الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
فأجاب - حفظه الله تعالى - بقولة : معنى هذا الحديث أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة، فإنهم يحلَّون فيها كما قال الله عزّ وجلّ في سورة الكهف : فأجاب قائلاً : الفضل الذي يناله المسلم إذا استمر على الوضوء بعد كل حدث ، أنه يبقى طاهراً ، والبقاء على الطهر من الأعمال الصالحة ، ولأنه ربما يذكر الله سبحانه وتعالى في أحواله كلها ، فيكون ذكر الله على طهر ، ولانه قد تعرض له صلاة في مكان ليس فيه ماء ، فيكون مستعداً لهذه الصلاة ، والمهم أن بقاء الإنسان على وضوء فيه فوائد كثيرة . فأجاب فضيلته بقولة : إذا كان على الإنسان أسنان مركبة ، فالظاهر أنه لا يجب عليه أن يزيلها، وتشبه هذه الخاتم، والخاتم لا يجب نزعه عند الوضوء ، بل الأفضل أن يحركه ، لكن ليس على سبيل المثال الوجوب ، لأن النبي صلىالله عليه وسلم كان يلبسه ، ولم ينقل أنه كان ينزعه عند الوضوء ، وهو أظهر من كونه مانعاً من وصول الماء من هذه الأسنان ، لا سيما أن بعض الناس تكون هذه التركيبة شاقّاً عليه نزعها ثم ردُّها . فأجاب - جزاه الله خيراً - بقوله : الذي يظهر لي أنه لا يجب إزالته قبل الوضوء ، لكن تنقية الأسنان منها لا شك أنه أكمل وأطهر وأبعد عن مرض الأسنان ، لأن هذه الفضلات إذا بقيت ، فقد يتولد منها عُفونة ويحصل منها مرض للأسنان واللثة ، فالذي ينبغي للإنسان إذا فرغ من طعامه ، أن يخلل أسنانة حتى يزول ما علق من أثر الطعام ، وأن يتسوَّك أيضاً لأن الطعام يغير الفم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في السواك : فأجاب الشيخ بقوله : لا يلزم أخذ ماء جديد للأذنين ، بل ولا يستحب على القول الصحيح ، لأن جميع الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يذكروا أنه كان يأخذ ماءً جديداً لأذنيه ، فالأفضل أن يمسح أذنيه ببقية البلل الذي بقي بعد مسح رأسه . فأجاب قائلاً : الترتيب في الوضوء معناه أن تبدأ بما بدأ الله به ، وقد بدأ الله بذكر غسل الوجه ، ثم غسل اليدين ، ثم مسح الرأس ، ثم غسل الرجلين ، ولم يذكر الله تعالى غسل الكفين قبل غسل الوجه ، لأن غسل الكفين قبل غسل الوجه ليس واجباً بل هو سنة ، هذا هو الترتيب أن تبدأ بأعضاء الوضوء مرتبة كما رتبها الله عزّ وجلّ ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج وخرج إلى المسعى بدأ بالصفا ، فلما أقبل عليه قرأ: وأما الموالاة ، فمعناها : أن لا يفرق بين أعضاء الوضوء بزمن يفصل بعضها عن بعض ، مثال ذلك لو غسل وجهه ، ثم أراد أن يغسل يديه ولكن تأخر، فإن الموالاة قد فاتت وحينئذ يجب عليه أن يعيد الوضوء من أوله ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأي رجلاً قد توضأ ، وفي قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء ، فقال ، فالصحيح : أن الترتيب والمولاة فرضان من فروض الوضوء . وأما عذر الإنسان فيهما بالنسيان أو بالجهل فمحل نظر ، فالمشهور عند فقهاء الحنابلة - رحمهم الله - أن الإنسان لا يُعذر فيهما بالجهل ولا بالنسيان ، وأن الإنسان لو بدأ بغسل يديه قبل غسل وجهه ناسياً ، لم يصح غسل يديه ولزمه إعادة الوضوء مع طول الزمن ، أو إعادة غسل اليدين وما بعدهما إن قصر الزمن، ولا شك أن هذا القول أحوط وأبرأ للذمة ، وأن الإنسان إذا فاته الترتيب ولو نسياناً ، فإنه يعيد الوضوء ، وكذلك إذا فاتته الموالاة ولو نسياناً ، فإنه يعيد الوضوء . فأجاب بقوله : الترتيب من فروض الوضوء . قال الله تعالى : أولاً: إدخال الممسوح بين المغسولات ، وهذا خروج عن مقتضى البلاغة ، والقرآن أبلغ ما يكون من الكلام ، ولا نعلم لهذا الخروج عن قاعدة البلاغة فائدة إلا الترتيب . ثانياً : أن هذه الجملة وقعت جواباً للشرط ، وما كان جواباً للشرط فإنه يكون مرتباً حسب وقوع الجواب . ثالثاً : أن الله ذكرها مرتبة وقال النبي صلى الله عليه وسلم : فأجاب قائلاً : هذا محل خلاف بين العلماء - رحمهم الله تعالى - على أقوال : القول الأول : أنه يسقط بالنسيان والجهل ، لأن ذلك عذر وإذا كان الترتيب بين الصلوات يقسط بالنسيان ، فهذا مثله . القول الثاني : أنه لا يسقط بالنسيان لأنه فرض ، والفرض لا يسقط بالنسيان ، وقياسه على قضاء الصلوات فيه نظر ، لأن الصلوات كل صلاة عبادة مستقلة ، ولكن الوضوء عبادة واحدة ، ونظير اختلاف الترتيب في الوضوء اختلاف الترتيب في ركوع الصلاة وسجودها ، فلو سجد الإنسان قبل الركوع ناسياً ، فإننا نقول إن الصلاة لا تُجزئه ، ولهذا فالقول بأن الترتيب يقسط بالنسيان ، في النفس منه شيء ، نعم لو فرض أن رجلاً جاهلاً في بادية وكان منذ نشأ وهو يتوضأ فيغسل الوجه واليدين والرجلين ثم يمسح الرأس ، لو فُرض أن أحداً وقع له مثل هذه الحال ، فقد يتوجه القول بأنه يُعذر بجهله ، كما عذر النبي صلىالله عليه وسلم أناساً كثيراً بجهلهم في مثل هذه الأحوال ، إذن فالترتيب فرض لا يسقط سهواً ولا جهلاً إلا في مثل هذه الصورة . فأجاب قائلاً : إذا توضأ الإنسان ونسي عضواً من الأعضاء ، فإن ذكر ذلك قريباً ، فإنه يغسله وما بعده ، مثال ذلك : شخص توضأ ونسي أن يغسل يده اليسرى فغسل يده اليمنى ، ثم مسح راسه وأذنيه ، ثم غسل رجليه، ولما انتهى من غسل الرجلين ، ذكر أنه لم يغسل اليد اليسرى ، فنقول له : اغسل اليد اليسرى وامسح الرأس والأذنين وأغسل الرجلين ، وإنما أوجبنا عليه إعادة مسح الرأس والأذنين وغسل الرجلين ، لأجل الترتيب ، فإن الوضوء يجب أن يكون مرتباً كما رتبه الله عزّ وجلّ فقال :
فأجاب بقوله : هذا ينبني على معنى الموالاة وعلى كونها شرطاً لصحة الوضوء ، وللعلماء في أصل المسألة قولان : أحدهما : أن الموالاة شرط وأنه لا يصح الوضوء إلا متوالياً فلو فصل بعضه عن بعض لم يصح ، وهذا هو القول الراجح ، لأن الوضوء عبادة واحدة يجب أن يكون بعضها متصلاً ببعض ، وإذا قلنا بوجوب المولاة وأنها شرط لصحة الوضوء فبماذا تكون الموالاة؟ قال بعض العلماء : الموالاة أن لا يؤخر غسل عضو حتى يجف الذي قبله بزمن معتدل إلا إذا أخرها لأمر يتعلق بالطهارة كما لو كان في أحد أعضائه بوية وحاول أن يزيلها وتأخر في إزالة هذه البوية حتى جفت أعضاؤه فإنه يبني على ما مضى ويستمر ولو تأخر طويلاً لأنه تأخر بعمل يتعلق بطهارته ، أما إذا تأخر لتحصيل ماء كما في هذا السؤال فإن بعض أهل العلم يقول : إن الموالاة تفوت وعلى هذا فيجب عليه إعادة الوضوء من جديد ، وبعضهم يقول : لا تفوت الموالاة لأنه أمر بغير اختياره وهو لا زال منتظرا لتكميل الوضوء ، وعلى هذا إذا عاد الماء فإنه يبني على ما مضى ولو جفت أعضاؤه ، على أن بعض العلماء الذين يقولون بوجوب الموالاة واشتراطها يقولون : إن الموالاة لا تتقيد بجفاف العضو وإنما تتقيد بالعرف ، فما جرى العرف بأنه فصل بينه فهو فاصل يقطع الموالاة ، وما جرى العرف بأنه ليس بفاصل فليس بفاصل مثل الذين ينتظرون وجود الماء إذا انقطع ، هم الآن يشتغلون بجلب الماء ، عند الناس لا يعد هذا تقاطعاً بين أول الوضوء وآخره ، فيبني على ما مضى ، وهذا هو الأفضل ، فإنه إذا جاء الماء يبنون على ما مضى اللهم إلا إذا طال الوقت مدة طويلة يخرجها عن العرف يبدأون من جديد والأمر في هذا سهل . فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : لا تنقطع الموالاة بذلك ولا يضره ، لأن هذا الأمر يتعلق بطهارته ، ومثل ذلك ما لو نفد الماء وجعل يستخرجه من البئر ونشفت أعضاؤه ، أو انتقل من صنبور إلى صنبور لتحصيل الماء ، فإن هذا لا يضر لأنه أمر يتعلق بطهارته . أما إذا فاتت الموالاة بأمر لا يتعلق بطهارته ، مثل