الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **
يقال أوصيت لفلان بكذا ووصيت وأوصيت إليه إذا جعلته وصيا ومن عنده وديعة أو في ذمته حق لله تعالى كزكاة وحج أو دين لآدمي يجب عليه أن يوصي به إذا لم يعلم به غيره قلت ويستحب أن يوصي من له مال وتعجيل الصدقة في الصحة ثم في الحياة أفضل وإذا أراد أن يوصي فالأفضل أن يقدم من لا يرث من قرابته ويقدم منهم المحارم ثم غير المحارم ثم يقدم بالرضاع ثم بالمصاهرة ثم بالولاء ثم بالجوار كما في الصدقة المنجزة وفي أمالي السرخسي أن من قل ماله وكثر عياله يستحب أن لا يفوته عليهم بالوصية والصحيح المعروف هو الأول ويشتمل الكتاب على أربعة أبواب.
وهي أربعة: وهو كل مكلف حر فلا تصح وصية المجنون والمبرسم والمعتوه الذي لا يعقل والصبي الذي لا يميز قطعاً ولا تصح وصية الصبي المميز وتدبيره على الأظهر عند الأكثرين كهبته وإعتاقه إذ لا عبارة له وتصح وصية المحجور عليه لسفه على المذهب وقيل قولان كالصبي وأما العبد فإن أوصى ومات رقيقا فباطلة وإن عتق ثم مات فباطلة أيضاً على الأصح والمكاتب كالقن وكالصبي. فرع تصح وصية الكافر بما يتمول أو يقتنى ولا تصح بخمر ولا سواء أوصى لمسلم أو ذمي ولا بمعصية كعمارة كنيسة أو بنائها أو كتب التوراة والإنجيل أو قراءتهما وما أشبههما الركن فإن كانت الوصية لجهة عامة فشرطه أن لا تكون جهة معصية وسواء أوصى به مسلم أو ذمي فلو وصى مسلم ببناء بقعة لبعض المعاصي لم يصح كما لو وصى ذمي ببناء كنيسة. فرع يجوز للمسلم والذمي الوصية لعمارة المسجد الأقصى وغيره من المساجد ولعمارة قبور والتبرك بها وكذا الوصية لفك أسارى الكفار من أيدي المسلمين لأن المفاداة جائزة وكذا الوصية ببناء رباط ينزله أهل الذمة أو دار لتصرف غلتها إليهم. فرع عدوا من الوصية بالمعصية ما إذا أوصى لدهن سراج الكنيسة لكن قيد الشيخ أبو حامد المنع بما إذا قصد تعظيم الكنيسة فأما إذا قصد انتفاع المقيمين أو المجاورين بضوئها فالوصية جائزة كما لو أوصى بشىء لأهل الذمة. وإن كانت الوصية لمعين فينبغي أن يتصور له الملك ويتعلق بهذا الضبط مسائل إحداها الوصية للحمل جائزة ثم ينظر فإن قال أوصيت لحمل فلانة أو لحمل فلانة الموجود الآن فلا بد لنفوذها من شرطين أحدهما أن يعلم وجوده حال الوصية بأن ينفصل لأقل من ستة أشهر فلو انفصل لستة فصاعداً نظر إن كانت المرأة فراشا لزوج أو سيد لم يستحق شيئاً وان لم تكن فراشا بل فارقها مستفرشها قبل الوصية فإن كان الانفصال لأكثر من أربع سنين من وقت الوصية لم يستحق شيئاً وإن انفصل لدون ذلك فقولان وقيل وجهان أظهرهما أنه يستحق لأن الظاهر وجوده ولو قال أوصيت لحمل فلانة من زيد اشترط مع ذلك ثبوت نسبه من زيد حتى لو كانت الوصية بعد زوال الفراش فأتت بولد لأكثر من أربع سنين من وقت الفراق ولأقل من ستة أشهر من يوم الوصية لم يستحق شيئاً لأن النسب غير ثابت منه ولو اقتضى الحال ثبوت نسبه من زيد فنفاه باللعان فالصحيح الذي قاله ابن سريج والجمهور لا شيء له لأنه لم يثبت وعن أبي إسحق واختاره الأستاذ أبو منصور يستحق لأن النسب كان ثابتا واللعان إنما يؤثر في حق المتلاعنين ويجري الخلاف فيما لو أوصى لحمل أمة من سيدها فادعى سيدها الاستبراء ورأيناه نافيا للنسب الشرط الثاني أن ينفصل حياً فلو انفصل ميتاً فلا شيء له وإن انفصل بجناية وأوجبنا الغرة لما ذكرناه في الميراث. أتت بولدين بينهما أقل من ستة أشهر وبين الوصية والأول أقل من ستة أشهر صحت الوصية لهما وإن زاد ما بين الوصية والثاني على ستة أشهر وكانت المرأة فراشا لأنهما حمل واحد. فرع يقبل الوصية للحمل من يلي أمره بعد خروجه حيا وإن قبلها قبل انفصاله ثم انفصل حياً فعن القفال أنه لا يعتد بقوله وقال غيره فيه قولان كمن باع مال أبيه على ظن حياته فبان ميتاً فرع هذا الذي ذكرناه فيما إذا قال أوصيت لحملها أو لحملها الموجود أما إذا قال لحملها الذي سيحدث فأوجه أصحها عند الأكثرين بطلان الوصية لأنها تمليك وتمليك المعدوم ممتنع والثاني تصح قاله أبو إسحق وأبو منصور كما تصح بالحمل الذي سيوجد. والثالث إن كان الحمل موجوداً حال الموت صح وإلا فلا المسألة الثانية العبد الموصى له إما أن يكون لأجنبي وإما أن يكون للموصي وإما للورثة. القسم الأول لأجنبي فتصح الوصية ثم لا يخلو إما أن يستمر رقه وإما أن لا يستمر الحالة الأولى أن يستمر رقه فالوصية للسيد حتى وفي افتقار قبول العبد إلى إذن السيد وجهان سبقا في باب معاملة العبيد أصحهما المنع ولا يصح من السيد مباشرة القبول بنفسه على الأصح لأن الخطاب لم يكن معه والوجهان فيما حكى مخصوصان بقولنا إن قبول العبد يفتقر إلى إذن السيد ويجوز أن يعمما لان الملك للسيد بكل حال فلا يبعد تصحيح القبول منه وإن لم يسم في الوصية ألا ترى أن وارث الموصى له يقبل وإن لم يسم في الوصية وأما قبول السيد ما وهب لعبده فقال قائلون هو على هذين الوجهين وقال الإمام هو باطل قطعاً لأن القبول في الهبة كالقبول في سائر العقود بخلاف قبول الوصية وإذا صححنا قبول العبد بغير إذن سيده فلو منعه من القبول فقبل قال الإمام الظاهر عندي الصحة وحصول الملك للسيد كما لو نهاه عن الخلع فخالع وإذا قلنا لا يصح بلا إذن فلو رد السيد فهو أبلغ من عدم الإذن فلو بدا له أن يأذن في القبول ففيه احتمال عند الإمام قال وإذا صححنا القبول من السيد فيجب أن يبطل رد العبد لو رده الحالة الثانية أن لا يستمر بل يعتق فينظر إن عتق قبل موت الموصي فالاستحقاق للعبد لأنه وقت الملك حر وإن عتق بعد موته فإن قبل ثم عتق فالاستحقاق للسيد وإن عتق ثم قبل فإن قلنا الوصية تملك بالموت أو موقوفة فالملك للسيد وإن قلنا تملك بالقبول فللعبد ولو أوصى لعبد هو لزيد فباعه لعمرو فينظر في وقت البيع ويجاب بمثل هذا التفصيل. أوصي لمن نصفه حر ونصفه لأجنبي فإن لم تكن بينه وبين وقبل بإذن السيد فالموصى به بينهما بالسوية كما لو احتش أو احتطب وإن قبل بغير إذنه وقلنا يفتقر قبول العبد إلى إذن سيده فالقبول باطل في نصف السيد وفي نصفه وجهان لأن ما يملكه ينقسم على نصفيه فيعزم دخول نصفه في ملك السيد بغير إذنه وإن كان بينهما مهايأة بني على أن الأكساب النادرة هل تدخل في المهايأة وفيه خلاف سبق في زكاة الفطر وفي كتاب اللقطة فإن قلنا لا تدخل فهو كما لو لم تكن مهايأة وإن قلنا تدخل فلا حاجة إلى إذن السيد في القبول لأن المهايأة إذن له في جميع الاكساب الداخلة فيها وهل الاعتبار بيوم موت الموصي أم بيوم القبول أم بيوم الوصية فيه أوجه أصحها الأول ولو وهب لمن نصفه حر فعلى القولين في دخول الكسب النادر في المهايأة فإن أدخلنا ووقع العقد في يوم أحدهما والقبض في يوم الآخر بني على أن الهبة المقبوضة يستند الملك فيها إلى العقد أم يثبت عقب القبض فإن قلنا بالأول فالاعتبار بيوم العقد وإلا فيوم القبض على الأصح وعلى الثاني بيوم العقد. فرع قال أوصيت لنصفه الحر أو لنصفه الرقيق خاصة فعن القفال بطلان الوصية قال ولا يجوز أن يوصي لبعض شخص كما لا يرث بعضه وقال غيره يصح وينزل بتقييد الموصي منزلة المهايأة فيكون الموصى به للسيد إن وصى لنصفه الرقيق وله إن أوصى لنفسه الحر قلت الأصح الثاني و الله أعلم. فرع تردد الإمام فيما إذا صرحا بادراج الأكسجب النادرة في المهايأة أنها في قطر أنها هل تدخل قطعاً أم تكون على الخلاف قلت الراجح طرد الخلاف مطلقا لكثرة التفاوت و الله أعلم. القسم الثاني أن يكون العبد الموصى له للموصي فينظر إن أوصى لعبده القن برقبته فسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في القسم الثاني من الباب الثاني وإن أوصى له بجزء من رقبته نفذت الوصية فيه وعتق ذلك الجزء وكذلك لو قال أوصيت له بثلث مالي ولا مال له سواه ولو قال أوصيت له بثلث ما أملك من رقبته وغيرها من أموالي نفذت الوصية في ثلثه وبقي باقيه رقيقا للورثة فيكون الثلث من سائر أمواله وصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق لوارثه وسنذكره إن شاء الله تعالى. ولو قال أوصيت له بثلث ما أملك أو بثلث أموالي ولم ينص على رقبته فأوجه أصحها وبه قال ابن الحداد أن رقبته تدخل في الوصية لأنها من أمواله والثاني لا لاشعاره بغيره فعلى هذا لا يعتق منه شيء والوصية له وصية للعبد بغير رقبته وعلى الأول هو كما لو قال أوصيت له بثلث رقبته وثلث باقي أموالي والثالثة تجمع الوصية في رقبته فإن خرج كله من الثلث عتق وإن كان الثلث أكثر من قيمته صرف الفضل إليه وإن لم يخرج كله من الثلث عتق منه بقدر ما يخرج ولو أوصى له بعين مال أو قال أعطوه من مالي كذا فإن مات وهو ملكه فالوصية للورثة وإن باعه الموصي فهو للمشتري وإن أعتقه فهي للعتيق ولو أوصى له بثلث جميع أمواله وشرط تقديم رقبته عتق جميعه ودفع إليه ما يتم به الثلث. فرع تجوز الوصية لأم ولده لأنها تعتق بموته من رأس المال وللمكاتب لأنه مستقل بالملك ثم إن عجز ورق صارت الوصية للورثة وكذا المدبر ثم عتقه والوصية له معتبران من الثلث فإن وفى بهما عتق ونفذت الوصية وإن لم يف الثلث بالمدبر عتق منه بقدر الثلث وصارت الوصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق للوارث وإن وفى بأحد الأمرين من المدبر والوصية بأن كان المدبر يساوي مائة والوصية بمائة وله غيرهما مائة فوجهان أحدهما وبه قطع الشيخ أبو علي تقدم رقبته فيعتق كله ولا شيء له بالوصية وأصحهما عند البغوي يعتق نصفه والوصية وصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق للوارث قلت الأول أصح والله أعلم. القسم الثالث أن يكون العبد لوارث الموصي بأن باعه قبل موت الموصي فالوصية للمشتري وإن أعتقه فهي للعتيق فإن استمر في ملكه فهي وصية لوارث وسيأتي حكمها إن شاء الله تعالى. وكذا لو أوصى لعبد أجنبي ثم اشتراه وارثه ثم مات الموصي ولو أوصى لمن نصفه حر نصفه لوارثه فإن لم تكن بينه وبين السيد مهايأة أو كانت وقلنا لا تدخل الوصية فيها فهو كالوصية لوارث قال الإمام وكان يحتمل أن يبعض الوصية كما لو أوصى بأكثر من الثلث وإن جرت مهايأة وقلنا يدخل فيها فقد سبق أن الاعتبار بيوم موت الموصي على الأصح فإن مات في يوم العبد فالوصية صحيحة له وإلا فوصية لوارث وسواء كانت مهايأة يوم الوصية أم أحدثاها قبل موت الموصي قاله الشيخ أبو علي. فرع أوصى لمكاتب وارثه فإن عتق قبل موت الموصي نفذت الوصية له وكذا لو أعتق بعده بأداء النجوم فإن عجز ورق صارت وصية لوارث المسألة الثالثة أوصى لدابة غيره وقصد تمليكها أو أطلق قال الأصحاب الوصية باطلة لأن مطلق اللفظ للتمليك والدابة لا تملك وفرقوا بينه وبين الوصية المطلقة للعبد بأن العبد تنتظم مخاطبته ويتأتى منه القبول وربما عتق قبل موت الموصي فثبت له الملك وقد سبق في الوقف المطلق عليها وجهان في كونه وقفا على مالكها فيشبه أن تكون الوصية على ذلك الخلاف وقد يفرق بأن الوصية تمليك محض فينبغي أن تضاف إلى من تملك قلت الفرق أصح والله أعلم. ولو فسر بالصرف في علفها صحت لأن علفها على مالكها فالقصد بهذه الوصية المالك هذا هو ظاهر المنقول وبه قطع الغزالي والبغوي وغيرهما ويحتمل طرد خلاف سبق في مثله في الوقف فعلى الصحة في اشتراط قبول المالك وجهان اختيار أبي زيد لا يشترط ويجعل وصية للدابة والأصح الاشتراط وبه قطع صاحب التلخيص كسائر الوصايا وهي وصية لمالكها كما لو أوصى لعمارة داره فعلى هذا يتعين صرفه إلى جهة الدابة على الأصح وبه قطع أحب التلخيص رعاية لغرض الموصي فعلى هذا يتولى الانفاق الوصي فإن لم يكن فالقاضي أو من يأمره من المالك أو غيره قال القفال لا يتعين بل له إمساكه وينفق عليها من غيره. فرع انتقال الدابة من مالك إلى غيره لو انتقلت الدابة من مالكها إلى غيره فقياس كون الوصية للدابة الاستمرار لها وقياس كونها للمالك اختصاصها بالمنتقل عنه قلت بل القياس اختصاصها بالمنتقل إليه كما سبق في الوصية للعبد والله أعلم. فرع أوصى لمسجد وفسر بالصرف في عمارته ومصلحته صحت الوصية وإن أطلق فهل تبطل كالوصية للدابة أم تصح تنزيلا على الصرف في عمارته ومصلحته عملا بالعرف وجهان أصحهما الثاني ويصرفه القيم في الأهم والأصلح باجتهاده وإن قال أردت تمليك المسجد فقد ذكر بعضهم أن الوصية باطلة ولك أن تقول سبق أن للمسجد ملكا وعليه وقفا وذلك يقتضي صحة الوصية قلت هذا الذي أشار الإمام الرافعي إلى اختياره هو الأفقه والأرجح و الله أعلم. المسألة الرابعة الوصية للذمي صحيحة بلا خلاف وكذا للحربي والمرتد على الأصح المنصوص في عيون المسائل المسألة الخامسة في صحة الوصية للقاتل قولان أظهرهما عند العراقيين والإمام والروياني الصحة كالهبة وسواء كان القتل عمدا أو خطأ بحق أم بغيره وقيل القولان في القتل ظلما وتصح للقاتل بحق قطعاً كالقصاص وقال القفال إن ورثنا القاتل بحق صحت وإلا فعلى هذا الخلاف وقيل القولان فيمن أوصى لجارحه ثم مات أما من أوصى لرجل فقتله فباطلة قطعاً لأنه مستعجل فحرم كالوارث وقيل تصح في الجارح قطعاً والقولان في الآخر والمذهب الصحة مطلقا. فرع المستولدة إذا قتلت سيدها عتقت قطعاً وإن استعجلت لأن الأحبال كالاعتاق ولو قتل المدبر سيده فإن قلنا التدبير وصية فهو كما لو أوصى لرجب فقتله وإن قلنا تعليق عتق بصفة عتق قطعاً كالمستولدة وقال البغوي إن صححنا الوصية للقاتل عتق المدبر بقتل سيده وإلا فلا ويبطل التدبير سواء قلنا التدبير وصية أم تعليق لأنه وإن كان تعليقا ففي معنى الوصية لأنه من الثلث. فرع أوصى لعبد جارحه أو لمدبره أو لمستولدته فإن عتق قبل صحت الوصية للعتيق وإن انتقل منه إلى غيره صحت لذلك الغير وإلا فهي وصية لجارح. فرع أوصى لعبد زيد بشىء فجاء العبد فقتل الموصي لم تتأثر به فإن جاء زيد وقتله فهو وصية للقاتل ولو أوصى لمكاتب فقتل المكاتب الموصي فإن عتق فهي وصية للقاتل وإن عجز فالوصية صحيحة للسيد وإن قتله سيد المكاتب فالحكم بالعكس وتجوز الوصية للعبد القاتل لأنها تقع لسيده. فرع مستحق الدين المؤجل إذا قتل من عليه دين حل دينه لأن الآن في تعجيل براءته المسألة السادسة في الوصية للوارث يقدم عليها أنه ينبغي أن لا يوصي بأكثر من ثلث ماله فلو خالف وله وارث خاص فرد بطلت الوصية في الزيادة على الثلث وإن أجاز دفع المال بالزيادة إلى الموصى له وهل إجازته تنفيذ لتصرف الموصي أم ابتداء عطية من الوارث قولان أظهرهما تنفيذ وإن لم يكن وارث خاص فالزيادة على الثلث باطلة على الصحيح المعروف وبه قطع الجمهور لأن الحق للمسلمين فلا مجيز وحكى أبو عاصم العبادي وجها في صحتها وقال المتولي للإمام ردها وهل له إجازتها يبنى على أن الإمام هل يعطى حكم الوارث الخاص وفي الوصية للوارث طريقان أصحهما أنه كما لو أوصى لأجنبي بزيادة على الثلث فتبطل برد وأظهرهما أنها تنفيذ والطريق الثاني القطع ببطلانها وإن أجازت الورثة والفرق أن المنع من الزيادة هناك لحق الورثة فإذا رضوا أجاز والمنع هنا لتغيير الفروض التي قدرها الله تعالى سبحانه للورثة فلا أثر لرضاهم فإن قلنا تنفيذ كفى لفظ الإجازة ولا يحتاج إلى هبة وتجديد قبول وقبض وليس للمجيز الرجوع وإن كان قبل القبض وإن قلنا ابتداء عطية فلا يكفي قبول الوصية أولا بل لا بد من قبول آخر في المجلس ولا بد من القبض وللمجيز الرجوع قبل القبض وهل يشترط لفظ التمليك أو لفظ الاعتاق إن كان الموصى به إعتاقا وجهان أصحهما نعم ولا يكفي لفظ الإجارة كما لو تصرف تصرفا فاسدا من بيع أو هبة ثم أجازه. فرع خلف زوجة هي بنت عمه وأباها وكان أوصى لها فأجاز أبوها فلا رجوع له إن جعلنا الإجازة تنفيذا وإن جعلناها ابتداء عطية فله الرجوع. فرع أعتق عبداً في مرضه أو أوصى بعتقه ولا مال له سواه على الثلث فإن قلنا الإجازة ابتداء عطية من الورثة فولاء ما زاد على الثلث للمجيزين ذكورهم وإناثهم بحسب استحقاقهم وإن قلنا تنفيذ فولاء جميعه للميت يرثه ذكور العصبة وحكي عن ابن اللبان وجه أن الولاء للميت على القولين وهو شاذ ضعيف ولو أعتق المريض عبدا فمات قبل سيده فهل يموت كله حرا أم لا فيه خلاف مذكور في باب العتق. فروع تتعلق بالمسألة إحداها الهبة في مرض الموت للوارث والوقف عليه وإبراؤه من دين كالوصية له ففيها الخلاف الثاني لا اعتبار برد الورثة وإجازتهم في حياة الموصي فلو أجازوا بعد أو أذنوا له في الوصية ثم أرادوا الرد بعد موته فلهم ذلك فإن أجازوا في حياته الموت وقبل القسمة فالصحيح لزومها وقيل كالإجازة قبل الموت حكاه أبو منصور الثالث ينبغي أن يعرف الوارث قدر الزائد على الثلث وقدر التركة فإن جهل أحدهما لم يصح إن قلنا الإجازة ابتداء عطية وإن قلنا تنفيذ فكالإبراء عن مجهول وهو باطل على الأظهر الرابع أجاز ثم قال كنت أعتقد