الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان **
وكان وأورشت وقد انتقض أهلها نوح بن أسد في خلافة أمير المؤمنين المنتصر بالله رحمه الله. قالوا: وأرسل ملك الجوزجان إلى قتيبة فصالحه على أن يأتيه. فصار إليه ثم رجع فمات ثم غزا قتيبة بيكند سنة سبع وثمانين ومعه نيزك فقطع النهر من زم إلى بيكند وهي أدنى مدائن بخارا إلى النهر. فغدروا واستنصروا السغد فقاتلهم وأغار عليهم وحصرهم. فطلبوا الصلح ففتحها عنوة. وغزا قتيبةتومشكت وكرمينية سنة ثمانٍ وثمانين. واستخلف علي مرو بشار ابن مسلم أخاه فصالحهم وافتتح حصونًا صغارًا. وغزا قتيبة بخارا ففتحها على صلح. وقال أبو عبيده معمر بن المثنى: أتى قتيبة بخارا فاحترسوا منه. فقال: دعوني أدخلها فأصلي بها ركعتين. فأذنوا له في ذلك. فأكمن لهم قومًا فلما دخلوا كاثروا أهل الباب ودخلوا. فأصاب فيها مالًا عظيمًا وغدر بأهلها. قال: وأوقع قتيبة بالسغد وقتل نيزك بطخارستان وصلبه وافتتح كش ونسف وهي نخشب صلحًا. قالوا: وكان ملك خارزم ضعيفًا. وكان أخوه خرزاد قد ضاده وقوى عليه. فبعث ملك خارزم إلى قتيبة: إني أعطيك كذا وكذا وأدفع إليك المفاتيح على أن تملكني على بلادي دون أخي. وخارزم ثلاث مدائن يحاط بها فارقين ومعدنية الفيل أحصنها. فنزل الملك أحصن المدائن وبعث إلى قتيبة بالمال الذي صالحه عليه وبالمفاتيح. فوجه قتيبة أخاه عبد الرحمن بن مسلم إلى خرزاد فقاتله فقتله وظفر بأربعة آلاف أسير فقاتلهم. وملك ملك خارزم الأول على ما شرط له. فقال له أهل مملكته: إنه ضعيف. ووثبوا عليه فقتلوه. فولى قتيبة أخاه عبيد الله ابن مسلم خوارزم. وغزا قتيبة سمرقند وكانت ملوك السند تنزلها قديمًا ثم نزلت اشتخين. فحصر قتيبة أهل سمرقند والتقوا مرارًا فاقتتلوا. وكتب ملك السند إلى ملك الشاش وهو مقيم باطاربند فأتاه في خلق من مقاتليه. فلقيهم المسلمون فاقتتلوا أشد قتال. ثم إن قتيبة أوقع بهم وكسرهم فصالحه غوزك على ألفي ألف ومائتي ألف درهم في كل عام وعلى أن يصلى في المدينة. فدخلها وقد اتخذ له غوزك طعامًا فأكل وصلى واتخذ مسجدًا وخلف بها من المسلمين فيهم الضحاك بن مزاحم صاحب التفسير. ويقال: إنه صالح قتيبة على سبعة مئة ألف درهم وضيافة المسلمين ثلاثة أيام. وكان في صلحه بيوت الأصنام والنيران. فأخرجت الأصنام فسلبت حليها وأحرقت. وكانت الأعاجم تقول: إن فيها أصنامًا من استخف به هلك. فلما حرقها قتيبة بيده أسلم منهم خلق. فقال المختار بن كعب الجعفي في قتيبة: وقال أبو عبيدة وغيره: لما استخلف عمر بن عبد العزيز وفد عليه قوم من أهل سمرقند فرفعوا إليه أن قتيبة دخل مدينتهم وأسكنها المسلمين على غدر. فكتب عمر إلى عامله يأمره أن ينصب لهم قاضيًا ينظر فيما ذكروا. فإن قضى بإخراج المسلمين أخرجوا فنصب لهم جميع بن حاضر التاجي. فحكم بإخراج المسلمين على أن ينابذوهم على سوآء. فكره أهل مدينة سمرقند الحرب وأقروا المسلمين فأقاموا بين أظهرهم. وقال الهيثم بن عدي: حدثني ابن عياش الهمذاني قال: فتح قتيبة عامة الشاش وبلغ أسيجاب. وقيل: كان فتح حصن أسبيجاب قديمًا ثم غلب عليه الترك ومعهم قوم من أهل الشاش ثم فتحه نوح بن أسد في خلافة أمير المؤمنين المعتصم بالله وبنى حوله سورًا يحيط بكروم أهله ومزارعهم. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: فتح قتيبة خارزم وفتح سمرقند عنوة. وقد كان سعيد بن عثمان صالح أهلها ففتحها قتيبة بعده ولم يكونوا نقضوا ولكنه استقل صلحهم. قال: وفتح بيكند وكش ونسف والشاش وغزا فرغانة ففتح بعضها وغزا السند وأشرو سنة. قالوا: وكان قتيبة مستوحشًامن سليمان بن عبد الملك. وذلك أنه سعى في بيعة عبد العزيز بن الوليد فأراد دفعها عن سليمان. فلما مات الوليد وقام سليمان خطب الناس فقال: إنه قد وليكم هبنقة العائشي. وذلك أن سليمان كان يعطي ويصطنع أهل النعم واليسار ويدع من سواهم. وكان هنبقة وهو يزيد بن ثروان يؤثر سمان إبله بالعلف والمرعى ويقول: أنا لا أصلح ما أفسد الله. ودعا الناس إلى خلعه. فلم يجبه أحد إلى ذلك. فشتم بني تميم ونسبهم إلى الغدر وقال: لستم بني تميم ولكنكم من بني ذميم. وذم بني بكر بن وائل وقال: ياإخوة مسيلمة. وذم الأزد فقال: بدلتم الرماح بالمرادي وبالسفن أعنة الحصن. وقال: يا أهل السافلة ولا أقول أهل العالية! لأضعنكم بحيث وضعكم الله. قال: فكتب سليمان إلى قتيبة بالولاية وأمره بإطلاق كل من في حبسه وأن يعطى الناس أعطياتهم ويأذن لمن أراد القفول في القفول. وكانوا متطلعين إلى ذلك. وأمر رسوله بإعلام الناس ما كتب به. فقال قتيبة: هذا من تدبيره علي. وقام فقال: أيها الناس! إن سليمان قدمناكم مخ أعضاد البعوض وإنكم ستدعون إلى بيعة أنور صبي لا تحل ذبيحته. وكانوا حنقين عليه لشتمه إياهم. فاعتذر من ذلك وقال: إني غضبت فلم أدر ما قلت وما أردت لكم إلا الخير فتكلموا وقالوا: إن أذن لنا في