الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)
.اللَّاحِقَةُ الثَّانِيَةُ التَّمَتُّعُ: وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمَتَاعِ وَهُوَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَيْفَ كَانَ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ:فَجَعَلَ وُقُوفَ الْإِنْسَانِ بِالْقَبْرِ مَتَاعًا وَالتَّمَتُّعُ فِيهِ إِسْقَاطُ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ فَإِنَّ شَأْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النُّسُكَيْنِ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ مِنَ الْمِيقَاتِ وَأَنْ يَرْحَلَ إِلَى قُطْرِهِ فَقَدْ سقط أَحدهمَا فَجعل الشَّرْع الدَّم جَابر لِمَا فَاتَهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجِبُ عَلَى الْمَكِّيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الْمِيقَاتُ وَلَا السَّفَرُ وَقَالَ عَطَاءٌ فِي الْوَاضِحَةِ إِنَّمَا سُمِّيَتْ مُتْعَةً لِأَنَّهُمْ يَتَمَتَّعُونَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَيَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ لِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ وَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ الْمَكِّيَّ كَذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ قَالَ سَنَدٌ وَلِوُجُوبِ الدَّمِ فِيهِ شُرُوطٌ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ فِي سَفَرٍ وَاحِد وعام وَاحِدٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَتُقَدَّمُ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ وَالْفَرَاغُ مِنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَزَادَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ أَنْ يَقَعَ النُّسُكَانِ عَن شَخْصٍ وَاحِدٍ وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ النِّيَّةَ وَالْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْحِلِّ وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقِرَانِ وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الْبَقَرَة 196 وَحَرْفُ إِلَى لِلْغَايَةِ فَجَعَلَ آخِرَ الْعُمْرَةِ مُتَّصِلًا بِالْحَجِّ فَإِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَوْ مِثْلَهُ فِي الْبُعْدِ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بَلْ إِلَى مَوْضِعٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَقَالَ ح بَلْ نَفْسَ بَلَدِهِ فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُلِمَّ بِأَهْلِهِ فَإِنَّهُ مُتَرَفِّهٌ بِسَفَرِهِ الْأَوَّلِ عَنْ سَفَرَتَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّرَفُّهَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِقِلَّةِ السَّيْرِ وَالتَّرْحَالِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَلَدِهِ وَمَا يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ش بَلِ الرُّجُوعُ إِلَى مِيقَاتِهِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ بِالْحَجِّ لِأَنَّ مَا بَعُدَ عَن الميقات لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْخُرُوج إِلَيْهِ أما الميقات فَالْخُرُوجُ إِلَيْهِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا وَالنَّصُّ دَلَّ عَلَى الدَّمِ فِي حَقِّ مَنْ وَصَلَ الْعُمْرَةَ بِالْحَجِّ فِي سَفَرٍ وَهَذَا لَمْ يَصِلْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ وَجَوَابُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الِاتِّصَالِ بل الِانْتِفَاع بِمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنَ السَّفَرِ وَذَلِكَ مُقْتَضَى لَفْظِ التَّمَتُّعِ فَيَكُونُ السَّبَبُ هُوَ الِانْتِفَاعَ بِالسُّقُوطِ وَهَذَا قد انْتفع فَيجب الدَّم ويتأكذ مَا ذَكَرْتُهُ بِأَنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِسْقَاطُ الدَّمِ عَنْهُ بِرُجُوعِهِ إِلَى غَيْرِ أُفُقِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْحِجَازِ لِوُجُوبِ السَّفَرِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ كَانَ أُفُقُهُ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ وَالْعَوْدُ مِنْهُ إِلَى الْحَجِّ يَكْفِي دُونَهُ مِمَّا يَخَافُ فِيهِ الْفَوَاتَ وَلَوْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَحَلَّ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْعُمْرَةِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ فِي التَّمَتُّعِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ الْقِرَانُ التَّمَتُّعُ فِيهِ بِسُقُوطِ الْعَمَلِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ فَسْخُ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لِتَمَتُّعِهِ بِإِسْقَاطِ بَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ الْإِحْصَارُ بِالْعَدُوِّ وَفَسَّرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْآيَةَ بِهِ.