الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: طبقات الشافعية الكبرى **
صاحب المجاميع المفيدة مولده سنة ست وخمسين وستمائة وسمع من إبراهيم بن عمر بن مضر وإسماعيل بن عبد القوي بن عزون والنجيب عبد اللطيف والعز عبد العزيز ابنى عبد المنعم الحراني وابن خطيب المزة وغيرهم وكان ذكي القريحة قوي الحافظة حافظا لكثير من الفقه حسن الحفظ للقرآن كثير التلاوة وحكم بالقاهرة مدة نيابة توفي في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بالقاهرة ووالده الشيخ علم الدين أحمد بن إبراهيم كان أيضا من أهل العلم والديانة المتينة وله النظم البديع وامتحن مرة بمحنة ذكر أنه نظم فيها أبياتا في ليلة لم ينفلق فجرها إلا وقد فرج عنه والأبيات اصبر على حلو القضاء ومره ** واعلم بأن الله بالغ أمره فالصدر من يلقى الخطوب بصدره ** وبصبره وبحمده وبشكره والحر سيف والذنوب لصفوه ** صدأ وصيقله نوائب دهره ليس الحوادث غير أعمال امرئ ** يجزى بها من خيره أو شره فإذا أصبت بما أصبت فلا تقل ** أوذيت من زيد الزمان وعمره واثبت فكم أمر أمضك عسره ** ليلا فبشرك الصباح بيسره ولكم على ناس أتى فرج الفتى ** من سر غيب لا يمر بفكره فاضرع إلى الله الكريم ولا تسل ** بشرا فليس سواه كاشف ضره واعجب لنظمي والهموم شواغل ** يلهين عن نظم الكلام ونثره وما أحسن قول شاعر العصر الشيخ جمال الدين ابن نباتة في هذا المعنى لا تخش من غم كغيم عارض ** فلسوف يسفر عن إضاءة بدره إن تمس عن عباس حالك راويا ** فكأنني بك راويا عن بشره ولقد تمر الحادثات على الفتى ** وتزول حتى ما تمر بفكره هون عليك فرب أمر هائل ** دفعت قواه بدافع لم تدره ولرب ليل بالهموم كدمل ** صابرته حتى ظفرت بفجره تفقه على الفقيه نجم الدين بن الرفعة وصحب في التصوف الشيخ ياقوت المقيم بالإسكندرية وكان الشيخ ياقوت من أصحاب سيدي الشيخ أبي العباس المرسي صاحب سيدي الشيخ أبي الحسن الشاذلي وبرع ابن اللبان فقها وأصولا ونحوا وتصوفا ووعظ الناس وعقد مجلس التذكير بمصر وبدرت منه ألفاظ يوهم ظاهرها ما لا نشك في براءته منه فاتفقت له كائنة شديدة ثم نجاه الله تعالى ودرس بالآخرة بالمدرسة المجاورة لضريح الشافعي رضي الله عنه واختصر الروضة وبوب الأم ورتبها على المسائل والأبواب ووقفت له على كتاب متشابه القرآن والحديث وهو مختصر حسن تكلم فيه على بعض الآيات والأحاديث المتشابهات بكلام حسن على طريقة الصوفية توفي بالطاعون سنة تسع وأربعين وسبعمائة
فمن شعره ما أورده في كتابه المتشابه في الربانيات تشاغل عنا بوسواسه ** وكان قديما لنا يطلب محب تناسى عهود الهوى ** وأصبح في غيرنا يرغب ونحن نراه ونملي له ** ويحسبنا أننا غيب ونحن إلى العبد من نفسه ** ووسواس شيطانه أقرب ومن مناجاته في هذا الكتاب وهو مما أخذ عليه إلهي جلت عظمتك أن يعصيك عاص أو ينساك ناس ولكن أوحيت روح أوامرك في أسرار الكائنات فذكرك الناسي بنسيانه وأطاعك العاصي بعصيانه وإن من شيء إلا يسبح بحمدك إن عصى داعي إيمانه فقد أطاع داعي سلطانك ولكن قامت عليه حجتك ولله الحجة البالغة ومن كلامه فيه على حديث ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ) الحديث فيه إشارة إلى أن خشية سوء الخاتمة مخصوص بأهل أعمال الجنة وأما أهل الإخلاص لأعمال التوحيد فلا يخشى عليهم سوء الخاتمة ولهذا قال ( فيعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ) فافهم بذلك أن المقرب متقربان متقرب إلى الجنة بأعمالها ومتقرب إلى الله بذكره كما ثبت في ( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني ) إلى قوله ( وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا ) وذلك يفهمك أن المتقرب إلى الله تعالى لا يمكن أن يبقى بينه وبينه ذراع لأن ذلك الذراع إن كان التقرب به مطلوبا من العبد لم يبق بعده مقدار يتقرب الله تعالى به إليه وحينئذ فيستلزم الخلف في خبره وهو محال وإن كان موعودا به من الله لزم تنجز وعده وتحقق القرب للعبد فلا يبقى بعد ولا دخول إلى النار فعلم أن ذلك الذراع مخصوص بأهل القرب إلى الجنة التي لا يلزم ممن يقرب إليها فافهمه فإنه بديع انتهى ومنه قال أنكر القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب الأحوذي ثبوت الرؤية في الموقف وقال إن نعيم الرؤية لا يكون إلا للمؤمنين في الجنة وأن ما جاء في الرؤية في الموقف فإنما هو على سبيل الامتحان والاختبار والذي نعتقده ثبوت الرؤية وتعميمها للمؤمنين في الموقف على ما صح في الحديث وذلك صريح في قوله تعالى سمع من العز الحراني والحافظ أبي محمد الدمياطي وأبي الحسن علي بن نصر الله بن الصواف وتفقه على الشيخ وجيه الدين البهنسي وقرأ الأصول على الشيخ شمس الدين محمد بن محمود الأصبهاني شارح المحصول والنحو على الشيخ بهاء الدين بن النحاس وأفتى وناظر ودرس وأفاد وناب في الحكم عن شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد وأرسل رسولا إلى اليمن في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون وشرح مختصر المزني ولم يكمله وفي سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة لما توجهنا إلى القاهرة في خدمة الشيخ الوالد رحمه الله عندما تسلطن السلطان الملك الناصر أحمد بن الناصر محمد بن قلاوون ولي الأخ الشيخ بهاء الدين أبو حامد سلمه الله قضاء القضاة بالعساكر المنصورة ثم وقع نزاع كثير وولي الشيخ شمس الدين المشار إليه قضاء العسكر وكان إماما عارفا بالمذهب مشارا إليه بالتقدم بين أهل العلم يضرب المثل باسمه مولده سنة نيف وستين وستمائة وتوفي في الطاعون سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالقاهرة
مناظرة بينه وبين الشيخ الإمام الوالد رحمه الله في حد الورع لا يحضرني منها إلا أنه ادعى أن الورع ترك الشبهة وأن الشيخ الإمام الوالد قال الورع مراتب أدناها اجتناب الكبائر ونقلت من خط الوالد جوابا عن مكاتبة أرسلت إليه في هذا المعنى ما نصه وأما كلام ابن عدلان في الورع فتعجبت منه والورع درجات أدناها كل مسلم مجتنب للكبائر متصف به هذا في المصدر وأما اسم الفاعل فهو تابع للمصدر لكن قد يخص في العرف ببعض المراتب والشروط هل تحمل على المسمى كما ذكره الفقهاء في السلم أو على رتبة خاصة إن دل العرف عليها فيه بحث أما عند اضطراب العرف فلا شك في الحمل على المسمى وهذه الكلمات يمكن أن تبسط في تصنيف ولسنا من أهل الورع إنما أهله سعيد بن المسيب وسفيان ومن المتأخرين النووي انتهى ما نقلته من خط الشيخ الإمام وكانت الواقعة في وقف اشترط واقفه في مباشرة الورع فأفتى الشيخ الإمام بالاكتفاء فيه بالعدالة لاضطراب العرف في حد الورع قال والعدالة أدنى مراتبه فيحمل عليها وهذه مسألة حسنة تقع كثيرا وخالفه فيها ابن عدلان أفتى ابن عدلان في واقف مدرسة على الفقهاء والمتفقهة ومدرس ومعيدين وجماعة عينهم قال ومن شروط المذكور أن لا يشتغلوا بمدرسة أخرى غير هذه المدرسة ولا يكون لواحد منهم تعلق بمدرسة أخرى ولا مباشرة بتجارة ولا بزازة يعرف بها غير تجارة الكتب ولا ولاية بأنه يجوز للمقرر في هذه المدرسة الجمع بينها وبين إمامة مسجد قريب منها ووافقه شيخ الحنفية في زماننا قاضي قضاة الحنفية بالديار المصرية علاء الدين علي بن عثمان المارديني بن التركماني قلت وفيه نظر لنص الشافعي على أن الإمامة