القفول كان خيرًا له وإن لم يفعل فلا يلومن إلا نفسه. وبلغه ذلك فخطب الناس فعدد إحسانه إليهم وذم قلة وفائهم له وخلافهم عليه وخوفهم بالأعاجم الذين استظهر بهم عليهم. فأجمعوا على حربه ولم يجيبوه بشيء. وطلبوا إلى الحضين بن المنذر أن يولوه أمرهم فأبى وأشار عليهم بوكيع بن حسان بن قيس بن أبي سود بن كلب بن عوف بن مالك بن غدانة بن يربوع بن حنظلة التميمي وقال: لا يقوى على هذا الأمر غيره لأنه إعرابي جاف تطيعه عشيرته وهو من بني تميم وقد قتل قتيبة بني الأهتم فهم يطلبونه بدمائهم. فسعوا إلى وكيع فأعطاهم يده فبايعوه. وكان السفير بينه وبينهم قبل ذلك حيان مولى مصقلة وبخرا سان يومئذٍ من مقاتلة أهل البصرة أربعون ألفًا ومن أهل الكوفة سبعة آلاف ومن الموالي سبعة آلاف. وإن وكيعًا تمارض ولزم منزله. فكان قتيبة يبعث إليه وقد طلى رجليه وساقه بمغرة فيقول: أنا عليل لا تمكنني الحركة. وكان إذا أرسل إليه قومًا يأتونه به تسللوا وأتوا وكيعًا فأخبروه فدعا وكيعٌ بسلاحه وبرمح وأخذ خمار أم ولده فعقده عليه. ولقيه رجل يقال له إدريس فقال له: يا أبا مطرف! إنك تريد أمرًا وتخاف ما قد أمنك الرجل منه فالله الله. فقال وكيع: هذا إدريس رسول إبليس! أقتيبة يؤمنني والله لا آتيه حتى أوتى برأسه. ودلف نحو فسطاط قتيبة وتلاحق به الناس وقتيبة في أهل بيته وقومٌ وفوا له. فقال صالح أخوه لغلامه: هات قوسي. فقال له بعضهم وهو يهزأ: أنه ليس هذا يوم قوس. ورماه رجلٌ من بني ضبة فأصاب رهابته فصرع وأدخل الفسطاط فقضى وقتيبة عند رأسه. وكان قتيبة يقول لحيان وهو على الأعاجم. احمل. فيقول: لم يأن ذلك بعد. وحملت العجم على العرب. فقال حيان: يا معشر العجم! لم تقتلون أنفسكم لقتيبة ألحسن بلائه عندكم فانحاز بهم إلى بني تميم. وتهايج الناس وصبر مع قتيبة اخوته أهل بيته وقومٌ من أبناء ملوك السغد انفوا من خذلانه. وقطعت إطناب الفسطاط وإطناب الفازة فسقطت على قتيبة أو سقط عمود الفازة على هامته فقتله. فاحتز رأسه عبد الله بن علوان. وقال قومٌ منهم هشام بن الكلبي: بل دخلو عليه فسطاطه فقتله جهم بن زحر الجعفي وضربه سعد بن مجد واحتز رأسه ابن علوان. قالوا: وقتل معه جماعةٌ من أخوته وأهل بيته وأم ولده الصماء. ونجا ضرار بن مسلم أمنه بنو تميم. وأخذت الأزد رأس قتيبة وخاتمه. وأتى وكيع برأس قتيبة فبعث به إلى سليمان مع سليط بن عطية الحنفي. وكتب وكيع إلى أبي مجلز لاحق بن حميد بعهده على مرو فقبله ورضى الناس به. وكان قتيبة يوم قتل ابن خمس وخمسين سنة. ولما قبل وكيع بن أبي سود بصارم بخرا سان وضبطها أراد سليمان توليته إياها فقيل له: إن وكيعًا ترفعه الفتنة وتضعه الجماعة وفيه جفاءٌ وأعرابية. وكان وكيع يدعو بطستٍ فيبول والناس ينظرون إليه. فمكث تسعة أشهر حتى قدم عليه يزيد بن المهلب وكان بالعراق. فكتب إليه سليمان أن يأتي خرا سان وبعث إليه بعهده. فقدم يزيد مخلدًا ابنه فحاسب وكيعًا وحبسه وقال له: أد مال الله. فقال: أوخازًا لله كنت. وغزا مخلد البتم ففتحها. ثم نقضوا بعده فتركهم ومال عنهم فطمعوا في انصرافه ثم كر عليهم حتى دخلها. ودخلها جهم بن زحر وأصاب بها مالًا وأصنامًا من ذهب فأهل البتم ينسبون إلى ولائه. قال أبو عبيده معمر بن المثنى: كانوا يرون أن عبد الله بن عبد الله بن الأهم أبا خاقان قد كتب إلى الحجاج يسعى بقتيبة ويخبر بما صار إليه من المال وهو يومئذ خليفة قتيبة على مرو. وكان قتيبة إذا غزا استخلفه على مرو. فلما كانت غزوة بخارا وما يليها واستخلفه أتاه بشير أحد بني الأهتم فقال له: إنك قد انبسطت إلى عبد الله وهو ذو غوائلٍ حسودٌ فلا نأمنه أن يعزلك قال: إنما قلت هذا حسدًا لابن عمك. قال: فلسكن عذري عندك فإن كان ذلك عرتني. وغزا فكتب بما كتب به إلى الحجاج. فطوى الحجاج كتابه في كتابه إلى قتيبة. فجاء الرسول حتى نزل السكة بمرو وجاوزها ولم يأت عبد الله. فأحس بالشر فهرب فلحق بالشام فمكث زمينًا يبيع الخمر والكتانيات في رزمة على عنقه يطوف بها. ثم إنه وضع خرقةً وقطنة على إحدى عينيه ثم عصبها واكتنى بأبي طينة. وكان يبيع الزيت. فلم يزل على هذه الحال حتى هالك الوليد بن عبد الملك وقام سليمان فألقى عنه ذاك الدنس والخرقة. وقام بخطبة تهنئة لسليمان ووقوعًا في الحجاج وقتيبة. وكانا قد بايعا لعبد العزيز بن الوليد وخلعا سليمان. فتفرق الناس وهم يقولون: أبو طينة الزيات أبلغ الناس. فلما انتهى إلى قتيبة كتاب ابن الأهتم إلى الحجاج وقد فاته عكر علي بني عمه وبنيه. وكان أحدهم شيبة أبو شبيب فقتل تسعة أناسي منهم أحدهم بشير. فقال له بشير: اذكر عذري عندك فقال: قدمت رجلًا وأخرت رجلًا يا عدو الله! فقتلهم جميعًا. وكان وكيع بن أبي سود قبل ذلك على بني تميم بخرا سان. فعزله عنهم قتيبة واستعمل رجلًا من بني ضرار الضبي فقال حين قتلهم: قتلني الله أنا أقتله. وتفقدوه فلم يصل الظهر ولا العصر. وقال أبو عبيده: غزا قتيبة مدينة فبل ففتحها. وقد كان أمية بن عبد الله ابن خالد بن أسيد فتحها. ثم نكثوا ورامهم يزيد بن المهلب فلم يقدر عليها. فقال كعب الأشقري: أعطيتك فيلٌ بأيديها وحق لها ورامها قبلك الفجفاجة الصلف يعني يزيد بن المهلب قالوا: ولما استخلف عمر بن عبد العزيز كتب إلى ملوك ما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام. فأسلم بعضهم وكان عامل عمر على خرا سان الجراح بن عبد الله الحكمي. فأخذ مخلد بن يزيد وعمال يزيد فحبسهم. ووجه الجراح عبد الله بن معمر اليشكرى إلى ما وراء النهر فأوغل في بلاد العدو وهم بدخول الصين فأحاطت به الترك حتى افتدى منهم وتخلص وصار إلى الشاش. ورفع عمر الخراج على من أسلم بخرا سان وفرض لمن أسلم وابتنى الخانات. ثم بلغ عمر عن الجراح عصبية وكتب إليه إنه لا يصلح أهل خرا سان إلا السيف. فأنكر ذلك وعزله. وكان عليه دين فقضاه. وولى عبد الرحمن بن نعيم الغامدي حرب خرا سان وعبد الرحمن بن عبد الله القشيري خراجها. قال: وكان الجراح بن عبد الله يتخذ نقرًا من فضةٍ وذهب ويصيرها تحت بساطٍ في مجلسه على أوزانٍ مختلفة. فإذا دخل عليه الداخل من أخوته والمعتزين به رمى إلى كل امرئ منهم مقدار ما يؤهل له. ثم ولى يزيد بن عبد الملك فولى مسلمة بن عبد الملك العراق وخرا سان. فولى مسلمة سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاس بن أمية خرا سان وسعيدٌ هذا يلقب حذيفة. وذلك أن بعض دها قين ما وراء النهر دخل عليه وعليه معصفرٌ وقد رجل شعره. فقال: هذا خذينة. يهني دهقانة. وكان سعيدٌ صهر مسلمة على ابنته. فقدم سعيدٌ سورة بن الحر الحنظلي ثم ابنه فتوجه إلى ما وراء النهر فنزل اشتيخن وقد صارت الترك إليها. فحاربهم وهزمهم ومنع الناس من طلبهم حينًا. ثم لقي الترك ثانيةً فهزموهم وأكثروا القتل في أصحابه. وولى سعيد نصر ابن سيار. وفي سعيد يقول الشاعر: فسرت إلى الأعداء تلهو بلعبةٍ فأيرك مشهورٌ وسيفك مغمد وشخص قومٌ من وجوه أهل خرا سان إلى مسلمة يشكون سعيدًا فعزله. وولى سعيد بن عمرو الجرشي خرا سان. فلما قدمها أمر كاتبه بقراءة عهده وكان لحانًا. فقال سعيدٌ: أيها الناس! إن الأمير بريءٌ مما تسمعون من هذا اللحن. ووجه إلى السغد يدعوهم إلى الفئة والمراجعة وكف عن مهايجتهم حتى أتته رسله بإقامتهم على خلافة. فزحف إليهم فانقطع عن عظيمهم زهاء عشرة آلاف رجل وفارقوهم مائلين إلى الطاعة وافتتح الجرش عامة حصون السغد ونال من العدو نيلا شافيا. وكان يزيد بن عبد الملك ولى عهده هشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد بعده فلما مات يزيد بن عبد الملك قام هشام. فولى عمر ابن هبيرة الفزاري العراق فعزل الجرشي واستعمل على خرا سان مسلم بن سعيد. فغزا أفشين فصالحه على ستة آلاف رأس ودفع إليه قلعته ثم انصرف إلى مرو. وولى طخارستان نصر بن سيار فخالفه خلقٌ من العرب فأوقع بهم ثم سفرت بينهم السفراء فاصطلحوا. واستعمل هشام خالد بن عبد الله القسري على العراق. فولى أسد بن عبد الله أخاه خرا سان. وبلغ ذلك مسلم بن سعيد فسار حتى أتى فرغانة فأناخ على مدينتها فقطع الشجر وأخرب العمارة وانحدر عليه خاقان الترك في عسكره فارتحل عن فرغانة وسار في يوم واحد ثلاث مراحل حتى ماتت دوابه وتطرفت الترك عسكره. فقال بعض الشعراء: غزوت بنا من خشية العزل عاصيًا فلم تنج من دنيا معنٍ غرورها وقدم أسد سمرقند. فاستعمل عليها الحسن بن أبي العمرطة. فكانت الترك تطرق سمرقند وتغير. وكان الحسن ينفر كلما أغاروا فلا يلحقهم. فخطب ذات يوم فدعا على الترك في خطبته فقال: اللهم اقطع آثارهم وعجل أقدارهم وأنزل عليهم الصبر. فشتمه أهل سمرقند وقالوا: لا بل أنزل الله علينا الصبر وزلزل أقدامهم. وغزا أسد جبال نمرود. فصالحه نمرود وأسلم. وغزا الختل فلما قدم بلخ أمر ببناء مدينتها ونقل الدواوين إليها. وصار إلى الختل فلم يقدر منها على شيء. وأصاب الناس ضرٌ وجوعٌ. وبلغه عن نصر بن سيار كلامٌ فضربه وبعث به إلى خالد مع ثلاثة نفر اتهموا بالشغب. ثم شخص أسد عن خرا سان وخلف عليها الحكم بن عوانة الكلبي. واستعمل هشام أشري بن عبد الله السلمي على خرا سان. وكان معه كاتب نبطي يسمى عميرة ويكنى أبا أمية. فزين له الشر. فزاد أشرس في وظائف خرا سان واستخف بالدهاقين ودعا ما وراء النهر إلى الإسلام وأمر بطرح الجزية عن من أسلم. فسارعوا إلى الإسلام وانكسر الخراج. فلما رأى أشرس ذلك أخذ المسالمة. فأنكروا ذلك وألاحوا منه. وغضب لهم ثابت قطنة الأزدى. وإنما قيل له قطنة لأن عينه فقئت فكان يضع عليها قطنة. فبعث إليهم أشري من فرق جمعهم. وأخذ ثابتًا فحبسه ثم خلاه بكفالة ووجهه في وجهً فخرجت عليه الترك واستعمل هشام في سنة 112 الجنيد بن عبد الرحمن المري على خرا سان. فلقى الترك فحاربهم ووجه طلائع له فظفروا بابن خاقان وهو سكران يتصيد. فأخذوه فأتوا به