التركة قليلة فبانت أكثر مما ظننت قال الشافعي رضي الله عنه في الأم يحلف وتنفذ الوصية في القدر الذي كان يتحققه قال الأصحاب إنما يحتاج إلى اليمين إذا حصل المال في يد الموصى له فإن لم يحصل فلا حاجة إلى اليمين إن جعلناها ابتداء عطية فإن الهبة قبل القبض لا تلزم وقال المتولي التنفيذ في القدر أما إذا قلنا ابتداء عطية فإذا حلف بطل في الجميع واللفظ المحكي عن النص ينازعه فيما ادعاه ولو أقام الموصى له بينة أنه كان عالما قدر التركة عند الإجازة لزمت إن جعلناها تنفيذا وإن قلنا عطية فلا إذا لم يوجد القبض ولو كانت الوصية بعبد معين فأجاز ثم قال ظننت التركة كثيرة وأن العبد خارج من ثلثها وقد بان خلافه أو ظهر دين لم أعلمه أو بان لي أنه تلف بعضها فإن قلنا الإجازة عطية صحت لأن العبد معلوم والجهالة في غيره وإن قلنا تنفيذ فقولان: أحدهما الصحة للعلم بالعبد والثاني يحلف ولا يلزم إلا الثلث كما في الوصية بالمشاع وبهذا قطع المتولي الخامس الاعتبار في كونه وارثا بيوم الموت حتى لو أوصى لأخيه ولا ابن له فولد له ابن قبل موته صحت ولو أوصى لأخيه وله ابن فمات الابن قبل الموصي فهي وصية لوارث وهذا متفق عليه وذكرنا في الإقرار للوارث خلافا في أن الإعتبار بيوم الإقرار أم الموت والفرق أن استقرار الوصيء بالموت ولاثبات لها قبله السادس إذا أوصى لكل واحد من ورثته بقدر حصته من تركته فوصيته باطلة لأنه يستحقه بلا وصية ويجيء فيه أوجه أنه يصح لأن صاحب التتمة حكى وجهين فيما إذا لم يكن له إلا وارث واحد فأوصى له بماله الصحيح منهما أن الوصية باطلة ويأخذ التركة بالإرث والثاني تصح فيأخذها بالوصية إذا لم ينقضها قال وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا ظهر دين إن قلنا إنه أخذ التركة إرثا فله إمساكها وقضاء الدين من غيرها وإن قلنا بالوصية قضاه منها ولصاحب الدين الامتناع لو قضى من غيرها قلت ومن فوائده لو حدثت من عين التركة زوائده إن قلنا وصية لم يملكها وإن قلنا إرث ملكها على الصحيح والله أعلم. ولو أوصى لكل وارث بعين هي قدر حصته من ثوب وعبد وغيرهما فهل تحتاج هذه الوصية إلى الإجازة أم لا بل يختص كل واحد بما عينه له وجهان أصحهما تحتاج لاختلاف الأغراض في الأعيان ومنافعها ولهذا أوصى أن تباع عين ماله لزيد صحت الوصية على الصحيح وفيه وجه حكاه المتولي والشاشي السابع لو باع المريض ماله لوارثه بثمن المثل نفذ قطعاً الثامن أوصى بثلث ماله لأجنبي ووارث إن صححنا الوصية للوارث وأجازت الورثة فالثلث بينهما وإن أبطلناها أو ردها سائرالورثة بقي السدس للأجنبي على الصحيح وقيل تبطل فيه أيضاً أخذا من تفريق الصفقة وإن أوصى لهذا بالثلث ولهذا بالثلث فإن صححنا الوصية للوارث وأجاز سائر الورثة فلكل واحد منهما الثلث وإن أبطلناها أو ردوا فلا شيء للوارث ثم ينظر في كيفية الرد إن ردوا وصية الوارث سلم الثلث للأجنبي على الصحيح وقيل لا يسلم له إلا السدس وإن قالوا رددنا ما زاد على الثلث من الوصيتين فالأصح أن للأجنبي الثلث وقيل السدس التاسع أوصى لأحد ورثته بقدر نصيبه من التركة أو بما دونه وأجاز الباقون سلم له الموصى به والباقي مشترك بينهم قال الإمام وذلك القدر خرج عن كونه موروثا باتفاق الورثة ولو أوصى لبعض الورثة بأكثر من قدر نصيبه فوجهان أصحهما أن الحكم كذلك والثاني أن الباقي لمن لم يوص له لاحتمال أن غرضه من الوصية تخصيصه بتلك الزيادة ويتخرج على هذا الخلاف ما إذا أوصى لأجنبي بنصف ماله ولأحد ابنية الحائزين بالنصف وأجازا الوصيتين فللأجنبي النصف وفيما يستحقه الابن الموصى له وجهان أصحهما النصف والثاني الربع والسدس ويبقى نصف سدس الذي لم يوص له ولو أجاز الابن الذي لم يوص له الوصيتين ولم يجز الموصى له وصية الأجنبي فالمسألة تصح من اثني عشر للأجنبي الثلث أربعة بلا إجازة ويأخذ سهما آخر من نصيب نالذيب أجاز فيجتمع له خمسة وللابن الموصى له سبعة منها ستة بالوصية وسهم لأنه لم يجز وصية الأجنبي كذا حكاه الأستاذ أبو منصور عن ابن سريج وهو قياس الوجه الأول وقياس الثاني أن يأخذ الابن الموصى له ستة أسهم ويبقى للابن الآخر سهم ولو لم يجز الابن الذي لم يوص له وصية الأجنبي فللأجنبي خمسة ثم على قياس الوجه الأول للابن الموصى له ستة أسهم وللآخر سهم وعلى قياس الثاني له خمسة وللآخر سهمان. العاشر أوصى لزيد بثلث ماله ولأحد ابنيه الحائزين بالكل وأجازا الوصيتين فلزيد الثلث والثلثان للابن الموصى له وليس له زحمة زيد في الثلث لأن الوصية للأجنبي مستغنية عن الإجازة وفيه احتمال للمتأخرين وإن ردا فثلث زيد بحاله ولا شيء للابن بالوصية ولو أوصى لزيد بالثلث ولكل واحد من ابنيه بالثلث فردا لم يؤثر ردهما في حق زيد على الصحيح وقيل ليس له إلا ثلث الثلث بالشيوع الحادي عشر وقف دارا في مرض موته على ابنه الحائز فإن أبطلنا الوصية للوارث فهو باطل وإن صححناها بالإجازة فقال ابن الحداد إن احتملها ثلث ماله لم يكن للوارث إبطال الوقف في شيء منها لأن تصرف المريض في ثلث ماله نافذ فإذا تمكن من قطز حق الوارث عن الثلث بالكلية فتمكنه من وقفه عليه أولى وإن زادت على الثلث لم يبطل الوقف في قدر الثلث وأما الزيادة فليس للمريض تفويتها على الوارث فللوارث ردها وإبطالها فإن أجاز فاجازته وقف منه على نفسه إن جعلنا إجازة الوارث عطية منه وإن جعلناها تنفيذا لزم الوقف وقال القفال له رد الكل في الوقف لأن الوصية بالثلث في حق الوارث كهي بالزيادة في حق غير الوارث والصحيح المعروف قول ابن الحداد وعليه تتفرع الصور الآتية إن شاء الله تعالى. ثم ذكر الإمام أن صورة المسألة فيما إذا نجز الوقف في مرضه وكان الابن طفلا فقبله له ثم مات فأراد الابن الرد أو الإجازة لكن لا حاجة إلى هذاالتصوير لأنه وإن كان بالغا فقبله بنفسه لم يمتنع عليه الرد بعد الموت إذ الإجازة المعتبرة هي الواقعة بعد الموت ولو كان له ابن وبنت فوقف ثلث وإن زادت على الثلث فلهما رد الوقف في الزيادة وإن وقفها عليهما نصفين والثلث يحتملها فإن رضي الابن فهي كما وقف وإلا فظاهر كلام ابن الحداد أن له رد الوقف في ربع الدار لانه لما وقف عليه النصف كان من حقه أن يقف على البنت الربع فإذا زاد كان للابن رده ثم لا يصير شيء منه وقفا عليه لأن الأب لم يقف عليه إلا النصف بل يكون الربع المردود بينهما أثلاثا ملكا وتكون القسمة من اثني عشر لحاجتنا إلى عدد لربعه ثلث فتسعة منها وقف عليهما وثلاثة ملك وكلاهما بالاثلاث وقال الشيخ أبو علي عندي أنه ليس للابن إبطال الوقف إلا في سدس الدار لأنه إنما تعتبر إجازته في حقه وحقه منحصر في ثلث الدار وقد وقف عليه النصف فليس له إلا تمام الثلثين لكن تتخير البنت في نصف السدس إن شاءت أجازت فيكون وقفا وإن شاءت ردت فيكون ملكا قلت قول أبي علي هو الأصح أو الصحيح أو الصواب و الله أعلم.
ولو وقف الدار على ابنه وزوجته نصفين ولا وارث سواهما قال ابن الحداد قد نقص المريض من حق الابن ثلاثة أثمان الدار وهي ثلاثة أسباع حقه فله رد الوقف في حقها وهو الثمن إلى أربعة أسباعه ليكون الوقف عليها من نصيبها كالوقف عليه من نصيبه ويكون الباقي بينهما أثمانا ملكا فتكون القسمة من ستة وخمسين لحاجتنا إلى عدد لثمنه سبع فتكون أربعة أسباع الدار كلها وهي اثنان وثلاثون وقفا ثمانية وعشرون منها وقف على الابن وأربعة على الزوجة والباقي وهو أربعة وعشرون ملكا منها أحد وعشرون للابن وثلاثة لها قال الشيخ أبو علي ليس له رد الوقف إلا في تتمة حقه وهو ثلاثة أثمان الدار وأما الثمن فالخيار فيه للزوجة ولو وقف ثلث الدار على أبيه وثلثها على أمه ولا وارث سواهما فالجواب على قياس ابن الحداد أنه نقص من نصيب الأب ثلث الدار لأنه يستحق ثلثيها ولم يقف عليه إلا الثلث وذلك نصف نصيبه فله رد الوقف في نصف نصيبها وهو سدس الدار والباقي بينهما أثلاثا ملكا وتقع القسمة من ستة لحاجتنا إلى عدد لثلثه نصف فيكون نصف الدار وقفا ونصفها ملكا أثلاثا وعلى قياس الشيخ لا يرد الوقف إلا في تتمة حقه وهو الثلث ولها الخيار في السدس ولفظ ابن الحداد في المولدات يمكن تنزيله على ما قاله الشيخ فيرتفع الخلاف لكنه يحوج إلى ضرب تعسف.
والوصية للميت باطلة سواء علم الموصي بموته أم لا الركن الثالث الموصى به ويشترط فيه أربعة أمور أحدها كونه مقصودا فيخرج عنه ما لا يقصد ويلتحق به ما يحرم اقتناؤه والانتفاع به فلا تصح الوصية به فالمنفعة المحرمة كالمعدومة والثاني أن يقبل النقل من شخص إلى شخص فما لا يقبله لا تصح الوصية به كالقصاص وحد القذف فانهما وإن انتقلا بالإرث لا يتمكن مستحقهما من نقلهما وكذلك لا تجوز الوصية بالحقوق التابعة للأموال كالخيار وحق الشفعة إذا لم تبطل بالتأخير لتأجيل الثمن قلت فلو أوصى بالشقص الذي يستحق الشفعة بسببه كان الشقص للموصى له والشفعة للورثة قاله القاضي حسين في الفتاوى والله أعلم. الثالث أن لا يزيد على الثلث على ما سيأتي إن شاء الله تعالى. الرابع أن يكون مختصا بالموصي إذا قلنا لا تجوز الوصية بمال الغير كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
إن أطلقها فقال أوصيت بحمل فلانة أو قيدها يعلم وجوده عند الوصية كما سبق في الوصية للحمل فلو انفصل ميتاً مضمونا بجناية لم تبطل وتنفذ من الضمان لأنه انفصل مقوماً بخلاف ما إذا أوصى بحمل وانفصل ميتاً بجناية فإنها تبطل كما سبق لان المعتبر هناك المالكية. وهل يصح قبول الموصي له قبل الوضع فيه خلاف مبني على أن الحمل هل يعرف وإن كانت فرع الوصية بثمار البستان الحاصلة في الحال صحيحة وبالتي ستحدث طريقان أصحهما على الوجهين في الحمل الذي سيحدث والثاني القطع بالصحة كالوصية بالمنافع لأنها تحدث من غير إحداث أمر في أصلها بخلاف الولد. فرع الوصية بصوف الشاة ولبنها كالثمار
مؤبدة ومؤقتة والإطلاق يقتضي التأبيد.
كالآبق والمغصوب والطير المفلت صحيحة وكذا بالمجهول كقوله. فرع لو أوصى بأحد العبدين صحت ولو أوصى لأحد الرجلين لم تصح على الأصح كسائر التمليكات وقد يحتمل في الموصى به ما لا يحتمل في الموصى له ثم الإبهام في الموصى له إنما يمنع إذا قال أوصيت لأحد الرجلين فلو قال أعطوا العبد أحد الرجلين ففي المهذب و التهذيب وغيرهما أنه جائز تشبيها بما إذا قال لوكيله بعه لأحد الرجلين وإذا أبهم الموصى به عينه الوارث وإذا أبهم الموصى له فسنذكر حكمه
من النجاسات كالكلب المعلم والزيت النجس والزبل الاختصاص فيها وانتقالها من يد إلى يد بالإرث أو غيره. قال المتولي ومن هذا القبيل شحم الميتة لدهن السفن ولحمها إذا جوزنا الانتفاع به وفي الجرو الذي يتوقع الانتفاع به وجهان بناء على جواز إمساكه وتربيته لذلك أصحهما الجواز فأما ما لا يحل اقتناؤه والانتفاع به كالخمر والخنزير والكلب العقور فلا تصح الوصية به ونقل الحناطي وجها أنه تصح الوصية كالكلب الذي لا يجوز اقتناؤه وقولا أنه لا تجوز الوصية بالمقتنى وهما شاذان ضعيفان.
فإن عجز فلا شيء للموصى له وتصح برقبة المكاتب إن جوزنا بيعه وإلا فقال المتولي هو كما لو أوصى بمال الغير وسنذكره إن شاء الله تعالى.
أن أوصى بمال الغير فقال أوصيت بهذا العبد وهو ملك غيره بهذا العبد إن ملكته فوجهان: والثاني لا لأن مالكه يملك الوصية به والشيء الواحد لا يكون محلا لتصرف شخصين وبهذا قطع الغزالي قلت الأول أفقه وأجرى على قواعد الباب والله أعلم.
والحربي وبالعبد المسلم والمصح. فرع إذا قال أعطوه كلبا من كلابي وله كلاب يحل الانتفاع بها صيد أو زرع أو ماشية أعطي واحدا منها ولو قال كلبا من مالي فكذلك وإن لم يكن الكلب مالا لأن المنتفع به من الكلاب يقتنى وتعتوره الأيدي كالأموال فقد يستعار له أسم المال ولو قال أعطوه كلبا من كلابي أو من مالي وليس له كلب ينتفع به بطلت الوصية بخلاف ما إذا قال أعطوه عبدا فإنه يشترى لأن الكلب يتعذر شراؤه قلت هذا هو الصحيح المعروف وفي وجه حكاه الجرجاني في المعاياة وغيره أنه تصح الوصية ويعطى قيمة مثل الكلب من الجوارح الظاهرة وهذا ليس بشيء والله أعلم. ولو كان له كلب ولا مال له فأوصى بكلبه لم تنفذ الوصية إلا في ثلثه كالمال فإن أوصى ببعضه أو كان له كلاب فأوصى ببعضها ففي وجه لا يعتبر خروج الموصى به من الثلث لأنها غير متقومة ويكفي أن يبقى للورثة شيء وإن قل والصحيح إعتباره كالأموال فعلى هذا إن لم يكن إلا كلب واحد لم يخف إعتبار الثلث وإن كان كلاب ففي كيفيته أوجه أصحها ومنهم من قطع به أنه ينظر إلى عدد الرؤوس وتنفذ الوصية من ثلاثة في واحد والثاني ينظر إلى قيمتها بتقدير المالية فيها كما يقدر الرق في الحر عند الحاجة وتنفذ الوصية في الثلث بالقيمة والثالث تقوم منافعها ويؤخذ الثلث من قيمة المنافع ولو لم يملك إلا كلبا وطبل لهو وزق خمر محترمة فأوصى بواحد منها وأردنا إعتبار الثلث لم يجز الوجه الأول ولا الثالث لأنه لا تناسب بين الرؤوس ولا المنفعة فيتعين إعتبار القيمة أما إذا كان له مال وكلاب فأوصى بكلها أو ببعضها فثلاثة أوجه أصحها نفوذ الوصية فيها وإن كثرت وقل المال لأن المعتبر أن يبقى للورثة ضعف الموصى به والمال وإن قل خير من ضعف الكلب إذ لا قيمة له وبهذا قال أبو علي وابن أبي هريرة والطبري والشيخ والثاني قاله الاصطخري أن الكلاب ليست من جنس المال فيقدر كأنه لا مال له وتنفذ الوصية في ثلاث كلاب على ما سبق. والثالث تقوم الكلاب أو منافعها على اختلاف الوجهين السابقين وتضم إلى ما يملكه من المال وتنفذ الوصية في ثلث الجميع ولو أوصى بثلث ماله لرجل وبالكلاب لآخر فعلى قول الاصطخري يعتبر ثلث الكلاب وحدها وأما على الوجه الأول فقال القاضي أبو الطيب تنفذ الوصية بجميع الكلاب لأن ثلثي المال الذي يبقى للورثة خير من ضعف الكلاب واستبعده ابن الصباغ لأن ما يأخذه الورثة من الثلثين هو حصتهم بسبب ما نقلت فيه الوصية وهو الثلث فلا يجوز أن يحسب عليهم مرة أخرى في وصية الكلاب فعلى هذا يلتقي الوجهان قلت قول ابن الصباغ أصح والله أعلم. وقياس الوجه الثالث أن تضم قيمة الكلاب أو منافعها إلى المال ويدخل المال في حساب الوصية بالكلاب وإن لم تدخل الكلاب في حساب الوصية بالمال.
يقع على طبل الحرب الذي يضرب به للتهويل وعلى الحجيج والقوافل الذي يضرب به للإعلام بالنزول والإرتحال وعلى طبل العطارين وهو سفط لهم وعلى طبل اللهو كالطبل الذي يضرب به المخنثون وسطه ضيق وطرفاه واسعان فإن أطلق الطبل ففيه كلام نذكره في أول الباب الثاني إن شاء الله تعالى. وإن عين ما سوى طبل اللهو صح وإن عين طبل اللهو نظر إن صلح للحجيج أو الحرب أو منفعة أخرى مباحة إما على الهيئة التي هو عليها وإما بعد التغيير الذي يبقى معه إسم الطبل فالوصية أيضاً صحيحة وإلا فباطلة ولا نظر إلى المنافع المتوقعة بعد زوال إسم الطبل لأنه إنما أوصى بالطبل هكذا ذكر المسألة جماهير الأصحاب وقال الإمام والغزالي إن لم يصلح لغرض مباح مع بقاء إسم الطبل وكان لا ينتفع إلا برضاضه لم تصح الوصية لأنه لا يقصد منه الرضاض إلا إذا كان من شيء نفيس كذهب أو عود فتنزل الوصية عليه وكأنه أوصى برضاضه إذا كسر والوصية تقبل التعليق واعلم أنه سبق في بيع الملاهي التي يعد رضاضها مالا ثلاثة أوجه ثالثها إن كانت متخذة من شيء نفيس صح وإلا فلا فإن اكتفينا بمالية الرضاض لصحة البيع فكذا الوصية وإلا فلا فإذا ما ذكره الجمهور مع ما ذكره الإمام وجهان في المسألة وكما أطلق الجمهور بطلان البيع فكذا الوصية وكما اختار الإمام صحة البيع إذا كان شيئاً نفيسا فكذا صحح الوصية فيه.
سبق أن الموصى به ينبغي أن لا يزيد على ثلث المال ينقص من الثلث شيئاً وقيل إن كان ورثته أغنياء استوفى الثلث وإلا فيستحب النقص منه وبأي يوم يعتبر المال وجهان أحدهما بيوم الوصية كما لو نذر التصدق بماله وأصحهما بيوم الموت إذ يملك بعد الموت فعلى هذا لو زاد ماله بعد الوصية تعلقت الوصية به وكذا لو هلك ثم كسب مالا تعلقت به ولو أوصى بعشرة ولا مال له ثم كسبه تعلقت به وعلى الوجه الأول كل ذلك بخلافه ومنهم من قطع في اعتبار القدر بيوم الموت وخص الخلاف بمن لم يملك شيئاً أصلا ثم ملكه ثم الثلث الذي تنفذ فيه الوصية هو ثلث الفاضل عن الديون فلو كان عليه دين مستغرق لم تنفذ الوصية في شيء لكن يحكم بانعقادها في الأصل حتى ينفذها لو تبرع شخص بقضاء الدين أو أبرأه المستحق. فرع التبرعات المعلقة بالموت وهي الوصايا معتبرة من الثلث سواء أوصى المتصل بالموت معتبرة من الثلث ولو وهبه في صحته وأقبض في مرضه فمن الثلث لأن الهبة إنما تملك بالقبض وهذه القاعدة يحتاج فيها إلى معرفة ثلاثة أشياء أن المرض المخوف ماذا وأن التبرعات والتصرفات المحسوبة من الثلث ما هي وأنها كيف تحسب فنعقد في كل واحدة فصلا.
