الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **
1 - عن أبي هريرة قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لا يجزى ولد عن والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه). رواه الجماعة إلا البخاري. 2 - وعن الحسن عن سمرة (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال من ملك ذا رحم محرم فهو حر). رواه الخمسة إلا النسائي. وفي لفظ لأحمد (فهو عتيق) ولأبي داود عن عمر بن الخطاب موقوفا مثل حديث سمرة. وروى أنس (أن رجالا من الأنصار استأذنوا النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقالوا يا رسول اللّه ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه فقال لا تدعوا منه درهما) رواه البخاري وهو دليل على أنه إذا كان في الغنيمة ذو رحم لبعض الغانمين ولم يتعين له لم يعتق عليه لأن العباس ذو رحم محرم من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ومن علي رضي اللّه عليه. حديث سمرة قال أبو داود والترمذي لم يروه إلا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن. ورواه شعبة عن قتادة عن الحسن مرسلا وشعبة أحفظ من حماد ولكن الرفع من الثقة زيادة لولا ما في سماع الحسن بن سمرة من مقال. وقال علي بن المديني هو حديث منكر. وقال البخاري لا يصح. وأثر عمر أخرجه أيضا النسائي وهو من رواية قتادة عنه ولم يسمع منه فإن مولده بعد موت عمر بنيف وثلاثين سنة ـ وفي الباب ـ عن ابن عمر مرفوعا عند النسائي والترمذي وابن ماجه والحاكم قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من ملك ذا رحم محرم فهو حر). وهو من رواية ضمرة عن الثوري عن عبد اللّه بن دينار عنه. قال النسائي حديث منكر ولا نعلم أحد رواه عن سفيان غير ضمرة. وقال الترمذي لم يتابع ضمرة ابن ربيعة على هذا الحديث وهو خطأ عند أهل الحديث. وقال البيهقي أنه وهم فاحش وقال الطبراني وهم فيه ضمرة والمحفوظ بهذا الإسناد حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته. وقد رد الحاكم هذا وقال أنه روى من طريق ضمرة الحديثين بالإسناد الواحد وضمرة هذا وثقه يحيى بن معين وغيره ولم يخرج له الشيخان وقد صحح حديثه هذا ابن حزم وعبد الحق وابن قطان. قوله: (لا يجزي) بفتح أوله أي لا يكافئه بماله من الحقوق عليه إلا بأن يشتريه فيعتقه وظاهره أنه لا يعتق بمجرد الشراء بل لا بد من العتق وبه قالت الظاهرية وخالفهم غيرهم فقالوا أنه يعتق بنفس الشراء. قوله (ذا رحم) بفتح الراء وكسر الحاء وأصله موضع تكوين الولد ثم استعمل للقرابة فيقع على كل من بينك وبينه نسب يوجب تحريم النكاح. قوله (محرم) بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الراء المخففة ويقال محرم بضم الميم وفتح الحاء وتشديد الراء المفتوحة. والمحرم من لا يحل نكاحه نكاحه من الأقارب كالأب والأخ والعم ومن في معناهم. قال ابن الأثير الذي ذهب إليه أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد أن من ملك ذا رحم محرم عتق عليه ذكرا كان أو أنثى. وذهب الشافعي وغيره من الأئمة والصحابة والتابعين إلى أنه يعتق عليه الأولاد والآباء والأمهات ولا يعتق عليه غيرهم من قرابته. وذهب مالك إلى أنه يعتق عليه الولد والوالد والأخوة ولا يعتق غيرهم. قال البيهقي وافقنا أبو حنيفة في بني الأعمام أنهم لا يعتقون بحق الملك واستدل الشافعي ومن وافقه بأن غير الوالدين والأولاد قرابة لا يتعلق رد الشهادة ولا تجب بها النفقة مع اختلاف الدين فأسبه فرابة ابن العم وبأنه لا يعصبه فلا يعتق عليه بالقرابة كابن العم وبأنه لو استحق العتق عليه بالقرابة لمنع من بيعه إذا اشتراه وهو مكاتب كالوالد والولد ولا يخفى أن نصب مثل هذه الأقيسة في مقابلة حديث سمرة. وحديث ابن عمر مما لا يلتفت إليه منصف والاعتذار عنهما بما فيهما من المقال المتقدم ساقط لأنهما يتعاضدان فيصلحان للاحتجاج. وحكى في الفتح عن داود الظاهري أنه لا يعتق أحدا على أحد. قوله (لابن أختنا) بالمثناة من فوق والمراد أنهم أخوال أبيه عبد المطلب فإن أم العباس هي نتيلة بالنون والفوقية مصغرا بنت جنان والنون وليست من الأنصار وإنما أرادوا بذلك أن أم عبد المطلب منهم لأنها سلمى بنت عمرو بن أحيجة بمهملتين مصغرا وهي من بني النجار. ومثله ما وقع في حديث الهرة أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم نزل على أخواله بني النجار وأخواله حقيقة غنما هم بنو زهرة وبنو النجار هم أخوال جده عبد المطلب. وقد استدل بحديث أنس هذا من قال أنه لا يعتق ذو الرحم على رحمه وقد ترجم عليه البخاري فقال باب إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يفادي قال في الفتح قيل أنه أشار بهذه الترجمة إلى تضعيف ما ورد فيمن ملك ذا رحم محرم.