ولاية حيث يقول ولا أكره الإمامة إلا من جهة أنها ولاية وأنا أكره سائر الولايات رأيت في كلام ابن عدلان أن شرائط المبيع ثمانية فذكر كونه طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه مملوكا للعاقد أو لمن يقع له العقد معلوما وزاد سالما من الربا خالصا من مقارنة ما لا يجوز العقد عليه وأن لا يكون معرضا للعاهة قال وقولنا سالما من الربا احتراز عما لو اشتمل على الربا وقولنا خالصا إلى آخره احتراز عما لو جمع بين معلوم ومجهول فإنه لا يصح في الأصح وقولنا وأن لا يكون معرضا للعاهة احتراز عما لو باع الثمر قبل بدو الصلاح أو الزرع الأخضر ولم يشترط القطع فإنه لا يصح شيخنا وأستاذنا الإمام الحافظ شمس الدين أبو عبد الله التركماني الذهبي محدث العصر اشتمل عصرنا على أربعة من الحفاظ بينهم عموم وخصوص المزي والبرزالي والذهبي والشيخ الإمام الوالد لا خامس لهؤلاء في عصرهم فأما المزي والبرزالي والوالد فسنترجمهم إن شاء الله تعالى وأما أستاذنا أبو عبد الله فبصر لا نظير له وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة إماما لوجود حفظا وذهب العصر معنى ولفظا وشيخ الجرح والتعديل ورجل الرجال في كل سبيل كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها وكان محط رحال تغيبت ومنتهى رغبات من تغيبت تعمل المطي إلى جواره وتضرب البزل المهاري أكبادها فلا تبرح أو تنبل نحو داره وهو الذي خرجنا في هذه الصناعة وأدخلنا في عداد الجماعة جزاه الله عنا أفضل الجزاء وجعل حظه من غرفات الجنان موفر الأجزاء وسعده بدرا طالعا في سماء العلوم يذعن له الكبير والصغير من الكتب والعالي والنازل من الأجزاء مولده في سنة ثلاث وسبعين وستمائة وأجاز له أبو زكريا بن الصيرفي وابن أبي الخير والقطب ابن أبي عصرون والقاسم بن الإربلي وطلب الحديث وله ثماني عشرة سنة فسمع بدمشق من عمر بن القواس وأحمد بن هبة الله بن عساكر ويوسف بن أحمد الغسولي وغيرهم وببعلبك من عبد الخالق بن علوان وزينب بنت عمر بن كندي وغيرهما وبمصر من الأبرقوهي وعيسى بن عبد المنعم بن شهاب وشيخ الإسلام ابن دقيق العبيد والحافظين أبي محمد الدمياطي وأبي العباس بن الظاهري وغيرهم ولما دخل إلى شيخ الإسلام ابن دقيق العيد وكان المذكور شديد التحري في الإسماع قال له من أين جئت قال من الشام قال بم تعرف قال بالذهبي قال من أبو طاهر الذهبي فقال له المخلص فقال أحسنت فقال من أبو محمد الهلالي قال سفيان بن عينة قال أحسنت اقرأ ومكنه من القراءة عليه حينئذ إذ رآه عارفا بالأسماء وسمع بالإسكندرية من أبي الحسن علي بن أحمد الغرافي وأبي الحسن يحيى بن أحمد بن الصواف وغيرهما وبمكة من التوزري وغيره وبحلب من سنقر الزيني وغيره وبنابلس من العماد بن بدران وفي شيوخه كثرة فلا نطيل بتعدادهم وسمع منه الجمع الكثير وما زال يخدم هذا الفن إلى أن رسخت فيه قدمه وتعب الليل والنهار وما تعب لسانه وقلمه وضربت باسمه الأمثال وسار اسمه مسير الشمس إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر ولا يدبر إذا أقبل الليال وأقام بدمشق يرحل إليه من سائر البلاد وتناديه السؤالات من كل ناد وهو بين أكنافها كنف لأهليها وشرف تفتخر وتزهى به الدنيا وما فيها طورا تراها ضاحكة عن تبسم أزهارها وقهقهة عذرانها وتارة تلبس ثوب الوقار والفخار بما اشتملت عليه من إمامها المعدود في سكانها وكان شيخنا والحق أحق ما قيل والصدق أولى ما آثره ذو السبيل شديد الميل إلى آراء الحنابلة كثير الإزراء بأهل السنة الذين إذا حظروا كان أبو الحسن الأشعري فيهم مقدم القافلة فلذلك لا ينصفهم في التراجم ولا يصفهم بخير إلا وقد رغم منه أنف الراغم صنف التاريخ الكبير وما أحسنه لولا تعصب فيه وأكمله لولا نقص فيه وأي نقص يعتريه والتاريخ الأوسط المسمى بالعبر وهو حسن جدا والصغير المسمى دول الإسلام وكتاب النبلاء ومختصر تهذيب الكمال للمزي والكاشف مختصر ذلك وهو مجلد نفيس والميزان في الضعفاء وهو من أجل الكتب والمغني في ذلك وكتابا ثالثا في ذلك ومختصر سنن البيهقي وهو حسن ومختصر الأطراف للمزي وطبقات الحفاظ وطبقات القراء وكتابا في الوفيات ومختصرا آخر فيها يسمى بالإعلام والتجريد في أسماء الصحابة والمجرد في أسماء رجال الكتب الستة ومختصر المستدرك للحاكم ومختصر تاريخ نيسابور للحاكم ومختصر ذيل ابن الدبيثي والمعجم الكبير والصغير والمختص لمحدثي العصر ومختصر المحلي لابن حزم وكتاب نبأ الدجال ومختصرات كثيرة وقرأ القرآن بالروايات وأقرأه توفي في ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بالمدرسة المنسوبة لأم الصالح في قاعة سكنه ورآه الوالد رحمه الله قبل المغرب وهو في السياق وقال له كيف تجدك فقال في السياق ثم سأله أدخل وقت المغرب فقال له الوالد ألم تصل العصر فقال بلى ولكن لم أصل المغرب إلى الآن وسأل الوالد رحمه الله عن الجمع بين المغرب والعشاء تقديما فأفتاه بذلك ففعله ومات بعد العشاء قبل نصف الليل ودفن بباب الصغير حضرت الصلاة عليه ودفنه وكان قد أضر قبل وفاته بمدة يسيرة أنشدنا شيخنا الذهبي من لفظه لنفسه تولى شبابي كأن لم يكن ** وأقبل شيب علينا تولى ومن عاين المنحنى والنقى ** فما بعد هذين إلا المصلى وأنشدنا لنفسه وأرسلها معي إلى الوالد رحمه الله وهي فيما أراه آخر شعر قاله لأن ذلك كان في مرض موته قبل موته بيومين أو ثلاثة تقي الدين يا قاضي الممالك ** ومن نحن العبيد وأنت مالك بلغت المجد في دين ودنيا ** ونلت من العلوم مدى كمالك ففي الأحكام أقضانا علي ** وفي الخدام مع أنس بن مالك وكابن معين في حفظ ونقد ** وفي الفتيا كسفيان ومالك وفخر الدين في جدل وبحث ** وفي النحو المبرد وابن مالك وتسكن عند رضوان قريبا ** كما زحزحت عن نيران مالك تشفع في أناس في فراء ** لتكسوهم ولو من رأس مالك لتعطي في اليمين كتاب خير ** ولا تعطي كتابك في شمالك وذكر بعد هذا أبياتا على هذا النمط تتعلق بمدحي لم أذكرها وختمها بقوله وللذهبي إدلال الموالي ** على المولى كحلمك واحتمالك ومن نظمه أيضا في أسماء المدلسين حد المدلسين ياذا الفكر ** جبر الجعفي ثم الزهري والحسن البصري قل مكحول ** قتادة حميد الطويل ثمت ابن عبد الملك القبطي ** وابن أبي نجيح المكي والثبت يحيى بن أبي كثير ** والأعمش الناقل بالتحرير وقل مغيرة أبو إسحاق ** والمرئي الميمون باتفاق ثم يزيد بن أبي زياد ** حبيب ثابت فتى الأجداد أبو جناب وأبو الزبير ** والحكم الفقيه أهل الخير عباد منصور قل ابن عجلان ** وابن عبيد يونس ذو الشان ثم أبو حرة وابن إسحاق ** حجاج أرطأة لكل مساق ثم أبو سعد هو البقال ** عكرمة الصغير يا هلال ثم ابن واقد حسين المروزي ** وابن أبي عروبة اصغ تفز وليد مسلم حكى بقيه ** في حذف واه خلة دنيه وقد كنت لما توفي شيخنا رثيته بقصيدة مطلعها من للحديث وللسارين في الطلب ** من بعد موت الإمام الحافظ الذهبي من للرواية للأخبار ينشرها ** بين البرية من عجم ومن عرب من للدراية والآثار يحفظها ** بالنقد من وضع أهل الغي والكذب من للصناعة يدري حل معضلها ** حتى يريك جلاء الشك والريب من للجماعة أهل العلم تلبسهم ** أعلامه الغر من أبرادها القشب من للتخاريج يبديها ويدخل في ** أبوابها فاتحا للمقفل الأشب من في القراآت بين الناس نافعهم ** وعاصم ركنها في الجحفل اللجب من للخطابة لما لاح يرفل في ** ثوب السواد كبدر لاح في سحب منها بالله يا نفس كوني لي مساعدة ** وحاذري جزع الأوصاب والرعب فهذه الدار دار لا ذمام لها ** ليست بنبع إذا عدت ولا غرب وليس تبقى على حال وليس لها ** عهد يمسك بالأوتاد والطنب بينا يرى المرء في بحر المعزة ذا ** خوض ترامت عليه ذلة النوب والأمر من واصل الأيام منقطع ** وعمر عامرها كالمربع الخرب هذي المنية لا تنفك آخذة ** ما بين محتقر فينا وذي نسب هي السهام نصبنا نحوها غرضا ** تصمي وتسلب كالعسالة السلب وهو الحمام فلا تعجب عليه ولا ** تعجب لديه فما في الموت من عجب وإن تغب ذات شمس الدين لا عجب ** فأي شمس رأيناها ولم تغب هو الإمام الذي روت روايته ** وطبق الأرض من طلابه النجب مهذب القول لاعي ولجلجة ** مثبت النقل سامي القصد والحسب ثبت صدوق خبير حافظ يقظ ** في النقل أصدق أنباء من الكتب كالزهر في حسب والزهر في نسب ** والنهر في حدب والدهر في رتب وهي طويلة فليقع الاقتصار على ما أوردناه
