الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
لما كانت الحمالة من باب المعروف أمكن الاجتماع عليها. سؤال كيف يكون الحق للواحد في محلين والواحد لا يتعدد محله، أم يقال: انقسم أو تعدد وهو خلاف الإجماع، لم يقل أحد إن نصف الحق على هذا ونصفه على الآخر، ولا أن بسبب الحمالة صار الألف ألفين. وجوابه إن ثبوت الحق في الذمة تقدير شرعي كما تقدم، فيقدر الشرع النقدين في الأثمان والأعيان في السلم والأتلاف وغيرهما في الذمة، وليست ثم حقيقة واحد من ذلك، فإن الإبل ليست في الذمة وإلا لاحتاجت للعلف والسقي، فهي حينئذ تقديرات شرعية لأمور معدومة يقدرها الشرع موجودة ثم ذلك المقدر للشرع أن يقدر له مع إيجاده بنسب متعددة لذمة أو ذمتين أو أكثر من ذلك كالدية، تقدر على جميع العاقلة فالواقع لعدد سبب في الحمالة لا تعدد حق ولا القسامة وبه قال الأئمة. وفي هذا الباب ثمان مسائل. الأولى قال في الكتاب: إذا تكفل كفيلان بمال وكل واحد ضامن عن صاحبه فغاب أحدهما والغريم وغرم الحاضر الجميع ثم قدم الغائب والغريم مليين اتبع الغريم بالجميع؛ لأنه الأصل وله اتباعه بالنصف واتباع الحميل بما أدى عنه؛ لأنه كدين له قبله لا كغريم حضر مع كفيل، وإذا كفل ثلاثة بمال لم يأخذ ممن بقي من الغرماء إلا ثلث الحق إلا أن يشترط في أصل الكفالة أن بعضهم حميل عن بعض، فحينئذ إذا غاب أحدهم أو أعدم أخذ من وجده بالجميع، وإن لقيهم أولياء لم يأخذ من كل واحد إلا الثلث؛ لأنه لا يتبع الكفيل في حضور الكفيل وملائه، ولو شرط أيهم شاء أخذ ولم يقل بعضهم كفيل بعض أخذ أيهم شاء بالجميع، وإن حضروا أملياء ثم لا رجوع للغريم على أصحابه؛ لأنه لم يود بالحمالة عنهم بل على الغريم، وإن قال بعضهم كفيل ببعض، وقال بعد ذلك أيهم شئت أخذت بحقي أم لا رجوع للغارم للجميع على صاحبيه إذا لقيهما بالثلثين، وإن بقي أحدهما فبالنصف، ومن أمر الناس الجائز كتب الرجل الحي عن الميت والملي عن المعدم، وهو كفالة أحدهما على الآخر، قال ابن يونس: قال عبد الملك: إذا باع منها وشرط اتباع أيهما شاء بجميع الحق أو شرط ذلك في الدين فتحمل رجلان بصاحبه فلا يتبع أحدهما بأكثر من نصيبه إلا في عدم صاحبه أو إعدامه، وقاله أشهب وغيره؛ لأن الحمالة غرر لا يدري هل يغرم أو لا وينضاف إليهما هاهنا غرران هل يطلب هو أو غيره وهل بالكل أو البعض وألزم ابن القاسم الشرط لقوله صلى الله صلى عليه وسلم: المؤمنون عند شروطهم. وقد اختلف قول مالك في الحميل المبهم هل يغرم الجميع فكيف مع الشرط. الثانية، في الكتاب: لك ستمائة درهم على ستة بعضهم حميل عن البعض بالجميع، أو كل واحد حميل بجميع المال قال عن أصحابه أم لا، أو كل واحد حميل بجميع المال عن واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر، أو عن جميعهم بجميع المال اشترط أن لا براءة له إلا بأدائهما أم لا، فإن قلت مع ذلك أيهم شئت أخذت، فلك أخذ أحدهم بالجميع حضر الباقون أم لا وإن لم تقل ذلك ولقيتهم مياسر أخذت كل واحد بمائة، ولم تأخذ بعضهم ببعض لعدم اشتراط ذلك فإن لقيت أحدهم أخذت بالجميع، فإن لقي الغارم أحدهم أخذ بمائة أداها عنه وبنصف الأربعمائة التي أداها عن الباقين؛ لأنه حميل معه بهم فإن لقي أحدهما أخذ الأربعة الباقية أخذه بخمسين عن نفسه وبخمسة وسبعين بالحمالة فإن لقي الرابع المأخوذ منه المال الآخر من الأولين الذي لم يرجع على الرابع قال له: بقي لي مما أديت بالحمالة مائتان عن أربعة أنت أحدهم فعليك خمسون في خاصتك، فيأخذها منه، ثم يقول: بقي لي خمسون ومائة أديتها عن أصحابك وأنت معي بهم حميل، فيقول له هذا الرابع: قد ادعيت عنهم لنا بالحمالة خمسة وسبعين أيضا لغيرك ساويتك في مثلها بقيت لك خمسة وسبعون لك علي نصفها، فيدفع له سبعة وثلاثين ونصفا، وهكذا تراجعهم إذا لقي بعضهم بعضا حتى يؤدي كل واحد مائة، لأنها كانت عليه في أصل الديون فإن تحملوا على أن كل اثنين حميلان لجميع المال أو أصحابهم أو عن واحد أو كل واحد حميل بنصف المال، فذلك كله سواء، وإن لقيت اثنين أخذت من كل واحد ثلاثمائة أو واحدا أخذته بثلاثمائة وخمسين مائة منها عليه من أصل الدين ومائتان وخمسون؛ لأنه بنصف ما بقي تكفل فإن لقي هذا الغارم أحد الباقيين أخذه بخمسين عن نفسه ونصف المائتين المؤداه بالحمالة، فإن لقي هذا الغارم الثاني أخذ ممن لم يغرم قال له: أديت مائة بالحمالة عن أربعة أنت أحدهم أعطني خمسة وعشرين عن نفسك ونصف ما بقي بالحمالة، فهكذا تراجعهم حتى استووا، فإن تحمل بعضهم عن بعض على أن كل ثلاثة حملا بجميع المال، أو كل ثلاثة عن ثلاثة أو عن اثنين أو عن واحد بالجميع أو كل واحد بثلث المال، فذلك سواء إن لقيت ثلاثة أخذتهم بالجميع أو واحد فيما به عنه، وبثلث ما بقي وهو مائة وستة وستون وثلثان، أو ثلاثة فأخذت منهم جميع المال ثم لقي أحدهم أحد الذين لم يغرموا، قال له أديت مائة بالحمالة عن ثلاثة أنت أحدهم أعطني ثلثها عنك ونصف باقيها بالحمالة عن الباقين، فإن لقي الآخذ لذلك أخذ الثلاثة الغارمين معه أو لا رجوع عليه بنصف ما فضله به حتى يكونوا في الغرم سواء، وإن اقتسم ذلك ثم لقي الباقي الذي غرم معهما وإلا دخل عليهما فيما بأيديهم من قبل الثالث المرجوع عليه حتى يصير ما أخذ من الثالث بينهم أثلاثا، ثم إن لقي أحدهم أحدا ممن لم يغرم، فأخذ منه ما يجب له شاركه فيه من لقي من الاثنين الغارمين معه، أو حتى يكون ما دخل كل واحد منهم بالسوية، لأنهم حملاء عن أصحابهم فهلكت، أتراجعهم (كذا) قال صاحب التنبيهات: الخلاف في هذه في موضعين؛ لأنه لا تخلو كفالة بعضهم ببعض إما أن يكون الحق عليهم وهي مسألة الستة أو على غيرهم وهي مسألة الثلاثة في المدونة، ومسألتة الأربعة في العتبية، فإن ضمن بعضهم بعضا وهو عليهم على ما وقع في قول الغير في الكتاب: فأدى أحدهم المال وهو ستمائة عن كل واحد مائة في الأصل ثم لقي الثاني فلا خلاف أنه يطالبه بما يقع عليه هو من المال وهو مائة، ولا يأخذ منه المائة التي ضمنها عنه في خاصته، ويقتسمان ما بقي عنه حتى يستويا فيه، وإن كان الحق على غيرهم وهم كفلاء فقط بعضهم ببعض فهاهنا اختلف إذا أخذ الحق من بعضهم ثم لقي الآخر يقاسمه بالسواء في الغرم حتى يعتده إذا لحق على غيرهم، وإنما يقاسمه بعد إسقاط ما يخصه من الحق كالمسألة الأولى بالتسوية، قال التونسي وابن لبابة وغيرهما: لأنهما سواء في الحمالة، وفي الموازية: وعند جماعة من الأندلسين عدم التسوية، وحملوا ما ينوب كل واحد من المال وهو مائة بالحمالة كما لو ثبتت عليه إحالة كالستة حملاء، وكذلك اختلفوا في آخر المسألة إذا لقي الثاني من الستة الثالث، ففي الكتاب: ما تقدم وعليه الفقهاء كلهم، فيرجع عليه بخمسين أداها عنه وبخمسة وسبعين نصف ما أدى بالحمالة، وقال أبو القاسم الطبري: هذا غلط في الحساب، بل إذا لقي الثالث أحد الأولين وطالبه بالاعتدال معه يقول له الثلاث من الثلاثة، كأنما اجتمعنا معا باجتماع بعضنا ببعض، ولو اجتمعنا معا لكان المال علينا أثلاثا مائتان على كل واحد فعلي مائتان غرمتها أنت وصاحبك عني فخذ واحدة أنت وهي التي تقع لك وسأدفع إلى صاحبك المائة التي دفع عني إذا لقيته، فنستوي في الغرم، كما لو اجتمعنا جميعا دفعة واحدة، وهكذا إذا لقي الثالث الرابع، قال ابن يونس: قوله إن بقي الرابع المأخوذ منه الثالث من الباقين يريد أن الغارم لمائة وخمسة وعشرين وهو ثالث الأولين ورابع الباقين لقي أحد الثلاثة الذين لم يغرموا، فيقول له أديت خمسة وعشرين بالحمالة عن ثلاثة أنت أحدهم فعليك خمسة وعشرون والخمسون الباقية أنت معي بها حميل فعليك نصفها، فيأخذ منه خمسين ثم قال إن لقي الرابع المأخوذ منه الآخر من الأولين الذي لم يرجع على الرابع يريد أن الغارم للستة مائة الراجع منها بثلاثمائة لم يلق أحدا بعد ذلك حتى لقي رابعا من الباقيين وهو ثالث من الغارمين لقيه قبل أن يرجع هو أيضا على أحد بشيء وبقيت وجوه لم يذكرها في المدونة، وهي إذا تحمل كل واحد بنصف جميع المال أو كل اثنين حميلين بالجميع فلقي أحدهم فأخذه بثلاثمائة أو خمسين ثم لقي ثانيا فعليه في خاصة مائة، قد أدى عنه صاحبه منها خمسين فيقول له: بقي لي عليك خمسون فادفعها إلي، فكان لي على الأربعة الباقين أربعمائة دفع لي منها صاحبك مائتين؛ لأنه حميل بالنصف مما عليهم وأنت حميل بنصف ما عليه وذلك مائتان فيأخذ منه مائتين وخمسين وذلك ما يلزمه إذا لقيته وحده، فادفع أنت ما بقي وهو مائتان وخمسون لأنكما جميعا حميلان بجميع المال، فإن لقي الأول يقول له: عليك بالحمالة خمسون، وأديت عن أصحابك بالحمالة مائتين، أعطني نصفه، فيقول له هذا: وقد أديت أنا أيضا عنهم بالحمالة فقد استوينا، فإن قال: علي أن كل واحد حميل ثلث جميع المال أو على أن كل ثلاثة حملاء جميع المال، فلقي أحدهم فأخذ منه مائتين وستة وستين وثلثين، ثم إن لقي صاحب الدين ثانيا يقول له: عليك في خاصتك مائة أدى صاحبك عنك منها ثلاثة وثلاثين، فتأخذها منه ثم يقول له والأربعة الباقون أنت حميل عليهم، وهو مائة وثلاثة وثلاثون وثلث فيأخذها فالمأخوذ من الثاني مائتين، فإن لقي الثالث بعد ذلك يقول له: قد أدى عنك الأول والثاني مما عليك ستة وستين وثلثين، وبقي عليك ثلاثة وثلثون وثلث، فيأخذها منه ثم يقول له: بقي لي ثلاثة، أنت حميل بجميع ما عليهم وهي مائة، فيأخذها منه، وهو جميع ما بقي له؛ لأنه لو لقيهم كلهم لأخذ منهم جميع المال، وقد أدى أصحابه ما يلزم فيؤدي ما بقي، وإذا قال: كل واحد حميل بجميع المال فلقي أحدهم أخذ منه الستمائة، فلقي الغار أحدهم وفأخذ منه ثلاثمائة، فإن لقي ثالثا يقول له: أدينا بالحمالة أربعمائة عن أربعة أنت أحدهم، أعطني ربعها وثلث ما بقي بالحمالة، لأنك معني بهم حميل، فيأخذان ستة وأربعين يقتسمانها نصفين فيصير كل واحد أدى بالحمالة عشرين، ثم إن لقوا رابعا قالوا له: أدينا بالحمالة ستين عن ثلاثة أنت أحدهم، أعطني ثلثها وربع ما بقي بالحمالة، اشتركنا فيها وتأخذون منه ثلاثين، فيقسمهما الثلاث عشرة عشرة، ويستوفي الغرم، فإن لقوا الآخر قالوا: أدينا بالحمالة أربعين أنت أحدهم أعطني نصفها وخمس باقيها بالحمالة، فيأخذون منه أربعة وعشرين يقتسمهما الأربعة ستة ستة، فيصير كل واحد غرم بالحمالة أربعة أربعة، فإن لقوا السادس غرموه عشرين يقتسمونها أربعة أربعة، ويصير كل واحد من الخمسة غرم للأول عشرين، وهو ما أدى عنهم، ولو أن رب الذين لم يأخذ من الأول إلا مائة لم يرجع هذا على أحد من أصحابه، ولو أخذ منه مائة ودرهما رجع عليهم بالدرهم خاصة على نحو ما وصفنا، وإنما يرجع هذا إذا اشترط صاحب الحق حمالة بعضهم لبعض، وأيهم شاء أخذ بحقه، فله أخذهم بجميع الحق، وإن كان الباقون أملياء وليس للغارم الرجوع على كل أحد من أصحابه إذا كانوا حضورا أملياء لا بسدس جميع الحق وهو ما عليه من أصل الدين بخلاف لا بخلاف الدين المشترط أيهم المشروط أيهما شاء أخذ بالجميع، وسوى حمل بعضهم عن بعض، أو هم شركاء في السلعة أو حمالة عن غيرهم؛ لأن الغارم للجميع لم يؤخذ بالحمالة بل بالغريم. قال صاحب المقدمات: إذا تحمل حملاء لزم كل واحد ما ينوبه، إلا أن يشترط حمالة كل واحد عن صاحبه أو أصحابه، قال بجميع المال أو لم يقل فيأخذ الملي بالمعدم ويأخذ أيهم شاء، على أحد قولي مالك، وعلى أخذ كليهما إذا اشترط أخذ أيهم شاء، قال أبو إسحاق التونسي: يرجع على من وجد من أصحابه حتى يساويه في ذلك، وقيل: ليس له وهو الصواب؛ لأنه إنما أدى عن نفسه وضابط مسألة الستة كفلاء أن يرجع من غرم من المال شيئا بسبب الحمالة على أصحابه بما غرم عنهم على السواء إن لقيهم مجتمعين، فإن لقيهم مفترقين، أو واحد بعد واحد رجع على من بقي بما ينوبه كما أدى عنه بالحمالة، وبنصف ما ينوب ما أدى عن أصحابه، فإن لقي اثنين معا رجع على كل واحد منهما بما ينوبه بما أدى عنه بالحمالة وبثلثي ما ينوب ما أدى عن الباقين، فإن لقي ثلاثة رجع على كل واحد بما ينوبه وثلاثة أرباع ما ينوب ما أدى بالحمالة عمن غاب، فإن لقي اثنان منهم واحدا رجعوا عليه بما أدوا عنه في خاصته وربع ما أدى عن أصحابه بالحمالة، فاقتسموا ذلك بينهم بالسواء، وإن لقي واحد منهم من أصحابه من قد غرم بالحمالة حاسبه بذلك ورجع عليه بنصف الباقي، وإن كان الذي لقي غرم بسبب الحمالة شيئا أو غرم هو حسابه بالباقي على ما تقدم، وإن لقي واحد منهم أحد أصحابه فرجع عليه ثم لقيه ثانية بعد أن رجع هو على غيره فسواه بما رجع به، ثم إن لقي المرجوع عليه الغير الذي كان رجع عليه ثانية بما انتقصه الأول إذا لقيه ثانية ثم إن لقيه الأول ثالثة رجع عليه، فلا يزال التراجع يتردد بينهم حتى يستووا، وملاقيهم ولا يزال يرجع بعضهم أبدا كلما التقى منهم أحد مع صاحبه وقد أدى أكثر منه حتى رجع إلى كل واحد ما غرم بسبب الحمالة، فيكون قد أدى ما عليه من أصل الحق بلا زيادة ولا نقصان، ولا ينحصر وحده التراجع بينهم إلى عدد ولا بمقتضى التراجع بينهم إلا بخمسة عشر لقيه على أي نسبة التقوا عليها ما لم تلزمهم الجماعة للجماعة أو الجماعة للواحد، وقاله في الكتاب: إذا لقي المأخوذ منه الثالث من الباقين فيه إجمال، ومراده به أن الثالث من الغائبين المأخوذ منه مائة وخمسة وعشرون لقي أحد الثلاثين الباقين وسماه أربعا؛ لأنه رابع الباقين ثم قال: إن لقي الرابع الآخر من الأولين يريد أن الأول الذي غرم الستمائة ورجع منها على الثاني بثلاثمائة لقي الثالث الذي رجع عليه الثاني بمائة وخمسة وعشرين ولم يرجع هو بعد عليه شيء، ويريد أنه لقيه قبل أن يرجع هو على الرابع بالخمسين وسماه رابعا؛ لأن الباقين ثلاثة فهو رابعهم وهو الثالث من الغارمين، ولو كان إنما لقي الأول الثالث بعد رجوعه على الرابع بالخمسين رجع عليه بمائة واثني عشر ونصف؛ لأنه يقول له: غرمت أنا ثلاثمائة لأني رجعت أن الستمائة التي غرمتها بثلاثمائة منها مائة من أصل الدين لا أرجع بها على أحد والمائتين والحمالة منها خمسون عنك، والباقي عن أصحابك، ادفع لي ما غرمت عنك ونصف ما غرمت بالحمالة زائدا على ما غرمت أنت، وذلك وستون ونصف لأني غرمت لنا مائة وخمسين بالحمالة، وغرمت أنت منها خمسة وعشرين؛ لأن الخمسة والسبعين التي غرمت بالحمالة للثاني قد رجعت منها على الرابع بالخمسين، فأسقط الخمسة والعشرين التي غرمت أنت من المائة والخمسين التي غرمت أنا، ادفع لي نصف الباقي اثنين وستين ونصف، فنعتدل فيما غرمنا بالحمالة وأصل الدين، فإن لقيا جميعا الثاني الذي أخذ منه الأول ثلاثمائة ورجع هو على الثالث بمائة وخمسة وعشرين رجعا عليه بأربعة وستين، أربعة وسدس فيعتدلون ثلاثتهم في غرم الحمالة؛ لأن الأول والثالث غرما بها على هذا مائة وخمسة وسبعين، سبعة وثمانين، وغرم الثاني بها خمسة وسبعين فإذا رجعا عليه بأربعة وسدس اعتدلوا فيها ويكون كل واحد قد أدى بها ثلاثة وثمانين وثلثاه (كذا)، فإن لقي الرابع المأخوذ منه خمسون، أخذ الاثنين الباقيين، رجع عليه على هذا الترتيب بثمانية عشر وثلاثة أرباع؛ لأنه يقول: غرمت لنا خمسين، خمسة وعشرين على لا أرجع بها، والباقي بالحمالة عنكما، الباقي اثني عشر ونصف عن كل واحد منكما أربع على اثني (كذا) عشر ونصف التي أديت عنك، وستة