أن يجد على ثوبه دماً في أثناء وضوئه فاشتغل بإزالة ذلك الدم حتى نشفت الأعضاء وفاتت الموالاة ، فحينئذ يجب عليه أن يعيد الوضوء لأن هذا لا يتعلق بطهارته . فأجاب بقولة : إذا كان في أعضاء الطهارة شيء يمنع وصول الماء إلى الأعضاء التي يجب تطهيرها ، فإن الواجب عليك أن تحسب الحساب ، وأن تتقدم في إزالة هذا المانع حتى يأتي الوقت ، وقد زال وتوضأت وضوءاً صحيحاً. فأجاب فضيلته قائلاً : نعم يصح وضوءه بشرط أن لا يكون هذا الدهن متجمداً يمنع وصول الماء ، فإذا كان متجمداً يمنع وصول الماء فلا بد من إزالته قبل الوضوء . فأجاب قائلاً : قبل الإجابة على هذا السؤال ، أود أن أبين بأن الله عزّ وجلّ قال في كتابة المبين : فأجاب بقوله : ما يسمى "المناكير" وهو شيء يوضع على الأظفار تستعمله المرأة وله قشرة ، لا يجوز استعماله للمرأة إذا كانت تصلي لأنه يمنع وصول الماء في الطهارة ، وكل شيء يمنع وصول الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضئ ، أو المغتسل ، لأن الله يقول : وأما من كانت لا تصلي كالحائض فلا حرج عليها إذا استعملته إلا أن يكون هذا الفعل من خصائص نساء الكفار فإنه لا يجوز لما فيه من التشبه بهم . ولقد سمعت أن بعض الناس أفتى بأن هذا من جنس لبس الخفين وأنه يجوز أن تستعمله المرأة لمدة يوم وليلة إن كانت مقيمة ومدة ثلاثة أيام إن كانت مسافرة ، ولكن هذه فتوى غلط ، وليس كل ما ستر الناس به أبدانهم يلحق بالخفين ، فإن الخفين جاءت الشريعة بالمسح عليهما للحاجة إلى ذلك غالباً ، فإن القدم محتاجة إلى التدفئة ومحتاجة إلى الستر ، لأنها تباشر الأرض ، والحصى ، والبرودة ، وغير ذلك ، فخصص الشارع المسح بهما ، وقد يقيسون أيضاً على العمامة ، وليس بصحيح لأن العمامة محلها الرأس ، والرأس فرضه مخفف من أصله ، فإن فريضة الرأس هي المسح بخلاف اليد ، فإن فرضيتها الغسل ، ولهذا لم يبيح النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تمسح القفازين مع أنهما يستران اليد ، فدل هذا على أنه لا يجوز للإنسان أن يقيس أي حائل يمنع وصول الماء على العمامة وعلى الخفين ، والواجب على المسلم أن يبذل غاية جهده في معرفة الحق ، وأن لا يقدم على فتوى إلا هو يشعر أن الله تعالى سائله عنها ، لأنه يعبر عن شريعة الله عز وجل . الله الموفق الهادي إلى الصراط المستقيم . فأجاب بقوله : لا يجوز استعمال هذا الدواء الذي يمنع وصول الماء إلى البشرة ، لأن هذا الدواء ليس علاجاً يزيل البرص ، أما إذا كان علاجاً يزيله فلا حرج في استعماله ، لأنه مدته مؤقتة ، أما إذا كان شيئاً يخفيه ويمنع وصول الماء ، فإنه لا يجوز أن يتوضأ وهو عليه ، والحمد لله هذا أمر يكون في كثير من الناس ، والإنسان إذا اعتاد هذا الأمر هان عليه ، فهو يكون شاقاً عليه أول ما يخرج به ، ولكنه إذا اعتاده وصار الناس ينظرون إليه ، فإنه لا شك أنه يزول عنه هذا الإحساس الذي يحسُّه . فأجاب - حفظه الله تعالى - قائلاً : إذا توضأ الإنسان بغير نية الصلاة ، وإنما توضأ لرفع الحدث فقط ، فله أن يصلي ما شاء من فروض ونوافل حتى تنتفض طهارته . فأجاب بقوله : نعم يجوز ذلك ، فإذا توضأ لصلاة الظهر مثلاً ثم حضرت صلاة العصر وهو على طهارة فله أن يصلي صلاة العصر بطهارة الظهر ، وإن لم يكن قد نوى حين تطهره أن يصلي بها الفريضتين ، لأن طهارته التي تطهرها لصلاة الظهر رفعت الحدث عنه ، وإذا ارتفع حدثه فإنه لا يعود إلا بوجود سببه ، وهو أحد نواقض الوضوء المعروفة . فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله:صفة الوضوء الشرعي على وجهين : صفة واجبة لا يصح الوضوء إلا بها ، وهي المذكورة في قوله تعالى : وهي غسل الوجه مرة واحدة ومنه المضمضة والاستنشاق ، وغسل اليدين إلى المرافق من أطراف الأصابع إلى المرافق مرة واحدة ، ويجب أن يلاحظ المتوضىء كفيه عند غسل ذراعيه فيغسلهما مع الذراعين فإن بعض الناس يغفل عن ذلك ولا يغسل إلا ذراعيه وهو خطأ ، ثم يمسح الرأس مرة واحدة ومنه أي من الرأس الأذنان ، وغسل الرجلين إلى الكعبين مرة واحدة هذه هي الصفة الواجبة التي لا بد منها . أما الوجة الثاني من صفة الوضوء ، فهي الصفة المستحبة ونسوقها الآن بمعونة الله تعالى وهي : أن يُسمي الإنسان عند وضوئه ، ويغسل كفيه ثلاث . مرات ، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات بثلاث غرفات ، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً ثلاثاً ، يبدأ باليمنى ثم اليسرى ، ثم يمسح رأسه مرة واحدة ، يبل يدية ثم يمرهما من مقدم رأسه إلى مؤخرة ثم يعود إلى مقدمه ثم يمسح أذنيه فيدخل سباحتيه في صماخيهما ويمسح بإبهاميه ظاهرهما ، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثاً ثلاثاً يبدأ باليمنى ثم باليسرى ، ثم يقول بعد ذلك : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ، فإنه إذا فعل ذلك ، فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ، هكذا صح الحديث عن الني صلى الله عليه وسلم قاله عمر رضي الله عنه . فأجاب بقوله : غسل الأيدي والوجه بالصابون عند الوضوء ليس بمشروع ، بل هو من التعنت والتنطع ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : فأجاب بقوله : نعم . لأن الأصل في الأحكام الشرعية أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء والعكس بالعكس ، ما ثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال إلى بدليل ، ولا أعلم دليلاً يخصص المرأة في هذا ، وعلى هذا فتمسح من مقدم الرأس إلى مؤخره ، وإن كان الشعر طويلاً فلن يتأثر بذلك ، لأنه ليس المعنى أن تضغط بقوة على الشعر حتى يتبلل أو يصعد إلى قمة الرأس ، إنما هو مسح بهدوء . فأجاب بقوله : يجوز أن تمسح المرأة على رأسها سواءً كان ملفوفاً أو نازلاً، ولكن لا تلف شعر رأسها فوق وتبقيه على الهامة لأني أخشى أن يكون داخلاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم : فأجاب بقوله - حفظه الله تعالى - : إذا فقد الإنسان عضواً من أعضاء الوضوء ، فإنه يسقط عنه فرضه إلى غير تيمم ، لأنه فقد محل الفرض فلم يجب عليه ، حتى لو ركب له عضو صناعي ، فإنه لا يلزمه غسله ،ولا يقال إن هذا مثل الخفين يجب عليه مسحهما ، لأن الخفين قد لبسهما على عضو موجود يجب غسله، أما هذا فإنه صنع له على غير عضو موجود ، لكن أهل العلم يقولون : إنه إذا قُطع من المفصل ، فإنه يجب عليه غسل رأس العضو ، مثلاً لو قطع من المرفق ، وجب عليه غسل رأس العَضُد ، ولو قُطعت رجلُه من الكعب ، وجب عليه غسل طرف الساق . والله أعلم . فأجاب بقوله : الملاحظات التي تلاحظ على الناس في أيام الشتاء في الوضوء ، أنهم لا يفسرون أكمامهم عند غسل اليدين فسراً كاملاً ، وهذا يؤدي إلى أن يتركوا شيئاً من الذراع بلا غسل ، وهو محرم ، والوضوء معه غير صحيح ، فالواجب أن يفسر كمه إلى ما وراء المرفق ويغسل المرفق مع اليد لأنه من فروض الوضوء . فأجاب فضيلته قائلاً:تنشيف الأعضاء لا باس به ، لأن الأصل عدم المنع ، والأصل في ما عدا العبادات من العقود والأفعال والأعيان الحل والإباحة حتى يقود دليل على المنع . فإن قال قائل : كيف تجيب عن حديث ميمونة ، رضي الله عنها ، حينما ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل ، قالت : فأتيته بالمنديل فرده وجعل ينفض الماء بيده؟ فالجواب : أن هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم قضية عَيْن تحتمل عدة أمور : إما لأنه لسبب في المنديل ، أو لعدم نظافته ، أو يخشى أن يبله بالماء ، وبلله بالماء غير مناسب ، فهناك احتمالات ولكن إتيانها بالمنديل قد يكون دليلاً على أن من عادته أن ينشف أعضاءه ، وإلا أتت به . قال فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى : الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن شيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضله له، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بأحسان وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد : فهذه رسالة مختصرة فيما يجب على المرضى في طهارتهم وصلاتهم فإن للمريض أحكاماً تخصه في ذلك لما هو عليه من الحال التي التقضت الشريعة الإسلامية مراعاتها فإن الله تعالى بعث نبيه محمداً ، صلى الله عليه وسلم ، بالحنيفية السمحة المبنية على اليسر والسهولة ، قال الله تعالى : كيف يتطهر المريض؟ 1- يجب على المريض أن يتطهر بالماء فيتوضأ من الحدث الأصغر ، ويغتسل من الحدث الأكبر . 2- فإن كان لا يستطيع الطهارة بالماء لعجزه أو خوف زيادة المرض أو تأخر برئه فإنه يتيمم. 3- كيفية التيمم : أن يضرب الأرض الطاهرة بيدية ضربة واحده يمسح بهما جميع وجهه ، ثم يمسح كفيه بعضهما ببعض . 4- فإن لم يستطع أن يتطهر بنفسه فإنه يوضئه أو ييممه شخص آخر فيضرب الشخص الأرض الطاهرة بيدية ويمسح بها وجه المريض وكفيه كما لو كان لا يستطيع أن يتوضأ بنفسه فيوضئه شخص آخر . 5- إذا كان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء ، فإن كان الغسل بالماء يؤثر عليه مسحه مسحاً فيبل يده بالماء ويمرها عليه ، فإن كان المسح يؤثر عليه أيضاً فإنه يتيمم عنه . 6- إذا كان في بعض أعضائه كسر مشدود عليه خرقة أو جبس فإنه يمسح عليه بالماء بدلاً من غسله ولا يحتاج للتيمم لأن المسح بدل عن الغسل . 7- يجوز أن يتيمم على الجدار ، أو على شيء آخر طاهر له غبار ، فإن كان الجدار ممسوحاً بشيء من غير جنس الأرض كالبوية فلا يتيمم عليه إلا أن يكون له غبار . 8- إذا لم يمكن التيمم على الأرض أو الجدار أو شيء آخر له غبار فلا بأس أن يوضع تراب في إناء أو منديل يتيمم منه . 9- إذا تيمم لصلاة وبقي على طهارته إلى وقت الصلاة الأخرى فإنه يصليها بالتيمم الأول ، ولا يعيد التيمم للصلاة الثانية ، لأنه لم يزل على طهارته ، ولم يجد ما يبطلها . 10 يجب على المريض أن يُطهِّر بدنه من النجاسات فإن كان لا يستطيع صلى على حاله وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه . يجب على المريض أن يصلي بثياب طاهرة فإن تنجست ثيابه وجب غسلها أو إبدالها بثياب طاهرة ، فإن لم يمكن صلى على حاله وصلاته صحيحة ، ولا إعادة عليه . 12- يجب على المريض أن يصلي على شيء طاهر ، فإن تنجس مكانه وجب غسله أو إبداله بشيء طاهر ، أو يفرش عليه شيئاً طاهراً ، فإن لم يمكن صلى على حاله وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه . 13- لا يجوز للمريض أن يؤخر الصلاة عن وقتها من أجل العجز عن الطهارة ، بل يتطهر بقدر ما يمكنه من ثم يُصلي الصلاة في وقتها ، ولو كان على بدنه وثوبه أو مكانه نجاسة يعجز عنها . فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : المقصود بالخفاف : " ما يلبس على الرجل من جلد ونحوه " . والمقصود بالجوارب : " ما يلبس على الرجل من قطن ونحوه ، وهو ما يعرف بالشراب " . والمسح عليهما هو السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن كان لابساً لهما فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل . ودليل ذلك : حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، ومشروعية المسح على الخفين ثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أما كتاب الله ، ففي قوله تعالى : إحداهما {وَأَرْجُلَكُمْ} بالنصب عطفاً على قوله {وُجُوهَكُمْ} فتكون الرجلان مغسولتين . . الثانية : {وأرجلِكم} بالجر عطفاً على {رُؤُوسِكُمْ} فتكون الرجلان ممسوحتين . والذي بين أن الرجل تكون ممسوحة أو مغسولة هي السنة فكان الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذا كانت رجلاه مكشوفتين يغسلهما ، وإذا كانتا مستورتين بالخفاف يمسح عليهما . وأما دلالة السنة على ذلك : فالسنة متواترة في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام رحمه الله : ليس في قلبي من المسح بشيء فيه أربعون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه . ومما يذكر من النظم قول الناظم : مما تواتر حديثُ من كذب ومن بنى الله بيتاً واحتسب ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض فهذا دليل على مسحهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : لا أدري هل يصح ذلك عنهما أو لا ، وعلي رضي الله عنه ممن روى أحاديث المسح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل على أن الحكم ثابت عنده إلى ما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن النسخ . فأجاب فضيلته بقوله : هذا خلاف السنة وفيه تشبه بالروافض الذين لا يجيزون المسح على الخفين ، والنبي صلى الله عليه وسلم ، قال للمغيرة حينما أراد نزع خفيه قال : فأجاب - جزاه الله خيراً - قائلاً : هذه المسألة من أهم المسائل التي يحتاج الناس إلى بيانها ، ولهذا سوف نجعل الجواب أوسع من السؤال ، إن شاء الله تعالى. فنقول : إن المسح على الخفين ثابت بدلالة الكتاب والسنة ، أما الكتاب فهو من قوله تعالى : أما السنة ، فقد تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، المسح على الخفين وعدَّه أهل العلم من المتواتر ، كما قال من نظم ذلك . مما تواتر حديثُ من كذب ومن بنى لله بيتاً واحتسب ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض فمسح الخفين مما تواترت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والمسح على الخفين إذا كان الإنسان قد لبسهما على طهارة أفضل من خلعهما وغسل الرجل ، ولهذا لما أراد المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أن ينزع خُفَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عند وضوئه قال له : وللمسح على الخفين شروط : الشرط الأول : أن يلبسهما على طهارة كاملة من الحدث الأصغر والحدث الأكبر ، فإن لبسهما على غير طهارة ، فإنه لا يصح المسح عليهما . الشرط الثاني : أن يكون المسح في مدة المسح ، كما سيأتي بيان المدة إن شاء الله تعالى . الشرط الثالث : أن يكون المسح في الطهارة الصغرى ، أي في الوضوء ، اما إذا صار على الإنسان غسل ، فإنه يجب عليه أن يخلع الخفين ليغسل جميع بدنه ، ولهذا لا مسح على الخفين في الجنابة ، كما في حديث صفوان بن عسال - رضي الله عنه - قال : أما المدة : فإنها يوم وليلة وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، ولا عبرة بعدد الصلوات بل العبرة بالزمن ، فالرسول عليه الصلاة والسلام وقَّتها يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، واليوم والليلة أربع وعشرون ساعة وثلاثة الأيام بلياليها أثنتان وسبعون ساعة . لكن متى تبتدئ هذه المدة؟ تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح ، وليس من لُبس الخف ولا من الحدث بعد اللبس ، لأن الشرع جاء بلفظ المسح ، والمسح لا يتحقق إلا بوجوده فعلاً، رجل تطهر لصلاة الفجر ، ثم لبي الخفين ثم بقي على طهارته حتى صلى الظهر وهو على طهارته ، وصلى العصر وهو على طهارته ، وبعد صلاة العصر في الساعة الخامسة تطهر لصلاة المغرب ثم مسح ، فهذا الرجل له أن يمسح إلى الساعة الخامسة من اليوم الثاني ، فإذا قدّر أنه مسح في اليوم الثاني في الساعة الخامسة إلا ربعاً ، وبقي على طهارته حتى صلّى المغرب وصلى العشاء ، فإنه حينئذٍ يكون صلى في هذه المدة صلاة الظهر أول يوم العصر والمغرب والعشاء ، والفجر في اليوم الثاني والظهر والعصر والمغرب والعشاء ، فهذه تسع صلوات صلاّها ، وبهذا علمنا أنه لا عبرة بعدد الصلوات كما مفهوم عند كثير من العامة ، حيث يقولون : إن المسح خمسة فروض هذا لا أصل له ، وإنما الشرع وقَّته بيوم وليلة تبتديء هذه من أول مرة مسح . وفي هذا المثال الذي ذكرنا عرفت كم صلى من صلاة ، وبهذا المثال الذي ذكرناه تبين أنه إذا تمت مدة المسح ، فإنه لا يمسح بعد هذه المدة ولو مسح بعد تمام المدة ، فمسحه باطل ، لا يرتفع به الحدث . لكن لو مسح قبل أن تتم المدة ثم استمر على طهارته بعد تمام المدة ، فإن وضوءه لا ينتقض ، بل يبقى على طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء ، وذلك لأن القول بأن الوضوء ينتقض بتمام المدة ، قول لا دليل له ، فإن َّ تمام المدة معناه أنه لا مسح بعد تمامها وليس معناه أن لا طهارة بعد تمامها، فإذا كان المؤقت هو المسح دون الطهارة ، فإنه لا دليل على انتقاضها بتمام المدة ، وحينئذ نقول في تقرير دليل ما ذهبنا إليه : هذا الرجل توضأ وضوءاً صحيحاً بمقتضى دليل شرعي صحيح ، وإذا كان كذلك فإنه لا يمكن أن نقول بانتقاض هذا الوضوء إلا بدليل شرعي صحيح ، ولا دليل على أنه ينتقض بتمام المدة ، وحينئذ تبقى طهارتُه حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء التي ثبتت بالكتاب أو السنة أو الإجماع . أما المسافر فله ثلاثة أيام بلياليها ، أي اثنتان وسبعون ساعة ، تبتدئ من أول مرة مسح ، ولهذا ذكر فقهاء الحنابلة - رحمهم الله - أن الرجل لو لبي خُفيه وهو مقيم في بلده ، ثم احدث في نفس البلد ثم سافر ولم يمسح إلا بعد أن سافر ، قالوا فإنه يُتم مسح مسافر في هذه الحالة ، وهذا مما يدل على ضعف القول بأن ابتداء المدة من أول حدث بعد اللبس . والذي يبطل المسح على الخف : انتهاء المدة ، وكذلك أيضاً خلع الخف ، إذا خلع الخف بطل المسح لكن الطهارة باقية . ودليل كون خلع الخف يبطل المسح، حديث ُ صفوان بن عسال قال : وأما طهارته إذا خلعه ، فإنها باقية، فالطهارة لا تنتقض بخلع الممسوح ، وذلك لأن الماسح إذا مسح تمت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي ، فلا تنتقض هذه الطهارة إلا بمقتضى دليل شرعي ، وليس هناك دليل شرعي على أنه إذا خلع الممسوح بطل الوضوء ، وإنما الدليل على أنه إذا خلع الممسوح بطل المسح ، أي لا يُعاد المسح مرة أخرى إلا بعد غسل الرجل في وضوء كامل، وعليه فنقول: إن الأصل بقاء هذه الطهارة الثابتة بمقتضى الدليل الشرعي حتى يوجد الدليل ، وإذا لم يكن دليل فإن الوضوء يبقي غير منتقض ، وهذا هو القول الراجح عندنا . والله الموفق . فأجاب بقوله : نعم هذا مشهور عند العامة يظنون أن معنى كون المسح يوماً وليلة يعني أنه لا يمسح إلا خمس صلوات وهذا ليس بصحيح بل التوقيت بيوم وليلة يعني أن له أن يمسح يوماً وليلة سواء صلى خمس صلوات أو أكثر ، وابتداء المدة كما سبق من المسح ، فقد يصلي عشر صلوات أو أكثر ونضرب لذلك مثلاً : رجل لبس الخف لصلاة الفجر يوم الاثنين وبقي على طهارته حتى نام ليلة الثلاثاء ، فلما استيقظ الساعة الخامسة "مثلاً" مسح عليهما لصلاة الفجر ، فهنا له أن يمسح إلى ما قبل الساعة الخامسة بقليل من فجر الأربعاء ، فيكون هنا صلى بالخف يوم الاثنين الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء وكل هذه المدة لا تحسب له لأنها قبل المسح ، وصلى يوم الثلاثاء الفجر ومسح ، والظهر ومسح ، والعصر ومسح ، والمغرب ومسح ، والعشاء ومسح ، وكذلك يمكن أن يمسح لصلاة يوم الأربعاء ، إذا مسح قبل أن تنتهي المدة مثل أن يكون قد مسح يوم الثلاثاء لصلاة الفجر في الساعة الخامسة وفي يوم الأربعاء مسح في الساعة الخامسة إلا ربعاً وبقي على طهارته إلى أن صلى العشاء ليلة الخميس ، فحينئذٍ يكون صلى بهذا الوضوء صلاة الفجر يوم الأربعاء والظهر والعصر والمغرب والعشاء ، فيكون صلى خمس عشرة صلاة من حين لبس ، لأنه لبسها لصلاة الفجر يوم الأثنين وبقي على طهارته ولم يمسح إلا لصلاة الفجر يوم الثلاثاء الساعة الخامسة ومسح لصلاة الفجر يوم الأربعاء الساعة الخامسة إلا ربعاً وبقي على طهارته حتى صلى العشاء فيكون صلى خمس عشرة صلاة من حين لبس . فأجاب قائلاً : يُشترط للمسح على الخفين أربعة شروط : الشرط الأول : أن يكون لابساً لهما على طهارة. ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : الشرط الثاني : أن تكون الخفان أو الجوارب طاهرة ،فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها ، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته ، وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذى أو قذرا ً ، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسة ، ولأن النجس إذا مُسح عليه بالماء تلوث الماسح بالنجاسة . الشرط الثالث : أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل ، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسال - رضي الله عنه _ قال : الشرط الرابع : أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً، وهو يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : فأجاب قائلاً : النية هنا غير واجبة لأن هذا عمل عُلّق الحكم على مجرد وجوده ، فلا يحتاج إلى نية ، كما لو لبس الثوب فإنه لا يشترط أن ينوي به ستر عورته في صلاته مثلاً، فلا يُشترط في لبس الخفين أن ينوي أنه سيمسح عليهما، ولا كذلك نية المدة ، بل إن كان مسافراً فله ثلاثة أيام نواها أم لم ينوها ، وإن كان مقيماً فله يوم وليلة نواها أم لم ينوها . فأجاب بقوله : لا يجوز المسح عليه ، لأن المسح على الخفين رخصة فلا تُباح بالمعصية ، لأن القول بجواز المسح على ما كان محرماً مقتضاه إقرار هذا الإنسان على لبس المحرم ، والمحرم يجب إنكاره ، ولا يقال هذا من باب ما يُمتهن فيجوز ، لأن هذا من باب اللباس ولبس ما فيه صورة حرام بكل حال ، فلو كان على الشراب مثلاً صورة أسد فإنه لا يجوز المسح عليهما . فأجاب بقوله : هذا الشرط ليس بصحيح ، لأنه لا دليل عليه فإن اسم الخف أو الجورب ما دام باقياً فإنه يجوز المسح عليه ، لأن السنة جاءت بالمسح على الخف على وجه مطلق ، وما أطلقه الشارع فإنه ليس لأحد أن يقيده إلا إذا كان لديه نص من الشارع أو إجماع أو قياس صحيح ، وبناء على ذلك فإنه يجوز المسح على الخف المخرق ويجوز المسح على الخف الخفيف ، لأن كثيراً من الصحابة كانوا فقراء ، وغالب الفقراء لا تخلوا خِفافهم من خروق ، فإذا كان هذا غالباً أو كثيراً في قوم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يُنبّه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، دلّ ذلك على أنه ليس بشرط ، ولأنه ليس المقصود من الخف ستر البشرة ، وإنما المقصود من الخف أن يكون مدفئاً للرجل، ونافعاً لها ، وإنما أجيز المسح على الخف ، لأن نزعه يشق ، وهذا لا فرق فيه بين الجورب الخفيف والجورب الثقيل ، ولا بين الجورب المخرق والجورب السليم ، والمهم أنه ما دام اسم الخف باقياً ، فإن المسح عليه جائز لما سبق من الدليل . فأجاب بقوله : هذا القول الذي أشار إليه السائل ، وهو جواز المسح على كل ما لُبس على الرِّجل هو القول الصحيح ، وذلك أن النصوص الواردة في المسح على الخفين كانت مطلقة غير مقيدة بشروط ، وما ورد عن الشارع مطلقاً فإنه لا يجوز إلحاق شروط به ، لأن إلحاق الشروط به تضييق لما وسعه عز وجلّ ورسوله . والأصل بقاء المطلق على إطلاقه ، والعام على عمومه ، حتى يرد دليل على التقييد أو التخصيص . وقد