الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر (نسخة منقحة)
فهذا من الخاص والعام، فإن كل لحم يؤكل للإنسان فهو تضييع لغيبه، وليس كل تضييع لغيبه أكلا للحمه، ألا ترى أن أكل اللحم هو كناية عن الاغتياب، وأما تضييع الاغتياب فمنه الاغتياب ومنه التخلي عن النصرة والإعانة ومنه إهمال السعي في كل ما يعود بالنفع كائنا ما كان، وعلى هذا فإن هذين البيتين من الخاص والعام المشار إليه في الآية المتقدم ذكرها، وهو موضع يرد في الكلام البليغ ويظن أنه لا فائدة فيه.الفرع الثاني: إذا كان التكرير في المعنى يدل على معنى واحد لا غير، وقد سبق مثال ذلك في أول هذا الباب، كقولك: أطعني ولا تعصني، فإن الأمر بالطاعة نهي عن المعصية، والفائدة في ذلك تثبيت الطاعة في نفس المخاطب.والكلام في هذا الموضع كالكلام في الموضع الذي قبله من تكرير اللفظ والمعنى إذا كان الغرض به شيئا واحدا، ولا نجد شيئا من ذلك يأتي في الكلام إلا لتأكيد الغرض المقصود به، كقوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدول لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم} فإنه إنما كرر العفو والصفح والمغفرة، والجميع بمعنى واحد، للزيادة في تحسين عفو الوالد عن ولده والزوج عن زوجته، وهذا وأمثاله ينظر في الغرض المقصود به، وهو موضع يكون التكرير فيه أوجز من لمحة الإيجاز وأولى بالاستعمال.وقد ورد في القرآن الكريم كثيرا، كقوله تعالى في سورة يوسف عليه السلام: {قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون} فإن البث والحزن بمعنى واحد، وإنما هاهنا لشدة الخطب النازل به، وتكاثر سهامه النافذة في قلبه، وهذا المعنى كالذي قبله.وكذلك ورد قوله تعالى: {تلك عشرة كاملة} بعد ثلاثة وسبعة تنوب مناب قوله ثلاثة وسبعة مرتين لأن عشرة هي ثلاثة وسبعة، ثم قال: {كاملة} وذلك توكيد ثالث، والمراد به إيجاب صوم الأيام السبعة عند الرجوع في الطريق إلى الفور، لا عند الوصول إلى البلد كما ذهب إليه بعض الفقهاء، وبيانه أني أقول: إذا صدر الأمر من الآمر على المأمور بلفظ التكرير مجردا من قرينة تخرجه عن وصفه لم يكن مؤقتا بوقت معين كان ذلك حثا على المبادرة إلى امتثال الأمر على الفور فإنك إذا قلت لمن تأمره بالقيام، قم، قم، قم فإنما تريد بهذا اللفظ أن يبادر إلى القيام في تلك الحال الحاضرة.فإن قلت الغرض بتكرير الأمر أن يتكرر في نفس المأمور أنه مراد منه، وليس الغرض الحث على المبادرة إلى امتثال الأمر.قلت في الجواب: إن المرة الواحدة كافية في معرفة المأمور أن الذي أمر به مراد منه، والزيادة على المرة الواحدة لا تخلو: إما أن تكون دالة على ما دلت عليه المرة الواحدة أو دالة على زيادة معنى لم تكن في المرة الواحدة، فإن كانت دالة على ما دلت عليه المرة الواحدة كان ذلك تطويلا في الكلام لا حاجة إليه، وقد ورد مثله في القرآن الكريم، كهذه الآية المشار إليها وغيرها من الآيات والتطويل في الكلام عيب فاحش عند البلغاء والفصحاء، والقرآن معجز ببلاغته وفصاحته، فكيف يكون فيه تطويل لا حاجة إليه، فينبغي أن تكون تلك الزيادة دالة على معنى زائد على ما دلت عليه المرة الواحدة، وإذا ثبت هذا فتلك الزيادة هي الحث على المبادرة إلى امتثال الأمر، فإن سلمت لي ذلك وإلا فبين معنى الزيادة ببيان غير ما ذكرته أنا، ولا أراك أن تستطيع ذلك.فإن قلت: إن الواو في قوله تعالى: {وسبعة إذا رجعتم} لولا أن تؤكد بقوله: {تلك عشرة} لطن أنها وردت معنى أو: أي فثلاثة أيام في الحج أو سبعة إذا رجعتم، فلما قيل: {تلك عشرة} زال هذا الظن، وتحققت الواو أنها عاطفة، وليست بمعنى أو.