الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
أن التحاكم إلى ما أنزل الله هو الإصلاح، وإن التحاكم إلى غيره هو الإفساد.
وقوله:
وقوله:
الآية الرابعة قوله تعالى:
الاستفهام للتوبيخ، و(حكم) مفعول مقدم لـ (يبغون)، وقدم لإفادة الحصر، والمعنى: أفلا يبغون إلا حكم الجاهلية.
و{يبغون}: يطلبون، والإضافة في قوله: {حكم الجاهلية} تحتمل معنيين:
أحدهما: أن يكون المعنى: أفحكم أهل الجاهلية الذين سبقوا الرسالة يبغون، فيريدون أن يعبدوا هذه الأمة إلى طريق الجاهلية التي أحكامها معروفة، ومنها: البحائر، والسوائب، وقتل الأولاد.
ثانيهما: أن يكون المعنى: أفحكم الجهل الذي لا يبني على العلم يبغون، سواء كانت عليه الجاهلية السابقة أم لم تكن، وهذا أعم. والإضافة للجاهلية تقتضي التقبيح والتنفير.
وكل حكم يخالف حكم الله، فهو جهل وجهالة. فإن كان مع العلم بالشرع، فهو جهالة، وإن كان مع خفاء الشرع، فهو جهل، والجهالة هي العمل بالخطأ سفها لا جهلا،قال تعالى:
قوله:
فإن قيل: يوجد في الأحكام الكونية ما هو ضار مثل الزلازل والفيضانات وغيرها، فأين الحسن في ذلك؟
أجيب أن الغايات المحمودة في هذا الأمور تجعله حسنة، كما يضرب الإنسان ولده تربية له، فيعد هذا الضرب فعلا حسنا، فكذلك الله يصيب بعض الناس بهذه المصائب لتربيتهم، قال تعالى في القرية التي قلب الله أهلها قردة خاسئين:
وقوله:
وعن عبد الله بن عمر؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا يؤمن أحدكم
****
قوله في حديث عبد الله بن عمر: (لا يؤمن أحدكم). أي: إيمانا كاملا إلا إذا كان لا يهوى ما جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالكلية، فإنه ينتفي عنه الإيمان بالكلية، لأنه إذا كره ما أنزل الله، فقد حبط عمله لكفره، قال تعالى:
قوله: (حتى لا يكون هواه تبعا لما جئت به). الهوى بالقصر: هو الميل، وبالمد هو: الريح، والمراد الأول.
و(حتى): للغاية، والذي جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو القرآن والسنة.
وإذا كان هواه تبعا لما جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لزم من ذلك أن يوافقه تصديقا بالأخبار، وامتثالا للأوامر، واجتنابا للنواهي.
واعلم أن أكثر ما يطلق الهوى على هوى الضلال لا على هوى الإيمان، قال تعالى:
وقد سبق بيان أن من اعتقد أن حكم الله غير الله مساو لحكم الله، أو أحسن، أو أنه يجوز التحاكم إلى غير الله، فهو كافر.
وأما من لم يكن هواه تبعا لما جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن كان كارها له، فهو كافر، وإن لم يكن كارها ولكن آثر محبة الدنيا على ذلك، فليس كافر، ولكن يكون ناقص الإيمان.
قوله: (قال النووي: حديث صحيح). صححه النووي وغيره، وضعفه جماعة من أهل العلم، منهم ابن رجب في كتابه (جامع العلوم والحكم) ولكن معناه صحيح.
وقال الشعبي: (وكان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة، فقال اليهودي نتحاكم إلى محمد؛ عرف أنه لا ياخذ الرشوة، وقال المنافق، نتحاكم إلى اليهود؛ لعلمه أنهم يأخذون الرشوة، فأتفقا أن ياتيا كاهنا في جهينة، فيتحاكما غليه، فنزلت:
***
قوله في أثر الشعبي: (وقال الشعبي) أي: في تفسير الآية.
قوله: (رجل من المنافقين). وهو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وسمي منافقا من النّافقاء، وهي جحر اليربوع، واليربوع له جحر له باب وله نافقاء - أي يحفر حفرة في الأرض خندقا حتى يصل منتهى جحره ثم يحفر إلى أعلى، فإذا بقى شيء قليل بحيث يتمكن من دفعه برأسه توقف - فإذا حجر عليه من الباب خرج من النافقاء.
