الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ***
الْعِتْقُ وَالْعَتَاقُ وَالْعَتَاقَةُ زَوَالُ الرِّقِّ وَقَدْ عَتَقَ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَحَقِيقَةُ الْعِتْقِ الْقُوَّةُ وَحَقِيقَةُ الرِّقِّ الضَّعْفُ وَعِتَاقُ الطَّيْرِ جَوَارِحُهَا لِقُوَّتِهَا وَرِقَّةُ الثَّوْبِ ضَعْفُهُ وَالْإِعْتَاقُ إزَالَةُ الرِّقِّ قَالَ الْقُتَبِيُّ يُقَالُ عَتَقْتُ عَلَى يَمِينٍ إذَا سَبَقْتُ وَعَتَقَ الْفَرْخُ مِنْ وَكْرِهِ إذَا طَارَ وَعَتَقَتْ الْفَرَسُ إذَا سَبَقَتْ وَنَجَتْ فَكَأَنَّ الْمُعْتَقَ خُلِّيَ فَعَتَقَ أَيْ فَذَهَبَ وَقِيلَ هُوَ مِنْ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ الْجَمَالُ وَالْعَتِيقُ الْجَمِيلُ وَسُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه عَتِيقًا لِجَمَالِهِ وَفَرَسٌ عَتِيقٌ أَيْ رَافِعٌ وَعَتَقَ فُلَانٌ بَعْدَ اسْتِعْلَاجٍ أَيْ رَقَّتْ بَشَرَتُهُ بَعْدَ جَفَاءٍ وَغِلَظٍ وَالْعَتِيقُ مَنْ نَالَ جَمَالَ الْحُرِّيَّةِ وَقِيلَ هُوَ مِنْ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ الْكَرَمُ وَالْمُعْتَقُ قَدْ عَتَقَ أَيْ أُكْرِمَ بَعْدَ مَا أُهِينَ وَقِيلَ هُوَ مِنْ الزِّقِّ الْعَاتِقِ أَيْ الْوَاسِعِ الْجَيِّدِ وَمَنْ أُعْتِقَ فَقَدْ اتَّسَعَتْ حَالَتُهُ وَزَالَ ضِيقُهُ وَفَاقَتُهُ وَالْبَيْتُ الْعَتِيقُ الْكَعْبَةُ لِأَنَّهَا أُعْتِقَتْ عَنْ الْغَرَقِ وَعَنْ أَنْ يَدَّعِيَهَا مَخْلُوقٌ وَقِيلَ لِكَرَمِهَا وَقِيلَ لِقِدَمِهَا أَيْ هِيَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ وَالْعَتَاقَةُ الْقِدَمُ مِنْ حَدِّ شَرُفَ.
وَالتَّحْرِيرُ إثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ وَالْحُرِّيَّةُ مَصْدَرُ الْحُرِّ وَالْحَرَارُ بِالْفَتْحِ كَذَلِكَ وَقَدْ حَرّ حَرَارً أَيْ صَارَ حُرًّا مِنْ حَدِّ عَلِمَ قَالَ الشَّاعِرُ: وَمَارِدٌ مِنْ بَعْدِ الْحَرَارِ عَتِيقُ وَأَمَّا الْحَرُّ بِالْفَتْحِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ الْبَرْدِ فَصَرْفُهُ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَعَلِمَ وَدَخَلَ جَمِيعًا وَحَقِيقَةُ الْحُرِّيَّةِ الْخُلُوصُ وَالْحُرُّ الرَّمْلُ الطَّيِّبُ الْخَالِصُ وَقِيلَ هُوَ الطِّينُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا رَمْلَ فِيهِ وَحُرُّ الْوَجْهِ أَحْسَنُ مَوْضِعٍ فِيهِ وَحُرُّ الْبُقُولِ مَا يُؤْكَلُ غَيْرَ مَطْبُوخٍ وَحُرُّ الدَّارِ وَسَطُهَا وَمَا هَذَا مِنْكَ بِحُرٍّ أَيْ بِحَسَنٍ.
وَتَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ إعْتَاقُ الْكُلِّ وَإِنَّمَا خُصَّتْ الرَّقَبَةُ وَهِيَ عُضْوٌ خَاصٌّ مِنْ الْبَدَنِ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ عَبْدَهُ كَالْحَبْلِ فِي الرَّقَبَةِ وَكَالْغُلِّ هُوَ مُحْتَبَسٌ بِذَلِكَ كَمَا تُحْتَبَسُ الدَّابَّةُ بِالْحَبْلِ فِي عُنُقِهَا فَإِذَا أَعْتَقَ فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ الْقُتَبِيُّ.
وَفَكُّ الرَّقَبَةِ كَذَلِكَ وَهُوَ كَفَكِّ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ وَفَكِّ الْخَلْخَالِ مِنْ الرِّجْلِ وَفَكِّ الْيَدِ مِنْ الْمَفْصِلِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام {مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ} الشِّقْصُ الطَّائِفَةُ مِنْ الشَّيْءِ وَالْمَشْقُوقُ مَفْعُولٌ مِنْ الْمَشْقَةِ أَيْ غَيْرَ مُشَدَّدٍ عَلَيْهِ.
مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ مِنْ الْغَبْنِ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَهُوَ الْخِدَاعُ يُرَادُ بِهِ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَلَا يَتَحَرَّزُونَ عَنْهُ وَمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ هُوَ مَا يَتَحَرَّزُونَ عَنْهُ مِنْ التَّفَاوُتِ فِي الْمُعَامَلَاتِ.
تَحَاصَّا أَيْ تَقَاسَمَا بِالْحِصَّةِ وَهِيَ النَّصِيبُ.
وَذَكَرَ فِي الرِّقِّيَّاتِ مَسْأَلَةَ كَذَا هِيَ مَسَائِلُ جَمَعَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رحمه الله بِالرَّقَّةِ وَهِيَ اسْمُ بَلْدَةٍ حِينَ كَانَ قَاضِيًا بِهَا.
وَالْمُدَبَّرُ الْمُعْتَقُ عَنْ دُبُرٍ أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَدُبُرُ الشَّيْءِ مُؤَخَّرُهُ وَقُبُلُهُ مُقَدَّمُهُ وَالْمُدَبَّرُ الْمُطْلَقُ هُوَ الَّذِي قِيلَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتَى أَوْ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَالْمُدَبَّرُ الْمُقَيَّدُ هُوَ الَّذِي قِيلَ لَهُ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِ كَذَا أَوْ إلَى وَقْتِ كَذَا أَوْ فِي طَرِيقِ كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ.
وَالِاسْتِيلَادُ جَعْلُ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدٍ.
وَالْمُكَاتَبَةُ مُعَاقَدَةُ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَهِيَ أَنْ يَتَوَاضَعَا عَلَى بَدَلٍ يُعْطِيهِ الْعَبْدُ نُجُومًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَيَعْتِقُ بِهِ نُجُومًا أَيْ وَظَائِفَ جَمْعُ نَجْمٍ وَهُوَ الْوَظِيفَةُ يُقَالُ نَجَّمَ الْمَالَ نُجُومًا أَيْ وَظَّفَهُ وَظَائِفَ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَنَجَّمَ الدِّيَةَ وَغَيْرَهَا إذَا أَدَّاهَا نُجُومًا قَالَ زُهَيْرٌ: يُنَجِّمُهَا قَوْمٌ لِقَوْمٍ غَرَامَةً
وَلَمْ يُهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَمِ وَقَدْ تَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ أَيْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ وَظِيفَتَانِ وَأَصْلُهُ تَتَابَعَ وَرُوِيَ {أَنَّهُ بَاعَ سُرَّقًا فِي دَيْنٍ} وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ مَضْمُومِ السِّينِ مُشَدَّدِ الرَّاءِ.
وَإِذَا تَصَادَقَ الشَّرِيكَانِ أَيْ صَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرِيكَهُ فِيمَا ادَّعَى.
{قَضَى النَّبِيُّ عليه السلام فِي إلْقَاءِ الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ} هُوَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ فَرَسٌ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ خَالِصٍ وَالْغُرَّةُ هُوَ الْمُخْتَارُ الْحَسَنُ مِنْ الْمَالِ وَغُرَّةُ الْفَرَسِ بَيَاضٌ فِي جَبْهَتِهِ وَفُلَانٌ غُرَّةُ قَوْمِهِ أَيْ شَرِيفُهُمْ وَغُرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ أَوَّلُهُ وَغُرَّةُ الشَّهْرِ مِنْهُ وَالْجَنِينُ الْوَلَدُ مَا دَامَ فِي الْبَطْنِ سُمِّيَ بِهِ لِلِاسْتِتَارِ فِي الْبَطْنِ وَقَدْ اجْتَنَّ الشَّيْءُ اجْتِنَانًا أَيْ اسْتَتَرَ وَجَنَّهُ اللَّيْلُ وَجَنَّ عَلَيْهِ جُنُونًا أَيْ سَتَرَهُ وَجَنَّ الْمَيِّتَ أَيْ وَارَاهُ فِي التُّرَابِ وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَالْجَنَنُ الْقَبْرُ وَالْجَنَانُ الْقَلْبُ وَالْجَنَّةُ الْبُسْتَانُ وَالْمِجَنَّةُ وَالْمِجَنُّ التُّرْسُ وَالْجِنَّةُ الْجِنُّ وَالْجُنُونُ أَيْضًا وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى السَّتْرِ.