وربع نصف الاثني عشر ونصف التي أديتها عن الغائب، لأنك حميل معي به، فإن لقي بها هذا الخامس المأخوذ منه ثمانية عشر وثلاثة أرباع الباقي من الستة رجع عليه بستة وربع التي أدى عنه، وهذه الوجوه الثلاثة ليست في الكتاب: ويخرج على هذه الوجوه ما في معناها، فإن لقي الأول والثاني والثالث معا بعد استوائهم في الغرم على ما تقدم الرابع للغارم خمسين، ورجع منها على الخامس ثمانية عشر وثلاثة أرباع رجعوا عليه بمائة وأربعة عشر ونصف ثمن لأنهم أدوا خمسمائة وخمسين كل واحد مائة وثلاثين وثلاثة وثلثا، وأدى هو أحدا وثلاثين وربعا، والواجب عليه ربع الجميع؛ لأنه رابعهم وذلك مائة وخمسة وأربعون، (كذا) وثمانين ونصف ثمن كما أدى هو ولو لقوه مفترقين واحدا بعد واحد رجع كل واحد عليه بما أدى عنه بالحمالة في خاصته وبنصف ما أدى عن صاحبه الغائبين بها بعد أن يسقط من ذلك ما أدى هو أيضا بالحمالة، فإذا التقوا ثلاثتهم رجع بعضهم على بعض حتى يعتدلوا، فإن لقي الأول والثاني والثالث والرابع معا بعد استوائهم في الغرم فصار على كل واحد منهم مائة وخمسون وأربعون، لكما ثمنان ونصف ثمن الخامس الذي رجع عليه الرابع بثمانية عشر وثلاثة أرباع، فرجع منها على السادس ستة وربع، رجعوا عليه بمائة وستة وخمسين وربع خمس، ويقتسمون ذلك بينهم أربعتهم فيجب لكل واحد ستة وعشرون وخمسان وثلاثة أرباع الخمس وربع ربع الخمس فيسقط ذلك من المائة والخمسة والأربعين والثمنين ونصف الثمن الذي أدى فيكون الباقي الذي أدى كل واحد منهم مائة وثمانية عشر وثلاثة أخماس وثلاثة أرباع الخمس كما أدى هو؛ لأنه أدى إليهم مائة وستة وخمسا وربع خمس وكان قد أدى اثني عشر ونصفا للرابع فالجميع مائة وثمانية عشر وثلاثة أخماس وثلاثة أرباع الخمس كما أدى كل واحد منهم، ولو لقوه مفترقين لرجع كل أحد عليه بما أدى عنه بالحمالة ونصف ما أدى عن صاحبه الغائب؛ لأنه حميل معه به ويسقط من ذلك ما أدى هو أيضا بالحمالة على ما تقدم، فإذا التقوا أربعتهم رجع بعضهم على بعض حتى يعتدلوا، فإن لقي الأول والثاني والثالث والرابع والخامس معا بعد استوائهم في الغرم، فصار على كل واحد مائة وثمانية وثلاثة أخماس وثلاثة أرباع الخمس على ما تقدم، السادس الذي رجع عليه الخامس بستة وربع، فإنهم يرجعون عليه بثلاثة وتسعين وثلاثة أرباع الخمس على ما تقدم، يقسمونها بينهم فيصير لكل واحد ثمانية عشر وثلاثة أخماس وثلاثة أرباع الخمس، وقد كان أدى مائة وثمانية عشر وثلاثة أخماس وثلاثة أرباع الخمس، فيصير الذي أدى كل واحد منهم مائة الواجبة عليه من الأصل، وقد كان السادس أدى أيضا إلى الخامس ستة وربعا فصار ذلك بالثلاثة والتسعين والثلاثة الأرباع الذي أدى الآن إلى جميعهم ثلاثمائة، كما وجب عليه فاستوفى ولو لقوه مفترقين لرجع كل واحد عليه بما أدى من أصل الدين، ونصف ما أدى عنه بالحمالة، فإذا لقي بعضهم بعضا لهم الخمسة رجع بعضهم على بعض حتى يعتدلوا، فإن لقي الأول غرم جميع المال أو أكثر مما يجب عليه للثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس ثم السادس، فيستوفي بذلك أيضا جميع ما أداه بالحمالة [...] ثم يلقي الثالث الذي رجع عليه الأول والثاني والرابع ثم الخامس ثم السادس، فيستوفي بذلك أيضا جميع ما أداه بالحمالة، ووجه العمل إذا لقي المأخوذ منه الستمائة الثاني أخذ منه ثلاثمائة؛ لأن مائة مما أدى واجبه عليه، والخمسمائة عن أصحابه فبضمه المائة التي أداها عنه ونصف الأربعمائة التي أداها عن أصحابه؛ لأنه حميل معه فيستويان، ثم إذا لقي الثالث رجع عليه بمائة وخمسة وعشرين؛ لأنه يقول له: بقي لي كما أديت ثلاثمائة مائة علي، مائتان أديتها عنكم، عنك خمسين أدها لي مع نصف ما أديت عنهم، ثم إن لقي الرابع رجع عليه بخمسين؛ لأنه بقي له مما أدى بالحمالة خمسة وتسعون أداها عنه وعن أصحابه يأخذ عنه خمسة وعشرين عنه ونصف ما أدى عن أصحابه؛ لأنه حميل معه بهما فيبقى له مما أدى بالحمالة خمسة وعشرون، فإن لقي الخامس رجع عليه بثمانية عشر وثلاثة أرباع؛ لأن الخمسة والعشرين عنه وعن صاحبه، فيأخذ منه حصته اثني عشر ونصف حصة صاحبه؛ لأنه حميل به معه يبقى له مما أدى بالحمالة ستة وربع يرجع بها على السادس، فيستوفي الذي أدى بالحمالة، وإذا لقي الثاني الذي رجع عليه الأول بثلاثمائة بالثلث الذي رجع عليه الأول بمائة وخمسة وعشرين رجع عليه بسبعة وثمانين ونصف؛ لأنه أدى الأول ثلاثمائة مائة عنه ومائة بالحمالة عنهم خمسون خمسون، وقد أدى الآخر بالحمالة إلى الأول خمسة وسبعين فيدفع له الخمسين التي أداها عنه ونصف ما بقي من المائة والخمسين بعد طرح الخمسة والسبعين التي أداها بالحمالة له، فيبقى له مما أدى بالحمالة مائة واثنا عشر ونصف، ثم إن لقي الرابع الذي رجع عليه الأول بخمسين رجع عليه باثنين وستين ونصف؛ لأنه يقول له: هي لي مائة واثنا عشر ونصف أديتها عنك وعن أصحابك، ستة وثلاثين ونصفا عنك وخمسة وسبعين عن أصحابك الغائبين، وقد أديت أنت بالحمالة الأولى خمسة وعشرين، فادفع لي السبعة والثلاثين ونصفا الذي أديت عنك ونصف ما بقي من الخمسة والسبعين التي أديتها عن صاحبيك، إذا طرحت عنها الخمسين التي أديتها أنت بالحمالة، وذلك اثنا عشر ونصف فيبقى له بما أدى بالحمالة اثنان وستون ونصف، فإن لقي الخامس الذي رجع عليه الأول بثمانية عشر وثلاثة أرباع، ورجع عليه الثاني بأربعة وثلاثين ونصف ثمن؛ لأنه يقول له: بقي ما أديت بالحمالة اثنان وستون ونصف عنك وعن صاحبك أحد وثلاثين وربع عنك ومثلها عن صاحبك، ويبقى لي بالحمالة الأولى ستة وربع، وللثاني تسعة وثلاثة أثمان فادفع إلي ما أديته عنك ونصف ما بقي مما أديته عن صاحبك بعد طرح الخمسة عشر والخمسة الأثمان، لئلا تحتمل فيما أديت التي له الأولى، والثاني وهو سبعة وستة أثمان ونصف ثمن، فيصير ذلك تسعة وثلاثين ونصف ثمن، فيبقى له مما أدى بالحمالة ثلاثة وعشرون وثلاثة أثمان ونصف ثمن يرجع بهما على السادس الذي رجع عليه الأول بستة وربع، والثاني بخمسة عشر وخمسة أثمان إذا لقيه، فيستوون في جميع حقه، فإن بقي الرابع الذي رجع عليه الأول بثمانية عشر وثلاثة أرباع، والثاني بأربعة وثلاثين وثلاثة أثمان، والثالث بسبعة وثلاثين ونصف وثمن، رجع عليه بخمسة وثلاثين وثمن؛ لأنه يقول له: جملة ما أديت للأول والثاني مائة واثنان وستون ونصف، منها مائة عني لا أرجع بها واثنان وستون ونصف عنك، وعن صاحبك الغائب أديت أنت للأول ستة وربعا، وللثاني تسعة وثلاثة اثنان، وللثالث سبعة وستة أثمان ونصف ثمن، تجمل في ذلك ثلاثة وعشرون وثلاثة أثمان ونصف ثمن، فادفع إلى ما أديته عنك وهو أحد وثلاثون وربع ونصف ما بقي مما أديته بالحمالة بعد طرح ما أديت، وذلك ثلاثة وسبعة أثمان وربع ثمن، فيبقى له مما أدى بالحمالة سبعة وعشرون وثمنان، وثلاثة أرباع الثمن يرجع بها على السادس، فإن لقي الخامس الذي رجع عليه الأول بثمانية عشر وثلاثة أرباع، والثاني بأربعة وثلاثين وثلاثة أثمان، والثالث بتسعة وثلاثين ونصف ثمن، والرابع بخمسة وثلاثين وثمن وربع ثمن السادس الذي رجع عليه الأول بستة وربع، والثاني بخمسة عشر وخمسة أثمان، والثالث بثلاثة وعشرين وثلاثة أثمان ونصف ثمن رجع عليه بسبعة وعشرين وثمنين، وثلاثة أرباع ثمن؛ لأنه يقول له: تحمل فيما أديت للأول والثاني والثالث والرابع مائة وسبعة وعشرين وثمنين وثلاثة أرباع ثمن، منها مائة على أن لا أرجع فيها، والسبعة والعشرون والثمنان، وثلاثة أرباع الثمن عنك فادفعها إلي فيستوفي ما دفعه بالحمالة، وتكمل فيها للسادس مائة كاملة، كما وجب عليه من أصل