حكى بعضُ أصحاب الشافعي عن عمر وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - جواز المسح على الجورب الرقيق ، وهذا يعضُد القول بجواز المسح على الجوارب الخفيفة الرقيقة وعلى الجوارب المخرقة ، وكذلك على القول الراجح المسح على اللفافة ، بل إن جواز المسح على اللفافة أولى لمشقة حلها ولفها ، وهذا هو الي يتمشى مع قوله عز وجل حين ذكر آية الطهارة في الوضوء والغسل والتيمم ، قال : فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : القول الراجح أنه يجوز المسح على الجورب المخرق والجورب الخفيف الذي تُرى من ورائه البشرة ، لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه ان يكون ساتراً ، فإن الرِّجل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المُكلَّف والتسهيل عليه ، بحيث لا نُلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء ، بل نقول : يكفيك أن تمسح عليه ، هذه هي العلة التي من أجلها شُرع المسح على الخفين ، وهذه العلة - كما ترى - يستوي فيها الخف أو الجورب المخرق والسليم والخفيف والثقيل . فأجاب بقوله : الصحيح أنه لا يُشترط ذلك ، وذلك أن النصوص الواردة في المسح على الخفين مطلقة ، فما دام يمكن أن ينتفع بهذا ، ويمشي به ، فما المانع؟ فقد يكون الإنسان ليس عنده إلا هذا الخف ، أو كان مريضاً مقعداً يلبس مثل هذا الخف للتدفئة ، فلا دليل على اشتراط هذا الشرط . فأجاب فضيلته بقوله : المسح على النعل لا يجوز بل لا بد من خلع النعل وغسل الرِّجل ، اما الخف هو ما يستر الرجل ، فإنه يجوز المسح عليه سواء كان من جلد أو من قطن أومن صوف أو من غيرها ، بشرط أن يكون مما يحل لبسه ، أما إذا كان مما يحرم لبسه كالحرير بالنسبة للرجل ، يعني لو لبس الرجل شراباً من حرير ، فإنه لا يجوز له أن يمسح عليه لأنه محرم عليه لبسهُ ، فإذا كان مباحاً جاز المسح عليه إذا لبسه على طهارة ، وكان في المدة المقدرة شرعاً ، وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، تبتديء هذه المدة من أول مرة مسح بعد الحدث، وتنتهي بتمام أربعٍ وعشرين ساعة للمقيم ، واثنتين وسبعين ساعة بالنسبة للمسافر . فأجاب - حفظه الله - بقوله : نعم يدخل في معنى الخف اللفائف ، لأن اللفائف يُعذر فيها صاحبُها أكثر من الخف ، لأن الذي يخلع الخف ثم يغسل الرِّجل ثم يلبس الخف ، أسهل من الذي يحل هذه اللفائف ثم يعيدها مرة أُخرى ، فإذا كان الخف قد أباح الشرعُ المسح عليه ، فاللفافة من باب أولى ، ثم إن السِّرية التي بعثها النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين ، فيمكن أن نأخذ من كلمه التساخين جواز المسح على اللفافة ، لأنه يحصل بها التسخين والغرض الذي من أجله لبس الخفاف . فأجاب فضيلته بقولة : العمامة قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جوز المسح عليها ، وهي من حيث النظر أولى من المسح على الخفين ، لأنها ملبوسة على ممسوح ، وطهارة هذا العضو ، وهو الرأس أخف من طهارة الرجلين ، لأن طهارة الرأس تكون بالمسح ، فالفرع عنه وهي العمامة يكون أولى بالمسح من الملبوس على المغسول . ولكن هل يُشترط فيها ما يُشترط في الخف بأن يلبسها على طهارة ، وتتقيد مدتها بيوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، أو ان المسح عليها مطلق متى كانت على الرأس مسحها سواء لبسها على طهارة أم لا وبدون توقيت ، إلا إنه في الحدث الأكبر لا يمسح عليها لأنه لا بد من الغسل لجميع البدن؟ هذا فيه خلاف بين أهل العلم ، والذي قالوا لا يشترط لبسها على طهارة ولا مدة لها ، قالوا لأنه ليس في ذلك دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقياسها على الخفين على ما يقولون قياسٌ مع الفارق ، لأن الخفين لُبسا على عضو مغسول، وأما هذه فقد لُبستْ على عضو ممسوح طهارته أخف ، فلهذا لا يشترط للبسها طهارة ولا توقيت لها . ولكن لا شكّ أن الاحتياط أوْلى ، والأمر في هذا سهل فإنه ينبغي أن لا يلبسها إلا على طهارة ، وأن يخلعها إذا تمت مدة المسح ، ويمسح رأسه ثم يعيدها . فأجاب بقولة : المسح على العمامة مما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث المغيره بن شعبة رضي الله عنه ، فيجوز المسح عليها ، فُيمسح على العمامة كلها أو أكثرها ، ويُسنّ أيضاً أن يمسح ما ظهر من الرأس كالناصية وجانب الرأس والأذنين . ولا يُشترط لها توقيت ، لأنه لم يثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه وقتها ، ولأن طهارة العضو التي هي عليه أخف من طهارة عضو الخف ، فلا يمكن الحاق هذا بهذا ، فمتى كانت عليك فامسح وإذا لم تكن عليك فامسح الرأس ولا توقيت فيها . لكن لو سلكت سبيل الاحتياط فلم تمسحها إلا إذا لبستها على طهارة وفي المدة المحددة للخفين لكان حسناً . فأجاب قائلاً : أما شماغ الرَّجل والطاقية ، فلا تدخل في العمامة قطعاً . وأما ما يلبس في أيام الشتاء من القبع الشامل للرأس والأذنين ، والذي قد تكون في أسفله لفّة على الرقبة ، فإن هذا مثل العمامة لمشقة نزعه فيُمسح عليه . فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : الظاهر أن الطربوش إذا كان لا يَشُقُّ نزعه ، فلا يجوز المسح عليه لأنه يشبه الطاقية من بعض الوجوه ، والأصل وجوب مسح الراس حتى يتبين للإنسان أن هذا مما يجوز المسح عليه . فأجاب بقوله : المشهور من مذهب الإمام أحمد ، أنها تمسح على الخمار إذا كان مداراً تحت حلقها ، لأن ذلك قد ورد عن بعض نساء الصحابة - رضي الله عنهن . وعلى كل حال فإذا كانت هناك مشقة ، إمّا لبرودة الجو أو لمشقة النَّزع واللّف مرة أخرى ، فالتسامح في مثل هذا لا بأس به وإلا فالأْولى ألا تمسح . فأجاب بقوله : إذا لّبت المرأة رأسها بالحناء فإنها تمسح عليه ، ولا حاجة إلى أنها تنقض الرأس وتحت هذا الحناء ، لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان في إحرامه ملبّداً رأسه . فما وُضِعَ على الرأس من التلبيد فهو تابع له ، وهذا يدلّ على أن تطهير الرأس فيه شيء من التسهيل . فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : لابد أولا ًأن نعرِّف ما هي الجبيرة؟ الجبيرة في الأصل ما يُجَبر به الكسر ، والمراد بها في عرف الفقهاء " ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة " ، مثل الجبس الذي يكون على الكسر ، أو اللزقة التي تكون على الجرح ، أو على ألم في الظَّهر أو مأ أشبه ذلك ، فالمسح عليها بجزيء عن الغسل . فإذا قدرنا أن ذراع المتوضئ لزقة على جرح يحتاج إليها ، فإنه يمسح عليها بدلاً عن الغسل وتكون هذه الطهارة كاملة ، بمعنى أنه لو فُرض أن هذا الرَّجل نزع هذه الجبيرة أو اللزقة ، فإن طهارته تبقى ولا تنتقض لأنها تمت على وجه شرعي . ونزع اللزقة ليس هناك دليل على أنه ينقض الوضوء أو ينقض الطهارة وليس في المسح على الجبيرة دليل خالٍ من معارضة ، فيها أحاديث ضعيفة ذهب إليها بعض أهل العلم ، وقال : إن مجموعها يرفعها إلى أن تكون حجة . ومن أهل العلم من قال : إنه لضعفها لا يعتمد عليها ، وهؤلاء اختلفوا ، فمنهم من قال : يسقط تطهير محل الجبيرة ، لأنه عاجز عنه . ومنهم من قال : بل يتيمم له ولا يمسح عليها . لكن أقرب الأقوال إلى القواعد بقطع النظر عن الأحاديث الواردة فيها ، أقرب الأقوال أنه يمسح ، وهذا المسح يغنيه عن التيمم فلا حاجة إليه ، وحينئذٍ نقول : إنه إذا وجد جرح في أعضاء الطهارة فله مراتب : المرتبة الأولى : أن يكون مكشوفاً ولا يضره الغسل ، ففي هذه المرتبة يجب عليه غسله إذا كان في محلٍ يُغسل . المرتبة الثانية : أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل دون المسح ، ففي هذه المرتبة يجب عليه المسح دون الغسل . المرتبة الثالثة : : أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل والمسح ، فهنا يتيمم له . المرتبة الرابعة : أن يكون مستوراً بلزقة أو شبهها محتاج إليها ، وفي هذه المرتبة يمسح على هذا الساتر ، ويغنيه عن غسل العضو ولا يتيمم . فأجاب قائلاً : الجبيرة لا يُمسح عليها إلا عند الحاجة فيجب أن تقدر بقدرها ، وليست الحاجة هي موضع الألم أو الجرح فقط ، بل كل ما يحتاج إليه في تثبت هذه الجبيرة أو هذه اللزقة مثلاً فهو حاجة ، فلو كان الكسر في الإصبع ولكن احتجنا أن نربط كل الرَّاحة لتستريح اليد ، فهذه حاجة . فأجاب بقوله : لا يجب الجمع بين المسح والتيمم ، لأن إيجاب طهارتين لعضو واحد مخالف لقواعد الشريعة ، لأننا نقول : يجب تطهير هذا العضو إما بكذا وإما بكذا ، أما أن نوجب تطهيره بطهارتين ، فهذا لا نظير له في الشريعة ، ولا يكلِّف الله عبداً بعبادتين سببهما واحد . فأجاب بقوله : نعم يعمها كلها ، لأن الأصل أن البدن له حكم المبدل ما لم ترد السنة بخلافه ، فهنا المسح بدل عن الغسل فكما أن الغسل يجب أن يعم العضو كله ، فكذلك المسح يجب أن يعم جميع الجبيرة ، واما المسح على الخفين فهو رخصة وقد وردت السنة بجواز الاكتفاء بمسح بعضه . فأجاب قائلاً : نعم هناك فروق منها : أولاً : أن المسح على الخفين مقدر بمدة معنية ، أما المسح على الجبيرة فله أن يمسح عليها ما دامت الحاجة داعيه إلى بقائها . ثانياً : أن الجبيرة لا تختص بعضو معين والخف يختص بالرِّجل . ثالثاً : المسح على الخفين يُشترط فيه أن يلبسهما على طهارة بخلاف الجبيرة فلا تشترط لها الطهارة . رابعاً : أن الجبيرة يمسح عليها في الحدث الأصغر والحدث الأكبر بخلاف الخف كما سبق ، فإذا وجب عليه الغسل يمسح عليها كما يمسح في الوضوء . فأجاب بقوله : لا يجوز له أن يمسح على الخفين إذا كانت الطهارة طهارة تيمم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : فأجاب قائلاً : هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال : لا بد أن يُكمل الطهارة قبل أن يلبس الخف أو الجورب ، ومنهم قال : إنه يجوز إذا غسل اليمنى أن يلبس الخف أو الجورب ثم يغسل اليسرى ويلبس الخف أو الجورب ، فهو لم يدخل اليمنى إلا بعد أن طهرَّها واليسرى كذلك ، فيصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين . لكن هناك حديث أخرجه الدار قطني والحاكم وصححه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فأجاب قائلاً : إذا مسح وهو مقيم ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر على القول الراجح ، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه إذا مسح في الحضر ثم سافر ، أتمّ مسح مقيم ، ولكن الراجح ما قلناه ، لأن هذا الرجل قد بقي في مدة مسحه شيء قبل أن يسافر وسافر، فيصدق عليه أنه من المسافرين الذين يمسحون ثلاثة أيام ، وقد ذكر عن الإمام أحمد - رحمه الله أنه رجع إلى هذا القول بعد أن كان يقول بأنه يتم مسح مقيم . فأجاب - حفظه الله ورعاه - بقوله : إذا مسح مسافراً ثم أقام فإنه يتم مسح مقيم على القول الراجح إن كان بقي من مدته شيء وإلا خلع عند الوضوء وغسل رجليه . فأجاب قائلاً : في هذه الحال يبني على اليقين ، فإذا شكَّ هل مسح لصلاة الظهر أو لصلاة العصر فإنه يجعل ابتداء المدة من صلاة العصر ، لأن الأصل عدم المسح . ودليل هذه القاعدة هو أن الأصل بقاء ما كان على ما كان ، وأن الأصل العدم ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام ، شكى إليه الرَّجل يخيَّل إليه أن يجد الشيء في صلاته فقال : فأجاب قائلاً : المعروف عند أهل العلم أنه إذا مسح أحد الخفين الأعلى أو الأسفل تعلق الحكم به ولا ينتقل إلى ثانٍ ، ومنهم من يرى أنه يجوز الانتقال إلى الثاني إذا كان الممسوح هو الأسفل ما دمادامت المدة باقية . وهذا هو القول الراجح. وعلى هذا فلو توضأ ومسح على الجوارب ثم لبس عليها جوارب أخرى ، أو كنادر ومسح العليا ، فلا بأس به على القول الراجح ما دامت المدة باقية ، لكن تُحسب المدة من المسح على الأول لا من المسح على الثاني . فأجاب بقوله : كيفية المسح أن يمرَّ يده من أطراف أصابع الرِّجل إلى ساقه فقط ، يعني أن الذي يُمسح هو أعلى الخف فيمر يده من عند أصابع الرِّجل إلى الساق فقط ، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً ، يعني اليد اليمنى تَمسح الرِّجل اليمنى ، واليد اليسرى تمسح الرِّجل اليسرى في نفس اللحظة ، كما تُمسح الأذنان ، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه – فأجاب فضيلته قائلاً : مسح أسفل الخف ليس من السنة ، ففي السنن من حديث علي بن ابي طالب - رضي الله عنه - قال : " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه " . وهذا يدل على أن المشروع مسح الأعلى فقط . فأجاب - حفظه الله تعالى - قائلاً : إذا أدخل يديه من تحت الشراب " الجوارب " فلا بأس في ذلك ولا حرج ، ولا يبطل المسح بذلك لأنه لم يخلعهما . أما إن خلعهما فُينظر إن خلع جزءاً يسيراً فلا يضر ، وإن خلع شيئاً كثيراً بحيث يظهر أكثر القدم، فإنه يبطل المسح عليهما في المستقبل. فأجاب بقوله: إذا نزع الشراب ثم أعادها وهو على وضوئه فلا يخلو من حالين : الأولى : أن يكون هذا الوضوء هو الأول ، أي إنه لم ينتقض وضوءه بعد لبسه فلا حرج عليه أن يعيدها ويمسح عليها إذا توضأ . الثانية : إذا كان هذا الوضوء وضوءاً مسح فيه على شرابه ، فإنه لا يجوز له إذا خلعها أن يلبسها ويمسح عليها ، لأنه لا بد أن يكون لبسهما على طهارة بالماء ، وهذه طهارة بالمسح ، هذا ما يعلم من كلام أهل العلم ولكن إن كان أحد قال بأنه إذا أعادها على طهارة ولو طهارة المسح ، له أن يمسح ما دامت المدة باقية ، فإن هذا قول قوي ، ولكنني لم أعلم أن أحداً قال به ، فالذي يمنعني من القول به هو أنني لم أطَّلع على أحد قال به ، فإن كان قال به أحد من أهل العلم فهو الصواب عندي ، لأن طهارة المسح طهارة كاملة ، فينبغي أن يُقال إنه إذا كان يمسح على ما لبسه على طهارة غسل ، فليمسح على ما لبسه على طهارة مسح، لكنني ما رأيت أحداً قال بهذا . والعلم عند الله . فأجاب بقوله : إذا خلع الخف أو الجورب بعد أن مسح عليه فلا تبطل طهارته على القول الصحيح ، لكن يبطل مسحه دون طهارته ، فإذا أرجعها مرة أخرى وانتقض وضوءه ، فلا بد أن يخلع الخف ويغسل رجليه ، والمهم أن نعلم أنه لا بد أن يلبس الخف على طهارة غسل فيها الرِّجل على ما علمنا من كلام أهل العلم . ولأن هذا الرّجل لمّا مسح على الخف تمت طهارته بمقتضى دليل شرعي ، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا ينتقض إلا بدليل شرعي ، وعلى هذا فلا ينتقض وضوءه إذا خلع خفيه بل يبقى على طهارته إلى وجود ناقض من نواقض الوضوء المعروفة . ولكن لو أعاد الخف بعد ذلك وأراد أن يمسح عليه في المستقبل فلا ، على ما أعلمه من كلام أهل العلم . فأجاب فضيلته بقوله : لا ينتقض الوضوء بانتهاء المدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، إنما وقَّت مدة المسح لا انتهاء الطهارة ، فليس الموَّقت الطهارة حتى نقول إذا تمت مدة المسح انتقضت ، بل الموقت المسح ، فنحن نقول : إذا تمت المدة لا تمسح ، لكن قبل تمام المدة إذا مسحت وأنت على طهارة فإن طهارتك هذه قد تمت بمتقضى دليل شرعي ، وما تم بمقتضى دليل شرعي فلا ينتقض إلى بمقتضى دليل شرعي ، ولا دليل على ذلك والأصل بقاء الطهارة وعدم النقض ، وفي مسألة النقض أصل أصَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الرَّجُل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ، فقال : فأجاب فضيلته بقوله : إذا انتهت مدة مسح الخفين ثم صلى الإنسان بعد انتهاء المدة ، فإن كان أحدث بعد انتهاء المدة ومسح ، وجب عليه إعادة الوضوء كاملاً بغسل رجليه ، ووجب عليه إعادة الصلاة ، وذلك لأنه لم يغسل رجليه فقد صلّى بوضوء غير تام . وأما إذا انتهت مدة المسح وبقي الإنسان على طهارته ، وصلى بعد انتهاء المدة فصلاتُه صحيحة لأن انتهاء مدة المسح لا ينقض الوضوء ، وإن كان بعض العلماء يقولون : إن انتهاء مدة المسح ينقض الوضوء ، لكنه قولٌ لا دليل عليه ، وعلى هذا فإذا تمت مدة المسح وبقي الإنسان على طهارته بعد انتهاء المدة ، ولو يوماً كاملاً ، فله أن يصلي ولو بعد انتهاء المدة ، لأن وضوءَه قد ثبت بدليل شرعي فلا يرتفع إلا بدليل شرعي ، ولا دليل على النبي صلى الله عليه وسلم يدلُّ على أن انتهاء مدة المسح موجب للوضوء . الله أعلم . فأجاب بقوله : ليس هناك فرق بين الرجال والنساء في هذا وينبغي أن نعلم قاعدة وهي " أن الأصل أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء ، وأن ما ثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال إلا بدليل يدل على افتراقهما ". قال فضيلة الشيخ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً : بسم الله الرحمن الرحيم هذه بحوث في المسح على الخفين : في المسح على المخرَّق ، وما تُرى منه البشرة لصفائه أو رقَّته وفي هذا خلاف بين العلماء : فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أن المسح عليه لا يصح . قال في المنتهى في معرض ذكر شروط المسح : وأن لا يصف البشرة لصفائه أو خفته . وذكر قبله أنه يُشترط ستر محل الفرض . وفي المجموع فقه الشافعية للنووي 1//480 ذكر قولين في الخُف المخرَّق، أصحهما لا يمسح ، وفي ص 481 منه أن ابن المنذر حكى عن الثوري وإسحاق ويزيد بن هارون ، وأبى ثور ، جواز المسح على جميع الخفاف . قال ابن المنذر : وبه أقول لظاهر إباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المسح على الخفين قولاً عامّاً يدخل فيه جميع الخفاف .أهـ . وفي الاختبار لشيخ الإسلام ابن تيميه ص 13 أن الخف الممزَّق يجوز المسح عليه ما دام اسم الخف باقياً ، والمشي فيه ممكناً ، وهو قديم قولي الشافعي واختيار أبي البركات وغيره من العلماء . وفي المحلىَّ 2/100 جواز المسح على المخرَّق ولو ظهر أكثر القدمين ما دام يتعلق بالرِّجلين منهما شيء ونقل عن سفيان الثوري أنه قال : امسح مادام يُسمى خفًّا. وفي المجموع 2/482 إذا تخرَّقت الظهارة فإن كانت البطانة صفيقة ، جاز المسح وإلا فلا ، لأنه كالمكشوف ، قال : وحكى الروياني والرافعي وجهاً غريباً ضعيفاً أنه يجوز وإن كانت البطانة رقيقة . وفي ص 484 حكى ابن المنذر إباحة المسح على الجورب عن تسعة من الصحابة - رضي الله عنهم - إلى أن قال : وحكى أصحابنا عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً . وحكوْه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود اهـ . وفي ص 486 إذا لبس خفَّ زجاج يمكن متابعة المشي عليه جاز المسح عليه ، وإن كان ترى تحته البشرة . وفي ص 24 جـ 1 من جواهر الإكليل شرح مختصر خليل ، أن الجورب ملبوس رجل على هيئة الخف منسوج من قطن أو كتَّان أو صوف يسمى في عُرف أهل مصر شراباً . إذا لبس خفّاً على خف فلا يخلو من حالين : الأولى : أن يكون بعد الحدث فالحكم للأسفل ولا يمسح الأعلى. الثانية : أن يكون قبل الحدث فهو بالخيار ، فإن مسح الاسفل تعلق الحكم به ولا يضره نزع الأعلى ، وإن مسح الأعلى تعلق الحكم به فإن نزعه لزم نزع الأسفل ، ومتى مسح أحدهما لم ينتقل إلى الثاني. ولا يصحّ المسح عليهما إنا كانا مُخرَّقين، ولا على الاسفل إن كان هو المخرَّق . وفي الفروع 1/160 : ولا يمسح خفين لُبسا على ممسوحين .. ويتوجه الجواز (و) لمالك وفي 172: وإن نزع خفّاً فوْقانيّاً مسحه فإنه يلزم نزع التحتاني .. فيتوضأ أو يغسل قدميه على الخلاف ، وعنه لا يلزمه (و هـ م) فيتوضأ أو يمسح التحتاني مفرداً على الخلاف اهـ . قلت : وعلى القول بأن النزع لا ينقض الطهارة لاشيء عليه . وفي المجموع للنووي 1/490 ، إذا جوَّزنا المسح على الجرموق -ملبوس رِجل يُلبس فوق الخف لا سيما في البلاد الباردة- فقد ذكر أبو العباس بن سريج فيه ثلاثه معانٍ أصحّها : أن بدل عن الخف ، والخف بدل عن الرجل . الثاني : أن الأسفل كُلفافة والأعلى هو الخف . والثالث : أنهما كخف واحد ، فالأعلى طهارة والأسفل بطانة . وفرَّع الأصحاب على هذه المعاني مسائل كثيرة ، وذَكر منها لو نزعه بعد مسحه وبقي الأسفل بحالة ، فإن قلنا بالأول لم يجب نزع الأسفل فيمسحه ، لكن هل يكفيه مسحه أوْ لابد من إعادة الوضوء؟ فيه القولان في نازع الخفين ، وإن قلنا بالثالث فلا شيء عليه ، وإن قلنا بالثاني ، وجب نزع الأسفل وغسل القدمين ، وفي وجوب استئناف الوضوء القولان ، فحصل من الخلاف في المسالة خمسة أقوال : أحدها : لا يجب شيء وأصحها مسح الأسفل فقط . الثالث : يجب مسحه مع استئناف الوضوء . الرابع : يجب نزع الخفين وغسل الرجلين . الخامس : يجب النزع واستئناف الوضوء . وفي ص 490 أيضاً : إذا لبس الخف على طهارة ثم أحدث ومسح عليه ثم لبس الجرموق على طهارة المسح ، ففي جواز المسح عليه وجهان مشهوران . ثم قال عن الجواز إنه الأظهر المختار لأنه لبس على طهارة وقولهم : إنها طهارة ناقصة غير مقبول . قال الرافعي : قال الشيخ أبو علي : إذا جوَّزنا المسح عنا فابتداء المدة من حين أحدث بعد لبس الخف لا من لبس الجرموق . اهـ وقوله من حيث أحدث بناء على أن ابتداء المدة من الحدث ، وسيأتي الخلاف في ذلك . في توقيت مدة المسح : وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم . فجمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن المسح مؤقت بيوم وليلة للمقيم . وثلاثة أيام بلياليها للمسافر . وقال بعض العلماء لا توقيت فيه . وفي المجموع 1/ 467 : حكاه أصحابنا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والشعبي وربيعة والليث وأكثر أصحاب مالك ، وهو المشهور عنه ، وعنه أنه مؤقت وعنه مؤقت للحاضر دون المسافر . قال ابن المنذر : وقال سعيد بن جبير : يمسح غدوة إلى الليل اهـ . وقال شيخ الإسلام في الاختيارات ص 15: ولا تتوقت مدة المسح في المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع واللبس ، كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين . وإذا قلنا بالتوقيت فمن أين يبتدئ؟ الجمهور من أهل العلم على أن َّ ابتداء المدة : من أول حدث بعد اللبس . وفي المجموع 1/ 470 : وقال الأوزاعي وأبو ثور : ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث . وهو رواية عن أحمد وداود - وهو المختار الراجح دليلاً - واختاره ابن المنذر وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وحكى الماوردي والشاشي عن الحسن البصري ان أبتداءها من اللبس . أهـ . إذا تغيرت حال اللابس من إقامة إلى سفر أو بالعكس فبأيهما يعتبر؟ وهذا له ثلاث حالات : الحال الأولى :أن يكون التغير قبل الحدث ، مثل أن يلبس الخفين مقيماً ثم يسافر قبل أن يُحدث . أو يلبسهما مسافراً ثم يقدم بلده قبل أن يُحدث ، ففي المسألة الأولى يمسح مسح مسافر ، قال في المجموع 2/ 472. في المسألة الثانية يمسح مسح مقيم ولا إشكال في ذلك . الحال الثانية : أن يكون التغير بعد الحدث وقبل المسح ، مثل أن يلبس الخفين مقيماً ثم يُحدث ثم يسافر قبل أن يمسح . أو يلبسهما مسافراً ثم يُحدث ثم يقدم بلده قبل أن يمسح.