التَّعْجِيزُ مِنْ الْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَرِفَ بِعَجْزِهِ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَحَقِيقَتُهُ النِّسْبَةُ إلَى الْعَجْزِ وَقَدْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَيْ نَسَبَهَا إلَى الْعَجْزِ وَالنِّسْبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ.
وَإِذَا بَاعَ جَارِيَةً وَتَنَاسَخَهَا رِجَالٌ ثُمَّ وَلَدَتْ فَادَّعَاهُ الْأَوَّلُ التَّنَاسُخُ التَّنَاقُلُ يَعْنِي تَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي بِالْبِيَاعَاتِ يُقَالُ نَسَخَ الشَّيْءَ أَيْ حَوَّلَهُ وَنَقَلَهُ وَمِنْهُ نَسَخَتْ الشَّمْسُ الظِّلَّ.
وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام {مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إلَّا عَشَرَةَ أَوَاقٍ فَهُوَ رَقِيقٌ} الْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَجَمْعُهُ الْأَوَاقِيُّ بِتَشْدِيدِ آخِرِهَا عَلَى وَزْنِ الْأَفَاعِيلِ وَبِتَخْفِيفِهَا عَلَى وَزْنِ الْأَفَاعِلِ وَهُوَ نَظِيرُ الْأُمْنِيَّةِ وَالْأَمَانِي عَلَى اللُّغَتَيْنِ.
الْكِتَابَةُ عَلَى الْمَالِ الْحَالِّ جَائِزَةٌ هِيَ الَّتِي لَا تَكُونُ مُؤَجَّلَةً يُقَالُ حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ إذَا مَضَى أَجَلُهُ وَهَذَا مَحِلُّ الدَّيْنِ أَيْ وَقْتُ حُلُولِهِ.
الْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ مَتَى طَرَأَ عَلَى الْعَقْدِ هُوَ مَهْمُوزٌ وَأَصْلُهُ طَلَعَ وَيُرَادُ بِهِ هَاهُنَا حَدَثَ وَاعْتَرَضَ وَالطَّرَيَانُ بِالْيَاءِ مُسْتَعْمَلٌ عَلَى أَلْسُنِ الْفُقَهَاءِ فِي مَصْدَرِهِ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ تَلْيِينِ الْهَمْزَةِ لِلتَّخْفِيفِ دُونَ الْوَضْعِ.
وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ مُنَجَّمَةٍ عَلَى كَذَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ مِنْهَا فَعَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ أَيْ عَقْدَانِ فِي عَقْدٍ وَالصَّفْقُ الضَّرْبُ بِالْيَدِ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ الْيَدَ عَلَى الْيَدِ فِي الْعُقُودِ وَالْعُهُودِ.
وَلِأَنَّهُ غَرَرٌ أَيْ خَطَرٌ وَقَدْ غَرَّرَ بِمُهْجَتِهِ أَيْ خَاطَرَ بِدَمِهِ.
وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ أَوْ إلَى الْحَصَادِ أَوْ إلَى الدِّيَاسِ جَازَ اسْتِحْسَانًا الْعَطَاءُ مَا يُعْطِيهِ الإمام مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَهْلَ الْحُقُوقِ وَلِخُرُوجِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لَكِنْ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ فَتَمَكَّنَ فِيهِ نَوْعُ جَهَالَةٍ لَكِنْ يُسْتَدْرَكُ فِي الْجُمْلَةِ فَجَازَ اسْتِحْسَانًا وَالْحَصَادُ يُرَادُ بِهِ أَنْ يَحْصُدَ أَهْلُ الْوِلَايَةِ زُرُوعَهُمْ وَالدِّيَاسُ أَنْ يَدُوسُوهَا وَهَذَا كَالْأَوَّلِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَطَاءُ وَالْحَصَادُ وَالدِّيَاسُ لِعَارِضٍ حَلَّ الدَّيْنُ إذَا حَلَّ وَقْتُهُ الْمُعْتَادُ لِأَنَّ الْأَجَلَ وَقْتُ هَذَا لَا عَيْنُهُ.
جَرَى فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ الْعَتَاقِ أَيْ طَائِفَةٌ.
الْمُكَاتَبُ إذَا اسْتَدَانَ أَيْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ وَأَدَانَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ أَيْ بَاعَ بِالدَّيْنِ وَادَّانَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ أَيْ قَبِلَ الدَّيْنَ وَدَانَ دَيْنًا أَيْ صَارَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالدَّيْنُ غَيْرُ الْقَرْضِ ذَاكَ اسْمٌ لِمَا يُقْرَضُ فَيُقْبَضُ وَهَذَا اسْمٌ لِمَالٍ يَصِيرُ فِي الذِّمَّةِ بِالْعَقْدِ.
وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ أَصْلُ الذِّمَّةِ الْعَهْدُ وَالْحُرْمَةُ أَيْضًا وَالذِّمَامُ الْحُرْمَةُ أَيْضًا وَيُرَادُ بِهِ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ بِعَقْدِهِ وَقَبُولِهِ وَعُهْدَةُ الرَّقَبَةِ وَالْعِتْقِ يُسْتَعْمَلَانِ لِذَلِكَ أَيْضًا.
وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ أَيْ مَالٍ يَفِي بِهِ مَا عَلَيْهِ.
وَإِذَا بَاعَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا وَحَابَى فِيهِ مُحَابَاةً فَاحِشَةً هِيَ نُقْصَانُ بَعْضِ الثَّمَنِ وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْحَبَا وَهُوَ الْإِعْطَاءُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ فَإِذَا بَاعَ شَيْئًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِسَبْعَةٍ فَكَأَنَّهُ فِي حَقِّ سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ وَفِي حَقِّ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْهُ هِبَةٌ وَإِعْطَاءٌ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْبَدَلِ مَعْنًى وَلِذَلِكَ أُلْحِقَ بِالْهِبَاتِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ وَاعْتُبِرَ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ.
الْوَلَاءُ مَصْدَرُ الْمَوْلَى وَهُوَ اسْمٌ لِابْنِ الْعَمِّ وَلِلْوَلِيِّ وَلِلْحَلِيفِ وَلِلنَّاصِرِ وَلِلْمُعْتِقِ وَلِلْمُعْتَقِ وَالْمُوَالَاةُ مُعَاقَدَةٌ تُجْرَى بَيْنَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا قَرِيبَ لَهُ يَرِثُهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ لَهُ وَالَيْتُكَ عَلَى أَنْ تَعْقِلَ عَنِّي وَتَرِثَنِي وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بِالنُّصُوصِ وَيَعْقِلُ عَنْهُ أَيْ يُؤَدِّي الدِّيَةَ عَنْهُ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا خَطَأً عَقَلَ الْمَقْتُولَ أَيْ أَدَّى دِيَتَهُ وَعَقَلَ عَنْ الْقَاتِلِ إذَا أَدَّاهَا عَنْهُ وَهُوَ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ {وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ} بِالنَّصْبِ أَيْ حَالَ حَيَاتِهِ وَحَالَ مَمَاتِهِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ يَعْنِي بِذَلِكَ الْعَقْلَ وَالْإِرْثَ كَمَا قُلْنَا وَقَوْلُهُ عليه السلام {وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا كُنْتَ أَنْتَ عَصَبَتَهُ} قَدْ فَسَّرْنَا الْعَصَبَةَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ. وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام {: الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ} : أَيْ الْمِيرَاثُ بِالْوَلَاءِ لِلْأَقْرَبِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ , ابْنٌ , وَابْنُ ابْنٍ فَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ لِلْقُرْبِ , وَيُقَالُ : هُوَ كُبْرُ قَوْمِهِ إذَا كَانَ أَقْرَبَهُمْ إلَى الْأَبِ إلَّا عَلَى الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ , وَلَا يُرَادُ بِهِ كِبَرُ السِّنِّ هَاهُنَا.
وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنَّهُ أَبْصَرَ بِخَيْبَرَ فِتْيَةً لُعْسًا أَعْجَبَهُ ظَرْفُهُمْ وَكَانَتْ أُمُّهُمْ مَوْلَاةً لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَبُوهُمْ عَبْدٌ لِبَعْضِ الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ لِبَعْضِ أَشْجَعَ فَاشْتَرَى أَبَاهُمْ فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ انْتَسِبُوا إلَيَّ وَقَالَ رَافِعٌ بَلْ هُمْ مَوَالٍ لِي فَاخْتَصَمُوا إلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقَضَى بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ الْفِتْيَةُ جَمْعُ الْفَتَى وَالْفِتْيَانُ جَمْعُ الْفَتَى أَيْضًا وَهُمْ الشُّبَّانُ وَاللُّعْسُ جَمْعُ أَلْعَسَ وَهُوَ الَّذِي تَضْرِبُ شَفَتُهُ إلَى السَّوَادِ قَلِيلًا وَذَلِكَ يُسْتَمْلَحُ وَقَدْ لَعِسَ لَعَسًا مِنْ حَدِّ عَلِمَ إذَا صَارَ كَذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ أَيْ رَاقَهُ ظَرْفُهُمْ أَيْ ظَرَافَتُهُمْ وَهِيَ الْكِيَاسَةُ وَصَرْفُهُ مِنْ حَدِّ شَرُفَ وَجُهَيْنَةُ وَأَشْجَعُ قَبِيلَتَانِ وَالْحَرَقَةُ قَوْمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَقَوْلُهُ انْتَسِبُوا إلَيَّ أَيْ قُولُوا نَحْنُ مَوَالِي الزُّبَيْرِ لِأَنَّ أَبَاكُمْ مُعْتَقِي وَقَدْ جُرَّ وَلَاؤُكُمْ الَّذِي كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَجَرُّ الْوَلَاءِ فِي مَسَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَوْلًى لِمَوْلَى أُمِّهِ إذَا كَانَ أَبُوهُ عَبْدًا لَا وَلَاءَ لَهُ فَإِذَا أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ الْوَلَاءَ إلَى مَوْلَاهُ لِأَنَّهُ كَالنَّسَبِ وَهُوَ مِنْ الْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام {الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ} أَيْ قَرَابَةٌ وَقِيلَ وَصْلَةٌ.
الْأَيْمَانُ جَمْعُ يَمِينٍ وَهُوَ الْقَسَمُ وَالْيَمِينُ الْيَدُ الْيُمْنَى وَكَانُوا إذَا تَحَالَفُوا تَصَافَحُوا بِالْأَيْمَانِ تَأْكِيدًا لِمَا عَقَدُوا فَسُمِّيَ الْقَسَمُ يَمِينًا لِاسْتِعْمَالِ الْيَمِينِ فِيهِ وَالْيَمِينُ أَيْضًا الْقُوَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} قِيلَ أَيْ بِقُوَّةٍ. وَقُدْرَةٍ وَسُمِّيَ الْقَسَمُ يَمِينًا لِأَنَّ الْحَالِفَ يَتَقَوَّى بِيَمِينِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا قَرَنَهُ بِهَا مِنْ تَحْصِيلٍ أَوْ امْتِنَاعٍ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قوله تعالى:{لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أَيْ لَأَخَذْنَا يَدَهُ الْيُمْنَى فَمَنَعْنَاهُ عَنْ التَّصَرُّفِ وَقِيلَ فِي قوله تعالى:{فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ} أَقَاوِيلُ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا ضَرْبًا بِيَدِهِ الْيُمْنَى. وَالثَّانِي ضَرْبًا بِالْقُوَّةِ. وَالثَّالِثُ ضَرْبًا بِقَسَمِهِ الَّذِي قَالَ:{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ}.
وَقَوْلُهُ الْأَيْمَانُ ثَلَاثَةٌ يَمِينٌ تُكَفَّرُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ تَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْحِنْثِ وَهِيَ تَكُونُ عَلَى فِعْلٍ فِي الْمُؤْتَنَفِ أَيْ الْمُسْتَقْبَلِ وَالِايتِنَافُ الِابْتِدَاءُ وَالِاسْتِينَافُ كَذَلِكَ وَاللَّغْوُ فِي الْأَيْمَانِ مَا يُلْغَى أَيْ يَبْطُلُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ حُكْمٍ وَيُقَالُ لِمَا لَا يُعَدُّ مِنْ أَوْلَادِ الْإِبِلِ فِي دِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَغْوٌ قَالَ الشَّاعِرُ: أَوْ مِائَةٌ تُجْعَلُ أَوْلَادُهَا
لَغْوًا وَعُرْضُ الْمِائَةِ الْجَلْمَدُ وَالْجَلْمَدُ الْإِبِلُ الْكَثِيرَةُ الْعَظِيمَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهِ عَلَى مَا عُرِفَ وَيَمِينُ الْفَوْرِ مَا يَقَعُ عَلَى الْحَالِ أُخِذَ مِنْ فَوْرِ الْقِدْرِ وَفَوَرَانِهَا أَيْ غَلَيَانِهَا وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ الَّتِي تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ أَيْ تَمْقُلُ وَالْغَمْسُ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ.
{وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ} وَهِيَ جَمْعُ بَلْقَعٍ وَهِيَ الْقَفْرُ وَهُوَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا وَلَا مَاءَ يَعْنِي أَنَّهَا تُخَرِّبُ الدِّيَارَ بِالْمَوْتِ وَالْجَلَاءِ.
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} الْخَلَاقُ النَّصِيبُ الصَّالِحُ.
وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَيْ الْكَاذِبَةُ وَقَدْ فَجَرَ فُجُورًا مِنْ حَدِّ دَخَلَ أَيْ كَذَبَ وَمَعْنَاهَا الْمَفْجُورُ فِيهَا أَيْ كَذَبَ فِيهَا حَالِفُهَا فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} أَيْ مَرْضِيَّةٍ. وقوله تعالى:{خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ} أَيْ مَدْفُوقٍ. وَقَالَ الرَّاجِزُ: اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ فَجَرَ أَيْ كَذَبَ. وَيُقَالُ: فَاجِرَةٌ أَيْ ذَاتُ فُجُورٍ. وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي" عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ" أَيْ ذَاتِ رِضًى. وَهَذَا عَلَى تَأْوِيلِ مَنْ يَأْبَى أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْوَضْعِ.
وَيُنْشِدُونَ فِي جَعْلِ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ فِي قوله تعالى: {وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ} بِمَعْنَى الْعَزْمِ قَوْلَ الْقَائِلِ: خَطَرَاتُ الْهَوَى تَرُوحُ وَتَغْدُو
وَلِقَلْبِ الْمُحِبِّ حَلٌّ وَعَقْدُ الْخَطَرَاتُ جَمْعُ خَطْرَةٍ وَهِيَ مِنْ خَطَرَ الشَّيْءُ فِي قَلْبِهِ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ أَيْ تَحَرَّكَ وَالْهَوَى الْحُبُّ وَتَرُوحُ وَتَغْدُو أَيْ يَقَعُ ذَلِكَ مَسَاءً وَصَبَاحًا وَلِقَلْبِ الْمُحِبِّ حَلٌّ وَعَقْدٌ أَيْ نَقْضٌ وَإِبْرَامٌ فِيمَا يَعْزِمُ عَلَيْهِ وَيُنْشِدُونَ قَوْلَ الْقَائِلِ: عَقَدْتُ عَلَى قَلْبِي بِأَنْ يَكْتُمَ الْهَوَى
فَضَجَّ وَنَادَى أَنَّنِي غَيْرُ فَاعِلِ عَقَدْتُ عَلَى قَلْبِي أَيْ أَلْزَمْتُهُ وَعَزَمْتُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْفِيَ هَوَايَ فَضَجَّ أَيْ جَزِعَ وَصَاحَ وَهُوَ مَغْلُوبٌ وَهُوَ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَنَادَى أَنَّنِي بِفَتْحِ الْأَلِفِ غَيْرُ فَاعِلٍ وَيَجُوزُ بِكَسْرِ الْأَلِفِ فَالْفَتْحُ لِوُقُوعِ فِعْلِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ وَالْكَسْرُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَوْ إضْمَارِ الْقَوْلِ أَوْ جَعْلِ النِّدَاءِ بِمَعْنَى الْقَوْلِ أَيْ نَادَى وَقَالَ إنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى} قِرَاءَةُ عَامَّةِ الْقُرَّاءِ بِالْفَتْحِ وَفِي قِرَاءَةِ حَمْزَةَ إنَّ اللَّهَ بِالْكَسْرِ وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْتُهُ.
وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ قَالَ أَحْلِفُ أَوْ قَالَ أَعْزِمُ كَانَ يَمِينًا عِنْدَ أَصْحَابِنَا رحمهم الله نَوَى بِهِ الْيَمِينَ أَوْ لَا قَرَنَهُ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ لَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِي اللُّغَةِ إخْبَارٌ عَمَّا شُوهِدَ وَذَلِكَ يَصْلُحُ لِلْيَمِينِ وَقَدْ جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} ثُمَّ قَالَ:{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ} وَالْقَسَمُ مَوْضُوعٌ لَهُ وَقَدْ جَاءَ غَيْرَ مَقْرُونٍ بِاسْمِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ} وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ وَكَذَا أَعْزِمُ لِأَنَّهُ إيجَابٌ وَكَذَا قَوْلُهُ عَلَيَّ نَذْرٌ لِأَنَّهُ إيجَابٌ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام {النَّذْرُ يَمِينٌ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ} وَقَدْ نَذَرَ يَنْذُرُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ فَهُوَ يَمِينٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} ثُمَّ قَالَ:{وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} وَكَذَلِكَ ذِمَّةُ اللَّهِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْعَهْدِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ أَهْلُ الْعَهْدِ.
وَقَوْلُهُ عليه السلام {لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ} أَيْ بِالْأَصْنَامِ جَمْعُ طَاغُوتٍ.
