الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
( 164) وسئل فضيلة الشيخ - أعلى الله درجته-: كيف يحاسب الكافر يوم القيامة وهو غير مطالب بالتكاليف الشرعية؟ فأجاب بقوله : هذا السؤال مبني على فهم ليس بصحيح فإن الكافر مطالب بما يطالب به المؤمن لكنه غير ملزم به في الدنيا ويدل على أنه مطالب قوله -تعالى:
( 165) سئل فضيلة الشيخ: هل يوم الحساب يوم واحد؟ فأجاب قائلاً:يوم الحساب يوم واحد ولكنه يوم مقداره خمسون ألف سنة كما قال الله -تعالى-: والتفكير والتعمق في مثل هذه الأمور الغيبية هو من التنطع الذي قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فيه : ولهذا لما سئل الإمام مالك - رحمه الله -عن قول الله تعالى - : فالسؤال المتعمق في مثل هذه الأمور بدعة لأن الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أشد منا حرصاً على العلم وعلى الخير لم يسألوا النبي ، صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسئلة وكفى بهم قدوة، وما قلته الآن بالنسبة لليوم الآخر يجرى بالنسبة لصفات الله -عز وجل - التي وصف بها نفسه من العلم ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والكلام وغير ذلك فإن مسميات هذه الألفاظ بالنسبة إلى الله - عز وجل - لا يماثلها شيء مما يشاركها في هذا الاسم بالنسبة للإنسان ، فكل صفة فإنها تابعة لموصوفها فكما أن الله - سبحانه وتعالى - لا مثيل له في ذاته فلا مثيل له في صفاته. وخلاصة الجواب: أن اليوم الآخر يوم واحد وأنه عسير على الكافرين ويسير على المؤمنين، وأن ما ورد فيه من أنواع الثواب والعقاب أمر لا يدرك كنهه في هذه الحياة الدنيا وإن كان أصل المعنى فيه معلوماً لنا في هذه الحياة الدنيا. (166) سئل الشيخ : كيف نجمع بين قول الله - تعالى-:
(167) وسئل فضيلة الشيخ -جزاه الله خيراً - : كيف نجمع بين القول القاضي بأن الذي يوزن يوم القيامة هو العمل وقول النبي صلى الله عليه وسلم، عندما انكشفت ساق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: فأجاب قائلاً : الجواب على هذا أن يقال : إما أن يكون هذا خاصاً بعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- ، أو يقال :إن بعض الناس يوزن عمله وبعض الناس يوزن بدنه ، أو يقال: إن الإنسان إذا وزن فإنما يثقل ويرجح بحسب عمله والله أعلم. ( 168) سئل الشيخ: هل الميزان واحد أو متعدد؟ فأجاب بقوله: اختلف العلماء في الميزان هل هو واحد أو متعدد على قولين، وذلك لأن النصوص جاءت بالنسبة للميزان مرة بالإفراد، ومرة بالجمع مثال الجمع قوله -تعالى: فقال بعض العلماء : إن الميزان واحد وإنه جمع باعتبار الموزون ، أو باعتبار الأمم ، فهذا الميزان توزن به أعمال أمة محمد ، وأعمال أمة موسى ، وأعمال أمة عيسى ، وهكذا فجمع الميزان باعتبار تعدد الأمم. والذين قالوا:إنه متعدد بذاته قالوا: لأن هذا هو الأصل في التعدد ، ومن الجائز أن الله -تعالى- يجعل لكل أمة ميزاناً، أو يجعل للفرائض ميزاناً، وللنوافل ميزاناً. والذي يظهر والله أعلم أن الميزان واحد ، لكنه متعدد باعتبار الموزون. ( 169) سئل فضيلة الشيخ : كيف توزن الأعمال وهي أوصاف للعاملين؟ فأجاب بقوله:القاعدة في ذلك كما أسلفنا أن علينا أن نسلم ونقبل ولا حاجة لأن نقول:كيف؟ ولم؟ ومع ذلك فإن العلماء رحمهم الله قالوا في جواب هذا السؤال : إن الأعمال تقلب أعياناً فيكون لها جسم يوضع في الكفة فيرجح أو يخف ، وضربوا لذلك مثلاً بما صح به الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( 170) سئل فضيلة الشيخ : عن الشفاعة ؟ وأقسامها؟ فأجاب: الشفاعة: مأخوذة من الشفع ، وهو ضد الوتر، وهو جعل الوتر شفعاً مثل أن تجعل الواحد اثنين ، والثلاثة أربعة ، وهكذا هذا من حيث اللغة. أما في الاصطلاح : فهي "التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة" يعني أن يكون الشافع بين المشفوع إليه، والمشفوع له واسطة لجلب منفعة إلى المشفوع له ، أو يدفع عنه مضرة. والشفاعة نوعان: النوع الأول: شفاعة ثابتة صحيحة ، وهي التي أثبتها الله - تعالى - في كتابه ، أو أثبتها رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص ؛ لأن أبا هريرة -رضي الله عنه - قال: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال : وهذه الشفاعة لها شروط ثلاثة: الشرط الأول: رضا الله عن الشافع. الشرط الثاني: رضا الله عن المشفوع له. الشرط الثالث: إذن الله-تعالى للشافع أن يشفع. وهذه الشروط مجملة في قوله تعالى-: ثم إن الشفاعة الثابتة ذكر العلماء -رحمهم الله تعالى - أنها تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: الشفاعة العامة ، ومعنى العموم أن الله -سبحانه وتعالى - يأذن لمن شاء من عباده الصالحين أن يشفعوا لمن أذن الله لهم بالشفاعة فيهم ، وهذه الشفاعة ثابتة للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولغيره من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، وهي أن يشفع في أهل النار من عصاة المؤمنين أن يخرجوا من النار. القسم الثاني: الشفاعة الخاصة : التي تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأعظمها الشفاعة العظمى التي تكون يوم القيامة، حين يلحق الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيطلبون من يشفع لهم إلى الله - عز وجل - أن يريحهم من هذا الموقف العظيم فيذهبون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى وكلهم لا يشفع حتى تنتهي إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فيقوم ويشفع عند الله -عز وجل- أن يخلص عباده من هذا الموقف العظيم ، فيجيب الله - تعالى - دعاءه ، ويقبل شفاعته ، وهذا من المقام المحمود الذي وعده الله - تعالى - به في قوله : ومن الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة ، فإن أهل الجنة إذا عبروا الصراط أوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فتمحص قلوب بعضهم من بعض حتى يهذبوا وينقوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة فتفتح أبواب الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم. النوع الثاني: الشفاعة الباطلة التي لا تنفع أصحابها ، وهي ما يدعيه المشركون من شفاعة آلهتهم لهم عند الله - عز وجل - فإن هذه الشفاعة لا تنفعهم كما قال الله - تعالى :
ما معنى ما ورد في الحديث أن الله عز وجل قبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط؟ (171) وسئل -حفظه الله عن : قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : فأجاب فضيلته بقوله : معنى قوله : (لم يعملوا خيراً قط) أنهم ما عملوا أعمالاً صالحة ، لكن الإيمان قد وقر في قلوبهم ، فإما أن يكون هؤلاء قد ماتوا قبل التمكن من العمل آمنوا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل وحينئذ يصدق عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط . وإما أن يكون هذا الحديث مقيداً بمثل الأحاديث الدالة على أن بعض الأعمال الصالحة تركها كفر كالصلاة مثلاً فإن من لم يصل فهو كافر ولو زعم أنه مؤمن بالله ورسوله ، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين يوم القيامة وهو خالد مخلد في النار أبد الآبدين والعياذ بالله فالمهم أن هذا الحديث إما أن يكون في قوم آمنوا ولم يتمكنوا من العمل فماتوا فور إيمانهم فما عملوا خيراً قط. وإما أن يكون هذا عاماً ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لا بد أن يعمل كالصلاة فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة ولا يخرج من النار. ( 172) سئل فضيلة الشيخ: عن مصير أهل الفترة؟ فأجاب بقوله: الصحيح أن أهل الفترة قسمان : القسم الأول : من قامت عليه الحجة وعرف الحق ، لكنه اتبع ما وجد عليه آباءه ، وهذا لا عذر له فيكون من أهل النار. القسم الثاني: من لم تقم عليه الحجة فإن أمره لله - عز وجل - . ولا نعلم عن مصيره وهذا ما لم ينص الشرع عليه . أما من ثبت أنه في النار بمقتضى دليل صحيح فهو في النار.
