الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **
إحداها: الثمن المعين إذا خرج معيباً يرد بالعيب كالمبيع وإن لم يكن معيباً استبدل ولا يفسخ العقد سواء خرج معيباً بخشونة أو سواد أو وجدت سكته مخالفة سكة النقد الذي تناوله العقد أو خرج نحاساً أو رصاصاً الثانية تصارفا وتقابضا ثم وجد أحدهما بما قبض خللاً فله حالان أحدهما أن يرد العقد على معينين فإن خرج أحدهما نحاساً بطل العقد لأنه بان أنه غير ما عقد عليه وقيل إنه صحيح تغليباً للإشارة هذا إن كان له قيمة فإن لم يكن لم يجيء هذا الوجه الضعيف وإن خرج بعضه بهذه الصفة لم يصح العقد فيه وفي الباقي قولا تفريق الصفة فإن لم يبطل فله الخيار فإن أجاز والجنس مختلف بأن تبايعا ذهباً بفضة جاء القولان في أن الإجازة بجميع الثمن أم بالقسط وإن كان الجنس متفقاً فالإجازة الحصة قطعاً لامتناع التفاضل وإن خرج أحدهم خشباً فلمن أخذه الخيار ولا يجوز الاستبدال وإن خرج بعضه كذلك فله الخيار أيضاً وهل له الفسخ في المعيب والإجازة في الباقي فيه قولا التفريق فإن جوزنا فالإجازة بالحصة. الحال الثاني: أن يرد عى ما في الذمة ثم يحضراه ويتقابضا فإن خرج أحدهما نحاساً وهما في المجلس استبدل وإن تفرقا فالعقد باطل لأن المقبوض غير ما عقد عليه وإن خرج خشناً أو أسود فإن لم يتفرقا فله الخيار بين الرضى به والاستبدال وأن تفرقا فهل له الاستبدال قولان أظهرهما نعم كالمسلم فيه إذا خرج معيباً لأن القبض الأول صحيح إذ لو رضي به لجاز والبدل قائم مقامه ويجب أخذ البدل قبل التفرق عن مجلس الرد وإن خرج البعض كذلك وقد تفرقا فإن جوزنا الاستبدال استبدل وإلا فله الخيار بين فسخ العقد في الكل والإجازة وهل له الفسخ في ذلك القدر والإجازة في الباقي فيه قولا التفريق ورأس مال السلم حكمه حكم عوض الصرف ولو وجد أحد المتصارفين بما أخذه عيبا بعد تلفه أو تبايعا طعاماً بطعام ثم وجد أحدهما بالمأخوذ عيبا بعد تلفه نظر وإن ورد العقد في معينين واختلف الجنسان فهو كبيع العرض بالنقد. وإن كان متفقاً ففيه الخلاف السابق في مسألة الحلي وإن ورد على ما في الذمة ولم يتفرقا بعد غرم ما تلف عنده ويستبدل وكذا إن تفرقا وجوزنا الاستبدال. ولو وجد المسلم إليه برأس مال السلم عيبا بعد تلفه عنده فإن كان معينا أو في الذمة وعين وتفرقا ولم نجوز الاستبدال سقط من المسلم فيه بقدر نقصان العيب من قيمة رأس المال وإن كان في الذمة وهما في المجلس غرم التالف واستبدل وكذا إن كان بعد التفرق وجوزنا الاستبدال. المسألة الثالثة: باع عبداً بألف وأخذ بالألف ثوبا ثم وجد المشتري بالعبد عيباً ورده قال القاضي أبو الطيب يرجع بالثوب لأنه إنما تملكه بالثمن وإذا فسخ البيع سقط الثمن فانفسخ بيع الثوب وقال الجمهور يرجع بالألف لأن الثوب مملوك بعقد آخر. ولو مات العبد قبل القبض وانفسخ البيع قال ابن سريج يرجع بالألف دون الثوب لأن الانفساخ بالتلف يقطع العقد ولا يرفعه من أصله وهو الأصح وفيه وجه آخر. الرابعة باع عصيراً فوجد المشتري به عيباً بعدما صار خمراً فلا سبيل إلى رد الخمر فيأخذ الأرش فإن تخلل فللبائع أن يسترده ولا يدفع الأرش. ولو اشترى ذمي من ذمي خمراً ثم أسلما وعلم المشتري بالخمر عيباً استرد جزءاً من الثمن على سبيل الأرش ولا رد ولو أسلم البائع وحده فلا رد أيضاً ولو أسلم المشتري وحده فله الرد قاله ابن سريج وعلل بأن المسلم لا يتملك الخمر بل نزيل يده عنها. الخامسة: مؤنة رد المبيع بعد الفسخ بالعيب على المشتري ولو هلك في يده ضمنه السادسة اختلفا في الثمن بعد رد المبيع فالصحيح أن القول قول البائع لأنه غارم كما لو اختلفا في الثمن بعد الإقالة وقيل يتحالفان وتبقى السلعة في يد المشتري وله الأرش على البائع قاله ابن أبي هريرة فقيل له إذا لم يعرف الثمن كيف يعرف الأرش فقال أحكم بالأرش من القدر المتفق عليه السابعة: لو احتيج إلى الرجوع بالأرش فاختلفا في الثمن فالقول قول البائع على الأظهر وعلى الثاني قول المشتري. الثامنة: أوصى إلى رجل ببيع عبده أو ثوبه وشراء جارية بثمنه وإعتاقها ففعل الوصي ذلك ثم وجد المشتري بالبيع عيباً فله رده على الوصي ومطالبته بالثمن كما يرد على الوكيل ثم الوصي يبيع العبد المردود ويدفع الثمن إلى المشتري ولو فرض الرد بالعيب على الوكيل فهل للوكيل بيعه ثانياً وجهان أحدهما نعم كالوصي وأصحهما لا لأن هذا ملك جديد فاحتاج إلى إذن جديد بخلاف الإيصاء فإنه تولية وتفويض كلي ولو وكله في البيع بشرط الخيار للمشتري فامتثل ورد المشتري فإن قلنا ملك البائع لم يزل فله بيعه ثانياً وإن قلنا زال وعاد فهو كالرد بالعيب ثم إذا باعه الوصي ثانياً نظر إن باعه بمثل الثمن الأول فذاك وإن باعه بأقل فهل النقص على الوصي أو في ذمة الموصي وجهان أصحهما الأول وبه قال ابن الحداد لأنه إنما أمره بشراء الجارية بثمن العبد لا بالزيادة وعلى هذا لو مات العبد في يده بنفس الرد غرم جميع الثمن. ولو باعه بأكثر من الثمن الأول فإن كان ذلك لزيادة قيمة أو رغبة راغب دفع قدر الثمن إلى المشتري والباقي للوارث وإن لم يكن كذلك فقد بان أن البيع الأول باطل للغبن ويقع عتق الجارية عن الوصي إن اشتراها في الذمة وإن اشتراها بعين ثمن العبد لم ينفذ الشراء ولا الإعتاق وعليه شراء جارية أخرى بهذا الثمن وإعتاقها عن الموصي هكذا أطلقه الأصحاب ولا بد فيه من تقييد وتأويل لأن بيعه بالغبن وتسليمه عن علم بالحال خيانة. والأمين ينعزل بالخيانة فلا يتمكن من شراء جارية أخرى قلت ليس في كلام الأصحاب أنه باع بالغبن عالماً فالصورة مفروضة فيمن لم يعلم الغبن ولا يحتاج إلى تكلف تصويرها في العالم وأن القاضي جدد له ولاية. وهذه مسائل ألحقتها: لو اشترى سلعة بألف في الذمة فقضاه عنه أجنبي متبرعا فردت السلعة بعيب لزم البائع رد الألف وعلى من يرد وجهان أحدهما على الأجنبي لأنه الدافع والثاني على المشتري لأنه يقدر دخوله في ملكه فإذا رد المبيع رد إليه ما قابله وبهذا الوجه قطع صاحب المعاياة ذكره في باب الرهن. قال: ولو خرجت السلعة مستحقة رد الألف على الأجنبي قطعاً لأنا تبينا أن لا ثمن ولا بيع. قال أصحابنا: إذا انعقد البيع لم يتطرق إليه الفسخ إلا بأحد سبعة أسباب خيار المجلس قال القفال والصيدلاني وآخرون: لو اشترى ثوباً وقبضه وسلم ثمنه ثم وجد بالثوب عيباً قديماً فرده فوجد الثمن معيباً ناقص الصفة بأمر حدث عند البائع يأخذه ناقصاً ولا شيء له بسبب النقص وفيه احتمال لإمام الحرمين ذكره في باب تعجيل الزكاة والله أعلم.