ففي المسالة الأولى يمسح مسح مسافر. قال في الإنصاف 1/179 هذا المذهب - وعليه الأصحاب - ورمز لذلك في الفروع 1/168 بالواو إشارة لموافقة الأئمة الثلاثة. قال وعنه مسح مقيم إلخ اهـ. وفي المغني 1/290 لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن من لم يمسح حتى سافر أنه يتم مسح المسافر اهـ . وفي المسالة الثانية يمسح مسح مقيم ، ولم أرّ في ذلك خلافاً . الحالة الثالثة : أن يكون التغير بعد الحدث والمسح ، مثل أن يلبس الخفين ويمسح عليهما مقيماً ثم يسافر ، أو يلبس الخفين ويمسح عليهما مسافراً ثم يقدم بلده بعد ذلك . ففي هذه الحال خلاف بين أهل العلم : أما المسألة الأولى : فلا يخلوا إما أن تكون مدة مسح المقيم قد انتهت أوْلاً . فإن كانت قد انتهت فلا مسح ، ولم أرَ في ذلك خلافاً إلا ما ذكره في المحلىَّ 2/109 أنه يتم مسح مسافر . وإن كانت مدة مسح المقيم باقية ، ففي ذلك خلاف : فمذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية عنه وإسحاق وداود في رواية عنه يتم مسح مقيم . ومذهب أبي حنيفة والثوري يتم مسح مسافر وهو رواية عن أحمد وداود (انظر المجموع 1/472) قال في المغني : 1/292 قال الخلال : رجع أحمد عن قوله الأول إلى هذا . وفي الإنصاف 1/178 عن صاحب الفائق : هو النص المتأخر وهو المختار اهـ وأما المسالة الثانية : فلا يخلو إما أن تكون مدة مسح المسافر قد انتهت أوْ لا : فإن كانت قد انتهت ، فلا مسح ، وإن كانت باقية ، أتم مسح مقيم إن بقي من مدته شيء ، قال في المغني 1/293 : وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي ، ولا أعلم فيه مخالفاً اهـ . ورمز لذلك في الفروع 1/168 بالواو إشارة لموافقة الآئمة الثلاثة : قال : وفي المبهج : مسح مسافر إن كان مسح مسافراً فوق يوم وليلة اهـ . وفي المحلي 2/109 يبتديء مسح مقيم إن كان قد مسح في السفر يومين وليلتين فأقل ، وإلا أتم مسح مسافر إن بقي من مدته شيء . إذا انتهت مدة المسح أو نزع الممسوح ، فهل تبقي الطهارة أو تنتقض؟ في هذا خلاف بين العلماء ، ذكره في المجموع 1/511. القول الأول : تبقى طهارته ولا يلزمه شيء ، فيُصلي بطهارته ما لم يُحدث ، وقد حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وقتاده وسليمان بن حرب ، واختاره . قال النووي : وهو المختار الأقوى . قلت : واختاره ابن حزم 2/94 ونقله في المسألة الأولى (انتهاء المدة) عن إبراهيم النخعي والحسن البصري وابن أبي ليلى وداود ، وقال : هذا هو القول الذي لا يجوز غيره . قال ص 95 : ولو مسح قبل إنقضاء أحد الأمدين بدقيقة كان له أن يصلي به ما لم يحدث . وقال عن المسالة الثانية 2/105 إنه قول طائفه من السلف . وهو أيضاً اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في المسألتين . القول الثاني : يلزمه غسل القدمين فقط ، وبه قال عطاء وعلقمة والأسود وحكى عن النخغي وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والثوري وأبي ثور والمزني ورواية عن أحمد . القول الثالث : يلزمه الوضوء ، وبه قال مكحول والنخغي والزهري وابن أبي ليلى والأوزاعي والحسن بن صالح وإسحاق ، وهو أصح الروايتين عن أحمد . القول الرابع : يلزمه الوضوء إن طال الفصل بين النزع وغسل الرجلين ، وإلا كفاه غسل الرجلين وبه قال مالك والليث . وإلى هنا تم ما أردنا كتابته. فنسأل الله تعالى أن ينفع بها إنه جواد كريم. تم ذلك في يوم الأربعاء الموافق 16 / ربيع الثاني عام 1407هـ .
قال فضيلة الشيخ جزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء : بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد . فهذه مسائل في المسح على الخفين اقتصرت فيها على ما رأيته صواباً بمقتضى الأدلة الشرعية، أسأل الله تعالى أن تكون خالصة لله صواباً على شريعة الله : 1- اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جواز المسح على الخف المخرَّق . والصحيح جوازه ما دام اسم الخف باقياً ، وهو قول ابن المنذر وحكاه عن الثوري وإسحاق ويزيد بن هارون وأبي ثور ، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيميه ما دام اسم الخف باقياً والمشي به ممكناً . 2- يجوز المسح على الخف الرقيق على القول الصحيح ، قال النووي : حكى أصحابنا عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود . وقال في الصحيح بل الصواب ما ذكره القاضي أبو الطيب والقفال وجماعات من المحققين ، أنه إن أمكن متابعة المشي عليه جاز كيف كان وإلا فلا . 3- مدة المسح يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، وابتداء المدة من أول مرة مسح بعد الحدث على القول الصحيح ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور واختاره ابن المنذر ، وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال النووي : وهو المختار الراجح دليلاً . 4- إذا لبس في الحضر ثم سافر قبل أن يُحدث فمسحه مسح مسافر . 5- إذا لبس في السفر ثم أقام قبل أن يحدث فمسحه مسح مقيم . 6-إذا لبس في الحضر فأحدث ثم سافر قبل أن يمسح فمسحه مسح مسافر . 7- إذا لبس في السفر فأحدث ثم أقام قبل أن يمسح فمسحه مسح مقيم . 8- إذا لبس في الحضر فأحدث ومسح ثم سافر قبل أن تنتهي مدة المسح أتم مسح مسافر على القول الصحيح ، وهو مذهب أبي حنيفة . والرواية التي رجع إليها أحمد عن قوله يتم مسح مقيم قال في الفائق : وهو النص المتأخر - يعني عن أحمد - وهو المختار اهـ . وإن انتهت مدة المسح قبل أن يسافر وجب عليه عند الوضوء خلعهما وغسل الرجلين . 9-إذا لبس في السفر فأحدث ومسح ثم أقام أتمَّ مسح مقيم إن بقي من المدة شيء ، وإلا خلع . قال في المغني : لا أعلم فيه مخالفاً . 10- إذا لبس جورباً أو خفّاً ثم لبس عليه آخر قبل أن يحدث فله مسح أيهما شاء 11- إذا لبس جورباً أو خفًّاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل أن يتوضأ فالحكم للأول . 12- إذا لبس جورباً أو خفّاً ثم أحدث ومسحه ثم لبس عليه آخر فله مسح الثاني على القول الصحيح . قال في الفروع : ويتوجه الجواز وفاقاً لمالك . اهـ وقال النووي : إن هذا هو الأظهر لأنه لبس على طهارة ، وقولهم إنها طهارة ناقصة غير مقبول . أهـ . وإذا قلنا بذلك كان ابتداء المدة من مسح الأول . 13- إذا لبس خفّاً على خف أو جورب ومسح الأعلى ثم خلعه ، فهل يمسح بقية المدة على الأسفل؟ لم أرَ من صرح به ، لكن ذكر النووي عن أبي العباس بن سريج فيهما إذا لبس الجرموق على الخف ثلاثة معان . منها : أنهما يكونان كخف واحد الأعلى ظهاره والأسفل بطانه . قلت : وبناء عليه يجوز أن يمسح على الأسفل حتى تنتهي المدة من مسحه على الأعلى ، كما لو كشطت ظهارة الخف فإنه يمسح على بطانته . 14- إذا خلع الخف أو الجورب بعد مسحه لم تنتقض طهارته بذلك فيصلي ما شاء حتى يُحدث على القول الصحيح . حكاه ابن المنذر عن جماعة من التابعين واختاره وحكاه ابن حزم عن طائقة من السلف . قال النووي : وهو المختار الأقوى . واختاره أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية . 15- إذا تَّمت مدة المسح لم تنتقض طهارته بذلك ، فيصلي ما شاء حتى يُحدث على القول الصحيح ، واختاره من اختار عدم النقص في المسألة التي قبلها . قال ابن حزم : وهو القول الذي لا يجوز غيره ، وقال أيضاً : لو مسح قبل انقضاء احد الأمدين - يعني أمدي المسافر والمقيم - بدقيقة ، فإن له أن يصلي به ما لم يُحدث اهـ . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعة إلى يوم الدين . حرر في السابع من ربيع الثاني عام أحد عشر وأربعمائة وألف والحمد لله رب العالمين .
|