الدين، قال اللخمي: إن قال: علي (كذا) أن كل اثنين حميلين لجميع المال، فلقي واحدا أخذه بمائة عن نفسه وبنصف الباقي، وإن قال: كل ثلاثة أخذه بمائة وبثلث الباقي أو كل أربعة أخذه بمائة وربع الباقي، وإذا قال: علي أن أحدهم حميل بجميع المال، ولم يقل عن أصحابه، فإن كانوا مشتريين فقوله عن أصحابه وسكوته عنه سواء؛ لأن الحمالة عن أصحابه، فإن لقي واحدا أخذه بجميع المال، فإن لقي الغارم أخذ الخمسة أخذ بمائة ولم يأخذه عن أصحابه بشيء، وإن لم يكونوا مشتريين، وقال أحدهم حميل بجميع المال بحمالة الواحد عن المشتري، فإن غرم الستمائة لم يرجع على أصحابه الأول، يقول: عن أصحابه فإن قال: أنتم حملاء بهذا المال، وهم مشترون فبعضهم حميل عن بعض، أو غير مشتريين، فكل واحد حميل عن المشتري بمائة، حتى يقول: بعضهم حميل عن بعض، وإن قال: أنتم حملاء بهذا المال آخذ به من شئت فله أخذ أحدهم بجميعه، ثم لا رجوع له على أصحابه؛ لأنه الشرط لصاحب الدين، وقال محمد: يرجع على أصحابه، إن كانوا أربعة على كل واحد ربع الحق، والأول أحسن، ومحمل قوله يأخذ من شاء منهم عن الغريم، حتى يبين أنه أخذه بذلك عن أصحابه، وإن قال: بعضهم حملاء عن بعض، فللغارم الرجوع على أصحابه قولا واحدا، قال صاحب الجواهر: متى لقي أحد الستة من سواه في الغرم بالدين والحمالة لم يأخذ منه شيئا أو أدى أكثر مما أدى رجع عليه بنصف الزائد. الثالثة، في الكتاب: إذا أخذت كفيلا بعد كفيل فلك في عدم غريمك أيهما شئت بجميع الحق بخلف كفيلين في صفقة، إلا أن يشترط حماله بعضها لبعض، وليس أخذ الحميل الثاني إبراء للحميل الأول، بل كل واحد حميل بالجميع، قال التونسي: إذا كان أحدهما حميلا بالوجه فمات لم تسقط الحمالة عند ابن القاسم بموته، وسقطت عند عبد الملك؛ لأنه إنما تكلف المجيء به إذا كان حيا، وعند ابن القاسم يلزم ورثته الإتيان به، ولعله يريد إذا حل أجل الدين وإن مات حميل الحميل ثم تحمل بالمال فالحمالة عليه ثانية، ولم يقل هاهنا يؤخذ من تركته المال لرب الدين أو يوقف قدر ذلك؛ لأن الحميل هاهنا بالمال وهو الميت إنما تحمل بالحميل بالوجه، والحميل بالوجه لم تلزمه غرامه ولا طلب. قال ابن يونس: قال ابن القاسم: إذا تحمل ثلاثة بمال حيهم بميتهم ومليهم بعدمهم، وأخذ من أحدهم حميلا بما عليه، ولم يشترط ذلك على الحميل، فقام على هذا الحميل في عدم الذي عنده تحمل، وأراد إغرامه جميع المال فقال: أنا أغرم ثلث المال الذي على صاحبي في نفسه، قال: يلزم جميع الحق؛ لأنه قد لزمه ما لزم من تحمل عنه، يريد وقد علم الحميل ما على الحملاء من الشروط، ولو تحمل هذا الحميل عنهم بجميع الحق فوداه فله أن يأخذ بالحق كله أحدهم كما كان للطالب، وكما لو تحمل هؤلاء بما على أحدهم فللغريم اتباعه بالحق كله، كما له أن يتبع أحد الغرماء، وقد تقدمت مباحث من هذه المسألة في الركن الرابع في الشيء المضمون. الرابعة، في الكتاب: اشترى ثلاثة وتحمل بعضهم عن بعض بالثمن على أن يأخذ البائع أيهم شاء لحقه، فمات أحدهم وادعى الوارث أن موروثه دفع جميع الثمن، وشهد شاهد حلف مع شاهده وبرئ وليه، ويرجع على الشريكين بحصتهما، فإن نكل لم يحلف الشريكان لأنها يغرمان، إلا أن يقولا نحن أمرناه بالدفع عنا وعنه، ودفعنا ذلك إليه وإنما هو حق علينا، فالشاهد لنا فيحلفان، ويبرآن، قال صاحب النكت: معنى قوله لا يحلف الشريكان إذا ادعيا أن الميت دفع الثمن من ماله ويغرم الوارث ما ينوبه لنكوله بعد رد اليمين، على البائع له أنه ما قبض من وليه شيئا، وهذا إذا كان الميت مليا بما ينوب الوارث اليوم، فإن كان عديما اليوم كان لهذين أن يحلفا، فإن دعواهما أن الميت دفع الجميع من ماله ليبرآ من حمالة الثلث الذي الميت به عديم، فإن حلفا غرما الثلثين للورثة، وغرم الورثة للبائع ثلث الحق مما قبضوا من الشريكين لنكول الورثة، وإن ادعيا أن الثمن من عندهما حلفا، لقد دفع الميت ذلك وبرآ، ورجع البائع على الورثة بما ينوبهم لنكولهم بعد أن يحلف البائع أنه ما قبض من وليهم شيئا، وللشريكين أن يرجعا عليهما فيقولا لهما نحن دفعنا جميع الثمن، فإما أن تحلفوا على علمكم أنا ما دفعنا إليه شيئا وتبرؤا، وإن نكلتم حلفنا لقد دفعنا الجميع، وغرمتم ثلث جميع الثمن، وقوله لا يمين على الشريكين إن ادعيا أن الميت دفع الثمن من ماله، يريد ولا يغرمان للورثة شيئا من أجل قولهم إن الميت دفع عن الثلثين؛ لأن الشريكين يقولان الميت لم يشهد حين دفع، وقولهم لم يدفع بحضرتنا، وإنما بلغنا ذلك عنه فلا يلزمنا للورثة بإقرارنا أنه دفع، قال بعض الأندلسيين: وفيها نظر وينبغي أن حلف الشريكان أنهما دفعا للميت ما لزمهما، وأنهما أمراه بالدفع أن يتبع ذمة الميت بحصته بعد أن يحلف أنه ما دفع له شيئا، وإن قال الشريكان دفعنا إليه الجميع، وأمرناه بالدفع عنه وعنا وحلفنا على ذلك، لاتبعا ذمة الميت بحصته إذا لم يحلف ورثته، وعلى الشريكين إذا حلفا أن يزيدا في حلفهما، ولقد دفعنا ما أمرناه بدفعه، قال صاحب المقدمات: في هذه المسألة إشكال، وهو الورثة إذا نكلوا عن اليمين مع شاهدهم، فالميت إما أن يكون مليا أو معدما، فإن كان الميت مليا وصدق الشريكان الورثة فيما ادعوا من أن الميت دفع جميع الحق من ماله للبائع عن نفسه وعنهما ليرجع عليهما ويرجع بالثمن على البائع، فيحلف على تكذيب ما شهد به الشاهد، ويرجع بجميع حقه فيأخذ ثلثيه من الشريكين، وثلثيه من مال الميت، ولا يرجع الورثة على الشريكين بما يقربهما من المال الذي أقروا أن موروثهم أداه على ما شهد به الشاهد، وإن كانا قد صدقاه في شهادته بذلك لتفريط الميت بترك الإشهاد فالمصيبة منه، قال ابن أبي زيد: إلا أن يكون الدفع بحصتهما فيكون لهما الرجوع، وفيه قولان لابن القاسم وتعليله، في الكتاب: لا يحلف الشريكان، لأنهما يغرمان، يوهم أنهما إن حلفا غرما للورثة، وإن لم يحلفا غرما للبائع، ولو كان كذلك لكان من حصتهما أن يحلفا إن شاء إسقاط طلب البائع عنهما لما يرجوان من مسامحة الورثة ولا يصح ذلك؛ لأن الورثة لا يرجعون عليهما بما ينوبهما مما أدى الميت عنهما من ماله وإن صدقاه على الدفع، إلا أن يقرا أنه كان بحضرتهما على أحد القولين لابن القاسم، وإنما كان يجب أن يقول لا يحلفان، ويغرمان للبائع، فإن نكل البائع في هذا الوجه عن اليمين بعد نكول الورثة سقط حقه، ورجع الورثة على الشريكين بما ينوبها من الحق، وأما إن قالا دفع جميع ذلك من أموالنا بوكالتنا، فقال ابن أبي زيد: يحلف الشريكان بعد دفع الميت ذلك ويبرآن، ورجع البائع على الورثة بما ينوبهم لنكولهم بعد يمينه أنه ما قبض من وليهم، وللشريكين تحليف الورثة إن كانوا كبارا ما يعلمون أنهم دفعوا من أموالهما إلى وليهم شيئا، فإن نكلوا حلفا لقد دفعا جميع الحق إليه ورجعا عليهم بالثلث الذي ينوبهم منه، وقال أبو إسحاق التونسي: يأخذ البائع من جميع ماله بعد حلفه، ويحلف الورثة للشريكين ما يعلمون أنهما دفعا إلى وليهم شيئا، وإن نكلوا حلف الشريكان لقد دفعنا ذلك إليه ورجعا عليهم في التركة بما ينوب الميت من ذلك، ولا يكون للشريكين أن يحلفا لقد دفع الميت ذلك من أموالهما ويبرآن؛ لأن ما في يد الميت على ملكه حتى يثبت الدفع، وقال بعض الأندلسيين: يحلف الشريكان لقد دفع الميت ذلك من أموالهما ويبرآن ويرجعان على الورثة بما ينوبهما إذا لم يحلفوا، فهذه ثلاثة أقوال في هذا الوجه، والذي يوجبه النظر إذا لم يكن للشريكين بينة على دعواهما أن يحلف الورثة ما علموا ذلك، فإن حلفوا لا يمكن الشريكان من اليمين، وحلف البائع لنكول الورثة، ورجع عليهما وعلى الورثة