وصفة القبض للقبض حكمان. أحدهما: انتقال الضمان إلى المشتري فالمبيع قبل القبض من ضمان البائع ومعناه أنه لو تلف انفسخ العقد وسقط الثمن. فلو أبرأ المشتري البائع من ضمان المبيع قبل القبض فهل يبرأ حتى لو تلف لا ينفسخ العقد ولا يسقط الثمن قولان أظهرهما لا يبرأ ولا يتغير حكم العقد ثم إذا انفسخ البيع كان المبيع هالكاً على ملك البائع حتى لو كان عبداً كانت مؤنة تجهيزه على البائع وهل نقول بانتقال الملك إليه قبيل الهلاك أم يرتفع العقد من أصله وجهان خرجهما ابن سريج أصحهما وهو اختياره واختيار ابن الحداد لا يرتفع من أصله كالرد بالعيب وفي الزوائد الحادثة بيد البائع من الولد والثمرة واللبن والبيض والكسب وغيرها هذان الوجهان وذكرنا نظيرهما في الرد بالعيب قبل القبض وطردهما جماعة في الإقالة إذا جعلناها فسخا وخرجوا عليهما الزوائد والأصح في الجميع أنها للمشتري وتكون أمانة في يد البائع ولو هلكت والأصل باق بحاله فلا خيار للمشتري وفي معنى الزوائد الركاز الذي يجده العبد وما وهب له فقبضه وقبله وما أوصي له به فقبله هذا حكم التلف بآفة سماوية أما إذا أتلف المبيع قبل القبض فله ثلاثة أقسام. الأول: أن يتلفه المشتري فهو قبض منه على الصحيح لأنه أتلف ملكه فصار كما لو أتلف المالك المغصوب في يد الغاصب يبرأ الغاصب ويصير المالك مسترداً بالإتلاف وفي وجه إتلافه ليس بقبض لكن عليه القيمة للبائع ويسترد الثمن ويكون التلف من ضمان البائع هذا عند العلم أما إذا كان جاهلاً بأن قدم البائع الطعام المبيع إلى المشتري فأكله فهل يجعل قبضاً وجهان بناء على القولين فيما إذا قدم الغاصب الطعام المغصوب إلى المالك فأكله جاهلاً هل يبرأ الغاصب فإن لم نجعله قابضا فهو كإتلاف البائع. القسم الثاني: أن يتلفه أجنبي فطريقان أصحهما على قولين أحدهما أنه كالتلف بآفة سماوية لتعذر التسليم وأظهرهما أنه لا ينفسخ بل للمشتري الخيار إن شاء فسخ واسترد الثمن ويغرم الأجنبي للبائع وإن شاء أجاز وغرم الأجنبي. والطريق الثاني: القطع بالقول الثاني قاله ابن سريج وإذا قلنا به فهل للبائع حبس القيمة لأخذ الثمن وجهان أحدهما نعم كما يحبس المرتهن قيمة المرهون وأصحهما لا كالمشتري إذا أتلف المبيع لا يغرم القيمة ليحبسها البائع وعلى الأول لو تلفت القيمة في يده بآفة سماوية هل ينفسخ البيع لأنها بدل المبيع وجهان أصحهما لا. القسم الثالث: أن يتلفه البائع فطريقان أصحهما على قولين أظهرهما ينفسخ البيع كالآفة والثاني لا بل إن شاء فسخ وسقط الثمن وإن شاء أجاز وغرم البائع القيمة وأدى له الثمن وقد يقع ذلك في أقوال التقاص والطريق الثاني القطع بالقول الأول فإن لم نقل بالانفساخ عاد الخلاف في حبس القيمة وقيل: لا حبس هناً قطعا لتعديه بإتلاف العين. فرع باع شقصأ من عبد وأعتق باقيه قبل القبض وهو موسر عتق البيع وسقط الثمن إن جعلنا إتلاف البائع كالآفة السماوية وإلا فللمشتري الخيار. فرع استعمال البائع المبيع قبل القبض لو استعمل البائع المبيع قبل القبض فلا أجرة عليه إن إتلافه كالآفة وإلا فعليه الأجرة فرع إتلاف الأعجمي والصبي الذي لا يميز بأمر البائع أو المشتري وإتلاف المميز بأمرهما كإتلاف الأجنبي وذكر القاضي حسين أن إذن المشتري للأجنبي في الإتلاف يلغو وإذا أتلف فله الخيار وأنه لو أذن البائع في الأكل والإحراق ففعل كان التلف من ضمان البائع بخلاف ما لو أذن للغاصب ففعل فإنه يبرأ لأن الملك هناك مستقر وفي فتاوى القفال أن إتلاف عبد البائع كإتلاف الأجنبي وكذا إتلاف عبد المشتري بغير إذنه فإن أجاز جعل قابضا كما لو أتلفه بنفسه وإن فسخ اتبع البائع الجاني وأنه لو كان المبيع علفا فاعتلفه حمار المشتري بالنهار ينفسخ البيع وإن اعتلفه بالليل لم ينفسخ وللمشتري الخيار فإن أجاز فهو قابض وإلا طالبه البائع بقيمة ما أتلف حماره وأطلق القول بأن إتلاف بهيمة البائع كالآفة السماوية فقيل له فهلا فرقت فيها أيضاً بين الليل والنهار فقال هذا موضع فكر. فرع لو صال العبد المبيع على المشتري في يد البائع فقتله دفعا القاضي يستقر عليه الثمن لأنه أتلفه لغرضه وقال الشيخ أبو علي لا يستقر. قلت: قول أبي علي أصح ولهذا لا يضمنه الأجنبي ولا المحرم لو كان صيدا وكذا لو صال المغصوب على مالكه فقتله دفعا لم يبرأ الغاصب سواء علم أنه ملكه أم لا وفي العالم وجه شاذ وسيأتي أيضاحه في أول كتاب الغصب إن شاء الله تعالى والله أعلم. فرع أخذ المشتري المبيع بغير إذن البائع لو أخذ المشتري المبيع بغير إذن البائع فللبائع الاسترداد إذا ثبت له أحدهما عليه القيمة ولا خيار للمشتري لاستقرار العقد بالقبض وإن كان ظالما فيه والثاني يجعل مسترداً بالإتلاف كما أن المشتري قابض بالإتلاف وعلى هذا فيفسخ البيع أو يثبت الخيار للمشتري قال الإمام الظاهر الثاني. فرع وقوع الدرة في البحر قبل القبض كالتلف فينفسخ به البيع وكذا انفلات الصيد المتوحش والطير قاله في التتمة ولو غرق الماء الأرض المشتراة أو وقع عليها صخور عظيمة من جبل أو ركبها رمل فهل هو كالتلف أو يثبت الخيار وجهان أصحهما: الثاني. فرع لو أبق العبد قبل القبض أو ضاع في انتهاب العسكر لبقاء المالية ورجاء العود وفي وجه ضعيف ولو غصبه غاصب فليس له إلا الخيار فإن أجاز لم يلزمه تسليم الثمن وإن سلمه. قال القفال: ليس له الاسترداد لتمكنه من الفسخ وإن أجاز ثم أراد الفسخ فله ذلك كما لو انقطع المسلم فيه فأجاز ثم أراد الفسخ لأنه يتضرر كل ساعة وحكي عن القفال مثله فيما إذا أتلف الأجنبي المبيع قبل القبض وأجاز المشتري ليتبع الأجنبي ثم أراد الفسخ. قال القاضي: في هذه الصورة ينبغي أن لا يمكن من الرجوع لأنه رضي بما في ذمة الأجنبي فأشبه الحوالة. فرع لو جحد البائع العين قبل القبض فللمشتري الفسخ للتعذر. فرع منقول من فتاوى القاضي باع عبده رجلاً ثم باعه لآخر وسلمه وعجز عن انتزاعه منه وتسليمه إلى الأول فهذا جناية منه على المبيع فهو كالجناية الحسية فينفسخ البيع على الأظهر ويثبت للمشتري الخيار في القول الثاني بين أن يفسخ وبين أن يجيز ويأخذ القيمة من البائع ولو طالب البائع بالتسليم وزعم قدرته عليه وقال البائع أنا عاجز عنه حلف فإن نكل حلف المشتري أنه قادر وحبس إلى أن يسلمه أو يقيم البينة بعجزه فإن ادعى المشتري الأول على الثاني العلم بالحال فأنكر حله فإن نكل حلف هو وأخذ منه.
