الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.واقعة الظاهر ملك اليمن بمكة واعتقاله ثم اطلاقه. كان ملك اليمن وهو المجاهد علي بن داود المؤيد قد جاء إلى مكة حاجا سنة إحدى وخمسين وهي السنة التي حج فيها طاز وشاع في الناس عنه أنه يروم كسوة الكعبة فتنكر وفد المصريين لوفد اليمنيين ووقعت في بعض الأيام هيعة في ركب الحاج فتحاربوا وانهزم المجاهد وكان بيقاروس مقيدا فأطلقه وأركبه ليستعين به فجلا في تلك الهيعة وأعيد إلى اعتقاله ونهب حاج اليمن وقيد المجاهد إلى مصر فاعتقل بها حتى أطلق في دولة الصالح سنة اثنتين وخمسين وتوجه معه قشتمر المنصوري ليعيده إلى بلاده فلما انتهى إلى الينبع أشيع عنه أنه هم بالهرب فقبض عليه قشتمر المنصوري وحبسه بالكرك ثم أطلق بعد ذلك وأعيد إلى ملكه والله أعلم..خلع حسن الناصر وولاية أخيه الصالح. لما قبض السلطان حسن على بيقاروس وحبسه وتنكر لأهل دولته ورفع عليهم مغلطاي واختصه واستوحشوا لذلك وتفاوضوا وداخل طاز وهو كبيرهم جماعة من الأمراء في الثورة وأجابه إلى ذلك بيقو الشمسي في آخرين واجتمعوا لخلعة وركبوا في جمادي سنة اثنتين وخمسين فلم يمانعهم أحد وملكوا أمرهم ودخلوا القلعة وقبض طاز على حسن الناصر واعتقله وأخرج أخاه حسينا من اعتقاله فبايعه ولقبه الصالح وقام بحمل الدولة وأخرج بيقو الشمسي إلى دمشق وبيقر إلى حلب أسيرين وانفرد بالأمر ثم نافسه أهل الدولة واجتمعوا على الثورة وتولى كبر ذلك مغلطاي ومنكلي وبيبقا القمري وركبوا فيمن اجتمع إليهم إلى قبة النصر للحرب فركب طاز وسلطانه الصالح في جموعه وحمل عليهم ففض جمعهم وأثخن فيهم وقبض على مغلطاي ومنكلي فحبسهما بالإسكندرية وأفرج عن منجك وعن شيخو وجعله أتابكه على العساكر وأشركه في سلطانه وولى سيف الدين ملاي نيابته واختص سرغتمش ورقاه في الدولة وقبض على الشمسي المحمدي نائب دمشق ونقل إليها لمكانه أرغون الكاملي من حلب وأفرج عن بيقاروس بالكرك وبعثه مكانه إلى حلب ثم تغير منجك واختفى بالقاهرة والله تعالى أعلم..انتقاض بيقاروس واستيلاؤه على الشام ومسير السلطان إليه ومقتله. قد تقدم لنا ذكر بيقاروس وقيامه بدولة حسن الأولى ونكبته في طريقه إلى الحج بالكرك ولما أطلقه طاز وولاه على حلب أدركته المنافسة والغيرة من طاز واستبداده بالدولة فحدثته نفسه بالخلاف وداخل نواب الشام ووافقه في ذلك بلكمش نائب طرابلس وأحمد شادي الشرنخاناه نائب صفد وخالفه أرغون الكاملي نائب دمشق وتمسك بالطاعة وتعاقد هؤلاء على الخلاف مع شيخو وسرغتمش في رجب سنة ثلاث وخمسين ثم دعا بيقاروس العرب والتركمان إلى الموافقة فأجابه جبار بن مهنا من العرب وقراجا بن العادل من التركمان في جموعهما وبرز من حلب بقصد دمشق فأجفل عنها أرغون النائب إلى غزة واستخلف عليها الجبقا العادلي ووصل بيقاروس فملكها وامتنعت القلعة فحاصرها وكثر العيث من عساكره في القرى وسار السلطان الصالح وأمراء الدولة من مصر في العساكر في شعبان من السنة وأخرج معه الخليفة المعتضد أبا الفتح أبا بكر بن المستكفي وعثر بين يدي خروجه على منجك ببعض البيوت لسنة من اختفائه فبعث به سرغتمش إلى الإسكندرية وبلغ بيقاروس خروج السلطان من مصر فأجفل عن دمشق وثار العوام بالتركمان فأثخنوا فيهم ووصل السلطان إلى دمشق ونزل بالقلعة وجهز العساكر في إتباع بيقاروس فجاؤا بجماعة من الأمراء الذين كانوا معه فقتل السلطان بعضهم ثالث الفطر وحبس الباقين وولى على دمشق المير عليا المارداني ونقل منها أرغون الكاملي إلى حلب وسرح العساكر في طلب بيقاروس مع مغلطاي الدوادار وعاد إلى مصر فدخلها في ذي القعدة من السنة وسار مغلطاي في طلب بيقاروس وأصحابه فأوقع بهم وتقبض على بيقاروس وأحمد وقطلمش وقتلهم وبعث برؤسهم إلى مصر أوائل سنة أربع وخمسين وأوعز السلطان إلى أرغون الكاملي نائب حلب بأن يخرج في العساكر لطلب قراجا بن العادل مقدم التركمان فسار إلى بلده البلسين فوجدها مقفرة وقد أجفل عنها فهدمها أرغون وأتبعه إلى بلاد الروم فلما أحس بهم أجفل ولحق بابن أرشا قائد المغل في سيواس ونهب العساكر أحياءه واستاقوا مواشيه ثم قبض عليه ابن ارشا قائد المغل وبعث به إلى مصر فقتل بها وسكنت الفتنة وأطلق المعتقلون بالإسكندرية وتأخر منهم مغلطاي ومنجك أياما ثم أطلقا وغربا إلى الشام والله تعالى أعلم.
|