1 - عن ابن جريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللّه بن عمرو (أن زنباعا أبا روح وجد غلاما له مع جارية له فجدع أنفه وجبه فأتى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال من فعل ذلك بك قال زنباع فدعاه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال ما حملك على هذا فقال كان من أمره كذا وكذا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم اذهب فأنت حر فقال يا رسول اللّه فمولى من أنا فقال مولى اللّه ورسوله فأوصى به المسلمين فلما قبض جاء إلى أبا بكر فقال وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال نعم نجري عليك النفقة وعلى عيالك فأجراها عليه حتى قبض فلما استخلف عمر جاءه فقال وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال نعم أين تريد قال مصر قال فكتب عمر إلى صاحب مصر أن يعطيه ارضا يأكلها). رواه أحمد. وفي رواية أبي حمزة الصيرفي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال (جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم صارخا فقال له مالك سيدي رآني أقبل جارية له فجب مذاكيري فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم علي بالرجل فطلب فلم يقر عليه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على بالرجل فطلب فلم يقدر عليه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم اذهب فأنت حر) رواه أبو داود وابن ماجه وزاد (قال على من نصرتي يا رسول اللّه قال تقول أرأيت أن استرقني مولاي فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على كل مؤمن أو مسلم وروى أن رجلا أقعد أمه له في مقلى حار فأحرق عجزها فأعتقها عمر وأوجعه ضربا) حكاه أحمد في رواية ابن منصور قال وكذلك أقول. حديث عمر بن شعيب سكت عنه أبو داود وقال الترمذي في إسناده عمرو ابن شعيب وقد تقدم اختلاف الأئمة في حديثه وفي إسناده الحجاج بن أرطأة وهو ثقة لكنه مدلس وبقية رجال أحمد ثقات وأخرجه أيضا الطبراني. وأثر عمر أخرجه مالك في الموطأ بلفظ (أن وليدة أتت عمر وقد ضربها سيدها بنار فأصابها بها فأعتقها عليه) وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك وفي الباب عن ابن عمر عند مسلم وأبي داود قال (سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه) وعن سويد بن مقرن عند مسلم وأبي داود قال (كنا بني مقرن على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ليس لنا إلا خادمة واحدة فلطمها أحدنا فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال أعتقوها) وفي رواية (أنه قيل للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه لا خادمة لبني مقرن غيرها قال فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها) وعن سمرة ابن جندب وأبي هريرة ذكرهما ابن الأثير في الجامع وبيض لهما وكلاهما بلفظ (من مثل بعبده عتق عليه) وعن أبي مسعود البدري عند مسلم وغيره وفيه (كنت أضرب غلاما بالصوت فسمعت صوتا من خلفي إلى أن قال فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول أن اللّه أقدر عليك منك على هذا الغلام) وفيه قلت يا رسول اللّه هو حر لوجه اللّه فقال لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار). والأحاديث تدل على أن المثلة من أسباب العتق وقد اختلف هل يقع العتق بمجردها أم لا فحكى في البحر عن علي الهادي والمؤيد باللّه والفريقين أنه لا يعتق بمجردها بل يؤمر السيد بالعتق فإن تمرد فالحاكم. وقال مالك والليث وأبو داود والأوزاعي بل يعتق بمجردها. وحكي في البحر عن الأكثر أن من مثلة بعبده لم يعتق وعن الأوزاعي أنه يعتق ويصمن القيمة للمالك قال النووي في شرح مسلم عند الكلام علي حديث سويد بن مقرن المتقدم أنه أجمع العلماء أن ذلك العتق ليس واجبا وأنما هو مندوب رجاء الكفارة وإزالة أثم اللطم وذكر من أدلتهم على عدم الوجوب إذنه صلى اللّه عليه وآله وسلم لهم بأن يستخدموها ورد بأن إذنه صلى اللّه عليه وآله وسلم لهم باستخدامها لا يدل على عدم الوجوب بل الأمر قد أفاد الوجوب والإذن بالاستخدام دل على كونه وجوبا متراخيا إلى وقت الاستغناء عنها ولذا أمره عند الاستغناء بالتخلية لها. ونقل النووي أيضا عن القاضي عياض أنه أجمع العلماء على أنه لا يجب إعتاق بشيء مما يفعله المولى من مثل هذا الأمر الخفيف يعني اللطم المذكور في حديث سويد بن مقرن واختلفوا فيما كثر من ذلك وشنع من ضرب مبرح لغير موجب أو تحرق بنار أو قطع عضو أو إفساده أو نحو ذلك فذهب مالك والأوزاعي والليث إلى عتق العبد بذلك ويكون ولاؤه له ويعاقبه السلطان على فعله وقال سائر العلماء لا يعتق عليه اه وبهذا يتبين أن الاجتماع الذي أطلقه النووي المقيد بمثل ما ذكره القاضي عياض. ـ واعلم ـ أن ظاهر حديث ابن عمر الذي ذكرناه يقتضي أن اللطم والضرب يقتضيان العتق من غير فرق بين القليل والكثير والمشروع وغيره ولم يقل بذلك أحد من العلماء وقد دلت الأدلة على أنه يجوز للسيد أن يضرب عبده للتأديب ولكن يجاوز به عشرة أسواط ومن ذلك حديث (إذا ضرب أحدكم خادمه فليجتنب الوجه) فأفاد بأنه يباح ضربه في غيره ومن ذلك الإذن لسيد الأمة يحدها فلا بد من تقييد مطلق الضرب الوارد في حديث ابن عمر هذا بما ورد من الضرب المأذون به فيكون موجب العتق للعتق هو ما عداه.
1 - عن ابن عمر (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق عليه ما عتق). رواه الجماعة والدارقطني. وزاد (ورق ما بقي) وفي رواية متفق عليها (من أعتق عبدا بينه وبين آخر عليه في ماله قيمة عبد لاوكس ولا شطط ثم عتق عليه في ماله إن كان موسرا) وفي رواية (من أعتق عبدا بين اثنين فإن كان موسرا. قوم عليه ثم يعتق) رواه أحمد والبخاري. وفي رواية (من أعتق شركا له في مملوك ووجب عليه أن يعتق كله إن كان له مال قدر ثمنه يقام قيمة عدل ويعطى شركاءه قيمة المعتق) رواه البخاري. وفي رواية (من أعتق نصيبا له في مملوك أو شركا له في عبد وكان له من مال ما يبلغ قيمته بقيمة العدل فهو عتيق) رواه أحمد والبخاري. وفي رواية (من أعتق شركا له في عبد عتق ما بقي في ماله إذا كان له ما يبلغ ثمن العبد) رواه مسلم وأبو داود.