نظر إن بأن عمي العبد أو شلت يده أو سقطت فللمشتري الخيار إن شاء فسخ وإلا أجاز بجميع الثمن ولا أرش له مع القدرة على الفسخ وإن كان بجناية عادت الأقسام الثلاثة. أولها: أن يكون الجاني هو المشتري فإذا قطع يد العبد مثلا قبل القبض فلا خيار له لأن النقص بفعله بل يمتنع بسببه الرد بجميع العيوب القديمة ويجعل قابضا لبعض المبيع حتى يستقر عليه ضمانه فإن مات العبد في يد البائع بعد الاندمال لم يضمن المشتري اليد بأرشها المقدر ولا بما نقص من القيمة وإنما يضمنها بجزء من الثمن كما يضمن الجميع بكل الثمن. وفي معياره وجهان أصحهما وبه قال ابن سريج وابن الحداد يقوم العبد صحيحاً ثم مقطوعاً ويعرف التفاوت فيستقر عليه من الثمن بمثل تلك النسبة. بيانه: قوم صحيحاً بثلاثين ومقطوعاً بخمسة عشر فعليه نصف الثمن ولو قوم مقطوعاً بعشرين كان عليه ثلث الثمن والوجه الثاني قاله القاضي أبو الطيب يستقر من الثمن بنسبة أرش اليد من القيمة وهو النصف وعلى هذا لو قطع يديه واندملتا ثم مات العبد في يد البائع لزم المشتري تمام الثمن. هذا كله تفريع على الصحيح أن إتلاف المشتري قبض فأما على الوجه الضعيف أنه ليس بقبض فلا يجعل قابضاً لشيء من العبد وعليه ضمان اليد بأرشها المقدر وهو نصف القيمة كالأجنبي وقياسه أن يكون له الخيار. القسم الثاني: أن يكون الجاني أجنبياً فيقطع يده قبل القبض فللمشتري الخيار إن شاء فسخ وتبع البائع الجاني وإن شاء أجاز البيع بجميع الثمن وغرم الجاني قال الماوردي وإنما يغرمه إذا قبض العبد أما قبله فلا لجواز موت العبد في يد البائع وانفساخ البيع ثم الغرامة الواجبة على الأجنبي هل هي نصف القيمة أو ما نقص من القيمة بالقطع قولان جاريان في جراح العبيد مطلقاً والمشهور الأول. القسم الثالث: أن يجني البائع فيقطع يد العبد قبل تسليمه فإن قلنا بالأظهر إن جنايته كالآفة السماوية فللمشتري الخيار إن شاء فسخ واسترد الثمن وإن شاء أجاز بجميع الثمن وإن قلنا كجناية الأجنبي فله الخيار أيضاً إن فسخ فذاك وإن أجاز رجع بالأرش على البائع وفي قدره
فيه وفي الباقي قولا التفريق فإن قلنا لا ينفسخ وأجاز فبكم يجيز فيه خلاف قدمناه في باب تفريق الصفقة. ولو احترق سقف الدار المبيعة قبل القبض أو تلف بعض أبنيتها فوجهان أحدهما أنه كالتعيب كسقوط يد المبيع ونحوه وأصحهما أنه كتلف أحد العبدين فينفسخ البيع فيه وفي الباقي القولان لأن السقف يمكن بيعه منفصلاً بخلاف يد العبد وذكر بعض المتأخرين أنه إذا احترق من الدار ما يفوت الغرض المطلوب منها ولم يبق إلا طرف انفسخ البيع في الكل وجعل فوات البعض في ذلك كفوات الكل. الحكم الثاني للقبض: التسلط على التصرف فلا يجوز بيع المبيع قبل القبض عقاراً كان أو منقولاً لا بإذن البائع ولا دون إذنه لا قبل أداء الثمن ولا بعده. وفي الإعتاق قبل القبض أوجه أصحها يصح ويصير قبضا سواء كان للبائع حق الحبس أم لا والثاني لا يصح والثالث إن لم يكن للبائع حق الحبس بأن كان الثمن مؤجلاً أو حالاً وقد أداه المشتري صح وإلا فلا. وإن وقف المبيع قبل القبض قال في التتمة إن قلنا الوقف يفتقر إلى القبول فهو كالبيع وإلا فهو كالإعتاق وبه قطع في الحاوي وقال يصير قابضا حتى لو لم يرفع البائع يده عنه صار مضموناً عليه بالقيمة وكذا قال في إباحة الطعام للمساكين إذا كان قد اشتراه جزافاً. والكتابة كالبيع على الأصح إذ ليس لها قوة العتق وغلبته والاستيلاد كالعتق. وفي الرهن والهبة وجهان وقيل قولان أصحهما عند جمهور الأصحاب لا يصحان وإذا صححناهما فنفس العقد ليس بقبض بل يقبضه المشتري من البائع ثم يسلمه للمتهب والمرتهن. فلو أذن للمتهب والمرتهن في قبضه قال في التهذيب يكفي ويتم به البيع والرهن والهبة بعده وقال الماوردي لا يكفي ذلك للبيع وما بعده ولكن ينظر إن قصد قبضه للمشتري صح قبض البيع ولا بد من استئناف قبض للهبة ولا يجوز أن يأذن له في قبضه من نفسه لنفسه وإن قصد قبضه لنفسه لم يحصل القبض للبيع ولا للهبة لأن قبضها يجب أن يتأخر عن تمام البيع والإقراض والتصدق كالهبة والرهن ففيهما الخلاف ولا تصح إجارته على الأصح عند الجمهور. ويصح التزويج على أصح الأوجه ولا يصح في الثاني. وفي الثالث: إن كان للبائع حق الحبس لم يصح وإلا صح وطرد هذا الوجه في الإجارة وإذا صححنا التزويج فوطىء الزوج لم يكن قبضاً. كما لا يجوز بيع المبيع قبل القبض لا يجوز جعله أجرة في صلح ولا يجوز السلم ولا التولية والإشراك وفي التولية والإشراك وجه ضعيف. فرع جميع ما ذكرنا في تصرفه مع غير البائع أما إذا باعه للبائع فوجهان أصحهما أنه كغيره والثاني يصح وهما فيما إذا باعه بغير جنس الثمن أو بزيادة أو نقص أو تفاوت صفة وإلا فهو إقالة بصيغة البيع قاله في التتمة ولو رهنه أو وهبه له فطريقان أحدهما القطع بالبطلان وأصحهما أنه على الخلاف كغيره فإن جوزنا فأذن له في القبض فقبض ملك في صورة الهبة وثبت الرهن. ولا يزول ضمان البيع في صورة الرهن بل إن تلف انفسخ البيع ولو رهنه عند البائع بالثمن فقد سبق حكمه. فرع لابن سريج باع عبداً بثوب وقبض الثوب ولم يسلم العبد فله الثوب وليس للآخر بيع العبد فلو باع الثوب وهلك العبد بطل العقد فيه ولا يبطل في الثوب ويغرم قيمته لبائعه ولا فرق بين أن يكون هلاك العبد بعد تسليم الثوب أو قبله لخروجه عن ملكه بالبيع ولو تلف الثوب والعبد في يده غرم لبائع