قلت في الجواب هذا باطل من أربعة أوجه: الوجه الأول: أن الواو العاطفة لا تجعل بمعنى أو أين وردت من الكلام، وإنما تجعل بمعنى أو حال ضرورة ترجيح جانبها على جانب جعلها عاطفة، لأن الأصل فيها أن تكون عاطفة، فإذا عدل بها عن أصلها احتاج إلى ترجيح، ولا ترجيح هاهنا، الوجه الثاني: بلاغي، وذاك أن القرآن الكريم منتهى البلاغة والفصاحة لمكان إعجازه، فلو كان معنى الواو في هذه الآية بمعنى أو لقيل فثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم، ولم يحتج إلى هذا التطويل، في قوله: {فثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة} الوجه الثالث: أن هذا الصوم حكم من أحكام العبادات، والعبادات يجب فيها لاحتياط أن تؤدى على أكمل صورة، لئلا يدخلها النقص، وإذا كان الأمر على ذلك فكيف يظن أن الواو في هذه الآية بمعنى أو؟ الوجه الرابع: أن السبعة ليست مماثلة للثلاثة، حتى تجعل قبالتها، لأن معنى الآية إذا كانت الواو فيها بمعنى أو إما أن تصوموا ثلاثة أيام في الحج أو سبعة إذا رجعتم.فإن قلت هذه تعبد لا يعقل معناه كغيره من التعبدات التي لا يعقل معناها.قلت في الجواب: إن لنا من التعبدات ما لا يعقل معناه، كعدد ركعات الصلوات، وعدد الطواف والسعي وأشباه ذلك، ولنا ما يعقل معناه، كهذه الآية، فإنا نعقل التفاوت بين الصوم في الحضر والسفر، ونعقل التفاوت بين العدد الكثير والعدد القليل، وعلى هذا فلا يخلو: إما أن يكون صوم الأيام السبعة عند الرجوع في الطريق، أو عند الوصول إلى البلد، فإذا كان فيي الطريق فإنه أشق من الصوم بمكة، لأن الصوم في السفر أشق من الصوم في الحضر، فكيف يجعل صوم سبعة أيام في السفر في مقابلة صوم ثلاثة أيام بمكة؟ وإن كان الصوم عند الوصول إلى البلد فلا فرق بين الصوم بمكة والصوم عند الوصول إلى البلد، لأن كليهما صوم في المقام ببلد من البلاد لا تفاوت بينهما حتى يجعل صوم ثلاثة أيام في مقابلة سبعة أيام على غير مثال ولا تساو، فعلى كلا التقديرين لا يجوز أن تكون الواو في: {وسبعة إذا رجعتم} بمعنى أو، فتحقق إذا أنها للعطف خاصة، وإذا كانت للعطف خاصة فتأكيدها بعشرة كاملة دليل على أن المراد وجود صوم الأيام السبعة في الطريق قبل الوصول إلى البلد.فإن قلت: إن الصوم بمكة أشق من الصوم في الطريق، لأن الواجب عليه الصوم بمكة في نصب وتعب بتصريف زمانه في السعي والطواف والصلاة والعمرة وغير ذلك.قلت في الجواب: هذا لا يلزم، إذ الواجب عليه سعي واحد، وطواف واحد لا غير، وما عدا ذلك نافلة لا يلزم، ونحن في هذا المقام ناظرون إلى ما يجب لا إلى النافلة، والذي يجب أداؤه بمكة يفرغ منه في ساعة واحدة، فكيف تجعل الزيادة على ذلك دليلا يورد في هذا المقام؟ هذا غير وارد.هكذا ورد قوله تعالى: {فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير} فقوله: {غير يسير} بعد قوله: {عسير} من هذا النوع المشار إليه، وإلا فقد علم أن العسير لا يكون يسيرا، وإنما ذكر هاهنا على هذا الوجه لتعظيم شأن ذلك اليوم في عسره وشدته على الكافرين وكذلك ورد قوله تعالى: {قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} فإن البغضاء والعداوة بمعنى واحد، وإنما حسن إيرادهما معا في معرض واحد لتأكيد البراءة بين إبراهيم صلوات الله عليه والذين آمنوا به وبين الكفار من قومهم، حيث لم يؤمنوا بالله وحده، وللمبالغة في إظهار القطيعة والمصارمة.وورود مثل ذلك في مثل هذا الموضع كالإيجاز في موضعه، ولن ترى شيئا يرد في القرآن الكريم من هذا القبيل إلا وهو لأمر اقتضاه، وإن خفي عنك موضع السر فيه فاسأل عنه أهله العارفين به.