وَقَالُوا فِي النَّذْرِ بِذَبْحِ الْوَلَدِ إنَّهُ إرَاقَةُ دَمٍ مَحْقُونٍ أَيْ مَمْنُوعِ السَّفْكِ وَالْفِعْلُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ يُقَالُ حَقَنُوا دِمَاءَهُمْ أَيْ مَنَعُوهَا مِنْ أَنْ تُسْفَكَ وَحَقَنَ اللَّبَنَ فِي السِّقَاءِ أَيْ حَبَسَهُ.
وَإِزْهَاقُ الرُّوحِ إخْرَاجُهَا وَزُهُوقُهَا خُرُوجُهَا مِنْ حَدِّ مَنَعَ.
قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِيَرْفَأَ هُوَ اسْمُ مَوْلَاهُ إنِّي لَا أَحْلِفُ عَلَى قَوْمٍ أَنْ لَا أُعْطِيَهُمْ ثُمَّ يَبْدُو لِي فَأُعْطِيَهُمْ أَيْ يَتَغَيَّرُ رَأْيِي عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَقَدْ بَدَا يَبْدُو بَدَاءً مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَالْمَصْدَرُ عَلَى وَزْنِ الْفَعَالِ وَالْبُدُوُّ الظُّهُورُ عَلَى وَزْنِ الْفُعُولِ وَالْبَدْوُ بِتَسْكِينِ الدَّالِ الْخُرُوجُ مِنْ الْحَضَرِ إلَى الْبَادِيَةِ.
إذَا دَعَا عَشَرَةً فَغَدَّاهُمْ أَيْ أَطْعَمَهُمْ الْغَدَاءَ وَعَشَّاهُمْ أَيْ أَطْعَمَهُمْ الْعِشَاءَ وَالْمَصْدَرُ التَّغْدِيَةُ وَالتَّعْشِيَةُ.
وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ صَبِيٌّ فَطِيمٌ أَيْ مَفْطُومٌ عَنْ اللَّبَنِ قَدْ أَخَذَ فِي الْأَكْلِ.
سَدَّ خَلَّةَ الْفَقِيرِ أَصْلُهَا الثُّلْمَةُ وَتُسْتَعْمَلُ الْخَلَّةُ لِلْفَقِيرِ وَالْخَلِيلُ لِلْفَقِيرِ.
وقوله تعالى:{وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} هِيَ مَصْدَرُ كَسَا يَكْسُو وَلَيْسَتْ بِاسْمٍ لِلِّبَاسِ فَقَدْ عَطَفَهَا عَلَى الْإِطْعَامِ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَإِطْلَاقُ طَلَبَةِ الْعِلْمِ لَفْظَةَ الْإِكْسَاءِ فِي الْمَصْدَرِ خَطَأٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ مِنْ حَدِّ دَخَلَ فَلَا يَكُونُ الْإِفْعَالُ مَصْدَرًا.
إذَا حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَحَقِيقَةُ الْمُسَاكَنَةِ أَنْ يَخْتَلِطَا فِي مَسْكَنٍ بِأَمْتِعَتِهِمَا وَسُكْنَاهُمَا وَقَدْ سَكَنَ الدَّارَ سُكْنَى مِنْ حَدِّ دَخَلَ أَيْ أَقَامَ فِيهَا وَسَكَنَ سُكُونًا وَهُوَ ضِدُّ تَحَرَّكَ وَسَكَنَ سَكِينَةً أَيْ وَقَرَ وَالدَّارُ اسْمٌ لِلسَّاحَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبْنِيَةٌ قَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَامِرِيُّ: عَفَتِ الدِّيَارُ مَحِلُّهَا فَمَقَامُهَا
بِمِنًى تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَا عَفَتْ الدِّيَارُ تَعْفُو عَفَاءً أَيْ دَرَسَتْ وَغَطَّاهَا التُّرَابُ وَعَفَتْهَا الرِّيحُ أَيْ جَعَلَتْهَا كَذَلِكَ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى مَحِلُّهَا أَيْ مَوْضُوعُ حُلُولِهَا أَيْ نُزُولِهَا وَقَدْ حَلَّ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ الدِّيَارِ وَالْمُقَامُ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ بِالضَّمِّ وَالْمَقَامُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَوْضِعُ الْقِيَامِ وَالرِّوَايَةُ هَاهُنَا بِالْفَتْحِ وَلِلضَّمِّ وَجْهٌ بِمِنًى هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِمَكَّةَ تَأَبَّدَ أَيْ تَوَحَّشَ غَوْلُهَا وَرِجَامُهَا هُمَا جَبَلَانِ قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَقِيلَ الْغَوْلُ وَادٍ وَالرِّجَامُ جَبَلٌ وَأَصْلُ الْغَوْلِ الْمَكَانُ السَّهْلُ وَالرِّجَامُ الْحِجَارَةُ جَمْعُ رُجْمَةِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَسْكِينِ الْجِيمِ وَهِيَ الْحَجَرُ الضَّخْمُ وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ: يَا دَارَ مَيَّةَ بِالْعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ
أَقْوَتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الْأَبَدِ مَيَّةُ اسْمُ امْرَأَةٍ وَالْعَلْيَاءُ اسْمُ مَوْضِعٍ وَالسَّنَدُ كَذَلِكَ وَالْعَلْيَاءُ فِي الْأَصْلِ الْأَرْضُ الْعَالِيَةُ وَالسَّنَدُ الْمُرْتَفَعُ فِي أَصْلِ الْجَبَلِ أَقْوَتْ أَيْ خَلَتْ وَالْقَوَاءُ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ وَالْقِيُّ كَذَلِكَ وَالسَّالِفُ الْمَاضِي مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَالْأَبَدُ الدَّهْرُ.
وَظُلَّةُ الدَّارِ هِيَ الَّتِي تَظَلُّ عِنْدَ بَابِ الدَّارِ.
وَالسَّقِيفَةُ هِيَ ذَاتُ السَّقْفِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا عَابِرَ سَبِيلٍ أَيْ مَارًّا وَقَدْ عَبَرَ عُبُورًا مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَعُبُورُ النَّهَرِ قَطْعُهُ وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَهَا وَمِنْ قَصْدِهِ الْمُرُورُ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ آخَرَ وَلَوْ دَخَلَهَا مُجْتَازًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَعَدَ لَمْ يَحْنَثْ يُقَالُ جَازَ الطَّرِيقَ يَجُوزُهُ جَوَازً أَوْ اجْتَازَهُ يَجْتَازُهُ اجْتِيَازًا إذَا سَلَكَهُ لِلْمُرُورِ لَا لِعَمَلٍ آخَرَ.
وَلَوْ كَانَتْ دَارًا صَغِيرَةً فَجَعَلَهَا بَيْتًا وَاحِدًا وَأَشْرَعَ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ أَيْ جَعَلَهُ إلَى الشَّارِعِ وَهُوَ الطَّرِيقُ الْأَعْظَمُ.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ كَذَا فَالْأَكْلُ هُوَ الْمَضْغُ وَالِابْتِلَاعُ وَالْمَضْغُ اللَّوْكُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَصَنَعَ وَالِابْتِلَاعُ افْتِعَالٌ مِنْ الْبَلْعِ وَهُوَ مِنْ حَدِّ عَلِمَ وَالِازْدِرَادُ افْتِعَالٌ مِنْ الزَّرْدُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ حَدِّ عَلِمَ أَيْضًا وَالتَّاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الزَّايِ صَارَتْ دَالًا كَمَا فِي الِازْدِرَاعِ وَالِازْدِجَارِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ كَذَا فَالذَّوْقُ هُوَ التَّعَرُّفُ عَنْ طَعْمِ الشَّيْءِ بِاللِّسَانِ وَاللَّهَاةِ.
وَالسَّمَكُ الطَّرِيُّ الْغَضُّ وَمَصْدَرُهُ الطَّرَاوَةُ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ.
وَالسَّمَكُ الْمَالِحُ هُوَ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ الْمِلْحُ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَقَدْ مَلَحَ الْقِدْرَ مِنْ حَدِّ صَنَعَ أَيْ جَعَلَ فِيهَا الْمِلْحَ بِقَدَرٍ فَإِذَا كَثُرَ مِلْحُهَا حَتَّى أَفْسَدَهَا فَقَدْ مَلَّحَهَا تَمْلِيحًا وَمَلُحَ الْمَاءُ مُلُوحَةً مِنْ حَدِّ شَرُفَ فَهُوَ مِلْحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَسْكِينِ اللَّامِ وَمَلُحَ الْإِنْسَانُ مَلَاحَةً فَهُوَ مَلِيحٌ مِنْ حَدِّ شَرُفَ أَيْضًا.