بحقه، وإن نكلوا عن اليمين حلف الشريكان لقد دفعنا ذلك إليه، ولقد دفع ذلك هو للبائع ويبرآن من نصيبهما، ورجعا على الورثة بما ينوبهما، وأما إن قالا دفعنا للبائع من ماله وأموالنا، ففي قول ابن أبي زيد يحلف الشريكان ويبرآن، ويحلف البائع ويرجع على الورثة بما ينوبه من ذلك، وعلى قول التونسي لا يمكن الشريكان من اليمين، ويحلف البائع ويرجع على جميعهم بحمالته، والذي يوجبه النظر أن يحلف الورثة أنهم ما يعلمون أنهما دفعا إليه شيئا، فإن حلفا على ذلك لم يمكن الشريكان من اليمين، وحلف البائع ورجع على جميعهم، وإن نكلوا حلف الشريكان لقد دفعا ذلك للميت وحلفا مع الشاهد لقد دفع ذلك الميت إلى البائع ويبرآن من قصتهما، وحلف البائع ما دفع إليه شيئا، ورجع على الورثة بما ينوبهم وإن كان الميت معدما فلا يخلوا أيضا من الوجوه الثلاثة المذكورة، الوجه الأول أن يصدق الشريكان الورثة أن الميت دفع جميع الحق من ماله عن نفسه وعنهما ليرجع عليهما بما ينوبهما، قال ابن أبي زيد: للشريكين أن يحلفا مع الشاهد ليبرآ من حمالة الثلث الذي الميت به معدم، فإن حلفا غرما للورثة الثلثين ورجع البائع عليهم بالثلث، إذا غذا حلف أنه لم يقبض من وليهم شيئا، وقال التونسي: إذا حلف الشريكان مع الشاهد ليبرآ من حمالة الثلث الذي الميت به معدم لا يغرمان الثلثين للورثة، وإنما يغرمان ذلك للبائع بعد يمينه، وهو الصحيح على ما تقدم أنهما لا يلزمهم للورثة ما دفع للميت عنهما من ماله لتفريطه بعدم الإشهاد، والوجه الثالث إن كان الميت مليا ويستوي ملاؤه وعدمه إلا في اتباع ذمته إذا طرأ له مال. الخامسة قال صاحب البيان: قال ابن القاسم: إذا اشتريت وغلامك سلعة وتحمل بعضكما ببعض، فبعت العبد قبل الأجل، ليس عليك شيء حتى يحل الأجل، ولا يلزمك إخلاف حميل مكان العبد، ويتبع البائع العبد حيث كان، وإن رضي المشتري بالعبد معيبا بذلك، وإلا رده إلا أن يخرجه من العيب بالقضاء عنه لدخول الحميل على ذلك؛ لأن شأن العبد أن يباع، قال القاضي: وفي جواز هذا البيع نظر، لأنك بالبيع منتزع لماله، والعبد المأذون له في التجارة إذا كان عليه دين لا ينتزع ماله، فمعنى المسألة عندي أن العبد محجور عليه؛ لأن ما لزم المحجور من الدين لا يسقطه السيد عن ذمة المحجور، نحو هذا الدين الذي علم به فأمضاه، لا يكون إلا فيما وهب له، أو تصدق به عنه. السادسة قال: قال ابن القاسم: اشتريتها وتحمل بعضكما ببعض، وأيكما شاء أخذ بالثمن فتحمل عنكما ثالث بذلك الحق، فأخذ الحق منه فله أخذكما بجميع الحق؛ لأنه لو تحمل للغريم بما على أحدكما فإن للغريم أن يتبعه بالحق كله؛ لأنه مع أحدكما لذلك يريد إذا تحمل بأحدكما وعرف ما عليه من الشرط قال ابن القاسم: فلو سأل البائع أحدكما حميلا بما عليه ففعل ولم يشترط على الحميل شيئا فعليه الحق كله إن أراد أخذ المحمول عنه بالحق تحمل بأحد الغريبين، وهو محمول على عدم العلم حتى يثبت العلم ويحلف على ذلك؛ لأن الأصل عدم الإطلاع. السابعة قال صاحب النوادر قال أصبغ: في ثلاثة تحمل بعضهم عن بعض فيما عليهم، فأخذها ربها من أحدهم ودعى كل واحد (كذا) أنه يصدق المقتضي في تعيينه مع يمينه، فإن قال: لا أدري حلف أنه لا يدريه؛ لأنه أمر لا يعلم إلا من قبله ثم يحلف أنه الدافع، فإن حلفوا أو نكلوا لم يرجع أحد على الآخر، وإلا رجع الحالف على الناكل بما يقتضيه يمينه، ولو قبض البعض من أحدهم وادعاهم جميعهم صدق في الدفع كالكل، فإن قال: لا أدري، حلف الحملاء، ولا تراجع بينهم لعدم تعين الدافع، ولو قال بعد ذلك أدري الدافع إلي، لم يعتبر قوله، لتقدم ما يكذبه منه، ونحو قول أصبغ هذا لسحنون، وقال ابن القاسم: إذا قال القاضي: لم يبق لي عندهما شيء، وادعى كل واحد منهما أنه الدافع القابض كشاهد يحلف معه الدافع، إذا لم يبق عليه تهمة، وقال محمد عن قال نسقا لم يبق لي عندهما شيء قد أخذته من فلان جاز قوله بغير يمين لمن أقر له، وإن لم يكن عدلا لو قال: تركت حقي كله، وأما إذا ثبت سقوطه عنهم ثم قال: أخذته من فلان، وهو كشاهد ليخلص قوله من الإقرار على نفسه لعدم الحق للشاهد. الثامنة قال: قال ابن القاسم: إذا قلت: أيها شئت أخذت بحقي، فتحت (كذا) أحدهما، فله أن يقول: احبسوا معي صاحبي لاستوائهما في الحالة. وفي الجواهر: مأخوذة من التحويل، لأنها تحويل الحق من ذمة إلى ذمة، فتبرأ بها الأولى ما لم يكن غرور من حيث الثانية، وتستعمل الثانية وهي معاملة صحيحة بالكتاب والسنة والإجماع والقياس، أما الكتاب فقوله تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى}. وهي بر، وقوله تعالى:{وافعلوا الخير}. وهي خير، ونحو ذلك من النصوص الدالة على المعروف، وأما السنة فما في الصحاح، قال صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع. ورواه سفيان: إذا أحيل أحدكم على غني فليحتل. وأجمعت الأمة على مشروعيتها، والقياس على الكفالة بجامع المعروف. فوائد أربع الأولى قال صاحب التنبيهات: صواب التاء في الحديث السكون، وروي بالتشديد يقال: تبعت فلانا بحقي، فأنا أتبعه ساكنة التاء، ولا يقال: أتبع بالفتح والتشديد إلا من المشي خلفه واتباع أثره في أمره. الثانية في قوله صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. يقتضي أن الحوالة لا تشرع إلا إذا حل دين المحال عليه؛ لأن المطل والظلم إنما يتصوران فيما حل. الثالثة: أنه لا يكون ظالما إلا إذا كان غنيا. الرابعة أن تسميته ظالما يوجب إسقاط شهادته قاله سحنون وغيره، وقيل: لا ترد شهادته إلا أن يكون المطل له عادة، وقال (ح) وابن حنبل: هي تحويل، وقال (ش) وصاحب المقدمات وابن يونس وغيرهما: هي بيع مستثنى من بيع الدين بالدين لأجل المعروف، كما خص شراء العرية بخرصها من المزابنة، والشركة والتولية الإقالة من بيع الطعام قبل قبضه، والقرض من ربا النسأ، والحوالة تجوز كذلك معروفا، فمتى دخلتها المكايسة امتنعت؛ لأنه الأصل، وقال بعض العلماء: هي عقد مستقل بنفسه، ويمتنع كونها بيعا للزوم ربا النسيئة في النقدين، ويشرط فيها لفظ البيع ولجارة (كذا) بين جنسين، قال صاحب التنبيهات: هي عند أكثر شيوخنا بيع مستثنى من بيع الدين بالدين ومن بيع العين بالعين يدا بيد، وقال الباجي: ليس هي من هذا، بل من باب النقل. وفي هذا الكتاب بابان. وهي أربعة أركان: الركن الأول: المحيل، وفي الجواهر: يشترط رضا المحال؛ لأنه إبطال حق له كالبيع، ويلزم من ذلك اشتراط صحة العبارة، فيكون له شرطان. الركن الثاني: المحال، وفي الجواهر: يشترط؛ لأنه ترتب حق له فيشترط رضاه؛ لأنه كالمشتري أو كالموكل، وقاله (ش) و(ح) خلافا لابن حنبل، ويلزم من ذلك أيضا اشتراط صحة عبارته فيكون له شرطان. الركن الثالث: المحال عليه، وفي الجواهر: ولا يشترط رضاه، وقاله (ش) وابن حنبل لقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع. وقياسا على التوكيل في القبض، ولأنه محل التصريف كالرهن، واشترط (ح) رضا الثلاثة، والفرق بينه وبين الوكالة على القبض أن الوكيل لا يتعين التسليم إليه بخلاف المحال، وقد يكون أنكر عليه فلا بد من رضا الكفيل. والجواب عن الأول أنهما كالمتبايعين، وهو كالعبد المبيع. عن الثاني أن الكفيل لا حق عليه فاشترط رضاه بخلاف المحال عليه، وفي الجواهر: يشترط أن يكون عليه دين، لأنها في معنى المعاوضة فلا بد من ثبوت العوضين، ولم يشترط عبد الملك قال: فيكون حقيقتها عنده تجويز الضمان بشرط براءة الأصيل، ويلزمه اشتراط رضا المحال عليه كالكفيل، ويفترع على خلافهما إذا أحاله على من ليس له عنده حق، فأغرم المحال عليه رجع على