2 - وعن ابن عمر أنه كان يفتى في البعد أو الأمة يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه منه يقول قد وجب عليه عتقه إذا كان للذي أعتق من المال ما يبلغ يقوم من ماله قيمة العدل ويدفع إلى الشركاء انصباءهم ويخلى سبيل المعتق يخبر بذلك ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم). رواه البخاري. 3 - وعن أبي المليح عن أبيه (أن رجلا من قومنا أعتق شقصا له من مملوكه فرفع ذلك إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فجعل خلاصه عليه في ماله وقال ليس للّه عز وجل شريك). رواه أحمد. وفي لفظ (هو حر كله ليس للّه شريك) رواه أحمد ولأبي داود معناه. 4 - وعن إسماعيل بن أمية عن أبيه عن جده (قال كان لهم غلام يقال له طهمان أو ذكوان فأعتق جده نصفه فجاء العبد إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم تعتق في عتقك وترق في رقك قال فكان يخدم سيده حتى مات). رواه أحمد. 5 - وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (أنه قال من أعتق شقيصا له من مملوكه فعليه خلاصة في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعى في نصيب الذي لم يعتق غير مشقوق عليه). رواه الجماعة إلا النسائي. حديث أبي مليح أخرجه أيضا النسائي وابن ماجه وقال النسائي أرسله سعيد بن أبي عروبة وساقه عنه مرسلا وقال هشام وسعيد أثبت من همام في قتادة وحديثهما أولى بالصواب وأبو مليح اسمه عامر ويقال عمر ويقال زيد وهو ثقة محتج بحديثه في الصحيحين وأبو أسامة بن عمير هذلي بصري له صحبة ولا يعلم أن أحدا روى عنه غير ابنه أبي المليح وقوى الحافظ في الفتح اسناد حديث أبي مليح قال وأخرجه أحمد بإسناد حسن من حديث سمرة (أن رجلا أعتق شقصا في مملوك فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هو حر كله وليس للّه شريك) وحديث إسماعيل بن أمية قال في مجمع الزوائد هو مرسل ورجاله ثقات. وأخرجه الطبراني ويشهد له ما في حديث ابن عمر المذكور بلفظ (وإلا فقد عنق عليه ما عتق) وما أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد حسن عن ابن التلب بالتاء الفوقانية عن أبيه (أن رجلا أعتق نصيبا له من مملوك فلم يضمنه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم). وحديث أبي هريرة قال أبو داود ورواه روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة لم يذكر السعاية اه ورواه يحيى بن سعيد وابن عدي عن سعيد بن أبي عروبة لم يذكرا فيه السعاية. ورواه يزيد بن زريع عن سعيد فذكر فيه السعاية وقال البخاري رواه سعيد عن قتادة فلم يذكر فيه السعاية وقال الخطابي اضطرب سعيد بن أبي عروبة في السعاية مرة يذكرها ومرة لا يذكرها فدل على أنها ليست من متن الحديث عنده وإنما هي من كلام قتادة وتفسيره على ما ذكره همام وبينه قال ويدل ويدل على ذلك حديث ابن عمر يعني الذي فيه وإلا فقد عتق عليه ما عتق. وقال الترمذي روى شعبة هذا الحديث عن قتادة ولم يذكر فيه السعاية. وقال النسائي أثبت أصحاب قتادة شعبة وهمام على خلاف سعيد بن أبي عروبة وصوب روايتهما قال وقد بلغني أن هماما روى هذا الحديث عن قتادة فجعل قوله وإن لم يكن مال الخ من قول قتادة وقال عبد الرحمن بن مهدي أحاديث همام عن قتادة اصح من حديث غيره لأنه كتبه املاء. قال أبو بكر النيسابوري ما أحسن ما رواه همام وضبطه فصل قول قتادة وقال ابن عبد البر الذين لم يذكروا السعاية أثبت ممن ذكرها. وقال البيهقي قد اجتمع ههنا شعبة مع فضل حفظه وعلمه بما سمع من قتادة وما لم يسمع وهشام مع فضل حفظه وهمام مع صحة كتابه وزيادة معرفته بما ليس من الحديث على خلاف سعيد بن أبي عروبة ومن تابعه في إدراج السعاية في الحديث. وذكر أبو بكر الخطيب أبا عبد الرحمن بن يزيد المقري قال رواه همام وزاد فيه ذكر الاستسعاء وجعله من قول قتادة وميزه من كلام النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم. قال ابن العربي اتفقوا على أن ذكر الاستسعاء ليس من قول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وإنما هو من قول قتادة وقد ضعف أحمد رواية سعيد بن أبي عروبة ولكنه قد تابع سعيد على ذكر افستسعاء جماعة على كما ذكر ذلك البخاري. ومنهم جرير بن حازم ومنهم حجاج بن حجاج عن قتادة. ومنهم أحمد بن حفص أحد شيوخ البخاري عن أبيه عن إبراهيم ابن طهمان عن حجاج وفيها ذكر السعاية ورواه عن قتادة أيضا حجاج بن أرطأ كما روى الطحاوي. ورواه أيضا عن قتادة أبان كما في سنن أبي داود ورواه أيضا موسى بن خلف عن قتادة كما ذكر ذلك الخطيب ورواه ايضا شعبة عن قتادة كما في صحيح مسلم والنسائي. وقد رحج رواية سعيد للسعاية ورفعها جماعة منهم ابن دقيق العيد قالوا لأن سعيد بن أبي عروبة اعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه وإن كان همام وهشام أحفظ منه لكنه لا يناف ما روياه وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه وليس المجلس متحدا حتى يتوقف في زيادة سعيد ولهذا صحح صاحبا الصحيحين كون الجميع مرفوعا قال في الفتح وأما ما أعل به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرد به فمردود لأنه في الصحيحين وغيرهما من رواية من سمع منه قبل الاختلاط كيزيد بن زريع ووافقه عليه أربعة آخرون معهم لا نطيل بذكرهم وهمام هو الذي انفرد بالتفضيل وهو الذي خالف الجميع في القدر المتفق على رفعه فإنه جعله واقعة عين وهم جعلوه حكما عاما فدل على أنه لم يضبطه بشكل كما ينبغي. والعجب ممن طعن في رفع الاستسعاء بكون همام جعله من قول قتادة ولم يطعن فيما يدل على ترك الاستسعاء وهو قوله في حديث ابن عمر (وإلا فقد عتق منه ما عتق) بكون أيوب جعله من قول نافع وميزه كما صنع همام سواء فلم يجعلوه مدرجا كما جعلوا حديث همام مدرجا مع كون يحيى بن سعيد وافق أيوب في ذلك وهمام ولم يوافقه أحد وقد جزم بكون حديث نافع مدرجا محمد بن وضاح وآخرون والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعان وفاقا لصاحبي الصحيح. قال ابن المواق والانصاف أن لا يوهم الجماعة بقول واحد مع احتمال آن يكون سمع قتادة يفتي به فليس بين تحديثه به مرة وفتياه أخرى منافاة. ويؤيده أن البيهقي أخرج عن قتادة أنه أفتى به ومما يؤيد الرفع في حديث ابن عمر أعني قوله (وإلا فقد عتق عليه ما عتق) أن الذي رفعه مالك وهو أحفظ لحديث نافع من أيوب وقد تابعه عبيد اللّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب كما قال البيهقي ولا شك أن الرفع زيادة معتبرة لا يليق إهمالها كما تقرر في الأصول وعلم الاصطلاح وما ذهب إليه بعض أهل الحديث من الإعلال لطريق الرفع بالوقف في طريق أخرى لا ينبغي التعويل عليه وليس له مستند ولا سيما بعد الإجماع على قبول الزيادة التي لم تقع منافية مع تعدد مجالس السماع فالواجب قبول الزيادتين المذكورتين في حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة وظاهرهما التعارض والجمع ممكن لا كما قال الإسماعيلي وقد جمع البيهقي بين حديثين بأن معناهما أن المعسر إذا أعتق حصته لم يسر العتق على حصة شريكه بل تبقى حصة شريكه على حالها وهي الرق ثم يستسعي العبد في عتق بقيته فيحصل ثمن الجزء الذي لشريك سيده ويدفعه إليه ويعتق وجعلوه في ذلك كالمكاتب وهو الذي جزم به البخاري قال الحافظ والذي يظهر أنه في ذلك باختياره لقوله (غير مشقوق عليه) فلو كان ذلك على سبيل اللزوم بأن يكلف العبد الاكتساب والطلب حتى يحصل ذلك لحصل له غاية المشقة وهي لا تلزم في الكتابة بذلك عند الجمهور لأنها غير واجبة فهذه مثلها. قال البيهقي لا يبقى بين الحديثين بعد هذا الجمع معارضة أصلا قال الحافظ وهو كما قال إلا أنه يلزم منه أن يبقى الرق في حصة الشريك إذا لم يختر العبد الاستسعاء فيعارضه حديث أبي مليح الذي ذكره المصنف قال ويمكن حمله على ما إذا كان المعتق غنيا أو على ما إذا كان جميعه له فأعتق بعضه واستدل على ذلك بحديث ابن التلب الذي تقدم ثم قال وهو محمول على المعسر وإلا لتعارضا. وجمع بعضهم بطريق أخرى فقال أبو عبد الملك المراد بالاستسعاء أن العبد يستمر في حصة الذي لم يعتق رقيقا فيسعى في خدمته بقدر ماله فيه من الرق قال ومعنى قوله (غير مشقوق عليه) أي من جهة سيده المذكور فلا يكلفه من الخدمة فوق حصة الرق ويؤيد هذا حديث إسماعيل بن أمية الذي ذكره المصنف ولكنه يرد عليه ما وقع في رواية للنسائي وأبي داود في لفظ (واستسعى في قيمته لصاحبه) واحتج من أبطل السعاية بحديث الرجل الذي أعتق ستة مماليك عند موته فجزأهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ثلاثة أجزاء ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقد تقدم في باب تبرعات المريض من كتاب الوصايا. ووجه الدلالة منه أن الاستسعاء لو كان مشروعا لنجز من كل واحد منهم عتق ثلثه واستسعى في بقية قيمته لورثة الميت وأجاب من أثبت السعاية بأنها واقعة عين فيحتمل أن تكون قبل مشروعية السعاية ويحتمل أن تكون السعاية مشروعة في غير هذه الصورة. وقد أخرج عبد الرزاق بإسناد رجال ثقات (آن رجلا من بني عذرة أعتق مملوكا له عند موته وليس له مال غيره فأعتق رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ثلثه وأمر أن يسعى في الثلثين) واحتجوا أيضا بما أخرجه النسائي عن ابن عمر من حديث وفيه (وليس على العبد شيء) وأجيب بأن ذلك مختص بصورة اليسار لقوله في هذا الحديث (وله وفاء) والسعاية إنما هي في صورة الإعسار. وقد ذهب إلى الأخذ بالسعاية إذا كان المعتق معسرا أبو حنيفة وصاحباه والأوزاعي والثوري وإسحاق وأحمد في رواية وإليه ذهبت الهادوية وآخرون ثم اختلفوا فقال الأكثر يعتق جميعه في الحال ويستسعي العبد في تحصيل قيمة نصيب الشريك وزاد ابن أبي ليلى فقال ثم يرجع العبد على المعتق الأول بما دفعه إلى الشريك. وقال أبو حنيفة وحده يتخير بين السعاية وبين عتق نصيبه وهذا يدل على أنه لا يعتق عنده ابتداء إلا النصيب الأول فقط وعن عطاء يتخير الشريك بين ذلك وبين إبقاء حصته في الرق وخالف الجميع زفر فقال يعتق كله وتقوم حصة الشريك فتؤخذ وإليه ذهبت الهادوية وآخرون ثم اختلفوا فقال الأكثر يعتق جميعه في الحال ويستسعي العبد في تحصيل قيمة نصيب الشريك وزاد ابن أبي ليلى فقال ثم يرجع العبد على المعتق الأول بما دفعه إلى الشريك. وقال أبو حنيفة وحده يتخير بين السعاية وبين عتق نصيبه وهذا يدل على أنه لا يعتق عنده ابتداء إلا النصيب الأول فقط وعن عطاء يتخير الشريك بين ذلك وبين إبقاء حصته في الرق وخالف الجميع زفر فقال يعتق كله وتقوم حصة الشريك فتؤخذ إن كان المعتق موسرا وتبقى في ذمته إن كان معسرا وقد حكى في البحر عن الفريقين من الحنفية والشافعية مثل قول زفر فينظر في صحة ذلك. وحكي أيضا عن الشافعي أنه يبقي نصيب شريك المعسر رقيقا وعن الناصر أنه يسعى العبد مطلقا. وعن أبي حنيفة يسعى عن المعسر ولا يرجع عليه والموسر يخير شريكه بين تضمينه أو السعاية أو إعتاق نصيبه كما مر. وعن عثمان البتي أنه لا شيء على العتق إلا أن تكون جارية تراد للوطء فيضمن ما أدخل على شريكه فيها من الضرر. وعن ابن شبرمة أن القيمة في بيت المال وعن محمد بن إسحاق أن هذا الحكم للعبيد دون الإماء. قوله (قيمة عدل) بفتح العين أي لا زيادة فيه ولا نقص. قوله: (لاوكس) بفتح الواو وسكون الكاف بعدها سين مهملة أي لا نقص ولا الشطط بشين معجمة ثم طاء مهملة مكررة وهو الجور بالزيادة على القيمة من قولهم شطني فلان إذا شق عليك وظلمك حقك. قوله (أو شركا له في مملوك) الشرك بكسر الشين المعجمة وسكون الراء الحصة والنصيب. قالابن دقيق العيد هو في الأصل مصدر قوله: (شقصا) بكسر الشين المعجمة وسكون القاف. وفي الرواية الثانية شقيصا بفتح الشين وكسر القاف والشقص والشقيص مثل النصف مثل النصف والنصيف وهو القليل من كل شيء وقيل هو النصيب قليلا كان أو كثيرا.