ما مصير أطفال المؤمنين ، وأطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً ؟ ( 173) وسئل : عن مصير أطفال المؤمنين ، وأطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً ؟ فأجاب فضيلته قائلاً:مصير أطفال المؤمنين الجنة،لأنهم تبع لآبائهم قال - تعالى- : وأما أطفال غير المؤمنين يعني الطفل الذي نشأ من أبوين غير مسلمين فأصح الأقوال فيهم أن نقول الله أعلم بما كانوا عاملين فهم في أحكام الدنيا بمنزلة آبائهم ،أما في أحكام الآخرة فإن الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم بمصيرهم هذا ما نقوله ، وهو في الحقيقة أمر لا يعنينا كثيراً إنما الذي يعنينا هو حكمهم في الدنيا وأحكامهم في الدنيا - أعني أولاد المشركين - أحكامهم في الدنيا أنهم كالمشركين لا يغسلون، ولا يكفنون ، ولا يصلى عليهم ، ولا يدفنون في مقابر المسلمين . والله أعلم. ( 174) وسئل فضيلته : إذا كانت الجنة عرضها كعرض السموات والأرض فأين تكون النار في هذا الكون الذي ليس فيه إلا السموات والأرض؟ فقال حفظه الله تعالى : قبل الجواب على هذا يجب أن نقدم مقدمة وهي أن ما جاء في كتاب الله وما صح عن رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، فإنه حق ولا يمكن أن يخالف الأمر الواقع ، فإن الأمر الواقع المحسوس لا يمكن إنكاره ، ومادل عليه الكتاب والسنة فإنه حق لا يمكن إنكاره ، ولا يمكن تعارض حقين على وجه لا يمكن الجمع بينهما ، وقد ثبت في القرآن أن الجنة عرضها كعرض السماء والأرض قال الله تعالى: ثم إن قول السائل : "إن هذا الكون ليس فيه إلا السموات والأرض" ليس بصحيح فهذا الكون فيه السموات والأرض ، وفيه الكرسي والعرش وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول بعد رفعه من ركوعه : فهناك عالم غير السموات والأرض لا يعلمه إلا الله، كذلك نحن نعلم منه ما علمنا الله تعالى - مثل العرش والكرسي ، والعرش هو أعلى المخلوقات والله - سبحانه وتعالى - قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته.
( 175) وسئل: ما الجنة التي أسكنها الله - عز وجل - آدم وزوجه؟ فأجاب بقوله : الصواب أن الجنة التي أسكنها الله- تعالى - آدم وزوجه هي الجنة التي وعد المتقون لأن الله - تعالى - يقول لآدم :
ذكر للرجال الحور العين في الجنة فما للنساء؟ ( 176) وسئل فضيلة الشيخ : ذكر للرجال الحور العين في الجنة فما للنساء؟ فأجاب بقوله : يقول الله - تبارك وتعالى - في نعيم أهل الجنة : ومن المعلوم أن الزواج من أبلغ ما تشتهيه النفوس فهو حاصل في الجنة لأهل الجنة ذكوراً كانوا أم إناثاً ، فالمرأة يزوجها الله - تبارك وتعالى - في الجنة بزوجها الذي كان زوجاً لها في الدنيا كما قال الله - تبارك وتعالى - : (177)وسئل - رعاه الله بمنه وكرمه -: إذا كانت المرأة من أهل الجنة ولم تتزوج في الدنيا أو تزوجت ولم يدخل زوجها الجنة فمن يكون لها؟ فأجاب قائلاً : الجواب يؤخذ من عموم قوله - تعالى : ولا يحضرني الآن نص خاص في هذه المسألة والعلم عند الله -تعالى-.