ويعجبني من كلام شيخنا أبي عبد الله الحافظ فصل ذكره بعد تصنيف كتاب الميزان وأنا مورد بعضه قال قد كتبت في مصنفي المزيان عددا كثيرا من الثقات الذي احتج البخاري أو مسلم أو غيرهما بهم لكون الرجل منهم قد دون اسمه في مصنفات الجرح وما أوردتهم لضعف فيهم عندي بل ليعرف ذلك وما زال يمر بي الرجل الثبت وفيه مقال من لا يعبأ به ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما والله يرضى عن الكل ويغفر لهم فما هم بمعصومين ولا اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلنيهم عندنا أصلا ولا بتكفير الخوارج لهم انحطت روايتهم بل صار كلام الخوارج والشيعة فيهم جرحا في الطاعنين فانظر إلى حكمة ربك نسأل الله السلامة وهكذا كثير من كلام الأقران بعضهم في بعض ينبغي أن يطوى ولا يروى قال وسوف أبسط فصلا من هذا المعنى يكون فيصلا بين المجروحين المعتبر والمردود فأما الصحابة فبساطهم مطوي وإن جرى ما جرى إذ العمل على عدالتهم وبه ندين الله وأما التابعون فيكاد يعدم فيهم الكاذب عمدا ولكن لهم غلط وأوهام فمن نذر غلطه احتمل وكذا من تعدد غلطه وكان من أوعية العلم على تردد بين الأئمة في الاحتجاج بمن هذا نعته كالحارث الأعور وعاصم بن ضمره وصالح مولى التوأمة وعطاء بن السائب ومن فحش خطؤه وكثر تفرده لم يحتج بحديثه ولا يكاد يقع ذلك في التابعين الأولين وإن وجد في صغار التابعين كمالك والأوزاعي فمن بعدهم فعلى المراتب المذكورة وأما أصحاب التابعين فوجد في عصرهم من تعمد الكذب أو من كثر غلطه وتخبيطه فترك حديثه هذا مالك النجم الهادي بين الأمة وما سلم من الكلام فيه وكذا الأوزاعي ثقة حجة وربما انفرد ووهم وحديثه عن الزهري فيه شيء ما وقد قال فيه أحمد بن حنبل حديث ضعيف ورأي ضعيف وقد تكلف لمعنى هذه اللفظة وكذا تكلم من لا يفهم في الزهري لكونه خضب بالسواد ولبس زي الجند وخدم عند هشام بن عبد الملك وهذا باب واسع والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث ثم ذكر جماعة من هذا الجنس أعني من لا يضرهم كلام من تكلم فيهم بل يضر المتكلم فمنهم الفضيل بن عياض فإنه ثقة سيد بلا نزاع وقال أحمد بن أبي خيثمة سمعت قطبة بن العلاء يقول تركت حديث الفضيل بن عياض لأنه روى أحاديث أزرى فيها على عثمان بن عفان رضي الله عنه فلا يسمع كلام قطبة ومن هو قطبة ومنهم محمد بن إدريس الشافعي الإمام الذي سارت الركبان بفضائله ومعارفه وثقتة وأمانته فهو حافظ ثبت نادر الغلط حتى إن أبا زرعة قال ما عند الشافعي حديث غلط فيه وقال أبو داود ما أعلم للشافعي قط حديثا خطأ وقد روي أن ابن معين قال فيه ليس بثقة قال الذهبي فقد آذى ابن معين نفسه بذلك ولم يلفت أحد إلى كلامه في الشافعي ولا إلى كلامه في جماعة من الأثبات كما لم يلتفتوا إلى توثيقه بعض الناس قلت وقد قدمنا في ترجمة الأستاذ أبي منصور البغدادي أن ابن معين لم يعن الشافعي فانطوى هذا البساط وأطال الذهبي النفس في هذا الموضع وأجاد فيه وقال في آخره فالشافعي من جلة أصحاب الحديث رحل فيه وكتب بمكة والمدينة والعراق واليمن ومصر ولقب ببغداد ناصر الحديث ولم يوجد له حديث غلط فيه والله حسيب من يتكلم بجهل أو هوى نعم لم يكن الشافعي في الحديث كيحيى القطان وابن مهدي وأحمد بن حنبل وابن المديني بل ما هو في الحديث بدون الأوزاعي ولا مالك وهو في الحديث ورجاله وعلله فوق أبي مسهر وأشباهه انتهى قلت ونحن لا نسلم أن الشافعي في الحديث دون من ذكره وغاية الأمر أن الذي ظهر أن ذكره أكثر وما ذاك إلا لاشتغال الشافعي بما هو أهم من ترتيب قوانين الشريعة ويكفي الشافعي شهادة المحدثين له بأنه ليس له حديث غلط فيه ثم أورد الذهبي الذين لم يؤثر الكلام فيهم على حروف المعجم فعد فيهم إبراهيم ابن طهمان وإبراهيم بن سعد وأبان بن يزيد العطار وأبا ثور وأحمد بن صالح الطبري المصري وأبا نعيم الأصبهاني الحافظ والخطيب أبا بكر الحافظ وأبا مسعود أحمد بن الفرات الرازي الحافظ وأحمد بن حنبل وأحمد بن منصور الرمادي الحافظ وإسرائيل بن يونس وإسماعيل بن علية وابن راهويه وجعفر الصادق وجرير بن حازم الأزدي وحبيبا المعلم وحرب بن شداد وحفص بن ميسرة وحمران بن أبان مولى عثمان وخالدا الحذاء وزكريا بن أبي زائدة والأعمش وعبد الرزاق وقيس بن أبي حازم ومالك بن دينار وهشام بن حسان وهمام بن يحيى والوليد بن مسلم ووهب بن منبه ويعلى بن عبيد الطنافسي وأبا إسحاق السبيعي وجماعة آخرين تركتهم اختصارا وقد أجاد الشيخ رحمه الله فلا يخفى أن الكلام في هؤلاء وعدمه سواء ولا يؤثر الكلام فيهم شيئا ما وإذا عارض حديث أحدهم حديث من لم يقع فيه كلام لا نقول إنه يقدم عليه لأن الكلام فيهم لم يؤثر شيئا بل أقول لم يسلم أحد من أن يتكلم فيه بمثل ما تكمل في هؤلاء والله المستعان قال لي شيخنا الذهبي مرة من في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالإجماع فقلت يفيدنا الشيخ قال عيسى ابن مريم عليه السلام فإنه من أمة المصطفى ينزل على باب دمشق ويأتم في صلاة الصبح بإمامها ويحكم بهذه الشريعة قلت وهذا ما أشرت إليه بقصيدتي التي نظمتها في المعاياة منها من باتفاق جميع الخلق أفضل من ** شيخ الصحاب أبي بكر ومن عمر ومن علي ومن عثمان وهو فتى ** من أمة المصطفى المختار من مضر وبعد أن نظمت هذه الأبيات وقفت على قصيدة غراء لبعض الأدباء أحببت تخليدها في هذا الكتاب وهي سلا صاحبي الجزع من أبرق الحمى ** عن الظبيات الخرد البيض كالدمى وعوجا على أهل الخيام بحاجر ** ورامة من أهل العراق فسلما وإن سفهت ريح الشمال عليكما ** وريح الصبا في أرضها فتحلما فبين الخيام أغيد يخطف الحشا ** مريض جفون للصحيحات أسقما يريك الدياجي إن غدا متجهما ** وشمس الضحى إن ما بدا متبسما ويفتر عن در يصان بهاؤه ** ويحرس بالظلم الممنع واللما كأن قضيب البان في ميسانه ** رأى قده لما انثنى فتعلما إذا الريح جالت حول عطفيه أصبحت ** تهب نسيما ما أرق وأنعما يقيد من تعريجه الصدغ عقربا ** ويرسل من رجع الذؤابة أرقما له في قلوب العالمين مهابة ** تبلغه في حكمه ما تيمما وحثا إلى عبد الرحيم ركائبا ** تحاكي قسي النبع فوقن أسهما فتى جمعت فيه الفضائل راضعا ** ونال العلى من قبل أن يتكلما حليف التقى ترب الوقار مهذب الخلال ** يرى كسب المحامد مغنما يبيت نديما للسماح معاقرا ** ويصبح صبا بالمعالي متيما له خلق كالروض غب سمائه ** تضوع مسكا أذفرا وتبسما إذا جئتماه فامنحاه تحية ** ملوكية أو كبراه وأعظما وقولا له اسمع ما نقول ولا تكن ** ضجورا به مستثقلا متبرما رأيناك في أثناء قولك معجبا ** بكونك أوفى الناس فهما وأعلما فإن كنت من أهل الكتابة واثقا ** بنفسك فيها لا تخاف تهضما فما ألف من بعد ياء مريضة ** مصاحبة عينا تخوفها العما تظن إذا الراوي غدا ناطقا بها ** زمير نعام في الفلاة ترنما وياء إذا مدت غدت غير نفسها ** وصارت حديثا عن جواك مترجما وإن قصرت كانت غرابا بقفرة ** يرود لكي يلقى خليلا وأينما وسينا أضافوها إلى الدال مرة ** فصرح بالشكوى لها ثم جمجما يخاف إذا ما باح بالقول سطوة ** من الصاد أو غشا من الميم مؤلما وما الكاف إن ردت إلى أصل خلقها ** وما القاف إن أضحى لها متقدما وستة أشياخ تخال شخوصها ** إذا عكست نجم الثريا إذا سما وحرفان محسوبان في العد سبعة ** تريك غبار الجو طار ودوما وإن كنت من أهل البلاغة جامع اللغات ** بأنواع الأقاويل قيما فما كلمات هن عرب صرائح ** يعود الفصيح إن شداهن أعجما وإن قلبت أعيانهن وصحفت ** ترى مصقعا فيهن من كان أبكما وما السيربان والجحوحة والضفا ** ضفا الدار والسمر الغرانف والهما وما الحمل والتيمات والزام بعده ** وما الجعفريات تنزى وزغلما وما السفح والفرغان والخنع والنقى ** وقف التوالي والهبابة والجما وما الخيعر المبثوث والشامخ الذي ** يناط براعون ليصبح معلما وما الحدب الهادي وما أجدب الكرى ** وما عنجم إن كنت تعرف عنجما وما الزبرق المائي إذا غاب نجمه ** وما الزنبق الناوي إذا هو أنجما وما العنقفيس والملاحيح والكبى ** وطارسة والفادحيات عظلما وإن كنت ممن يدعي عربية ** ويحقر في النحو الإمام المقدما فما لفظة إن أعربت أصبحت لقى ** يعاف بها المرء البليغ التكلما وإن أهمل الإعراب فيها فمن غدا ** بشيء سواها ناطقا كان مفحما وما اسم إذا ثنيته وجمعته ** تنصف فيهما رمته وتسهما وحرف إذا أعملته صار معربا ** وفعل إذا عديته صار مذغما وما حرف عطف ليس يوجد عاطفا ** إذا المرء آلى في المقال وأقسما وحرفان للتوكيد ليسا لحاجة ** يعدان يل يرجى أخو النقص منهما وما مصدر قد ألزم الرفع دائما ** وما اسمان إن فتشت بالجر ألزما وما نون جمع تطلب الكسر شهوة ** وتكره أن ترقى إلى الفتح سلما ترى الكسر غنما في يديها محصلا ** ويعتد ذاك الفتح خسرا ومغرما وإن كنت في علم العروض ووزنه ** وجمع القوافي للورى متقدما فكيف السباح واللباس ونافد ** إذا البيت زاد الوزن فيه وأخرما وكيف السناد والرفاد إذا غدا ** بوصل إلى أصل الزحاف قد انتما وما كلمات الوزن إن كنت عارفا ** بهن وما فعلان فيه وفعلما وما الهزج المرمول إن رمت شرحه ** عن القضيب والبيت الطويل إذا جما وما الجث في بحر الخفيف إذا غدا ** سريعا فلاقى جانيا فترمرما وما الكامل المحسوب في بحر إلفه ** بسيطا إذا أضحى مذالا ململما وما الخبل المطوي أصبح ناشرا ** إذا هو بالتشعيث صار مهشما وما الكف والقبض المضارع مشكل ** بناء المديد بعد أن يتهدما وما الثلم إن رمت اقتراب اتفاقه ** وما الحذف إن ألفى بتارا وأثرما وإن كنت في نظم القريض مجودا ** وكنت عليه قادرا متحكما فكيف يكون الرفع والقطع واصلا ** فريد المعاني حين أصبح توأما وكيف الروي المستقيم وما الذي ** تقول إذا أنشأت تنعت عندما وكيف ترى وصف السحاب وذكره ** إذا أحفرت أهدابه وإذا همى ووصف أثافي الديار إذا انطوت ** محاسنها وابيض ما كان أسحما وكيف خروج المدح والهجو بعده ** جميعا إذا كان النسيب متمما وما وصف دوح مطمئن قراره ** يرى مضمحلا بالزيادة والنما وغادية كالطود تحسب جرسها ** جوادا رأى الخيل العراب فحمحما تميل إليها الغاديات رواجيا ** جناها لتكسوهن وشيا منمنما تحط بأغوار البلاد رحاها ** وقد صافحت من قبل نسرا ومرزما وإن كنت في القرآن أتقن حافظ ** وأدرى بأصناف الخلاف وأفهما فمن جعل الأحزاب تسعين آية ** وزاد على التسعين عشرا فتمما ومن جعل الفرقان من بعد فاطر ** وصير قبل الكهف سورة مريما وعمن روى ابن الحاجبية وحده ** قراءته حتى على الناس قدما ومن حقق الهمزات في سورة النسا ** ولينها في العنكبوت وأدغما ومن زاد في مد الحروف وهمزها ** على ابن كثير أو أمال المفخما ومن قال في القرآن عشرون سجدة ** وست ويروي ذاك عمن تقدما ومن شدد النون التي قبل ربه ** وخفف لكن التي بعدها رمى ومن وصل الآيات جحدا لقطعها ** ومد الضحى من بعد ما قصر السما ومن حذف الياءات من غير علة ** وأنكر في القرآن تضعيف ربما وإن كنت ذا فقه بدين محمد ** على ذكره صلى الإله وسلما فمن جعل الإجماع في البيع حجة ** وصيره كالعرف ظنا مرجما ومن رد ما قال ابن عباس عامدا ** ودان بما قال ابن حفص توهما وماذا يرى النعمان في أهل قرية ** أقاموا إماما للأنام مجذما وكيف ترى رأي ابن إدريس في فتى ** عصى وغدا في فعله متأثما وما حجة الثوري فيما يقيسه ** إذا لم يثبت فيه أصلا مسلما وما رأى شيخ العلم مالك في امرئ ** تمجس قصدا بعد ما كان أسلما يحل إذا ما أحرم الناس بالضحى ** وإما أحل الناس بالليل أحرما وليس بذي ذنب يقاد بفعله ** ولا قيل يوما قد أساء وأجرما وإن كنت في حفظ النوائب أوحدا ** تجمع من أخبارها وما تقسما فمن فرض التعفير قبل صلاته ** وأوجب في إثر الركوع التيمما ومن جعل التسوير في الزند شرعة ** ومن سن في إحدى اليدين التختما ومن فرض الصوم الربيعين بعد أن ** يصوم جمادى كله والمحرما ومن حظر التزويج إلا بثيب ** وصير تزويج البكار محرما ومن أوجب التكبير بعد صلاته ** على قومه فيما يقال وألزما وقال زكاة المرء من نصف ماله ** تكون وإلا صار نهبا مقسما ومن قال إن البيع ليس بجائز ** على المرء إلا أن يكون بعسرما ومن طاف حول البيت سبعين مرة ** يرى ذلك التطواف فرضا محتما ومن فرض التسليم في كل ركعة ** وأوجب فيها رنة وترنما وإن كنت ممن يدعي علم سيرة ** وحفظا لأخبار الأوائل محكما فمن صام عن أكل الطعام نهاره ** مع الليل يطوي الصوم حولا مجرما ومن طاف نحوا من ثمانين حجة ** على حاجة ليست تماثل درهما وفي يده أموال قارون كلها ** ونمرود كنعان وأموال علقما ومن قطع البحرين في بعض يومه ** وواصل أقصى البر ساعة أعتما ومن عاش ألفا بعد ألف كوامل ** يعوذ بدر الثدي من خيفة الظما ومن ملك الدنيا الخئون بأسرها ** ثمانين يوما بعد عام تصرما يذبح أولاد الأنام تجبرا ** ويستحي للنسوان منهم تذمما ومن هاب خوض النيل ساعة زخره ** وخاض سواء البحر والبحر قد طما ومن سار طول الأرض يوما وليلة ** وعاد على أعقابه ما تلوما لعمرك إنا قد سألناك هينا ** ولم نقصد المعنى العويص المغمغما ففكر ولا تعجل بما أنت قائل ** وسر منجدا تبغي الجواب ومتهما فإن أنت فيما قد سألنا بيانه ** أصبت فحق أن تعز وتكرما وإن أنت أخطأت الصواب ولم تعجب ** فحقك أن يحثى عليك وترجما فما لك علم بالأمور وإنما ** قصاراك أن تروي كلاما منظما ولد سيدي وأخي شيخ الإسلام بهاء الدين أبي حامد هو الشاب المنغص على شبابه حبيب الشيخ الإمام وريحانته وأنيسه ولد بالقاهرة في الثلث الأخير من ليلة ثالث وعشرين من رجب سنة خمس وأربعين وسبعمائة وأجازه خلق وسمع الحديث من جده الشيخ الإمام ومن خلق وربي في حجر الشيخ الإمام بدمشق لا يكاد يفارقه وحل من قلبه بالمنزلة الرفيعة وحفظ القرآن العظيم وختم في سنة خمس