والأحوال التي هي في معناه وبيان طريق معرفته عند الإشكال وبيان ما يحكم به اللخوف وغير المخوف. فهذه ثلاثة أمور أما الأول فما بالإنسان من مرض وعلة إما أن ينتهي به إلى حال يقطع فيها بموته منه عاجلا وذلك بأن يشخص بصره عند النزع وتبلغ الروح الحنجرة أو يقطع حلقومه ومريه أو يشق بطنه وتخرج حشوته وقال الشيخ أبو حامد أو يغرق في الماء ويغمره وهو لا يعرف السباحة فلا اعتبار بكلامه ووصيته وغيرها في شيء من هذه الأحوال حتى لا يصح إسلام الكافر ولا توبة الفاسق والحالة هذه لأنه صار في حيز الأموات وحركته حركة المذبوح قلت واحتج أصحابنا بأن هذه هي الحال التي قال فيها فرعون آمنت فلم يصح منه والله أعلم. وإما أن لا ينتهي إليها فأما أن يخاف منه الموت عاجلا وهو المخوف الذي يقتضي الحجر في التبرعات وإما أن لا يكون كذلك فحكمه حكم الصحة هذا ضابطه ثم تكلم الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم في أمراض خاصة مخوفة وغير مخوفة فمن المخوفة القولنج وهو أن تنعقد أخلاط الطعام في بعض الأمعاء فلا تنزل ويصعد بسببه البخار إلى الدماغ فيؤدي إلى الهلاك ومنها ذات الجنب وهي قروح تحدث في داخل الجنب بوجع شديد ثم ينفتح في الجنب ويسكن الوجع وذلك وقت الهلاك وكذلك وجع الخاصرة ومنها الرعاف الدائم لأنه يسقط القوة وابتداؤه ليس بمخوف ومنها الإسهال إن كان متواترا فمخوف لأنه ينشف رطوبات البدن وإن كان يوماً ويومين ولم يدم فليس مخوفا إلا إذا انضم إليه أحد أمور أحدها أن ينخرق البطن فلا يمكنه الإمساك ويخرج الطعام غير مستحيل الثاني أن يكون معه زحير وهو أن يخرج بشدة ووجع أو تقطيع وهو أن يخرج كذلك ويكون منقطعا وقد يتوهم إنفصال شيء كثير فإذا رآه نظره كان قليلا الثالث أن يعجله ويمنعه النوم الرابع إذا كان معه دم نقل المزني أنه ليس بمخوف وفي الأم أنه إن كان يوماً أو يومين ولا يأتي معه دم لا يكون مخوفاً وهذا يشعر بأنه مع الدم مخوف فمن الأصحاب من قال سها المزني وهو مخوف لأنه يسقط القوة قاله المسعودي. وتأول الأكثرون فحملوا نقل المزني على دم يحدث من المخرج من البواسير ونحوه ونص في الأم على دم الكبد وسائر الأعضاء الشريفة فهذا مخوف وذاك غير مخوف ومنها السل وهو داء يصيب الرئة ويأخذ البدن منه في النقصان والاصفرار وقد أطلق في المختصر أنه ليس بمخوف فأخذ بهذا الإطلاق آخذون حتى قال الحناطي إنه ليس بمخوف لا في أوله ولا في آخره ووجهوه بأن السل وإن لم يسلم منه صاحبه غالبا فإنه لا يخشى منه الموت عاجلا فيكون كالشيخوخة والهرم وذكر صاحب المهذب والغزالي أنه مخوف في إنتهائه دون إبتدائه وعكسه البغوي والأشبه بأصل المذهب ما قاله الحناطي وموافقوه ومنها الفالج وسببه غلبة الرطوبة والبلغم وإبتداؤه مخوف فإذا استمر فليس بمخوف وسواء كان معه إرتعاش أم لا لأنه لا يخاف منه الموت عاجلا وفي وجه إن لم يكن معه إرتعاش فمخوف ومنها الحمى الشديدة وهي ضربان مطبقة وغيرها فالمطبقة هي اللازمة التي لا تبرح فإن كانت حمى يوم أو يومين لم تكن مخوفة وإن زادت فمخوفة وفي وجه الحمى من أول حدوثها مخوفة والصحيح الأول وعلى هذا لو اتصل الموت بحمى يوم أو يومين نظر في عطيته إن كانت قبل أن يعرق فهي من الثلث وقد بانت مخوفة وإن كانت بعد العرق فمن رأس المال لأن أثرها زال بالعرق والموت بسبب آخر ذكره صاحبا التهذيب و التتمة الضرب الثاني غير المطبقة وهو أنواع الورد وهي التي تأتي كل يوم والغب وهي التي تأتي يوماً وتقلع يوماً والثلث وهي التي تأتي يومين وتقلع يوماً وحمى الأخوين وهي التي تأتي يومين وتقلع يومين والربع وهي التي تأتي يوماً وتقلع يومين فما سوى الربع والغب من هذه الأنواع مخوف والربع على تجردها غير مخوفة لأن المحموم يأخذ قوته في يوم الإقلاع وفي الغب وجهان قلت أصحهما مخوفة وبه قطع الرافعي في المحرر والله أعلم. وأما الحمى اليسيرة فغير مخوفة بحال ومنها الدق وهو داء يصيب القلب ولا تمتد معه الحياة غالبا وهو مخوف ومنها قال الشافعي رضي الله عنه من ساوره الدم حتى تغير عقله أو المرار أو البلغم كاق مخوفا وقال أيضاً الطاعون مخوف حتى يذهب وقوله ساوره بالسين المهملة أي واثبه وهاج به والمرار الصفراء فهيجان الصفراء والبلغم مخوف وكذا هيجان الدم بأن يثور وينصب إلى عضو كيد ورجل فتحمر وتنتفخ وقد يذهب العضو إن لم يتدارك أمره في الحال وإن سلم الشخص وقوله حتى تغير عقله ليس مذكورا شرطا بل هو مخوف وإن لم يتغير العقل نص عليه في الأم والطاعون فسره بعضهم بما ذكرناه من إنصباب الدم إلى عضو وقال أكثرهم إنه هيجان الدم في جميع البدن وانتفاخه قال المتولي وهو قريب من الجذام من أصابه تأكلت أعضاؤه وتساقط لحمه ومنها الجراحة إن كانت على مقتل أو نافذة إلى جوف أو في موضع كثير اللحم أو لها ضربان شديد أو حصل معها تأكل أو ورم فهي مخوفة وإلا فلا وقيل الورم وحدة لا يجعلها مخوفة بل يشترط معه التأكل ومنها القيء إن كان معه دم أو بلغم أوغيرهما من الأخلاط فمخوف وإلا فلا إلا أن يدوم ومنها البرسام وهو مخوف. فرع وأما الجرب ووجع الضرس والعين والصداع فغير مخوفة. فرع هذا الذي ذكرناه في الأمراض وقد تعرض أحوال تشبه الأمراض في اقتضاء الخوف وفيها صور. إحداها إذا التقى الفريقان والتحم القتال بينهما واختلطوا الثالثة إذا وقع في أسر الكفار وعادتهم قتل الأسارى الرابعة قدم ليقتل قصاصا ولم يجرح بعد فالحكاية عن نص الشافعي رحمه الله في الصور الثلاث الأولى أن لها حكم المخوف وعن نصه في الإملاء في الرابعة المنع وللأصحاب فيها طريقان أصحهما على قولين أظهرهما إلحاقها بالمخوف والطريق الثاني العمل بظاهر النصين والفرق أن مستحق القصاص لا تبعد منه الرحمة والعفو طمعا في الثواب أو المال وعن صاحب التقريب أنه إن كان هناك ما يغلب على الظن أنه يقتص من شدة حقد أو عداوة قديمة فمخوف وإلا فلا ثم موضع الخلاف في صورة التحام القتال ما إذا كان الفريقان متكافئين أو قريبين من التكافؤ وإلا فلا خوف في حق الغالبين قطعاً ولا خوف أيضاً قطعاً فيما إذا التحم الحرب ولم يختلط الفريقان وإن كانا يتراميان بالنشاب والحراب ولا فيما إذا كان البحر ساكنا ولا في الأسير في أيدي الكفار الذين لا يقتلون الأسارى كالروم قلت وسواء في مسألة القتال كان الفريقان مسلمين أو كفارا أو فريقا مسلمين وفريقا كفارا كذا صرح به القاضي أبو الطيب وغيره والله أعلم. الصورة الخامسة إذا قدم ليقتل رجما في الزنا أو ليقتل في قطع الطريق فهو كالتحام القتال فعلى طريق يقطع بأنه مخوف وعلى طريق قولان وقيل إن ثبت الزنا بالبينة فمخوف بخلاف الإقرار لإحتمال الرجوع السادسة إذا وقع الطاعون في البلد وفشا الوباء فهل هو مخوف في حق من لم يصبه وجهان أصحهما مخوف السابعة الحامل قبل أن يحضرها الطلق ليست فيحال خوف وإن ضربها الطلق فقولان أظهرهما مخوف وإذا وضعت فالخوف باق إلى إنفصال المشيمة فإذا انفصلت زال الخوف إلا إذا حصل من الولادة جراحة أو ضربان شديد أو ورم وإلقاء العلقة والمضغة لا خوف فيه قاله الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وقال المتولي هو كالولادة قلت الأصح أو الصحيح أنه لا خوف فيهما كذا نقله القاضي أبو الطيب في تعليقه عن الأصحاب قالوا لأنه أسهل خروجا من الولد والله أعلم. وموت الولد في الجوف يوجب الخوف الأمر الثاني إذا أشكل مرض فلم يدر أمخوف هو أم لا فالرجوع فيه إلى أهل الخبرة والعلم بالطب ويشترط في المرجوع إليه الإسلام والبلوغ والعدالة والحرية والعدد وقد ذكرنا وجها في جواز العدول من الوضوء إلى التيمم بقول المراهق والفاسق ووجها أنه لا يشترط العدد وعن أبي سليمان الخطابي وجه لم نذكره هناك أنه يجوز العدول بقول طبيب كافر كما يجوز شرب الدواء من يده ولا يدرى أنه دواء أم داء ولا يبعد أن تطرد هذه الأوجه هنا وقد قال الإمام هنا الذي أراه أن لا يلحق بالشهادات من كل وجه بل يلحق بالتقويم وتعديل الأنصباء في القسمة حتى يختلف الرأي في اشتراط العدد قلت المذهب الجزم باشتراط العدد وغيره مما ذكرنا أولا لأنه يتعلق بهذا حقوق الآدميين من الورثة والموصى لهم فاشترط شروط الشهادة كغيرها من الشهادات بخلاف التيمم فإنه حق لله تعالى مبني على المسامحة مع أنه ينتقل إلى بدل وليس كالتقويم الذي هو تخمين في محسوس يمكن تدارك الخطأ إن وقع فيه والله أعلم. فرع إذا اختلف الوارث والمتبرع عليه في كون المرض مخوفا بعد موت المتبرع فالقول قول المتبرع عليه لأن الأصل عدم الخوف وعلى الوارث البينة ولا تثبت دعواه إلا بشهادة رجلين لأنها شهادة على غير المال وإن كان المقصود المال لكن لو كانت العلة بامرأة على وجه لا يطلع عليه الرجال غالبا قبلت شهادة رجلين ورجل وامرأتين وأربع نسوة ويعتبر في الشاهدين العلم بالطب قاله البغوي الأمر الثالث إذا وجدنا المرض مخوفا حجرنا عليه في التبرع فيما زاد على الثلث ولم ننفذه لكنه لو فعل ثم برأ من مرضه تبين صحة تبرعه وأن ذلك المرض لم يكن مخوفاً ومن هذا القبيل ما إذا التحم القتال وحكمنا بأنه مخوف ثم انقضت الحرب وسلم وأما إذا رأينا المرض غير مخوف فاتصل به الموت فينظر إن كان بحيث لا يحال عليه الموت كوجع الضرس ونحوه فالتبرع نافذ والموت محمول على الفجأة وإن كان غيره كإسهال يوم أو يومين تبينا باتصال الموت به كونه مخوفا وكذلك حمى يوم أو يومين قاله في الوسيط وقد سبق الفرق بين أن يعرق أو لا يعرق في هذه الصورة. فرع قال الإمام لا يشترط في المرض المخوف كون الموت منه غالباً يكفي أن لا يكون نادرا بدليل البرسام ولو قال أهل الخبرة هذا المرض لا يخاف منه الموت لكنه سبب ظاهر في أن يتولد منه المرض المخوف فالأول مخوف أيضاً وهذا يشكل بالحمل قبل أن يأخذها الطلق فإن قالوا يفضي إلى المخوف نادرا فالأول ليس بمخوف قلت وإذا كان المرض مخوفا فتبرع ثم قتله إنسان أو سقط من سطح فمات أو غرق حسب تبرعه من الثلث كما لو مات بذلك المرض ذكره البغوي و الله أعلم.
المحسوب من الثلث وهو إزالة الملك عن مال مجانا كالهبة والوقف والصدقة وغيرها قلت ينبغي أن يضم إليه ما يتناول التبرع بالكلب وسائر النجاسات وبالمنفعة التي تصح الوصية بها فيقال إزالة الاختصاص عن مال ونحوه والله أعلم. وفيما يدخل في الضابط ويخرج مسائل إحداها ما يستحق عليه من ديون الله تعالى كالزكاة وحجة الإسلام وديون الآدميين تخرج بعد موته وتكون من رأس المال أوصى بها أو لم يوص وقيل إذا أوصى بها حسبت من الثلث وهو ضعيف وهذا الذي نوجبه من رأس المال بلا خلاف إذا لم يوص هو فيما وجب بأصل الشرع كالزكاة وحجة الإسلام وأما الكفارات والنذور ففيها خلاف سيأتي في الباب الثاني إن شاء الله تعالى. فرع لو قضى في مرضه ديون بعض الغرماء لم يزاحمه غيره إن بجميع الديون وكذا إذا لم يف على الصحيح المعروف المسألة الثالثة البيع بثمن المثل نافذ من رأس المال سواء باع للوارث أم لغريمه أم لغيرهما وإن باع بمحاباة فإن كانت يسيرة يتسامح بمثلها كان كالبيع بثمن المثل وإن كانت أكثر من ذلك فإن كانت لوارث فهي وصية لوارث وإلا فمعتبرة من الثلث فإن لم تخرج من الثلث فإن أجاز الوارث نفذ البيع في الكل وإلا بطل فيما لا يخرج وفيما يخرج طريقان سبقا وإذا لم تبطل ففي كيفية صحة البيع قولان وقد سبق كل هذا في باب تفريق الصفة ثم المحاباة المعتبرة من الثلث ما تزيد على ما يتغابن بمثله ذكره الحناطي وأبو منصور هذا كله إذا باع بثمن حال فإن باع بمؤجل ولم يحل حتى مات اعتبر من الثلث سواء باع بثمن المثل أو أقل أو أكثر لما فيه من تفويت اليد على الورثة وتفويت اليد ملحق بتفويت المال ألا ترى أن الغاصب يضمن بالحيلولة كما يضمن بتفويت المال فليس له تفويت اليد عليهم كما ليس له تفويت المال فإن لم يخرج من الثلث ورد الوارث ما زاد فالمشتري بالخيار بين فسخ البيع والإجازة في الثلث بثلث الثمن فإن أجاز فهل يزيد ما صح فيه البيع إذا أدى الثلث فيه وجهان حكاهما في التهذيب أصحهما لا لانقطاع البيع بالرد والثاني نعم لأن ما يحصل للورثة ينبغي أن نصحح الوصية في مثل نصفه فعلى هذا يصحح البيع في قدر نصف المؤدى وهو السدس بسدس الثمن فإذا أدى ذلك السدس زيد بقدر نصف النصف وهكذا إلى أن يحصل الإستيعاب المسألة الثانية نكاح المريض صحيح فإن نكح بمهر المثل أو أقل فهو من رأس المال كما لو اشترى شيئاً بثمن مثله وإن كان بأكثر من مهر المثل استحقت مهر المثل والزيادة تبرع على الوارث وقد سبق حكمه فإن لم تكن وارثة كالذمية والمكاتبة فالزيادة محسوبة من الثلث فإن خرجت منه نفذ التبرع بها ولو ماتت الزوجة قبله فإن كانت الزيادة تخرج من الثلث سلمت لها لأنه لا يلزم الجمع بين التبرع والميراث وإن لم تخرج دارت المسألة ونذكرها في باب الدور إن شاء الله تعالى. لو نكحت المريضة بأقل من مهر المثل فالنقصان تبرع على فللورثة رده وتكميل مهر المثل فإن لم يكن وارثا بأن كان عبدا أو مسلما وهي ذمية لم يكمل مهر المثل ولم يعتبر هذا النقص من الثلث وإنما جعل ذلك وصية في حق الوارث ولم يجعل وصية في الاعتبار من الثلث لأن المريض إنما يمنع من تفويت ما عنده وهذا ليس بتفويت إنما هو امتناع من الكسب وأيضا فإن المنع فيما يتوهم بقاؤه للوارث وانتفاعه به والبضع ليس كذلك هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور وفي التتمة أنه يعتبر من الثلث وفرق بينه وبين ما إذا أجر نفسه بأقل من أجرة المثل فإنه لا يعتبر من الثلث مع أن كل واحد منهما لا يبقى للورثة بفرقين أحدهما أن النكاح بغير ذكر مهر يقتضي مهر المثل فإذا تزوجت بدونه فكأنها أسقطته بعد وجوبه فصار كالإبراء والثاني أن المحاباة في المهر فيها نوع عار على الورثة فأثبت لهم ولاية رفعها بخلاف الإجارة قلت هذان الفرقان ضعيفان جدا وكذا الحكم الذي ادعاه وشذ به و الله أعلم. المسألة الرابعة إجارة الدواب والعبيد وسائر الأموال بما دون أجرة المثل معتبرة من الثلث وكذلك إعارتها حتى لو انقضت مدة الإجارة أو الإعارة في مرضه واسترد العين اعتبر قدر المحاباة في مسألة الإجارة وجميع الأجرة في الإعارة من الثلث ولو أجر نفسه بمحاباة أو عمل لغيره متبرعا لم يحسب من الثلث على الأصح المسألة الخامسة كاتب في مرضه عبدا أو أوصى بكتابته تعتبر قيمته من الثلث سواء كاتبه بقيمته أو أقل أو أكثر ولو كاتب في الصحة واستوفى النجوم في مرضه لم تعتبر قيمته من الثلث ولو أعتقه في مرضه أو أبرأه من النجوم اعتبر من الثلث أقل الأمرين من قيمته أو النجوم المسألة السادسة الإستيلاد في المرض لا يعتبر من الثلث كما يستهلكه من الأطعمة اللذيذة والثياب النفيسة ويقبل إقرار المريض بالإستيلاد لقدرته على إنشائه ولا تعتبر قيمتها من الثلث المسألة السابعة قال لعبده أنت حر قبل مرض موتي بيوم أو شهر ثم مرض ومات لم يعتبر من الثلث وإن قال قبل موتي بشهر فإن نقص مرضه عن شهر فكذلك الجواب وإلا فهو كما لو علق عتق عبده في الصحة ووجدت الصفة في المرض وفيه قولان. فرع باع بمحاباة بشرط الخيار ثم مرض وأجاز في مدة الخيار إن قلنا الملك في زمن الخيار للبائع فقدر المحاباة من الثلث وإلا فلا لأنه ليس بتفويت بل امتناع من كسب فصار كما لو أفلس المشتري والمبيع قائم عنده ومرض البائع فلم يفسخ وكما لو أمكنه فسخ النكاح بعيبها فترك حتى مات واستقر المهر فإنه لا يحسب من الثلث وكذا لو اشترى بمحاباة ثم مرض ووجد بالمبيع عيبا ولم يرد مع الإمكان لا يعتبر قدر المحاباة من الثلث ولو وجد العيب وتعذر الرد بسبب فأعرض عن الأرش اعتبر قدر الأرش من الثلث وقدر المحاباة في الإقالة يعتبر من الثلث وخلع المريض لا يعتبر من الثلث لأن له أن يطلق مجانا وخلع المريضة مذكور في كتاب الخلع.