1 - عن جابر (أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال من يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد اللّه بكذا وكذا فدفعه إليه). متفق عليه. وفي لفظ (قال أعتق رجل من الأنصار غلاما له عن دبر وكان محتاجا وكان عليه دين فباعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بثمانمائة درهم فأعطاه فقال اقض دينك وأنفق على عيالك) رواه النسائي. 2 - وعن محمد بن قيس بن الأحنف عن أبيه عن جده (أنه أعتق غلاما له عن دبر وكاتبه فأدى بعضا وبقي بعض ومات مولاه فأتوا ابن مسعود فقال ما أخذ فهو له وما بقي فلا شيء لكم). رواه البخاري في تاريخه. حديث جابر أخرجه أيضا الأربعة وابن حبان والبيهقي من طرق كثيرة بألفاظ متنوعة. وفي الباب عن ابن عمر مرفوعا وموقوفا عند البيهقي لفظ (المدبر من الثلث) ورواه الشافعي والحافظ يقفونه على ابن عمر. ورواه الدارقطني مرفوعا بلفظ (المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من الثلث) وفي إسناده عبيدة بن حسان وهو منكر الحديث. وقال الدارقطني في العلل الأصح وقفه وقال العقيلي لا يعرف غلا بعلي بن بن ظبيان وهو منكر الحديث. وقال أبو زرعة الموقوف أصح. وقال ابن القطان المرفوع ضعيف. وقال البيهقي الصحيح موقوف. وقد روى نحوه عن علي موقوفا عليه. وعن أبي قلابة مرسلا (أن رجلا أعتق عبداً له عن دبر فجعله النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من الثلث) وروى الشافعي والحاكم عن عائشة أنها باعت مدبرة سحرتها. قوله: (أن رجلا) في مسلم أنه أبو مذكور الأنصاري والغلام اسمه يعقوب. ولفظ أبي داود (أن رجلا يقال له أبو مذكور أعتق غلاما يقال له يعقوب اه وهو يعقوب القبطي كما في رواية مسلم وابن أبي شيبة. قوله: (عن دبر) بضم الدال والموحدة وهو العتق في دبر الحياة كأن يقول السيد لعبده أنت حر بعد موتي أو إذا مت فأنت حر وسمي السيد مدبرا بصيغة اسم الفاعل لأنه دبر أمر دنياه باستخدامه ذلك المدبر واسترقاقه ودبر أمر آخرته بإعتاقه وتحصيل أجر العتق. قوله: (فاشتراه نعيم بن عبد اللّه) في رواية للبخاري نعيم بن النحام بالنون والحاء المهملة المشددة وهو لقب والد نعيم وقيل أنه لقب لنعيم وظاهر الرواية خلاف ذلك. والحديث يدل على جواز بيع المدبر مطلقا من غير تقييد بالفسق والضرورة وإليه ذهب الشافعي وأهل الحديث ونقله البيهقي في المعرفة عن أكثر الفقهاء. وحكى النووي عن الجمهور أنه لا يجوز بيع المدبر مطلقا والحديث يريد عليهم. وروى عن الحنفية والمالكية أنه لا يجوز بيع الدبر تدبيرا مطلقا لا المدبر تدبيرا مقيدا نحو أن يقول إن مت من مرضي هذا ففلان حر فإنه يجوز بيعه لأنه كالوصية فيجوز الرجوع فيه كما يجوز الرجوع فيها. وقال أحمد يمتنع بيع المدبر دون المدير. وقال الليث يجوز بيعه أن شرط على المشتري عن\تقه وقال ابن سيرين لا يجوز بيعه إلا من نفسه. وقال مالك وأصحابه لا يجوز بيعه إلا إذا كان على السيد دين فيباع له. قال النووي وهذا الحديث صريح أو ظاهر في الرد عليهم لأن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إنما باعه لينفقه سيده على نفسه ولعله لم يقف على رواية النسائي التي ذكرها المصنف نعم لا وجه لقصر جواز البيع على حاجة قضاء الدين بل يجوز البيع لها ولغيرها من الحاجات والرواية المذكورة قد تضمنت أن الرجل المذكور كان محتاجا للبيع لما كان عليه من الدين ومن نفقة أولاده. وقد ذهب إلى جواز البيع لمطلق الحاجة عطاء والهادي والقاسم والمؤيد باللّه وأبو طالب كما حكى ذلك عنهم في البحر وإليه مال ابن دقيق العيد فقال من منع البيع مطلقا كان الحديث حجة عليه لأن المنع الكلي يناقضه الجواز الجزئي ومن أجازه في بعض الصور فله أن يقول قلت بالحديث في الصورة التي ورد فيها فلا يلزمه القول به غير ذلك من الصور وأجاب من أجازه مطلقا بأن قوله في الحديث وكان محتاجا لا مدخل له في الحكم وإنما ذكر لبيان السبب في المبادرة لبيعه ليبين للسيد جواز البيع ولا يخفى أن في الحديث إيماء إلى المقتضى لجواز البيع بقوله فاحتاج وبقوله اقض دينك وأنفق على عيالك (لا يقال) الأصل جواز البيع والمنع منه يحتاج إلى دليل ولا يصلح لذلك حديث الباب لأن غايته أن البيع فيه وقع للحاجة ولا دليل على اعتبارها في غيره بل مجرد ذلك الأصل كاف في الجوار لأنا نقول قد عارض ذلك الأصل إيقاع العتق المعلق فصار الدليل بعده على مدعي الجواز ولم يرد الدليل غلا في صورة الحاجة فيبقى ما عداها على أصل المنع. واما ما ذهب إليه الهادوية من جواز بيع المدبر للفسق كما يجوز للضرورة فليس على ذلك دليل إلا ما تقدم عن عائشة من بيعها للمدبرة التي سحرتها وهو مع كونه أخص من الدعوى لا يصلح للاحتجاج به لما قررناه غير مرة من أن قول الصحابي وفعله ليس بحجة. ـ واعلم ـ أنها قد اتفقت طرق هذا الحديث على أن البيع وقع في حياة السيد إلا ما أخرجه الترمذي بلفظ (أن رجلا من الأنصار دبر غلاما له فمات) وكذلك رواه الأئمة احم وإسحاق وابن المديني والحميدي وابن أبي شيبة عن ابن عيينة ووجه البيهقي الرواية المذكورة