الجند بن بعد الرحمن. فبعث به إلى هشام يستمده فأمده بعمرو بن مسلم في عشرة آلاف رجل من أهل البصرة وبعبد الرحمن بن نعيم في عشرة آلاف من أهل الكوفة وحمل إليه ثلاثين ألف قناة وثلاثين ألف ترس. وأطلق يده في الفريضة ففرض لخمسة عشر ألف رجل. وكانت للجنيد مغازٍ وانتشرت دعاة بني هاشم في ولايته وقوى أمرهم. وكانت وفاة الجنيد بمرو. وولى هشام خرا سان عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي. وقال أبو عبيده معمر بن المثنى: التاثب نواحٍ من طخارستان فتحها الجنيد ابن عبد الرحمن وردها إلى صلحها ومقاطعتها. قال: وكان نصر بن سيار غزا اشروسنة أيام مروان بن محمد فلم يقدر على شيْ منها. فلما استخلف أمير المؤمنين العباس رحمه الله ومن بعده من الخلفاء كانوا يولون عمالهم فينقصون حدود أرض العدو وأطرافها ويحاربون من نكث البيعة ونقض العهد من أهل القبلة ويعيدون مصالحة من امتنع من الوفاء بصلحه بنصب الحرب له. قالوا: ولما استخلف المأمون أمير المؤمنين أغزى السغد وأشروسنة ومن انتقض عليه من أهل فرغانة الجند وألح عليهم بالحروب وبالغارات أيام مقامه بخرا سان وبعد ذلك. وكان مع تسريبه الخيول إليهم يكاتبهم بالدعاء إلى الإسلام والطاعة والترغيب فيهما. ووجه إلى كابل شاه جيشًا فأدت الإتاوة وأذعن بالطاعة. واتصل إليها البريد حتى حمل إليه منها أهليلج وصل رطبًا. وكان كاوس ملك اشروسنة كتب إلى الفضل بن سهل المعروف بذى الرياستين وهو وزير المأمون وكاتبه يسأله الصلح على مالٍ يؤديه على أن لا يغزى المسلمين بلده. فأجيب إلى ذلك. فلما قدم المأمون رحمه الله إلى مدينة السلام امتنع كاوس من الوفاء بالصلح. وكان له قهرمان أثيرٌ عنده قد زوج ابنته من الفضل بن كاوس. فكان يقرظ الفضل عنده ويقربه من قلبه ويذم حيدر بن كاوس المعروف بالأفشين ويشنعه. فوثب حيدر على القهرمان فقتله على باب كنب مدينتهم وهرب إلى هاشم بن محور الختلي. وكان هاشم ببلده مملكا عليه. فسأله أن يكتب إلى أبيه في الرضى عليه. وكان كاوس قد زوج أم جنيد حين قتل قهرمانه طراديس وهرب ببعض دهاقينه. فلما بلغ حيدر ذلك أظهر الإسلام وشخص إلى مدينة إسلام فوصف للمأمون سهولة الأمر في أشروسنة وهون عليه ما يهوله الناس من خبرها ووصف له طريقًا مختصرة إليها. فوجه المأمون أحمد بن أبي خالد الأحول الكاتب لغزوها في جيشٍ عظيمٍ. فلما بلغ كاوس إقباله نحوه بعث الفضل ابن كاوس إلى الترك يستنجد هم فأنجد منهم الدهم. وقدم أحمد ابن أبي خالد بلد أشر وسنة فأناخ على مدينتها قبل موافاة الفضل بالأتراك. فكان تقدير كاوس فيه أن يسلك الطريق البعيدة وأنه لا يعرف هذه الطريق المختصرة فسقط في يده ونخب قلبه فاستسلم وخرج في الطاعة. وبلغ الفضل خبره فانحاز بالأتراك إلى مفازة هناك ثم فارقهم وسار جادًا حتى أتى أباه فدخل في أمانة. وهلك الأتراك عطشًا. وورد كاوس مدينة السلام فأظهر الإسلام وملكه المأمون على بلاده. ثم ملك ابنه وهو الأفشين بعده. وكان المأمون رحمه الله يكتب إلى عماله على خرا سان في غزو من لم يكن على الطاعة والإسلام من أهل ما وراء النهر ويوجه رسله فيفرضون لمن رغب في الديوان وأراد الفريضة من أهل تلك النواحي وأبناء ملوكهم ويستميلهم بالرغبة فإذا وردوا بابه شرفهم وأسنى صلاتهم وأرزاقهم. ثم استخلف المعتصم بالله فكان على مثل ذلك حتى صار جل شهود عسكره من جند أهل ما وراء النهر من السغد والفراغنة والأشر وسنة وأهل الشاش وغيرهم. وحضر ملوكهم بابه وغلب الإسلام على من هناك وصار أهل تلك البلاد يغزون من وراءهم من الترك. وأغزى وحدثني العمري عن الهيثم بن عدي عن ابن عياش أن قتيبة أسكن العرب ما وراء النهر حتى أسكنهم أرض فرغانة والشاش. فتوح السند أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف قال: ولى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عثمان بن أبي العاص الثقفي البحرين وعمان سنة خمس عشرة. فوجه أخاه الحكم إلى البحرين ومضى إلى عمان فأقطع جيشًا إلى تانه. فلما رجع الجيش كتب إلى عمر يعلمه ذلك. فكتب إليه عمر: يا أخا ثقيف! حملت دودًا على عود. وإني أحلف بالله إلو أصيبوا لأخذت من قومك مثلهم. ووجه الحكم أيضًا إلى بروص. ووجه أخاه المغيرة بن أبي العاص إلى خور الديبل فلقى العدو فظفر. فلما ولى عثمان بن عفان رضي الله عنه وولى عبد الله بن عامر بن كريز العراق كتب إليه يأمره أن يوجه إلى ثغر الهند من يعلم علمه وينصرف إليه بخبره. فوجه حكيم بن جبلة العبدي. فلما رجع أوفده إلى عثمان فسأله عن حال البلاد فقال: يا أمير المؤمنين! قد عرفتها وتنحرتها. قال: ماؤها وشل وثمرها دقل ولصها بطل. إن قل الجيش فيها ضاعوا وإن كثروا جاعوا. فقال له عثمان: أخابر أم ساجع قال: بل خابر. فلم يغزها أحدًا. فلما كان آخر سنة ثمان وثلاثين وأول سنة تسع وثلاثين في خلافة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه توجه إلى ذلك الثغر الحارث بن مرة العبدي متطوعًا بإذن علي. فظفر وأصاب مغنمًا وسبيًا وقسم في يوم واحد ألف رأس. ثم إنه قتل ومن معه بأرض القيقان إلا قليلًا. وكان مقتله في سنة اثنتين وأربعين. والقيقان من بلاد السند مما يلي خرا سان. ثم غزا ذلك الثغر المهلب بن أبي صفرة في أيام معاوية أربع وأربعين. فأتى بنة وألاهور وهما بين الملتان وكابل. فلقيه العدو فقاتله ومن معه. ولقى المهلب ببلاد القيقان ثمانية عشر فارسًا من الترك على خيل محذوفة فقاتلوه فقتلوا جميعًا فقال المهلب: ما جعل هؤلاء الأعاجم أولى بالتمشير منا فحذف الخيل فكان أول من حذفها من المسلمين. وفي بنة يقول الأزدى: ألم تر أن الأزد ليلة بيتوا ببنة كانوا خير جيش المهلب ثم ولى عبد الله بن عامر في زمن معاوية بن أبي سفيان عبد الله بن سوار العبدي. ويقال ولاه معاوية من قبله ثغر الهند. فغزا القيقان فأصاب مغنمًا. ثم وفد إلى معاوية وأهدى إليه خيلًا قيقانية وأقام عنده ثم رجع إلى القيقان فاستجاشوا الترك. فقتلوه وفيه يقول الشاعر: وابن سوارٍ على علاته موقد النار وقتال السغب وكان سخيًا لم يوقد أحدٌ نارًا غير ناره في عسكره. فرأى ذات ليلة نارًا فقال: ما هذه فقالوا: امرأة نفساء يعمل لها خبيص. فأمره أن يطعم الناس الخبيص ثلاثًا. وولى زياد بن أبي سفيان في أيام معاوية سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي. وكان فاضلا متألهًا. وهو أول من أحلف الجند بالطلاق. فأتى الثغر ففتح مكران عنوةً ومصّرها وأقام بها وضبط البل. وفيه يقول الشاعر: رأيت هذيلًا أحدثت في يمينها طلاق نساء ما تسوق لها مهرها لهان على حلفة ابن محبق إذا رفعت أعناقها حلقًا صفرا وقال بن الكلبي: كان الذي فتح مكران حكيم بن جبلة العبدى. ثم استعمل زيادٌ على الثغر راشد بن عمر الجديدى من الأزد. فأتى مكران ثم غزا القيقان فظفر ثم غزا الميد فقتل. وقام بأمر الناس سنان بن سلمى. فولاه زيادٌ الثغر. فأقام به وقال أعشى همدان في مكران: وأنت تسير إلى مكران فقد شحط الورد والمصدر ولم تك من حاجاتي مكران ولا الغزوة فيها ولا المتجر وحدثت عنها ولم آتها فما زلت من ذكرها أوجر بأن الكثير بها جائعٌ وأن القليل بها معور وغزا عبادة بن زيّاد ثغر الهند من سجستان. فأتى سناروذ. ثم أخذى على حوّى كهز إلى الروذبار من أرض سجستان إلى الهند مند. فنزل كش وقطع المفازة حتى أتى القندهار فقاتل أهلها فهزمهم وفلهم وفتحها بعد أن أصيب رجالٌ من المسلمين. ورأى قلانس أهلها طوالًا. فعمل عليها. فسميت العبادية. وقال ابن مفرغ: كم بالجروم وأرض الهند من قدمٍ ومن سرابيل قتلى لا هم قبروا بقندهار ومن تكتب منيته بقندهار يرجم دونه الخبر ثم ولى زياد المنذر بن الجارود العبدي ويكنى أبا الأشعث ثغر الهند. فغزا البوقان والقيقان. فظفر المسلمون وغنموا. وبث السرايا في بلادهم وفتح قصدار وسبابها. وكان سنان قد حل بقصدار فأضحى لها في القبر لم يقفل مع القافلين لله قصدار وأعنابها أي فتى دنيا أجنت ودين ثم ولى عبيد الله بن زياد بن حري الباهلي. ففتح الله تلك البلاد على يده. وقاتل بها قتالًا شديدًا فظفر وغنم. وقال قوم إن عبيد الله بن زياد ولى سنان بن سلمة. وكان حري على سراياه. وفي حري بن حري يقول الشاعر: لولا طعاني بالبوقان ما رجعت منه سرايا ابن حري بأسلاب وأهل البوقان اليوم مسلمون. وقد بنى عمران بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي بها مدينة سماها البيضاء وذلك في خلافة المعتصم بالله. ولما ولى الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي العراق ولى سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي مكران وذلك الثغر. فخرج عليه معاوية ومحمد ابنا الحارث العلافيان فقتل. وغلب العلافيان على الثغر. واسم علاف هو ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وهو أبو جرم. فولى الحجاج مجاعة بن سعر التميمي ذلك الثغر. فغزا مجاعة فغنم وفتح طوائف من قندابيل. ما من مشاهدك التي شاهدتها إلا يزينك ذكرها مجاعا ثم استعمل الحجاج بعد مجاعة محمد بن هارون بن ذراع النمري. فأهدى إلى الحجاج في ولايته ملك جزيرة الياقوت نسوةً ولدن في بلاده مسلمات ومات آباؤهن وكانوا تجارًا. فأراد التقرب بهن فعرض للسفينة التي كن فيها قومٌ من ميد الديبل في بوارج. فأخذوا السفينة بما فيها. فنادت امرأة منهن وكانت من بني يربوع يا حجاج! وبلغ الحجاج ذلك. فقال: يالبيك! فأرسل إلى داهر يسأله تخليه النسوة. فقال: إنما أخذهن لصوصٌ لا أقدر عليهم. فأغزى الحجاج عبيد الله نبهان الديبل فقتل. فكتب إلى بديل بن طهفة البجلي وهو بعمان يأمره أن يسير إلى الديبل. فلما لقيهم نفر به فرسه فأطاف به العدو فقتلوه. وقال بعضهم: قتله رط البدهة. قال: وإنما سميت هذه الجزيرة جزيرة الياقوت لحسن وجوه نسائها. ثم ولى الحجاج محمد بن القاسم