إذا وجد تبرعان وأكثر وضاق الثلث عنها فهي إما منجزة وإما معلقة بالموت وإما من النوعين القسم الأول المنجزة كالإعتاق والإبراء والوقف والصدقة والهبة المقبوضة والمحاباة في العقود فإن ترتبت قدم الأول فالأول إلى استغراق الثلث فإذا تم الثلث وقف أمر الزائد على إجازة الوارث على ما سبق وسواء كان المتقدم والمتأخر جنسا أو جنسين وسواء تقدم العتق على المحاباة ونحوها أو تقدمت عليه لأن الأول لازم لا يفتقر إلى رضى الورثة فكان أقوى وإن وجدت دفعة واحدة واتحد الجنس مثل أن قال لعبيد أعتقتكم أو أبرأ جماعة من ديونه أو وهب لهم لم يقدم البعض على البعض لكن في غير العتق يقسط الثلث على الجميع باعتبار القيمة كما يقتضيه الحال من التساوي أو التفاضل وفي العتق يقرع بين العبيد ولا توزع الحرية. وإن اختلف الجنس بأن وكل في كل تبرع وكيلا فتصرفوا دفعة واحدة فإن لم يكن فيها عتق قسط الثلث على الجميع باعتبار القيمة وإن كان فهل يقسط أم يقدم العتق قولان كما سنذكره في القسم الثاني التبرعات المعلقة بالموت كالوصايا وتعليق العتق فلا يقدم عتق على عتق ولا تبرع غير العتق على غيره وإن تقدم بعضها على بعض في الإيصاء بل في العتق يقرع وفي غيره يقسط الثلث على الجميع باعتبار القيمة وفي العتق هنا وجه أنه يقسط وتخص القرعة بالمنجز لورود الحديث الصحيح فيه والصحيح الأول ثم هذا عند إطلاق الوصية أما إذا قال اعتقوا سالما بعد موتي ثم غانما أو ادفعوا إلى زيد مائة ثم إلى عمرو مائة فيقدم ما قدمه قطعاً وإذا اجتمع في هذا القسم عتق وغيره فهل يقدم العتق لقوته أم يسوى فيه قولان أظهرهما التسوية هذا في وصايا التمليك مع العتق أما إذا أوصى للفقراء بشىء وبعتق عبد فقال البغوي هما سواء لاشتراكهما في القربة وقطع الشيخ أبو علي بطرد القولين لوجود القوة والسراية قلت الثاني أصح و الله أعلم. وإذا سوينا فما خص العبيد إذا ضاق عنهم يقرع والكتابة مع الهبة وسائر الوصايا كالعتق فتكون على القولين وقيل يسوى هنا قطعاً إذ ليس لها قوة وسراية القسم الثالث إذا صدرت منه تبرعات منجزة ومعلقة بالموت قدمت المنجزة لأنها تفيد الملك ناجزا ولأنها لازمة ولا يملك المريض الرجوع فيها. فرع علق عتق عبد بالموت وأوصى بعتق آخر فلا يقدم أحدهما على لأن وقت استحقاقهما واحد وقد اشتركا في القوة وفي وجه المدبر أولى بالعتق لأنه سبق عتقه فإن الآخر يحتاج إلى إنشاء عتقه والصحيح الأول. فرع لا يؤثر تقدم الهبة وحدها بلا قبض لأن ملكها بالقبض حتى وهب المريض ثم أعتق أو حابى في بيع ثم أقبض الموهوب قدم العتق والمحاباة ولا تفتقر المحاباة في بيع ونحوه إلى قبض لأنها في ضمن معاوضة. فرع قال في مرضه سالم حر وغانم حر وخالد حر فهذا من المنجزة ولو قال سالم وغانم وخالد أحرار فهو من صور وقوعها دفعة واحدة ولو علق عتقهم بالموت أقرع بينهم سواء قال إذا مت فسالم حر وغانم حر وخالد حر أو قال فهم أحرار ولو قال إذا مت فسالم حر وإن مت من مرضي هذا فغانم حر فإن مات من ذلك المرض ولم يف الثلث بهما أقرع بينهما وإن برأ ومات بعده بطل التدبير المقيد ويعتق سالم. فرع قال إن أعتقت غانما فسالم حر ثم أعتق غانما في مرض خرجا من الثلث عتقا وإن لم يخرج إلا أحدهما فقيل يقرع كما لو قال أعتقتكما والصحيح أنه لا قرعة بل يتعين غانم للعتق لأنا لو أقرعنا ربما خرجت على سالم فيلزم إرقاق غانم فإن خرجا من الثلث عتقا وإن لم يخرج إلا أحدهما فقيل يقرع كما لو قال أعتقتكما والصحيح أنه لا قرعة بل يتعين غانم للعتق لأنا لو أقرعنا ربما خرجت على سالم فيلزم إرقاق غانم وإذا رق لم يحصل شرط عتق سالم ولو قال إن أعتقت غانما فسالم حر في حال إعتاقي غانما ثم أعتق غانما في مرضه فكذلك الجواب بلا فرق وعلى هذا لو قال إن أعتقت غانما فسالم وغانم حران ثم أعتق غانما والثلث لا يفي إلا بأحدهم عتق غانم ولا قرعة وإن فضل من الثلث شيء أقرع بين الآخرين فمن خرجت له قرعة الحرية عتق كله إن خرج كله وبعضه إن لم يخرج إلا بعضه وإن كان يخرج أحد الآخرين وبعض الثالث عتق من خرجت قرعته وعتق من الآخر بعضه. فرع قال لعبده إن تزوجت فأنت حر ثم تزوج في مرض الموت فقد ذكرنا أن مهر المثل محسوب من رأس المال والزيادة من الثلث وإن اقتضى الحال تنفيذ الزيادة نظر إن خرجت الزيادة وقيمة العبد من الثلث نفذ وإلا فيقدم المهر كذا ذكروه توجيها بأن المهر أسبق فإنه يجب بالنكاح والعتق يترتب عليه لكن مقتضى قولنا إن المرتب والمرتب عليه يقعان معا ولا يتلاحقان من حيث الزمان أن لا يقدم أحدهما على الآخر بل يوزع الثلث على الزيادة وقيمة العبد وقد صرحوا بأنه لو قال إن تزوجت فأنت حر في حال تزوجي أنه يوزع الثلث كذلك لأنه لا ترتب والفرق بين هذا وبين مسألة العبدين حيث لا يوزع هناك كما لا يقرع أن العتق هنا معلق بالنكاح والتوزيع لا يرفع النكاح ولا يقدح فيه وهناك عتق سالم معلق بعتق غانم كاملا وإذا وزعنا فلا يكمل عتق غانم ولا يمكن إعتاق شيء من سالم. فرع قال لأمته الحامل إن أعتقت نصف حملك فأنت حرة ثم في مرض موته فمقتضى عتق نصف الحمل سرايته إلى باقيه وعتق الأم بالتعليق فإن خرجا من الثلث عتقا وإن لم يخرج من النصف إلا الأم أو النصف الآخر بأن كان ماله ثلثمائة والأم منها خمسون والولد مائة فيقرع بين الأم والنصف الآخر وإن خرجت على النصف الآخر عتق جميع الحمل ورقت الأم وإن خرج على الأم لم يعتق كلها لأن الحمل في حكم جزء منها يتبع عتقه عتقها فتوزع قيمة الثلث وهي خمسون على الأم والنصف الباقي بالسوية فيعتق من الأم نصفها ومن النصف الباقي نصفه فيكون ثلاثة أرجاعه حرا ولو كانت الصورة كما ذكرنا إلا أن قيمة الأم مائة وخرجت القرعة على الأم وزعت الخمسون عليها وعلى النصف الآخر الباقي أثلاثا فيعتق منها ثلثها وهو ثلثا الخمسين ومن النصف الباقي ثلثه وهو ثلث الخمسين وسدس جملته فيكون الحر من الأم الثلث ومن الولد الثلثين. فرع أوصى بعبد أو ثوب يخرج من ثلث ماله وباقي ماله غائب كله إلى الموصى له ولا يسلط على التصرف فيه مالم يحضر من المال الغائب ما يخرج الموصى به من ثلثه لأن ما يحصل للموصى له ينبغي أن يجعل للوارث مثلاه وربما تلف الغائب وهل يتسلط على التصرف في ثلثه وجهان أصحهما المنع لأن تسليطه يتوقف على تسليط الورثة على مثلي ما تسلط عليه ولا يمكن تسليطهم لاحتمال سلامة الغائب فيخلص جميع الموصى به للموصى له فلو تصرفوا في ثلثي الحاضر قال أبو الفرج السرخسي إن بان هلاك الغائب تبينا نفوذ تصرفهم ولك أن تقول ينبغي تخريجه على وقف العقود قلت بل ينبغي تخريجه على القولين فيمن باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا والله أعلم. قال السرخسي وإن سلم وعاد إليهم تبينا بطلان التصرف على الصحيح وقيل يمضى على الصحة ويغرم للموصى له الثلثين وهو ضعيف ولو أعتق عبدا هو ثلث ماله أو دبره وباقي ماله غائب ففي نفوذ العتق والتدبير في ثلثه الخلاف المذكور في الوصية كذا ذكروه وقد يستبعد التردد في العتق في الثلث فإنه حر على كل تقدير بل الوجه الجزم بحصول الملك في الثلث وفي الوصية أيضاً ورد الخلاف إلى أنه هل ينفذ تصرفه فيه أم يمنع من التصرف إلى أن يتسلط الوارث على مثليه الركن الرابع الصيغة فنتكلم في طرف الإيجاب ثم طرف القبول أما الإيجاب فلا بد منه بأن يقول أوصيت له بكذا أو أعطوه أو ادفعوا إليه بعد موتي كذا أو هو له أو جعلته له بعد موتي أو ملكته أو وهبته له بعد موتي أما إذا اقتصر على قوله وهبته له ونوى الوصية فالأصح أنه لا يكون وصية لأنه أمكن تنفيذه في موضوعه الصريح وهو التمليك الناجز ولو قال هذا له فهو إقرار يؤاخذ به ولا يجعل كناية عن الوصية إلا أن يقول هو له من مالي أو يقول عبدي هذا لفلان فيصح كناية عن الوصية لأنه لا يصلح إقرارا ولو قال عينته له فهذا كناية لأنه يحتمل التعيين للتمليك بالوصية والتعيين للإعارة وتصح الوصية بالكتابة مع النية بلا خلاف لما سبق في كتاب البيع أن ما يقبل مقصوده التعليق بالاغرار كالكتابة والخلع ينعقد بالكتابة مع النية والوصية تقبل التعليق بالإغرار فأولى أن تنعقد بالكتابة ولو كتب إني أوصيت لفلان بكذا قال المتولي لا ينعقد إذا كان الشخص ناطقا كما لو قيل له أوصيت لفلان بكذا فأشار أن نعم ولو وجد له كتاب وصية بعد موته ولم تقم بينة على مضمونه أو كان قد أشهد جماعة أن الكتاب خطي وما فيه وصيتي ولم يطلعهم على ما فيه فقال جمهور الأصحاب لا تنفذ الوصية بذلك ولا يعمل بما فيه حتى يشهد الشهود به مفصلا ونقل الإمام والمتولي أن محمد بن نصر المروزي من أصحابنا قال يكفي الإشهاد عليه مبهما وروى أبو الحسن العبادي أنه قال يكفي الكتاب من غير إشهاد واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم " إلا ووصيته مكتوبة عنده " أشعر ذلك باعتبار الكتابة. واعلم أن انعقاد الوصية بالكتابة ليس ببعيد وإن استبعدوه لأن الكتابة ككنايات الألفاظ وقد سبق في البيع ذكر الخلاف في انعقاد البيع ونحوه بالكنايات وذكرنا الآن أن الوصية أشد قبولا للكنايات فإذا كتب وقال نويت الوصية لفلان أو اعترف ورثته به بعد موته وجب أن يصح فرع لو اعتقل لسانه صحت وصيته بالإشارة والكتابة.
وأما القبول فإن كانت الوصية لغير معين كالفقراء لزمت بالموت ولم يشترط وإن كانت لمعين فالمذهب اشتراط القبول ولا يصح قبول ولا رد في حياة الموصي فله الرد وإن قبل في الحياة وبالعكس لأنه لا حق له قبل الموت فأشبه إسقاط الشفعة قبل البيع ولا يشترط الفور في القبول بعد الموت قلت هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور وفيه وجه يشترط الفور حكاه صاحب المستظهري وليس بشيء والله أعلم. فإن رد بعد الموت فله أحوال أحدها أن يقع قبل القبول فترتد الوصية ويستقر الملك للورثة في الموصى به ولو أوصى بالعين بالعين لواحد وبالمنفعة الآخر فرد الموصى له بالمنفعة فهل هي للورثة أم للموصى له بالعين وجهان أصحهما الأول ولو أوصى بخدمة عبد لرجل سنة وقال هو حر بعد سنة فرد الموصى له لم يعتق قبل السنة الثاني أن يقع بعد القبول وقبل الموصى له فلا يصح رده فإن راضى الورثة فهو ابتداء تمليك منه لهم الثالث أن يقع بعد القبول وقبل القبض فلا يصح الرد على الأصح ولو قال رددت الوصية لفلان يعني أحد الورثة قال في الأم إن قال أردت لرضاه كان ردا على جميع الورثة وإن قال أردت تخصيصه بالرد عليه فهو هبة له خاصة قال الأصحاب هذا تفريع على تصحيح الرد بعد القبول وإلا فما لا يملكه لا يمكنه أن يملكه غيره ثم لم يعتبر لفظ الهبة والتمليك وقال القاضي أبو الطيب لا بد منه وهو القياس ولو مات ولم يبين ما أراده جعل ردا على جميع الورثة. فرع إذا لم يقبل الموصى له ولم يرد فللوارث مطالبته بأحد فإن امتنع حكم عليه بالرد. فرع لو مات الموصى له قبل موت الموصي بطلت الوصية وإن مات بعد موته قام وارثه مقامه في
فيه ثلاثة أقوال. أحدها بالموت والثاني بالقبول وعلى هذا هل الملك قبل القبول للوارث أم للميت وجهان أصحهما الأول والثالث وهو الأظهر أنه موقوف فإن قبل تبينا أنه ملك بالموت وإلا بان أنه كان للوارث ولو أوصى بإعتاق عبد معين بعد موته فالملك في العبد إلى أن يعتق للوارث بلا خلاف لأنه ليس تمليكا ويتفرع على الأقوال مسائل إحداها كسب العبد وثمرة الشجرة وسائر زوائد الموصى به إن حصلت قبل موت الموصي فهي له ولا تتناولها الوصية وإن حصلت بعده وبعد قبول الموصى له فهي للموصى له وإن حصلت بعد موته وقبل القبول فإن قلنا يملك بالموت فهي للموصى له قبل الوصية أو ردها وفيما إذا ردها وجه أن الزوائد ترتد أيضاً وإن قلنا يملك بالقبول لم تكن الزوائد للموصى له قبل الوصية أو ردها وفيما إذا قبل وجه أنها له لأن له حق التمليك من حين الموت فهي حادثة في محل حقه و إن قلنا بالوقف فهي موقوفة. فإن قبل فله وإلا فلا وحيث قلنا ترتد الزوائد فإلى من ترتد وجهان أحدهما إلى الموصي فتكون من جملة تركته يقضى منها دينه وتنفذ وصاياه كالأصل وأصحهما أنها للوارث لأنها حدثت بعد زوال ملك الموصي وعلى هذا الخلاف ولد الجارية والبهيمة الموصى بهما ويتعلق بهما تفصيل وأحوال نذكرها إن شاء الله تعالى على الأثر موضحة الثانية فطرة العبد الموصى به إذا وقع وقت وجوبها بين القبول والموت على من تجب يخرج على هذه الأقوال وقد ذكرناه في زكاة الفطر والنفقة والمؤن المحتاج إليها بين القبول والموت حكمها حكم الفطرة وقال في الوسيط إنها على الموصى له إن قبل على كل قول وعلى الوارث إن رد على كل قول والمعتمد ما نقلناه عن الأصحاب من طرد الخلاف وإذا توقف الموصى له في القبول والرد ألزم النفقة فإن أراد الخلاص رد الثالثة إذا زوج أمته حرا وأوصى له بها فإن رد الوصية استمر النكاح إلا إذا قلنا يملك بالموت فيفسخ النكاح من يوم الموت وإن كان الملك ضعيفاً وإن قبل انفسخ النكاح ويكون الانفساخ من يوم القبول إن قلنا يملك بالقبول ومن يوم الموت على سبيل التبين إن قلنا بالتوقف وإن كان زوجها وارثه ثم أوصى بها لغيره فإن قبل الموصى له الوصية استمر النكاح إلا إذا قلنا الملك يحصل بالقبول وإنه قبل القبول للوارث فإنه ينفسخ على الأصح وقيل لا لضعف الملك وإن رد انفسخ النكاح وفي استناد الفسخ إلى حالة الموت لضعف الملك هذا الخلاف هذا إذا خرجت الأمة من الثلث فإن لم تخرج ولم يجز الورثة انفسخ النكاح لدخول شيء مما يزيد على الثلث في ملك الزوج وإن أجازوا وقلنا يملكه بالموت أو موقوف فهل ينفسخ إن قلنا إجازتهم تنفيذ لما فعله الموصي فلا وإن قلنا ابتداء عطية فنعم الرابعة أوصى بأمته الحامل من زوجها لزوجها ولإبن لها حر ومات وخرجت كلها من الثلث وقبلا الوصية وهما موسران نظر إن قبلا معا عتقت الأمة كلها على إبنها نصفها بالملك والباقي بالسراية وعليه للزوج نص قيمتها ويعتق الحمل عليهما بالسوية أما نصيب الزوج فلأنه ولده وأما نصيب الإبن فلأن الأم عتقت عليه والعتق يسري من الحامل إلى ما يملكه المعتق من حملها ولا يقوم نصيب واحد منهما على الآخر لأن العتق عليهما حصل دفعة واحدة فأشبه ما إذا اشترى إبنان أباهما فإنه يعتق عليهما ولا تقويم وإن قبل أحدهما قبل الآخر فإن قلنا يحصل الملك بالموت أو قلنا بالوقف فالجواب كذلك لأن وقت الملك واحد وإن اختلف وقت القبول وإن قلنا يحصل بالقبول فإن تقدم قبول الإبن عتقت الأمة والحمل عليه أما الأم فبالملك و السراية وأما الحمل فبسراية عتق الأم إليه وعليه للزوج نصف قيمتها وإن تقدم قبول الزوج عتق جميع الحمل عليه النصف بالملك والباقي بالسراية فيغرم نصف قيمته يوم الولادة للإبن ولا يعتق عليه من الأمة شيء فإذا قبل الإبن عتق عليه جميعها بالملك والسراية وغرم للزوج نصف قيمتها قلت ويجيء وجه أن الأمة تعتق على الزوج تفريعا على قول الأستاذ أبي إسحاق إن عتق الجنين يسري إلى عتق الأم و الله أعلم. وأما إذا قبل الزوج وحده فيعتق عليه الحمل نصفه بالملك ونصفه بالسراية فيغرم نصف قيمته قلت وفيه وجه أبي إسحاق والله أعلم. وإن قبل الإبن وحده عتقا عليه جميعاً وغرم نصف قيمتها لورثة الموصي قلت قد كرر الإمام الرافعي نصف القيمة في هذه المسألة كما قاله غيره والقياس أنه يجب قيمة النصف وهي أقل لأنه إنما أتلف نصفا والله أعلم. الخامسة أوصى لإنسان بمن يعتق عليه كأبيه وابنه لم يجب عليه قبول الوصية كما لا يجب شراؤه إذا قدر عليه بل له الرد على الصحيح وقيل يمنع الرد إن قلنا يملك بالموت لأنه يعتق عليه وبه قطع المتولي تفريعا على هذا القول والجمهور على خلافه وأنه لا يعتق عليه قبل قبوله ثم إن رد فذاك وإن قبل و قلنا يملك بالقبول عتق عليه حينئذ وإن قلنا بالموت أو موقوف تبين أنه عتق عليه يوم الموت ولو ملك ابن أخيه وأوصى به لأجنبي ووارثه أخوه فقبل الموصى له الوصية فهو للأجنبي إن قلنا يملك بالموت أو موقوف و إن قلنا يملك بالقبول و أنه قبل القبول للوارث فمقتضاه العتق على الوارث يوم الموت لكن المنقول عن الأصحاب أنه لا يعتق عليه كي لا تبطل الوصية ولو أوصى لشخص بإبنه ومات الموصى له بعد موت الموصي و قبل القبول فأوجه أحدها أن الرد يمنع لعتقه عليه بالموت إذا قلنا يملك به والثاني ليس للوارث قبوله لما فيه من العتق على الميت بغير إذنه وإثبات الولاء له هذا إذا قلنا إن العتق إذا حصل وقع على الميت وسنذكر وهذان الوجهان ضعيفان جدا والثالث وهو الصحيح أن الوارث يقوم مقامه في الرد والقبول لنيابته عنه في حقوقه فإن قبل فهو كقبول الموصى له بنفسه إن قلنا يملك بالموت أو موقوف و إن قلنا يملك بالقبول نظر فإن لم يكن بين الموصى به ووارث الموصى له قرابة تقتضي عتقه عليه بأن كان الوارث أخا الموصى له فهل نحكم بعتقه وجهان أحدهما لا وبه قطع ابن الصباغ و آخرون و أصحهما نعم لأن الموصي إنما أوجب الملك للموصى له فلا يثبت لغيره وإنما اعتبرنا قبول وارثه نيابة و هذا كما لو نصب شبكة في حياته وتعلق بها صيد بعد موته فإنا نحكم بثبوت الملك له وإن كان بين الموصى به ووارث الموصى له قرابة تقتضي العتق بأن كان الوارث أبا الموصى له حكم بعتق الموصى به قطعاً و يعود الوجهان في أنه يعتق على الموصى له أم على وارثه و أن الولاء لمن يثبت فإن قلنا عن الموصى له قال الإمام يسند العتق إلى ألطف زمان قبل موت الموصى له و إذا لم نحكم بالعتق فيما إذا لم يكن بينهما قرابة فهل تقضى منه ديون الموصى له وجهان أصحهما نعم كديته فإنه تقضى منها ديونه و إن قلنا إنها تثبت للورثة ابتداء هذا حكم العتق وهل يرث الذي عتق من الموصي أما إذا قبل بنفسه فينظر إن قبل في صحته فنعم وإن قبل في مرض موته فإرثه مبني على أن عتقه إذا حصل الملك فيه لا بعوض بل بإرث أو هبة أو قبول وصية هل يعتبر من الثلث أم من رأس المال وفيه وجهان مذكوران في كتاب العتق إن وإن مات قبل القبول وقبل وارثه فإن حكمنا بالحرية عند القبول لم يرث لرقه وإن حكمنا بها عند الموت فإن كان القابل ممن يحجبه الموصى به كالأخ لم يرث لأنه لو ورث لحجب