الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النشر في القراءات العشر ***
نَذْكُرُ فِيهَا مَا أَصَّلْنَاهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ الْأَدَاءِ، مَعَ بَيَانِ الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِيُقَاسَ عَلَيْهَا نَظَائِرُهَا فَيُعْرَفُ بِهَا حُكْمُ جَمِيعِ مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ. فَمِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ السَّاكِنُ مِنَ الْمُتَطَرِّفِ اللَّازِمِ مَسْأَلَةُ الْوَقْفِ عَلَى: هِيَ، وَيُهَي، وَمَكْرَ السَّيِّئِ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ عَلَى التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً؛ لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَحُكِيَ فِيهَا وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ الْوَقْفُ بِأَلِفٍ عَلَى التَّخْفِيفِ الرَّسْمِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَجُوزُ. وَوَجْهٌ ثَالِثٌ فِي {هَيِّئْ} وَ{يُهَيِّئْ} وَ{نَبِّئْ} وَ{اقْرَأْ} وَ{نَشَاءُ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْعِلَّةِ لِأَبِي عَمْرٍو، وَلَا يَصِحُّ، وَوَجْهٌ رَابِعٌ وَهُوَ حَذْفُ حَرْفِ الْمَدِّ الْمُبْدَلِ مِنَ الْهَمْزَةِ لِأَجْلِ الْجَزْمِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ، وَلَا يَجُوزُ. وَمِنَ الْعَارِضِ مَسْأَلَةُ: إِنِ امْرُؤٌ يَجُوزُ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا عَلَى تَقْدِيرِ إِسْكَانِهَا فَتُبْدَلُ وَاوًا سَاكِنَةً، وَتَخْفِيفُهَا بِحَرَكَةِ نَفْسِهَا عَلَى مَذْهَبِ التَّمِيمِيِّينَ، فَتُبْدَلُ وَاوًا مَضْمُومَةً، فَإِنْ سُكِتَ لِلْوَقْفِ اتَّحَدَ مَعَ الْوَجْهِ قَبْلَهُ، وَيَتَّحِدُ مَعَهَا وَجْهُ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَإِنْ وُقِفَ بِالْإِشَارَةِ جَازَ الرَّوْمُ وَالْإِشْمَامُ، فَتَصِيرُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ، وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ تَسْهِيلٌ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى تَقْدِيرِ رَوْمِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ، وَيَتَّحِدُ مَعَهُ اتِّبَاعُ الرَّسْمِ عَلَى مَذْهَبِ مَكِّيٍّ وَابْنِ شُرَيْحٍ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ إِلَّا أَنَّ حَمْزَةَ يُبْدِلُ الْهَمْزَةَ الْأُولَى مِنْهُ وَاوًا، وَهِشَامًا يُحَقِّقُهَا، وَكَذَلِكَ تَجْرِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي تَفْتَؤُ، وَاتَوَكَّؤُا، وَنَحْوِهِ مِمَّا رُسِمَ بِالْوَاوِ نَحْوُ الْمَلَوُا فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ وَنَبَأُ فِي غَيْرِ بَرَاءَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا وَجْهٌ خَامِسٌ، وَهُوَ إِبْدَالُهَا أَلِفًا؛ لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا وَسُكُونِهَا وَقْفًا عَلَى التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ مَذْهَبِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْجَادَّةِ، وَأَمَّا مَا رُسِمَ بِأَلِفٍ نَحْوُ قَالَ الْمَلَأُ فِي الْأَعْرَافِ وَنَبَأُ الَّذِينَ فِي بَرَاءَةَ، وَيَبْدَأُ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا إِبْدَالُهَا أَلِفًا بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا.
وَالثَّانِي بَيْنَ بَيْنَ عَلَى الرَّوْمِ، وَلَا يَجُوزُ إِبْدَالُهَا بِحَرَكَةِ نَفْسِهَا لِمُخَالَفَةِ الرَّسْمِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ: يُنْشِئُ، وَشِبْهُهُ مِمَّا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَضْمُومَةً بَعْدَ كَسْرٍ، قِيلَ: فِيهَا خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً سَاكِنَةً؛ لِسُكُونِهَا وَقْفًا بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا عَلَى التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ، وَإِبْدَالُهَا يَاءً مَضْمُومَةً عَلَى مَا نُقِلَ مِنْ مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، فَإِنْ وَقَفَ بِالسُّكُونِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَهُ لَفْظًا. وَإِنْ وَقَفَ بِالْإِشَارَةِ جَازَ الرَّوْمُ وَالْإِشْمَامُ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةَ أَوْجَهٍ، وَالرَّابِعُ: رَوْمُ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ فَتُسَهَّلُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَخَامِسُهَا: الْوَجْهُ الْمُعْضِلُ، وَهُوَ تَسْهِيلُهَا بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ عَلَى الرَّوْمِ. وَمِنْ ذَلِكَ: مِنْ شَاطِئِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ، وَنَحْوُهُ مَا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَكْسُورَةً بَعْدَ كَسْرٍ، يَجُوزُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً سَاكِنَةً بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا؛ لِسُكُونِ الْوَقْفِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَيَاءً مَكْسُورَةً بِحَرَكَةِ نَفْسِهَا عَلَى مَذْهَبِ التَّمِيمِيِّينَ، فَإِنْ وَقَفَ بِالسُّكُونِ فَهُوَ مُوَافِقٌ مَا قَبْلَهُ لَفْظًا. وَإِنْ وَقَفَ بِالْإِشَارَةِ وَقَفَ بِالرَّوْمِ يَصِيرُ وَجْهَيْنِ وَالثَّالِثُ تَسْهِيلٌ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى رَوْمِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ، أَوِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ عَلَى مَذْهَبِ مَكِّيٍّ وَابْنِ شُرَيْحٍ، وَتَجِئُ هَذِهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ فِيمَا رُسِمَ بِالْيَاءِ مِمَّا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَكْسُورَةً بَعْدَ فَتْحٍ، وَهُوَ مِنْ نَبَاءِي الْمُرْسَلِينَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا التَّخْفِيفُ الْقِيَاسِيُّ، وَهُوَ إِبْدَالُهَا أَلِفًا لِسُكُونِهَا وَقْفًا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، فَتَصِيرُ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ، وَأَمَّا مَا رُسِمَ بِغَيْرِ يَاءٍ نَحْوُ عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ فَلَيْسَ فِيهِ سِوَى وَجْهَيْنِ: إِبْدَالُهَا أَلِفًا عَلَى الْقِيَاسِ، وَالرَّوْمُ بِتَسْهِيلٍ بَيْنَ بَيْنَ، وَلَا يَجُوزُ إِبْدَالُهَا يَاءً عَلَى مَذْهَبِ التَّمِيمِيِّينَ لِمُخَالَفَةِ الرَّسْمِ وَالرِّوَايَةِ، إِلَّا أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ الْهُذَلِيَّ أَجَازَ فِي مِنْ مَلْجَأٍ الْيَاءَ، فَقَالَ فِيهِ بِيَاءٍ مَكْسُورَةٍ لِلْكَسْرَةِ. قُلْتُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَلَا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ، وَنَحْوُهُ مِمَّا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَكْسُورَةً بَعْدَ ضَمٍّ، قِيلَ: فِيهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا سَاكِنَةً لِسُكُونِهَا وَضَمِّ مَا قَبْلَهَا عَلَى الْقِيَاسِ وَالثَّانِي إِبْدَالُهَا وَاوًا مَكْسُورَةً عَلَى مَا نُقِلَ مِنْ مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ. فَإِنْ وَقَفَ بِالسُّكُونِ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ لَفْظًا فَيَتَّحِدُ. وَإِنْ وَقَفَ بِالرَّوْمِ فَيَصِيرُ وَجْهَيْنِ وَالثَّالِثُ التَّسْهِيلُ، وَهُوَ مَسْأَلَةُ مَا بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَالْجَمَاعَةِ وَالرَّابِعُ الْوَجْهُ الْمُعْضِلُ، وَهُوَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ عَلَى الرَّوْمِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ الْأَخِيرَةُ فِيهِ مَضْمُومَةً نَحْوُ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ فَوَجْهَانِ الْأَوَّلُ إِبْدَالُهَا وَاوًا وَالثَّانِي تَسْهِيلُ الْأَخِيرَةِ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى الرَّوْمِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ. فَإِنْ كَانَتِ الْأَخِيرَةُ مَفْتُوحَةً نَحْوُ حِسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا فَوَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِبْدَالُهُمَا وَاوَيْنِ، الْأُولَى سَاكِنَةٌ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ ضَمَّةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ بَدَأَ، وَمَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ وَنَحْوُهُ مِمَّا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَفْتُوحَةً بَعْدَ فَتْحٍ، فَفِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ هُوَ إِبْدَالُهَا أَلِفًا، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى جَوَازِ الرَّوْمُ فِي الْمَفْتُوحِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ شَاذٌّ لَا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنَ السَّاكِنِ الْمُتَوَسِّطِ مَسْأَلَةُ تُؤْي، تُؤْيهِ وَرُءْيَا فِي مَرْيَمَ. فِيهِنَّ وَجْهَانِ صَحِيحَانِ أَحَدُهُمَا إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا، فَتُبْدَلُ فِي تُوِي، وَتُوِيهِ وَاوًا، وَفِي رُءْيَا يَاءً مِنْ دُونِ إِدْغَامٍ وَالثَّانِي الْإِبْدَالُ مَعَ الْإِدْغَامِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَرَجَّحَ الْإِظْهَارَ صَاحِبُ الْكَافِي، وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَقَالَ: إِنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَالتَّجْرِيدِ سِوَاهُ، وَرَجَّحَ الْإِدْغَامَ صَاحِبُ التَّذْكِرَةِ وَالدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ فَقَالَ: هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَنْصُوصًا عَنْ حَمْزَةَ، وَلِمُوَافَقَةِ الرَّسْمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ سِوَاهُ، وَأَطْلَقَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ، وَزَادَ فِي التَّذْكِرَةِ فِي رُءْيَا، وَجْهًا ثَالِثًا، وَهُوَ التَّحْقِيقُ مِنْ أَجْلِ تَغْيِيرِ الْمَعْنَى، وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ؛ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ وَالْأَدَاءَ، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ وَجْهًا رَابِعًا، وَهُوَ الْحَذْفُ، أَيْ: حَذْفُ الْهَمْزَةِ فَيُوقَفُ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَلَا يَصِحُّ، بَلْ وَلَا يَحِلُّ وَاتِّبَاعُ الرَّسْمِ فَهُوَ مُتَّحِدٌ فِي الْإِدْغَامِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الرُّويَا، وَرُويَا حَيْثُ وَقَعَ فَأَجْمَعُوا عَلَى إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ مِنْهُ وَاوًا لِسُكُونِهَا وَضَمِّ مَا قَبْلَهَا، فَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ قَلْبِ هَذِهِ الْوَاوِ يَاءً وَإِدْغَامِهَا فِي الْيَاءِ بَعْدَهَا كَقِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، فَأَجَازَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ، وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو، وَغَيْرُهُمَا، وَسَوَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِظْهَارِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ تُؤْي، وَرُءْيَا وَحَكَاهُ ابْنُ شُرَيْحٍ أَيْضًا وَضَعَّفَهُ، وَهُوَ إِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلرَّسْمِ، فَإِنَّ الْإِظْهَارَ أَوْلَى وَأَقْيَسُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرَ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ الْحَذْفُ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَهُ، فَيُوقَفُ بِيَاءٍ خَفِيفَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رُيَّا، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ: فَادَّارَاتُمْ فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ أَلِفًا لِسُكُونِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، وَذُكِرَ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ حَذْفُ الْأَلِفِ اتِّبَاعًا لِلرَّسْمِ، وَلَيْسَ فِي إِثْبَاتِ الْأَلِفِ الَّتِي قَبْلَ الرَّاءِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقَةِ بِالْهَمْزَةِ، وَذَكَرَ الْحَذْفَ أَيْضًا فِي امْتَلَاتِ وَاسْتَاجَرْتَ وَيَسْتَاخِرُونَ مِنْ أَجْلِ الرَّسْمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ وَلَا جَائِزٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهُنَّ، فَإِنَّ الْأَلِفَ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا حُذِفَتِ اخْتِصَارًا لِلْعِلْمِ بِهَا كَحَذْفِهَا فِي الصَّالِحَاتِ، وَالصَّالِحِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ قُرِئَ بِهِ لَمْ يَجُزْ لِفَسَادِ الْمَعْنَى، وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ: إِنَّ حَذْفَ الْأَلِفِ مِنْ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ الْخَطِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ- يَعْنِي عَلَى حِدَتِهِ- بَلْ وَلَا جَائِزٍ، وَلَا بُدَّ مِنَ الرُّكْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ: وَهُمَا الْعَرَبِيَّةُ وَصِحَّةُ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ فُقِدَا فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ جَوَازُهُ. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ: الَّذِي ايْتُمِنَ، وَالْهُدَى ايْتِنَا، وَفِرْعَوْنُ ايْتُونِي فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ فِيهِ بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَذُكِرَ فِيهِ وَجْهٌ ثَانٍ هُوَ التَّحْقِيقُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ سُفْيَانَ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي ذَلِكَ مُبْتَدَأَةٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ضَعْفَهُ، وَذُكِرَ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ زِيَادَةُ الْمَدِّ عَلَى حَرْفِ الْمَدِّ الْمُبْدَلِ، اسْتَنْبَطَهُ أَبُو شَامَةَ حَيْثُ قَالَ: فَإِذَا أُبْدِلَ هَذَا الْهَمْزُ حَرْفَ مَدٍّ، وَكَانَ قَبْلَهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَانَ يُحْذَفُ لِأَجْلِ سُكُونِ الْهَمْزَةِ، فَلَمَّا أُبْدِلَتِ اتَّجَهَ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: عَوْدُ الْحَرْفِ الْمَحْذُوفِ لِزَوَالِ مَا اقْتَضَى حَذْفَهُ، وَهُوَ الْهَمْزَةُ السَّاكِنَةُ، فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ حَرْفَيْ مَدٍّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مُمْكِنٌ بِتَطْوِيلِ الْمَدِّ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: حَذْفُهُ لِوُجُودِ السَّاكِنِ. قَالَ: وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِ الشَّاطِبِيِّ: وَيُبْدِلُهُ مَهْمَا تَطَرَّفَ مِثْلُهُ *** وَيَقْصِرُ أَوْيَمْضِي عَلَى الْمَدِّ أَطْوَلَا قَالَ: وَيَنْبَنِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَوَازُ الْإِمَالَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَى الْهُدَى ايْتِنَا لِحَمْزَةَ وَلِوَرْشٍ أَيْضًا، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْأَلِفَ الْأَصْلِيَّةَ أَمَلْنَا، وَإِنْ حَذَفْنَا فَلَا. قَالَ: وَيَلْزَمُ مِنَ الْإِمَالَةِ إِمَالَةُ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ، فَالِاخْتِيَارُ الْمَنْعُ. قُلْتُ: وَفِيمَا قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ، وَإِذَا كَانَ الْوَجْهَانِ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِ الشَّاطِبِيِّ: وَيُبْدِلُهُ- الْبَيْتَ- فَيَلْزَمُ أَنْ يَجْرِيَ فِي هَذَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَهِيَ الْمَدُّ وَالتَّوَسُّطُ وَالْقَصْرُ، كَمَا أَجْرَاهُمَا هُنَاكَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ حَذْفَ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ كَمَا أَجَازَهَا، ثُمَّ فَيَجِيءُ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ فِي الَّذِي اوْتُمِنَ، وَلِقَانَا ايْتِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَفِي الْهُدَى ايْتِنَا سِتَّةُ أَوْجُهٍ مَعَ الْفَتْحِ وَثَلَاثَةٌ مَعَ الْإِمَالَةِ، وَيَكُونُ الْقَصْرُ مَعَ الْإِمَالَةِ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ، وَيَصِيرُ فِيهَا مَعَ التَّحْقِيقِ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ كُلِّهَا سِوَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْبَدَلُ مَعَ الْقَصْرِ وَالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ حَرْفَ الْمَدِّ أَوَّلًا حُذِفَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ قَبْلَ الْوَقْفِ بِالْبَدَلِ كَمَا حُذِفَ مِنْ قَالُوا الْآنَ، وَفِي الْأَرْضِ، وَإِذَا الْأَرْضُ لِلسَّاكِنَيْنِ قَبْلَ النَّقْلِ، فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ لِعُرُوضِ الْوَقْفِ بِالْبَدَلِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِعُرُوضِ النَّقْلِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ هُمَا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِ الشَّاطِبِيِّ: وَيُبْدِلُهُ مَهْمَا تَطَرَّفَ... إِلَى آخِرِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْبَيْتِ هُمَا الْمَدُّ وَالْقَصْرُ فِي نَحْوِ يَشَاءُ، وَالسَّمَاءُ حَالَةَ الْوَقْفِ بِالْبَدَلِ كَمَا ذُكِرَ فَهُمَا مِنْ بابِ: وَإِنْ حَرْفٌ مُدَّ قَبْلَ هَمْزٍ مُغَيَّرٍ، لَا مِنْ أَجْلِ أنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ مَحْذُوفًا فِي حَالَةٍ وَرُجِعَ فِي حَالَةٍ أُخْرَى، وَتَقْدِيرُ حَذْفِ إِحْدَى الْأَلِفَيْنِ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ هُوَ عَلَى الْأَصْلِ، فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا حُذِفَ مِنْ حَرْفِ الْمَدِّ لِلسَّاكِنَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ اللَّفْظِ بِالْهَمْزِ مَعَ أَنَّ رَدَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَأَمَّا الْإِمَالَةُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْإِمَالَةِ، وَمِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُتَحَرِّكُ فَمِنَ الْمُتَطَرِّفِ بَعْدَ الْأَلِفِ مَسْأَلَةُ: {أَضَاءَ}، وَ{شَاءَ}، وَ{يَسْفِكُ الدِّمَاءَ}، وَ{تَرِثُوا النِّسَاءَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا الْهَمْزُ فِيهِ مَفْتُوحٌ، فَفِيهِ الْبَدَلُ، وَيَجُوزُ مَعَهُ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ، وَقَدْ يَجُوزُ التَّوَسُّطُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَبَقِيَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَحَكَى فِيهِ أَيْضًا بَيْنَ بَيْنَ كَمَا ذَكَرْنَا، فَيَجِيءُ مَعَهُ الْمَدُّ وَالْقِصَرُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَصِيرُ خَمْسَةً، وَتَجِيءُ هَذِهِ الْخَمْسَةُ بِلَا نَظَرٍ فِيمَا كَانَتِ الْهَمْزَةُ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ مَكْسُورَةً أَوْ مَضْمُومَةً مِمَّا لَمْ يُرْسَمْ لِلْهَمْزِ فِيهِ صُورَةٌ. فَإِنْ رُسِمَ لِلْهَمْزِ فِيهِ صُورَةٌ جَازَ فِي الْمَكْسُورِ مِنْهُ نَحْوُ وَإِيتَايِ ذِي الْقُرْبَى، وَمِنْ آنَايِ اللَّيْلِ إِذَا أُبْدِلَتْ هَمْزَتُهُ يَاءً عَلَى وَجْهِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ. وَمَذْهَبُ غَيْرِ الْحِجَازِيِّينَ مَعَ هَذِهِ الْخَمْسَةِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أُخْرَى. وَهِيَ الْمَدُّ، وَالتَّوَسُّطُ، وَالْقَصْرُ مَعَ سُكُونِ الْيَاءِ، وَالْقَصْرُ مَعَ رَوْمِ حَرَكَتِهَا، فَتَصِيرُ تِسْعَةَ أَوْجُهٍ، وَلَكِنْ يَجِيءُ فِي وَايتَايِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَجْهًا بِاعْتِبَارِ تَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الْأَوْلَى الْمُتَوَسِّطَةِ بِزَائِدٍ وَتَحْقِيقِهَا، وَيَجِيءُ فِي وَمِنْ آنَايِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَجْهًا بِاعْتِبَارِ السَّكْتِ وَعَدَمِهِ وَالنَّقْلِ، وَجَازَ فِي الْمَضْمُومِ مِنْهُ نَحْوُ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَوُا، وَفِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَوُا مَعَ تِلْكَ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أُخْرَى وَهِيَ الْمَدُّ، وَالتَّوَسُّطُ، وَالْقَصْرُ، مَعَ إِشْمَامِ حَرَكَةِ الْوَاوِ، فَيَصِيرُ اثْنَا عَشَرَ وَجْهًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي بُرَآءُ مِنْ سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ تَجْرِي فِيهَا هَذِهِ الْأَوْجُهُ الِاثْنَا عَشَرَ لِحَمْزَةَ وَلِهِشَامٍ فِي وَجْهِ تَخْفِيفِهِ الْمُتَطَرِّفِ، إِلَّا أَنَّ هِشَامًا يُحَقِّقُ الْأُولَى الْمَفْتُوحَةَ وَيُسَهِّلُهَا بَيْنَ بَيْنَ عَلَى أَصْلِهِ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ لَهُ حَذْفَهَا عَلَى وَجْهِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، فَيَجِيءُ مَعَهُ أَوْجُهُ إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ وَاوًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّةِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ فَتَصِيرُ تِسْعَةَ عَشَرَ. وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ جِدًّا غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَلَا مَأْخُوذٍ بِهِ؛ لِاخْتِلَالِ بِنْيَةِ الْكَلِمَةِ وَمَعْنَاهَا بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةَ، إِنَّمَا حُذِفَتِ اخْتِصَارًا كَمَا حُذِفَتِ الْأَلِفُ بَعْدَهَا لَا عَلَى وَجْهِ أَنْ تَخَفَّفَ بِحَذْفِهَا، وَاخْتَارَ الْهُذَلِيُّ هَذَا الْوَجْهُ عَلَى قَلْبِ الْأُولَى أَلِفًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَيَجْتَمِعُ أَلِفَانِ، فَتُحْذَفُ إِحْدَاهُمَا وَتُقْلَبُ الثَّانِيَةُ وَاوًا عَلَى مَذْهَبِ التَّمِيمِيِّينَ، وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فَأَجَازَ بُرَوَا بِوَاوٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ الرَّاءِ بَعْدَهَا أَلِفٌ عَلَى حِكَايَةِ صُورَةِ الْخَطِّ، فَتَصِيرُ عِشْرِينَ وَجْهًا، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْوَجْهُ، وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَهُوَ أَشَدُّ شُذُوذًا مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِفَسَادِ الْمَعْنَى وَاخْتِلَالِ اللَّفْظِ، وَلِأَنَّ الْوَاوَ إِنَّمَا هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ وَالْأَلِفُ بَعْدَهَا زَائِدَةٌ تَشْبِيهًا لَهَا بِوَاوِ الْجَمْعِ وَأَلِفِهِ، كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ وَأَشَدَّ مِنْهُ، وَأُنْكِرَ وَجْهٌ آخَرُ حَكَاهُ الْهُذَلِيُّ عَنِ الْأَنْطَاكِيِّ، وَهُوَ قَلْبُ الْهَمْزَتَيْنِ وَاوَيْنِ، فَيَقُولُ بُرَوَاوُ قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهَا سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَجْهًا مُفَرَّعَةً عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ الْأَخْذُ بِالْقِيَاسِ فِي الْهَمْزَتَيْنِ، فَتُسَهَّلُ الْأُولَى وَتُبْدَلُ الثَّانِيَةُ مَعَ الثَّلَاثَةِ، أَوْ تُسَهَّلُهَا كَالْوَاوِ مَعَ الْوَجْهَيْنِ، فَهَذِهِ خَمْسَةٌ الثَّانِي الْأَخْذُ بِالرَّسْمِ فِيهِمَا فَتُحْذَفُ الْأَوْلَى وَتُبْدَلُ الثَّانِيَةِ وَاوًا بِالْإِسْكَانِ وَالْإِشْمَامِ مَعَ كُلٍّ مِنَ الْمَدِّ وَالتَّوَسُّطِ وَالْقَصْرِ، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَوْجُهٍ الثَّالِثُ الْأَخْذُ بِالْقِيَاسِ فِي الْأُولَى وَبِالرَّسْمِ فِي الثَّانِيَةِ، فَتُسَهَّلُ الْأَوْلَى وَتُبْدَلُ الثَّانِيَةُ وَاوًا، وَفِيهَا الثَّمَانِيَةُ الْأَوْجُهِ الرَّابِعُ الْأَخْذُ بِالرَّسْمِ فِي الْأُولَى وَبِالْقِيَاسِ فِي الثَّانِيَةِ، فَتُحْذَفُ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِبْدَالُ مَعَ الثَّلَاثَةِ وَالتَّسْهِيلُ مَعَ الْوَجْهَيْنِ، فَهَذِهِ خَمْسَةٌ تَتِمَّةُ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَجْهًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ صُورَةَ الثَّانِيَةِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَجْهًا خَامِسًا عَلَى أَنَّ الْوَاوَ صُورَةُ الْأُولَى، وَالْأَلِفَ صُورَةُ الْمَضْمُومَةِ، فَأَجَازَ ثَلَاثَةً مَعَ إِبْدَالِهَا، وَوَجْهَيْنِ مَعَ تَسْهِيلِهَا، فَيَكُونُ خَمْسَةً تَتِمَّةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَجْهًا، وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا سِوَى مَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنَ الْمُتَطَرِّفِ بَعْدَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ السَّاكِنَتَيْنِ الزَّائِدَتَيْنِ مَسْأَلَةُ: ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْإِدْغَامُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا الْإِشَارَةُ بِالرَّوْمِ فَيَصِيرُ وَجْهَانِ. وَكَذَلِكَ يَجُوزُ هَذَانِ الْوَجْهَانِ فِي بَرِيءٌ، وَالنَّسِيءُ إِلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِمَا وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ الْإِشْمَامُ، وَحُكِيَ فِي ذَلِكَ الْحَذْفُ عَلَى وَجْهِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ مَعَ إِجْرَاءِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ، وَلَا يَصِحُّ، وَاتِّبَاعُ الرَّسْمِ مُتَّحِدٌ مَعَ الْإِدْغَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْهُ بَعْدَ السَّاكِنِ الصَّحِيحِ مَسْأَلَةُ: يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ النَّقْلُ مَعَ إِسْكَانِ الْبَاءِ لِلْوَقْفِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الْمُطَّرِدُ، وَجَاءَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ الْخَبَا بِالْأَلِفِ، ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَلَهُ وَجْهٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ الْإِتْبَاعُ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرُهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَيَجْرِي الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ النَّقْلُ مَعَ الْإِسْكَانِ فِيمَا هَمْزَتُهُ مَكْسُورَةٌ وَهُوَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَيَجُوزُ فِيهِ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ الْإِشَارَةُ بِالرَّوْمِ إِلَى كَسْرَةِ الرَّاءِ، وَتَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي مِلْءُ، وَدِفْءٌ، وَيَنْظُرُ الْمَرْءُ وَيَجُوزُ فِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ الْإِشْمَامُ، وَتُجْرَى الثَّلَاثَةُ فِي جُزْءٌ وَذُكِرَ فِيهِ وَجْهٌ رَابِعٌ، وَهُوَ الْإِدْغَامُ. حَكَاهُ الْهُذَلِيُّ وَلَا يَصِحُّ عَنْ حَمْزَةَ، وَلَوْ صَحَّ لَجَازَ مَعَهُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي مَعَ النَّقْلِ فَتَصِيرُ سِتَّةً. وَمِنْ ذَلِكَ بَعْدَ السَّاكِنِ الْمُعْتَلِّ الْأَصْلِيِّ مَسْأَلَةُ: {جِيءَ} وَ{سِيئَ}، وَ{أَنْ تَبُوءَا} مِمَّا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَفْتُوحَةً، وَكَذَلِكَ لِيَسُوءَ فِي قِرَاءَةِ حَمْزَةَ وَهِشَامٍ، فِيهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ النَّقْلُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الْمُطَّرِدُ وَالثَّانِي الْإِدْغَامُ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَيَجْرِي هَذَانَ الْوَجْهَانِ فِيمَا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَكْسُورَةً نَحْوُ {مِنْ سُوءٍ}، وَ{قَوْمَ سَوْءٍ}، وَ{مِنْ شَيْءٍ} إِلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ كُلِّ الْأَوْجُهِ مِنْهُمَا الْإِشَارَةُ بِالرَّوْمِ، فَيَصِيرُ فِيهَا الْأَرْبَعَةُ فِيمَا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَضْمُومَةً نَحْوُ {يُضِيءُ} وَ{الْمُسِيءُ} وَ{لَتَنُوءُ} وَ{لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}، وَ{مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} وَيَجُوزُ وَجْهَانِ آخَرَانِ، وَهُمَا الْإِشْمَامُ مَعَ كُلٍّ مِنَ النَّقْلِ وَالْإِدْغَامِ، فَيَصِيرُ فِيهَا سِتَّةُ أَوْجُهٍ وَلَا يَصِحُّ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنَّ اتِّبَاعَ الرَّسْمِ فِي ذَلِكَ مُتَّحِدٌ كَمَا قَدَّمْنَا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا أَيْضًا حَذْفُ الْهَمْزِ اعْتِبَاطًا، فَيُمَدُّ حَرْفُ الْمَدِّ وَيُقْصَرُ عَلَى وَجْهِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَرَجَحَ الْمَدُّ فِي ذَلِكَ، وَحَكَى الْهُذَلِيُّ فِيهِ عَنِ ابْنِ غَلْبُونَ بَيْنَ بَيْنَ، وَكُلُّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنَ الْمُتَوَسِّطِ بَعْدَ السَّاكِنِ إِنْ كَانَ أَلِفًا مَسْأَلَةُ: {شُرَكَاوُنَا} وَ{جَاوُا} وَ{أَوْلِيَاؤُهُ} وَ{أَحِبَّاوُهُ}، {وَأُولَيِكَ} وَ{إِسْرَايِلَ}، وَ{خَايِفِينَ}، وَ{الْمَلَائِكَةُ}، وَ{جَانَا}، وَ{شُرَكَاوُكُمْ}، وَ{أَوْلِيَاءَهُ}، وَ{بُرَآءُ}، وَ{دُعَاءُ}، وَ{نِدَاءً} وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَعُ الْهَمْزَةُ مُتَوَسِّطَةً مُتَحَرِّكَةً بَعْدَ أَلِفٍ، فَإِنَّ فِيهِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَهُوَ التَّسْهِيلُ بَيْنَ بَيْنَ بِأَيِّ حَرَكَةٍ تَحَرَّكَتِ الْهَمْزَةُ، وَيَجُوزُ فِي الْأَلِفِ قَبْلَهَا الْمَدُّ وَالْقَصْرُ إِلْغَاءً لِلْعَارِضِ، وَاعْتِدَادًا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ، وَذُكِرَ فِي الْمَضْمُومِ مِنْهُ وَالْمَكْسُورِ الْمَرْسُومِ فِيهِ صُورَةُ الْهَمْزَةِ وَاوًا وَيَاءً وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ إِبْدَالُهُ وَاوًا مَحْضَةً وَيَاءً مَحْضَةً عَلَى صُورَةِ الرَّسْمِ مَعَ إِجْرَاءِ وَجْهَيِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ أَيْضًا، وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَا فِي الرِّوَايَةِ وَاتِّبَاعِ الرَّسْمِ فِي ذَلِكَ، وَنَحْوِهِ بَيْنَ بَيْنَ، وَذُكِرَ أَيْضًا فِيمَا حُذِفَتْ فِيهِ صُورَةُ الْهَمْزَةِ رَسْمًا إِسْقَاطُهُ لَفْظًا، فَقِيلَ فِي نَحْوِ {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ}، وَ{يُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} وَ{نِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ}: أَوْلِيَاهُمْ، وَنِسَانَا هَكَذَا بِالْحَذْفِ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اسْمٌ مَقْصُورٌ عَلَى صُورَةِ رَسْمِهِ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ مِنَ الْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ وَفِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ مِنَ الْمَفْتُوحِ مَعَ إِجْرَاءِ وَجْهَيِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ إِلْغَاءً وَاعْتِدَادًا بِالْعَارِضِ، وَقِيلَ: فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةُ أَوْجُهٍ بَيْنَ بَيْنَ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَاتِّبَاعِ الرَّسْمِ عَلَى رَأْيِهِمْ بِمَحْضِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ أَيْضًا وَالْحَذْفِ مَعَهُمَا أَيْضًا، وَقِيلَ: ذَلِكَ فِي جَزَاهُ وَأَوْلِيَاهُ مَعَ زِيَادَةِ التَّوَسُّطِ، وَرُبَّمَا قِيلَ مَعَ ذَلِكَ بِالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ فِي الْهَاءِ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ سِوَى وَجْهٍ بَيْنَ بَيْنَ لَا غَيْرَ كَمَا قَدَّمْنَا. وَقَدْ يَتَعَذَّرُ الْحَذْفُ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ نَحْوُ إِسْرَايِلَ، وَيُرَاوُنَ، وَجَاوُكُمْ فَإِنَّ حَقِيقَةَ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ فِي ذَلِكَ تَمْتَنِعُ وَلَا تُمْكِنُ، فَإِنَّ الْهَمْزَةَ إِذَا حُذِفَتْ بَقِيَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ سَاكِنَتَيْنِ، وَالنُّطْقُ بِذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْجَمْعُ بَيْنَ يَاءَيْنِ وَوَاوَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمَحْذُوفَ وَاوُ الْبِنْيَةِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ رِوَايَةً وَلَا يُوَافِقُ حَقِيقَةَ الرَّسْمِ عَلَى رَأْيِهِمْ، فَلَمْ يَبْقَ سِوَى التَّسْهِيلِ بَيْنَ بَيْنَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي {دُعَاءً}، وَ{نِدَاءً}، وَ{مَاءً}، وَ{لَيْسُوا سَوَاءً وَنَحْوِهِ مِمَّا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مُتَوَسِّطَةً بِالتَّنْوِينِ، فَالْجُمْهُورُ فِيهِ عَلَى تَسْهِيلٍ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَإِجْرَاءِ وَجْهَيِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ لِتَغَيُّرِ الْهَمْزِ. وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ بِوَجْهٍ آخَرَ فِيهِ، وَهُوَ الْحَذْفُ وَأَطْلَقَهُ عَلَى حَمْزَةَ بِكَمَالِهِ، وَهُوَ وَجْهٌ صَحِيحٌ وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، عَنْ حَمْزَةَ فِي رِوَايَةِ الضَّبِّيِّ، وَلَهُ وَجْهٌ، وَهُوَ إِجْرَاءُ الْمَنْصُوبِ مَجْرَى الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ، وَهُوَ لُغَةٌ لِلْعَرَبِ مَعْرُوفَةٌ، فَتُبْدَلُ الْهَمْزَةُ فِيهِ أَلِفًا، ثُمَّ تُحْذَفُ لِلسَّاكِنَيْنِ، وَيَجُوزُ مَعَهُ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ، وَكَذَا التَّوَسُّطُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ هُنَا أَوْلَى مِنْهُ فِي الْمُتَطَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ الْمَرْسُومَةَ هُنَا تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَلِفَ الْبِنْيَةِ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ صُورَةَ الْهَمْزَةِ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَلِفَ التَّنْوِينِ، فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ أَلِفَ الْبِنْيَةِ لَا بُدَّ مِنْ أَلِفِ التَّنْوِينِ، فَيَأْتِي بِقَدْرِ أَلِفَيْنِ وَهُوَ التَّوَسُّطُ، وَعَلَى أَنْ تَكُونَ صُورَةَ الْهَمْزَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَلِفِ الْبِنْيَةِ وَأَلِفِ التَّنْوِينِ، فَيَأْتِي بِقَدْرِ ثَلَاثِ أَلِفَاتٍ، وَهُوَ الْمَدُّ الطَّوِيلُ، وَعَلَى أَنْ تَكُونَ أَلِفَ التَّنْوِينِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَلِفِ الْبِنْيَةِ، فَتَأْتِي بِقَدْرِ أَلِفَيْنِ أَيْضًا، فَلَا وَجْهَ لِلْقَصْرِ، إِلَّا أَنْ يُقَدَّرَ الْحَذْفُ اعْتِبَاطًا، أَوْ يُرَادَ حِكَايَةُ الصُّورَةِ، أَوْ يَجْرِي الْمَنْصُوبُ مَجْرَى غَيْرِهِ لَفْظًا، وَلَوْلَا صِحَّتُهُ رِوَايَةً لَكَانَ ضَعِيفًا، وَأَمَّا وَأَحِبَّاوُهُ فَفِي هَمْزَتِهِ الْأُولَى التَّحْقِيقُ وَالتَّسْهِيلُ؛ لِكَوْنِهَا مُتَوَسِّطَةً بِزَائِدٍ، وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا تَسْهِيلُ الثَّانِيَةِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ، فَتَصِيرُ أَرْبَعَةً مَعَ إِسْكَانِ الْهَاءِ، وَإِنْ أُخِذَ بِالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ فِي الْهَاءِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجِيزُهُ، تَصِيرُ اثْنَا عَشَرَ، وَحُكِيَ فِيهَا إِبْدَالُ الْوَاوِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ عِنْدَهُمْ، وَذُكِرَ فِيهَا إِبْدَالُ الْأُولَى أَلِفًا عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ أَيْضًا عَلَى رَأْيِهِمْ، فَيَصِيرُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا يَجُوزُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا تَرَاءَ مِنْ تَرَاءَ الْجَمْعَانِ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ، فَإِنَّ أَلِفَهَا الَّتِي بَعْدَ الْهَمْزِ تُحْذَفُ وَصْلًا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ إِجْمَاعًا، فَإِذَا وُقِفَ عَلَيْهَا ثَبَتَتْ إِجْمَاعًا، وَلَهَا حُكْمٌ فِي الْإِمَالَةِ يَأْتِي، وَاخْتَصَّ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ بِإِمَالَةِ الرَّاءِ وَصْلًا، فَإِذَا وَقَفَ حَمْزَةُ سَهَّلَ الْهَمْزَةَ بَيْنَ بَيْنَ وَأَمَالَهَا مِنْ أَجْلِ إِمَالَةِ الْأَلِفِ بَعْدَهَا وَهِيَ الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءِ الَّتِي حُذِفَتْ وَصْلًا لِلسَّاكِنَيْنِ، وَهِيَ لَامُ تَفَاعَلَ، وَيَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ لِتَغَيُّرِ الْهَمْزِ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَلَا يُؤْخَذُ بِخِلَافِهِ. وَذُكِرَ فِيهَا وَجْهَانِ آخَرَانِ، أَحَدُهُمَا: حَذْفُ الْأَلِفِ الَّتِي بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَهِيَ اللَّامُ، مِنْ أَجْلِ حَذْفِهَا رَسْمًا عَلَى رَأْيِ بَعْضِهِمْ فِي اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، فَتَصِيرُ عَلَى هَذَا مُتَطَرِّفَةً، فَتُبْدَلُ أَلِفًا لِوُقُوعِهَا بَعْدَ أَلِفٍ، وَيُفْعَلُ فِيهَا مَا يُفْعَلُ فِي جَاءَ، وَشَاءَ فَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِمْ: ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ هِيَ الْمَدُّ وَالتَّوَسُّطُ وَالْقَصْرُ، وَأَجْرَوْا هِشَامًا مَجْرَاهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إِذَا خَفَّفَ الْمُتَطَرِّفَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَهَذَا وَجْهٌ لَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ لَفْظِهِ وَفَسَادِ الْمَعْنَى بِهِ، وَقَدْ تَعَلَّقَ مُجِيزُ هَذَا الْوَجْهِ بِظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ مُجَاهِدٍ: كَانَ حَمْزَةُ يَقِفُ عَلَى تَرَاءَ يَمُدُّ مَدَّةً بَعْدَ الرَّاءِ وَيَكْسِرُ الرَّاءَ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. انْتَهَى. وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَ مَا قَالُوهُ وَلَا جَنَحَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْوَجْهَ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَعَبَّرَ بِالْمَدَّةِ عَنِ التَّسْهِيلِ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْقُرَّاءِ فِي إِطْلَاقِ عِبَارَاتِهِمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حُذَّاقَ أَصْحَابِ ابْنِ مُجَاهِدٍ مِثْلَ الْأُسْتَاذِ الْكَبِيرِ أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هِشَامٍ وَغَيْرِهِ أَخْبَرَ بِمُرَادِهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَرَهُ وَلَا أَخْذَ عَنْهُ، قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ : فَوَقَفَ حَمْزَةُ تَرَاءَ بِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الرَّاءِ وَيَمُدُّ بَعْدَهَا مَدَّةً مُطَوَّلَةً فِي تَقْدِيرِ أَلِفَيْنِ مُمَالَتَيْنِ. الْأُولَى أُمِيلَتْ لِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الرَّاءِ، وَالثَّانِيَةُ أُمِيلَتْ لِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الْهَمْزَةِ الْمُسَهَّلَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا بِالصَّدْرِ؛ لِأَنَّهَا فِي زِنَةِ الْمُتَحَرِّكِ، وَإِنْ أُضْعِفَ الصَّوْتُ بِهَا وَلَمْ يَتِمَّ فَيَتَوَالَى فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى مَذْهَبِهِ أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ مُمَالَةٍ: الرَّاءُ الَّتِي هِيَ فَاءُ الْفِعْلِ، وَالْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَهَا الدَّاخِلَةُ لِبِنَاءِ تَفَاعَلَ، وَالْهَمْزَةُ الْمَجْعُولَةُ عَلَى مَذْهَبِهِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ، وَالْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَهَا الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءِ الَّتِي هِيَ لَامُ الْفِعْلِ لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ حَكَى قَوْلَ ابْنِ مُجَاهِدٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بِلَفْظَهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مَجَازٌ، وَمَا قُلْنَاهُ حَقِيقَةٌ، وَيَحْكُمُ ذَلِكَ الْمُشَافَهَةُ. انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ لَمْ يُرِدْ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَأَشَارَ الدَّانِيُّ بِقَوْلِهِ: تَحْكُمُهُ الْمُشَافَهَةُ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُشَكِّلُ ظَاهِرَةً، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُشَافَهَةِ الشُّيُوخِ وَأَلْفَاظِهِمْ لَا مِنَ الْكُتُبِ وَعِبَارَاتِهَا. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ فِي قَوْلِ ابْنِ مُجَاهِدٍ: هَذَا إِنْ كَانَ يُرِيدُ بِالْمَدِّ أَلِفَ تَفَاعَلَ وَإِسْقَاطَ الْعَيْنِ وَاللَّامِ، فَهَذَا الْحَذْفُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَلْبُ الْهَمْزَةِ يَاءً، فَتَقُولُ: تَرَايَا حَكَاهُ الْهُذَلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا. وَقَدْ قِيلَ فِي تَوْجِيهِهِ: إِنَّهُ لَمَّا قَرَّبَ فَتْحَةَ الرَّاءِ مِنَ الْكَسْرَةِ بِالْإِمَالَةِ أَعْطَاهَا حُكْمَ الْمَكْسُورِ، فَأَبْدَلَ الْهَمْزَةَ الْمَفَتْوحَةَ بَعْدَهَا يَاءً، وَلَمْ يَعْتَدَّ بِالْأَلِفِ حَاجِزَةً. قُلْتُ: وَلَهُ وَجْهٌ عِنْدِي هُوَ أَمْثَلُ مِنْ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي مِثْلِ هَذَا تُبْدَلُ يَاءً عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَأَنْشَدُوا عَلَيْهِ قَوْلَ الشَّاعِرِ: غَدَاتَ تَسَايَلَتْ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ *** كِنَانَةُ حَامِلِينَ لَهُمْ لِوَايَا أَرَادَ لِوَاءً فَأَبْدَلَ مِنَ الْهَمْزَةِ يَاءً، وَهُوَ وَجْهٌ لَوْ صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ لَكَانَ أَوْلَى مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، فَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى تَبَوَّا لِقَوْمِكُمَا كَذَلِكَ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ حَفْصٍ، وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ حَمْزَةَ أَيْضًا بَيْنَ بَيْنَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَمِنْهُ بَعْدَ يَاءٍ زَائِدَةٍ مَسْأَلَةُ: {خَطِيَّةً}، وَ{خَطِيَّاتِ،} وَ{بَرِيُّونَ فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْإِدْغَامُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ، ذَكَرَهُ الْحَافِظُ، وَأَبُو الْعَلَاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي هَنِيئًا مَرِيئًا وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ الْإِدْغَامُ فِيهِمَا، كَأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْإِتْبَاعُ. ذَكَرَهُ الْهُذَلِيُّ، وَحُكِيَ أَيْضًا وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ التَّخْفِيفُ كَالنَّقْلِ، كَأَنَّهُ عَلَى قَصْدِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا سِوَى الْأَوَّلِ. وَمِنْهُ بَعْدَ يَاءٍ وَوَاوٍ أَصْلِيَّتَيْنِ مَسْأَلَةُ: {سِيئَتْ}، وَ{السُّوأَى} فِيهِمَا وَجْهَانِ النَّقْلُ وَهُوَ الْقِيَاسُ الْمُطَّرِدُ وَالْإِدْغَامُ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ إِلْحَاقًا بِالزَّائِدِ، وَحُكِيَ فِيهِمَا وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، إِلَّا أَنَّهُ فِي السُّوأَى أَقْرَبُ عِنْدَ مَنِ الْتَزَمَ اتِّبَاعَ الرَّسْمِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي {سَوْءَةٍ}، وَ{سَوْآتِكُمْ}، {وَسَوْآتِهِمَا}، وَشَيًّا وَكَهَيْئَةِ، وَاسْتَايَسَ، وَيَايَسُ وَبَابِهِ إِلَّا أَنَّهُ حُكِيَ فِي اسْتَايَسَ وَبَابِهِ وَجْهٌ رَابِعٌ، وَهُوَ الْأَلِفُ عَلَى الْقَلْبِ كَالْبَزِّيِّ وَمَنْ مَعَهُ، ذَكَرَهُ الْهُذَلِيُّ وَأَمَّا مَوْئِلًا فَفِيهِ وَجْهَانِ النَّقْلُ وَالْإِدْغَامُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَيُحْكَى فِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً مَكْسُورَةً عَلَى وَجْهِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ وَضَعْفِهِ فِي الرِّوَايَةِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى هُزُوًا لَا يَصِحُّ؛ لِمَا نَذْكُرُهُ. وَقَدْ عَدَّهُ الدَّانِيُّ مِنَ النَّادِرِ وَالشَّاذِّ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ رَابِعٌ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو طَاهِرِ بْنُ أَبِي هِشَامٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَاعِدَةِ تَسْهِيلِ هَذَا الْبَابِ عِنْدَ مَنْ رَوَاهُ، وَهُوَ أَيْضًا أَقْرَبُ إِلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَرَدَّهُ الدَّانِيُّ. وَذُكِرَ فِيهِ وَجْهٌ خَامِسٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً سَاكِنَةً وَكَسْرُ الْوَاوِ قَبْلَهَا عَلَى نَقْلِ الْحَرَكَةِ وَإِبْقَاءِ الْأَثَرِ، حَكَاهُ ابْنُ الْبَاذِشِ، وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ قِيَاسًا، وَلَا يَصِحُّ رِوَايَةً، وَذُكِرَ وَجْهٌ سَادِسٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا مِنْ غَيْرِ إِدْغَامٍ، حَكَاهُ الْهُذَلِيُّ، وَهُوَ أَضْعَفُ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأَرْدَؤُهَا، وَأَمَّا الْمَوْءُودَةُ فَفِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ: النَّقْلُ وَالْإِدْغَامُ، إِلَّا أَنَّ الْإِدْغَامَ يَضْعُفُ هُنَا لِلثِّقَلِ، وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو طَاهِرِ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ وَغَيْرُهُ، وَذُكِرَ وَجْهٌ رَابِعٌ وَهُوَ الْحَذْفُ، وَاللَّفْظُ بِهَا عَلَى وَزْنِ الْمَوْزَةِ وَالْجَوْزَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِخْلَالِ بِحَذْفِ حَرْفَيْنِ، وَلَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِلرَّسْمِ، وَرَوَاهُ مَنْصُوصًا عَنْ حَمْزَةَ أَبُو أَيُّوبَ الضَّبِّيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَذَكَرَهُ الدَّانِيُّ، وَقَالَ: هُوَ مِنَ التَّخْفِيفِ الشَّاذِّ الَّذِي لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا بِالسَّمَاعِ إِذَا كَانَ الْقِيَاسُ يَنْفِيهِ وَلَا يُجِيزُهُ، وَكَانَ مَنْ رَوَاهُ مِنَ الْقُرَّاءِ وَاسْتَعْمَلَهُ مِنَ الْعَرَبِ كَرِهَ النَّقْلَ وَالْبَدَلَ. أَمَّا النَّقْلُ فَلِتَحَرُّكِ الْوَاوُ فِيهِ بِالْحَرَكَةِ الَّتِي تُسْتَثْقَلُ وَهِيَ الضَّمَّةُ، وَأَمَّا الْبَدَلُ فَلِأَجْلِ التَّشْدِيدِ وَالْإِدْغَامِ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ إِذَا خَفَّفَ هَمْزَةَ يَسُؤكَ قَالَ: يَسُؤْكَ اسْتَثْقَلَ الضَّمَّةَ عَلَى الْوَاوِ، فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ، قَالَ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ يَعْنِي مِنَ الْحَذْفِ. قُلْتُ: حَذْفُ الْهَمْزِ لَا كَلَامَ فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِي حَذْفِ الْوَاوِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ الَّتِي تُجْحِفُ بِالْكَلِمَةِ وَتُغَيِّرُ الصِّيغَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْهُ بَعْدَ الصَّحِيحِ السَّاكِنِ مَسْأَلَةُ مَسُولًا، وَمَذُومًا، وَأَفْيِدَةً، وَالظَّمَانُ، وَالْقُرَانُ وَنَحْوُهُ فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ النَّقْلُ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي شَطَاهُ، وَيَسْئَمُونَ، وَيَسْئَلُونَ، وَالنَّشْاةُ وَحُكِيَ فِيهَا وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ أَلِفًا عَلَى تَقْدِيرِ نَقْلِ حَرَكَتِهَا فَقَطْ كَمَا قَدَّمْنَا، وَهُوَ وَجْهٌ مَسْمُوعٌ، وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَلَكِنَّهُ قَوِيٌّ فِي النَّشْاةُ، وَيَسْأَلُونَ مِنْ أَجْلِ رَسْمِهَا بِأَلِفٍ كَمَا ذَكَرْنَا، وَضَعِيفٌ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ أَجْلِ مُخَالَفَةِ الرَّسْمِ، وَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَدَاءِ، وَأَمَّا جُزْءًا فَفِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ النَّقْلُ، وَحُكِيَ فِيهِ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى ضَعْفِهِ، وَوَجْهٌ ثَالِثٌ هُوَ الْإِدْغَامُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي جُزْءٌ وَلَا يَصِحُّ، وَشَذَّ الْهُذَلِيُّ فَذَكَرَ وَجْهًا رَابِعًا، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا قِيَاسًا عَلَى هُزُوًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَأَمَّا هُزُؤًا، وَكُفُؤًا فَفِيهِمَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا النَّقْلُ عَلَى الْقِيَاسِ الْمُطَّرِدِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِي الْعُنْوَانِ غَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ الْمَهْدَوِيُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ، وَالثَّانِي إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا مَعَ إِسْكَانِ الزَّايِ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَقَدْ رَجَّحَهُ فِي الْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّيْسِيرِ وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَطَرِيقُ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَالَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ: وَهَذَا مَذْهَبُ عَامَّةِ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ حَمْزَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ شَيْخِنَا أَبِي الْفَتْحِ، وَكَذَا رَوَاهُ مَنْصُوصًا خَلَفٌ، وَأَبُو