وخمسين وسبعمائة ولم يزل عند جده بدمشق إلى أن عرض للشيخ الإمام الضعف فسفره أمامه إلى القاهرة في ربيع الأول سنة ست وخمسين ثم لحقه الشيخ الإمام وكان قبل أن يسفره أحب أن يلقى درسا ويحضره قبل وفاته فعمل درسا درس به بالمدرسة العادلية الكبرى اجتمع فيه العلماء الشيخ الإمام فمن دونه وابتهج به الشيخ الإمام وحضره مع مرضه لكنه حمل نفسه وحمله حبه له ثم استمر أبو حاتم في القاهرة وحفظ التنبيه وغيره وجد في الاشتغال على والده وغيره وقرأ النحو على الشيخ جمال الدين بن هشام ولازم حلقة الشيخ جمال عبد الرحيم الإسنائي إلى أن نزل له والده عن تدريس المدرسة المنصورية فدرس بها وحضر عنده قضاة القضاء الأربعة قاضي القضاة عز الدين بن جماعة الشافعي ورفقاؤه ودرس أيضا بالسيفية والكهارية أصالة وبقبة الشافعي رضي الله عنه نيابة عن والده وخطب بالجامع الطولوني وحضر مشيخة الميعاد فيه وكان شابا دينا عاقلا أحسن الله عزاءنا فيه ورحمه توفي في طاعون القاهرة عند طلوع الشمس من يوم الأربعاء ثامن عشر رجب سنة أربع وستين وسبعمائة رحمه الله رحمة واسعة لقد أحرق القلوب وشق الجيوب ألهم الله والده وألهمني معه الصبر على فقده لقد خالطته بعد كبرة نحو تسعة أشهر من شعبان سنة ثلاث وستين إلى ربيع الآخر من سنة موته يبيت ويصبح عندي فوالله ما اغتطت منه قط ولا نقمت عليه شيئا في دينه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وكان ينظم الشعر ويحسن ترتيب الدروس كنت أحضر عنده بالمنصورية فيدرس بأبهة وتأت صبرنا الله على فقده إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب سبحانه وتعالى تفقه على والده وقد تقدم ذكر والده وجده في الطبقة السادسة وكان فقيها شاعرا مجيدا ولي القضاء بأشموم ثم بأبيار ثم ولي قضاء صفد ثم انصرف منها وعاد إلى الديار المصرية وتقلبت به الأحوال ومن شعره وقد أرسل له بعضهم بسرا كبير النوى أرسلت لي بسرا حقيقته نوى ** عار فليس لجسمه جلباب ولئن تباعدت الجسوم فودنا ** باق ونحن على النوى أحباب وأنعم عليه الصاحب تاج الدين بتفصيلة فكتب إليه يأيها المولى الوزير الذي ** أفضاله أوجب تفضيله أحسنت إجمالا ولم ترض بالإجمال ** إذا أرسلت تفصيله وشعره كثير منشور حسن مسطور توفي في جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة خليفة قاضي القضاة عز الدين بن جماعة على الحكم بالديار المصرية كان عارفا بالمحاكمات فقيها ناهضا سمع الحديث من ست الوزراء ابنة المنجا وأحمد بن أبي طالب الحجار وغيرهما وحدث ودرس بالمشهد الحسيني بالقاهرة وغيره وولي قضاء العسكر وحكم بين المسلمين خلافة عن قاضي القضاة عز الدين مدة مديدة توفي في سادس شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة بالقاهرة وقفت له على ترجمته لشخص قال فيها هو محمد بن إسحاق بن محمد بن المرتضى الشافعي المشهور بالبلبيسي نقلته من خطه رحمه الله لقبه عماد الدين الفقيه الأصولي الصوفي الذكي اشتغل بمصر على الفقيه نجم الدين بن الرفعة والشيخ جمال الدين الوجيزي والشيخ شرف الدين القلقشندي والظهير التزمنتي والشيخ عز الدين ابن مسكين وغيرهم وكان ملازما للشيخ نجم الدين كثيرا وعنه أخذ وبه مهر في الفقه وبحث مع الشيخ نجم الدين القمولي والشيخ نجم الدين بن عقيل البالسي وفاق على أقرانه في ذلك الزمان واشتغل بالاشتغال بمصر وانتفع به خلق كثير وأجاز جماعة بالإقراء بمصر منهم تلميذه الفقيه تقي الدين الببائي وكان المذكور له من الذكاء والفهم حظ وافر ولي الشيخ عماد الدين مدرسة الخانقاه المعروفة بأرسلان بالمنشأة بين القاهرة ومصر ثم ولي قضاء الإسكندرية عن الملك الناصر محمد بن قلاوون فأقام بها مدة ثم حصلت له محنة طلب منه أخذ أموال الأيتام للسلطان فامتنع فعزل ووضع من مقداره بسبب ذلك ثم ولي تصدير المدرسة الملكية الجوكندار بالقاهرة المحروسة قريبا من المشهد الحسيني أقام بها يشغل الطلبة من الظهر إلى العصر كل يوم خلا أيام الجمع والثلاثاء لا يشغله عن ذلك شاغل حتى كان يحضر في بعض الأيام من بيته ماشيا وكان بعيدا وبعض الأيام يركب مكاريا وإذا ركب لا يكري إلا دابة ضعيفة محتقرة وكان يقول هذا ربما لا يقصده الناس كثيرا فأنا أريد بره والغرض يحصل وبعض أوقاته يركب بغلته وكان فقيرا لم تحصل له قط كفايته وكان معلوم التصدير نحو ثمانين درهما نقرة في الشهر ليس له غيرها وصبر على ذلك إلى أن توفاه الله وكان مجتهدا في أشغال الطلبة حتى إنه يأمرهم بالكتابة لما يشرحه لهم ويحفظونه ويستدعي عرض ذلك منهم وكان مولعا بذكر الألغاز في الفقه وغيره كتابه التنبيه والحاوي الصغير وكان يعظم الحاوي ويحث الطلبة على الاشتغال به وشرحه ولم يخرجه وشرح قطعة من التنبيه وكان شديد الاعتقاد في الفقراء يمشي إليهم ويتبرك بدعائهم وجرى له مع شخص مكاري ركب معه من القاهرة إلى مصر قبل أن يلي قضاء الإسكندرية مكاشفة فلما ركب خطر في خاطره بغلة وجارية تركية مليحة وإذا المكاري قال له يا فقيه شوشت علينا أو ما هذا معناه بغلة وجارية بغلة وجارية يحصل لك ذلك فلما ولي قضاء الإسكندرية ركب البغلة وملك الجارية تركية مليحة كان رحمه الله نخبة الزمان جليسه لا يمله درسه بستان حوى العلوم ونزهة تزيل هم كل مهموم ساعة في الفقه وساعة في النحو وساعة في حكايات مستظرفة وأشعار مستلطفة حكى لنا في درسه العام قال كنت ملازما للشيخ نجم الدين بن الرفعة وكان منديله دائما فيه شيء من الذهب فقام يوما مسرعا من الدرس فتبعته فقال خذ هذا المنديل معك ودخل الخلاء لقضاء حاجته ثم خرج وهو ينشد علة البول والخرا ** حيرا كل من ترى فهما آفة الورى ** سهلا أم تعسرا وأنشدنا للشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد رحمه الله لعمري لقد قاسيت بالفقر شدة ** وقعت بها في حيرتي وشتاتي فإن بحت بالشكوى هتكت مروءتي ** وإن لم أبح بالضر خفت مماتي فأعظم به من نازل بملمة ** يزيل حيائي أو يزيل حياتي أفادنا رحمه الله فوائد كثيرة غريبة منها فرعان غريبان قال سمعتهما من الشيخ نجم الدين بن عقيل البالسي وكان من العلماء الفضلاء قال رأيتهما في كتاب ولم يحضرني ذكره وهو لو كتب آية وطمسها بالمداد أو آية مقطعة الحروف فهل يحل للجنب مسها أو كتابتها في المسئلة وجهان إذا قلنا يجوز اتخاذ آنية الذهب والفضة فينبغي أن يكون بيعها إذا بيعت بجنسها كبيع آلات الملاهي لأنها محرمة الاتخاذ كهي الوجه الصائر إلى أن حد الضبة في الكبر والصغر أن الكبير قدر النصاب والصغير دونه قلت فيه نظر لأن النصاب يطلق بإزاء نصاب السرقة وبإزاء نصاب الزكاة ونصاب الزكاة مختلف في قدره فأي نصاب أريد والأولى أن يحمل على نصاب السرقة هذا ما ظهر لي
السواك مطهرة للفم مرضاة للرب مفرح للملائكة مسخط للشيطان يزيد في الثواب ويقوي البصر وأصول الشعر ويشد اللثة ويقطع البلغم ويحل عقد اللسان ويزيد في الذكاء ويقوي الباءة ويكثر الرزق ويزيل تغير الرائحة الكريهة والقلح ويهون سكرات الموت نقل ذلك بعض مشايخنا رضي الله عنهم نقل عن تطريز الوجيز في نتف الشيب أنه سفه ترد به الشهادة لا يشترط في المنوي تحقق فعله بل إمكانه حتى لو نوى أن يصلي بوضوئه أول رمضان صلاة العيد صح وكذا لو نوى بوضوئه لصلاة العيد أن يصلي ركعتي الطواف بمكة صح لأن العقل لا يحيله وإن خالف العادة سؤال فيه إبهام على الفطن لو رأى في بعض بدنه نجاسة وخفي عليه موضعها كيف يصنع جوابه يغسل جميع ما يمكنه رؤيته له من بدنه لا ما لا يمكن رؤيته فإنه لا يجب غسله وفوائده كثيرة توفي رحمه الله في سنة تسع وأربعين وسبعمائة عام الطاعون بمنزلة المجاور لمدرسة الملك الجوكندار ودفن بتربة المقر السيفي قشتمر خارج القاهرة قلت هذا ما أشرت إليه في قصيدتي التي نظمتها في المعاياة منها سل لي أخا الفكر والتنقيب والسهر ** ما اسم هو الحرف فعلا غير معتبر وأي شكل به البرهان منتهض ** ولا يعد من الأشكال والصور وأي بيت على بحرين منتظم ** بيت من الشعر لا بيت من الشعر وأي ميت من الأموات ما طلعت ** بموته روحه في ثابت الخبر ولا يضاف إلى البحرين واختلفوا ** فيه وجاءوا بقول غير مختصر من عد في أمراء المؤمنين ولم ** يحكم على اثنين من بدو ولا حضر ولم يكن قرشيا حين عد ولا ** يجوز أن يتولى إمرة البشر من باتفاق جميع الخلق أفضل من ** شيخ الصحاب أبي بكر ومن عمر ومن علي ومن عثمان وهو فتى ** من أمة المصطفى المبعوث من مضر من أبصرت في دمشق عينه صنما ** مصورا وهو منحوت من الحجر إن جاع يأكل وإن يعطش تضلع من ** ماء نمير زلال ثم منهمر من قال إن الزنى والشرب مصلحة ** ولم يقل هو ذنب غير مغتفر من قال إن النكاح الأم يقرب من ** تقوى الإله مقالا غير مبتكر من قال سفك دماء المسلمين على الصلاة ** أوجبه الرحمن في الزمر من كان والدها ابنا في الأنام لها ** وذاك غير عجيب عند ذي النظر وهات قل لي إبراهيم أربعة ** بعض عن البعض من هم تحظ بالظفر وهكذا خلف من الرواة كذا ** محمد في المغازي جاء والسير وما اللقيقة جاءت والسحيقة في ** غريب ما صح مما جاء في الأثر وعن فتاة لها زوجان ما برحا ** تزوجت ثالثا حلا بلا نكر وآخر راح يشري طعم زوجته ** فعاد وهو على حال من العبر قالت له أنت عبدي قد وهبتك من ** زوج تزوجته فاخدمه واصطبر وخمسة من زناة الناس خامسهم ** ما ناله بالزنى شيء من الضرر والقتل والرجم والجلد الأليم مع التغريب ** وزع في الباقين فافتكر حاكم الإقليمين مصرا وشاما وناظم عقد الفخار الذي لا يسامى متحل بالعفاف متخل إلا عن مقدار الكفاف محدث فقيه ذو عقل لا يقوم أساطين الحكماء بما جمع فيه مولده في شهر ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة بحماة ولي قضاء القدس مدة ثم درس بالقيمرية بدمشق ثم ولي خطابة القدس وقضاءها ثانيا ثم نقل منها إلى قضاء القضاة بالديار المصرية ثم ولي قضاء دمشق وخطابتها ثم أعيد إلى قضاء الديار المصرية وسار في القضاء سيرة حسنة وأضر بالآخرة سمع بديار مصر من أصحاب البوصيري ومن ابن القسطلاني وأجازه ابن مسلمة وغيره وقرأ بدمشق على أصحاب الخشوعي وسمعنا الكثير عليه مات بمصر في ليلة الاثنين الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة ودفن بالقرافة أخبرن شيخنا قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جماعة قراءة عليه وأنا حاضر في الثالثة أخبرنا أبو الفرج بن أبي محمد عبد المنعم بن أبي الحسن على النميري بقراءتي عليه أخبركم الشيخ أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد بن صدقة بن كليب قراءة عليه أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز قراءة عليه قال حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار أخبرنا الحسن بن عرفة أخبرنا عمار بن محمد عن الصلت ابن قويد الحنفي قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول سمعت خليلي أبا القاسم يقول ( لا تقوم الساعة حتى لا تنطح ذات قرن جماء ) رواه سفيان بن وكيع عن زيد بن الحباب عن عمار بن محمد هو غاية في العلو أخبرنا قاضي القضاة بدر الدين حضورا أخبرنا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي ابن الشيخ الزاهد أبي العباس المعروف بابن القسطلاني قال سمعت والدي الإمام أبا العباس يقول سمعت الشيخ الإمام أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم القرشي رضي الله عنه يقول علامة الصادق أن يفتقر بإيمانه إلى كل إيمان وبعقله إلى كل عقل وبعلمه إلى كل علم أنشدنا قاضي القضاة بدر الدين حضورا أنشدنا الإمام أبو الحسن علي بن أحمد أنشدنا الإمام الحافظ أبو الحسن الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المالكي إملاء لنفسه أعم خلائق الإنسان نفعا ** وأقربها إلى ما فيه راحه أداء أمانة وعفاف نفس ** وصدق مقالة وسماح راحه ومن شعر قاضي القضاة بدر الدين ما أنشدنيه ولده سيدنا قاضي القضاة عز الدين أبو عمر عبد العزيز بقراءتي عليه بالقاهرة قال أنشدنا والدي لنفسه جهات أموال بيت المال سبعتها ** في بيت شعر حواها فيه كاتبه خمس وفيء خراج جزية عشر ** وإرث فرد ومال ضل صاحبه وأنشدنا مولانا قاضي القضاة عز الدين أيضا بقراءتي عليه قال أنشدني والدي لنفسه أحن إلى زيارة حي ليلى ** وعهدي من زيارتها قريب وكنت أظن قرب العهد يطفي ** لهيب الشوق فازداد اللهيب وأنشدني أيضا بقراءتي عليه قال أنشدني والدي لنفسه أهني بشهر الصوم من لو بثثته ** عظيم اشتياقي رق مما أعانيه وأشكو إليه حسدا لو بلي بهم ** شوامخ حسمى هدها ما تقاسيه ومن كان لا يرضيه من حالتي سوى ** خلاف مراد الله ما حيلتي فيه ومن شعره أيضا قالوا شروط الدعاء المستجاب لنا ** عشر بها بشر الداعي بإفلاح طهارة وصلاة معهما ندم ** وقت خشوع وحسن الظن يا صاح وحل قوت ولا يدعى بمعصية ** واسم يناسب مقرون بإلحاح من كتاب كشف المعاني لابن جماعة ذكر في الجمع بين الرحمن والرحيم في البسملة أن أحسن ما يقال فيه ولم نجده لغيره أن فعلان مبالغة في كثرة الشيء ولا يلزم منه الدوام كغضبان وفعيل لدوام الصفة كظريف فكأنه قيل العظيم الرحمة الدائمها قال وإنما قدم الرحمن على الرحيم لأن رحمته في الدنيا تعم المؤمنين والكافرين وفي الآخرة دائمة لأهل الجنة ولذلك يقال رحمن الدنيا ورحيم الآخرة وفي البقرة في البقرة وأيضا فآية النحل والأنعام نزلتا بمكة فكان تقديم ذكر الله بترك ذكر الأصنام على ذبائحهم أهم لما يجب من توحيده وإفراده بالتسمية على الذبائح وآية البقرة نزلت بالمدينة على المؤمنين لبيان ما يحل وما يحرم فقدم الأهم فيه قوله تعالى وفي الثانية إلى المأمورات في أحكام الحل والحرمة في نكاح المشركات وأحكام الطلاق والعدد والإيلاء والرجعة وحصر الطلاق في الثلاث والخلع فناسب قوله والثانية في الرجعية والمراد بالمتاع عند المحققين النفقة ونفقة الرجعية واجبة فناسب حق المتقين ورجح أن المراد به النفقة أنه ورد عقب قوله وللعلماء في هاتين الآيتين اضطراب كثير وما ذكرته أظهر لأنه تقدم حكم الخلع وحكم عدة الموت وحكم المطلقة بعد التسمية وبقي حكم المطلقة الرجعية فيحمل عليه في في البقرة وفي سورة إبراهيم وفي البقرة قوله في آل عمران ومريم في يونس ونظيره تقديم "الأرض" في يونس في قوله ولد بعد السبعمائة ونشأ بالقاهرة وتفقه بها وقرأ على قاضي القضاة الشيخ علاء الدين علي بن إسماعيل القونوي ولازم الشيخ ركن الدين بن القوبع وكان فقيها نحويا متفننا مواظبا على طلب العلم لا يفتر ولا يمل إلا في القليل أعاد في القاهرة بقبة الشافعي ثم دخل دمشق ودرس بالمسرورية وسمع من شيخنا الحافظ المزي وجماعة ثم ترك التدريس وانقطع بدار الحديث الأشرفية على طلب العلم إلى أن توفي فجأة بعد العصر من يوم الأحد ثالث عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة أنشدنا من لفظه لنفسه قلة الحظ يا فتى ** صيرتني مجهلا وجهول بحظه ** صار في الناس أكملا دخلت إليه مرة وهو ينشد قول ابن بقي حتى إذا مالت به سنة الكرى ** زحزحته شيئا وكان معانقي أبعدته عن أضلع تشتاقه ** كي لا ينام على وساد خافق وقول الحكم بن عقال إن كان لا بد من رقاد ** فأضلعي هاك عن وساد ونم على خفقها هدوا ** كالطفل في نهنه المهاد وهو ومن عنده يقولون إن قول الحكم أجدر بالصواب فإنه لا يناسب المحب أن يبعد حبيبه وينشدون قول الشيخ صلاح الدين الصفدي أمتع الله ببقائه في ذلك ردا على ابن بقي أبعدته من بعد ما زحزحته ** ما أنت عند ذوي الغرام بعاشق إن شئت قل أبعدت عنه أضالعي ** ليكون فعل المستهام الوامق أو قل فبات على اضطراب جوانحي ** كالطفل مضطجعا بمهد حافق قلت إن ابن بقي وإن أساء لفظا حيث قال أبعدته فقد أحسن معنى لأنه وصف أضلعه بالخفقان والاضطراب الزائد لا يستطيع الحبيب النوم عليها فقدم مصلحته على مصلحته وترك ما يريد لما يريد وأبعده عما يقلقه ولو قال أبعدت عنه أضلعا تشتاقه ** لأحسن لفظا كما أحسن معنى وأما الحكم فإنه وصف خفقانه بالهدو وهو خفقان يسير يشبه اضطراب سرير الطفل وهذا نقض فوقع النزاع في ذلك وأرسلوا إلى القاضي شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله رحمه الله صورة سؤال عن الرجلين ابن بقي والحكم أيهما المصيب فكتب قول ابن بقي عليه مأخذ ** لكنه قول المحب الصادق يكفيه في صدق المحبة قوله ** كي لا ينام على وساد خافق ما الحب إلا ما يهد له الحشا ** ويهد أيسره فؤاد العاشق في أبيات أخر لم تجر على خاطري الآن وأبيات ابن بقي هذه من كلمة له حسنة وهي بأبي غزال غازلته مقلتي ** بين العذيب وبين شطي بارق وسألت منه زيارة تشفي الجوا ** فأجابني منها بوعد صادق بتنا ونحن من الدجا في خيمة ** ومن النجوم الزهر تحت سرادق عاطيته والليل يسحب ذيله ** صهباء كالمسك الفتيق لناشق وضممته ضم الكمي لسيفه ** وذؤابتاه حمائل في عاتقي حتى إذا مالت به سنة الكرى ** زحزحته شيئا وكان معانقي أبعدته عن أضلع تشتاقه ** كي لا ينام على وساد خافق لما رأيت الليل آخر عمره ** قد شاب في لمم له ومفارق ودعت من أهوى وقلت تأسفا ** أعزز علي بأن أراك مفارقي ويقرب من هذه النكتة أن جريرا قال طرقتك صائدة الفؤاد وليس ذا ** وقت الزيارة فارجعي بسلام فعيب عليه قوله فارجعي وهو نقد حسن فأي لفظ أبشع من قول المحب لمن يحبه ارجع ورأيت الشيخ صلاح الدين الصفدي نفع الله به قد قال رادا عليه يا خجلتا لجرير من ** قول كفانا الله عاره طرقتك صائدة الفؤاد ** وليس ذا وقت الزياره هل كان يلقى إن أتاه ** خيال من يهوى خساره أو كان قلب قد حواه ** من حديد أو حجاره فعجبت له كيف ترك لفظة ارجعي وهو أبشع ما عيب به على جرير وقلت أما جرير فجر ثوب العار في ** دعوى الضنى وله دثار غرام إذ كذب الدعوى وقال لها وقد ** زارته في الغلس ارجعي بسلام ثم قلت لعل الشيخ صلاح الدين إنما ترك لفظة الرجوع لنكارتها وقلت إني لأعجب من جرير وقوله ** قولا غدوت به أنكر حاله طرقتك صائدة الفؤاد وليس ذا ** وقت الزيارة فاستمع أقواله وعذر فلست بقادر والله أن ** أحكي الذي بعد الزيارة قاله فلما وقف الشيخ صلاح الدين على كلامي هذا كله زعم أني أعترف له بحسن النقد وقال أما جرير فلم يكن ** صبا ولكن يدعي أوما تراه أتته صائدة ** الفؤاد فلم يعي بل قال جهلا ليس ذا ** وقت الزيارة فارجعي لو كنت حاضر أمره ** قلت ارجعي وله اصفعي قلت ولا يخفى أن هذه الاعتراضات كلها لفظية طرقت قائلها ولم يحقق فإن جريرا لم يقصد برجوعها إلى الشفقة عليها من الزيارة في غير وقت الزيارة فجاءه الاعتراض من لفظة الرجوع فقط كما جاء ابن بقي من لفظة الإبعاد وربما أتي أقوام من سوء العبارة قال الحافظ أبو عبد الله الحميدي أخبرني أبو غالب محمد بن أحمد ابن سهل النحوي قال حكيت للوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي قول أبي الحسن الكرخي أوصانا شيوخنا بطلب العلم وقالوا لنا اطلبوه واجتهدوا فيه فلأن يذم لكم الزمان أحسن من أن يذم بكم الزمان قال فاستحسن الوزير ذلك وكتبه ثم عمل أبياتا وأنشدنيها وهي ولقد بلوت الدهر أعجم صرفه ** فأطاع لي أصحابه ولسانه ووجدت عقل المرء قيمة نفسه ** وبجده جدواه أو حرمانه وعلى الفتى أن لا يكفكف شأوه ** عند الحفاظ ولا يغض عيانه فإذا جفاه المجد عيبت نفسه ** وإذا جفاه الجد عيب زمانه قلت وهذه أبيات حسنة بالغة في بابها وقد حاول الشيخ تاج الدين عبد الباقي اليماني اختصارها فقال تجنب أن تذم بك الليالي ** وحاول أن يذم لك الزمان ولا تحفل إذا كملت ذاتا ** أصبت العز أم حصل الهوان فأغفل ما تضمنته أبيات الوزير الثلاث من المعاني واقتصر على ما تضمنه البيت الرابع ثم انقلب عليه المعنى وأتي من سوء التعبير فإن المقصود أن المرء يكمل نفسه ولا عليه من الزمان وأما أنه يسعى في أن يذم له الزمان فليس بمقصود ولا هو مراد أشياخ الكرخي ولا يحمده عاقل وكان الصواب حيث اقتصر على معنى البيت الرابع أن يأتي بعبارة مطابقة كما قلناه نحن عليك كمال ذاتك فاسع فيها ** وليس عليك عز أو هوان وليس إليك أيضا فاسع فيما ** إليك وأنت مشكور معان فذم الدهر للإنسان خير ** من الإنسان ذم به الزمان فهذا البيت واف بالمعنى الذي قاله أشياخ الكرخي مطابق له من غير زيادة ولا نقص وأحسن من هذا كله قول بعضهم جهل الفتى عار عليه لذاته ** وخموله عار على الأيام وقول الآخر أن يكون الزمان عيبي أولى ** بي من أن أكون عيب الزمان وقول الآخر ما في خمولي من عار على أدبي ** بل ذاك عار على الدنيا وأهليها من فقهاء المصريين وهو والد شيخنا القاضي زين الدين أبي حفص عمر أخبرني ولده أن له شرحا على الوسيط لم يكمله ورأيت ولده المذكور قد نقل عنه في شرحه على مختصر التبريزي لما تكلم على قول الأصحاب إنه يجزئ في بول الغلام الذي لم يطعم النضح وأن المراد به لم يطعم غير اللبن فقال في شرح الوسيط لوالدي أن الشافعي رضي الله عنه قال والرضاع بعد الحولين بمنزلة الطعام والشراب الشيخ الصالح ذو الأحوال قرأ على ضياء الدين بن عبد الرحيم وكان مقيما بمنية بن مرشد بالديار المصرية واتفق الناس على أنه لو ورد عليه في اليوم الواحد العدد الكثير من الخلق لكفاهم قوت يومهم وأطعمهم ما يشتهونه ولا يعرف أحد أصل ذلك ولا يحفظ عليه أنه قبل لأحد شيئا وتحكى عنه مكاشفات كثيرة نفع الله به توفي في شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وسبعمائة وهو أخو سيدي الشيح أحمد أعاد الله من بركاته له شرح على كتاب النبيه مختصر التنبيه لابن يونس رحمه الله رفيقي في الطلب مولده سنة ست عشرة وسبعمائة بغزة وقدم دمشق فاشتغل بها ثم رحل إلى قاضي حماة شرف الدين البارزي فتفقه عليه وأذن له بالفتيا ثم عاد إلى دمشق وجد واجتهد صحبته ورافقته في الاشتغال من سنة تسع وثلاثين وسبعمائة سنة مقدمتنا دمشق إلى أن توفي وهو على الجد البالغ في الاشتغال أما الفقه فلم يكن في عصره أحفظ منه لمذهب الشافعي يكاد يأتي على الرافعي وغالب المطلب لابن الرفعة استحضارا وله مع ذلك مشاركة جيدة في الأصول والنحو والحديث وحفظ التلخيص في المعاني والبيان للقاضي جلال الدين وصنف زيادات المطلب على الرافعي وجمع كتابا نفيسا على الرافعي يذكر فيه مناقب