بن محمد بفارس وقد أمره أن يسير إلى الري وعلى مقدمته أبو الأسود جهم بن زحر الجعفي. فرده إليه وعقد له على ثغر السند وضم إليه ستة آلاف من جند أهل الشام وخلقًا من غيرهم وجهزه بكل ما احتاج إليه حتى الخيوط والمسال وأمره أن يقيم بشيراز حتى يتتام إليه أصحابه ويوافيه ما أعد له. وعمد الحجاج إلى القطن المحلوج فنقع في الخل الخمر الحاذق ثم جفف في الظل. فقال: إذا صرتم إلى السند فإن الخل بها ضيق فانقعوا ويقال إن محمدًا لما صار إلى الثغر كتب يشكو ضيق الخل عليهم. فبعث إليه بالقطن المنقوع في الخل. فسار محمد بن القسم إلى مكران فأقام بها أيامًا ثم أتى قنزبور ففتحها ثم أتى أرمائيل. وكان محمد بن هارون بن ذراع قد لفيه فانضم إليه وسار معه فتوقى بالقرب منها فدفن بقنبل. ثم سار محمد بن القاسم من ارمائيل ومعه جهم بن زحر الجعفي فقدم الديبل يوم جمعة ووافته سفنٌ كان حمل فيها الرجال والسلاح والأداة. فخندق حين نزل الديبل وركزت الرماح على الخندق ونشرت الأعلام وأنزل الناس على راياتهم ونصب منجنيقا تعرف بالعروس كان يمد فيها خمس مئة رجل. وكان بالديبل بدٌ عظيم عليه دقلٌ طويلٌ وعلى الدقل رايةٌ حمراء إذا هبت الريح أطافت بالمدينة. وكانت تدور. والبد فيما ذكروا منارة عظيمة يتخذ في بناء لهم فيه صنم لهم أو أصنام يشهر بها. وقد يكون الصنم في داخل المنارة أيضا. وكل شيء أعظموه من طريق العبادة فهو عندهم بد. والصنم بدٌ أيضا. وكانت كتب الحجاج ترد على محمد وكتب محمد ترد عليه بصفة ما قبله واستطلاع رأيه فيما يعمل به في كل ثلاثة أيام. فورد على محمد من الحجاج كتاب ان انصب العروس واقصر منها قائمة ولتكن مما يلي المشرق ثم ادع صاحبها فمره أن يقصد برميته للدقل الذي وصفت لي. فرمى الدقل فكسر فاشتدت طيرة الكفر من ذلك. ثم إن محمدًا ناهضهم وقد خرجوا إليه فهزمهم حتى ردهم وأمر بالسلاليم فوضعت وصعد عليها الرجال. وكان أولهم صعودًا رجلٌ من مراد من أهل الكوفة. ففتحت عنوةً. ومكث محمد يقتل من فيها ثلاثة أيام وهرب عامل داهر عنها وقتل سادنا بيت آلهتهم. واختط محمد للمسلمين بها وبنى مسجدًا وأنزلها أربعة آلاف. قال أحمد بن يحيى: فحدثني منصور بن حاتم النحوي مولى آل خالد بن أسيد أنه رأى الدقل الذي كان على منارة البد مكسورًا وأن عنبسة ابن إسحاق الضبي العامل كان على السند في خلافة المعتصم بالله رحمه الله هدم أعلى تلك المنارة وجعل فيها سجنًا وابتدأ فر مرمة المدينة بما نقض من حجارة تلك المنارة. فعزل قبل استتمام ذلك. وولى بعده هارون بن أبي خالد المروروذي فقتل بها. قالوا: وأتي محمد بن القاسم البيرون. وكان أهلها بعثوا سمنيين منهم إلى الحجاج فصالحوه. فأقاموا لمحمد العلوفة وأدخلوه مدينتهم ووفوا بالصلح. وجعل محمد لا يمر بمدينة إلا فتحها حتى عبر نهرًا دون مهران. فأتاه سمنية سريبدس فصالحوه عن من خلفهم ووظف عليهم ثم سار إلى مهران فنزل في وسطه فبلغ ذلك داهر واستعد لمحاربته. وبعث محمد بن القاسم محمد بن مصعب بن عبد الرحمن الثقفي إلى سدوسان في خيل وحماراتٍ فطلب أهلها الأمان والصلح وسفر بينه وبينهم السمنية فأمنهم ووظف عليهم خرجًا وأخذ منهم رهنًا وانصرف إلى محمد ومعه من الزط أربعة آلاف فصاروا مع محمد. وولى سدوسان رجلًا. ثم إن محمدًا احتال لعبور مهران حتى عبره مما يلي بلاد راسل ملك قصة من الهند على جسر عقده. وداهر مستخفٌ به لاهٍ عنهٍ. ولقيه محمد والمسلمون وهو على فيلٍ وحوله الفيلة وممه التكاكرة. فاقتتلوا قتالًا شديدًا لم يسمع بمثله وترجل داهر وقائل فقتل عند المساء وانهزم المشركون فقتلهم المسلمون كيف شاؤا. وكان الذي قتله في رواية المدائني من بني كلاب وقال: الخيل تشهد يوم داهر والقنا ومحمد بن القاسم بن محمد أني فرجت الجمع غير معردٍ حتى علوت عظيمهم بمهند فتركته تحت العجاج مجدلا متعفر الخدين غير مؤسد فحدثني منصور بن حاتم قال: داهر والذي قتله مصوران ببروص. وبديل بن طهفة مصور بقند وقبره بالديبل. وحدثني علي بن محمد المدائني عن أبي محمد الهندي عن أبي الفرج قال: لما قتل داهر غلب محمد بن القاسم على بلاد السند. وقال ابن الكلبي: كان الذي قتل داهر القاسم بن ثعلبة بن عبد الله بن حصن الطائي. قالوا: وفتح محمد بن القاسم راور عنوةً. وكانت بها امرأة لداهر فخافت أن تؤخذ فأحرقت نفسها وجواريها وجميع مالها. ثم أتى بن القاسم برهمناباذ العتيقة وهي على رأس فرسخين من المنصورة ولم تكن المنصورة يومئذ لأتما كان موضعها غيضة. وكان فل داهر ببرهمناباذ هذه فقاتلوه ففتحها محمد عنوة وقتل بها ثمانية آلاف وقبل ستة وعشرين ألفًا وخلف فيها عامله وهي اليوم خراب. وسار محمد يريد الرور وبغرور فتلقاه أهل ساوندرى فسألوه الأمان إياه واشترط عليهم ضيافة المسلمين ودلالتهم وأهل ساوندري اليوم مسلمون. ثم تقدم إلى بسمد فصالح أهلها على مثل صلح ساوندرى. وانتهى محمد إلى الرور وهي