيع السلطان من الدور بخمسة دنانير، وإذا أوصى بمعين أكثر من الثلث فاختيار ابن القاسم يقطع له بثلث الميت في ذلك المعين، وعن مالك: ثلث الميت، وقال (ش) و(ح): إنما له ثلث ذلك الشيء وهو شريك بقيمة ثلثه من التركة؛ لأن للميت أن يوصي بالثلث شائعاً وأن يعينه وينقل حق الورثة من ذلك إلى غيره من الأعيان، ويسقط حقهم من الأعيان ببيعها بثمن المثل فلم يغير وصيته فتنفذ، ولأنه لو أعطى ثلث الميت لظلم؛ لأنه غير ما وصى له به، ولأن خلاف ذلك يؤدي للربا، فإنه إذا أوصى له بمائة معينه فإنه يستحق ثلثها، فإذا أخذه ومعه أكثر منه صار رباً. والجواب عن الأول: أنا نمنع أن له أن يعين الثلث في شيء بعينه إلا بإذنهم، قاله عبد الوهاب، فحقه شائع ليس في شيء بعينه، وإذا عين ما قيمته أقل من الثلث فإنما ترك بعض حقه من الثلث ليسلم له التعيين، فإذا لم يسلم رجع إلى ما كان من الثلث وهو لم يرد غير هذا المعين ففي إعطائه القيمة من غيرها تبديل للوصية، وأما دفع الثلث فأدى إليه منع الورثة ما أوصى به فلو لم يعط ذلك لم يبق له شيء، وعن الثاني: إنكم ظلمتموه بإعطائه القيمة عن الثلثين من بقية التركة، وهو غير الموصى به، أو نقول: الموصي تعدى في تعيين ما هو أكثر من الثلث فيرد في تعديه إلى الثلث كما لو تعدى بالزيادة على الثلث وبقي العدوان ليس ظلماً. وعن الثالث: إن الربا بأخذ شيء ودفع أكثر منه، والموصى له وجب له أخذ الأمرين، والخيار للورثة عليه فيهما كسيد العبد الجاني يخير بين إسلامه والجناية، وليس ربا. فرع: قال الطرطوشي: قال شيوخنا: الموصى به بعد الموت موقوف إن قبلها الموصي له تبيناً دخولها في ملكه بالموت أو ردها، تبينا أنها لم تزل على ملك الموصى، ومن أصحابنا من قال: لم تزل على ملك الميت، وقال (ح): تدخل بالموت في ملك الورثة، فإن قيل: لم أفسخ ملك الورثة وتدخل في ملكه من يوم القبول. قال صاحب المقدمات قيل: تجب بموت الموصي قبل القبول بعد الموت، واختلف على هذا القول إذا مات الموصى له بعد الموت قبل القبول: قال مالك في المدونة: لورثته القبول، وقيل: ليس لهم وتبطل وترجع ميراثاً قاله الأبهري، وقيل: تجب بنفس القول دون قبول، فعلى هذا لو كانت وجبت للورثة، وليس لهم ردها إلا على وجه الهبة لورثة الموصي إن قبلوها، وقال (ش): يملكها بنفس الموت. لنا: أنه عقد فيه إيجاب وقبول فلا يملك قبل القبول كالبيع، ولأنه على ملك الميت إلى الموت، والموت يمنع الملك، وملك الوارث إنما أثبته الله تعالى فيما عدا الوصية فيكون موقوفاً، ولا عجب في اقتضاء القبول أثراً قبله، كما لو قال: إن اخترتني فأنت طالق قبله بشهر فاختارت، طلقت قبل ذلك بشهر، ولو مات الموصي وارتد وارثه ولم يقبل الموصى له الوصية رجعت للمرتد، فلو كان إنما يملك بالرد لم يملك هذا لردته، فلما ملك هاهنا علم أن ملكه من يوم الموت، وقد سلم الحنفية هذه الصورة أو نقول: مالك يشترط فيه الموت ويتوقف على شرط بعد الموت فليستند إلى وقت الموت كالميراث، فإن التركة إذا كان فيها دين لا يحكم فيها بالملك للورثة عندهم، فإذا أدى الغرم استند الملك إلى وقت الموت، فكذلك إذا أوصى بعبد فلم يقبله الموصى له، ولا يلزم إذا أوصى أن يباع منه ملكه بعد الموت؛ لأن التمليك بالعقد لا يتوقف على الموت ولا يفرق بأن الميراث قهري والوصية تفتقر للقبول كالبيع والهبة، لأنا نجيب بأن ملك البائع والواهب ثابت إلى قبل القبول، وملك الميت زائل بالموت وليست بالوصية كالعقود، لأن تأخير القبول عن الإيجاب يجوز فيها عندنا بنحو الشهرين بخلاف غيرها. احتج (ش) على دخولها بالموت من غير قبول بالقياس على الميراث، بطريق الأولى؛ لأن الثلث الموصى به مقدم على الورثة، ولأن بقائها على ملك الميت متعذر؛ لأنه جماد على ملك الورثة، لأن الوصية مقدمة عليهم فتعين الموصى له، أو بالقياس على الوصية للفقراء والوقف. والجواب عن الأول: أن الوصية تبطل بالرد فله اختيار فيها كالبيع والهبة والميراث قهري فالشبه بالبيع أقوى. والجواب عن الثاني: منع الحصر أن يكون موقوفاً ليس على ملك أحد. والجواب عن الثالث: الفرق قبول المحل لصدور القبول بخلاف الفقراء والوقف على المسجد. فرع: قال ابن يونس: تجوز الوصية للصديق الملاطف بالثلث، ويمتنع