الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
ثم قال تعالى: اليتيم هو الذي مات أبوه قبل بلوغه سواء أكان ذكرًا أو أنثي. ومن ماتت أمه قبل أن يبلغ فليس بيتيم. هذا اليتيم له مال ورثه من أبيه ولابد أن يكون لليتيم ولي يقوم عليه، إما بوصية من أبيه وإما بتوليه من الحاكم وإما بتولية من الشارع على قول
كثيرمن أهل العلم. المهم وليه يقول الله تعالى: قربان مال اليتيم له ثلاث درجات: 1. 1. أسوأ. 2. 2. أحسن. 3. 3. لا أحسن ولا أسوأ. فالتصرف بما هو أسوأ في مال اليتيم حرام يعني: لو أنك أردت أن تشتري شيئًا بمال اليتيم وتعرف أن هذا الشيء سيخسر قطعًا ، فذلك حرام لأن هذا لا شك ضرر على اليتيم. وأما إذا تصرفت تصرفًا لا تدري هل هو أحسن أو ليس بأحسن. هذا أيضًا حرام لأن الله يقول: أردت أن تتصرف فيه تصرفًا حسنًا لكن أمامك شيئان، تصرف فيه خير وتصرف فيه خير أكثر، أيهما الواجب؟ الواجب الذي فيه الخير الأكثر لأن الله قال: جاءك رجل آخر يقول : أقرضني مال اليتيم وهو رجل وفي، لكن إقراضه ليس فيه مصلحة لليتيم هل تقرضه؟ لا لأنه ليس فيه مصلحة. جاءك رجل ثالث يقول : أقرضني مال اليتيم وأنت تخشى على هذا المال لو بقي عندك أن يسرق، فهل في إقراضه مصلحة؟
هذا الرجل الثالث وفي، ولو طلب منه المال في أي ساعة من ليل أو نهار أعطاه، وأنا أخشى إن بقي المال عندي أخشى عليه من عدوان أو سرقة أو غير ذلك فهنا إذا أقرضته، جائز لأن هذا هو الأحسن، إذًا يجب على ولي اليتيم المتولي لماله أن لا يتصرف إلا بالتي هي أحسن، ومن هنا نأخذ قاعدة، وهي أن كل ولي على كل شيء يجب عليه أن لا يتصرف إلا بما هو أحسن. الإنسان لو تصرف بشيء لنفسه فهو حر، لكن إذا تصرف بشيء لغيره وجب أن يتبع الأحسن، ومن ذلك ما لو تقدم إلى ابنتك رجلان يخطبانها، أحدهما صاحب دين وخلق، والثاني دونه في الدين والخلق، فما الواجب عليك، أتزوج الأول أو الثاني؟ الواجب أن تزوج الأول لأن ذلك أحسن فإن صاحب الخلق والدين إن رضي البنت أمسكها بإحسان وإن فارقها فارقها بمعروف ومن هنا نأخذ أيضًا أنه لا يجوز للأب أن يمنع تزويج ابنته برجل تريده، والأب لا يريده إذا كان صاحب خلق ودين لأن هذا خلاف الإحسان بالنسبة للتصرف في حق البنت وكذلك أيضًا إذا أعطاك شخص زكاته لتفرقها على مستحقيها، ووجدت فقيرًا ووجدت شخصًا آخر أشد منه فقرًا فما الواجب عليك؟ الواجب أن تعطي الذي هو أشد فقرًا لأن هذا أنفع لصاحب الزكاة وللمعطى أيضًا. فكل من تصرف لغيره فالواجب عليه أن يتبع ما هو أحسن. قوله : لأنه الآن ليس لأحد حق في الولاية عليه.