وَلَوْ أَكَلَ صِيرًا أَوْ كَنْعَدًا لَا يَحْنَثُ الصِّيرُ بِكَسْرِ الصَّادِ الصَّحْنَاةُ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ مهيابه وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ الصِّحْنَاةُ بِالْكَسْرِ قَالَ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَالْكَنْعَدُ نَوْعٌ مِنْ السَّمَكِ الصِّغَارِ وَالْكَافُ وَالْعَيْنُ مَفْتُوحَتَانِ وَالنُّونُ سَاكِنَةٌ بَيْنَهُمَا وَبِفَتْحِ الْكَافِ وَالنُّونِ أَيْضًا وَالْعَيْنُ سَاكِنَةٌ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَوْ رِبِّيثًا وَفِي فُرُودِ الْأَزْهَرِيِّ الدُّعْمُوصُ وَالرِّبِّيثَةُ كبجليزك وَقِيلَ الرِّبِّيثُ وَالرِّبِّيثَا الْجِرِّيثُ وَقَالَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ الرِّبِّيثَا بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ ضَرْبٌ مِنْ السَّمَكِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ إدَامًا فَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله كُلُّ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ مُخْتَلِطًا بِهِ مِنْ قَوْلِكَ أَدَم اللَّهُ بَيْنَكُمَا مِنْ حَدِّ ضَرَبَ لُغَةً فِي قَوْلِك آدَمَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا مِنْ بَابِ الْإِدْخَالِ أَيْ أَلَّفَ بَيْنَكُمَا وَوَصَلَ وَأَصْلَحَ وَالْجُبُنُ لَيْسَ بِإِدَامٍ عِنْدَهُ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْبَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ وَفَارِسِيَّتُهُ بنير وَبِتَشْدِيدِ النُّونِ لُغَةٌ أَيْضًا وَهِيَ زِيَادَةٌ مُلْحَقَةٌ بِهِ وَالْقُطُنُّ كَذَلِكَ بِتَشْدِيدِ آخِرِهِ لُغَةٌ فِيهِ جُعِلَ كَذَلِكَ فِي بَيْتٍ لِلضَّرُورَةِ بَيْتُ قُطُنَّةٍ مِنْ أَجْوَدِ الْقُطُنِّ.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا يَقَعُ عَلَى بَيْضِ الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْوَزُّ لُغَةٌ رَدِيَّةٌ فِيهِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ مرغابى وَلَا يَقَعُ عَلَى بَيْضِ النَّعَامِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَشْتَرِ مَرِّغْ وَلَا عَلَى بَيْضِ دُودِ الْقَزِّ لِأَنَّهُمَا لَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي الْأَكْلِ فَلَا يَقَعُ الْوَهْمُ عَلَيْهِمَا.
وَالسُّمَّاقُ بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ فَارِسِيَّتُهُ تتري.
وَالْفَاكِهَةُ مَا يُتَفَكَّهُ بِهِ أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ وَرَجُلٌ فَكِهٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ أَيْ طَيِّبُ النَّفْسِ وَقَدْ فَكِهَ فُكَاهَةً مِنْ حَدِّ عَلِمَ إذَا صَارَ كَذَلِكَ وَالْفَاءُ فِي الْمَصْدَرِ مَضْمُومَةٌ.
وَالْحِنْطَةُ الْمَقْلِيَّةُ بِالْفَارِسِيَّةِ قُرُوده وَقَدْ قَلَاهَا يَقْلُوهَا عَلَى الْمِقْلَاةِ قَلْوًا فَهِيَ مَقْلُوَّةٌ إذَا جَعَلْتَ النَّعْتَ مِنْ ظَاهِرِ الْفِعْلِ فَأَمَّا الْمَقْلِيَّةُ فَهِيَ إذَا جُعِلَتْ مِنْ فِعْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ يُقَالُ قَلَيْت الْحِنْطَةُ تُقْلَى فَهِيَ مَقْلِيَّةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ دَعَوْتُهُ فَهُوَ مَدْعُوٌّ وَجَفَوْتُهُ فَهِيَ مَجْفُوٌّ وَدُعِيَ فَهُوَ مَدْعِيٌّ وَجُفِيَ فَهُوَ مَجْفِيٌّ وَالْقَلْيُ لُغَةٌ أَيْضًا بِالْيَاءِ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَالْمَقْلِيَّةُ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْفِعْلِ وَقَدْ قَلَيْتُهَا أَقْلِيهَا فَهِيَ مَقْلِيَّةٌ.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الطَّلْعِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَنْشَقُّ مِنْ ثَمَرِ النَّخْلِ ثُمَّ يَصِيرُ بَلَحًا ثُمَّ بُسْرًا وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ غَوْره.
وَالْمُذَنِّبُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَكَسْرِهَا هُوَ الْبُسْرُ الَّذِي ذَنَّبَ أَيْ بَدَأَ الْإِرْطَابُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَلَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ أَيْ جَدَحَهُ بِهِ وَخَلَطَهُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عِنَبًا قَدْ عَيَّنَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْدَمَا صَارَ دِبْسًا لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ عُصَارَةُ الْعِنَبِ وَدِبْسُ الرُّطَبِ عُصَارَةُ الرُّطَبِ.
وَالْفُسْتُقُ فَارِسِيُّ مُعَرَّبٌ.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ قَسْبًا بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِتَسْكِينِ السِّينِ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ تَمْرٌ يَابِسٌ يَتَفَتَّتُ فِي الْفَمِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَمْرًا بَعْدَمَا خُصَّ بِهَذَا الِاسْمِ وَقِيلَ هُوَ بُسْرٌ يَابِسٌ وَلَوْ أَكَلَ حَيْسًا يَحْنَثُ لِأَنَّ اسْمَ التَّمْرِ بَاقٍ فَإِنَّ الْحَيْسَ تَمْرٌ يُنْقَعُ فِي اللَّبَنِ وَقِيلَ هُوَ طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنْ تَمْرٍ وَزُبْدٍ فَتَبْقَى الْيَمِينُ لِبَقَاءِ الِاسْمِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا فَأَكَلَ جُوزَيَنْجًا لَمْ يَحْنَثْ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ , وَفَارِسِيَّتُهُ وَعِيَالَاتِهِمْ لِاخْتِصَاصِهِ بِاسْمِ آخَرَ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا فَشَرِبَ سَكَرًا لَمْ يَحْنَثْ السَّكَرُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْكَافِ وَهُوَ خَمْرُ التَّمْرِ وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَائِهِ وَالنَّبِيذُ أَنْ يَنْبِذَ تَمَرَاتٍ أَوْ زَبِيبَاتٍ فِي مَاءٍ لِيَسْتَخْرِجَ الْمَاءُ عُذُوبَتَهَا وَذَلِكَ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرِبَ بخنجا هُوَ تَعْرِيبُ وَالِاسْتِغْنَامِ أَيْ الْمَطْبُوخِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ دِجْلَةَ فَغَرَفَ مِنْهَا بِيَدِهِ وَشَرِبَ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله هُوَ أَخْذُ الْمَاءِ بِالْكَفِّ وَرَفْعُهُ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَالْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالضَّمَّةِ قَدْرُ مَا يُغْرَفُ بِالْكَفِّ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ عِنْدَهُ إذَا شَرِبَ مِنْهُ بِفِيهِ كَرْعًا هُوَ أَنْ يَخُوضَ الْمَاءَ وَيَتَنَاوَلَ الْمَاءَ بِفِيهِ مِنْ مَوْضِعِهِ مِنْ حَدِّ صَنَعَ وَلَا يَكُونُ الْكَرْعُ إلَّا بَعْدَ الْخَوْضِ فَإِنَّهُ مِنْ الْكُرَاعِ وَهُوَ مِنْ الْإِنْسَانِ مَا دُونَ الرُّكْبَةِ وَمِنْ الدَّوَابِّ مَا دُونَ الْكَعْبِ قَالَ الْخَلِيلُ يُقَالُ تَكَرَّعَ الرَّجُلُ إذَا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فَغَسَلَ أَكَارِعَهُ وَكُرَاعُ كُلِّ شَيْءٍ طَرَفُهُ.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَاتَّزَرَ بِهِ الصَّحِيحُ بِالْهَمْزَةِ مِنْ الْإِزَارِ أَيْ شَدَّهُ عَلَى وَسَطِهِ أَوْ ارْتَدَى بِهِ أَيْ لَبِسَهُ لُبْسَ الرِّدَاءِ وَاشْتَمَلَ بِهِ أَيْ تَلَفَّفَ بِهِ حَنِثَ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثِيَابًا فَتَقَلَّدَ سَيْفًا أَوْ تَنَكَّبَ قَوْسًا لَمْ يَحْنَثْ وَتَقَلَّدَ سَيْفًا أَيْ جَعَلَهُ قِلَادَةً فِي عُنُقِهِ وَتَنَكَّبَ قَوْسًا أَيْ أَلْقَاهَا عَلَى مَنْكِبِهِ وَهُوَ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ لَبِسَ دِرْعَ حَدِيدٍ حَنِثَ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذَا السَّرْجَ فَبَدَّلَ السَّرْجَ بِغَيْرِهِ وَتَرَكَ اللِّبْدَ وَالصُّفَّةَ وَرَكِبَ لَمْ يَحْنَثْ الصُّفَّةُ غِشَاءُ السَّرْجِ.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَوَجَأَهُ حَنِثَ أَيْ طَعَنَهُ بِرَأْسِ سِكِّينٍ وَقَدْ وَجَأَهُ يَجَؤُهُ وَجْئًا مِنْ حَدِّ صَنَعَ وَوِجَاءً إذَا دَقَّهُ أَيْضًا وَكَذَا إذَا قَرَصَهُ وَهُوَ بِالْأَظْفَارِ وَهُوَ مِنْ حَدِّ دَخَلَ أَوْ عَضَّهُ وَهُوَ بِالْأَسْنَانِ مِنْ حَدِّ عَلِمَ.