الأخ و أخرجه عن كونه وارثا و لبطل قبوله وإن كان لا يحجبه كابن الأخ فالصحيح أنه لا يرث أيضاً للدور في نصفه و قيل يرث و قال الداركي إن ثبت القبول للموصى له وهو مريض لم يرث لأن قبول ورثته كقبوله ولو قبل لكان وصيه والإرث لا يجامعها. فرع أوصى له بمن يعتق عليه فمات الموصى له عن إبنين فالقول في قبولهما تفريعا على الأقوال في وقت الملك كما سبق. والمذهب صحته ووقوع العتق عن الميت وإن قبل أحدهما فقط صح القبول في النصف وعتق على الميت ثم قال ابن الحداد وآخرون ينظر إن ورث القابل من الموصى له ما يفي بباقي قيمة الموصى به قوم عليه الباقي فيما ورثه و إلا فلا يقوم عليه ولا اعتبار بيسار القابل في نفسه ولا يثبت التقويم في نصيب الذي لم يقبل من التركة أما عدم اعتبار يساره فلأن العتق وقع عن الميت فلا يكون التقويم على غيره وأما عدم ثبوته في نصيب الذي لم يقبل فلأن سبب العتق القبول فالذي لم يقبل لم ينسب إليه ولك أن تقول وإن لم ينسب إليه فهو معترف بعتق نصيب القابل واقتضائه التقويم فالتقويم كدين يلحق التركة وقال الشيخ أبو علي يجب أن لا يقوم على الميت ويقصر العتق على القدر المقبول لمعنيين أحدهما أن الملك حصل للميت بغير اختياره بل بقبول الوارث فأشبه ما إذا ورث شقصا من عبد فعتق عليه لا يقوم الباقي والثاني أن العتق يحصل بعد موته ولا مال له حينئذ فأشبه ما إذا أعتق شقصا بعد الموت لا يقوم الباقي قال ورأيت هذا لبعض الأصحاب وللأولين أن يقولوا إنما حكمنا بالعتق على الميت لجعلنا الوارث نائبا عنه فكيف ينتفي اختياره مع النيابة لكنهما حكميان وأما الثاني فلا يسلم أن العتق يحصل بعد الموت بل يستند إلى قبيل الموت كما سبق ثم ولاء ما عتق منه للميت وهل يشترك فيه الإبنان أم ينفرد به القابل وجهان ولو أوصى لإنسان ببعض من يعتق عليه ومات الموصى له وقبل وارثه فالقول في عتقه على الميت وتقويم الباقي عليه على ما ذكرناه في هذه المسألة. السادسة أوصى بأمة لإبنها من غيره فإن خرجت من الثلث وقبل الإبن الوصية عتقت عليه وإن رد بقيت للوارث وإن لم تخرج فالجواب في قدر الثلث كذلك وأما الزائد فإن أعتقه الوارث وهو موسر عتق عليه ثم إن لم يقبل إبنها الوصية فقد تبينا أن جميعها للوارث فيسري العتق من البعض الذي أعتقه إلى الباقي وإن قبل عتق عليه ما قبل قال ابن الحداد ولا يقوم نصيبه على الوارث لأنا تبينا بالقبول حصول ملكه بالموت وتقدمه على إعتاق الوارث الزيادة ولا يقوم نصيب الوارث عليه لأنه أعتق نصيبه قبل قبوله قال الشيخ أبو علي الصواب عند الأصحاب أن يقال إن قلنا يملك بالموت ابتداء وتبينا قوم نصيب الوارث عليه وإن قلنا يملك بالقبول عتق الكل على الوارث لأنه يسري من نصيبه إلى قدر الثلث والقبول بعده كإعتاق الشريك الثاني بعد إعتاق الأول وهو موسر هذا إذا حكمنا بحصول السراية بنفس الإعتاق فإن قلنا لا تحصل إلا بأداء القيمة فقبوله كإعتاق الشريك الثاني نصيبه قبل أخذ القيمة وفيه وجهان أحدهما ينفذ لأنه ملكه وأصحهما لا لأن الأول استحق تقويمه عليه فعلى هذا له قيمة نصيبه على الوارث فلو كانت المسألة بحالها ووارث الموصي ابن له من هذه الأمة بنكاح فإن رد الموصى له عتقت على الإبن الذي هو وارث السيد وإن قبلها نظر إن خرجت من الثلث عتقت على الموصى له وإن لم تخرج فالزائد منها على الثلث أطلق ابن الحداد أنه يعتق في الحال على الوارث وفصل الشارحون فقالوا إن لم يجز الوارث الزيادة على الثلث فالجواب كذلك وإن أجاز فعتقه مبني على أن الإجازة ابتداء عطية أم تنفيذ إن قلنا بالأول فقد حكمنا للوارث بالملك قبل أن يعطى فيعتق عليه وإن قلنا تنفيذ لم يعتق لأنا على هذا القول لا نجعل الزائد للوارث بل نقفه على الرد والإجازة فإذا أجاز تبين أنه لم يملكه وأما قدر الثلث فإنه يعتق على الموصى له ولا يقوم نصيب أحدهما على الآخر السابعة أوصى بعبد لشخصين أحدهما قريبه الذي يعتق عليه فإن قبلا معا عتق جميعه على القريب إن كان موسرا النصف بالملك والنصف بالسراية ويغرم للأجنبي نصف قيمته وإن قبل القريب أولا فكذلك حكم العتق ويكون غرم النصف للأجنبي إن قبل بعد ذلك ولوارث الموصي إن لم يقبل وإن قبل الأجنبي أولا ملك نصيبه ويبقى نصيب القريب موقوفا إلى أن يقبل أو يرد فإن أعتق الأجنبي نصيبه قبل قبول القريب ثم قبل فإن قلنا يملك بالقبول قوم نصيبه على الأجنبي وكان كما لو أعتق الشريك نصيبه وهو موسر ثم أعتق الثاني نصيبه وإن قلنا يملك بالموت تبينا أن عتق الأجنبي غير نافذ وأنه عتق جميعه على الوارث وعليه نصف القيمة للأجنبي الثامنة أوصى بجارية فولدت فلها أحوال أحدها أن تلد قبل موت الموصي فينظر إن انقضى أقل مدة الحمل من يوم الوصية وهو ستة أشهر ثم ولدت لم يدخل الولد في الوصية لأنه يحتمل حدوثه بعد الوصية والأصل عدم الحمل يومئذ فلا يجعل للموصى له بالشك وإن لم ينقض أقل مدة الحمل علمنا وجوده يوم الوصية فيبنى على الخلاف في أن الحمل هل يعرف و يعطى حكما قبل الإنفصال أم لا إن قلنا بالثاني فالولد غير داخل في الوصية بل هو زيادة حدثت في ملك الموصي فيكون لورثته. وإن قلنا بالأول فهو كما لو أوصى بالجارية وولدها بعد الإنفصال فينظر أيقبلهما الموصى له أم يردهما أم يقبل أحدهما دون الآخر وفي هذا زيادة بحيث نذكره في أول الباب الثاني إن شاء الله فإن كان الموصى له زوج الجارية وقبل الوصية في الولد عتق كله عليه بالملك وله ولاؤه ولا تصير الجارية أم ولد له لأنها علقت منه برقيق الحال الثاني أن تلد بعد موت الموصي وقبل قبول الموصى له فهذا ثلاثة أقسام القسم الأول ولدت بعد مضي أقل مدة الحمل من يوم الموت فالولد غير موصى به لإحتمال حدوثه بعد الموت ثم إن كان الموصى له زوج الجارية بني حكم الولد على أن الوصية متى تملك إن قلنا بالقبول وأنها قبل القبول لورثة الموصي فالولد لهم لا إرثا من الميت بل لحدوثه في ملكهم وإن قلنا تملك بالموت أو موقوف فقبل فالعلوق في ملكه فينعقد الولد حرا لا ولاء عليه والجارية أم ولد له القسم الثاني ولدت قبل أقل مدة الحمل من يوم الموت وبعدها من يوم الوصية فيجعل كأنه حدث بعد الوصية فإن قلنا الحمل يعرف فالولد زيادة حدثت في ملك الموصي فهو له ولورثته بعده وإن قلنا لا يعرف ولا يعطى حكما بني على أن الوصية متى تملك إن قلنا بالقبول وأنها للورثة قبل القبول فالولد لهم لحدوثه في ملكهم وإن قلنا بالموت أو موقوف وكان الموصى له زوج الجارية وقبل عتق الولد عليه بالملك وله عليه الولاء ولا تصير الجارية أم ولد. القسم الثالث أن تلد قبل مضي أقل مدة الحمل من يومي الموت والوصية جميعاً فإن قلنا الحمل يعرف فكأنه أوصى بالجارية والحمل جميعاً وإلا فعلى الخلاف في أن الوصية متى تملك على ما ذكرناه في القسم الثاني الحال الثالث أن تلد بعد الموت والقبول وله صور أحدها تلد بعد مضي أقل مدة الحمل من وقت القبول فالولد للموصى له فلو كان زوج الجارية انعقد الولد حرا وصارت أم ولد له الثانية تلد قبل مضي هذه المدة من وقت القبول وبعدها من وقت الموت. فإن قلنا الوصية تملك بالموت أو موقوف فقبل فحكمه حكم الصورة الأولى وإن قلنا تملك بالقبول وأنها قبل القبول للورثة فإن قلنا الحمل يعرف فهو زيادة للورثة وإلا فللموصى له وإذا كان الموصى له زوج الجارية عتق الولد عليه وثبت له الولاء عليه ولا تصير أم ولد الثالثة تلد قبل مضي هذه المدة من وقت القبول والموت جميعاً وبعدها من يوم الوصية فإن قلنا الحمل يعرف فالولد غير داخل في الوصية وإن قلنا لا واعتبرنا حالة الإنفصال فالإنفصال حصل في ملك الموصى له فيكون الولد له ويعتق عليه إن كان زوجها ولا استيلاد الرابعة تلد قبل مضيها من يوم الوصية أيضاً فإن قلنا الحمل يعرف فهو داخل في الوصية وإلا فهو حاصل في ملك الموصى له فيكون له فإن كان زوجها عتق عليه بالملك ولا استيلاد. فرع نتاج باقي الحيوان يقاس بما ذكرناه في الجارية ويرجع في حملها إلى أهل الخبرة فإنها تختلف. فرع قال أبو الفرج الزاز حيث حكمنا بمصير الجارية أم ولد هل حقيقة الإصابة من يوم الملك أم يكفي إمكان الإصابة وجهان والثاني هو مقتضى كلام الجمهور قال وحيث بقينا الولد على ملك الوارث فالمعتبر من الثلث قيمة الجارية وحدها وإذا لم نبقه فالمعتبر من الثلث ما كان يوم موت الموصي موجودا فإن كانت حائلا اعتبر قيمتها وحدها وإن كانت حاملا فقيمتها مع قيمة الحمل وحينئذ فالنظر إلى قيمتها حاملا يوم موت الموصي عند جماهير الأصحاب وقال ابن سريج تعتبر قيمتها يومئذ لو كانت حائلا وتعتبر قيمة الحمل في أول حال الإنفصال وإذا قومناهما فخرجا من الثلث فذاك وإلا فلا يقرع بل تنفذ الوصية في القدر الذي يحتمله الثلث منهما على نسبة واحدة. فرع نقل المزني في المختصر أنه لو أوصى بأمة لزوجها فلم يعلم وضعت له بعد موت سيدها أولادا فإن قبل عتقوا ولم تكن أمهم أم ولد حتى تلد منه بعد قبوله بستة أشهر وفيه إشكال من وجهين أحدهما أنه لم اعتبر عدم الحمل بالوصية وهل يفترق الحال بين العلم وعدمه والثاني أنه حكم بحرية الأولاد وأنها لا تصير أم ولد فإن فرع على حصول الملك بالموت أو على الوقف فلم اعتبر مضي الأشهر في مصيرها أم ولد وإن فرع على الملك بالقبول فلم حكم بحرية الأولاد في الحال أما الأول فعن الخضري ما يقتضي الفرق بين العلم وعدمه واحتج بأن الشافعي رضي الله عنه قال لو وطىء أمة غيره يظن أنها زوجته الحرة فالولد حر ولو ظنها زوجته الرقيقة فالولد رقيق والصحيح أنه لا فرق في ثبوت أمية الولد في أميه بين علمه وعدمه حتى لو وطىء أمته يظنها أمة غيره أو حرة فأحبلها ثبتت أمية الولد فإذا قوله ولم يعلم ليس بقيد بل خرج على الغالب فإن الغالب أن الوصية لا تبقى مدة طويلة لا مقبولة ولا مردودة إلا إذا لم يعلم الموصى له لغيبته أو نحوها وأما الثاني فقيل هو تخليط من المزني فقوله عتقوا تفريع على حصول الملك بالموت وقوله ولا تصير أم ولد تفريع على حصوله بالقبول وقال الأكثرون بل هو تفريع على قول الوقف وأراد بالقبول في قوله بعد قبوله الموت فسماه قبولا لأنه وقت القبول وقال بعضهم لفظ الشافعي الموت لكن المزني سها فيه. ولو كانت الجارية الموصى بها زوجة الموصى له ومات الموصى له قبل القبول والرد فقد سبق أن ورثته يقومون مقامه في الرد والقبول فإن قبلوا فعلى الخلاف في أن الملك متى يحصل إن قلنا بالموت أو موقوف فقبولهم كقبول الموصى له في عتق الأولاد بالملك وفي انعقادهم على الحرية ومصير الجارية أم ولد وفي بقائهم مماليك لورثة الموصي على اختلاف الأحوال السابقة بلا فرق إلا أنهم إذا عتقوا بقبول الموصى له ورثوه وإذا عتقوا بقبول الورثة لم يرثوا كما سبق وإن قلنا يملك بالقبول فإن كان بين الوارث والأولاد قرابة تقتضي العتق بأن كان وارث الموصى له أباه عتقوا عليه وإلا ففيه الوجهان السابقان وإذا لم يحصل العتق فهل تقضى ديون الموصى له منها أم تسلم للورثة فيه الوجهان السابقان أيضاً وبالله التوفيق.
إذا جمعت الوصية شروط صحتها صحت ثم ينظر في أحكامها وهي ثلاثة أقسام لفظية ومعنوية وحسابية. القسم الأول: اللفظية وفيه طرفان. الطرف الأول: في اللفظ المستعمل في الموصى به وفيه مسائل. المسألة الأولى: إذا أوصى بجارية حامل واستثنى حملها لنفسه صح بخلاف البيع وكذلك تصح الوصية بالحمل وحده بشرطه المتقدم بخلاف بيعه ولو أوصى بالحمل لرجل وبالأم لآخر صحت الوصيتان ولو أطلق الوصية بالجارية ففي دخول الحمل فيها وجهان أصحهما على ما دل عليه كلام الأصحاب الدخول كالبيع ولا تبعد الفتوى بخلاف البيع لأن الحمل لا ينفرد بالبيع فجعل تبعا ويفرد بالوصية فلا يتبع ولأن الأصل تنزيل الوصية على المتيقن ولأنها عقد ضعيف فلا يستتبع فإن قلنا بدخوله لم تنقطع الوصية بانفصال الحمل بل يبقى موصى به والانفصال زيادة حدثت فيه ولو أوصى له بالحمل والجارية معا صح فيهما قطعاً كما لو أوصى بهما لرجلين المسألة الثانية الطبل أنواع سبق بيانها وذكرنا أن طبل اللهو إن صلح لمنفعة مباحة إما على هيئته وإما بعد التغيير الذي لا يبطل اسم الطبل صحت الوصية به وإلا فلا إذا عرفت هذا فإن أطلق وقال أعطوه طبلا من مالي ولم يكن له طبل يحل الانتفاع به اشتري ودفع إليه وإن قال طبلا من طبولي فإن كان له طبل يحل الانتفاع به كطبل الحرب وكان له أيضاً طبل لهو لا تصح الوصية به صحت الوصية ونزل على طبل الحرب ونحوه وإن لم يكن له إلا طبول لا تصح الوصية بها فالوصية باطلة وإذا صحت الوصية بالطبل دفع إلى الموصى له معه الجلد الذي عليه إن كان لا يقع عليه اسم الطبل دون الجلد. فرع تجوز الوصية بالدف فإن كان عليه جلاجل وحرمناها نزعت ولم تدفع إليه إلا أن ينص عليها المسألة الثالثة اسم العود يقع على عود اللهو الذي يضرب به وعلى واحد الأخشاب التي تستعمل في البناء والتي تصلح للسقي والعصي والوصية بعود اللهو كهي بطبل اللهو فينظر هل يصلح على هيئته لمنفعة مباحة أو بعد التغيير الذي لا يبطل اسم العود أم لا يصلح وإذا صحت الوصية به لم يدفع الوتر والمضراب لأنه يسمى عودا دونهما وإذا قال أعطوه عودا من عيداني نظر إن لم يكن له إلا عيدان القسي والبناء أعطي واحدا منها وكذا لو كان معها عيدان اللهو الصالحة لمنفعة مباحة أعطاه الوارث ما شاء من الجميع ولو كان له عيدان لهو غير صالحة لمباح وعيدان قسي وبناء فوجهان أحدهما تنزل الوصية على عيدان القسي والبناء كمثله في الطبل وكما لو لم يكن له إلا عيدان القسي والبناء فيعطى واحدا منها وأصحهما وهو المنصوص أن الوصية باطلة تنزيلا على عيدان اللهو لأن اسم العود عند الإطلاق لهذا الذي يضرب واستعماله في غيره مرجوح والطبل يقع على الجميع وقوعا واحدا وللقائل الأول أن يمنع ظهور اسم العود فيما يضرب به ويقول هو مشترك بينه وبين الذي يتبخر به وفي واحد الأخشاب بحسب الحاجة ولا ترجيح. فرع أوصى بعود ولا عود له فمقتضى تنزيل مطلق العود على عود إبطال الوصية وأن يشترى له عود لهو يصلح لمباح وأطلق المتولي أنه يشترى ما لو كان موجودا في ماله أمكن تنفيذ الوصية بالعود به ولو أوصى بعود من عيدانه وليس له إلا عود لهو وعود بناء وعود قسي فإن حملنا لفظ العيدان على هذه الآحاد فقد حملنا اللفظ المشترك على معانيه معا وفيه خلاف لأهل الأصول فإن منع فهذه الصورة كما لو أوصى بعود من عيدانه وليس له إلا عود لهو أو لا عود له قلت مذهب الشافعي رحمه الله حمل اللفظ المشترك على معانيه ووافقه عليه جماعة من أهل الأصول والله أعلم. فرع الوصية بالمزمار كالوصية بعود اللهو وإذا صحت لم يلزم تسليم المجمع وهو الذي يجعل بين شفتيه لأن الاسم لا يتوقف عليه المسألة الرابعة اسم القوس يطلق على العربية وهي التي يرمى بها النبل وهي السهام العربية وعلى الفارسية وهي التي يرمى بها النشاب وعلى القسي التي لها مجرى تنفذ فيه السهام الصغار ويسمى الحسبان وعلى الجلاهق وهو ما يرمى به البندق وعلى قول الندف والسابق إلى الفهم من لفظ القوس أحد الأنواع الثلاثة الأول فإذا قال أعطوه قوسا حمل على أحدهما دون الجلاهق وقوس الندف ولو قال أعطوه ما يسمى قوسا ففي التتمة أن للوارث أن يعطيه ما شاء من الأنواع الثلاثة وغيرها ويشبه أن يكون كما لو قال أعطوه قوسا إلا أن يقول ما يسمى قوسا غالبا أو نادرا وما أشبهه قلت الذي قاله في التتمة هو الصواب و الله أعلم. ولو قال أعطوه قوسا من قسي وله قسي من كل نوع أعطي ما يرمى به النبل أو النشاب أو الحسبان دون البندق والجلاهق وكذا لو كان له شيء من الأنواع الثلاثة فلو لم يكن له إلا قوس ندف أو جلاهق حمل عليه للتقييد بالإضافة ولو كان له قوس ندف وجلاهق أعطي الجلاهق لأن الاسم إليه أسبق وهذا كله عند الإطلاق فلو قال أعطوه قوسا يقاتل بها أو يرمي الطير أو يندف بها فقد أبان الغرض. فرع دخول الوتر في الوصية بالقوس لا يدخل الوتر في الوصية بالقوس على الأصح لخروجه عن إسم وكما لا يدخل السرج في الوصية بالدابة ويشبه أن يجري الوجهان في بيع القوس وأما الريش والنصل فيدخلان في السهم لثبوتهما المسألة الخامسة اسم الشاة يقع على صغيرة الجثة وكبيرتها والسليمة والمعيبة والصحيحة والمريضة والضائنة والماعز وهل يدخل الذكر فيها قال الشافعي رضي الله عنه في الأم لا يدخل وإنما هو للإناث بالعرف ومن الأصحاب من قال يدخل لأنه اسم جنس كالإنسان وليست التاء فيه للتأنيث بل للواحد قال الحناطي وبهذا قال أكثر الأصحاب ويؤيده أنه لو أخرج عن خمس من الإبل في الزكاة ذكرا أجزأه على الأصح وفي السخلة والعناق وجهان أصحهما لا يقع عليهما إسم الشاة والثاني يقع فإذا عرف هذا فلو قال أعطوه شاة من شياهي أو من غنمي فإن لم يكن له غنم فالوصية باطلة وإن كان أعطى واحدة منها سليمة أو معيبة من الضأن أو المعز وإذا كانت كلها ذكورا أعطى ذكراً. وإن كانت كلها إناثا أعطى أنثى. وإن كانت ذكوراً وإناثاً جاز أن يعطي أنثى. وفي جواز الذكر الخلاف المذكور في تناول الشاة الذكر. ولو قال أعطوه شاة من مالي أعطي واحدة يتناولها الإسم فإن ملك غنما فللوارث أن يعطي على غير صفة غنمه فإن لم يكن غنما اشترى له شاة بخلاف ما إذا قال من غنمي ولا غنم له ولو قال اشتروا له شاة حكى البغوي أنه لا يجوز أن يشترى معيبة لأن إطلاق الأمر بالشراء يقتضي التسليم كما في التوكيل بالشراء وأبدى فيما حكاه احتمالا ولو قال كبشا أو تيسا أو شاة لينزيها عن غنمه فالوصية بالذكر ولو قال نعجة أو شاة يحلبها أو ينتفع بدرها ونسلها فهي بالأنثى قلت لم يفصح الإمام الرافعي بالغرض في هذه المسألة فإن قال نعجة فهي للأنثى من الضأن بلا خلاف عند الفقهاء وأهل اللغة وقد أوضحت هذا في تهذيب الأسماء واللغات وإن قال شاة يحلبها أو ينتفع بدرها ونسلها فهي للأنثى من الضأن أو المعز والله أعلم. الظباء قد يقال لها شياه البر والثور الوحشي قد يسمى اللغة لكن مطلق الوصية بالشاة لا يطلق عليها لكن لو قال أعطوه شاة من شياهي وليس له إلا ظباء ففيه وجهان حكاهما في المعتمد