ومما ورد منه شعرا قول بعضهم في أبيات الحماسة: فإن الإكرام والافتقاد داخلان تحت الإحسان، وإنما كرر ذلك للتنويه بذكر الصنيع، والإيجاب لحقه.وعلى هذا ورد قول الأعشى في قصيدته المشهورة التي يمدح بها النبي فقال منها: فإن الوجى والكلالة معناهما سواء، وإنما حسن تكريره هاهنا للإشعار ببعد المسافة.الضرب الثاني من القسم الثاني: في تكرير المعنى دون اللفظ، وهو غير مفيد، فمن ذلك قول أبي تمام: فإن الصبا هي القبول، وليس ذلك مثل التكرير في قوله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} فيما يرجع إلى تكرير اللفظ والمعنى، ولا مثل التكرير في قوله تعالى: {ولتكن منكم أنع يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف} فيما يرجع إلى تكرير المعنى دون اللفظ، وقول أبي تمام الصبا والقبول لا يشتمل إلا على معنى واحد لا غير.وهذا الضرب من التكرير قد خبط فيه علماء البيان خبطا كثيرا، والأكثر منهم أجازه، فقالوا: إذا كانت الألفاظ متغايرة والمعنى المعبر عنه واحدا فليس استعمال ذلك بمعيب، وهذا القول فيه نظر، والذي عندي فيه أن الناثر يعاب على استعماله مطلقا إذا أتى لغير فائدة، وأما الناظم فإنه يعاب عليه في موضع دون موضع، أما الموضع الذي يعاب استعماله فيه فهو صدور الأبيات الشعرية وما والاها، وأما الموضع الذي لا يعاب استعماله فيه فهو الأعجاز من الأبيات، لمكان القافية، وإنما جاز ذلك ولم يكن عيبا لأنه قافية، والشاعر مضطر إليها، والمضطر يحل له ما حرم عليه، كقول امرئ القيس في قصيدته اللامية التي مطلعها: فقال: وإذا كان قليل الهموم فإنه لا يبيت بأوجال، وهذا تكرير للمعنى، إلا أنه ليس بمعيب، لأنه قافية، وكذلك ورد قول الحطيئة: فالبيت الأول معيب، لأنه كرر العزاء والصبر، إذ معناهما واحد، ولم يردا قافية، لأن القافية هي الباء وأم البيت الثاني فليس بمعيب، لأن التكرير جاء في النشب وهو قافية.ومما يجري هذا المجرى قول المنخل اليشكري: فإن الدمقس والحرير سواء، وقد ورد قافية فلا بأس به من أجل ذلك.فإن قيل: إن الحرير هو الإبريسم المنسوج، بدليل قوله تعالى: {وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا} فإنه لم يرد خيوط إبريسم، وإنما أراد أثوابا من الإبريسم، وأما الدمقس فإنه خيوط الإبريسم محلولة، بدليل قول امرئ القيس: فإنه لم يرد إبريسما منسوجا وإنما أراد خيوط الإبريسم.فالجواب عن ذلك: أنه لو حمل بيت المنخل على ذلك لفسد معناه، لأن المرأة لا ترفل في خيوط من الإبريسم، وإنما ترفل في الأثواب منه، وأما قول امرئ القيس كهداب الدمقس فإنه لو كان الدمقس هو الخيوط المحلولة من الإبريسم لما احتاج أن يقول كهداب فإن الهداب جمع هدب، ثم قال المفتل فدل بذلك على أن الدمقس يطلق على الإبريسم، سواء كان منسوجا أو غير منسوج، وكذلك الحرير أيضا، وعند الاستعمال يفهم المراد منه بالقرينة، ألا ترى أنه لما قال المنخل: ترفل في الدمقس وفي الحرير فهم من ذلك أنه أراد أثوابا من الدمقس ومن الحرير، لأن الرفول لا يكون في خيوط من الإبريسم، وإنما يكون في أثوابه.ومما يجري على هذا النهج قول الآخر من شعراء الحماسة: فإن خلفا ووراء بمعنى واحد، وإنما جاز تكرارهما لأنهما قافية.وعلى هذا ورد قول أبي تمام: فإن الدمنة هي الحقد.وكذلك قول أبي الطيب المتنبي: فإن الدهر وطوارق الحدثان سواء، وإنما جاز استعمال ذلك لأنه قافية.وأما ما ورد في أثناء الأبيات الشعرية فكقول عنترة: فقوله أقوى وأقفر من المعيب، لأنهما لفظان وردا بمعنى واحد لغير ضرورة، إذا الضرورة لا تكون إلا في القافية كما أريتك.وأما ما ورد من صدور الأبيات فكقول البحتري في قصيدته العينية: فإن قوله ألمت وقوله زارت خيالا ولا فرق إذا بين صدر البيت وعجزه.