من مدائن السند وهي على جبل. فحصرهم أشهرًا ففتحها صلحًا على أن لا يقتلهم ولا يعرض لبدهم وقال: ما البد إلا ككنائس النصارى واليهود وبيوت نيران المجوس. ووضع عليهم الخراج بالرور. وبنى مسجدًا. وسار محمد إلى السكة وهي مدينة دون بياس ففتحها. والسكة اليوم خراب. ثم قطع نهر بياس إلى الملتان. فقاتله أهل الملتان فأبلى زائدة بن عمير الطائي وانهزم المشركون فدخلوا المدينة وحصرهم محمد ونفدت أزواد منه شربهم وهو ماءٌ يجري من نهر بسمد فيصير في مجتمع له مثل البركة في المدينة وهم يسمونه البلاح. فغوره فلما عطشوا نزلوا على الحكم فقتل محمد المقاتلة وسبى الذرية وسبى سدنة البد وهم ستة آلاف. وأصابوا ذهبًا كثيرًا. فجمعت تلك الأموال في بين يكون عشرة أذرع في ثماني أذرع يلقى ما أودعه في كوة مفتوحة فس سطحه. فسميت الملمتان فرج بيت الذهب. والفرج الثغر. وكان بد الملتان بدًا تهدى إليه الأموال وتنذر له النذور ويحج إليه السنج فيطوفون به ويلحقون رؤسهم ولحاهم عنده ويزعمون أن صنما فيه هو أيوب النبي صلي الله عليه وسلم. قالوا: ونظر الحجاج فإذا هو قد أنفق على محمد بن القاسم ستين ألف ألف ووجد ما حمل إليه عشرين ومائة ألف ألف. فقال: شفينا غيظنا وأدركنا ثأرنا وازددنا ستين ألف ألف درهم ورأس داهر. ومات الحجاج فأتت محمدًا وفاته فرجع عن الملتان إلى الرور وبغرور وكان قد فتحها فأعطى الناس ووجه إلى البيلمان جيشًا فلم يقاتلوا وأعطوا الطاعة. وسالمه أهل سرست وهي مغزى أهل البصرة اليوم وأهلها الميد الذي يقطعون في البحر. ثم أتى محمد الكيرج فخرج إليه دوهر فقاتله فانهزم العدو وهرب دوهر ويقال قتل. ونزل أهل المدينة على حكم محمد فقتل وسبى. قال الشاعر: نحن قتلنا داهرًا ودوهرا والخيل تردى منسرًا فمنسرا ومات الوليد بن عبد الملك وولى سليمان بن عبد الملك. فاستعمل صالح ابن عبد الرحمن على خراج العراق وولى يزيد بن أبي كبشة السكسكي السند فحمل محمد بن القاسم مقيدًا مع معاوية بن المهلب. فقال محمد متمثلا: أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهةٍ وسداد ثغر فبكى أهل الهند على محمد وصوروه بالكيرج. فحبسه صالح بواسط فقال: فلئن ثويت بواسطٍ وبأرضها رهن الحديد مكبلًا مغلولا فلرب فتية فارسٍ قد رعتها ولرب قرنٍ قد تركت قتيلا وقال: لو كنت أجمعت القرار لوطئت إناثٌ أعدت للوغى وذكور وما دخلت خيل السكاسك أرضنا ولا كان من عكٍ على أمير ولا كنت للعبد المزوني تابعًا فيا لك دهرٌ بالكرام عثور وكان الحجاج قتل آدم أخا صالح وكان يرى رأي الخوارج. وقال حمزة بن بيض الحنفي: إن المروة والسماحة والندى لمحمد بن القاسم بن محمد ساس الجيوش لسبع عشرة حجة يا قرب ذلك سؤددًا من مولد وقال آخر: ساس الرجال لسبع عشرة حجة ولداته عن ذاك في أشغال ومات يزيد بن أبي كبشة بعد قدومه أرض السند بمثانية عشر يومًا. واستعمل سليمان بن عبد الملك حبيب بن المهلب على حرب السند. فقدمها وقد رجع ملوك الهند إلى ممالكهم. فرجع حليشه كذا بن داهر إلى برهمناباذ ونزل حبيب على شاطئ مهران فأعطاه أهل الرور الطاعة. وحارب قومًا فظفر بهم. ثم مات سليمان بن عبد الملك وكانت خلافة عمر بن عبد العزيز بعده. فكتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام والطاعة على أن يملكهم ولهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم. وقد كانت بلغتهم سيرته ومذهبه فأسلم حليشه والملوك وتسموا بأسماء العرب. ومكان عمرو بن مسلم الباهلي عامل عمر على ذلك الثغر فغزا بعض الهند فظفر. وهرب بنو المهلب إلى السند في أيام يزيد بن عبد الملك. فوجه إليهم هلال بن أحوز التميمي فلقيهم فقتل مدرك بن المهلب بقندابيل. وقتل المفضل وعبد الملك وزياد ومران ومعاوية بني المهلب وقتل معاوية بن يزيد في آخرين. وولى الجنيد بن عبد الرحمن المري من قبل عمر بن هبيرة الفزاري ثغر السند ثم ولاه إياه هشام بن عبد الملك. فلما قدم خالد بن عبد الله القسري العراق كتب هشام إلى الجنيد يأمره بمكاتبته. فأتى الجنيد الديبل ثم نزل شط مهران فمنعه حليشة العبور وأرسل إليه: إني قد أسلمت وولاني الرجل الصالح بلادي ولست آمنك. فأعطاه رهنًا وأخذ منه رهنًا بما على بلاده من الخراج. ثم انهما ترادا الرهن وكفر حليشة وحارب. وقيل إنه لم يحارب ولكن الجنيد تجنى عليه. فأتى الهند فجمع جموعًا وأخذ السفن واستعد للحرب. فسار إليه الجنيد في السفن فالتقوا في بطيحة الشرقي فأخذ حليشه أسيرًا وقد جنحت سفينته. فقتله. وهرب صصه بن داهر وهو يريد أن يمضي إلى العراق فيشكو غدر الجنيد فلم يزل الجنيد يؤنسه حتى وضع يده فقتله. وغزا الجنيد الكيرج وكانوا قد نقضوا. فاتخذ كباشًا نطاحة فصك بها حائط المدينة حتى ثلمه ودخلها عنوة فقتل وسبى وغنم. ووجه العمال إلى مرمد والمندل ودهنج وبروص. وكان الجنيد يقول: القتل في الجزع أكبر منه في الصبر. ووجه الجنيد جيشًا