قلت ينبغي أن يكون الأصح تنزيل الوصية على واحد منها والله أعلم. المسألة السادسة البعير والجمل والناقة أسماء تشتمل السليم والمعيب والبخاتي والعراب ولا يتناول الجمل الناقة ولا الناقة الجمل وفي تناول البعير الناقة مثل الخلاف المذكور في تناول الشاة الذكر والحكاية عن النص المنع وتنزيل البعير منزلة الجمل والأصح عند الأصحاب التناول لأنه إسم جنس عند أهل اللغة وسمع من العرب حلب فلان بعيره وصرعتني بعيري وربما أفهمك كلام الأصحاب توسطا بينهما وهو تنزيل النص على ما إذا عم العرف باستعمال البعير بمعنى الجمل والعمل بمقتضى اللغة إذا لم يعم. فرع اسم الثور للذكر وفي البقرة وجهان: أصحهما اختصاصها بالأنثى والثاني يتناول الذكر والهاء للواحد كقولنا تمرة وكذا الخلاف في اسم البغلة. فرع قال أعطوه عشرا من الإبل أو الغنم جاز الذكر والأنثى ولو قال عشر أينق أو بقرات لم يعط إلا الإناث ولا فرق بعد التصريح بالأينق والبقرات بين أن يقول عشرا وعشرة وهذا تفريع على الأصح وهو أن البقرة للأنثى ولو قال أعطوه عشرا من الإبل أو عشرة جاز الذكر والأنثى لتناول الإبل النوعين وفي وجه حكاه السرخسي إن قال عشرة فللذكور وعشر للإناث ولو قال أعطوه رأسا من الإبل أو البقر أو الغنم جاز الذكر والأنثى. فرع أوصى بكلب أو حمار قال الغزالي وغيره لا يدخل فيه الأنثى ميزوا فقالوا كلب وكلبة وحمار وحمارة ويشبه أن يقال إنهما للجنس لأن التمييز ليس مستمرا في اللغة وبتقدير استمراره فلا شك في استمرار العرف بخلافه وقد قال بعض الأصحاب لهذا يتبع العرف قلت الصواب ما قاله الغزالي وغيره والله أعلم. فرع قياس تكميل البقر بالجواميس في نصب الزكاة دخول الجواميس في وقال في المعتمد لا تدخل في البقر إلا إذا قال من بقري وليس له إلا الجواميس فوجهان كما ذكر في الظباء المسألة السابعة والوصية تنزل على هذا الثاني فإذا قال أعطوه دابة تناول الخيل والبغال والحمير هذا نص الشافعي رضي الله عنه فقال ابن سريج رحمه الله هذا ذكره الشافعي رحمه الله على عادة أهل مصر في ركوبها جميعاً واستعمال لفظ الدابة فيها فأما سائر البلاد فحيث لا يستعمل اللفظ إلا في الفرس لا يعطى إلا الفرس وقال أبو إسحق وابن أبي هريرة وغيرهما الحكم في جميع البلاد كما نص عليه الشافعي رحمه الله وهذا أصح عند الأصحاب فعلى هذا لو قال دابة من دوابي وله جنسان من الثلاثة تخير الوارث فإن لم يكن له إلا جنس تعين وإن لم يكن له شيء منها فالوصية باطلة ويدخل في لفظ الدابة الذكر والأنثى والصغير والكبير والسليم والمعيب هذا كله إذا أطلق فلو قال دابة للكر والفر أو للقتال حمل على الفرس ولو قال لينتفع بدرها وظهرها فكذلك ولو قال بظهرها ونسلها حمل على الفرس والجمل والحمارة ولو قال للحمل حمل على البغال والحمير إلا أن يكون في بلد جرت عادتهم بالحمل على البراذين فيدخل الجميع قال المتولي بل لو كان عرف بلدهم الحمل على الجمال والبقر جاز أن يعطى جملا أو بقرة وهذا الذي قاله ضعيف لأنا إذا حملنا الدابة على الأجناس الثلاثة لا يصح الحمل على غيرها لقيد أو صفة قلت قول المتولي قوي والله أعلم. المسألة الثامنة إسم الرقيق بالوضع يتناول الصغير والكبير والسليم والمعيب والمسلم والكافر فرع إذا قال أعطوه رأسا من رقيقي أو أوصيت له برأس لم يكن له رقيق يوم الوصية ولا حدث بعد ذلك فالوصية باطلة وكذا لو قال أعطوه عبدي الحبشي أو العبد الذي صفته كذا ولا عبد له بتلك الصفة يوم الوصية ولا حدث فهي باطلة فلو حدث له أرقاء بعد الوصية ففيه الوجهان السابقان في أن الاعتبار بيوم الوصية أم بيوم الموت وعليهما يخرج ما إذا كان له أرقاء يوم الوصية وحدث آخرون بعده وهل للوارث أن يعطيه رقيقا من الحادثين أم يتعين الأولون ولو لم يملك إلا رقيقا واحدا وقال أعطوه رأسا من رقيقي فهل تصح الوصية ويدفع إليه ذلك الواحد أم تبطل وجهان أصحهما الأول وإن كان له أرقاء أعطاه الوارث منهم من شاء ويجوز الخنثى على الأصح لشمول الاسم وقيل لا لانصراف اللفظ إلى المعهود ولا يجوز أن يعطى من غير أرقائه ولو تراضيا لأن حقه غير متعين والمصالحة عن المجهول باطلة فرع له أرقاء أوصى بأحدهم فماتوا أو قتلوا قبل موت الموصي بطلت الوصية وإن بقي واحد تعين وكذا لو أعتقهم إلا واحدا وليس للوارث أن يمسك الذي بقي ويدفع إليه قيمة مقتول وإن قتلوا بعد موته وبعد قبول الموصى له انتقل حقه إلى القيمة فيصرف الوارث من شاء منهم إليه وإن قتلوا بعد موته وقبل القبول فكذلك إن قلنا تملك الوصية بالموت أو موقوفة وإن قلنا تملك بالقبول بطلت الوصية وإن مات واحد منهم أو قتل بعد موت الموصي وقبول الموصى له فللوارث التعيين فيه حتى يجب التجهيز على الموصى له في صورة الموت وتكون القيمة له في صورة القتل وإن كان ذلك بعد موت الموصي وقبل القبول فكذلك إن قلنا تملك الوصية بالموت أو موقوفة وإن قلنا تملك بالقبول فيعطى واحدا من الباقين كما لو كان ذلك قبل موت الموصي. فرع أوصى برقيق من ماله ولم يضف إلى أرقائه فإن لم يكن اشتري من ماله وإن كان فالوارث يعطيه واحدا منهم أو يشتري له كما يشاء وإن قال اشتروا له مملوكا فكما ذكرنا في قوله اشتروا له شاة ولو قال أعطوه رقيقا ولم يقل من مالي قال البغوي لا يكون وصية وحكى المتولى وجهين أحدهما هذا والثاني قال وهو المذهب تصحيح الوصية وجعلها كقوله من مالي لأنه المراد ظاهراً. فرع قال أعطوه عبدا لم يعط أمة ولا خنثى مشكلاً. ولو قال أمة لم يعط عبدا ولا خنثى مشكلاً. وفي الواضح الوجهان السابقان ولو قال رقيقا يقاتل أو يخدمه في السفر تعين العبد ولو قال رقيقا يستمتع به أو يحضن ولده تعينت الأمة ولو قال رقيقا يخدمه فهو كما لو أطلق فرع لو أوصى بإعتاق عبد أعتق ما يقع عليه وقيل يتعين ما يجزىء في الكفارة لأنه المعروف في الإعتاق بخلاف أعطوه عبدا فلا عرف فيه. فرع قال اشتروا بثلثي عبدا واعتقوه عني فامتثل الوارث ثم ظهر عليه دين مستغرق قال الأصحاب إن اشتراه في الذمة وقع عنه ولزمه الثمن ويكون العتق عن الميت لأنه أعتق عنه وإن اشتراه بعين التركة بطل الشراء والعتق كذا ذكروه بلا خلاف وقد سبق في تصرف الورثة في التركة مع قيام الدين تفصيل وذكرنا على تقدير البطلان خلافا في أنه إذا تصرف ثم ظهر دين هل يتبين البطلان أم لا وهذا ينبغي أن يكون على ذلك الخلاف. فرع قال اعتقوا عني رقابا أو قال اشتروا بثلث مالي رقابا واعتقوهم فأقل عدد يقع عليه إسم الرقاب ثلاثة فإن تيسر شراء ثلاث فصاعدا بثلثه فعل قال الشافعي رحمه الله الإستكثار مع الاسترخاص أولى من الاستقلال مع الاستغلاء ومعناه أن إعتاق خمس رقاب قليلة القيمة أفضل من إعتاق أربعة كثيرة القيمة ولا يجوز صرف الثلث والحالة هذه إلى رقبتين فإن صرفه إليهما قال الشيخ أبو الفرج الزاز يضمن الوصي للرقبة الثالثة وهل يضمن ثلث ما نفذت فيه الوصية أم أقل ما يجد به رقبة فيه الخلاف كمن دفع نصيب أحد أصناف الزكاة إلى اثنين. أما إذا لم يتيسر شراء ثلاث رقاب بالثلث فينظر إن لم يوجد به إلا رقبتان إشتريناهما وأعتقناهما وإن وجدنا رقبتين و فضل شيء فهل يشتري بالفاضل شقصا وجهان أحدهما نعم واختاره الغزالي وأصحهما عند جماهير الأصحاب وهو ظاهر النص المنع لأن الشقص ليس برقبة فصار كقوله اشتروا بثلثي رقبة فلم يجد رقبة لا يشتري شقصا قطعاً فعلى هذا يشتري رقبتين نفيستين يستغرق ثمنهما الثلث فإن فضل عن أنفس رقبتين وجدناهما بطلت الوصية في الفاضل ورد على الورثة وإذا قلنا يشتري شقصا فذاك إذا وجد شقص يشترى بالفاضل وزاد على ثمن أنفس رقبتين شء فأما إذا لم يمكن شراء شقص بالفاضل إما لقلته وإما لعدم الشقص فيشترى رقبتان نفيستان فإن فضل شيء عن أنفس رقبتين وجدناهما بطلت الوصية في الفاضل على الأصح وقيل يوقف إلى أن يوجد شقص فإن لم يزد على ثمن أنفس رقبتين شيء بل أمكن شراء رقبتين نفيستين وأمكن شراء خسيستين وشقص من ثالثة فأي الأمرين أولى وجهان أشبههما بالوجه الذي تفرع عليه الثاني ولو كان لفظ الموصي اصرفوا ثلثي إلى العتق اشترينا الشقص بلا خلاف ولو قال اشتروا عبدا بألف واعتقوه فلم يخرج الألف من ثلثه وأمكن شراء عبد بالقدر الذي يخرج فيشترى ويعتق الطرف الثاني في اللفظ المستعمل في الموصى له وفيه مسائل المسألة الأولى في الوصية للحمل وقد سبق شرط صحتها فالمقصود الآن بيان ما يقتضي اللفظ من حيث العدد والذكورة والأنوثة فإذا قال أوصيت لحمل هند بكذا فأتت بولدين وزع عليهما بالسوية ولا نفضل الذكر على الأنثى كما لو وهب لرجل وامرأة شيئاً إلا أن يصرح بالتفضيل ولو خرج حي وميت فالأصح أن الجميع للحي لأن الميت كالمعدوم وقيل للحي النصف والباقي لوارث الموصي. فرع قال إن كان حملها غلاما فأعطوه كذا وإن كان جارية فكذا على أحد الطرفين فإن ولدت ذكرا أو أنثى فعل ما ذكر وإن ولدت ذكرا وأنثى جميعاً فلا شيء لواحد منهما لأنه شرط صفة الذكورة أو الأنوثة في جملة الحمل ولم يحصل وإن ولدت ذكرين قال الغزالي لا شيء لهما لأن التنكير يشعر بالتوحيد ويصدق أن يقال بأن حملها غلامين لا غلاما لكنه ذكر في الطلاق في قوله إن كان حملك ذكرا فأنت طالق طلقة وإن كان أنثى فطلقتين فولدت ذكرين فيه وجهان أحدهما لا تطلق لهذا المعنى والثاني تطلق طلقة والمعنى إن كان جنس حملك ذكرا ولا فرق بين البابين فيجيء هنا وجه أنه يقسم المذكور للغلام بينهما وبهذ قطع الشيخ أبو الفرج الزاز قال وبمثله لو قال إن كان حملها إبنا فله كذا وإن كان بنتا فكذا فولدت ابنين لا شيء لهما وفرق بأن الذكر والأنثى أسماء جنس فتقع على الواحد والعدد بخلاف الابن والبنت وهذا ليس بواضح والقياس أن لا فرق قلت بل الفرق واضح والمختار ما قاله أبو الفرج فيقسم بين الذكرين في الصورة الأولى دون الثانية لما ذكرناه من الفرق و الله أعلم. ولو قال إن كان ما في بطنها غلاما أو الذي في بطنها فهو كما لو قال إن كان حملها غلاما ولو قال إن كان في بطنها غلام فأعطوه كذا فولدت غلاما و جارية استحق الغلام ما ذكر وإن ولدت غلامين فوجهان أحدهما بطلان الوصية بناء على أن التنكير يقتضي التوحيد وأصحهما صحتها فعلى هذا هل يوزع بينهما أم يوقف إلى أن يبلغا فيصطلحا عليه أم يصرفه الوارث إلى من شاء منهما كما لو وقع الإبهام في الموصى به فيه أوجه أصحها الثالث وتجري الأوجه فيما لو أوصى لأحد شخصين وجوزنا الإبهام في الموصى له فمات قبل البيان ففي وجه يعين الوارث وفي وجه يوزع وفي وجه يوقف حتى يصطلحا ولو قال إن كنت حاملا بغلام أو إن ولدت غلاما فهو كما لو قال إن كان في بطنها غلام ولو قال إن ولدت ذكرا فله مائتان وإن ولدت أنثى فمائة فولدت خنثى دفع إليه الأقل وإن ولدت ذكرا وأنثى فلكل واحد منهما ما ذكر وإن ولدت ذكرين وأنثيين جاء الوجهان ثم الأوجه الثلاثة في كل واحد من الصنفين المسألة الثانية أوصى لجيرانه صرف إلى أربعين دارا من كل جانب من جوانب داره الأربعة هذا هو الصحيح المعروف للأصحاب وقيل هو الذي تلاصق داره داره قلت ويقسم المال على عدد الدور لا على عدد سكانها والله أعلم. المسألة الثالثة أوصى للقراء لا يصرف إلا إلى الذين يقرؤون جميع القرآن وهل يدخل فيه من يقرأ من المصحف ولا يحفظ وجهان ينظر في أحدهما إلى الوضع والثاني إلى العرف والأصح المنع ولك أن تقول إسم القراء والمقرئين في هذه الأعصار يطلق على الحفاظ وعلى الذين يقرؤون بالألحان وبالمعنى الثاني لا يشترط لإطلاق اللفظ الحفظ ولا قراءة جميع القرآن فيجوز أن يقال إن كان هناك قرينة تفهم أحد المعنيين فذاك وإلا فهو كما لو أوصى للموالي قلت الصواب ما رجحه الأصحاب أنه لا يعطى إلا من يحفظ الجميع و الله أعلم. المسألة الرابعة أوصى للعلماء أو لأهل اعلم صرف إلى العلماء بعلوم الشرع وهي التفسير والفقه والحديث ولا يدخل فيه الذين يسمعون الحديث ولا علم لهم بطرقه ولا بأسماء الرواة ولا بالمتون فإن السماع المجرد ليس بعلم ولا يدخل أيضاً المقرئون وعابرو الرؤيا ولا الأدباء والأطباء والمنجمون والحساب والمهندسون وقال أكثر الأصحاب ولا يدخل فيه المتكلمون أيضاً وقال المتولي الكلام يدخل في العلوم الشرعية وهذا قريب. فرع أوصى للفقهاء أو المتفقهة أو الصوفية فهو على ما ذكرناه في الوقف لكن في لفظ البغوي أنه لا يقنع بما سبق في تفسير الفقهاء لأنه قال لو أوصى للفقهاء فهو لمن يعلم علم أحكام الشرع في كل نوع شيئاً وفي التتمة أن الرجوع فيه إلى العادة ثم ذكر وجها أن من حفظ أربعين مسألة فهو فقيه وهو ضعيف جدا المسألة الخامسة أوصى لأعقل الناس في بلده صرف إلى أزهدهم في الدنيا نص عليه الشافعي رضي الله عنه ولو أوصى لأجهل الناس حكى الروياني أنه يصرف إلى عبدة الأوثان فإن قال من المسلمين قال من يسب الصحابة رضي الله عنهم وقال المتولي يصرف إلى الإمامية المنتظرة للقائم وإلى المجسمة قلت وقيل يصرف إلى مرتكبي الكبائر من المسلمين إذ لا شبهة لهم المسألة السادسة يدخل في الوصية للفقراء المساكين فيجوز الصرف إلى هؤلاء وإلى هؤلاء وكذلك يدخل في الوصية للمساكين الفقراء ويجوز الصرف إلى الصنفين لأن كل واحد من الاسمين يقع على الفريقين عند الانفراد وفي قول ما أوصى به للفقراء لا يصرف إلى المساكين ويجوز عكسه رواه عصام بن يوسف عن الشافعي رضي الله عنه والمشهور الأول ولو جمع بينهما فأوصى للفقراء والمساكين وجب الجمع بينهما كما في الزكاة ولو أوصى لسبيل الله أو قال ضعوا ثلثي في سبيل الله فهو للغزاة المساكين المستحقين للزكاة ولو أوصى للرقاب أو قال ضعوا ثلثي في الرقاب فللمكاتبين فإن دفع إلى مكاتب فعاد إلى الرق والمال باق في يده أو في يد سيده استرد ولو أوصى للغارمين أو لابن السبيل فلمن تصرف إليه الزكاة منهم وبالجملة فالحكم في هذه المسائل كما في الزكاة أخذا بعرف الشرع فيها حتى إذا أوصى للفقراء والمساكين جعل المال بين الصنفين نصفين ولا يجعل على عدد رؤوسهم بخلاف ما إذا أوصى لبني زيد وبني عمرو ولا يجب أيضاً الإستيعاب بل يكفي الصرف إلى الثلاثة من كل صنف ولا تجب التسوية بين الثلاثة ولو دفع إلى اثنين غرم إما الثلث وإما أقل ما يتمول كما سبق في قسم الصدقات ثم ليس له دفع ما يغرمه إلى ثالث بل يسلمه إلى القاضي ليدفعه بنفسه أو يرده إليه ويأتمنه بالدفع. كالوصية لأصناف الزكاة في أنه لا يجب الاستيعاب ويقتصر على ثلاثة والأفضل استيعاب الموجودين عند الإمكان كما في الزكاة. فرع لو أوصى لفقراء بلد بعينه وهم عدد محصورون اشترط استيعابهم بل يشترط القبول في هذه الوصية بخلاف الوصية لمطلق الفقراء ذكره صاحب التهذيب وغيره وفي جواز نقل ما أوصى به للفقراء أو المساكين من بلد إلى بلد خلاف سبق في قسم الصدقات والمذهب الجواز فإذا قلنا لا يجوز وجب أن يكون قوله أوصيت للفقراء وفقراء البلد محصورون كقوله أوصيت لفقراء هذه البلدة وهم محصورون ويدل عليه أن الأستاذ أبا منصور ذكر في الوصية للغارمين أنه يعطى لثلاثة منهم إن كانوا غير محصورين فإن كانوا محصورين استوعبوا فإن اقتصر الوصي على ثلاثة فهل يجزئه أم يضمن حصة الباقين فيه جوابان فإن قلنا بالثاني فالحساب على قدر ديونهم أم على رؤوسهم وجهان قلت الصحيح المعتمد ما قاله الأصحاب وهو ما سبق و الله أعلم. فرع لو أوصى لثلاثة معينين وجب التسوية بينهم بخلاف الثلاثة المصروف إليهم من الفقراء وسائر الأصناف لأنا عرفنا ذلك فرع لو أوصى لسبيل البر أو الخير أو الثواب فعلى ما ذكرناه فرع لو قال ضع ثلثي حيث رأيت أو فيما أراك الله ليس نفسه كما لو قال بع لا يبيع لنفسه والأولى صرفه إلى أقارب الموصي الذين لا يرثونه ثم إلى محارمه من الرضاع ثم إلى جيرانه المسألة السابعة أوصى لأقارب زيد دخل فيه الذكر والأنثى والفقير والغني والوارث وغيره والمحرم وغيره والقريب والبعيد والمسلم والكافر لشمول الاسم ولو أوصى لأقارب نفسه ففي دخول ورثته وجهان أحدهما المنع لأن الوارث لا يوصى له فعلى هذا يختص بالباقين وبهذا قطع المتولي ورجحه الغزالي وهو محكي عن الصيدلاني والثاني الدخول لوقوع الاسم ثم يبطل نصيبهم ويصح الباقي لغير الورثة ولك أن تقول يجب اختصاص الوجهين بقولنا الوصية للوارث باطلة فأما إن وقفناها على الإجازة فليقطع بالوجه الثاني قلت الظاهر أنه لا فرق في جريانهما لأن مأخذهما أن الاسم يقع لكنه خلاف العادة و الله أعلم. وهل يدخل في الوصية لأقارب زيد أصوله وفروعه فيه أوجه أصحها عند الأكثرين لا يدخل الأبوان والأولاد ويدخل الأجداد والأحفاد لأن الوالد والولد لا يعرفان بالقريب في العرف بل القريب من ينتمي بواسطة والثاني لا يدخل أحد من الأصول والفروع والثالث يدخل الجميع وبه قطع المتولي وقد ادعى الأستاذ أبو منصور الإجماع على أنه لا يدخل الأبوان و الأولاد ويعتبر أقرب جد ينسب إليه الرجل ويعد أصلا و قبيلة في نفسه فيرتقي في بني الأعمام إليه ولا يعتبر من فوقه حتى لو أوصى لأقارب حسني أو أوصى حسني لأقارب نفسه لم يدخل الحسينيون وكذلك وصية المأموني لأقاربه والوصية لأقارب المأموني لا يدخل فيها أولاد المعتصم وسائر العباسية والوصية لأقارب الشافعي رضي الله عنه في زمانه تصرف إلى أولاد شافع ولا يدخل فيها أولاد علي والعباس رضي الله عنهما وإن كان شافع وعلي والعباس كلهم أولاد السائب بن عبيد والشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب ابن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف ولو أوصى رجل لأقارب بعض أولاد الشافعي في هذه الأزمنة دخل فيه أولاد الشافعي دون غيرهم من أولاد شافع وعلى هذا القياس. فرع إذا أوصى لأقاربه أصحهما وبه قطع العراقيون وهو ظاهر نصه في المختصر دخولهم من الجهتين كالعجم والثاني لا تدخل قرابة الأم ورجحه الغزالي والبغوي لأن العرب لا تفتخر بها. فرع لا فرق في جميع ما ذكرناه بين قوله أوصيت لأقاربي أو أو لذي قرابتي أو ذي رحمي أو ذوي قرابتي أو ذوي رحمي لكن قرابة الأم تدخل في لفظ الرحم بلا خلاف في الوصية العرب والعجم جميعاً.