( 178) وسئل فضيلته: إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فمع من تكون منهما؟ ولماذا ذكر الله الزوجات للرجال ولم يذكر الأزواج للنساء؟ فأجاب بقوله : إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فإنها تخير بينهما يوم القيامة في الجنة، وإذا لم تتزوج في الدنيا فإن الله - تعالى - يزوجها ما تقر به عينها في الجنة ، فالنعيم في الجنة ليس مقصوراً على الذكور وإنما هو للذكور والإناث ومن جملة النعيم الزواج. وقول السائل : "إن الله تعالى ذكر الحور العين وهن زوجات ولم يذكر للنساء أزواجاً" . فنقول: إنما ذكر الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج بل لهن أزواج من بني آدم. ( 179) وسئل فضيلة الشيخ: كيف رأى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار ليلة الإسراء والمعراج مع أن الساعة لم تقم بعد؟ فأجاب بقوله : إن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أخبرنا بذلك وأنه رأى الجنة والنار ، ورأى أقواماً يعذبون وأقواماً ينعمون ، والله أعلم بكيفية ذلك لأن أمور الغيب لا يدركها الحس فمثل هذه الأمور إذا جاءت يجب علينا أن نؤمن بها كما جاءت وأن لا نتعرض لطلب الكيفية . ولم ؟ لأن عقولنا أقصر وأدنى من أن تدرك هذا الأمر فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور لا يمكن إدراكها بالعقل ، أخبر ، صلى الله عليه وسلم ، بأن الله عز وجل - ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة ومعلوم الآن أن ثلث الليل يدور على الكرة الأرضية فإذا انتقل من جهة حل في جهة أخرى فقد تقول : كيف ذلك ؟ فنقول عليك أن تؤمن بما أخبرك به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا تقل : كيف ؟ لأن عقلك أدنى وأقصر من أن يحيط بمثل هذه الأمور الغيبية فعلينا أن نستسلم ولا نقول : كيف؟ ولم؟ ولهذا قال بعض العلماء كلمة نافعة قال: "قل : بم أمر الله ؟ ولا تقل : لم أمر الله؟" والله ولي التوفيق. (180) سئل فضيلة الشيخ - أعلى الله درجته- : هل الجنة والنار موجودتان الآن؟ فأجاب بقوله : نعم الجنة والنار موجودتان الآن ودليل ذلك من الكتاب والسنة. أما الكتاب فقال الله - تعالى - في النار : وأما السنة فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما في قصة كسوف الشمس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قام يصلي ، فعرضت عليه الجنة والنار، وشاهد الجنة حتى هم أن يتناول منها عنقوداً ، ثم بدا له أن لا يفعل عليه الصلاة والسلام، وشاهد النار، ورأى فيها عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار -والعياذ بالله - يعني أمعاءه قد اندلقت من بطنه فهو يجرها في النار ؛ لأن الرجل أول من أدخل الشرك على العرب، فكان له كفل من العذاب الذي يصيب من بعده، ورأى امرأة تعذب في النار في هرة حبستها حتى ماتت فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض ، فدل ذلك على أن الجنة والنار موجودتان الآن.
( 181) وسئل فضيلته : هل النار مؤبدة أو تفنى؟ فأجاب بقوله: المتعين قطعاً أنها مؤبدة ولا يكاد يعرف عند السلف سوى هذا القول ، ولهذا جعله العلماء من عقائدهم، بأن نؤمن ونعتقد بأن النار مؤبدة أبد الآبدين ، وهذا الأمر لا شك فيه ؛ لأن الله -تعالى- ذكر التأبيد في ثلاثة مواضع من القرآن: الأول: في سورة النساء في قوله تعالى : والثاني:في سورة الأحزاب والثالث: في سورة الجن إذا كانوا خالدين فيها أبداً ، لزم أن تكون هي مؤبدة "فيها" هم كائنون فيها وإذا كان الإنسان خالداً مؤبداً تخليده ، لزم أن يكون مكان الخلود مؤبداً ؛ لأنه لو فني مكان الخلود ما صح تأبيد الخلود ، والآية واضحة جداً والتعليلات الباردة المخالفة للنص مردودة على صاحبها ، وهذا الخلاف الذي ذكر عن فئة قليلة من أهل العلم خلاف مطرح لأنه مخالف للنص الصريح الذي يجب على كل مؤمن أن يعتقده ، ومن خالفه لشبهة قامت عنده فيعذر عند الله ، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف أن القول بتأبيدها هو الحق الذي لا يحق العدول عنه. والحكمة تقتضي ذلك لأن هذا الكافر أفنى عمره كل عمره في محاربة الله عز وجل ومعصية الله والكفر به وتكذيب رسله مع أنه جاءه النذير وأعذر وبين له الحق ، ودعي إليه ، وقوتل عليه وأصر على الكفر والباطل فكيف نقول : إن هذا لا يؤبد عذابه ؟ والآيات في هذا صريحة كما تقدم.
|