هِشَامٍ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْهُ. انْتَهَى. وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ فَقَالَ: وَأَمَّا هُزُوًا، وَكُفُوًا فَالْأَحْسَنُ فِيهِمَا النَّقْلُ كَمَا نُقِلَ فِي جُزْءًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَصْلِ الْهَمْزَةِ الْمُتَحَرِّكَةِ بَعْدَ السَّاكِنِ السَّالِمِ فَيَقُولُ: هُزًّا، وَكُفًّا قَالَ: وَقَدْ أَخَذَ لَهُ قَوْمٌ بِالْإِبْدَالِ فِي هُزُوًا، وَكُفُوًا وَبِالنَّقْلِ فِي جُزًّا وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ هُزُوًا، كُفُوًا كُتِبَا بِالْوَاوِ، وَأَنَّ جُزًّا كُتِبَتْ بِغَيْرِ وَاوٍ فَأَرَادَ اتِّبَاعَ الْخَطِّ، قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّا لَوِ اتَّبَعْنَا الْخَطَّ فِي الْوَقْفِ لَوَقَفْنَا عَلَى الْمَلَأِ فِي مَوَاضِعَ بِالْوَاوِ؛ فَقُلْنَا الْمَلَوُ وَفِي مَوَاضِعَ بِالْأَلِفِ، فَقُلْنَا الْمَلَا قَالَ: وَهَذَا لَا يُرَاعَى، قَالَ: وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ هُزُوًا، كُفُوًا لَمْ يُكْتَبَا فِي الْمَصَاحِفِ عَلَى قِرَاءَةِ حَمْزَةَ، وَإِنَّمَا كُتِبَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ يَضُمُّ الزَّايَ وَالْفَاءَ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ إِنَّمَا تُصَوَّرُ عَلَى مَا يَئُولُ إِلَيْهِ حُكْمُهَا فِي التَّخْفِيفِ، وَلَوْ كُتِبَا عَلَى قِرَاءَةِ حَمْزَةَ لَكُتِبَا بِغَيْرِ وَاوٍ كَـ جُزْءًا فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ خَطِّ الْمُصْحَفِ، غَيْرَ أَنَّ الْوَقْفَ بِالْوَاوِ فِيهِمَا جَائِزٌ مِنْ جِهَةِ وُرُودِ الرِّوَايَةِ بِهِ، لَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِبْدَالَ فِيهِمَا وَارِدٌ عَلَى الْقِيَاسِ، وَهُوَ تَقْدِيرُ الْإِبْدَالِ قَبْلَ الْإِسْكَانِ، ثُمَّ أُسْكِنَ لِلتَّخْفِيفِ، وَقِيلَ: عَلَى تَوَهُّمِ الضَّمِّ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِيهِمَا، وَذَلِكَ أَوْضَحُ، وَأَمَّا إِلْزَامُهُ بِالْوَقْفِ عَلَى مَا كُتِبَ بِالْوَاوِ مِنْ الْمَلَوُا وَمَا كُتِبَ بِأَلِفٍ بِحَسَبِ مَا كُتِبَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِلْزَامِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَذْهَبِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَذْهَبِهِ لَمْ يَلْزَمْ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُمَا رُسِمَا عَلَى قِرَاءَةِ الضَّمِّ فَصَحِيحٌ لَوْ تَعَذَّرَ حَمْلُ الْمَرْسُومِ عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ، أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ فَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ. وَقَدْ أَمْكَنَ بِمَا قُلْنَا مِنْ تَقْدِيرِ الْإِبْدَالِ قَبْلَ الْإِسْكَانِ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ أَخَذَ بِهِمَا جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ، وَالْأَشْهَرُ عِنْدَ جُمْهُورِهِمُ الْإِبْدَالُ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ كَمَا قَدَّمْنَا وَوَجْهٌ رَابِعٌ وَهُوَ تَشْدِيدُ الزَّايِ عَلَى الْإِدْغَامِ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وَوَجْهٌ خَامِسٌ وَهُوَ ضَمُّ الزَّايِ وَالْفَاءِ مَعَ إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ وَاوًا اتِّبَاعًا لِلرَّسْمِ وَلُزُومًا لِلْقِيَاسِ، وَهُوَ يُقَوِّي مَا قُلْنَاهُ مِنْ وَجْهِ الْإِبْدَالِ مَعَ الْإِسْكَانِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو فِي جَامِعِهِ، وَقَالَ: رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْآدَمِيُّ الْحَمْزِيُّ، عَنْ أَصْحَابِهِ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْ حَمْزَةَ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الضَّبِّيِّ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِذَلِكَ، قَالَ: وَالْعَمَلُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. انْتَهَى. مِنَ الْمُتَوَسِّطِ الْمُتَحَرِّكِ بَعْدَ الْمُتَحَرِّكِ الْمَفْتُوحِ بَعْدَ الْفَتْحِ مَسْأَلَةُ سَأَلَ، وَسَأَلَهُمْ، وَمَلْجَأً، وَسَأَلْتُ، وَرَأَيْتُ، وَشَنَآنُ، وَالْمَآرِبُ وَنَحْوُهُ، فَفِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ أَلِفًا، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَقَالَ: وَلَيْسَ بِالْمُطَّرِدِ، وَحَكَى ذَلِكَ أَبُو الْعِزِّ الْمَالِكِيُّ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مَنْ يُخَفِّفُ بِاتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْقِيَاسِ وَضَعْفِهِ رِوَايَةً، وَلَا يَصِحُّ فِي مَوَاضِعَ نَحْوُ سَالْتُ لِاجْتِمَاعِ ثَلَاثَةِ سَوَاكِنَ فِيهِ، وَلَمْ يَرِدْ سُكُونُ ذَلِكَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ يَقْوَى فِي نَحْوِ مَلْجَا، وَمُتَّكَا عَلَى لُغَةِ مَنْ حَمَلَ عَلَى فِعْلِهِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْبَدَلِ فِيهِ الْهُذَلِيُّ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى لُغَةِ مَنْ أَجْرَى الْمَنْصُوبَ مَجْرَى الْمَرْفُوعِ وَالْمَخْفُوضِ، لَكِنَّهُ لَمْ تَرِدْ بِهِ الْقِرَاءَةُ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا وَقَعَ بَعْدَ الْهَمْزَةِ فِيهِ أَلِفٌ نَحْوُ الْمَآبُ، وَشَنَآنُ وَلَكِنْ تُحْذَفُ الْأَلِفُ مِنْ أَجْلِ اجْتِمَاعِهِمَا، فَيَزْدَادُ ضَعْفًا، وَكَذَلِكَ حُكْمُ آنَاءَ، وَرَأَى لَا يَصِحُّ فِيهِ سِوَى بَيْنَ بَيْنَ كَمَا قَدَّمْنَا، وَعَلَى الْإِبْدَالِ مَعَ ضَعْفِهِ بِقَدْرِ الْحَذْفِ، أَوِ الْإِثْبَاتِ فَيَجْتَمِعُ سَاكِنَانِ فَيَمُدُّ وَيَتَوَسَّطُ وَكُلُّهُ لَا يَصِحُّ، ثُمَّ إِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا كَانَ بَعْدَهُ سَاكِنٌ نَحْوُ رَأَى الْقَمَرَ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْأَلِفَ فِيهِ هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ، وَالْأَلِفُ بَعْدَهَا حُذِفَتِ اخْتِصَارًا لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ لَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى حَذْفِهَا اخْتِصَارًا لِلتَّمَاثُلِ إِثْبَاتُهَا يَاءً فِي حَرْفِ النَّجْمِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَعَلَى أَنَّ حَذْفَهَا لَيْسَ لِلسَّاكِنَيْنِ حَذْفُهَا فِيمَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ سَاكِنٍ، وَتَكَلَّفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ مَا لَا يَصِحُّ، وَحَمَّلَ هِشَامًا مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَحْمِلُ كَمَا زَعَمَ فِي تَرَايَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ يَصِحُّ: وَأَمَّا اشْمَازَّتْ، وَاطْمَانُّوا، وَأَمْلَانَّ، وَأَرَايْتَ وَبَابُهُ فَقَدْ حُكِيَ فِيهَا وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ الْحَذْفُ عَلَى رَسْمِ بَعْضِ الْمَصَاحِفِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَحَّ فِي أَرَايْتَ وَبَابِهِ مِنْ رِوَايَةِ الْكِسَائِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ عَنْ قَارِئٍ يَصِحُّ عَنْ قَارِئٍ آخَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْمَفْتُوحُ بَعْدَ كَسْرٍ وَبَعْدَ ضَمٍّ فَلَا إِشْكَالَ فِي إِبْدَالِ هَمْزَتِهِ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا وَجْهًا وَاحِدًا، وَمَا حُكِيَ فِيهِ مِنْ تَسْهِيلٍ بَيْنَ بَيْنَ فَلَا يَصِحُّ. وَمِنَ الْمَضْمُومِ بَعْدَ الْفَتْحِ مَسْأَلَةُ رَؤُفٌ، وَتَؤُزُّهُمْ وَنَحْوُهُ فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ وَاوٌ مَضْمُومَةٌ لِلرَّسْمِ وَلَا يَصِحُّ، وَأَمَّا نَحْوُ يَطَؤُنَ، وَيَطَؤُهُمْ، وَيَطَؤُكُمْ فَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ الْحَذْفُ كَقِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ الْهُذَلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنَصَّ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى الْحَذْفِ فِي يُؤَدِّهِ، وَقِيَاسُهُ يَؤُسًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلرَّسْمِ فَهُوَ أَرْجَحُ عِنْدَ مَنْ يَأْخُذُ بِهِ، وَقَالَ الْهُذَلِيُّ: إِنَّهُ الصَّحِيحُ، وَحُكِيَ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ إِبْدَالُهَا وَاوًا، ذَكَرَهُ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ، وَقَالَ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَمِنَ الْمَضْمُومِ بَعْدَ الضَّمِّ مَسْأَلَةُ بِرُوسِكُمْ، وَرُوسُ الشَّيَاطِينِ فِيهِ وَجْهَانِ: بَيْنَ بَيْنَ عَلَى الْقِيَاسِ وَالثَّانِي الْحَذْفُ، وَهُوَ الْأَوْلَى عِنْدَ الْآخِذِينَ بِاتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَمِنَ الْمَضْمُومِ بَعْدَ الْكَسْرِ مَسْأَلَةُ يُنَبِّئُكَ، وَسَيِّئَةٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا بَيْنَ بَيْنَ، أَيْ: بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَالثَّانِي: إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْآخِذِينَ بِالتَّخْفِيفِ الرَّسْمِيِّ كَالدَّانِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ التَّسْهِيلُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْمُعْضِلُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحُكِيَ وَجْهٌ رَابِعٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ، وَأَمَّا إِذَا وَقَعَ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَاوٌ نَحْوُ {قُلِ اسْتَهْزِئُوا}، وَ{يُطْفِئُوا}، وَ{يَسْتَنْبِئُونَكَ} فَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ الْحَذْفُ مَعَ ضَمِّ مَا قَبْلَ الْوَاوِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، وَمَنْ أَخَذَ بِاتِّبَاعِ الرَّسْمِ وَذَكَرَ فِيهِ كَسْرَ مَا قَبْلَ الْوَاوِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْخَامِلُ فَيَصِيرُ فِيهِ سِتَّةُ أَوْجُهٍ، الصَّحِيحُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ التَّسْهِيلُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ، وَحَذْفُ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ، وَحَذْفُ الْهَمْزَةِ مَعَ ضَمِّ مَا قَبْلَهَا وَإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ يَاءً، وَأَمَّا نَحْوُ يَسْتَهْزُونَ، وَمَالِئُونَ، وَمُتَّكِئُونَ مِمَّا يَجْتَمِعُ فِيهِ سَاكِنَانِ لِلْوَقْفِ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنَ الْأَوْجُهِ الْمَذْكُورَةِ كُلٌّ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْأَوْجَهِ مِنَ الْمَدِّ وَالتَّوَسُّطِ وَالْقَصْرِ. وَمِنَ الْمَكْسُورِ بَعْدَ الْفَتْحِ مَسْأَلَةُ يَيْئَسُ، وَيَطْمَيِنُّ، وَنَحْوُهُ، فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ، حُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ إِبْدَالُهَا يَاءً، وَلَا يَجُوزُ كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي جِبْرِيلَ وَحُكِيَ فِيهِ يَاءٌ وَاحِدَةٌ مَكْسُورَةٌ اتِّبَاعًا لِلرَّسْمِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ أَجْلِ أَنَّ يَاءَ الْبِنْيَةِ لَا تُحْذَفُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ حَذْفُ الْهَمْزَةِ عَلَى الرَّسْمِ أَيْضًا لِتَغَيُّرِ الْبِنْيَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ قَبْلَ الْيَاءِ السَّاكِنَةِ، وَنَصَّ الْهُذَلِيُّ عَلَى إِبْدَالِ هَمْزَتِهِ يَاءً، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَكَذَلِكَ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ. وَمِنَ الْمَكْسُورِ بَعْدَ الْكَسْرَةِ مَسْأَلَةُ بَارِيكُمْ فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ بَيْنَ بَيْنَ، وَحَكَى إِبْدَالَهَا يَاءً عَلَى الرَّسْمِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ بَعْدَ هَمْزَتِهِ يَاءٌ نَحْوُ {الصَّابِئِينَ}، وَ{الْخَاطِئِينَ}، وَ{خَاسِئِينَ}، وَ{مُتَّكِئِينَ} فَفِيهِ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ حَذْفُ الْهَمْزَةِ، حَكَاهُ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْآخِذِينَ بِاتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ، ذَكَرَهُ الْهُذَلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَمِنَ الْمَكْسُورِ بَعْدَ الضَّمِّ مُسَأَلَةُ {سُئِلَ}، وَ{سُئِلُوا} فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَالثَّانِي: إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، نَصَّ عَلَيْهِ الْهُذَلِيُّ، وَالْقَلَانِسِيُّ، وَجَاءَ مَنْصُوصًا عَنْ خَالِدٍ الطَّبِيبِ. فَهَذِهِ جُمَلٌ مِنْ مَسَائِلِ الْهَمْزِ الْمُتَوَسِّطِ بِنَفْسِهِ وَالْمُتَطَرِّفِ أَوْضَحْنَاهَا وَشَرَحْنَاهَا إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا لِيُقَاسَ عَلَيْهَا مَا لَمْ نَذْكُرْهُ بِحَيْثُ لَمْ نَدَعْ فِي ذَلِكَ إِشْكَالًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ بِغَيْرِهِ مِنْ زَائِدٍ اتَّصَلَ بِهِ رَسْمًا وَلَفْظًا، أَوْ لَفْظًا فَقَطْ فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ غَيْرِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ، وَلَكِنْ نَزِيدُهُ بَيَانًا وَإِيضَاحًا لِيَتِمَّ مَقْصُودُنَا مِنْ إِيصَالِ دَقَائِقِ هَذَا الْعِلْمِ لِكُلِّ أَحَدٍ لِيَحْصُلَ الثَّوَابُ الْمَأْمُولُ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى.
مَسْأَلَةٌ لَوْ وُقِفَ عَلَى نَحْوِ الَارْضُ، وَالِايْمَانَ، وَالْآخِرَةَ وَالُاولَى، وَالْآنَ، وَالْآزِفَةُ، وَالِاسْلَامُ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا التَّحْقِيقُ مَعَ السَّكْتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ طَاهِرِ بْنِ غَلْبُونَ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ بَلِّيمَةَ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ حَمْزَةَ بِكَمَالِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّيْسِيرِ وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَطَرِيقُ أَبِي الطَّيِّبِ بْنِ غَلْبُونَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ مَكِّيٍّ، عَنْ خَلَفٍ، عَنْ حَمْزَةَ. وَالثَّانِي النَّقْلُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَهْدَوِيِّ، وَابْنِ شُرَيْحٍ أَيْضًا، وَالْجُمْهُورِ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ مِنْ غَيْرِ سَكْتٍ كَالْجَمَاعَةِ، وَلَا أَعْلَمُهُ نَصًّا فِي كِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ وَلَا فِي طَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ، عَنْ حَمْزَةَ وَلَا عَنْ أَصْحَابِ عَدَمِ السَّكْتِ عَلَى لَامِ التَّعْرِيفِ عَنْ حَمْزَةَ، أَوْ، عَنْ أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ حَالَةَ الْوَصْلِ مُجْمِعُونَ عَلَى النَّقْلِ وَقْفًا، لَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا مَنْصُوصًا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ يَأْخُذُ بِهِ لِخَلَّادٍ اعْتِمَادًا عَلَى بَعْضِ شُرُوحِ الشَّاطِبِيَّةِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَنَحْوُهُ يَصِحُّ فِيهِ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ، وَهِيَ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ مِنَ النَّقْلِ وَالسَّكْتِ فِي تِلْكَ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْهَمْزَةِ الْمُتَطَرِّفَةِ الْمَضْمُومَةِ، وَهِيَ الْبَدَلُ مَعَ الْمَدِّ وَالتَّوَسُّطِ وَالْقَصْرِ، وَالرَّوْمُ بِالتَّسْهِيلِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ، وَيَمْتَنِعُ وَجْهُ عَدَمِ السَّكْتِ وَعَدَمِ النَّقْلِ كَمَا قَدَّمْنَا آنِفًا؛ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ رِوَايَةً. وَمِنَ الْمُتَوَسِّطِ بِزَائِدٍ مَسْأَلَةُ هَؤُلَاءِ فَفِي الْأَوْلَى التَّحْقِيقُ وَبَيْنَ بَيْنَ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِبْدَالُ بِثَلَاثَةٍ وَالرَّوْمُ بِوَجْهَيْنِ صَارَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ، لَكِنْ يَمْتَنِعُ مِنْهُ وَجْهَانِ فِي وَجْهٍ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُمَا مَدُّ الْأُولَى وَقَصْرُ الثَّانِيَةِ وَعَكْسُهُ؛ لِتَصَادُمِ الْمَذْهَبَيْنِ، وَذُكِرَ فِي الْأَوْلَى الْإِبْدَالُ بِوَاوٍ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ، فَتُضْرَبُ فِي الْخَمْسَةِ فَتَبْلُغُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَلَا يَصِحُّ. وَمِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ مُتَوَسِّطٌ بِزَائِدٍ وَبِغَيْرِ زَائِدٍ مَسْأَلَةُ قُلْ اوُنَبِّيكُمْ فِي آلِ عِمْرَانَ فِيهَا ثَلَاثُ هَمَزَاتٍ الْأَوْلَى بَعْدَ سَاكِنٍ صَحِيحٍ مُنْفَصِلٍ، وَهُوَ اللَّامُ وَالثَّانِيَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بِزَائِدٍ وَهِيَ مَضْمُومَةٌ بَعْدَ فَتْحٍ وَالثَّالِثَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بِنَفْسِهَا وَهِيَ مَضْمُومَةٌ بَعْدَ كَسْرٍ، فَفِي الْأُولَى التَّحْقِيقُ وَالتَّسْهِيلُ، فَإِذَا حُقِّقَتْ فَيَجِيءُ فِي السَّاكِنِ قَبْلَهَا السَّكْتُ وَعَدَمُهُ، وَإِذَا سُهِّلَتْ فَالنَّقْلُ، وَفِي الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ التَّحْقِيقُ وَالتَّسْهِيلُ، وَتَسْهِيلُهَا بَيْنَ بَيْنَ فَقَطْ، وَفِي الثَّالِثَةِ التَّسْهِيلُ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ، وَعَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ بِيَاءٍ مَحْضَةٍ، فَيَجُوزُ فِيهَا حِينَئِذٍ عَشْرَةُ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ السَّكْتُ مَعَ تَحْقِيقِ الثَّانِيَةِ الْمَضْمُومَةِ مَعَ تَسْهِيلِ الثَّالِثَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهَذَا الْوَجْهُ لِحَمْزَةَ بِكَمَالِهِ فِي الْعُنْوَانِ، وَلِخَلَفٍ عَنْهُ فِي الْكَافِي، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ، وَطَرِيقُ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ، عَنْهُ.
الثَّانِي مِثْلُهُ مَعَ إِبْدَالِ الثَّالِثَةِ يَاءً مَضْمُومَةً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَافِظِ أَبُو الْعَلَاءِ الدَّانِيُّ فِي وَجْهِ السَّكْتِ، وَفِي الشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ لِخَلَفٍ.
الثَّالِثُ عَدَمُ السَّكْتِ عَلَى اللَّامِ مَعَ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَتَسْهِيلِ الثَّالِثَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ لِحَمْزَةَ، وَهُوَ لِخَلَّادٍ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ، وَتَلْخِيصِ ابْنِ بَلِّيمَةَ. الرَّابِعُ مِثْلُهُ مَعَ إِبْدَالِ الثَّالِثَةِ يَاءً، وَهُوَ فِي الشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ لِخَلَّادٍ، وَاخْتِيَارُ الدَّانِيِّ فِي وَجْهِ عَدَمِ السَّكْتِ.
الْخَامِسُ السَّكْتُ عَلَى اللَّامِ مَعَ تَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ فِي التَّجْرِيدِ لِحَمْزَةَ وَطَرِيقِ أَبِي الْفَتْحِ لِخَلَفٍ، عَنْ حَمْزَةَ، وَكَذَا فِي الشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ.
السَّادِسُ مِثْلُهُ مَعَ إِبْدَالِ الثَّالِثَةِ يَاءً وَهُوَ اخْتِيَارُ الدَّانِيِّ فِي وَجْهِ السَّكْتِ أَيْضًا، وَفِي الشَّاطِبِيَّةِ وَالتَّيْسِيرِ لِخَلَفٍ.
السَّابِعُ عَدَمُ السَّكْتِ مَعَ تَسْهِيلِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لِحَمْزَةَ وَفِي تَلْخِيصِ ابْنِ بَلِّيمَةَ وَطَرِيقِ أَبِي الْفَتْحِ لِخَلَّادٍ، وَفِيَّ الشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ.
الثَّامِنُ مِثْلُهُ مَعَ إِبْدَالِ الثَّالِثَةِ يَاءً، وَهُوَ اخْتِيَارُ الدَّانِيِّ فِي وَجْهِ عَدَمِ السَّكْتِ وَفِي الشَّاطِبِيَّةِ وَالتَّيْسِيرِ.