أما الثاني فسيأتي في الفصل الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى. وأما الأول: فضربان أمانة ومضمون. الضرب الأول: الأمانات فيجوز للمالك بيعها لتمام الملك وهي كالوديعة في يد المودع ومال الشركة والقراض في يد الشريك والعامل والمال في يد الوكيل في البيع ونحوه وفي يد المرتهن بعد فكاك الرهن وفي يد المستأجر بعد فراغ المدة والمال في يد القيم بعد بلوغ الصبي رشيداً وما كسبه العبد باحتطاب وغيره أو قبله بالوصية قبل أن يأخذه السيد ولو ورث مالاً فله بيعه قبل أخذه إلا إذا كان المورث لا يملك بيعه أيضاً مثل ما اشتراه ولم يقبضه ولو اشترى من مورثه شيئاً ومات المورث قبل التسليم فله بيعه سواء كان على المورث دين أم لا وحق الغريم يتعلق بالثمن فإن كان له وارث آخر لم ينفذ بيعه في قدرنصيب الآخر حتى يقبضه. ولو أوصى له بمال فقبل الوصية بعد موت الموصي فله بيعه قبل قبضه وإن باعه بعد الموت وقبل القبول جاز إن قلنا تملك الوصية بالموت وإن قلنا بالقبول أو هو موقوف فلا. الضرب الثاني: المضمونات وهي نوعان. الأول: المضمون بالقيمة ويسمى ضمان اليد فيصح بيعه قبل القبض لتمام الملك فيه ويدخل فيه ما صار مضمونا بالقيمة بعقد مفسوخ وغيره حتى لو باع عبدا فوجد المشتري به عيبا وفسخ البيع كان للبائع بيع العبد وإن لم يسترده. قال في التتمة: إلا إذا لم يؤد الثمن فإن للمشتري حبسه إلى استرجاع الثمن ولو فسخ السلم لانقطاع المسلم فيه فللمسلم بيع رأس المال قبل استرداده وكذا للبائع بيع المبيع إذا فسخ بإفلاس المشتري ولم يسترده بعد ويجوز بيع المال في يد المستعير والمستام وفي يد المشتري والمتهب في الشراء والهبة الفاسدين ويجوز بيع المغصوب للغاصب. النوع الثاني: المضمون بعوض في عقد معاوضة لا يصح بيعه قبل القبض لتوهم الانفساخ بتلفه وذلك كالمبيع والأجرة والعوض المصالح عليه عن المال وفي بيع الصداق قبل القبض قولان بناء على أنه مضمون على الزوج ضمان العقد أو ضمان اليد والأظهر ضمان العقد يجري القولان في بيع الزوج بدل الخلع قبل القبض وبيع العافي عن القود المال المعفو عليه قبل القبض لمثل هذا المأخذ. فرع وراء ما ذكرنا صور إذا تأملتها عرفت من أي ضرب هي. فمنها حكى صاحب التلخيص عن نص الشافعي رضي الله عنه أن الأرزاق التي يخرجها السلطان للناس يجوز بيعها قبل القبض فمن الأصحاب من قال هذا إذا أفرزه السلطان فتكون يد السلطان في الحفظ يد المفرز له ويكفي ذلك لصحة البيع ومنهم من لم يكتف بذلك وحمل النص على ما إذا وكل وكيلاً في قبضه فقبضه الوكيل ثم باعه الموكل وإلا فهو بيع شيء غير مملوك وبهذا قطع القفال في الشرح. قلت: الأول أصح وأقرب إلى النص وقوله وبه قطع القفال يعني بعدم الاكتفاء لا بالتأويل المذكور فإني رأيت في شرح التلخيص للقفال المنع المذكور قال ومراد الشافعي رضي الله عنه بالرزق الغنيمة ولم يذكر غيره ودليل ما قاله الأول أن هذا القدر من المخالفة للقاعدة احتمل للمصلحة والرفق بالجند لمسيس الحاجة والله أعلم. ومنها: بيع أحد الغانمين نصيبه على الإشاعة قبل القبض صحيح إذا كان معلوماً وحكمنا بثبوت الملك في الغنيمة وفيما يملكها به خلاف مذكور في بابه. ومنها: لو رجح فيما وهب لولده فله بيعه قبل قبضه على الصحيح. ومنها: الشفيع إذا تملك الشقص قال في التهذيب له بيعه قبل القبض. وقال في التتمة ليس له ذلك لأن الأخذ بها معاوضة. قلت: الثاني أقوى والله أعلم. ومنها إذا استأجر صباغاً لصبغ ثوب وسلمه إليه فليس للمالك بيعه قبل صبغه لأن له حبسه لعمل ما يستحق به الأجرة وإذا صبغه فله بيعه قبل استرداده إن دفع الأجرة وإلا فلا لأنه يستحق حبسه إلى استيفاء الأجرة. ولو استأجر قصاراً لقصر ثوب وسلمه إليه لم يجز بيعه قبل قصره فإذا قصره بني على أن القصارة عين فيكون كمسألة الصبغ أو أثر فله البيع إذ ليس للقصار الحبس على هذا وعلى هذا قياس صبغ الذهب ورياضة الدابة ونسج الغزل. ومنها إذا قاسم شريكه فبيع ما صار له قبل قبضه يبنى على أن القسمة بيع أو إفراز. ومنها إذا أثبت صيدا بالرمي أو وقع في شبكه فله بيعه وإن لم يأخذه ذكره صاحب التلخيص هنا. قال القفال: ليس هو مما نحن فيه لأنه بإثباته قبضه حكماً. فرع تصرف المشتري في زوائد المبيع قبل القبض كالولد والثمرة يبنى على يتصرف فيها كالأصل وإلا تصرف. ولو كانت الجارية حاملاً عند البيع وولدت قبل القبض إن قلنا الحمل يقابله قسط من الثمن لم يتصرف فيه وإلا فهو كالولد الحادث بعد البيع. إذا باع متاعاً بدراهم أو بدنانير معينة فلها حكم المبيع فلا يجوز تصرف البائع فيها قبل قبضها لأنها تتعين بالتعيين فلا يجوز للمشتري إبدالها بمثلها ولو تلفت قبل القبض انفسخ البيع ولو وجد البائع بها عيباً لم يستبدل بها بل إن رضيها وإلا فسخ العقد فلو أبدلها بمثلها أو بغير جنسها برضى البائع فهو كبيع المبيع للبائع.