الرافعي بأجمعها وما يمكن الجواب عنه منها بتنبيهات مهمات في الرافعي ويستوعب على ذلك كلام ابن الرفعة والوالد رحمهما الله ويذكر من قبله شيئا كثيرا وفوائد مهمة ولم يبرح يعمل في هذا الكتاب إلى أن مات فجاء في نحو خمس مجلدات أنا سميته ميدان الفرسان فإنه سألني أن أسميه له وكان يقرأ علي غالب ما يكتبه فيه ويسألني عما يشكل عليه فلي في كتابه هذا كثير من العمل وبالجملة لعلنا استفدنا منه أكثر مما استفاد منا وكان من تلاوة القرآن وكثرة التعبد وقيام الليل وسلامة الصدر وعدم الاختلاط بأبناء الدنيا بمكان استنبته في الحكم بدمشق ونزلت له عن تدريس التقوية ثم تدريس الناصرية وكان قد درس قبلهما في حياة الوالد رحمه الله بالحلقة القوصية بالجامع فاجتمع له التداريس الثلاثة مع إعادة الركنية وإعادة العالدية الصغرى وتصدير على الجامع وإمامة الكلاسة وكان الوالد رحمه الله يحبه وكان هو يحضر دروس الوالد ويسمع كلامه وسألني مرات أن يقرأ عليه شيئا فما تهيأ له لكنا كنا نطالع في ليالي الشتاء سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة أو أربع وأربعين بدار الحديث الأشرفية الرافعي أنا والغزي وتاج الدين المراكشي في غالب الليل ويخرج الوالد في بعض الأحايين ويجلس معنا فيسمع قراءتي تارة وقراءته أخرى ويأخذ عنه توفي الغزي ليلة الأحد رابع عشر رجب سنة سبعين وسبعمائة بمنزله بالعادلية الصغرى بدمشق فإنه كان معيدها وسكن في بيت التدريس أعاره إياه مدرسها الشيخ جمال الدين ابن قاضي الزبداني فسكن فيه مدة سنين ودفن من الغد بتربتنا بسفح قاسيون والناس عليه باكون متأسفون فإنه حكم بدمشق نحو أربع عشرة سنة لا يعرف منه غير لين الجانب وخفض الجناح وحسن الخلق مع لزوم التقوى ومحبة الفقراء الشيخ زين الدين بن علم الدين بن زين الدين بن المرحل ولد بعد سنة تسعين وستمائة وتفقه على عمه الشيخ صدر الدين ودرس بالقاهرة بالمشهد الحسيني ثم بدمشق بالشامية البرانية والعذراوية وكان رجلا فاضلا دينا عارفا بالفقه وأصوله صنف في الأصول كتابين توفي سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة قدم دمشق من بلاده هو وأخوه قاضي القضاة إمام الدين وأعاد بالمدرسة البادرائية ثم ناب في القضاء بدمشق عن أخيه ثم عن قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى ثم ولي خطابة دمشق ثم ضاء القضاة بها ثم انتقل إلى قضاء القضاة بالديار المصرية لما أضر القاضي بدر الدين بن جماعة فأقام بها مدة ثم صرف عنها وأعيد إلى قضاء الشام وكان رجلا فاضلا متفننا له مكارم وسؤدد وكان يذكر أنه من نسل أبي دلف العجلي وهو مصنف كتاب التلخيص في المعاني والبيان وكتاب الإيضاح فيه ذكره الشيخ جمال الدين بن نباتة في سجع المطوق فقال الإمام المقدم على التحقيق والغمام المنشئ في مروج مهارقه كل روض أنيق والسابق لغايات العلوم الذي خلي له نحوها عن الطريق والبازي المطل على دقائقها الذي اعترف له بالتقصير ذوو التحليق والهادي لمذاهب السنة الذي يشهد البحث أن بحر فكره عميق والحبر الذي لا تدعي نفحات ذكره الزهر والصحيح أنها أعطر من المسك الفتيق ناهيك به من رجل على حين فترة من الهمم وظلمة من الدهر لا كالظلم أطلعه الشرق كوكبا ملأ نوره الملا لا بل بدرا لا يغتر بأشعة تواضعه الأعلون فيشرئبون إلى لا بل صبحا يحمد لديه الطالب سراه لا بل شمسا يتمثل في شخصه علماء الدهر الغابر فكان مرآة مرآه وذكره القاضي شهاب الدين ابن فضل الله في كتابه مسالك الأبصار فقال من ولد أبي دلف ومن مدد ذلك السلف ولي أبوه وأخوه وشبهت النظراء ولم يؤاخوه ولي الخطابة وشآفنها ورقى أعواد المنابر وهز غصنها وكان صدر المحافل إذا عقدت وصيرفي المسائل إذا انتقدت وكان طلق اليدين وطرق الكرم وإن كان بالدين انتهى توفي القاضي جلال الدين بدمشق في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة وفيه يقول القاضي صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي وكيل بيت المال وإمام الأدب في هذا العصر من قصيدة امتدحه بها هذا الإمام الذي ترضى حكومته ** خلاف ما قاله النحوي في الصحف حبر متى جال في بحث وجاد فلا ** تسأل عن البحر والهطالة الوطف له على كل قول بات ينصره ** وجه يصان عن التكليف بالكلف قد ذب عن ملة الإسلام ذب فتى ** يحمي الحمى بالعوالي السمر والرعف ومذهب السنة الغراء قال به ** وثقف الحق من حيف ومن جنف يأتي بكل دليل قد حكى جبلا ** فليس ينسفه ما مغلط النسفي وقد شفى العي لما بات منتصرا ** للشافعي برغم المذهب الحنفي يحيي دروس ابن إدريس مباحثه ** فحبذا خلف منه عن السلف فما أرى ابن سريج إن يناظره ** من خيل ميدانه فليمض أو يقف ولو أتى مزني الفقه أغرقه ** ولم يعد قطرة في سحبه الذرف وقد أقام شعرا الأشعري فما ** يشك يوما ولا يشكو من الزيف وليس للسيف حد يستقيم به ** ولو تصدى له ألقاه في التلف والكاتبي غدا في عينه سقم ** إذا راح ينظر من طرف إليه خفي من معشر فخرهم أبقاه شاعرهم ** في قوله إنما الدنيا أبو دلف أفتى القاضي جلال الدين وهو خطيب دمشق في رجل فرض على نفسه لولده فرضا معينا في كل شهر وأذن لأمه حاضنته في الإنفاق والاستدانة والرجوع عليه ففعلت ذلك ومات الآذن بأن لها الرجوع في تركته وتوقف فيه الشيخ برهان الدين بن الفركاح لقول الأصحاب إن نفقة القريب لا تصير دينا إلا بقرض القاضي أو إذنه في الاستقراض فإن ذلك يقتضي عدم الرجوع وقولهم لو قال أطعم هذا الجائع وعلي ضمانه استحق عليه ولو قال أعتق عبدك وعلي ألف استحق يقتضي الرجوع قلت الأرجح ما أفتى به القاضي جلال الدين من الرجوع المتكلم على مذهب الأشعري كان من أعلم الناس بمذهب الشيخ أبي الحسن وأدراهم بأسراره متضلعا بالأصلين اشتغل على القاضي سراج الدين صاحب التحصيل وسمع من الفخر بن البخاري روى عنه شيخنا الذهبي ومن تصانيفه في علم الكلام الزبدة وفي أصول الفقه النهاية والفائق والرسالة السيفية وكل مصنفاته حسنة جامعة لا سيما النهاية مولده ببلاد الهند سنة أربع وأربعين وستمائة ورحل إلى اليمن سنة سبع وستين ثم حج وقدم إلى مصر ثم سار إلى الروم واجتمع بسراج الدين ثم قدم دمشق سنة خمس وثمانين واستوطنها ودرس بالأتابكية والظاهرية الجوانية وشغل الناس بالعلم توفي بدمشق سنة خمس عشرة وسبعمائة وكان خطه في غاية الرداءة وكان رجلا ظريفا ساذجا فيحكى أنه قال وجدت في سوق الكتب مرة كتابا بخط ظننته أقبح من خطي فغاليت في ثمنه واشتريته لأحتج به على من يدعي أن خطي أقبح الخطوط فلما عدت إلى البيت وجدته بخطي القديم ولما وقع من ابن تيمية في المسئلة الحموية ما وقع وعقد له المجلس بدار السعادة بين يدي الأمير تنكز وجمعت العلماء أشاروا بأن الشيخ الهندي يحضر فحضر وكان الهندي طويل النفس في التقرير إذا شرع في وجه يقرره لا يدع شبهة ولا اعتراضا إلا قد أشار إليه في التقرير بحيث لا يتم التقرير إلا وقد بعد على المعترض مقاومته فلما شرع يقرر أخذ ابن تيمية يعجل عليه على عادته ويخرج من شيء إلى شيء فقال له الهندي ما أراك يا ابن تيمية إلا كالعصفور حيث أردت أن أقبضه من مكان فر إلى مكان آخر وكان الأمير تنكز يعظم الهندي ويعتقده وكان الهندي شيخ الحاضرين كلهم فكلهم صدر عن رأيه وحبس ابن تيمية بسبب تلك المسئلة وهي التي تضمنت قوله بالجهة ونودي عليه في البلد وعلى أصحابه وعزلوا من وظائفهم
|