بأن أصلها أن رجلا من الأنصار أعتق مملوكه إن حديث به حدث فمات فدعا به النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فباعه من نعيم كذلك رواه مطر الوراق عن عمر. وقال البيهقي فقوله فمات من بقية الشرط أي فمات من ذلك الحدث وليس أخبارا عن أن المدبر مات فحذف من رواية ابن عيينة قوله إن حدث به حدث فوقع الغلط بسبب ذلك اه ـ وقد استدل ـ بحديث الباب وما في معناه على مشروعية التدبير وذلك مما لا خلاف فيه وإنما الخلاف هل ينفذ من رأس المال أو من الثلث فذهب الفريقان من الشافعية والحنفية ومالك والعترة وهو مروي عن علي وعمر أنه ينفذ من الثلث واستدلوا بما قدمنا من قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو حر من الثلث وذهب ابن مسعود والحسن البصري وابن المسيب والنخعي وداود ومسروق إلى أنه ينفذ من راس المال قياسا على الهبة وسائر الأشياء التي يخرجها الإنسان من ماله في حال حياته واعتذروا عن الحديث الذي احتج به الأولون بما فيه من المقال المتقدم ولكنه معتضد بالقياس على الوصية ولا شك أنه بالوصية أشبه منه بالهبة لما بينه وبين الوصية من المشابهة التامة. قوله (ما أخذ فهو له وما بقي فلا شيء لكم) استدل به القاضي زيد والهادوية على أن الكتابة لا يبطل بها التدبير ويعتق العبد عندهم بالأسبق منهما وقال المنصور باللّه لا تصح الكتابة بعد التدبير لأنها بيع فلا تصلح إلا حيث يصح البيع ورد بإن ذلك تعجيل للعتق مشروط.
1 - عن عائشة (أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا فقالت لها عائشة ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضى عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت بريرة ذلك لأهلها فأبوا وقالوا إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاؤك فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله و سلم فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق ثم قام فقال ما أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب اللّه تعالى من اشترط شرطا ليس في كتاب اللّه فليس له وإن شرطه مائة مرة شرط اللّه أحق وأوثق). متفق عليه. وفي رواية قالت (جاءت بريرة إني كاتبت أهلي على تسع أوراق في كل عام أوقية) الحديث متفق عليه. قوله (باب المكاتب) بفتح الفوقانية من تقع له الكتابة وبكسرها من تقع منه والكتابة بكسر الكاف وفتحها قال الراغب اشتقاقها من كتب بمني أوجب ومنه قوله تعالى كتب عليكم الصيام أو بمعنى جمع وضم ومنه كتب الخط. قال الحفظ وعلى الأول تكون مأخوذة من معنى الالتزام وعلى الثاني تكون مأخوذة من الخط لوجوده عند عقدها غالبا. قال الروائي الكتابة إسلامية ولم تكن تعرف في الجاهلية وقال ابن التين كانت الكتابة متعارفة قبل الإسلام فأقرها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وقالابن خزيمة وقد كانوا يكاتبون في الجاهلية بالمدينة. قوله (أن بريرة) قد تقدم ضبط هذا الاسم وبيان اشتقاقه في باب من اشترى عبدا بشرط أن يعتقه من كتاب البيع وتقدم أيضا رف من شرح هذا الحديث في باب أن من شرط الولاء أو شرط شرطا فاسدا من كتاب البيع أيضا. قوله (فإن أحبوا) الخ ظاهره أن عائشة طلبت أن يكون الولاء لها إذا بذلت جميع مال الكتابة ولم يقع ذلك إذ لو وقع لكان اللوم على عائشة بطلبها ولاء من أعتقه غيرها. وقد رواه أبو أساممة بلفظ يزيل الإشكال فقال (ان أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت) وكذلك رواه وهيب عن هشام فعرف بذلك أنها أرادت أن تشتريها شراء صحيحا ثم تعتقها إذ العتق فرع ثبوت الملك ويؤيده قول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (ابتاعي فأعتقي) والمراد بالأهل هنا في قول عائشة ارجعي إلى أهلك السادة والأهل في الأصل الآل وفي الشرع من تلزم نفقته. قوله: (إن شاءت أن تحتسب) هو من الحسبة بكسر الحاء المهملة أي تحتسب الأجر عند اللّه ولا يكون لها ولاء. قوله (فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم) في رواية للبخاري فسمع بذلك النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فسالني وفي أخرى له فسمع بذلك النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أو بلغه. قوله (ابتاعي فأعتقي) هو كقوله في الحديث ابن عمر لا يمنعك ذلك. قوله (على تسع أواق) في رواية معلقة للبخاري (خمي أواق نجمت عليها في خمس سنين) ولكن المشهور رواية التسع قد جزم الإسماعيلي بأن رواية الخمس غلط ويمكن الجمع بأن التسع أصل والخمس كانت بقيت عليها وبهذا جزم القرطبي والمحب الطبري ويعكر عليه ما في تلك الرواية بلفظ (ولم تكن قضت من كتابتها شيئا) وأجيب بأنها كانت حصلت الربع الأواق قبل أن تستعين ثم جاءتها وقد بقيت عليها خمس. وقال القرطبي يجاب بأن الخمس هي التي كانت استحقت عليها بحلول نجمها من جملة التسع الأواق المذكورة ويؤيده ما وقع في رواية للبخاري ذكرها في أبواب المساجد بلفظ (فقال أهلها إن شئت أعطيت ما يبقى) وقد قدمنا بقية الكلام على هذا الحديث في ذلك الباب من كتاب البيع فليرجع إليه وله فوائد أخر خارجة عن المقصود. قال ابن بطال أكثر الناس من تخريج الوجوه في حديث بربرة حتى بلغوها نحو مائة وجه. وقال النووي صنف فيه ابن خزيمة وابن جرير تصنيفين كبيرين أكثر فيهما من استنباط الفوائد. 