قوله:(ورجل من اليهود). اليهود هم المنتسبون إلى دين موسى عليه السلام، وسموا بذلك إما من قوله:
قوله: (إلى محمد). أي: النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يذكره بوصف الرسالة، لأنهم لا يؤمنون برسالته، ويزعمون أن النبي الموعود سيأتي.
قوله: (عرف أنه لا يأخذ الرشوة). تعليل لطلب التحكم إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والرشوة: مثلثة الراء، فيجوز الرِّشوة، الرَّشوة، الرُّشوة، وهي المال المدفوع للتوصل إلى شيء.
قال أهل العلم:(لا تكون محرمة إلا إذا أراد الإنسان أن يتوصل بها إلى باطل أو دفع حق، أما من بذلها ليتوصل بها إلى حق له منع منه أو ليدفع بها باطلا عن نفسه، فليست حراما على الباذل، أما على آخذها، فحرام).
قوله:(فاتفقا أن يأتيا كاهنا في جهينة) كأنه صار بينهما خلاف، وأبي المنافق أن يتحاكما إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والكاهن: من يدعي علم الغيب في المستقبل، وكان للعرب كهان تنزل عليهم الشيءاطين بخبر السماء، فيقولون: سيحدث كذا وكذا، فربما أصابوا مرة من المرات، وربما أخطؤوا، فإذا أصابوا ادعوا علم الغيب، فكان العرب يتحاكمون إليهم، فنزل قوله تعالى:
***
قوله: (وقيل). ذكر هذه القصة بصيغة التمريض، لكن ذكر في (تيسير العزيز الحميد) أنه رويت من طرق متعددة، وأنها مشهورة متداولة بين السلف والخلف تداولا يغني عن الإسناد، ولها طرق كثيرة ولا يضرها ضعف إسنادها. ا. هـ.
قوله: (رجلين). هما مبهمان، فيحتمل أن يكونا من المسلمين المؤمنين، ويحتمل أن يكونا من المنافقين، ويحتمل غير ذلك.
قوله: (إلى كعب بن الأشرف). وهو رجل من زعماء بني النضير.
قوله: (أ كذلك). خبر لمبتدأ محذوف،التقدير كذلك الأمر.
قوله: (فضربه بالسيف). الضارب عمر.
وهذه القصة والتي قبلها تدل على أن من لم يرض بحكم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كافر يجب قتله، ولهذا قتله عمر رضي الله عنه.
فإن قيل:كيف يقتله عمر رضي الله عنه والأمر إلى الإمام وهو النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟
أجيب: أن الظاهر أن عمر لم يملك نفسه لقوة غيرته فقتله، لأنه عرف أن هذا ردة عن الإسلام، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
وقيل نزلت في رجلين اختصما فقال أحدهما: نترافع إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال الآخر: إلى كعب بن الأشرف، ثم ترافعا إلى عمر فذكر له أحدهما القصة، فقال للذي لم لم يرض برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أكذلك؟ قال: نعم. فضربه بالسيف فقتله.)[ قال الحافظ في الفتح (5/37) رواه الكلبي في تفسيره عن ابن عباس......، واسناده وإن كان ضعيفا لكن تقوي بطريق مجاهد.
] فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية النساء وما فيها من الإعانة على فهم الطاغوت. وهي قوله تعالى:
وقوله: (وما فيها من الإعانة على فهم الطاغوت). أي: أن الطاغوت مشتق من الطغيان، وإذا كان كذلك، فيشمل كل ما تجاوز به العبد حده من متبوع أو معبود أو مطاع، فالأصنام والأمراء والحكام الذين يحلون الحرام ويحرمون الحلال طواغيت.
الثانية: تفسير آية البقرة.
الثالثة: تفسير أية الأعراف:
الرابعة: تفسير
الخامسة: ما قاله الشعبي في سبب نزول الآية الأولى. وقد سبق.
السادسة: تفسير الإيمان الصادق والكاذب. فالإيمان الصادق يستلزم الإذعان التام والقبول والتسليم لحكم الله ورسوله، والإيمان الكاذب بخلاف ذلك.
السابعة: قصة عمر مع المنافق. حيث جعل عدوله عن الترافع إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبيحا لقتله لردته، وأقدم على قتله لقوة غيرته فلم يملك نفسه.
الثامنة: كون الإيمان لا يحصل لأحد حتى يكون هواه تبعا لما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وهذا واضح من الحديث.
|