المحيل على قول ابن القاسم دون قول عبد الملك، إلا أن يعلم أنه لا شيء له عليه، وتشترط عليه براءته من الدين، فيلزمه ولا رجوع له على القولين جميعا. الركن الرابع الشيء المحال به، وفي المقدمات له ثلاثة شروط. الأول الحلول؛ لأنه لو لم يكن حالا كان بيع ذمة بذمة، فيدخله النهي عن البيع الدين بالدين، وربا النسأ في النقدين، إلا أن يقبض ذلك مكانه قبل أن يفترقا مثل الصرف فيجوز. الثاني اتحاد الدينين قدرا وصفة، لا أدنى ولا أفضل؛ لأن مخالفة الجنس يصيرها بيعا بها لا معروفا، فيرتكب المحذور لغير معروف، وفي الجواهر: لو كان بينهما تفاوت يفتقر في أدائه عنه إلى المعاوضة والمكايسة وإن لم يلتقي ويجبر على قبول جاز، كأداء الجيد عن الردئ فيحول عن الأعلى إلى الأدنى وعن الأكثر إلى الأقل، وقال ابن حنبل: يشترط اتحادهما جنسا وصفة، والحلول أو التأجيل، ولا يحال بفضة على ذهب، ولا مكسور على صحيح، ولا يحال بالسلم ولا عليه؛ لأنه غير مستقر لتعرضه للفسخ بانقطاع المسلم، ولا على مال الكتابة، ولا الصداق قبل الدخول لعدم الاستقرار، وقال (ش): لا يجوز إلا على دين يجوز بيعه كالقرض دون السلم، ولا يصح إلا في دين مستقر، فيمتنع في الكتابة، ويشترط اتحاد النوع والصفة والحلول والتأجيل، فيمتنع الصحيح بالمكسور في النقدين لئلا يحصل لأجل ذلك رفق كالسلف بزيادة، ولا يكفي حلول أجلها عنده خلافا لنا، ومنع تعليقها على شرط نحو إن رضي فلان أجلتك ويمتنع عند شروط الخيار لأنها لم تبن على المغابنة. الثالث أن لا يكون الدينان كعاما من سلم أو أحدهما ولم يحل الدين المحتال به على مذهب ابن القاسم، ويجوز في الديون كلها من معاوضة أو نقد، ومتى كانا من سلم لا تجوز الحوالة بأحدهما على الآخر حلت الآجال أم لا، أو حل أحدهما دون الآخر أم لا؛ لأنه يدخله بيع الطعام قبل قبضه استوت رؤوس الأموال أم لا عند ابن القاسم، وقال أشهب: إن استوت رؤوس الأموال جازت، وكانت تولية فإن كان أحدهما من قرض، والآخر من سلم امتنعت حوالة أحدهما على الآخر حتى يحلا جميعا قاله ابن القاسم، وعن جماعة من أصحابنا أنهما إذا كانا من سلف يجوز أن يحيل أحدهما على الآخر إذا حل المحال به./5 فرعان. الأول، في الكتاب: إذا أحال لك مكاتبك بالكتابة على مكاتبة، وله عليك مقدار مالك عليه امتنع، إلا أن يثبت عتق مكاتبك فيجوز، ثم إن عجز مكاتبته رق، ولا يرجع عليه بشيء؛ لأن الحوالة كالبيع، وقد تمت حرمته، ولا تجوز حمالة بكتابة لعدم استقرارها، أما الحوالة فإن أحال لك على من لا دين عليه امتنع لعدم تحقيق المعاوضة، أوله عليه دين حل أم لا، جاز إن حلت الكتابة ويعتق مكانه؛ لأنه أدى الكتابة بماله على غيره، وإن حل نجم جازت الحوالة به على من له عليه دين حل أم لا، ويبرأ المكاتب منه وإن كان آخر نجومه عتق مكانه، وإن لم يحل النجم أن يجز أن يحيلك به على من له عليه دين؛ لأن هذه ذمة بذمة، وربا بين السيد ومكاتبه، وكذلك إن لم تحل الكتابة لم تجز الحوالة بها وأن حل الدين؛ لأنه فسخ دين لم يحل في دين حال أم لا، وقد تجوز الحوالة ويعتق مكانه؛ لأن ما على المكاتب ليس بدين ثابت، وكأنه عجل عتقه على دراهم نقدا أو مؤجلة، والكتابة دنانير لم تحل، وكمن قال لعبده: إن جئتني بألف درهم فأنت حر، ثم قال له: إن جئتني بخمسمائة درهم أو بعشرة دنانير فأنت حر، فإن جاء بها كان حرا ولم يكن بيع فضة بذهب، ولا فسخ دين في أقل منه وكأن لم يكن قبله إلا ما أدى، وقال ابن القاسم: ذلك لا ينبغي؛ لأن مالكا كره بيع الكتابة من أجنبي بعوض أو غيره إلى أجل، ووسع في هذا بين السيد ومكاتبه، فلما كره ذلك بين السيد والأجنبي من قبل أنه دين بدين كرهنا الحوالة إذا لم تحل الكتابة؛ لأنه دين بدين، قال صاحب النكت: قال بعض القرويين: إذا لم تحل الكتابة، وأحل المكاتب سيده بها بشرط أن يعتق الآن معجلا أو يشترط أن لا يعتق، يتفق ابن القاسم وغيره في هذين الوجهين، وإن سكت عن شرط تعجيل العتق، وشرط بقاء المكاتب فهاهنا الخلاف، فيفسخ عند ابن القاسم ما لم يفت بالأجل، وغيره يحكم بتعجيل عتق العبد، وقياس ابن القاسم الحوالة على البيع من الأجنبي فيه نظر؛ لأن الحوالة بين السيد ومكاتبه أسقط عن الكتابة واعتاض ما في ذمة الأجنبي في الأجنبي لا فرق بين أن يؤدي ذلك للمكاتب ولسيده، ولم يقع بين السيد بين والأجنبي مبايعة، وإنما وقعت بينه وبين عبده وبيع السيد الكتابة معاملة بينه وبين الأجنبي لا بينه وبين عبده. قال التونسي: إذا أحالك مكاتبك على مكاتبه إلى قوله: عتق مكاتبك مكانه، يجب أن يكون اسم الحوالة براءة لذمة المكاتب من بقية الكتابة، فيكون حرا من غير تجديد عتق، بل بقبول السيد العوض هو العتق، فكان يجب على هذا إذا رضي السيد بالحوالة على مكاتب مكاتبه أن يكون حرا بنفس الحوالة، فإن عجز المكاتب الأسفل كان رقا لسيده؛ لأن الغرر فيما بين السيد وعبده في هذا جائز، كفسخ ما عليه من الدراهم في الدنانير، فإن الغرر الذي في هذه الحوالة أن مكاتب المكاتب قد يعجز بما تعين المحال عليه، بل هي كتابة تارة، ورقبة عبد أخرى، والحوالة يتعين فيها جنس المأخوذ في الأجنبيين، كما أنك لا تجوز حوالتك غريمك على كتابة عبدك؛ لأنه قد يعجز فيأخذ غير الجنس والفرق بين جواز بيع الكتابة مع إمكان الاتصال (كذا) بل الرقبة؛ لأن الأصل الحوالة أخصه (كذا) فلا تتعدى محلها والقياس جواز حوالة المكاتب بما لم يحل من نجومه إذا أحال بجملتها أو تأخر نجم منها يكون نفس الحوالة ماجب (كذا) العتق على ما تقدم، والسكوت عن شرطه كشرطه، وهو قول غير ابن القاسم، واختلف في فسخ الكتابة في غيرها من تعجيل العتق، فأجيز وكره واتفقوا في قطاعة أحد الشريكين أنها تجوز وإن لم يتعجل عتق نصيب المقاطع لعدم قدرته على تعجيل عتقه، قال ابن يونس: قوله إذا أحال لك مكاتبك على مكاتبه يريد لم تحل كتابة مكاتبك، قال اللخمي: مكاتبك حر؛ لأن هذه مبايعة اشترى كتابته منك بل كتابته فقبض (كذا) لكله من الآن، وإن قال لك: إنما يقبض ما عليه فإن عجز كانت الرقبة لي وأوفيك الباقي، لم يكن حرا بنفس الحوالة؛ لأن له تعلقا في الرجوع متى عجز الآخر، ويختلف حينئذ هل هي صحيحة أم لا، فعلى القول بجواز فسخ الكتابة في غير جنسها إلى ذلك الأجل أو أقرب أو أبعد فإن لم يثبت العتق بجوازها هنا ما (كذا) جعله المكاتب من إعطائه للكتابة الآخر؛ لأن ذلك مال الكتابة، ومن منع تلك المسألة إلا بشرط العتق منع هاهنا إن لم يثبت العتق، وأن أحال لك على دين له على غريم بنجم حل جاز، ويسقط إن كان من أوسطها، ويكون حرا إن كان آخرها بنفس الحوالة، وإن أحالك بما لم يحل بجميع الكتابة أو تأخر نجم ولم يحل، فهي فاسدة عند ابن القاسم، والعبد في كتابته على حاله لما علل به في الكتاب، وعلى قول غيره في الكتاب بالجواز وهو حر بنفس الحوالة؛ لأنه أحالك على دين ثابت، وإن أحالك بنجم من أوسطها ولم يحل جرت على القولين إذا فسخ الكتابة في غيرها ولم يعجل العتق. الثانية، في الكتاب: إذا أكريت دارك بعشرة إن أحالك بالكراء على من ليس له عنده دين جاز، وهي حمالة، ولا يطلب الحميل إلا في فلس المكتري أو موته عديما، وإن أحالك قبل السكنى على من عليه دين جاز إن كانت عادتهم الكراء بالنقد أو اشترطاه وإلا لم يجز له؛ لأنه فسخ دين لم يحل في دين أم لا، وإن اكترى منك بدين له حال أو مؤجل على مقر وحيلك (كذا) عليه جاز إن شرعت في السكنى، قال التونسي: أنظر قوله شرع في السكنى فإذا جاز كراء الدار بدين ابتداء ما الذي يمنع من كرائها بدين لي على رجل، وإن لم يشرع في السكنى فإن قيل: السكنى كالمتعلق بالذمة؛ لأن