الوصية السابعة: {أوفوا الكيل} إذا كلتم لأحد فأوفوا الكيل، إذا وزنتم لأحد فأوفوا الوزن يمكن أن نقول: إن هذا من باب ضرب المثل وإن المراد بإيفاء الكيل والميزان إيفاء الحقوق كلها يعني إذا كان عليكم حقوق فأوفوا الحقوق. إن كانت كيلًا فأوفوا الكيل وإن كانت وزنًا فأوفوا الوزن. ولكننا نجد كثيرًا من الناس على خلاف هذه الحال إذا كان الشيء عليهم فرطوا فيه وإذا كان الشيء لهم أفرطوا فيه وأضرب لهذا مثلين:- المثل الأول: بعض الناس يكون عليه الطلب، الدين، فيماطل مع قدرته على الوفاء. يأتيه صاحب الحق يا فلان أعطني حقي، يقول : غدًا ، أعطني، بعد غد ولا سيما إذا كان الحق للدولة فإن كثيرًا من الناس يتهاون به وذلك في مثل وفاء صندوق التنمية العقارية، لأننا نسمع أن كثيرًا من الناس عندهم ما يوفون به الصندوق ولكن يماطلون وقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: المثال الثاني: عكس ذلك إذا كان للإنسان حق أراد أن يستوفيه كاملًا حتى إنه إذا كان له غريم فقير قال إما أن توفيني وإما أن أرفعك إلى الجهات المسؤولة فتحبس. فيضطر هذا الفقير المدين إلى أن يذهب ويتدين فيتضاعف عليه الدين أضعافًا مضاعفة. مثال آخر:- هؤلاء الكفلاء الذين استقدموا العمال، يريدون من العامل أن يقوم بالعمل كاملًا ولكنهم لا يوفون العامل أجرة عمله، حتى إن بعض العمال يتقدم يشكو يقول: أنا لي ثلاثة، أربعة أشهر عند كفيلي ما أعطاني شيئًا، وهذا ظلم وجور، بل قد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ومن ذلك أيضًا أن بعض الأزواج يريد من الزوجة أن تقوم بحقه كاملًا ولكنه يماطلها بحقها تجده يريد أن تقوم بكل خدمة البيت على الوجه الأكمل ولكنه لا يعطيها حقها من النفقة حتى الإنفاق الواجب عليه لا يقوم به، وهذا يدخل في المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وفي هذه الحال يجوز للمرأة إذا امتنع زوجها من إعطائها النفقة الكافية يجوز أن تأخذ من ماله بلا علمه، هكذا أفتى به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ما أحسن هذه الجملة بعد الأمر بإيفاء الكيل والميزان بالقسط. الإنسان يجب عليه أن يوفي الكيل والميزان بالقسط، لكن ربما يكون هناك تقصير لم يحط به فهل يأثم على ذلك؟ لا، ولهذا قال: هل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا، ثم جلس الرجل فجيء بتمر إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خذ هذا فتصدق به، قال الرجل : أعلى أفقر مني يا رسول الله، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني، فضحك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم قال: أطعمه أهلك) الوصية الثامنة والتاسعة:- فالواجب على العبد إذا قال قولًا أن يعدل في قوله ومن باب أولى وأحرى إذا فعل فعلًا أن يعدل في فعله حتى لو كان مع ذي قربى . لو أن أباك وهو من أقرب الناس إليك أخطأ على شخص هل تقول لأبيك : إنك أخطأت؟ الجواب نعم هذا هو العدل: لو أن صديقك أخطأ هل تقول : أخطأت؟ نعم لأن الله يقول: قوله: العهد: هو الميثاق، وعهد الله سبحانه وتعالى على الإنسان هو أنه عز وجل أمره ونهاه. وتكفل له سبحانه وتعالى أنه إذا قام بهذه الأوامر والنواهي أنه يثيبه على ذلك كما قال الله تعالى: وقال تعالى في بني إسرائيل: فأنت الآن قد عاهدت الله عز وجل على القيام بطاعته فأوف بهذا العهد.
الوصية العاشرة: وهذه هي الوصية العاشرة، وهي جامعة لكل الشرع فيقول : هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه، وصراط الله تعالى هو دينه الذي أرسل به رسله ودين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو آخر الأديان، فيجب على كل أحد من الناس أن يتبع هذا الدين وأن لا يتبع السبل فتفرق به عن سبيل الله ويضل ويهلك وقد حذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من التفرق واتباع السبل ومن ذلك ما أخرجه الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطًا بيده، ثم قال: {هذا سبيل الله مستقيمًا} وخط عن يمينه وشماله ثم قال: أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن أوفى بعهد الله وممن قام بطاعته، وأسأل الله لي ولكم القبول والتوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
|