2 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال أيما عبد كوتب بمائة أوقية فادها إلا عشرة أوقيات فهو رقيق). رواه أبو داود. 3 - وعن أم سلمة (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه). رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي ويحمل الأمر بالاحتجاب على الندب. 4 - وعن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال (يؤدي المكاتب بحصة ما أدى دية الحر وما بقي دية العبد). رواه الخمسة إلا ابن ماجه. 5 - وعن علي عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يؤدي المكاتب بقدر ما أدي). رواه أحمد. حديث عمرو بن شعيب باللفظ الأول أخرجه أيضا الحاكم وصححه وقال الترمذي غريب. قال الشافعي لم أجد أحدا روى هذا عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إلا عمرا ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبته وعلى هذا فتا المفتين. وأخرجه باللفظ الثاني أيضا النسائي والحاكم وابن حبان وحسن الحافظ إسناده في بلوغ المرام وهو من رواية إسماعيل بن عياش وفيه مقال. وقال النسائي هو حديث منكر وهو عندي خطأ اه وفي إسناده عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب ولم يسمع عنه كما قال ابن حزم. وحديث أم سلمة قال الشافعي لم أر أحدا ممن رضيت من أهل العلم يثبت واحدا من هذين الحديثين قال البيهقي أراد هذا وحديث عمرو بن شعيب يعني الذي قبله اه من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها. وقد صرح معمر بسماع الزهري من نبهان. وقد أخرجه ابن عزيمة عن نبهان من طريق أخرى. وعن ابن عباس سكت عنه أبو داود والمنذري وهو عن النسائي مسند ومرسل ورجال إسناده عند أبي داود ثقات. وحديث علي علي عليه السلام أخرجه أيضا أبو داود لأنه قال في السنن بعد إخراجه لحديث ابن عباس ما لفظه ورواه يعني حديث ابن عباس وهيب عن أيوب عن عكرمة عن علي عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وجعله إسماعيل بن علية من قول عكرمة وأخرجه البيهقي من طرق. قوله: (فهو رقيق) أي تجرى عليه أحكام الرق وفيه دليل على جواز بيع المكاتب لأنه رق مملوك وكل مملوك يجوز بيعه وهبته والوصية به وهو القديم من مذهب الشافعي وبه قال أحمد وابن المنذي قال بيعت بريرة بعلم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وهي مكاتبة ولم ينكر ذلك ففيه أبين بيان أن بيعه جائز قال ولا أعلم خبر يعارضه قال ولا أعلم دليل علي عجزها وقال الشافعي في الجديد ومالك وأصحاب الرأي أنه لا يجوز بيعه وبه قالت العترة قالوا لأنه قد أخرج عن ملكه بدليل تحريم الوطء والاستخدام وتأول الشافعي حديث بريرة على أنها كانت قد عجزت وكان بيعها فسخا لكتابتها وهذا التأويل يحتاج إلى دليل. قوله: (فلتحتجب منه) ظاهر الأمر الوجوب إذا كان مع المكاتب من المال ما يكفي بما عليه من مال الكتابة لأنه قد صار حرا وإن لم يكن قد سلمه إلى مولاته وقيل أنه محمول على الندب قال الشافعي يجوز أن يكون أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أم سلمة بالاحتجاب من مكاتبها إذا كان عنده ما يؤدي لتعظيم أزواج النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فيكون ذلك مختصا بهن ثم قال مع هذا فاحتجاب المرأة ممن يجوز له أن يراها واسع وقد أمر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم سودة أن تحتجب من رجل قضى أنه أخوها وذلك يشبه أن يكون للاحتياط وإن الاحتجاب ممن له أن يراها مباح اه والقرينة الخاطئة بحمل هذا الأمر على الندب حديث عمرو بن شعيب المذكور فإنه يقتضي حكم المكاتب قبل تسليم جميع مال الكتابة حكم العبد والعبد يجوز له النظر إلى سيدته كما هو مذهب أكثر السلف لقوله تعالى 6 - وعن موسى بن أنس (أن سيرين سأل أنس بن مالك المكاتبة وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر فقال كاتبه فأبى فضربه عمر بالدرة وتلى عمر فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا). أخرجه البخاري. 7 - وعن أبي سعيد المقبر قال (اشترتني امرأة من بني ليث بسوق ذي المجاز بسبعمائة درهم ثم قدمت فكاتبتني على أربعين ألف درهم فأذهبت إليها عامة المال ثم حملت ما بقي إليها فقلت هذا مالك فاقبضيه حتى آخذه منك شهرا بشهر وسنة بسنة فخرجت به إلى عمر بن الخطاب فذكرت ذلك له فقال عمر ادفعه إلى بيت المال ثم بعث إليها هذا المالك في بيت المال وقد عتق أبو سعيد فإن شئت خذي شهرا بشهر وسنة بسنة قال فأرسلت فأخذته). رواه الدارقطني. حديث أبي سعيد المقبري هو من رواية ابنه سعيد بن أبي سعيد وأخرجه ايضا البيهقي وأورده صاحب التلخيص وسكت عنه. قوله: (أن سيرين) هو والد محمد ابن سيرين الفقيه المشهور وكنيته أبو عمرة وكان من سبى عين التمر اشتراه أنس في خلافته أبي بكر وروى عن عمر