ضمانها من المكري وهي تؤخذ شيئا فشيئا فلا يكون كالكراء بالدين إلى أجل، وفي الموازية: إذا اكترى بالنقد ثم أقاله على أن يؤخره بالكراء سنة يمتنع، وفيه بعدله (كذا) رجوع الدار لربها، وملك قبلتها ومنفعتها بثمن إلى أجل، وقد قالوا فيما لا يضمنه مشتريه كالجارية المواضعة، وسلعة غائبة أنه يجوز شراؤها بالدين، ولم يذكروا خلافا، وذكر الخلاف في كراء الدار والأجير بدين على رجل، واختلف في شراء الدين بما يقبض على يومين منعه في المدونة، وفرق بينه وبينه عقد الذمم بأن يسلم دارهم إلى ثلاثة أيام في سلع إلى أجل، فأجاز هذا ومنع ذلك لتقرر الدين قبل العقد في الذمة، وأجاز ذلك في الموازية نقدا، فقد يقال: على هذا إنه ابتداء عقد بالدين، بخلاف كرائها بدين، وقد تقرر في ذمة غير مكتريها عقد كرائها به فيمتنع على هذا وقد شرع في السكنى، إلا أن يخيف (كذا) الأمر هاهنا للاختلاف في أن الكراء يؤخذ من دين في ذمة المكتري إذا شرع في السكنى، وفي هذا كله نظر، قال ابن يونس: إنما اشترى لشروع في السكنى أن الحوالة من فسخ الدين في الدين، وهو أشد من بيع الدين بالدين لجواز تأخير رأس مال السلم إلا بأمر، ولو أسلم في عرض ثم باعه منه امتنع تأخير الثمن ساعة؛ لأنه فسخ دين في دين، فلذلك فرق بين كرائها بدين لك على رجل آخر وكرائها عليك منعه في الحوالة إلا أن يشرع في السكنى، وأجازه في كرائك بدين عليك وإن لم يستثن في السكنى، وروي عن مالك المنع، قال اللخمي: قوله إلا أن يفلس المكتري أو يموت ولا يترك شيئا، إنما يصح التبدئة بالمكتري إذا كان ذلك الشرط في الحوالة من المكتري وقصد أن يتحمل له، فأما إن كان ذلك الشرط من المكتري يقتضي حاله على وجه الهبة أو السلف لم يكن للمكتري أن يبتدئ بالمكتري ولا يكون له مقال إذا لم يعلم أنه لا دين له عليه؛ لأن هذه هبة قارنت العقد ولا يسقطها فلس ولا موت، وليس هبة الرقاب والمنافع والسلف في ذلك سواء، ولو كانت الحوالة بعد عقد الكراء بالنقد جازت، وإن كانت إلى أجل امتنعت الحوالة بما لم يحل. وهي عشرة أحكام: الأول: في مشروعيتها قال صاحب المقدمات: واللخمي وغيرهما: هي مندوب إليها، قال صاحب التنبيهات: هو قول أكثر شيوخنا لأنها معروف ومكارمة من الطالب كالكفالة والقرض والعرايا، فبذلك تعين صرف الأمر في الحديث عن الوجب إلى الندب، قال: وقال بعض أصحابنا: هي على الإباحة لأنها من خص الدين بالدين، والأمر بعد الخطر للإباحة، وقال أهل الظاهر: هي على الوجوب لظاهر الأمر، فمن أحيل وجب عليه القبول قاله صاحب المقدمات، ويرد عليهم مخالفته القواعد وأنه قد يحيله على من يؤذيه أو لا يقدر عليه، ويحيلك الذي أحلت عليه على غريمه كذلك إلى غير النهاية. الثاني، في الكتاب: إذا رضيت بالدين الذي على المحال عليه برئت ذمة غريمك، ولا يرجع عليه في غيبة المحال عليه أو عدمه، ولو غرك من عدم تعلمه أو فلس، فلك طلب المحيل، ولو لم يغرك لزمتك الحوالة، ووافقنا (ش) وابن حنبل: في البراءة أبدا، وقال (ح): يرجع في حالتين إذا مات المحال عليه مفلسا، وإذا جحده وحلف عند الحاكم وليس له بينة، وللمسألة أصلان أحدهما أن الحوالة تحويل الحق وليس بتبديل، ولهذا جازت الحوالة بالمسلم فيه وعلى أصلهم يمتنع؛ لأن الاستبدال بالمسلم فيه ممنوع وعند المخالف هي تبديل دين بدين وذمة بذمة وهو غير صحيح؛ لأن تبديل الدين بالدين لا يجوز؛ ولأن اسم الحوالة من التحويل لا من التبديل، والأصل الثاني أن الحوالة معاوضة عندنا، ولهذا أسقطنا المطالبة من الجانبين وقد اتفقنا على تعذر المطالبة والتخفيف بالإبراء، فدل على انقضاء [...] وعند المخالفة هي معاوضة غير مقبوضة. لنا: قوله -صلى الله عليه وسلم- المتقدم وهو يدل من وجهين: أحدهما أنه أمر باتباع المليء ولم يخص حالة دون حالة، وثانيهما أنه -صلى الله عليه وسلم- اعتبر وصف الملاء مع جواز الحوالة على المعسر إجماعا، فيكون معتبرا في أنْ لا يدخل على المحال ضرر، لا في جوازها، وإنما يحصل له الضرر بعدم الملاية إذا تحول الحق مطلقا، وأما القياس على ما إذا لم تتغير حاله أو بالقياس على ما إذا فلس في حال حياته، أو تقول عند تعلق بالذمة فلا ينفسخ بموت صاحبه كموت المشتري مجلسا بل أولى؛ لأن دين الثمن ثبت لمعاوضة تنفسخ بهلاك المعوض قبل القبض، ودين الحوالة لا ينفسخ بهلاك مقابله، ويؤكده أن دين الحوالة لا يشترط فيه القبض؛ لأن القبض والدينية يتضادان، ولأن فوات الدين بالإفلاس لو وجب الرجوع لكان تعذر استيفائه في وقت استحقاق الاستيفاء، فثبت حق الفسخ كبدل الصلح، ولأن البائع له جنس المبيع بالثمن، فلو أحاله المشتري لزمه تسليم البيع، وكذلك الضامن من لا يرجع على المضمون حتى يزن، فلو أحال الضامن المضمون له على غريمه كان له الرجوع، فصارت حوالة كالوزن، والوارث لا يتصرف في التركة، وإذا أحال صاحب الدين أجاز له التصرف أو تعذر استيفاء الحق من المحال عليه فلا يرجع كما إذا هب المحال عليه. واحتجوا بأن عثمان رضي الله عنه قضى في رجل أحيل على ذمة فمات المحال عليه مفلسا أن له الرجوع على المحيل، وقال: كانوا على مسلم (كذا)، وبالقياس على ما إذا صالح من الدين على عبد فمات العبد قبل القبض، ولأنه إنما احتال بشرط السلامة، وهو مقصود العقلاء في العادة، ولأن إفلاس المشتري بالثمن يوجب الرجوع، فكذلك إفلاس المحال عليه؛ لأنه إنما يجري مجرى الغبن أو الاستحقاق، فأينما كان فإنه يوجب الرجوع، ولأن في الحوالة معنى المعاوضة، لأنها تقبل الفسخ كالإقالة في البيع، ولأن مقصود الحوالة توثيق الحق، فإذا أغرم عاد إلى حقه كما لو قبض دينه فوجد زيوفا، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (ومن أحال على مليء). دل على اعتبار الملاء في ترتيب الحوالة؛ لأن ترتيب الحكم على الوصف يدل على عليته فتكون الملاءة علة ثبوت الحوالة، وعدم العلة علة لعدم المعلول، فتعدم الحوالة وتعود لحقه، فالحديث منقلب عليكم. الجواب عن الأول: منع الصحة، سلمناه لكنه معارض بما روي عن علي رضي الله عنه أنه سأله رجل له حق، فأحاله، ثم رجع إليه وزعم أن المحال عليه قد أفلس، فقال له علي رضي الله عنه: اخترت علينا غيرنا، ومنعه الحق. عن الثاني أن المصالح عليه عين، والعقود تبطل عند تعذر المعينات، والحوالة والعقد لا يبطل لتعذر ما في الذمة كالبيع. عن الثالث بل دخل على توقع الفلس والموت لا يكون أتم غرضا من المبايع، ولا يبطل عقده الفلس والموت. عن الرابع أن البائع غير شبه (كذا) في يده، فاستصحب ملكه عليه، إنما عاوض على غير معين، فاتبعت الذمة عند التعذر، كالبائع إذا سلم المبيع ثم أفلس المشتري أو مات بعد هلاك العين المبيعة. عن الخامس أن ينقض بالفلس في الحياة. عن السادس أن مقصود الحوالة تحول الحق، وما تحول، الأصل: عدم رجوعه، وأما إذا قبضه زيوفا تبين أن المحول لم ينقبض فرجع للذمة كالمسلم إذا قبضه معينا، فإنه يرجع لذمة المسلم إليه. عن السابع أنا بينا أن اشتراط الملاءة لنفي الضرر، ولا مشروعية الحوالة، (كذا) بدليل جوازها على المعسر إجماعا. تفريع: في النكت: إنما فرق بين الحوالة لا ترد إلا إذا غر، وبين العيب في البيع يرد به غر أم لا؛ لأن البيع باب مكايسة فغلظ على البيع، والحوالة معروف فسهل على المحيل به، قال التونسي: إذا مات المحال عليه، فقال المحال: احتاض (كذا) على غير أصل، وقال المحيل: بل على دين، صدق المحيل؛ لأن دعواه أصل الحوالة وظاهرها، قال: وانظر على هذا لو أحاله ثم أنكر المحال عليه أن يكون عليه دين هل ذلك عيب في الحوالة لقول المحال: لو علمت أنه ليس له بينة، لما قبلت الحوالة