لَوْ خَنَقَهُ أَيْ عَصَرَ حَلْقَهُ لِيَخْتَنِقَ وَالْخَنْقُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَالْمَصْدَرُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَسْكِينِ النُّونِ وَكَسْرِهَا أَيْضًا لُغَتَانِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَجَمَعَ مِائَةً وَضَرَبَهُ بِهَا جُمْلَةً إنْ كَانَ وَصَلَ إلَيْهِ كُلُّ سَوْطٍ بِحِيَالِهِ بَرَّ أَيْ بِإِزَائِهِ وَأَصْلُ هَذَا الْيَاءِ الْوَاوُ.
وقوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ} وَهُوَ مَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ مِنْ قُمَاشِ الْأَرْضِ أَيْ هُوَ قَبْضَةٌ مِنْ دِقَاقِ الْعِيدَانِ وَالنَّبَاتِ وَقَالَ الْخَلِيلُ هُوَ قَبْضَةُ قُضْبَانٍ أَوْ حَشِيشٍ أَصْلُهَا وَاحِدٌ وَالْقُمَاشُ مَا يُجْمَعُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا وَالْقَمْشُ الْجَمْعُ مِنْ هُنَا وَهُنَا مِنْ حَدِّ ضَرَبَ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ فِي مَكَانِ كَذَا فَأَقَامَ فِيهِ وَلَمْ يَنَمْ حَنِثَ لِأَنَّ الْبَيْتُوتَةُ هُوَ الْمُكْثُ وَالْإِقَامَةُ يُقَالُ بَاتَ فُلَانٌ يُصَلِّي فِي مَوْضِعِ كَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} وَيَقَعُ ذَلِكَ عَلَى نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُؤْوِيهِ بَيْتٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله الْأَوَّلِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْثَرِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُقَامِ وَالْمَأْوَى مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ فَأَشْبَهَ الْبَيْتُوتَةَ وَفِي قَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَحْنَثُ بِسَاعَةٍ لِأَنَّ الْإِيوَاءَ هُوَ الضَّمُّ يُقَالُ أَوَى إلَى فُلَانٍ يَأْوِي أُوِيًّا أَيْ انْضَمَّ إلَيْهِ وَآوَاهُ فُلَانٌ إلَى نَفْسِهِ إيوَاءً أَيْ ضَمَّهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي اللَّازِمِ:{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً} وَقَالَ فِي الْمُتَعَدِّي:{وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ}.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ فَمَشَى عَلَى ظَهْرِ الْإِجَّارِ حَنِثَ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَرْضِ الْإِجَّارُ السَّطْحُ قَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى السَّطْحِ يُقَالُ لَهُ لَا تَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ وَاجْلِسْ عَلَى الْبِسَاطِ وَقِيلَ الْإِجَّارُ السَّطْحُ الَّذِي لَيْسَ حَوَالَيْهِ حَائِلٌ.
الزَّنْبَقُ بِفَتْحِ الزَّاي وَالْبَاءِ وَبَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ دُهْنُ الْيَاسَمِينِ.
إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي سِلَاحًا فَاشْتَرَى سَفُّودًا لَمْ يَحْنَثْ هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ فَارِسِيَّتُهُ بابزن.
وَإِذَا حَلَفَ لَا يَشُمُّ رَيْحَانًا الشَّمُّ مِنْ حَدِّ دَخَلَ لُغَةٌ فِي شَمَّ يَشَمُّ مِنْ حَدِّ عَلِمَ وَالرَّيْحَانُ اسْمٌ لِكُلِّ نَبْتٍ أَخْضَرَ لَا شَجَرَ لَهُ وَلَهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ كَالْآسِ وَالْعَنْبَرِ وَالشَّاهِسْبَرَمِ وَالْوَرْدُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّجَرِ. وَخَاتَمُ الْفِضَّةِ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ لِأَنَّ الرِّجَالَ يَلْبَسُونَهُ مَعَ أَنَّهُمْ مَنْهِيُّونَ عَنْ التَّحَلِّي وَالْحَلْيُ اسْمٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَسْكِينِ اللَّامِ وَاحِدٌ وَجَمْعُهُ الْحُلِيُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى وَزْنِ الْفُعُولِ وَأَصْلُهُ الْحُلُويُ ثُمَّ صُيِّرَتْ الْوَاوُ يَاءً لِلْيَاءِ الَّتِي بَعْدَهَا وَكُسِرَتْ اللَّامُ لِلْيَاءَيْنِ وَالْحِلِّيُّ بِكَسْرِ الْحَاءِ لُغَةٌ لِلْكَسْرَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَالْحِلْيَةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَسْكِينِ اللَّامِ لِلْوَاحِدِ أَيْضًا وَجَمْعُهَا الْحُلَى بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَيُجْعَلُ الْيَاءُ الَّتِي فِي آخِرِهَا أَلِفًا لِفَتْحَةِ مَا قَبْلَهَا وَذَلِكَ عَلَى وَزْنِ الذِّرْوَةِ بِالذَّالِ وَالذُّرَى وَاللِّحْيَةُ وَاللِّحَى وَالسِّوَارُ مِنْ الْحُلِيِّ وَهُوَ بِكَسْرِ السِّينِ وَبِالضَّمِّ لُغَةٌ أَيْضًا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَالْقُلْبُ السِّوَارُ أَيْضًا وَهُوَ لِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْهُ.
وَالْخَلْخَالُ مَا يُجْعَلُ فِي الرِّجْلِ.
وَالْقِلَادَةُ مَا يُجْعَلُ فِي الْعُنُقِ.
الْحَدُّ أَصْلُهُ الْمَنْعُ لُغَةً مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَالْحُدُودُ مَوَانِعُ مِنْ الْجِنَايَاتِ فَسُمِّيَتْ بِهَا لِذَلِكَ لِكَوْنِهَا مَوَانِعَ وَقَوْلُهُ عليه السلام {ادْرَءُوا الْحُدُودَ} أَيْ ادْفَعُوهَا وَصَرْفُهُ مِنْ حَدِّ صَنَعَ وَالْحُدُودُ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ بِالْهَمْزَةِ أَيْ تَنْدَفِعُ.
وَقَوْلُهُ عليه السلام {الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا} أَيْ سَتَّارَاتٌ وَقَدْ كَفَرَ يَكْفُرُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ يَدْخُلُ إذَا سَتَرَ وَالْكُفْرُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْإِيمَانِ سَتْرُ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ وَكُفْرَانُ النِّعَمِ سَتْرُهَا وَكَفَرَ الزَّارِعُ الْبَذْرَ سَتَرَهُ فِي الْأَرْضِ وَكَفَّرَ اللَّهُ سَيِّئَاتِ عَبْدِهِ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ مَحَاهَا وَسَتَرَهَا.
وَفِي حَدِيثِ مَاعِزٍ رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم {أَنِكْتَهَا} الْأَلِفُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَالنَّيْكُ صَرِيحٌ فِي بَابِ الْمُجَامَعَةِ وَسَائِرُ الْأَلْفَاظِ كِنَايَةٌ وَصَرْفُهُ نَاكَهَا يَنِيكُهَا نَيْكًا ثُمَّ قَالَ لَهُ {أَكَانَ هَذَا مِنْك فِي هَذَا مِنْهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءِ فِي الْبِئْرِ} الْمُكْحُلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْحَاءِ مَا يُجْعَلُ فِيهِ الْكُحْلُ وَالرِّشَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمَدِّ فِي آخِرِهِ الْحَبْلُ.
وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} أَيْ اضْرِبُوهُمْ عَلَى جُلُودِهِمْ.
وَتَغْرِيبُ الزَّانِي هُوَ نَفْيُهُ وَتَبْعِيدُهُ عَنْ الْبَلْدَةِ وَقَدْ غَرَبَ أَيْ بَعُدَ مِنْ حَدِّ دَخَلَ.
الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ أَيْ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ بِالْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَمْ يُوجَدْ الدُّخُولُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ.
وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ هُوَ الرَّجُلُ الْمُتَزَوِّجُ الدَّاخِلُ بِالْمَرْأَةِ الْمَنْكُوحَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا.
إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا لِهَذَا الرَّجُلِ أَيْ أَجِيرًا لَهُ وَجَمْعُهُ الْعُسَفَاءُ وَإِنِّي افْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ أَيْ أَعْطَيْتُهُ هَذَا الْمَالَ لِيَتْرُكَ ابْنِي فَلَا يَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَرْجُمَهُ.
وَقَوْلُهُ عليه السلام {أَمَّا الشَّاءُ وَالْخَادِمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ} وَالشَّاءُ جَمْعُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ الْجَارِيَةُ وَالرَّدُّ أَرَادَ بِهِ الْمَرْدُودَةَ أَيْ هِيَ مَرْدُودَةٌ عَلَيْكَ مَصْدَرٌ أُرِيدَ بِهِ الْمَفْعُولُ كَمَا يُقَالُ هَذَا الدِّرْهَمُ ضَرْبُ الْأَمِيرِ أَيْ مَضْرُوبُهُ.