وَلْنُمَهِّدِ الْفُرُوعَ عَلَى الشُّرُوطِ فَنَقُولُ:الشَّرْطُ الْأَوَّلُ:قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِمَكَّةَ وَأَهْلٌ بِبَعْضِ الْآفَاقِ فَقَدِمَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْأُمُورِ وَالْهَدْيُ أَحْوَطُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ أَكْثَرُ إِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ وَيَأْتِي غَيْرَهَا مُنْتَابًا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَأْتِي غَيْرَهَا لِلسُّكْنَى فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِك وَإِنَّمَا تكلم مَالك على مُسَاوَاةِ إِقَامَتِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْمُرَاعَى فِي حُضُورِ الْمَسْجِد وَقت فعل التسكين وَالْإِهْلَالِ بِهِمَا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ يُرِيدُ سُكْنَاهَا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِفْ بِسُكْنَاهَا وَإِنَّمَا عَزَمَ وَقَدْ يَبْدُو لَهُ وَالْعَزْمُ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ دَخَلَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَإِلَّا فَلَا.الشَّرْطُ الثَّانِي:اجْتِمَاعُ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ اعْتَمَرَ أُخْرَى فِيهَا وَتَحَلَّلَ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْعُمْرَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا فَعَلَ بَعْضَ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ وَبَعْضَهَا فِي شَوَّالٍ ثُمَّ حَجَّ فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَلَوْ لَمْ يُبْقَ لِشَوَّالٍ إِلَّا الْحِلَاقُ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ ح إِذَا أَتَى بِأَكْثَرِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا لَمْ يَقَعْ إِحْرَامُ الْعُمْرَةِ فِي شَوَّالٍ فَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ لَنَا أَنَّ الْعُمْرَةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ بِكَمَالِهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.الشَّرْطُ الثَّالِثُ:أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى وَطَنِهِ وَلَا إِلَى مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَحَلَّلَ مَنْ عُمْرَتِهِ وَهُوَ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَعَلَيْهِ دم الْمُتْعَة إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مِثْلِ أُفُقِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ وَأَمَّا السَّابِعُ الَّذِي نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ خِلَافًا وَقَالَ سَنَدٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مُتَمَتِّعٌ وَإِنْ كَانَ التَّمَتُّعُ نُسُكًا عَنْ شَخْصَيْنِ وَلَمْ يَجِدْ هُوَ أَيْضًا خِلَافًا أَجْرَاهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى التَّكْفِيرِ قبل الْحِنْث. .اللاحقة الثَّالِثَة فَوَات الْحَج: وَفِي الْكِتَابِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَنْ يُتِمَّ عَلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ بِالْإِهْلَالِ الْأَوَّلِ وَلَا يُسَمِّيَ لَهَا إِهْلَالًا وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ أَوَائِلَ الْحَرَمِ وَلَا يَنْتَظِرُ قَابِلًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَلْيَطُفْ وَلْيَسْعَ وَلَا يَثْبُتُ عَلَى إِحْرَامِهِ وَيَقْضِي حَجَّهُ قَابِلًا وَيُهْدِي قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْإِحْرَامِ خَشْيَةَ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ وَلِأَنَّهُ إِحْرَامٌ بِالْحَجِّ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ بِسَنَةٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْيَسِيرِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا لِمُخَالَفَتِهِ سُنَّةَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَإِذَا تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ عِنْدَ ح وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ بِحَجّ قَابل قَالَ أَخَاف أَن يُجْزِئَهُ قَبْلَ خَوْفِهِ قَالَ سَنَدٌ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي إِجْزَاءِ السَّعْيِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى الْحَجِّ وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَرَنَ وَسَعَى قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَج أَجزَأَهُ لحجه وَإِنَّمَا كرهه هَا هُنَا لِأَنَّ هَذَا السَّعْيَ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ لِعُمْرَةِ التَّحَلُّل وَيكرهُ جعله ركنا لِأَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ لَمْ يَتَعَيَّنْ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يَتَحَلَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَعِنْدَهُ لَهُ التَّحَلُّلُ مَا لَمْ تَدْخُلْ أَشْهُرُ الْحَجِّ فَكَانَ هَذَا السَّعْيُ مَوْقُوفًا لَيْسَ مَجْزُومًا بِأَنَّهُ لِلْحَجِّ وَإِذَا قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَيُعِيدُ السَّعْي بعد الْإِضَافَة وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ لِمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَأَقَامَ إِلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ ثُمَّ إِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئِ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا هَذِه رُخْصَةٌ لَهُ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِهَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ أَحِلَّ وَاقْضِ الْحَجَّ مِنْ قَابَلٍ وَأَهْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ فَسَخَ حَجَّهُ فِي عُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ جَهِلَ فَفَعَلَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى إِحْرَامِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ مَكَّة حَتَّى حج بِهِ قَابلا أَجزَأَهُ عَن حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَوَطِئَ أَوْ تَطَيَّبَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْرِمِينَ وَعَلَيْهِ هَدْيُ الْفَوَاتِ وَهَدْيُ الْفَسَادِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ وَيَفْعَلُ غَيْرَ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ قَالَ سَنَدٌ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقَارِنِ يُجَامِعُ ثُمَّ يَفُوتُهُ الْحَجُّ عَلَيْهِ أَرْبَعُ هَدَايَا لِفَوَاتِهِ وَلِأَنَّهُ صَارَ إِلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا وَلِقِرَانِهِ وَلِقَضَائِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ هَدَايَا فَإِنْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَوَاتِ وَالْفَسَادِ قَبْلَ الْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ أُهْدِيَ عَنْهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا التَّأْخِيرُ مُسْتَحَبٌّ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْزِئُهُ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ فَاتَهُ حَجٌّ مُفْرَدٌ أَوْ أَفْسَدَ حَجًّا مُفْرَدًا لَا يَقْضِي قَارِنًا لِتَعَيُّنِ الْإِفْرَادِ بِالْإِحْرَامِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَمَنْ فَاتَهُ قَارِنًا لَا يَقْضِي الْحَجَّ وَحْدَهُ وَالْعُمْرَةَ وَحْدَهَا بَلْ قَارِنًا خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ لِتَعَذُّرِ الْقِرَانِ بِالْإِحْرَامِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ حجه فَعَلَيهِ فِي الْحَج الْفَاسِد هدي وَاحِد وَفِي حجَّة الْقَضَاء هديان وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ فَقَضَاهُ مُفْرِدًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ وَيَقْضِي قَارِنًا وَيُهْدِي فِي الْقَضَاءِ هَدْيَيْنِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا إِذَا أَفْسَدَ الْقِرَانَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ أَوْ فَاتَهُ فتحلل يَقْضِي مُفْرِدًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَاتَهُ الْحَجُّ وَحْدَهُ وَقد فرغت عُمْرَتُهُ بِفَرَاغِ سَعْيِهِ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ فِي الْقِرَانِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَوَجَبَ الْهَدْيُ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ وَلَوْ تَمَتَّعَ فَفَسَدَ حَجُّهُ فَقَضَى قَابِلًا قَالَ فِي الْمُوازِية عَلَيْهِ هديان للمتعة وَالْفساد يَجْعَل هَدْيَ الْمُتْعَةِ وَيُؤَخِّرُ هَدْيَ الْفَسَادِ إِلَى الْقَضَاءِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَقْضِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَابِلًا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ نُسُكَانِ مُفْتَرِقَانِ فَلَوْ تَمَتَّعَ فَفَاتَهُ الْحَجُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَفِي الْجُلَّابِ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَمَلُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَنَاسِكِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ وَسَعَى عِنْدَ قُدُومِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَتَأَخَّرَ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَمْ يُجْزِئْهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ أَوَّلًا عَنْ تحلله..اللاحقة الرَّابِعَة حج الصَّبِي: وَفِيهِ فَصْلَانِ:.الْأَوَّلُ فِي أَفْعَالِهِ: وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَيُحْضِرُهُ الْمَوَاقِيتَ فَيَحْصُلُ الْحَجُّ لِلصَّبِيِّ نَفْلًا وَالْمُمَيِّزُ يُحْرِمُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَيُبَاشِرُ لِنَفْسِهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ ح لَا يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِإِحْرَامِ وَلَيِّهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يَلْزَمُ الْحَجَّ فَلَا يَصِيرُ الصَّبِيُّ بِهِ مُحْرِمًا كَالنَّذْرِ وَجَوَابه أَنه ينْتَقض بالوضؤ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ وَيَصِحُّ مِنْهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بَعْسَفَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَرفعت إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نعم وَلَك أجر وَقد حج مَعَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صبيان ابْن عَبَّاس وَأنس وَغَيرهمَا وَقَدْ سَلَّمَ ح أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَتَجَنَّبُ مَا يَتَجَنَّبُهُ الْمُحْرِمُ فَيَكُونُ مُحْرِمًا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لَا يَتَجَنَّبُ مَا يُنْهَى عَنْهُ كَابْنِ ثَمَانِ سِنِينَ فَلَا يُجَرَّدُ حَتَّى يَدْنُوَ من الْحرم وَغَيره يجرده من الميقات خَشْيَةَ تَكْثِيرِ الْأَوَّلِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ وَإِذَا كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يُلَبِّي عَنْهُ أَبُوهُ وَإِذَا نَوَى بِتَجْرِيدِهِ الْإِحْرَامَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَيَجْتَنِبُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْبَالِغُ كَالصَّلَاةِ وَإِذَا احْتَاجَ إِلَى دَوَاءِ طَبِيبٍ فَعَلَهُ بِهِ وَفَدَى عَنْهُ فَإِنَّ الْجَائِزَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ كَمَا يَسْجُدُ لسَهْوه فِي صَلَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الطَّوَافِ طَافَ بِهِ مَنْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ مَحْمُولًا عَلَى سُنَّةِ الطَّوَافِ وَلَا يَرْكَعُ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَعْقِلِ الصَّلَاةَ لِتَعَذُّرِ النِّيَابَةِ فِيهَا شَرْعًا وَلَهُ أَنْ يَسْعَى عَنْهُ وَعَنِ الصَّبِيِّ سَعْيًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الطَّوَافِ لِخِفَّةِ السَّعْيِ لِجَوَازِهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَقَدْ قَالَ ح إِنَّهُ يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَلَا يَرْمِي عَنْهُ إِلَّا مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَدَاخُلِ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ وَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالصِّغَارِ الذُّكُورِ فِي أَرْجُلِهِمُ الْخَلَاخِلُ وَفِي أَيْديهم الإسورة ذَلِكَ لَهُمْ مِنَ الذَّهَبِ قَالَ سَنَدٌ لَا يَحُجُّ بِالصَّبِيُّ إِلَّا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَمَنْ لَهُ النَّظَرُ فِي مَالِهِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِالْإِنْفَاقِ وَجَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ لِأُمِّهِ وَخَالِهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَشِبْهِهِمْ نَظَرًا إِلَى شَفَقَتِهِمْ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ الْمَرْأَةِ السَّابِقُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ قَوْلَانِ فَإِنْ أَحْرَمَ الْمُمَيِّزُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهِ فَظَاهَرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى لُزُومِ الْمَالِ فَلَا يَنْعَقِدُ وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَتَكَلَّمُ لُقِّنَ التَّلْبِيَةَ وَإِلَّا سَقَطَتْ كَمَا تَسْقُطُ عَنِ الْأَخْرَسِ وَإِذَا سَقَطَ وُجُوبُهَا سَقَطَ دَمُهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنَّهَا كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يُلَبِّي عَنْهُ وَلَيُّهُ كَمَا يَنْوِي عَنْهُ وَفِي الْجُلَّابِ لَا يُجَرَّدُ الْمُرْضَعُ وَيُجَرَّدُ الْمُتَحَرِّكُ وَكَرِهَ مَالِكٌ حَجَّ الرَّضِيعِ سُؤَالٌ الْأَجِيرُ يَرْكَعُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ فَيَرْكَعُ الْوَلِيُّ عَن الصَّبِي فَإِنَّهُ كالأجير حوابه يَنْتَقِضُ بِالْوُقُوفِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ يَقِفُ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَلِيُّ لَا يَقِفُ عَنِ الصَّبِيِّ بَلْ يَقِفُ بِهِ قَالَ وَيَخْرُجُ بِهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَقِفُ بِهِ وَيَبِيتُ بِهِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الرَّمْيُ رَمَى وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا فَسَدَ حَجُّهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي حَجِّهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ..الْفَصْلُ الثَّانِي: فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لِلْأَبِ أَوْ لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُحِجَّهُ وَيَزِيدَ فِي نَفَقَةِ الصَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يخَاف ضيعه فَيُخْرِجَهُ مَعَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ فَالزَّائِدُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الْأَنْعَام 152 وَحَيْثُ كَانَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَكَذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَحَيْثُ قُلْنَا فِي مَالِ الْوَلِيِّ فَكَذَلِكَ جَزَاءُ الصَّيْدِ وَقِيلَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إِلْحَاقًا بِالْمَتْلَفَاتِ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ سَنَد لَو كَانَ كِرَاء الصَّبِيِّ وَنَفَقَتُهُ فِي السَّفَرِ قَدْرَ نَفَقَتِهِ فِي الْإِقَامَةِ ضَمِنَ الْوَلِيُّ الْكِرَاءَ لَسَدِّ خَلَّتِهِ فِي السَّفَرِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْكِرَاءِ وَعَدَمِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ فِيمَا طَرَأَ مِنْ صَنِيعِ اللَّهِ تَعَالَى فِي سَفَرِ الصَّبِيِّ مَعَهُ نَحْوَ الْمَوْتِ وَالْغَرَقِ وَالْمَرَضِ وَفِي الْكِتَابِ مَا لَزِمَ الصَّبِيَّ مِنْ جَزَاءٍ أَوْ فِدْيَةٍ لَا يَصُومُ وَالِدُهُ عَنْهُ وَلَكِنْ يُطْعِمُ وَيُهْدِي لِأَنَّ ضَمَان الْأَمْوَال مُمكن بِخِلَاف الْأَفْعَال الْبَدَنِيَّة..الباب السَّابِعُ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ: وَفِي التَّلْقِينِ الْإِحْرَامُ يَمْنَعُ عَشَرَةَ أَنْوَاعٍ:لُبْسَ الْمَخِيطِ وَتَغْطِيَةَ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلُبْسَ الْخُفَّيْنِ وَالشُّمُشْكَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّعْلَيْنِ وَحَلْقَ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْبَدَنِ وَالطِّيبَ وَقَصَّ الْأَظْفَارِ وَقَتْلَ الْقُمَّلِ وَقَتْلَ الصَّيْدِ وَالْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ وَإِنْزَالَ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَعَقْدَ النِّكَاحِ زَادَ غَيْرُهُ إِزَالَةَ الشَّعَثِ بِالزِّينَةِ وَالتَّنْظِيفِ وَكُلُّهَا تُجْبَرُ إِلَّا عَقْدَ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ لِأَنَّهُمَا وَسِيلَتَانِ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْصِدِ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرُهُمَا انْتَفَعَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ الْجَابِرُ لتعين الْخلَل قَاعِدَة.
|