أو يقال له أنت فرطت حين أحالك عليه وهو حاضر أن يشهد عليه وهو الأظهر، فلو كان غائبا لكان للمحال حجة، فإن مات قبل أن ينكر ينبغي أن يكون غنيا، وجعل في الكتاب الغرور بالفلس عيبا يوجب الرد، ولو اطلع البائع على فلس غره به المشتري لم يكن له الرد لتعذر كشف ذم الناس وبيع الدين نادر، فإنه إذا لم يجز بيع الدين إلا بعد العلم بِعُدم الغريم وملائه كان عيبا في الحوالة إذا غره، قال: فانظر على هذا لو لم يغره فوجده خرب الذمة لم تكن له حجة كشراء الدين، فإنه لا يجوز إلا بعد معرفة ملائه من عدمه، وفي الموازية: إن أحلت على من ليس لك عليه شيء، ثم دفعت للمحيل الحق فأفلس ومات فرجع الغريم عليك، وقال: كانت حمالة، وقلت: حوالة، صدق ورجع عليك، وترجع أنت على الآخذ منك، ولو أحلت على المودع بالوديعة وضمنها المودع للغريم فوجدها قد ضاعت صدق في الضياع وضمن الطالب لأجل ضمانه لمن [...] إلا أن يكون [...] ويرجع المودع عليك؛ لأنه أدى في حقك ما يلزمك، قال اللخمي: [...] مالك [...] الحوالة مع الجهل بذمة المحال عليه، قال: وله الرجوع مع أنه لم يغره؛ لأنه [.....] في الذمة ولو علم ذلك لم يحتل، وإذا فلس المحال عليه بعد الحوالة أو مات أو غاب لم يرجع، إلا أن يشترط الرجوع قاله المغيرة، وإن قال: اقبض حقك [.....] فإن لم يقبض رجع؛ لأنه لم [.....] وإنما أراد كفايته المرومة، ولو قلت لشريكك في المكاتب: خذ هذا النجم أفديك عنه وأنا آخذ النجم الآخر، ثم فلس (كذا) الرد عليه الدين فترجع على صاحبك؛ لأنه [.....] لا حوالة بل وكالة ابن القاسم، ولو قلت: واحتال على النجم الآخر لم ترجع. تنبيه: الحوالة هي تحويل الحق من ذمة إلى ذمته، وقد تقدم في كتاب الحمالة حقيقة الذمة ما هي، هل هي وجودية أم عدمية، وهل هي حكم شرعي أو وصف حقيقي، وتفصيل أحوالها هنالك. الثالث، في الكتاب: إذا لم يقبض مما أحالك به حتى فلس المحتل لا يدخل غرماؤه معك في ذلك الدين؛ لأنه كبيع نفذ. الرابع، في الكتاب: إذا أحالك على من ليس له قبله دين فليست حوالة بل حمالة لها حكم الحمالة، فإن شرط عليك المحيل [.....] فرضيت لزمك أن [.....] بعدم الدين، وإلا فلك الرجوع؛ لأنه غرور، وعن مالك حرق صحيفتك واتبعني بما فيها من غير حوالة بدين له عليه بل حمالة، فاتبعه حتى فلس أو مات ولا وفاء له فلك الرجوع على الأول، قال ابن يونس: لأن المتحمل إنما هو رجل وعد بالسلف، فليس مخالفا لما تقدم، وتأول بعضهم حرق صحيفتك [.....] أنه حميل، ولا رجوع له على المحيل، ومعناه ليس يحتمل إلا أنه كان اشترط أن يبتدأ بطلب المحال عليه فمات معدما رجع على الذي عليه الدين، وعن مالك: إذا قال: لك علي لمن ليس له عنده إلا بعض الحق تمت الحوالة فى قدره، والباقي في حمالة يتبع أيهما شاء به، قال محمد: إذا كان له عليه خمسون، أو أحالك عليه بمائة وعليه لغريمك مائة، وترك مائة والحميل غائب، فالميت يحل ما عليه دين، ومن الحمالة، فتخلص غرماؤه بالمائة [.....] خمسين نفسها على الحوالة، والآخر من الحمالة، فنصيب الحمالة يعين دينا للميت على الحميل الغائب ولكانت عليه بهذه الخمسين التي هي الحمالة، وهي خمسة وعشرون، [.....] بها أيضا حميل، وبقي لك على الميت خمسة وعشرون حوالة لا ترجع بها على أحد، فإذا قدم الغائب أخذت منه الخمسين للحمالة خذها لنفسك والميت، فترد على الميت منها الخمسة والعشرين التي كنت أخذتها في المحاصة بسبب الحمالة، والذي كان هذا الميت تضرب فيه أنت بما بقي لك على الميت من الحوالة وهي خمسة وعشرون؛ لأنه لم يبق لك من الحمالة شيء، ويضرب غرماء الميت بما بقي لهم وهو خمسون، فتأخذ أنت ثلثها وهم ثلثيها، وإن لم يوجد في مال القادم إلا خمسة وعشرون لزمك نصفها وهو اثنا عشر ونصف إلى الميت فتخلص فيها أنت غرماءك بما بقي لك من الحوالة، وقد بقي لك من الحوالة خمس وعشرون صار كأنه لم يجب لك عن الميت بالحمالة إلا خمسة وعشرون، وفيها [...] أن يحاص فكان بقي لك اثنا عشر ونصف، إذا صار لكل غريم نصف حقه، فيعطي مفرد اثنى عشر ونصف لأنك أخذت خمسة وعشرين [...] غرماء الميت من ماله فتضرب أنت بما بقي لك من الحوالة خمسة وعشرين، ومن الحمالة اثني عشر ونصف فذلك خمسة وثلاثون ونصف فيحاص به [...] اثني عشر ونصف [...] الحمالة ولو لم يوجد له إلا عشرون، أو كانت هي التي أصابتك في الحصاص، قال اللخمي: إذا احالك على غير دين، وذلك هبة أو تحمل أو سلف، ثم فلس المحال أو مات، لا يختلف أنه يبدأ بالمحال عليه، وفي الهبة قولان قيل: هي بالحوالة كالمقبوضة فيضرب مع الغرماء، وما عجز لم يرجع وقيل: ليست مقبوضة فلا يضرب، وهذا مع علم المحال أنه أحيل على غير دين، فإن لم يعلم رجع الآن؛ لأنه عيب في الحوالة، ولا يطالبه الآن للاختلاف في سقوطها عند الفلس إلا أن يعلم أن الواهب وهو المحال عليه مأمون الذمة لا يخشى فلسه يرفع إلى حاكم فيحكم بالقول بوجوبه عند الفلس فيسقط العيب، وإن كان ذلك على وجه السلف فلم يجد عنده شيئا رجع قولا واحدا، وأما إذا قال: خرق صحيفتك واطلبني، فهو وعد بالسلف، فلا يثبت له حتى يعطي، فإن كان الحميل موسرا فلمن عليه الدين أن يرجع عليه ولا يدخل معه غرماء المحال عليه؛ لأن صاحبهم لم يصح منه سلف، وإن كان الأول معسرا وأحب هذا أن يضرب مع غرماء المحال عليه فله ذلك على القول فيمن أحال على هبة؛ لأن هذا وهب منافع، وأحيل عليه فيها فإن أضرب معهم ثم أيسر غريمه ببعض حقه رجعا جميعا، فيرجع غريمه بما بقي له، ويضرب غرماء المحال عليه بما قضي عنه من مال غريمه. فرع مرتب قال محمد: إذا قلت بعد موت المحال عليه أحلتني على غير مال، وقال: بل على دين ثابت، صدق؛ لأنه أصل الحوالة، وقال عبد الملك: إذا قال المحال كانت دينا عليك، وقال الآخر: إنما حلتك لتقبضها لي فإن أشبه أن يكون للمحال على المحيل حق حلف وإلا حلف الآخر، فهي حوالة حتى تثبت الوكالة فعادته التصرف له أو التوكيل له، أو المحال ممن لا يشبه أن يملك مثل ذلك، قال ابن القاسم: لو قال المحيل: أقرضتك، وقال الآخر: بل حوالة لي، فالمتقارض غارم، قال: والمسألتان سواء بعد هذه أحرى أن يقبل قول القارض؛ لأنه مقر أنه أحاله فقبضها لنفسه، وفي الأول يقر أنه جعل له قبضها لنفسه ولك، وأرى أن ينظر هل بينهما ما يشبه السلف أم لا. الخامس في البيان: قال ابن القاسم: إذا بعت عبدا بنظرة فأحلت على المشتري وأقر الذي أحيل ثم رد العبد بعيب فإن كان للمحتال دين فأحلته به غرم ذلك المحال عليه، أو هبة وأحلته بها لم يغرم شيئا إذا لم يكن دفعها، وإن هو دفعها إليه لم ينتفع بها الموهوب إليه أو المتصدق عليه ولم يتبع بها إلا البائع، ودفعه إياها كقبض البائع لها فيتصدق بها؛ لأنه يوم فعل ذلك لم يكن عليه دين يرد الصدقة. قال: وهذا على القول بأن الرد بالعيب نقض للبيع، ويدخل فيه قول أشهب، فيلزمه على مذهبه؛ لأن الغيب كشف أنه أحال ما لم يملك، وعلى القول لأنه ابتداء بيع يلزمه أن يدفع إلى المحال الثمن قولا واحدا، وكذلك يختلف إذا وهب الثمن أو تصدق ثم استحق العبد أو رد بعيب، وفي الكل أربعة أقوال الهبة والصدقة تفويت، ويدفع المبتاع إلى الموهوب، ويرجع على البائع قاله ابن القاسم، والثاني لا يفوت إلا القبض، والثالث لا يفوت إلا باستهلاك الموهوب له، فإن لم يستهلكه استرده المشتري منه، والرابع يطأ (كذا)؛ لأن الهبة والصدقة في جميع الأحوال (كذا) لو كشف الغيب عن عدم الملك، فإن استهلك رجع المبتاع على البائع ورجع البائع على المتصدق عليه أو الموهوب له، قاله ابن القاسم، وهذه الأربعة في مسألة الحوالة وفي الهبة قول خامس إن كان الواهب [...]
|