التَّاسِعُ النَّقْلُ مَعَ تَسْهِيلِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ.
الْعَاشِرُ مِثْلُهُ مَعَ إِبْدَالِ الثَّالِثَةِ يَاءً، وَهُوَ فِي الْكِفَايَةِ الْكُبْرَى وَغَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ، وَحَكَاهُ أَبُو الْعِزِّ، عَنْ أَهْلِ وَاسِطٍ وَبَغْدَادَ، وَلَا يَصِحُّ فِيهَا غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ. وَقَدْ أَجَازَ الْجَعْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهَا سَبْعَةٌ وَعِشْرِينَ وَجْهًا بِاعْتِبَارِ الضَّرْبِ، فَقَالُوا فِي الْأُولَى: النَّقْلُ وَالسَّكْتُ وَعَدَمُهُ هَذِهِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ التَّحْقِيقُ بَيْنَ بَيْنَ، وَالْوَاوُ اتِّبَاعًا لِلرَّسْمِ، وَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي الثَّالِثَةِ التَّسْهِيلُ كَالْوَاوِ وَإِبْدَالُهَا يَاءً وَتَسْهِيلُهَا كَالْيَاءِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ فَنَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ الْأَوْلَى فِي الثَّلَاثَةِ الثَّانِيَةِ بِنِسْبَةِ التِّسْعَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُخْرَى بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ النَّحْوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسَّمِينِ فِي شَرْحِهِ لِلشَّاطِبِيَّةِ وَنَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِهِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ ابْنِ أَمِّ قَاسِمٍ حَيْثُ نَظَمَهُ فَقَالَ: سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَجْهًا قُلْ لِحَمْزَةَ فِي *** قُلْ أَوُنَبِّيكُمْ يَا صَاحِ إِنْ وَقَفَا فَالنَّقْلُ وَالسَّكْتُ فِي الْأُولَى وَتَرْكُهُمَا *** وَأَعْطِ ثَانِيَةً حُكْمًا لَهَا أُلِفَا وَاوًا وَكَالْوَاوِ أَوْ حَقِّقْ وَثَالِثَةٌ *** كَالْوَاوِ أَوْ يَا وَكَالْيَا لَيْسَ فِيهِ خَفَا وَاضْرِبْ يَبِنْ لَكَ مَا قَدَّمْتُ مُتَّضِحًا *** وَبِالْإِشَارَةِ اسْتَغْنَى وَقَدْ عُرِفَا لَا يَصِحُّ مِنْهَا سِوَى الْعَشْرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنَّ التِّسْعَةَ الَّتِي مَعَ تَسْهِيلِ الْأَخِيرَةِ كَالْيَاءِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْمُعْضِلُ، لَا يَصِحُّ كَمَا قَدَّمْنَا، وَإِبْدَالُ الثَّانِيَةِ وَاوًا مَحْضَةً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ فِي السُّنَّةِ لَا يَجُوزُ، وَالنَّقْلُ فِي الْأُولَى مَعَ تَحْقِيقِ الثَّانِيَةِ بِالْوَجْهَيْنِ لَا يُوَافَقُ، قَالَ أَبُو شَامَةَ: نَصَّ ابْنُ مِهْرَانَ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يُخَفَّفَ الثَّلَاثَةُ الْأَوْلَى بِالنَّقْلِ، وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ بَيْنَ بَيْنَ وَالثَّانِي تُخَفَّفُ الثَّالِثَةُ فَقَطْ، وَذَلِكَ عَلَى رَأَى مَنْ لَا يَرَى تَخْفِيفَ الْمُبْتَدَأَةِ وَلَا يَعْتَدُّ بِالزَّائِدِ وَالثَّالِثُ تَخْفِيفُ الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطِ اعْتِدَادًا بِالزَّائِدِ وَإِعْرَاضًا عَنِ الْمُتْبَدَأَةِ، قَالَ: وَكَانَ يَحْتَمِلُ وَجْهًا رَابِعًا، وَهُوَ تَخْفِيفُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ لَوْلَا أَنَّ مَنْ خَفَّفَ الْأَوْلَى يَلْزَمُهُ أَنْ يُخَفِّفَ الثَّانِيَةَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مُتَوَسِّطَةٌ صُورَةً، فَهِيَ أَحْرَى بِذَلِكَ مِنَ الْمُبْتَدَأَةِ. انْتَهَى. وَهُوَ الَّذِي أَرَدْنَا بِقَوْلِنَا: وَالنَّقْلُ فِي الْأُولَى مَعَ تَحْقِيقِ الثَّانِيَةِ لَا يُوَافَقُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ: {قُلْ أَأَنْتُمْ} يَجِيءُ فِيهَا خَمْسَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا السَّكْتُ عَلَى اللَّامِ مَعَ تَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِي كَذَلِكَ مَعَ تَحْقِيقِهَا وَالثَّالِثُ عَدَمُ السَّكْتِ مَعَ تَسْهِيلِ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ التَّحْقِيقِ لِمَا قَدَّمَنَا، وَذَكَرَ فِيهَا ثَلَاثَةً أُخْرَى وَهِيَ السَّكْتُ وَعَدَمُهُ، وَالنَّقْلُ مَعَ إِبْدَالِ الثَّانِيَةِ أَلِفًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَحَكَى هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مَعَ حَذْفِ إِحْدَى الْهَمْزَتَيْنِ عَلَى صُورَةِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ وَلَا يَصِحُّ سِوَى مَا ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا. وَمِنَ الْمُتَوَسِّطِ بِغَيْرِهِ بَعْدَ سَاكِنٍ أَيْضًا مَسْأَلَةُ: {قَالُوا آمَنَّا} وَذُكِرَ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا التَّحْقِيقُ مَعَ عَدَمِ السَّكْتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَالثَّانِي مَعَ السَّكْتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي الشَّذَائِيِّ. وَذَكَرَهُ الْهُذَلِيُّ أَيْضًا، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْفَضْلِ صَاحِبِ التَّجْرِيدِ عَلَى شَيْخِهِ عَبْدِ الْبَاقِي فِي رِوَايَةِ خَلَّادٍ. وَالثَّالِثُ النَّقْلُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْعِرَاقِيِّينَ. وَالرَّابِعُ الْإِدْغَامُ، وَهُوَ جَائِزٌ مِنْ طُرُقِ أَكْثَرِهِمْ كَمَا قَدَّمْنَا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ. وَالْخَامِسُ التَّسْهِيلُ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَتَجِيءُ هَذِهِ الْخَمْسَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَعَ الْخَمْسَةِ فِي الْهَمْزَةِ الْأَخِيرَةِ الْمَضْمُومَةِ فَتَبْلُغُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَجْهًا، إِلَّا أَنَّ الْإِدْغَامَ فِيهَا يُخْتَارُ عَلَى النَّقْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ لَا يَرَوْنَ التَّسْهِيلَ بِالرَّوْمِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ {بَنِي إِسْرَائِيلَ} وَفِيهَا بِحُكْمِ مَا ذَكَرْنَا عَشْرَةُ أَوْجُهٍ وَهِيَ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ أَوَّلًا مَعَ تَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ مَدًّا وَقَصْرًا، وَقِيلَ: فِيهَا وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَهُوَ شَاذٌّ، فَإِنْ ضُرِبَ فِي الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ صَارَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَشَذُّ مِنْهُ حَذْفُ الْهَمْزَةِ وَاللَّفْظِ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ الْأَلِفِ، مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَيَصِيرُ عِشْرِينَ وَلَا يَصِحُّ. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ: {بِمَا أَنْزَلَ} وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ التَّحْقِيقُ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَالثَّانِي بَيْنَ بَيْنَ طَرِيقُ أَكْثَرِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَيَجُوزُ مَعَهُ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ. وَالثَّالِثُ السَّكْتُ مَعَ التَّحْقِيقِ لِمَنْ تَقَدَّمَ آنِفًا، وَتَجِيءُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي نَحْوِ: فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَعَ تَسْهِيلٍ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، فَتُصْبِحُ سِتَّةً لِإِخْرَاجِ الْمَدِّ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ مَعَ الْقَصْرِ، وَتَجِيءُ أَيْضًا فِي كُلَّمَا أَضَاءَ مَعَ ثَلَاثَةِ الْإِبْدَالِ، فَتَبْلُغُ اثْنَا عَشَرَ وَتَجِيءُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا مَعَ الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا ابْنَا فَتَبْلُغُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَجْهًا، بَلْ عِشْرِينَ، لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْهَا وَجْهَا التَّصَادُمِ، فَتُصْبِحُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ: {فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاوُا وَفِيهِ بِاعْتِبَارِ مَا تَقَدَّمَ فِي شُرَكَاوُ، وَفِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَوُا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَجْهًا وَهِيَ مَعَ السَّكْتِ عَلَى الْمِيمِ اثْنَا عَشَرَ وَجْهًا، الْمَدُّ وَالتَّوَسُّطُ وَالْقَصْرُ مَعَ الْإِبْدَالِ أَلِفًا، وَالْمَدُّ وَالْقَصْرُ مَعَ الرَّوْمِ، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ مَعَ التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ وَالسَّبْعَةِ الْبَاقِيَةِ مَعَ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَهِيَ الْمَدُّ وَالتَّوَسُّطُ وَالْقَصْرُ مَعَ إِسْكَانِ الْوَاوِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَعَ الْإِشْمَامِ وَالْقَصْرِ مَعَ الرَّوْمِ. وَلَوْ قُرِئَ بِالنَّقْلِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَهُ لَجَاءَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُخْرَى، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْ فَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا، أَيْ: حَالَةَ النَّقْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ. وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ {يَشَاءُ إِلَى} وَنَحْوُهُ، وَفِيهِ الثَّلَاثَةُ الْجَائِزَةُ لِبَاقِي الْقِرَاءَةِ وَصْلًا وَهِيَ: التَّحْقِيقُ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَبَيْنَ بَيْنَ عَلَى مَذْهَبِ أَكْثَرِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْيَاءُ الْمَحْضَةُ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِهِمْ، وَتَجْرِي هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي عَكْسِهِ فِي نَحْوِ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا وَتَجِيءُ نَحْوُ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ سِتَّةَ أَوْجُهٍ، وَهِيَ الثَّلَاثَةُ، وَهِيَ تَسْهِيلُ الْهَمْزَةِ نَحْوُ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ سِتَّةَ أَوْجُهٍ وَهِيَ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ، وَهِيَ تَسْهِيلُ الْهَمْزَةِ الْمَكْسُورَةِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ، فَقِسْ عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا وَقَعَ فِي نَظِيرِهَا، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
|