وَفِي التَّغْرِيبِ حَدِيثُ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَعُسُّ بِالْمَدِينَةِ أَيْ يَطُوفُ بِاللَّيْلِ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَالنَّعْتُ مِنْهُ الْعَاسُّ وَجَمْعُهُ الْعَسَسُ وَهَذَا مَشْهُورٌ فَسَمِعَ امْرَأَةً ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهِيَ تَقُولُ قَالُوا كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ أُمَّ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ: أَلَا سَبِيلَ إلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا
أَوْ لَا سَبِيلَ إلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ قَالَ الشَّيْخُ الإمام نَجْمُ الْأَئِمَّةِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ يُرْوَى هَذَا بِرِوَايَاتٍ وَالْمَحْفُوظُ الْمُسْنَدُ لَنَا هَذَا وَالْأَلِفُ فِي الْأَوَّلِ لِلِاسْتِفْهَامِ وَسَبِيلَ مَفْتُوحٌ بِلَا التَّبْرِئَةِ وَقَوْلُهَا فَأَشْرَبَهَا مَنْصُوبٌ بِالْفَاءِ فِي جَوَابِ التَّمَنِّي وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الْخَلِيفَةِ أَنَّهُ قَالَ لِلْحَجَّاجِ يَا ابْنَ الْمُتَمَنِّيَةِ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ هَذَا الْبَيْتَ الَّذِي قَالَتْهُ أُمُّهُ فِي تَمَنِّي نَصْرِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه حِينَ سَمِعَ هَذَا الْبَيْتَ مِنْهَا أَمَا مَا كَانَ عُمَرُ حَيًّا فَلَا أَيْ لَا سَبِيلَ لَكِ إلَى خَمْرٍ وَلَا إلَى نَصْرٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا نَصْرَ بْنَ الْحَجَّاجِ فَإِذَا رَجُلٌ جَمِيلٌ وَلَهُ صُدْغَانِ فَاتِنَانِ أَيْ مُوقِعَانِ فِي الْفِتْنَةِ فَقَالَ اُخْرُجْ مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ مَا لِي وَمَا ذَنْبِي وَمَا فَتَقْت فَتْقًا أَيْ مَا نَقَضْتُ نَقْضًا وَمَا أَفْسَدْتُ إفْسَادًا وَهُوَ مِنْ حَدِّ دَخَلَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا تُسَاكِنُنِي أَبَدًا فَخَرَجَ مُتَوَجِّهًا إلَى الْبَصْرَةِ وَلِهَذِهِ الْقِصَّةِ سِيَاقٌ وَفِيهِ أَبْيَاتٌ وَفِيهَا أَلْفَاظٌ يُفْتَقَرُ إلَى كَشْفِهَا وَعِنْدِي نُسْخَتُهُ وَلَا يَحْتَمِلُ هَذَا الْمَوْضِعُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَمَنْ أَحَبَّ اسْتِيعَابَهُ فَلْيَنْسَخْهُ وَلِيَسْأَلْنِي عَنْهُ.
وَرُوِيَ {عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَأَى يَهُودِيَّيْنِ مُحَمَّمَيْ الْوَجْهِ} أَيْ مُسْوَدَّيْ الْوَجْهِ حَمَّمَهُ تَحْمِيمًا أَيْ سَوَّدَهُ تَسْوِيدًا مَأْخُوذٌ مِنْ الْحُمَمَةِ وَهِيَ الْفَحْمُ وَمِنْ الْيَحْمُومِ وَهُوَ الدُّخَانُ الشَّدِيدُ السَّوَادِ وَالْأَحَمُّ الْأَسْوَدُ وَصَرْفُهُ مِنْ حَدِّ عَلِمَ وَقَدْ حَمِمَ رَأْسُهُ لَازِمٌ أَيْ اسْوَدَّ بَعْدَ الْحَلْقِ وَحَمَّمَ الْفَرْخُ كَذَلِكَ إذَا اسْوَدَّ جِلْدُهُ مِنْ الرِّيشِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ دَعَا بِابْنِ صُورِيَا الْأَعْوَرِ فَنَاشَدَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَيْ قَاسَمَهُ وَحَلَّفَهُ.
وَفِي حَدِيثِ رَجْمِ مَاعِزٍ ضَرَبَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَسْكِينِ الْحَاءِ وَهُوَ مَنْبِتُ اللِّحْيَةِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَمِنْ غَيْرِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ.
وَقَوْلُهُ عليه السلام {لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ} هِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ وَعَلَى أَلْسُنِ الطَّلَبَةِ إلَّا بِإِحْدَى مَعَانٍ ثَلَاثٍ هُوَ خَطَأٌ فَإِنَّ الْمَعَانِيَ جَمْعُ مَعْنًى وَهُوَ مُذَكَّرٌ فَيُقَالُ فِيهَا أَحَدُ مَعَانٍ عَلَى التَّذْكِيرِ دُونَ التَّأْنِيثِ وَكَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ يُقَالُ بِالْهَاءِ لِأَنَّ عَدَدَ الذُّكْرَانِ بِالْهَاءِ وَعَدَدَ الْإِنَاثِ بِدُونِ الْهَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} أَيْ مُتَتَابِعَةً وَقِيلَ قَاطِعَةً كُلَّ خَيْرٍ.
شَهِدَا عَلَى زِنَاءَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ فِي هَذَا عَلَى لُغَةِ الْمَدِّ فِيهِ فَإِنَّ الزِّنَاءَ بِالْمَدِّ لُغَةٌ فِي الزِّنَا بِالْقَصْرِ وَعَلَى لُغَةِ الْقَصْرِ يُقَالُ شَهِدَا عَلَى زَنَيَيْنِ كَمَا يُقَالُ فِي تَثْنِيَةِ الرَّحَى رَحَيَيْنِ وَفِي تَثْنِيَةِ الْحَصَى حَصَيَيْنِ وَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه رَابِعُهُمْ زِيَادُ ابْنُ أَبِيهِ هُوَ أَخُو مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهم وَكَانَ ابْنَ أَبِي سُفْيَانَ لَكِنْ لَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فَرُبَّمَا نُسِبَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ وَرُبَّمَا قِيلَ زِيَادُ ابْنُ أَبِيهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ قُمْ يَا سَلْحَ الْغُرَابِ هُوَ خُرْءُ الْغُرَابِ وَقَدْ سَلَحَ مِنْ حَدِّ صَنَعَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ قُمْ يَا خَبِيثُ وَقِيلَ كَانَ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَى السَّوَادِ فَلِذَلِكَ شَبَّهَهُ بِهِ وَقِيلَ وَصَفَهُ بِالشَّجَاعَةِ فَإِنَّ الْغُرَابَ إذَا سَلَحَ عَلَى طَائِرٍ أَحْرَقَ جَنَاحَهُ وَأَعْجَزَهُ فَكَذَلِكَ كَانَ زِيَادٌ فِي مُقَابَلَةِ أَقْرَانِهِ وَهَذَا مَدْحٌ وَالْأَوَّلُ ذَمٌّ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ فِي هَتْكِ سِرِّ صَاحِبِهِ وَتَحْرِيضٌ لَهُ عَلَى إخْفَاءِ أَمْرِهِ فَقَالَ زِيَادٌ وَلَا أَدْرِي مَا قَالُوا وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُمَا يَضْطَرِبَانِ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ أَيْ يَتَحَرَّكَانِ كَاضْطِرَابِ الْأَمْوَاجِ يَضْرِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَدَرَأَ عَنْهُ الْحَدَّ وَضَرَبَ الثَّلَاثَةَ حَدَّ الْقَذْفِ وَلَمْ يَحِدَّ زِيَادًا لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْقَذْفِ.
الْحُبْلَى إذَا زَنَتْ تُتْرَكُ حَتَّى تَلِدَ فَإِنْ كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ رُجِمَتْ لِلْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَوَجِّعَةً لِأَنَّ ذَلِكَ أَوْحَى لَهَا أَيْ أَسْرَعُ وَالْوَحِيُّ السَّرِيعُ عَلَى وَزْنِ الْفَعِيلِ وَإِنْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ تُرِكَتْ إلَى أَنْ تَتَعَالَى عَنْ نِفَاسِهَا أَيْ تَرْتَفِعَ وَيُرَادُ بِهِ تَخْرُجُ مِنْهُ وَيَزُولُ ضَعْفُهَا بِهِ.
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} أَيْ تَنْتَشِرَ وَقَدْ شَاعَ يَشِيعُ شُيُوعًا وَشُيُوعَةً أَيْ انْتَشَرَ وَكَذَلِكَ ذَاعَ يَذِيعُ ذُيُوعًا وَذِيُوعَةً وَإِشَاعَةُ الْفَاحِشَةِ نَشْرُهَا وَكَذَلِكَ إذَاعَتُهَا.
وَإِذَا زَنَى بِكَبِيرَةٍ فَأَفْضَاهَا أَيْ جَعَلَ مَسْلَكَيْهَا وَاحِدًا وَهُمَا مَسْلَكُ الْبَوْلِ وَمَسْلَكُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرْأَةُ الْمُفْضَاةُ هِيَ الَّتِي الْتَقَى مَسْلَكَاهَا بِزَوَالِ الْجِلْدَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْفَضَاءِ وَهِيَ الْمَفَازَةُ الْوَاسِعَةُ.
{وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي مَحَاشِّهِنَّ} أَيْ فِي أَدْبَارِهِنَّ بِالشِّينِ وَالسِّينِ جَمِيعًا جَمْعُ مَحَشَّةٍ وَمَحَسَّةٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمِيمِ عَلَى وَزْنِ مَفْعَلَةٌ وَهِيَ الدُّبُرُ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم {إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا إلَى أَنْ قَالَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ} أَيْ بِحَبْلٍ مَفْتُولٍ مِنْ شَعْرٍ وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَالْقَتِيلِ بِمَعْنَى مَقْتُولٍ وَقَدْ ضَفَّرَ الشَّيْءَ أَيْ فَتَلَهُ عَلَى ثَلَاثِ طَاقَاتٍ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ.
التَّعْزِيرُ لِلتَّثْقِيفِ أَيْ لِلتَّقْوِيمِ وَقَدْ ثَقَّفَ الْقَنَاةَ بِالثِّقَافِ وَهُوَ مَا يُسَوَّى بِهِ الرِّمَاحُ تَثْقِيفًا أَيْ سَوَّاهَا تَسْوِيَةً ضَرَبَهُ ثَلَاثِينَ سَوْطًا كُلُّهَا يَبْضَعُ وَيَحْدُرُ الْبَضْعُ الْقَطْعُ مِنْ حَدِّ صَنَعَ وَالْحَدْرُ التَّوْرِيمُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَقِيلَ الْحَدْرُ الْوَرَمُ وَالْإِحْدَارُ التَّوْرِيمُ وَيُرْوَى اللَّفْظُ مِنْ الْبَابَيْنِ.
الْوَطْءُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ يُؤَدِّي إلَى ازْدِرَاءِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ الِاحْتِقَارِ وَالِاسْتِخْفَافِ وَالدَّالُ أَصْلُهُ تَاءٌ وَتَاءُ الِافْتِعَالِ يَصِيرُ دَالًا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الزَّايِ وَزَرَى عَلَيْهِ يَزْرِي زِرَايَةً أَيْ عَابَهُ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ.
وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ مَاءِ السَّمَاءِ أَوْ قَالَ يَا ; ابْنَ الْمُزَيْقِيَاءِ أَوْ قَالَ يَا ابْنَ جَلَا لَا يُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نِسْبَةً لَهُ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ بَلْ مَدْحٌ لَهُ وَتَشْبِيهٌ بِرِجَالٍ أَشْرَافٍ مِنْ الْعَرَبِ لِأَنَّ مَاءَ السَّمَاءِ لَقَبُ عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنٍ كَانَ يُلَقَّبُ بِهِ لِصَفَائِهِ وَسَخَائِهِ وَالْمُزَيْقِيَاءُ لَقَبُ وَلَدِ عَامِرٍ هَذَا وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَكَانَ ذَا ثَرْوَةٍ وَنَخْوَةٍ وَكَانَ يَلْبَسُ كُلَّ يَوْمٍ ثَوْبًا جَدِيدًا فَاخِرًا فَإِذَا أَمْسَى خَلَعَهُ وَمَزَّقَهُ كَرَاهَةَ أَنْ يَلْبَسَهُ غَيْرُهُ فَيُسَاوِيهِ وَكَانَ يَأْنَفُ أَنْ يَلْبَسَهُ ثَانِيًا فَلَقَبُ مُزَيْقِيَاءَ لِمَزْقِهِ ثِيَابَهُ وَهُوَ الْخَرْقُ وَالشَّقُّ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَابْنُ جَلَا يُقَالُ لِمَنْ لَا تَخْفَى أُمُورُهُ لِشُهْرَتِهِ وَجَلَا فِعْلٌ مَاضٍ يُقَالُ جَلَا السَّيْفَ يَجْلُوهُ جِلَاءً بِالْكَسْرِ وَبِالْمَدِّ أَيْ صَقَلَهُ وَجَلَا الْبَصَرَ بِالْكُحْلِ جَلْوًا أَيْ نَوَّرَهُ وَجَلَا الْأَمْرَ أَيْ كَشَفَهُ وَانْجَلَى وَتَجَلَّى إذَا انْكَشَفَ فَيُرَادُ بِهِ أَنَّهُ ابْنُ الَّذِي جَلَا أَيْ كَشَفَ الْأُمُورَ وَأَوْضَحَهَا أَوْ جَلَا أَمْرَ نَفْسِهِ. وَقَالَ الْحَجَّاجُ عَلَى الْمِنْبَرِ مُتَمَثِّلًا بِهَذَا الْبَيْتِ وَهُوَ لِبَعْضِ الْعَرَبِ: أَنَا ابْنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثَّنَايَا
مَتَى أَضَعْ الْعِمَامَةَ تَعْرِفُونِي
أَيْ أَنَا السَّيِّدُ الظَّاهِرُ الْأَمْرِ صَعَّادُ الْعَقَبَاتِ فَإِنَّ الطَّلَّاعَ هُوَ الْكَثِيرُ الطُّلُوعِ وَهُوَ الْعُلُوُّ وَالصُّعُودُ وَالثَّنَايَا جَمْعُ ثَنِيَّةٍ وَهِيَ الْعَقَبَةُ أَيْ أَنَا مُقْتَحِمٌ فِي الْأُمُورِ الْعِظَامِ مَتَى أَضَعْ عِمَامَتِي عَنْ رَأْسِي عَرَفْتُمُونِي فَلَسْتُ بِمَجْهُولٍ خَامِلٍ.
وَلَوْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا عَجَمِيُّ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا بَلْ هُوَ وَصْفٌ لَهُ بِاللُّكْنَةِ وَهِيَ مَصْدَرُ الْأَلْكَنِ مِنْ حَدِّ عَلِمَ وَهُوَ الْأَعْجَمُ الَّذِي لَا يُفْصِحُ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ يَتَّضِحُ. وَلَوْ قَالَ يَا زَانِئُ بِالْهَمْزَةِ كَانَ قَاذِفًا , فَلَوْ قَالَ : عَنَيْتُ بِهِ يَا صَاعِدُ لَمْ يُصَدَّقْ ; لِأَنَّ ظَاهِرَهُ تَسْمِيَتُهُ زَانِيًا , وَالْعَامَّةُ قَدْ تَهْمِزُ غَيْرَ الْمَهْمُوزِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ زَنَأْتَ فِي الْجَبَلِ وَقَالَ عَنَيْتُ بِهِ الصُّعُودَ صُدِّقَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَمْ يُحَدَّ حَدَّ الْقَذْفِ قَالَ لِأَنَّ الزِّنَا الَّذِي هُوَ الْفُجُورُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ يُقَالُ زَنَى يَزْنِي زِنًا فَأَمَّا زَنَأَ يَزْنَأُ زَنْئًا بِالْهَمْزَةِ مِنْ حَدِّ صَنَعَ فَمَعْنَاهُ صَعِدَ قَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ تُرَقِّصُ صَبِيًّا لَهَا: أَشْبِهْ أَبَا أُمِّكَ أَوْ أَشْبِهْ حَمَلْ
وَلَا تَكُونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ يُصْبِحُ فِي مَضْجَعِهِ قَدْ انْجَدَلْ
وَارْقَ إلَى الْخَيْرَاتِ زَنْئًا فِي الْجَبَلْ تَقُولُ يَا وَلَدُ كُنْ مُشْبِهًا جَدَّكَ أَبَا أُمِّكَ أَوْ كُنْ مُشْبِهًا خَالَكَ وَكَانَ خَالُهُ وَهُوَ أَخُو هَذِهِ الْمَرْأَةِ يُسَمَّى حَمَلًا وَلَا تَكُونَنَّ كَهِلَّوْفٍ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ كَشَيْخٍ كَبِيرٍ هَرَمٍ وَكَلْ أَيْ لَا تَكُنْ كَكَلٍّ أَيْ عِيَالٍ يُصْبِحُ فِي مَضْجَعِهِ أَيْ فِرَاشِهِ الَّذِي اضْطَجَعَ عَلَيْهِ قَدْ انْجَدَلْ أَيْ سَقَطَ وَقَدْ جَدَّلَهُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَلْقَاهُ عَلَى الْجَدَالَةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهِيَ الْأَرْضُ وَارْقَ أَيْ اصْعَدْ وَقَدْ رَقِيَ يَرْقَى رُقِيًّا مِنْ حَدِّ عَلِمَ أَيْ صَعِدَ وَرَقَى يَرْقِي رُقْيَةً مِنْ حَدِّ ضَرَبَ إذَا عَوَّذَ وَقَوْلُهَا إلَى الْخَيْرَاتِ زَنْئًا أَيْ صُعُودًا أَيْ كَصُعُودٍ فِي الْجَبَلِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رحمهما الله لَا يُصَدَّقُ وَيُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَذْفُ بِالزِّنَا وَقَدْ يُهْمَزُ الْمُلَيَّنُ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ الْقَذْفِ بِالْفُجُورِ.
|