مثمن وثمن وغيرهما. وفي حقيقة الثمن أوجه أحدها ما ألصق به الباء قاله القفال والثاني النقد والمثمن ما يقابله على الوجهين وأصحها أن الثمن النقد والمثمن ما يقابله فإن لم يكن في العقد نقد أو كان العوضان نقدين فالثمن ما ألصق به الباء والمثمن ما يقابله. فلو باع أحد النقدين بالآخر فعلى الوجه الثاني لا مثمن فيه ولو باع عرضاً بعرض فعلى الوجه الثاني لا ثمن فيه وإنما هو مبادلة. ولو قال: بعتك هذه الدراهم بهذا العبد فعلى الوجه الأول العبد ثمن والدراهم مثمن وعلى الوجه الثاني والثالث في صحة العقد وجهان كالسلم في الدراهم والدنانير فإن صححنا فالعبد ولو قال: بعتك هذا الثوب بعبد ووصفه صح العقد فإن قلنا الثمن ما ألصق به الباء فالعبد ثمن ولا يجب تسليم الثوب في المجلس وإلا ففي وجوب تسليم الثوب وجهان لأنه ليس فيه لفظ السلم لكن فيه معناه فإذا عرفت هذا عدنا إلى بيان الأضرب. الضرب الأول: المثمن وهو المسلم فيه فلا يجوز الاستبدال عنه ولا بيعه وهل تجوز الحوالة به بأن يحيل المسلم إليه المسلم بحقه على من له عليه دين قرض أو إتلاف أو الحوالة عليه بأن يحيل المسلم من له دين قرض أو إتلاف على المسلم إليه فيه ثلاثة أوجه أصحها لا والثاني نعم والثالث لا تجوز عليه وتجوز به وهكذا حكوا الثالث وعكسه في الوسيط فقال تجوز عليه لا به ولا أظن نقله ثابتاً. الضرب الثاني: الثمن فإذا باع بدراهم أو دنانير في الذمة ففي الاستبدال عنها طريقان أحدهما القطع بالجواز قاله القاضي أبو حامد وابن القطان. وأشهرهما على قولين أظهرهما وهو الجديد جوازه والقديم: منعه ولو باع في الذمة بغير الدراهم والدنانير فإن قلنا الثمن ما ألصق به الباء جاز الاستبدال عنه كالنقدين وادعى في التهذيب أنه المذهب وإلا فلا لأن ما ثبت في الذمة مثمناً لم يجز الاستبدال عنه والأجرة كالثمن والصداق وبدل الخلع كذلك إن قلنا إنهما مضمونان ضمان العقد وإلا فهما كبدل الإتلاف. التفريع: إن منعنا الاستبدال عن الدراهم فذاك إذا استبدل عنها عرضاً فلو استبدل نوعاً منها بنوع أو استبدل الدراهم عن الدنانير فوجهان لاستوائهما في الرواج وإن جوزناه فلا فرق بين بدل وبدل ثم ينظر إن استبدل ما يوافقهما في علة الربا كدنانير عن دراهم اشترط قبض البدل في المجلس وكذا إن استبدل عن الحنطة المبيع بها شعيراً إن جوزنا ذلك. وفي اشتراط تعيين البدل عند العقد وجهان أحدهما: يشترط وإلا فهو بيع دين بدين وأصحهما لا كما لو تصارفا في الذمة ثم عينا وتقابضا في المجلس وإن استبدل ما لا يوافقها في علة الربا كالطعام والثياب عن الدراهم نظر إن عين البدل جاز وفي اشتراط قبضه في المجلس وجهان صحح الغزالي وجماعة الاشتراط وهو ظاهر نصه في المختصر وصحح الإمام والبغوي عدمه. قلت: الثاني أصح وصححه في المحرر الله أعلم. وإن لم يعين بل وصف في الذمة فعلى الوجهين السابقين إن جوزنا اشترط التعيين في المجلس: وفي اشتراط القبض الوجهان. الضرب الثالث: ما ليس بثمن ولا مثمن كدين القرض والإتلاف فيجوز الاستبدال عنه بلا خلاف كما لو كان له في يد غيره مال بغصب أو عارية يجوز بيعه له ثم الكلام في اعتبار التعيين والقبض على ما سبق وفي الشامل أن القرض إنما يستبدل عنه إذا تلف فإن بقي في يده فلا ولم فرع اعلم أن الاستبدال بيع لمن عليه دين فأما بيعه لغيره كمن له على إنسان مائة فاشترى من آخر عبداً بتلك المائة فلا يصح على الأظهر لعدم القدرة على التسليم وعلى الثاني يصح بشرط أن يقبض مشتري الدين الدين ممن عليه وأن يقبض بائع الدين العوض في المجلس فإن تفرقا قبل قبض أحدهما بطل العقد. قلت: الأظهر: الصحة والله أعلم. ولو كان له دين على إنسان والآخر مثله على ذلك الإنسان فباع أحدهما ما له عليه بما لصاحبه لم يصح اتفق الجنس أو اختلف لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الكإلىء بالكإلىء.
والقول الجملي فيه أن الرجوع فيما يكون قبضاً إلى العادة ويختلف بحسب اختلاف المال وتفصيله أن المبيع نوعان. النوع الأول: ما لا يعتبر فيه تقدير إما لعدم إمكانه وإما مع إمكانه فينظر إن كان مما لا ينقل كالأرض والدور فقبضه بالتخلية بينه وبين المشتري وتمكينه من اليد والتصرف بتسليم المفتاح إليه ولا يعتبر دخوله وتصرفه فيه ويشترط كونه فارغا من أمتعة البائع فلو باع داراً فيها أمتعة للبائع توقف التسليم على تفريغها وكذا لو باع سفينة مشحونة بالقماش. قلت: وقد حكى الرافعي بعد هذا وجها عند بيع الأرض المزروعة في باب الألفاظ المطلقة في البيع أنه لا يصح بيع الدار المشحونة وأن إمام الحرمين ادعى أنه ظاهر المذهب والله أعلم. ولو جمع البائع متاعه في بيت من الدار وخلى بين المشتري وبين الدار حصل القبض فيما عدا ذلك البيت. وفي اشتراط حضور المتبايعين عند المبيع ثلاثة أوجه أحدها يشترط فإن حضرا عنده فقال البائع للمشتري دونك هذا ولا مانع حصل القبض وإلا فلا. والثاني يشترط حضور المشتري دون البائع وأصحها لا يشترط حضور واحد منهما لأن ذلك يشق فعلى هذا هل يشترط زمان إمكان المضي وجهان أصحهما نعم وفي معنى الأرض الشجر الثابت والثمرة المبيعة على الشجر قبل أوان الجداد وإن كان المبيع من المنقولات فالمذهب والمشهور أنه لا يكفي فيه التخلية بل يشترط النقل والتحريك وفي قول رواه حرملة يكفي وفي وجه يكفي لنقل الضمان إلى المشتري ولا يكفي لجواز تصرفه فعلى المذهب يأمر العبد بالانتقال من موضعه ويسوق الدابة أو يقودها. قلت ولا يكفي استعماله الدابة وركوبها بلا نقل وكذا وطء الجارية على الصحيح ذكره في وإذا كان المبيع في موضع لا يختص بالبائع كموات ومسجد وشارع أو في موضع يختص بالمشتري فالتحويل إلى مكان منه كاف وإن كان في بقعة مخصوصة بالبائع فالنقل من زاوية منه إلى زاوية أو من بيت من داره إلى بيت بغير إذن البائع لا يكفي لجواز التصرف ويكفي لدخوله في ضمانه وإن نقل بإذنه حصل القبض وكأنه استعار ما نقل إليه ولو اشترى الدار مع أمتعة فيها صفقة واحدة فخلى البائع بينها وبينه حصل القبض في الدار وفي الأمتعة وجهان أصحهما يشترط نقلها كما لو أفردت والثاني يحصل فيها القبض تبعاً وبه قطع الماوردي وزاد فقال لو اشترى صبرة ولم ينقلها حتى اشترى الأرض التي عليها الصبرة وخلى البائع بينه وبينها حصل القبض في الصبرة. قلت: قال ولو استأجرها فوجهان الصحيح أنه ليس قبضاً. والله أعلم. فرع لو لم يتفقا على القبض فجاء البائع بالمبيع فامتنع المشتري فإن أصر أمر الحاكم من يقبضه عنه كما لو كان غائباً. فرع لو جاء البائع بالمبيع فقال المشتري ضعه فوضعه بين يديه حصل القبض وإن وضعه بين يديه ولم يقل المشتري شيئاً أو قال لا أريده فوجهان أحدهما لا يحصل القبض كما لا يحصل الإيداع وأصحهما يحصل لوجوب التسليم كما لو وضع الغاصب المغصوب بين يدي المالك يبرأ من الضمان فعلى هذا للمشتري التصرف فيه ولو تلف فمن ضمانه لكن لو خرج مستحقاً ولم نجز إلا وضعه فليس للمستحق مطالبة المشتري بالضمان لأن هذا القدر لا يكفي لضمان الغصب. ولو وضع المديون الدين بين يدي مستحقه ففي حصول التسليم خلاف مرتب على المبيع وأولى بعدم الحصول لعدم تعين الدين فيه. فرع للمشتري الاستقلال بنقل المبيع إن كان دفع الثمن أو كان مؤجلاً كما للمرأة قبض الصداق بغير إذن الزوج إذا سلمت نفسها وإلا فلا وعليه الرد لأن البائع يستحق الحبس لاستيفاء الثمن ولا ينفذ تصرفه فيه لكن يدخل في ضمانه. فرع دفع ظرفاً إلى البائع وقال اجعل المبيع فيه ففعل لا يحصل إذ لم يوجد من المشتري قبض والظرف غير مضمون على البائع لأنه استعمله في ملك المشتري بإذنه وفي مثله في السلم يكون الظرف مضموناً على المسلم إليه لأنه استعمله في ملك نفسه ولو قال للبائع أعرني ظرفك واجعل المبيع فيه ففعل لا يصير المشتري قابضاً. النوع الثاني: ما يعتبر فيه تقدير بأن اشترى ثوباً أو أرضاً مذارعة أو متاعاً موازنة أو صبرة مكايلة أو معدوداً بالعدد فلا يكفي للقبض ما سبق في النوع الأول بل لا بد مع ذلك من الذرع أو الوزن أو الكيل أو العد. وكذا لو أسلم في آصع طعام أو أرطال منه. يشترط في قبضه الكيل والوزن. فلو قبض جزافاً ما اشتراه مكايلة دخل المقبوض في ضمانه. وأما تصرفه فيه بالبيع ونحوه فإن باع الجميع لم يصح لأنه قد يزيد على المستحق فإن باع ما يتيقن أنه له لم يصح أيضاً على الصحيح الذي قاله الجمهور وقبض ما اشتراه كيلا بالوزن أو وزنا بالكيل كقبضه جزافاً. ولو قال البائع خذه فإنه كذا فأخذه مصدقاً له فالقبض فاسد أيضاً حتى يقع اكتيال صحيح فإن زاد رد الزيادة وأن نقص أخذ التمام فلو تلف المقبوض فزعم الدافع أنه كان قدر حقه أو أكثر وزعم القابض أنه كان دون حقه أو قدره فالقول قول القابض فلو أقر بجريان الكيل لم يسمع منه خلافه. وللمبيع مكايلة صور. ومنها: بعتكها على أنها عشرة آصع. ومنها: بعتك عشرة آصع منها وهما يعلمان صيعانها أو لا يعلمان إذا جوزنا ذلك. فرع ليس على البائع الرضى بكيل المشتري ولا على المشتري الرضى بكيل البائع بل يتفقان على كيال وإن لم يتراضيا نصب الحاكم أمينا يتولاه قاله في الحاوي. فرع مؤنة الكيل الذي يفتقر إليه القبض على البائع كمؤنة إحضار الغائب ومؤنة وزن الثمن على المشتري لتوقف التسليم عليه ومؤنة نقد الثمن هل هي على البائع أو المشتري وجهان. قلت: ينبغي أن يكون الأصح أنها على البائع والله أعلم. فرع لو كان لزيد على عمرو طعام سلما ولآخر مثله على زيد أداء ما عليه مما له على عمرو فقال لغريمه اذهب إلى عمرو واقبض لنفسك ما لي عليه فقبضه فهو فاسد وكذا لو قال احضر معي لأكتاله منه لك