إلى أزين. ووجه حبيب بن مرة في جيش إلى أرض المالية. فأغاروا على أزين وغزوا بهرمد فحرقوا ربضها. وفتح الجنيد البيلمان والجزر وحصل في منزله سوى ما أعطى زواره أربعين ألف ألف وحمل مثلها. قال جرير: أصبح زوار الجنيد وصحبه يحيون صلت الوجه جما مواهبه وقال أبو الجويرية: لو كان يقعد فوق الشمس من كرم قومٌ بإحسانهم أو مجدهم قعدوا مجسدون على ما كان من كرم لا ينزع الله منهم ماله حسدوا ثم ولى بعد الجنيد تميم بن زيد العتبي. فضعف ووهن ومات قريبًا من الديبل بماء يقال له ماء وكان تميم من اسخياء العرب. وجد في بيت المال بالسند ثمانية عشر ألف ألف درهم طاطارية فأسرع فيها. وكان قد شخص معه في الجند فتى من بني يربوع يقال له خنيس وأمه من طيء إلى الهند فأتت الفرزدق فسألته أن يكتب إلى تميم في إقفاله وعاذت بقبر غالب أبيه. فكتب الفرزدق إلى تميم: أتتني فعادت يا تميم بغالبٍ وبالحفرة السافي عليها ترابها فهب لي خنيسًا واتخذ فيه منةً لحوبة أمٍ ما يسوغ شرابها تميم بن زيد لا تكونن حاجتي بظهرٍ ولا يجفى عليك جوابها فلا تكثر الترداد فيها فإنني ملولٌ لحاجات بطي طلابها فلم يدر ما اسم الفتى أهو حبيش أم خنيس فأمر أن يقفل كل من كان اسمه على مثل هذه الحروف. وفي أيام تميم خرج المسلمون عن بلاد الهند ورفضوا مراكزهم فلم يعودوا إليها إلى هذه الغاية. ثم ولى الحكم بن عوانة الكلبي وقد كفر أهل الهند إلا أهل قصة. فلم ير للمسلمين ملجأ يلجؤن إليه فبنى من وراء البحيرة مما بلى الهند مدينة سماها المحفوظة وجعلها مأوى لهم ومعاذًا ومصرها. وقال لمشايخ كلب من أهل الشام: ما ترون أن نسميها فقال بعضهم: دمشق. وقال بعضهم: حمص. وقال رجل منهم: سمها تدمر فقال: دمر الله عليك يا أحمق! ولكني أسميها المحفوظة. ونزلها. وكان عمرو بن محمد بمن القاسم مع الحكم وكان يفوض إليه ويقلده جسيم أموره وأعماله. فأغزاه من المحفوظة. فلما قدم عليه وقد ظفر أمره فبنى دون البحيرة مدينة وسماها المنصورة فهي التي ينزلها العمال اليوم. وتخلص الحكم ما كان في أيدي العدو مما غلبوا عليه ورضى الناس بولايته. وكان خالد يقول: واعجبًا! وليت فتى العرب فرفض. يعني تميما. ووليت أبخل الناس فرضى به. ثم قتل الحكم بها. ثم كان العمال بعد يقاتلون العدو فيأخذون ما استطف لهم ويفتحون الناحية قد نكث أهلها. فلما كان أول الدولة المباركة ولى أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم مغلسًا العبدي ثغر السند وأخذ على طخارستان وسار حتى إلى منصور بن جمهور الكلبي وهو بالسند. فلقيه منصور فقتله وهزم جنده. فلما بلغ أبا مسلم ذلك عقد لموسى بن كعب التميمي ثم وجهه إلى السند فلما قدمها كان بينه وبين منصور بن جمهور مهران ثم التقيا فهزم منصورًا وجيشه وولى موسى السند فرم المنصورة وزاد في مسجدها وغزا وافتتح. وولى أمير المؤمنين المنصور رحمه الله هشام بن عمرو التغلبي السند ففتح ما استغلق. ووجه عمرو ابن جمل في بوارج إلى نارند. ووجه إلى ناحية الهند فافتتح قشمير وأصاب سبايا ورقيقًا كثيرًا. وفتح الملتان. وكان بقندابيل متغلبةٌ من العرب فأجلاهم عنها. وأتى القندهار في السفن ففتحها. وهدم البد وبنى موضعه مسجدًا. فأخصبت البلاد في ولايته فتبركوا به. ودوخ الثغر وأحكم أموره. ثم ولى ثغر السند عمر بن حفص بن عثمان هزار مرد ثم داود بن يزيد بن حاتم وكان معه أبو الصمة المتغلب اليوم وهو مولى لكندة. ولم يزل أمر ذلك الثغر مستقيمًا حتى وليه بشر بن داود في خلافة المأمون فعصى وخالف. فوجه إليه غسان بن عباد وهو رجل من أهل سواد الكوفة فخرج بشر إليه في الأمان وورد به مدينة السلام. وخلف غسان على الثغر موسى بن يحيى بن خالد بن برمك. فقتل باله ملك الشرقي وقد بذل له خمس مئة ألف درهم على أن يستبقيه. وكان باله هذا التوى على غسان وكتب إليه في حضور عسكره فيمن حضره من الملوك فأبى ذلك. وأثر موسى أثرًا حسنًا. ومات سنة إحدى وعشرين واستخلف ابنه عمران ابن موسى. فكتب إليه أمير المؤمنين المعتصم بالله بولاية الثغر. فخرج إلى القيقان وهم زطٌ. فقاتلهم فغلبهم وبنى مدينة سماها البيضاء وأسكنها الجند. ثم أتى المنصورة وصار منها إلى قندابيل وهي مدينة على جبل وفيها متغلبٌ يقال له محمد بن الخليل. فقاتله وفتحها وحمل رؤساءها إلى قصدار. ثم غزا الميد وقتل منهم ثلاثة آلاف وسكر سكرًا يعرف بسكر الميد. وعسكر عمران على نهر الرور ثم نادى بالزط الذين بحضرته فأتوه فختم أيديهم وأخذ الجزية منهم وأمرهم بأن يكونوا مع كل رجلٍ منهم إذا اعترض عليه كلب فبلغ الكلب خمسين درهمًا. ثم غزا الميد ومعه وجوه الزط فحفر من البحر نهرًا أجراه في بطيحتهم حتى ماح ماؤهم وشن الغارات عليهم. ثم وقعت العصبية بين النزارية واليمنية فمال عمران إلى اليمانية. فسار إليه عبد العزيز الهباري فقتله وهو غار. وكان جد عمر هذا ممن قدم السند مع الحكم بن عوانة الكلبي.
|