فرع إذا لم يوجد قريب واحد صرف المال إليه إن أوصى لذي ذي رحمه أو لقرابته لأنه يوصف به الواحد والجمع فإن كان اللفظ لأقاربي أو أقربائي أو ذوي قرابتي أو ذوي رحمي فثلاثة أوجه الأصح أنه يعطى كل المال والثاني نصفه والثالث ثلثه وتبطل الوصية في الباقي وإن كان هناك جماعة محصورة قسم المال بينهم بالسوية ويجب استيعابهم على الصحيح وحكى الحناطي وجها أنه يجوز صرفه إلى ثلاثة منهم وإن كانوا غير محصورين فهو كالوصية للعلوية والقبائل العظيمة وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى قريباً. المسألة الثامنة أوصى لأقرب أقارب زيد دخل فيها الأبوان والأولاد فإن اجتمع أب وابن فوجهان وقيل قولان أحدهما يسوى بينهما لاستوائهما في الرتبة فعلى هذا يقدم الأب على ابن الإبن وأصحهما وبه قطع طوائف يقدم الإبن لقوته وعصوبته فعلى هذا الأولاد مقدمون على من سواهم ثم يليهم البطن الثاني ثم الثالث إلى حيث ينتهون ويستوي أولاد البنين والبنات فإن لم يكن أحد من الأولاد والأحفاد قدم الأبوان ثم بعدهما الأجداد والجدات إن لم يوجد الأخوة والأخوات يقدم الأقرب فالأقرب منهم أو الأخوة والأخوات إن لم يوجد الأجداد والجدات فإن اجتمع جد وأخ قدم الأخ على الأظهر والثاني يستويان وقيل يقدم الأخ قطعاً ويجري هذا الخلاف في الجد أبي الأب والجد أبي الأم مع الأخ للأم والأخ لأب فإن قلنا بالتسوية فالجد أولى من ابن الأخ وإن قدمنا الأخ فكذا ابنه وإن سفل والمذهب تقديم ابن الأخ على أبي الجد وقيل بطرد الخلاف ثم يقدم بعدهم أولاد الأخوة والأخوات ثم الأعمام والعمات ويساويهم الأخوال والخالات ثم أولاد هؤلاء والأخ من الجهتين يقدم على الأخ من إحداهما لزيادة قرابته كذا قطع به الجمهور وهو المذهب وحكى الحناطي والإمام عن بعضهم في تقديمه قولين كولاية النكاح والأخ من الأب والأخ من الأم يستويان وكذا القول في أولاد الأخوة والأعمام والأخوال وأولادهم وفي تقديم الجدة من جهتين على الجدة من جهة وجهان كالوجهين ترجيحها في الميراث ويحصل مما ذكرناه أنه إذا اجتمع أولاد إخوة مفترقين وأولاد أخوات مفترقات فالمال لولد الأخ من الأبوين وولد الأخت من الأبوين فإن لم يوجد أولاد الأخوة والأخوات من الأبوين فأولادهم من الأب وأولادهم من الأم سواء هذا إذا استوت الدرجة فإن اختلفت قدم الأقرب من أي جهة كان فيقدم الأخ من الأب على ابن الأخ للأبوين ويقدم ابن الأخ للأب وابن الأخ للأم على ابن ابن الأخ للأبوين لأن جهة الأخوة واحدة فروعي قرب الدرجة فأما إذا اختلفت الجهة فالبعيد من الجهة القريبة يقدم على القريب من الجهة البعيدة فيقدم ابن ابن الإبن على الأخ ويقدم ابن ابن الأخ وإن سفل على العم ولا يرجح في هذا الباب بالذكورة ولا ينظر إلى الورثة بل يستوي في الإستحقاق الأب والأم وكذا الإبن والبنت وكذا الأخ والأخت كما يستوي المسلم والكافر ويقدم ابن البنت على ابن ابن الإبن وكل ذلك لأن الإستحقاق منوط بزيادة القرب. فرع أوصى لجماعة من أقرب أقارب زيد فلا بد من الصرف إلى كان له في الدرجة القربى ثلاثة دفع إليهم وإن كانوا أكثر وجب تعميمهم على الأصح لئلا تصير وصية لغير معين بخلاف الفقراء لأن المراد بهم الجهة وقيل لا فيختار الوصي ثلاثة منهم فإن كانوا دون الثلاثة تممنا الثلاثة ممن يليهم فإن كان له إبنان وابن ابن دفع إليهم وإن كان ابن وابن ابن وابن ابن ابن دفع إليهم وإن كان ابن وابنا ابن فكذلك وإن كان ابن وابن ابن وبنو ابن ابن دفع إلى الإبن وابن الإبن وهل يدفع معهما إلى واحد من الدرجة الثالثة أم يعممون فيه الوجهان وإذا قلنا يعممون فالقياس التسوية بين كل المدفوع إليهم وفي تعليق الشيخ أبي حامد أن الثلث لمن في الدرجة الأولى والثلث لمن في الثانية والثلث لمن في الثالثة هذا ما نص عليه الشافعي وقال الأصحاب في هذا الفرع وكان الأشبه أن يقال إنها وصية لغير معين قلت الصواب ما نص عليه وقاله الأصحاب والله أعلم. فرع أوصى لأقرب أقارب نفسه فالترتيب كما ذكرنا لكن لو كان الأقرب وارثا صرفنا إلى من يليه ممن ليس بوارث إن لم نصحح الوصية للوارث أو صححناهما فلم يجزها سائر الورثة كذا نقله البغوي وغيره وهو تفريع على أنه لو أوصى لأقارب نفسه لم تدخل الورثة بقرينة الشرع أما إذا قلنا يدخلون ويوزع عليهم وعلى من ليس بوارث فهنا تبطل الوصية إلا أن يتعدد الأقربون ويكون فيهم وارث وغير وارث المسألة التاسعة آل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل هم بنو هاشم وبنو المطلب فقط أم جميع أمته فيه وجهان ذكرناهما في كتاب الصلاة أصحهما الأول ولو أوصى لآل غيره صلى الله عليه وسلم فوجهان أحدهما بطلان الوصية لإبهام اللفظ وتردده بين القرابة وأهل الدين وغيرهما وأصحهما الصحة لظهور أصل له في الشرع وعلى هذا قال الأستاذ أبو منصور يحتمل أن يكون كالوصية للقرابة ويحتمل أن يفوض إلى اجتهاد الحاكم فإن كان هناك وصي فهل المتبع رأي الحاكم أم الوصي حكى الإمام فيه وجهين ولم يذكروا أن الحاكم والوصي يتحريان مراد الموصي أم أظهر معاني اللفظ بالوضع أو الإستعمال وينبغي أن يقال المرعي مراده إن أمكن العثور عليه بقرينة وإلا فأظهر المعاني قلت وهذا الذي اختاره الرافعي هو الراجح المختار والله أعلم. فرع في أهل بيت الرجل وجهان أحدهما الحمل على ما يحمل عليه الآل وأصحهما دخول الزوجة أيضاً وفي أهله دون لفظ البيت وجهان أحدهما الحمل على الزوجة فقط والثاني على كل لن تلزمه نفقته فعلى الأول لو صدرت الوصية من امرأة بطلت قلت ينبغي أن لا تبطل بل يتعين الوجه الثاني أو يرجع فيه إلى العرف والأرجح من الوجهين الثاني و الله أعلم. المسألة العاشرة آباء فلان أجداده من الطرفين وأمهاته جداته من الطرفين هكذا ذكره أبو منصور وغيره وحكى الإمام وجهين أحدهما هذا وأصحهما عنده لا يدخل الأجداد من جهة الأم في الآباء ولا الجدات من جهة الأب في الأمهات ولا خلاف في شمول الأجداد والجدات الطرفين ولا يدخل في الأخوة والأخوات المسألة الحادية عشرة الأختان أزواج البنات ولا يدخل فيه أزواج العمات والخالات وفي أزواج الأخوات وجهان أصحهما عند الإمام المنع ويدخل أزواج الحوافد إن قلنا بدخول الأحفاد في الوصية للأولاد وفي وجه يدخل زوج كل ذات رحم محرم ثم الإعتبار بكونه زوجها عند الموت فلو كانت خلية يوم الوصية منكوحة يوم الموت استحق زوجها وإن كانت مزوجة يوم الوصية مطلقة يوم الموت فإن كان الطلاق رجعيا استحق وإلا فلا وإن أبانها بين الموت والقبول استحق إن قلنا يستحق الوصية بالموت أو موقوفة وإن قلنا بالقبول فوجهان ويجري الخلاف فيمن تزوجت بعد الموت وقبل القبول فرع أحماء الرجل أبوا زوجته وفي دخول أجدادها وجداتها تردد حكاه الإمام ولا يدخل أبوا زوجة الأب وأبوا زوجة الإبن والأصهار كالأحماء كذا نقله الأستاذ أبو منصور وإمام الحرمين وفي أمالي السرخسي أن كل رجل من المحارم فأبو زوجته حمو وأن الأصهار يشمل الأختان والأحماء قلت هذا الذي قاله فرع يدخل في المحارم كل محرم بالنسب أو بالرضاع أو بالمصاهرة فرع الأولاد والذرية والعقب والنسل والعترة على ما ذكرناه في الوقف. فرع قال لورثة فلان فلمن ورثه من ذكر أو أنثى بنسب أو لا على مقادير الإرث فإن لم يكن له وارث خاص وصرف ماله إلى بيت المال بطلت الوصية وإن ورثه بنت واحدة ولم يحكم بالرد استحقت جميع الوصية على الأصح وقسطها في الآخر ولو مات الموصي وبقي الذي أوصى لورثته أو عقبه حيا فالمنقول عن الأصحاب بطلان الوصية لأنه لا يورث ولا يعقبه أحد في حياته وقال الإمام الظاهر عندي صحتها في لفظ العقب إن كان له أولاد لأنهم يسمون عقبه في حياته قال ومثل هذا محتمل في لفظ الورثة وعلى هذا فيوقف إلى أن يموت فيتبين من يرثه قلت هذا الذي اختاره الإمام في العقب هو الذي قطع به صاحب العدة وجعله مذهبنا وجعل البطلان مذهب أبي حنيفة وهذا هو الراجح إن شاء الله تعالى والله أعلم. ولو أوصى لعصبة فلان لم يشترط في الإستحقاق كون فلان ميتا يوم موت الموصي قطعاً بخلاف ما ذكروه في لفظ الورثة والعقب ثم أولادهم بالتعصيب أولادهم بالوصية المسألة الثانية عشرة الوصية للموالي على ما ذكرناه في الوقف فإن كان له موال من أعلى وموال من أسفل ففيه الأوجه السابقة وفي قول عن رواية البويطي يوقف إلى الإصطلاح أما إذا لم يكن إلا أحدهما فيصرف المال إليه فإن اقتضى الحال الحمل على الأسفل أو صرح به استحق كل من عتق عليه بتبرع أو ملك أو نذر أو كفارة وفي أم الولد والمدبر وهما يعتقان بموته وجهان قلت الأصح لا يدخلان إذ ليسا من الموالي لا حال الوصية ولا حال الموت والله أعلم. المسألة الثالثة عشرة يتامى القبيلة هم الصبيان الفاقدون لآبائهم وفي اشتراط الفقر فيهم وجهان أشبههما ما قيل في الغنيمة نعم وبه قطع أبو منصور ثم إن انحصروا وجب تعميمهم وإلا جاز الاقتصار على ثلاثة. فرع العميان والزمنى كالأيتام في التفصيل والخلاف قلت قطع صاحب العدة بعدم اشتراط الفقر في الزمنى قال ومثله الوصية لأهل السجون وللغارمين وتكفين الموتى وحفر القبور ويدخل في كل ذلك الغني والفقير والمختار طرد الخلاف والله أعلم. المسألة الرابعة عشرة إسم الأرامل يقع على من مات زوجها والمختلعة والمبتوتة دون الرجعية والأيامى غير ذوات الأزواج هذه عبارة الأستاذ وبها أخذ الإمام وقال الفرق أن الأرملة من كان لها زوج والأيم لا يشترط فيها تقدم زوج ويشتركان في اشتراط الخلو عن الزوج في الحال وعبارة صاحبي المهذب و التهذيب لا يعتبر تقدم زوج في الأرملة وفي اشتراط الفقر الوجهان المذكوران في الأيتام وقطع الإمام بالإشتراط هنا وفي دخول رجل لا زوجة له في الأرامل وجهان قلت الأصح تخصيص الأرملة بمن فارقها زوجها ونقله إمام الحرمين عن نص الشافعي وهو المفهوم في العرف والأصح أن الرجل لا يدخل في الأرامل والله أعلم. فرع ثيب القبيلة ثيب القبيلة: النساء دون الرجال على الأصح وعلى الثاني يدخل الرجال الذين أصابوا وفي الإبكار هذا الخلاف المسألة الخامسة عشرة المعتبرون من الأقارب هم الذين يتعرضون ولا يسألون وذوو القنوع الذين يسألون المسألة السادسة عشرة غلمان القبيلة وصبيانهم والأطفال والذراري هم الذين لم يبلغوا واختلفوا في الشيوخ والشبان والفتيان ففي المهذب و التهذيب أن الشيوخ من جاوزوا أربعين سنة والفتيان والشبان من جاوز البلوغ إلى الثلاثين والمفهوم منه أن الكهول من الثلاثين إلى الأربعين ونقل الأستاذ عن الأصحاب أنهم قالوا إن الرجوع في ذلك إلى اللغة واعتبار لون الشعر في السواد والبياض والإختلاط ويختلف ذلك باختلاف أمزجة الناس قلت هذا المنقول عن المهذب و التهذيب قاله أيضاً آخرون وهو الأصح المختار وصرح الروياني وغيره بأن الكهول من جاوز ثلاثين إلى أربعين وكذا قال أهل اللغة إنه من جاوز الثلاثين لكن قال ابن قتيبة إنه يبقى حتى يبلغ خمسين وقد أوضحت هذه الأسماء مع اختلاف العلماء فيها وما يتعلق بها في تهذيب الأسماء ومن المسائل المتعلقة بما سبق لو أوصى للحجيج قال صاحب العدة يستحب دفعه إلى فقرائهم فإن صرف إلى فقرائهم وأغنيائهم جاز لشمول الإسم وينبغي أن يطرد فيه الوجهان كالأيتام والأرامل واشتراط الفقر هنا أرجح و الله أعلم.
فإما أن يكونوا موصوفين أو معينين الحال الأول موصوفون غير محصورين كالفقراء والمساكين وفي زيد أوجه أصحها أنه كأحدهم فيجوز أن يعطى أقل ما يتمول ولكن لا يجوز حرمانه وإن كان غنيا والثاني أنه يعطى سهما من سهام القسمة فإن قسم المال على أربعة من الفقراء أعطي زيد الخمس وإن قسمه على خمسة فالسدس وعلى هذا القياس والثالث لزيد ربع الوصية والباقي للفقراء لأن أقل من يقع عليه اسم الفقراء ثلاثة والرابع له النصف ولهم النصف والخامس إن كان فقيرا فهو كأحدهم وإلا فله النصف والسادس إن كان غنيا فله الربع لأنه لا يدخل فيهم وإلا فالثلث لدخوله فيهم والسابع أن الوصية في حق زيد باطلة لجهالة من أضيف إليه حكاه السرخسي في الأمالي وهو ضعيف جدا ولا بد على اختلاف الأوجه من الصرف إلى ثلاثة من الفقراء هذا كله إذا أطلق ذكر زيد أما إذا وصفه بصفة الجماعة فقال لزيد الفقير وللفقراء فيجري الخلاف فيما لزيد إن كان فقيرا ومنهم من خص الأوجه بهذه الحالة وبقي القول بكونه كأحدهم عند الإطلاق وإن كان غنيا فلا شيء له ونصيبه للفقراء إن قلنا إنه كأحدهم وإلا فهو لورثة الموصي وإن وصف زيداً بغير صفة الجماعة فقال لزيد الكاتب وللفقراء قال الأستاذ أبو منصور فله النصف بلا خلاف ويشبه أن يجيء القول بأن له الربع إن لم تجىء باقي الأوجه ولو أوصى لزيد بدينار وللفقراء بثلث ماله لم يصرف إلى زيد غير الدينار وإن كان فقيرا لأنه قطع اجتهاد الوصي بالتقدير ويحتمل الجواز ولو أوصى لزيد وللفقراء والمساكين فإن جعلناه في الصورة السابقة كأحدهم فكذا هنا وإن قلنا له النصف فهنا الثلث وإن قلنا الربع فهنا السبع الحال الثاني إذا كانوا معينين نظر إن لم يكونوا محصورين كالعلويين فسنذكر فإن صححنا فالحكم كما إذا كانوا موصوفين وإن لم نصحح قال المسعودي هو كما لو أوصى لزيد وللملائكة وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وإن كانوا محصورين فهل هو كأحدهم أم له النصف قال أبو منصور فيه احتمالان أصحهما الثاني ثم حكى خلافا في أن النصف الذي لهم يقسم بين جميعهم أم يجوز صرفه إلى ثلاثة منهم والصحيح وجوب القسمة بين الجميع. فرع أمهات أولاده فأوصى لأمهات أولاده وللفقراء والمساكين قال المتولي الصحيح أنه وعن أبي علي الثقفي أنه يقسم على خمسة لأن أمهات الأولاد محصورات يجب استيعابهن والفقراء والمساكين غير محصورين فيجعل كل واحد من الصنفين مصرفا وكل واحدة منهن مصرفاً.
غير محصورين كالهاشمية والطالبية والعلوية صحيحة على الأظهر كالفقراء فعلى هذا يجوز الاقتصار على ثلاثة منهم ولا تجب التسوية بينهم ولا يشترط القبول كالفقراء ومتى أوصى لبني فلان فإن عدوا قبيلة كبني هاشم وبني تميم فهي كالوصية للعلوية وفي جواز الصرف إلى إناثهم وجهان أصحهما الجواز وإن لم يعدوا قبيلة كبني زيد وعمرو اشترط القبول والاستيعاب والتسوية ولا يجوز الصرف إلى الإناث قلت وتصح الوصية هنا قطعاً والله أعلم.