فإن قيل: إنه أراد بالإلمام زيارة اليقظة، ثم قال: وزارت خيالا فالجواب عن ذلك أنه لم يرد إلا زيارة المنام في الحالتين، لأنه قال: ألمت وهل إلمامها بك نافع ولو كان الإلمام في اليقظة لما قال وهل إلمامها بك نافع فإنه لا نفع من زيارة المحبوب في اليقظة، وهذا غير خاف لا يحتاج إلى السؤال عنه.فإن قيل: لم أجزت ذلك للناظم وحظرته على الناثر؟ قلت في الجواب: أما الناثر إذا سجع كلامه فالغالب أن يأتي به مزدوجا على فقرتين من الفقر، ويمكنه إبدال تلك الفقرتين بغيرهما، فيسلم منه، وأما الشاعر فإنه يصوغ قصيدا ذا أبيات متعددة على قافية من القوافي، فإذا تكرر لديه شيء من الكلام في آخر بيت من الأبيات عسر إبداله من أجل القافية، وهذا غير خاف، والسؤال عنه غير وارد.وهذا الذي ذكرته إذا ورد في غير القافية سمي إخلاء، ويقال: إن البحتري كان يخلي كثيراً في شعره، وهو لعمري كذلك، إلا أن حسن سبكه ورونق ديباجته يغفر له ذلك.ويروى أنه كان إذا مثل بين يدي الفتح بن خاقان وزير المتوكل مادحا له اختال بين يديه معجبا نفسه، فتقدم خطوات ثم تأخر، وقال: أي شيء تسمعون فنقم عليه ذلك بعض حسدته، وحمل الفتح بن خاقان عليه، فقال له الفتح: لو رمانا بالحجارة لكان ذلك مغفورا له فيما يقوله.
تقديره: كفاني قليل من المال، فاعترض بين الفعل والفاعل بقوله: ولم أطلب وفائدته تحقير المعيشة وأنها تحصل بغير طلب ولا عناء، وإنما الذي يحتاج إلى الطلب هو المجد الموثل.وكذلك قول جرير: تقديره: ولقد أراني في موكب طرف الحديث، فاعترض بين المفعولين، وإنما جاء بهذا الاعتراض تعزيا عما مضى من تلك اللذة وذلك النعيم الذي فاز به من عشرة أولئك الأحباب، ولقد أعهدني في كذا وكذا من اللذة، وذلك قد مضى وسلف وبلي جديده، وكذلك كل جديد فإنه إلى بلى.والاعتراض إذا كان هكذا كسا الكلام لطفاً إن كان غزلا، وكساه أبهة وجلالا إن كان مديحا أو ما يجري مجراه من أساليب الكلام، وإن كان هجاء كساه تأكيدا وإثباتا، كقول كثير: فقوله وأنت منهم من محمود الاعتراض ونادره، وفائدته هاهنا التصريح بما هو المراد، وتقدير هذا الكلام قبل الاعتراض: لو أن الباخلين رأوك، فاعترض بين اسم إن وهو الباخلين وبين خبرها وهو رأوك بالمبتدأ والخبر الذي هو وأنت منهم.ومن محاسن ما جاء في هذا الباب قول المضرب السعدي: وهذا اعتراض بين لو وجوابها، وهو من فائق الاعتراض ونادره، وتقديره: فلو سألت سراة الحي سلمى لخبرها ذوو أحساب قومي وأعدائي، وفائدة قوله: على أن قد تلون بي زماني أي: أنهم يخبرون عني على تلون الزمان بي، يريد تنقل حالاته من خير وشر، وليس من عجمه الزمان وأبان عن جوهره كغيره ممن لم يعجمه ولا أبان عنه.ومن ذلك قول أبي تمام: وهذا البيت في اعتراضان: الأول بين اسم إن وخبرها، تقديره: وإن الغنى أطوع لي من الشعر، فاعترض بين الاسم والخبر بقوله: إن لحظت مطالبي وأما الاعتراض الثاني: إلا في مديحك فجاء بالجملة الاستثنائية مقدمة، وموضعها التأخير، فاعترض بها بين الجملة التي هي خبر إن، وتقدير البيت بجملته: وأن الغنى أطوع لي من الشعر إن لحظت مطالبي إلا في مديحك، وفائدة قوله: إلا في مديحك من الاعتراض الذي اكتسب به الكلام رقة فائدة حسنة، والمراد به وصف جود الممدوح بالإسراع، ووصف خاطر شعره بالإسراع إذا كان في مدحه خاصة دون غيره، فهذا الاعتراض يتضمن مدح الممدوح والمادح معا، وهو من محاسن ما يجيء في هذا الموضع.وكذلك ورد قوله: فقوله وخير القول أصدقه اعتراض بين المفعول والفعل، لأن موضع حقنت نصب، إذ هو مفعول أبالي، وفائدته إثبات ما ماثل به بين ماء الوجه والدم: أي أن هذا القول صدق ليس بكذب.
|