بأكثر إلا أن يجيزوه، وإقراره له بالدين جائز إن ورثه ولد أو ولد ولد، بخلاف الأبوين والزوجة والعصبة لقوة التهمة حينئذ، وقال سحنون: لا تنفذ في الثلث ولا غيره؛ لأنه لم يجعله وصية فتخرج من الثلث، والتهمة تمنع كونه غير وصية، وإن كان عليه دين يغترق ماله بطل إقراره للملاطف والوصية له والكفالة عنه، قال ابن القاسم: لقوة الدين وتقديمه على الإرث، وإن أقر لفلان عنده مائة دينار والمقر يرثه ولده كانت من رأس المال لعدم التهمة لفرط الشفقة على الولد أو كلالة بطل إقراره ولو صدقه فلان، أو ورثه جاز إقراره، أو كذبوه بطل إقراره لقوة التهمة بالتكذيب. قال شارح الجلاب: تجوز الوصية للملاطف بشرطين: عدم الدين لأجنبي، وأن يرثه بنوه الذكور أو الذكور والإناث، فمتى فقد أحدهما بطلت الوصية للتهمة، وإذا ورثه إناث أو إناث وعصبة أو أبوه اختلف الجواب والسقوط. أبطل القاسم الإقرار إن ورثه أبواه أو العصبة، واختلف إذا بطل مع العصبة: هل يجوز إذا حمل ذلك الثلث؛ لأنه لو شاء جعله وصية، أو يرد لأنه لم يرد به الثلث؟ وحيث أبطلنا الإقرار إن صح صحة بينة ثم مات ثبت الإقرار؛ لأنه لم يخرجه مخرج الوصية وإذا صح انتقل إلى رأس المال. قال الطرطوشي: الإقرار في مرض الموت للوارث بالدين يصح إن لم يتهم وإلا فلا، كما لو ورثه ابنة وابن عم فأقر له صح أولها فلا للتهمة في الإزواء عنه. وقال (ح): يمتنع إقراره في الموضعين ولا يصح، وعند (ش) قولان: يصح في الموضعين، يبطل فيهما نظراً إلى أن المرض هل يؤثر في الإقرار ويجعله كالإنشاء أم هو كحال الصحة؟ ونحن نعتبر مع ذلك قوة التهمة قياساً على الشهادة، ولأن المرض حالة تمنع التبرع فتؤثر في الإقرار كالجنون والصبا، أو نقول: موجب المال لوارث لا يعلم إلا من جهته مع التهمة فيبطل كالهبة، وإن كان هبة الزائد على الثلث لا يجوز للأجنبي ويصح الإقرار به. فذلك لقوة التهمة هاهنا بخلاف الأجنبي، احتجوا بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) وشهادة الإنسان على نفسه: إقراره، وإذا وجب عليه الاعتراف وجب العمل به علينا قياساً على الشهادة، ولأنه يصح إقراره بالوارث فيصح له كالصحيح؛ لأن الإقرار بالوارث يتضمن الإرث والنفقة وغيرهما من الماليات، والإضرار بالورثة، فالإقرار بمجرد المال أولى، ولأن قبول الإقرار في المرض أولى من الصحة؛ لأنها حال اضطرار للقدوم على الله تعالى فهي أحوج وأبعد عن الكذب، أو نقول: صح إقراره للأجنبي فيصح للوارث كالصحيح عكسه المجنون والمحجور. والجواب عن الأول: لا نسلم إن ما وجب إظهاره وجب العمل به؛ لأن الفاسق تجب عليه الشهادة بما يعلمه ولا يجب العمل بها، وكذلك السفيه والعبد يقران بما عليهما. والجواب عن الثاني: أن الإقرار بالوارث لا يجوز مع التهمة فلو لم يكن له وارث وله عبد من بلد لم يدخله السيد فأقر أنه ولده لميله إليه امتنع، ثم الفرق بأن الإقرار بالنسب المال فيه تبع، ومفاسدة عظيمة على تقدير كذبه من تزويج البنات والدخول عليهن وحجب كثير من الورثة، وانتشار هذه المفاسد إلى قيام الساعة فتضعف التهمة فيه. والجواب عن الثالث: لا نسلم أنه يلزم من مزيد حاجته للإقرار قبولنا نحن له كما تقدم في الفاسق والمحجور. والجواب عن الرابع: نقول بموجبه حيث لا تهمة كما في حد القذف ثم الفرق: أن الأجنبي تجوز هبته له في الثلث بخلاف الوارث. فرع: قال صاحب المقدمات: الوصية خمسة أقسام: أحدها: ما يجب تنفيذه، وهو ثلاثة أنواع: ما فيه قربة وفي تركه حرج كالزكاة والكفارات، أو مثوبة بلا حرج كالصدقة وما يختلف في كونه قربه. وثانيها: ما يحرم تنفيذه كالمحرمات. وثالثها: ما يختلف في وجوب تنفيذه، وهو نوعان: ما يختلف في كونه قربة على مذهب من يراه كالوصية بالحج، أوجب مالك وأكثر أصحابه التنفيذ، ولم يوجبه ابن كنانة. والنوع الثاني: أن يوصي بما لا قربة فيه كالوصية ببيع ملك. قال: وانظر هل يأتي على هذا اختلافهم في الوصية بسرف في الاتفاق والحنوط فقد جعله سحنون من الثلث، وأبطله مالك وابن القاسم. ورابعها: ما لا يلزم تنفيذه، وهو نوعان: الوصية للوارث، وما زاد على الثلث. وخامسها: لا ينبغي تنفيذه، وهو الوصية بالمكروه كاللهو في عرس مما يستخف، ينعدم تنفيذه مع جواز تنفيذه.
|