ففعل وإذا فسد القبض فالمقبوض مضمون على القابض وهل تبرأ ذمة عمرو من حق زيد وجهان أصحهما نعم فإن قلنا لا تبرأ فعلى القابض رد المقبوض إلى عمرو ولو قال زيد اذهب فاقبضه لي ثم اقبضه مني لنفسك بذلك الكيل أو قال احضر معي لأقبضه لنفسي ثم تأخذه بذلك الكيل ففعل فقبضه لزيد في الصورة الأولى وقبض زيد لنفسه في الثانية صحيحان وتبرأ ذمة عمرو من حق زيد والقبض الآخر فاسد والمقبوض مضمون عليه وفي وجه يصح قبضه لنفسه في الصورة الأولى ولو اكتال زيد وقبضه لنفسه ثم كاله على مشتري وأقبضه فقد جرى الصاعان وصح القبضان فلو زاد حين كاله ثانيا أو نقص فالزيادة لزيد والنقص عليه إن كان قدرا يقع بين الكيلين فإن كان أكثر علمنا أن الكيل الأول غلط فيرد زيد الزيادة ويرجع بالنقصان ولو أن زيدا لما اكتاله لنفسه لم يخرجه من المكيال وسلمه كذلك إلى مشتريه فوجهان أحدهما لا يصح القبض الثاني حتى يخرجه ويبتدىء كيلا وأصحهما عند الأكثرين أن استدامته في المكيال كابتداء الكيل. وهذه الصورة كما تجري في ديني السلم تجري فيما لو كان أحدهما مستحقاً بالسلم والآخر بقرض أو إتلاف. فرع للمشتري أن يوكل في القبض وللبائع أن يوكل في الإقباض. ويشترط فيه أمران. أحدهما: أن لا يوكل المشتري من يده يد البائع كعبده ومستولدته ولا بأس بتوكيل أبيه وابنه ومكاتبه وفي توكيله عبده المأذون له وجهان أصحهما لا يجوز ولو قال للبائع وكل من يقبض لي منك ففعل جاز ويكون وكيلا للمشتري وكذا لو وكل البائع بأن يأمر من يشتري منه للموكل الأمر الثاني: أن لا يكون القابض والمقبض واحدا فلا يجوز أن يوكل البائع رجلاً بالإقباض ويوكله المشتري بالقبض كما لا يجوز أن يوكله هذا بالبيع وذاك بالشراء ولو كان عليه طعام أو غيره من سلم أو غيره فدفع إلى المستحق دراهم وقال اشتر بها مثل ما تستحقه لي واقبضه لي ثم اقبضه لنفسك ففعل صح الشراء والقبض للموكل ولا يصح قبضه لنفسه لاتحاد القابض والمقبض ولامتناع كونه وكيلاً لغيره في حق نفسه وفي وجه ضعيف يصح قبضه لنفسه وإنما يمتنع قبضه من نفسه لغيره ولو قال اشتر بهذه الدراهم لي واقبضه لنفسك ففعل صح الشراء ولم يصح قبضه لنفسه ويكون المقبوض مضمونا عليه وهل تبرأ ذمة الدافع من حق الموكل فيه الوجهان السابقان ولو قال اشتر لنفسك فالتوكيل فاسد وتكون الدراهم أمانة في يده لأنه لم يقبضها ليملكها فإن اشترى في الذمة وقع عنه وأدى الثمن من ماله وإن اشترى بعينها فهو باطل على الصحيح ولو قال لمستحق الحنطة اكتل حقك من الصبرة لم يصح على الأصح لأن الكيل أحد ركني القبض وقد صار نائبا فيه من جهة البائع متأصلاً لنفسه. فرع يستثنى عن الشرط الثاني ما إذا اشترى الأب لابنه الصغير من مال نفسه أو لنفسه من مال الصغير فإنه يتولى طرفي القبض كما يتولى طرفي البيع. وفي احتياجه إلى النقل في المنقول وجهان أصحهما يحتاج كما يحتاج إلى الكيل إذا باع كيلاً. فرع يستثنى عن صورة القبض المذكور إتلاف المشتري المبيع فإنه قبض. قلت: ومما يستثنى أيضاً إذا كان المبيع خفياً يتناول باليد فقبضه بالتناول واحتواء اليد عليه كذا قاله المحاملي وصاحب التنبيه وغيرهم لأنه يعد قبضاً والله أعلم. فرع قبض الجزء الشائع إنما يحصل بتسليم الجميع ويكون ما عدا أمانة في يده ولو طلب القسمة قبل القبض قال في التتمة يجاب إليها لأنا إن قلنا القسمة إفراز فظاهر وإن قلنا بيع فالرضى غير معتبر فيه فإن الشريك يجبر عليه وإذا لم يعتبر الرضى جاز أن لا يعتبر القبض كالشفعة.
يلزم كل واحد من المتبايعين تسليم العوض الذي يستحقه الآخر. فإن قال كل: لا أسلم حتى أحدها: يلزم الحاكم كل واحد بإحضار ما عليه فإذا أحضر سلم الثمن إلى البائع والمبيع إلى المشتري يبدأ بأيهما شاء أو يأمرهما بالوضع عند عدل ليفعل العدل ذلك والثاني لا يجبر واحداً منهما بل يمنعهما من التخاصم فإذا سلم أحدهما أجبر الآخر. والثالث يجبر المشتري وأظهرهما يجبر البائع وقيل يجبر البائع قطعاً واختاره الشيخ أبو حامد هذا إذا كان الثمن في الذمة فإن كان معيناً سقط القول الثالث. قلت: الذي قطع به الجمهور وهو المذهب أنه يسقط الرابع أيضاً كما إذا باعه عرضاً بعرض لأن الثمن يتعين بالتعيين عندنا والله أعلم. وإن تبايعا عرضاً بعرض سقط القول الرابع أيضاً وبقي الأولان أظهرهما يجبران وبه قطع في الشامل فإذا قلنا يجبر البائع أولا أو قلنا لا يجبر فتبرع وسلم أولا أجبر المشتري على تسليم الثمن في الحال إن كان حاضراً في المجلس وإلا فللمشتري حالان. أحدهما أن يكون موسراً فإن كان ماله في البلد حجر عليه أن يسلم الثمن لئلا يتصرف في أمواله بما يبطل حق البائع وحكى الغزالي وجهاً أنه لا يحجر عليه ويمهل إلى أن يأتي بالثمن ولم أر هذا الوجه على هذا الإطلاق لغيره فإذا قلنا بالمذهب المعروف قال جماهير الأصحاب يحجر عليه في المبيع وسائر أمواله وقيل لا يحجر في سائر أمواله إن كان ماله وافيا بديونه وعلى هذا هل قلت: هذا الحجر يخالف الحجر على المفلس من وجهين أحدهما أنه لا يسلط على الرجوع إلى عين المال والثاني أنه لا يتوقف على ضيق المال عن الوفاء واتفقوا على أنه إذا كان محجوراً عليه بالفلس لم يحجر أيضاً هذا الحجر لعدم الحاجة إليه والله أعلم وإن كان ماله غائباً عن البلد نظر إن كان على مسافة القصر لم يكلف البائع الصبر إلى إحضاره وفيما يفعل وجهان أحدهما يباع في حقه ويؤدى من ثمنه وأصحهما عند الأكثرين أن له فسخ البيع لتعذر تحصيل الثمن كما لو أفلس المشتري بالثمن فإن فسخ فذاك وإن صبر إلى الإحضار فالحجر على ما سبق وقال ابن سريج لا فسخ بل يرد المبيع إلى البائع ويحجر على المشتري ويمهل إلى الإحضار وزعم في الوسيط أنه