أصحهما لزيد النصف وتبطل الوصية في الباقي كما لو أوصى لابن زيد وابن عمرو ولم يكن لعمرو ابن أو لزيد وعمرو وابني بكر فلم يكن له إلا ابن اسمه زيد يكون النصف للموجود ويبطل الباقي والثاني أن لزيد الكل ويلغو ذكر من لا يملك بخلاف ما إذا ذكر معه من يملك ويجري الوجهان في كل صورة أوصى لزيد ولمن لا يوصف بالملك كالشيطان والريح والحائط والبهيمة وغيرها ولو أوصى لزيد وللملائكة أو للرياح أو للحيطان فإن جعلنا الكل لزيد فذاك وإلا فهل له النصف أم الربع أم للموصي أن يعطيه أقل ما يتمول فيه الخلاف السابق في الوصية لزيد وللفقراء ولو أوصى لزيد ولله تعالى فهل يكون لزيد الجميع وذكر الله تعالى للتبرك أم له النصف والباقي للفقراء أم له النصف والباقي يصرف في وجوه القرب لأنها مصرف الحقوق المضافة إلى الله تعالى أم يرجع النصف الثاني إلى ورثة الموصي فيه أربعة أوجه أصحها الثالث وقدمنا وجها فيما إذا أوصى لاجنبي ووارث وبطلت في حق الوارث أنها تبطل في حق الأجنبي أيضاً بناء على تفريق الصفقة وذلك الوجه مع ضعفه يلزم طرده في نصيب زيد في هذه الصور قلت فلو قال أوصيت بثلث مالي لله عز وجل صرف في وجوه البر ذكره صاحب العدة وقال هو قياس قول الشافعي رحمه الله و الله أعلم. القسم الثاني من أقسام الباب في الأحكام المعنوية قد سبق أن الوصية بمنافع العبد والدار صحيحة مؤبدة ومؤقتة وكذا بغلة الدار والحانوت وكذا بثمار البستان التي تحدث على الأصح ولو أوصى بخدمة عبد سنة ولم تعين صحت الوصية والتعيين للوارث ويجوز أن يجعل له ثمرة بستانه العام فإن لم يثمر فثمرة العام القابل أو خدمة عبده العام فإن مرض فخدمة العام الثاني ويجوز أن يوصي بخدمة عبده لرجل مدة حياة زيد إذا تقرر هذا فالغرض الآن الكلام في مسائل الوصية بالمنافع وهو مبني على أصل وهو أن هذه الوصية تمليك للمنافع بعد الموت وليست مجرد إباحة كما أن الوصية بالأعيان تمليك لها بعد الموت فلو مات الموصى له ورثت عنه كسائر حقوقه وله الاجارة والاعارة والوصية بها ولو تلف العبد في يده لم يضمنه كما لا يضمن المستأجر قال البغوي وليس عليه مؤنة الرد هذا كله إذا أطلق الوصية أو قيدها بالتأبيد. والمراد بالتأبيد استيعاب الوصية منفعة العبد مدة حياته وكذا الحكم فيما لو أوصى بمنفعته مدة مقدرة كشهر وسنة وحكي وجه أنها لا تنتقل إلى وارث الموصى له لا عند الاطلاق ولا إذا قدر مدة ومات الموصى له قبل انقضائها والصحيح المعروف الأول أما إذا قال أوصيت لك بمنافعه حياتك فهو إباحة وليس بتمليك فليس له الاجارة وفي الاعارة وجهان وأما إذا مات الموصى له رجع الحق إلى ورثة الموصي ولو قال أوصيت لك بأن تسكن هذه الدار أو بأن يخدمك هذا العبد فهو إباحة أيضاً لا تمليك بخلاف قوله أوصيت لك بسكناها وخدمته هكذا ذكره القفال وغيره وفي فتاوى القفال أنه لو قال أطعموا زيدا كذا رطلا من الخبز من مالي اقتضى تمليكه كما في إطعام الكفارة ولو قال اشتروا خبزا واصرفوه إلى أهل محلتي فسبيله الإباحة هذا هو الأصل أما المسائل فإحداها فيما يتعلق بجانب الموصى له فيملك إثبات اليد على العبد الموصى بمنفعته ويملك منافعه وأكسابه المعتادة من الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد وأجرة الحرفة لأنها أبدال منافعه ولا يملك الكسب النادر كالهبة واللقطة على الأصح لأنه لا يقصد بالوصية وحكى الحناطي وأبو الحسن العبادي وجها في كل الأكساب وهو ضعيف وسيأتي دليله إن شاء الله تعالى. ولو أتت الجارية الموصى بمنفعتها بولد من نكاح أو زنا فثلاثة أوجه أصحها وبه قطع العراقيون والثاني أنه للموصى له ككسبها والثالث لورثة الموصي لأنه غير المنفعة. وإذا وطئت بشبهة أو زوجت ففي المهر وجهان قطع العراقيون والبغوي بأنه للموصى له كالكسب والمنسوب إلى المراوزة أنه لورثة الموصي وبه قطع المتولي وصححه الغزالي وهو الأشبه لأنه بدل منفعة البضع ومنفعة البضع لا تجوز الوصية بها فكان تابعا للرقبة ولا يجوز للموصى له وطؤها بلا خلاف فإن وطىء لميحد على الصحيح للشبهة وقيل يحد كالمستأجر ولو أولدها بالوطء لم تصر أم ولد له لكن الولد حر على الصحيح للشبهة وقيل رقيق وإذا قلنا حر فإن قلنا الولد المملوك كالكسب فلا قيمة عليه وإلا فعليه القيمة ثم هل هي لمالك الرقبة أم يشترى بها عبد تكون رقبته لمالك العبد ومنفعته للموصى له وجهان هذا ما ذكروه في هذه الصور ولم يفرقوا بين قوله أوصيت بمنفعة العبد أو غلته أو خدمته أو كسبه وبمنفعة الدار أو سكناها أو غلتها وكان الأحسن أن يقال الوصية بالمنفعة تفيد استحقاق الخدمة في العبد والسكنى في الدار والوصية بالخدمة والسكنى لا تفيد استحقاق سائر المنافع ألا ترى أنه إذا استأجر عبدا للخدمة لا يملك تكليفه البناء والغراس والكتابة وإذا استأجر دارا للسكنى لم يكن له أن يعمل فيها عمل الحدادين والقصارين ولا أن يطرح الزبل فيها ولا يبعد أن يكون هذا مرادهم وإن أطلقوا بل ينبغي أن يقال الوصية بالغلة والكسب لا تفيد استحقاق السكنى والركوب والاستخدام وبواحد منها لا يفيد استحقاق الغلة والكسب وهذا يوافق الوجه السابق عن الحناطي والعبادي. فرع هل ينفرد الموصى له بالمسافر بالموصى بمنفعته وجهان أحدهما لا كزوج الأمة وأصحهما نعم لاستغراقه المنافع. المسألة الثانية فيما يتعلق بجانب وارث الموصي وفيه أربعة فروع الأول الوارث يملك إعتاق الموصى بمنفعته لأن رقبته له وأشار صاحب الرقم وغيره إلى خلاف فيه والمذهب الأول لكن لا يجري إعتاقه عن الكفارة على الأصح لعجزه عن الكسب وإذا أعتق فالصحيح الذي قطع به الجمهور أن الوصية تبقى بحالها وتكون المنافع مستحقة للموصى له كما كانت كما إذا أعتق المستأجر ولا يرجع العتيق بقيمة المنفعة قطعاً. وقيل تبطل الوصية نقله أبو الفرج الزاز لأنه يبعد أن تكون منفعة الحر مستحقة أبدا فعلى هذا في رجوع الموصى له على المعتق بقيمة المنافع وجهان قلت لعل أصحهما الرجوع والله أعلم. وليس للوارث كتابة هذا العبد على الأصح لأن أكسابه مستحقة ووجه الجواز توقع الزكاة الفرع الثاني إذا كانت الوصية بمنفعة مدة معلومة فنفقته على الوارث كالمستأجر وإن كانت على التأبيد فثلاثة أوجه أصحها كذلك والثاني على الموصى له والثالث في كسبه فإن لم يكن كسب أو لم يف بها ففي بيت المال والفطرة كالنفقة ففيها الأوجه كذا قاله السرخسي وطائفة وقطع البغوي بأنها على مالك الرقبة وعلف البهيمة كنفقة العبد أما عمارة الدار الموصى بمنافعها وسقي البستان الموصى بثماره فإن تراضيا عليه أو تطوع أحدهما به فذاك وليس للآخر منعه وإن تنازعا لم يجبر واحد منهما بخلاف النفقة لحرمة الزوج وأشار بعضهم إلى طرد الخلاف في العمارة وسائر المؤن الفرع الثالث بيع الموصى بمنفعته مدة كبيع المستأجر وأما الموصى بمنفعته على التأبيد ففي بيع الوارث رقبته أوجه أصحها يصح بيعها للموصى له بالمنفعة دون غيره والثاني يصح مطلقا والثالث لا والرابع يصح بيع العبد والأمة لأنهما يتقرب باعتاقهما ولا يصح بيع البهائم والجمادات والماشية الموصى بنتاجها يصح بيعها لبقاء بعض المنافع والفوائد كالصوف والظهر وإنما الخلاف فيما استغرقت الوصية منافعه الفرع الرابع هل للوارث وطء الموصى بمنفعتها فيه أوجه أصحها ثالثها يجوز إن كانت ممن لا تحبل وإلا فلا فإن منعنا فوطىء فلا حد للشبهة وأما المهر فيبنى على أنها لو وطئت بشبهة لمن المهر فإن قلنا للوارث فلا مهر عليه وإلا فعليه فإن أولدها فالولد حر وعليه قيمته وهل تكون القيمة للموصى له أم يشترى بها عبد يخدم الموصى له وتكون رقبته للوارث فيه الوجهان فيما إذا ولدت رقيقا وتصير الجارية أم ولد يعتق بموته مسلوبة المنفعة وقيل لا تصير وهو ضعيف. المسألة الثالثة في الجناية على العبد الموصى بمنفعته فإن قتل نظر إن كان قتلا يوجب القصاص فلمالك الرقبة الاقتصاص فإذا اقتص بطل حق الموصى له كما لو مات أو انهدمت الدار وبطلت منافعها وإن كان مما يوجب المال أو رجع إليه ففي القيمة المأخوذة أوجه أصحها يشترى بها عبد يقوم مقامه فتكون رقبته للوارث ومنافعه للموصى له والثاني أنها للوارث ولا شيء للموصى له كما لا حق لزوج الأمة في بدلها الثالث أنها للموصى له خاصة. والرابع توزع على الرقبة مسلوبة المنفعة وعلى المنفعة وحدها فتقوم الرقبة بمنافعها ثم بلا منفعة فيكون لها قيمة لما في إعتاقها من الثواب وجلب الولاء فقدر التفاوت هو قيمة المنفعة فيكون للموصى له والباقي للوارث ويخرج على هذا الخلاف ما إذا قتله الوارث أو الموصى له فلا شيء على من لو كان القاتل غيره كانت القيمة مصروفة إليه وإن جني عليه بقطع طرفه فطريقان أحدهما طرد الأوجه سوى الثالث ولا يبعد تخريج الثالث أيضاً على هذه الطريقة تشبيها له بالولد والطريق الثاني القطع بأن الأرش للوارث واتفقوا على ترجيحه وإن ثبت الخلاف وكان سببه أن العبد بقي منتفعا به ومقادير المنفعة لا تنضبط وتختلف بالمرض والكبر وكان حق وإن وجب مال تعلق برقبته فإن لم يفدياه بيع في الجناية وبطل حقهما فإن زاد الثمن على الأرش قال أبو الفرج السرخسي يقسم بينهما على نسبة حقهما وينبغي أن يجيء فيه الخلاف السابق قلت مجيء الخلاف هو الوجه والله أعلم. وإن فدياه استمر الحقان وإن فداه مالك الرقبة فكذلك وإن فداه الموصى له ففي وجوب الإجابة على المجني عليه وجهان أحدهما لا لأنه أجنبي عن الرقبة وأصحهما الوجوب لظهور غرضه وهذا فيما إذا فدى أحدهما العبد بمنافعه فلو فدى حصته قال الحناطي يباع نصيب صاحبه وفيه إشكال لأنه إن فدى الوارث فكيف تباع المنافع وحدها وإن فدى الموصى له واستمر حقه فبيع الرقبة يكون على الخلاف السابق المسألة الخامسة في كيفية حساب المنفعة من الثلث فإن أوصى بالمنفعة أبدا فوجهان ويقال قولان أصحهما عند الجمهور وهو نصه في اختلاف العراقيين وفي الاملاء وبه قال ابن الحداد أنه تعتبر الرقبة بتمام منافعها من الثلث لأنه حال بين الوارث وبينها ولأن المنفعة المؤبدة لا يمكن تقويمها لأن مدة عمره غير معلومة وإذا تعذر تقويم المنافع تعين تقويم الرقبة والثاني خرجه ابن سريج أن المعتبر ما بين قيمتها بمنافعها وقيمتها مسلوبة المنافع واختاره الغزالي وطائفة فعلى هذا هل تحسب قيمة الرقبة من التركة أم لا أصحهما الأول مثاله أوصى بعبد قيمته بمنافعه مائة ودون المنافع عشرة فعلى المنصوص تعتبر المائة من الثلث ويشترط أن يكون له مائتان سوى العبد وعلى الثاني المعتبر تسعون فيشترط أن يبقى للورثة ضعف التسعين مع العشرة على وجه ودونها على وجه أما إذا أوصى بمنفعته مدة كسنة أو شهر ففيه طرق أحدها طرد الخلاف كالوصية المؤبدة والثاني إن اعتبرنا هناك ما بين القيمتين فهنا أولى وإلا فوجهان أحدهما التفاوت والثاني الرقبة والطريق الثالث أن المعتبر من الثلث أجرة مثل تلك المدة والرابع وهو أصحها يقوم العبد بمنافعه ثم مسلوب منفعته تلك المدة فما نقص حسب من الثلث وقيمة الرقبة في هذه الحالة محسوبة من التركة بلا خلاف ويتفرع على الخلاف صور إحداها أوصى بمنفعة عبده ثلاث سنين ولا مال سواه إن اعتبرنا قيمة الرقبة من الثلث صحت الوصية في منافع الثلث وردت في الباقي وإن اعتبرنا ما نقص وكان النقص نصف القيمة فهل ترد الوصية في سدس العبد أم ينقص من آخر المدة سدسها وجهان أصحهما الأول لأن قيمة المنافع تختلف بالأوقات الصورة الثانية أوصى لرجل برقبته ولآخر بمنفعته إن قلنا يعتبر من الثلث تمام القيمة نظر فيما سواه من التركة وأعطي كل واحد حقه كاملا أو غير كامل وإن قلنا المعتبر التفاوت فإن حسبنا الرقبة على الوارث إذا بقيت له حسب هنا كمال القيمة عليهما وإلا لم تحسب أيضاً على الموصى له بها وتصح وصيته من غير اعتبار الثلث كذا ذكره المتولي الصورة الثالثة أوصى بالرقبة لرجل وأبقى المنفعة للورثة فإن قلنا المعتبر من الثلث كمال القيمة لم تعتبر هذه الوصية من الثلث لجعلنا الرقبة الخالية عن المنفعة كالتالفة وإن قلنا المعتبر التفاوت فإن حسبنا قيمة الرقبة على الوارث حسبت هنا قيمة الرقبة على أهل الوصايا وتدخل في الثلث وإلا فهنا يحسب قدر التفاوت على الوارث ولا تحسب قيمة الرقبة على أهل الوصايا الصورة الرابعة العبد الموصى بمنفعته لو غصبه غاصب فلمن تكون أجرة المدة التي كانت في يد الغاصب قال في التتمة إن قلنا المعتبر من الثلث جميع القيمة فهي للموصى له وكأنه فوت الرقبة على الوارث وإلا فوجهان أحدهما أنها للوارث كما لو غصب المستأجر والصحيح أنها للموصى له لأنه بدل حقه بخلاف الاجارة فانها تنفسخ في تلك المدة فتعود المنافع إلى مالك الرقبة الصورة الخامسة أوصى بثمرة بستانه يخرج على الخلاف ففي وجه تعتبر جميع قيمة البستان من الثلث وفي وجه ما بين قيمته بمنافعه وفوائده وبين قيمته مسلوب الفوائد فإن احتمله الثلث فذاك وإلا فللموصى له القدر الذي يحتمله والباقي للوارث فإن لم يحتمل إلا نصفه فله من ثمره كل عام النصف والباقي للوارث. فرع لابن الحداد أوصى لرجل بدينار كل شهر من غلة داره وجعله بعده لوارث الرجل أو للفقراء والمساكين والغلة والكسب عشرة مثلا فاعتبار هذه الوصية من الثلث كاعتبار الوصية بالمنافع مدة معلومة لبقاء بعض المنافع لمالك الرقبة فيكون المذهب فيهما أن المعتبر من الثلث قدر التفاوت بين القيمتين ثم ينظر فإن خرجت الوصية من الثلث قال ابن الحداد ليس للورثة أن يبيعوا بعض الدار ويدعوا ما يحصل منه دينار لأن الاجرة تختلف فقد تنقص فتعود إلى دينار أو أقل فيكون الجميع للموصى له وهذا إذا أرادوا بيع بعضها على أن تكون الغلة للمشتري. فأما بيع مجرد الرقبة فعلى ما سبق من الخلاف في بيع الوارث الموصى بمنفعته وإن لم يخرج من الثلث فالزائد على الثلث رقبة وغلة للوارث يتصرف فيه كيف شاء ولو كانت الوصية بعشر الغلة كل سنة فما سوى العشر للوارث يتصرف فيه كيف شاء. فرع أوصى لشخص بدينار كل سنة حكى الإمام أن الوصية صحيحة في الأول بدينار وفيما بعدها قولان أحدهما الصحة لأن الجهالة لا تمنع صحة الوصية ولأن الوصية بالمنافع صحيحة لا إلى غاية وأظهرهما البطلان لأنه لا يعرف قدر الموصى به ليخرج من الثلث فإن صححنا فإن لم يكن هناك وصية أخرى فللورثة التصرف في ثلثي التركة قطعاً وفي ثلثها وجهان أحدهما ينفذ التصرف بعد إخراج الدينار الواحد لأنا لا نعلم استحقاق الموصى له في المستقبل الثاني أنه يوقف لأن الاستحقاق ثبت إلى أن يظهر قاطع فإن قلنا بالتوقف وبقي الموصى له إلى أن استوعبت دنانيره الثلث فذاك وإن مات فعن صاحب التقريب أن بقية الثلث تسلم لورثة الموصي قال الإمام وفيه نظر لأن هذه الوصية إذا صححناها كالوصية بالثمار بلا نهاية فوجب انتقال الحق إلى ورثة الموصى له وإن نفذنا تصرفهم فكلما انقضت سنة طالب الموصى له الورثة بدينار وكان ذلك كوصية تظهر بعد قسمة التركة وإن كان هناك وصايا اخر قال صاحب التقريب يوزع الثلث بعد الدينار الواحد على أصحاب الوصايا ولا يتوقف فإذا انقضت سنة أخرى استرد منهم بدينار ما يقتضيه التقسيط قال الإمام هذا بين إذا كانت الوصية مفيدة بحياة الموصى له فأما إذا لم نقيد وأقمنا ورثته مقامه فهو مشكل لا يهتدى إليه. فرع لو انهدمت الدار الموصى بمنافعها فأعادها الوارث بآلتها هل ولو أراد الموصى له إعادتها بآلتها فعلى الوجهين قلت أصحهما العود والله أعلم. الحج ضربان متطوع به ومفروض فالتطوع تصح الوصية به على الأظهر تفريعا على صحة النيابة فيه ثم هو محسوب من الثلث ويحج عنه من بلده إن قيد به ومن الميقات إن قيد به فإن أطلق فعلى أيهما يحمل وجهان أصحهما من الميقات وإليه ميل أكثرهم وهل يقدم حج التطوع في الثلث على سائر الوصايا قال القفال هو على القولين في تقديم العتق على غيره من الوصايا قال الشيخ أبو علي لم أر هذا لأحد من الأصحاب بل جعلوا الوصية به مع غيره على الخلاف فيما إذا اجتمع حق الله تعالى وحقوق الآدميين وإذا لم يف الثلث أو حصة الحج منه بالحج بطلب الوصية وكذا لو قال أحجوا عني بمائة من ثلثي ولم يمكن أن يحج بها ولو قال أحجوا عني بثلثي صرف ثلثه إلى ما يمكن من حجتين وثلاث فصاعدا فإن فضل ما لا يمكن أن يحج به فهو للورثة ولو قال أحجوا عني بثلثي حجة صرف ثلثه إلى حجة واحدة ثمإن كان الثلث أجرة المثل فما دونها جاز أن يكون الأجير أجنبيا ووارثا وإن كان أكثر لم يستأجر إلا أجنبي لأن الزيادة محاباة فلا تجوز للوارث. الضرب الثاني المفروض وهو حجة الاسلام وغيرها أما حجة الاسلام فمن مات وهي في ذمته قضيت من رأس ماله وإن لم يوص بها كالزكاة وسائر الديون وإن أوصى بها نظر إن أضافها إلى رأس المال فهي تأكيد وإن أضاف إلى الثلث قضيت منه كما لو أوصى بقضاء دينه من ثلثه وتتضمن هذه الوصية ترفيه الورثة بتوفير الثلثين وفي تقديم الحج على سائر الوصايا وجهان وقال الشيخ أبو علي قولان يجريان فيما لو أوصى بقضاء دينه من الثلث أحدهما يقدم كما لو لم يوص فإنه يقدم وأصحهما لا يقدم بل يزاحمها بالمضاربة لأنه وصية ثم إن لم يف الثلث بالحج على الوجه الأول أو الحاصل من المضاربة على الثاني كمل من رأس المال كما لو قال اقضوا ديني من ثلثي فلم يوف الثلث به وحينئذ تدور المسألة وسنوضح مثالها قريبا إن شاء الله تعالى. وإن أطلق فلم يضف إلى الثلث ولا إلى رأس المال حج عنه من رأس المال على المذهب وبه قطع الجمهور سواء قرن به ما يعتبر من الثلث أم لا و قيل قولان ثانيهما أنه من الثلث وقيل إن قرن فمن الثلث وإلا فمن رأس المال ثم متى جعلنا الحج من رأس المال حج عنه من الميقات لأنه لو كان حيا لم يلزمه إلا هذا وإذا جعلناه من الثلث إما لتصريحه وإما عند الاطلاق فوجهان أصحهما من الميقات أيضاً فعلى هذا لو أوصى أن يحج عنه من بلده فلم يبلغ ثلثه حجة من بلده حج من حيث أمكن وإن لم يبلغ الحج من الميقات تمم من رأس المال ما يتم به الحج من الميقات والثاني من بلده فعلى هذا قال أبو إسحق إن أوصى بالحج من الثلث فجميعه من الثلث فإن أطلق وجعلناه من الثلث فالذي من الثلث مؤنة ما بين البلد إلى الميقات فأما من الميقات فهو من رأس المال وأما الحجة المنذورة ففيها وجهان أصحهما أنها كحجة الاسلام إلا أن هاهنا وجها أنها إذا لم يوص بها قضيت من الثلث وهو شاذ والثاني كالتطوعات لأنها لا تلزم بأصل الشرع فعلى هذا إن لم يوص بها لم تقض وإن أوصى بها كانت من الثلث ويجري الخلاف في الصدقة المنذورة والكفارات. فرع أوصى بحجة الإسلام من الثلث ولزيد بمائة والتركة ثلثمائة وأجرة فإن قدمنا الحج على سائر الوصايا صرف الثلث إلى الحج وإن لم نقدم ووزعنا الثلث دارت المسألة لأن حصة الحج تكمل من رأس المال وإذا أخذنا شيئاً من رأس المال نقص الثلث وإذا نقص نقصت حصة الحج فلا تعرف حصة الحج ما لم يعرف الثلث ولا يعرف الثلث ما لم يعرف المأخوذ من رأس المال ولا يعرف المأخوذ ما لم تعرف حصة الحج فالطريق أن نأخذ من التركة شيئاً لإكمال حصة الحج يبقى ثلثمائة إلا شيئاً بقدر ثلثه وهو مائة إلا ثلث شيء يقسم بين الحج والموصى له نصفين فنصيب الحج خمسون إلا سدس شيء فيضم الشىء المفرز إليه تبلغ خمسين وخمسة أسداس شيء تعدل مائة وذلك تمام الاجرة فيسقط خمسين بخمسين تبقى خمسة أسداس شيء في مقابلة خمسين وإذا كان خمسة أسداس الشىء خمسين كان الشىء ستين فعرفنا أن ما أفرزناه ستون فنأخذ ثلث الباقي بعد الستين وهو ثمانون فرع أوصى أن يحج عنه تطوعا أو حجة الاسلام من ثلثه بمائة بما يبقى من الثلث بعد المائة لزيد وبثلث ماله لعمرو ولم تجز الورثة ما زاد على الثلث فيقسم الثلث بين عمرو والوصيتين الأخريين نصفين فاذا كان ثلث المال ثلثمائة كان لعمرو مائة وخمسون والباقي بين الحج وزيد وفي قسمته وجهان أحدهما قاله ابن خيران تصرف خمسون إلى الحج ومائة إلى زيد لأن الوصيتين لو نفذنا يخص زيدا ثلثا الثلث وأصحهما تصرف مائة إلى الحج وخمسون لزيد ولو كان الثلث مائتين فلعمرو مائة والمائة الباقية للحج على الأصح ولا شيء لزيد وعلى الثاني هي بين زيد والحج نصفان ولو كان الثلث مائة قسمت بين الحج وعمرو نصفين ولا شيء لزيد في هذا الحال وكذا لو لم توجد الوصية لعمرو بخلاف ما إذا كان الثلث فوق المائة ولو أوصي أولا بالثلث لعمرو ثم بالحج بمائة من الثلث ثم لزيد بما يبقى من الثلث بعد المائة فعن أبي إسحق أن الوصية لزيد باطلة لأن وصية عمرو استغرقت الثلث وقال الجمهور لا فرق بين التقديم والتأخير والوصية بالحج ولزيد وصية بثلث آخر وهذا شخص أوصى بالثلثين كمن أوصى لشخص بالثلث ثم أوصى لآخر بالثلث فإنه يوزع الثلث عليهما هذا كله تفريع على أن الحج لا يقدم في الثلث على سائر الوصايا فأما إذا قدمناه فإن كان الثلث ثلثمائة والمائة المقدرة للحج أجرة مثل الحج أخذت المائة من رأس الثلث وكيف يقسم الباقي بين زيد وعمرو قال ابن الحداد نصفين لأن كل واحد منهما لو انفرد مع الحج لأخذ ما زاد على المائة وغلطه جماهير الأصحاب وقالوا يقسم الباقي بينهما على قدر وصيتهما والوصية لزيد بالباقي وهو مائتان ولعمرو بالثلث وهو ثلثمائة فيقسم الباقي بينهما على خمسة لزيد ثمانون ولعمرو مائة وعشرون ولو كانت الصور بحالها وأجرة مثل الحج خمسون أخذ من الثلث خمسون أولا ثم قال ابن الحداد يجعل الباقي نصفين نصفه لعمرو ونصفه الآخر للحج منه خمسون وباقيه لزيد. وقال الجمهور بل يقسم الباقي بعد أجرة مثل الحج على أحد عشر سهما لأن وصية عمرو في هذه الحالة بثلثمائة وللحج وزيد بمائتين وخمسين والنسبة بينهما ما ذكرنا فلعمرو ما يخص ستة والباقي يقدم الحج منه بخمسين وباقيه لزيد ولو كان الثلث مائتين فإن كانت أجرة مثل الحج مائة أخذت من رأس الثلث ثم على قول ابن الحداد الباقي بينهما نصفان وعند الجمهور يجعل بينهما على ثلاثة أسهم لأن الوصية لزيد بمائة ولعمرو بمائتين وإن كان أجرة مثله خمسين أخذت خمسون أولا والباقي على قول ابن الحداد بين عمرو والوصيتين الآخريين نصفين ثم يقدم الحج بخمسين من حصتهما وعند الجمهور يقسم المال بعد الخمسين على سبعة أسهم لأنه أوصى لعمرو بمائتين وللحج وزيد بمائة وخمسين فلعمرو ما يخص أربعة والباقي يؤخذ منه خمسون للحج والباقي لزيد ولو كان الثلث مائة فإن كان أجرة مثل الحج مائة فلا شيء لزيد وعمرو وإن كان خمسين أخذ للحج خمسون ثم على قول ابن الحداد الباقي بين الحج وعمرو نصفان وعند الجمهور للحج ثلث الباقي ولعمرو ثلثاه لأن الوصية في هذه الحالة للحج بخمسين ولعمرو بمائة وإذا لم تف حصة الحج في هذه الصورة بالحج فإن كانت لحجة تطوع بطلت وإن كانت لحجة الاسلام كملنا من رأس المال وقد ذكرنا طريقه.
|