الأصح وليس كذلك وإن كان دون مسافة القصر فهل هو كالذي في البلد أو كالذي على مسافة القصر وجهان. قلت: أصحهما الأول وبه قطع في المحرر والله أعلم. الحال الثاني: أن يكون معسراً فهو مفلس والبائع أحق بمتاعه هذا هو الصحيح المنصوص وفيه وجه ضعيف: أنه لا فسخ بل تباع السلعة ويوفى من ثمنها حق البائع فإن فضل شيء فللمشتري جميع ما ذكرناه من الأقوال والتفريع جار فيما إذا اختلف والمستأجر في الابتداء بالتسليم بلا فرق. فرع هنا أمر مهم وهو أن طائفة توهمت أن الخلاف في الابتداء خلاف في أن البائع هل له حق الحبس أم لا إن قلنا الابتداء بالبائع فليس له حبس المبيع لاستيفاء الثمن وإلا فله ونازع الأكثرون فيه وقالوا هذا الخلاف مفروض فيما إذا كان نزاعهما في مجرد الابتداء وكان كل واحد يبذل ما عليه ولا يخاف فوت ما عند صاحبه فأما إذا لم يبذل البائع المبيع وأراد حبسه خوفاً من تعذر الثمن فله ذلك بلا خلاف وكذلك للمشتري حبس الثمن خوفاً من تعذر المبيع وبهذا صرح الشيخ أبو حامد والماوردي والمثبتون من المتأخرين قالوا وإنما يحبس البائع المبيع إذا كان الثمن حالا أما المؤجل فليس له الحبس به لرضاه بتأخيره ولو لم يتفق التسليم حتى حل الأجل فلا حبس أيضاً ولو تبرع بالتسليم لم يكن له رده إلى حبسه وكذا لو أعاره للمشتري على الأصح ولو أودعه إياه فله ذلك. ولو صالح من الثمن على مال فله إدامة حبسه لاستيفاء العوض. ولو اشترى بوكالة اثنين شيئاً ووفى نصف الثمن عن أحدهما لم يلزم البائع تسليم النصف بناء على أن الاعتبار بالعاقد. ولو باع بوكالة اثنين فإذا قبض نصيب أحدهما من الثمن لزم تسليم النصف كذا قاله في التهذيب وينبغي أن يجيء وجه في لزوم تسليم النصف من الوجهين السابقين في باب تفريق الصفقة أن البائع إذا قبض بعض الثمن هل يلزمه تسليم قسطه من المبيع ووجه في جواز أخذ الوكيل لأحدهما وحده من الوجهين في العبد المشترك إذا باعاه هل لأحدهما أن يتفرد بأخذ نصيبه.
وتتأثر بالقرائن المنضمة إليها هي ثلاثة أقسام راجعة إلى مطلق العقد وإلى الثمن وإلى المبيع. القسم الأول: لفظان. أحدهما: التولية وهي أن يشتري شيئاً ثم يقول لغيره وليتك هذا العقد فيجوز ويشترط قبوله في المجلس على عادة التخاطب بأن يقول قبلت أو توليت ويلزمه مثل الثمن الأول قدراً وصفة ولا يشترط ذكره إذا علماه فإن لم يعلمه المشتري أعلمه به ثم ولاه وهي نوع بيع فيشترط فيه القدرة على التسليم والتقابض إذا كان صرفاً وسائر الشروط ولا يجوز قبل القبض على الصحيح. والزوائد المنفصلة قبل التولية تبقى للمولي ولو كان المبيع شقصاً مشفوعاً وعفا الشفيع تجددت الشفعة بالتولية ولو حط البائع بعد التولية بعض الثمن انحط على المولى أيضاً. ولو حط الكل فكذلك لأنه وإن كان بيعا جديدا فخاصيته وفائدته التنزيل على الثمن الأول. وعن القاضي حسين أنه ينبغي جريان خلاف في جميع هذه الأحكام ففي وجه يجعل المولى نائبا عن المولي فتكون الزوائد للنائب ولا تتجدد الشفعة ويلحقه الحط وفي وجه تعكس هذه الأحكام ونقول هي بيع جديد والمذهب ما سبق وعلى هذا لو حط البعض قبل التولية لم تصح التولية إلا بالباقي ولو حط الكل لم تصح التولية. فرع من شرط التولية كون الثمن مثليا فلو اشتراه بعرض لم يصح إلا إذا انتقل ذلك العرض من البائع إلى إنسان فولاه العقد. ولو اشتراه بعرض وقال قام علي بكذا وقد وليتك العقد بما قام علي أو أرادت عقد التولية على صداقها بلفظ القيام أو أرادها الرجل في عوض الخلع فوجهان ولو أخبر المولي عما اشترى وكذب فقيل هو كالكذب في المرابحة ويأتي بيانه إن شاء الله تعالى وقيل يحط قدر الخيانة قولاً واحداً. اللفظ الثاني: الإشراك وهو أن يشتري شيئاً ثم يشرك غيره فيه ليصير بعضه له بقسطه من الثمن ثم إن صرح بالمناصفة وغيرها فذاك وإن أطلق الإشراك فوجهان أحدهما وبه قطع صاحب التهذيب يفسد العقد وأصحهما عند الغزالي وقطع به في التتمة أنه يصح ويحمل على المناصفة. قلت: قطع القفال في شرح التلخيص بالوجه الثاني وصححه في المحرر وهو الأصح. قال القفال: وصورة التصريح بالإشراك في النصف أن يقول أشركتك بالنصف فإن قال أشركتك في النصف كان له الربع والله أعلم. والإشراك في البعض كالتولية في الكل في الأحكام السابقة. القسم الثاني: المرابحة بيع المرابحة جائز من غير كراهة وهو عقد يبنى الثمن فيه على ثمن المبيع الأول مع زيادة بأن يمشتري شيئاً بمائة ثم يقول لغيره بعتك هذا بما اشتريته وربح درهم زيادة أو بربح درهم لكل عشرة أو في كل عشرة ويجوز أن يضم إلى رأس المال شيئاً ثم يبيعه مرابحة مثل أن يقول اشتريته بمائة وقد بعتكه بمائتين وربح درهم زيادة وكأنه قال بعت بمائتين وعشرين وكما يجوز البيع مرابحة يجوز محاطة مثل أن يقول بعت بما اشتريت به وحط درهم زيادة وفي القدر المحطوط وجهان أحدهما من كل عشرة واحد كما زيد في المرابحة على كل عشرة واحد وأصحهما يحط من كل أحد عشر واحد لأن الربح في المرابحة جزء من أحد عشر فكذا الحط وليس في حط واحد من عشرة رعاية للنسبة فإذا كان قد اشترى بمائة فالثمن على الوجه الأول تسعون وعلى الثاني تسعون وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم ولو اشترى بمائة وعشرة فالثمن على الوجه الأول تسعة وتسعون وعلى الثاني مائة وطرد كثير من العراقيين وغيرهم الوجهين فمن قال بعت بما اشتريت بحط درهم من كل عشرة قال إمام الحرمين هذا غلط فإن في هذه الصيغة تصريحا بحط واحد من كل عشرة فلا وجه للخلاف فيه وهذا الذي قاله الإمام بين وذكر الماوردي وغيره أنه إذا قال بحط درهم من كل عشرة فالمحطوط درهم من كل عشرة وإن قال بحط درهم لكل عشرة فالمحطوط واحد من أحد عشر.
|