وغيره وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وموسى بن أنس الراوي عنه لم يدرك وقت سوال سيرين الكتابة من أنس. وقد رواه عبد الرزاق والطبراني من وجه آخر متصل من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت فأتى عمر بن الخطاب فذكره نحوه. وقد استدل بالآية المذكورة من قال بوجوب الكتابة وقد نقله ابن حزم عن مسروق والضحاك وزاد القرطبي معهما عكرمة وهو قول للشافعي وبه قالت الظاهرية واختاره ابن جرير الطبري وحكاه في البحر عن عطاء وعمرو ابن دينار. وقالإسحاق بن راهويه أنها واجبة إذا طلبها العبد وذهبت العترة والشافعية والحنفية وجمهور العلماء إلى عدم الوجوب وأجابوا عن الآية بأجوبة منها ما قاله أبو سعيد الأصطخرى أن القرينة الصارفة للأمر المذكور آخر الآية أعني قوله تعالى
1 - عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال (من وطئ أمته فولدت له فهي معتقة عن دبر منه). رواه أحمد وابن ماجه. وفي لفظ (أيما امرأو ولدت من سيدها فهي معتقة عن دبر منه أو قال من بعده) رواه أحمد. 2 - وعن ابن عباس قال (ذكرت أم إبراهيم عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال أعتقها ولدها). رواه ابن ماجه والدارقطني. الحديث الأول أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وله طرق وفي إسناده الحسين بن عبد اللّه الهاشمي وهو ضعيف جدا وقد رجح جماعة وقفه على عمرو وفي رواية للدارقطني والبيهقي من حديث ابن عباس أيضا أم الولد حرة وإن كان سقطا وإسناده ضعيف. قال الحافظ والصحيح أنه من قول ابن عمر. والحديث الثاني في إسناده أيضا حسين بن عبد اللّه الهاشمي وهو ضعيف جدا كما تقدم. قال البيهقي وروي عن ابن عباس من قوله قال وله علة ورواه مسروق عن عكرمة عن عمرو عن خصيف عن عكرمة عن ابن عمر قال فعاد الحديث إلى عمر وله طرق أخرى رواه البيهقي من حديث ابن لهيعة عن عبيد اللّه بن جعفر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لأم إبراهيم أعتقك ولدك وهو معضل وقال ابن حزم صح هذا بسند رواته ثقات عن ابن عباس ثم ذكره من طريق قاسم بن أصبغ عن محمد بن مصعب عن عبيد اللّه بن عمر عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس وتعقبه ابن قطان بأن قوله عن محمد بن مصعب خطأ وإنما هو عن محمد وهو ابن وضاح عن مصعب وهو ابن سعيد المصيصي وفيه ضعف. والحديثان يدلان على أن الأمة تصير حرة إذا ولدت من سيدها وسيأتي الكلام على ذلك قريبا والخلاف فيه. وأم الولد هي الأمة التي علقت من سيدها بحمل ووضعته متخلقا وادعاه. 3 - وعن أبي سعيد قال (جاء رجل من النصار فقال يا رسول اللّه أنا نصيب سبيا فنحب الأثمان فكيف ترى في العزل فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وإنكم لتفعلون ذلكم لا عليكم أن تفعلوا ذلكم فإنها ليست نسمة كتب اللّه عز وجل أن تخرج إلا وهي خارجة). رواه أحمد والبخاري. الحديث فيه دليل على جواز العزل عن الإماء وسيذكر المصنف حديث أبي سعيد هذا في باب ما جاء في العزل من كتاب الوليمة والبناء ويأتي شرحه إن شاء اللّه تعالى هنالك فإن الموضع الأليق به وفي مطلق العزل خلاف طويل وكذلك في خصوص العزل عن الحرة أو الأمة أو أم الولد وسيأتي هنالك مبسوطا بمعونة اللّه ولعل مراد المصنف رحمه اللّه بإيراد الحديث الاستدلال بقوله فنحب الأثمان على منع بيع الأمهات الأولاد وهو محتمل. 4 - وعن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (أنه نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها السيد ما دام حيا وإذا مات فهي حرة). رواه الدارقطني ورواه مالك في الموطا والدارقطني من طريق آخر عن ابن عمر عن عمر من قوله وهو أصح. 5 - وعن أبي الزبير عن جابر (أنه سمعه يقول كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا والنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فينا حي لا نرى بذلك بأسا). رواه أحمد وابن ماجه. 6 - وعن عطاء عن جابر (قال بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وأبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا). رواه أبو داود. قال بعض العلماء إنما وجه هذا أن يكون ذلك مباحا ثم نهي عنه ولم يظهر النهي لمن باعها ولا علم أبو بكر بمن باع في زمانه لقصر مدته واشتغاله بأهم أمور الدين ثم ظهر ذلك زمن عمر فأظهر النهي والمنع وهذا مثل حديث جابر أيضا في المتعة قال (كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وأبي بكر حتى نهانا عنه عمر في شأن عمرو بن حريث) رواه مسلم وإنما وجه ما سبق لامتناع النسخ بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم. 7 - وعن الخطاب بن صالح عن أمه قالت (حدثتني سلامة بنت معقل قالت كنت للحباب بن عمر ولي منه غلام فقالت لي امرأته الآن تباعين في دينه فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فقال من صاحب تركة الحباب بن عمر قالوا أخوه أبو اليسر كعب بن عمر فدعاه فقال لا تبيعوا وأعتقوها فإذا سمعتم برقيق قد جاءني فأتوني أعوضكم ففعلوا فاختلفوا فيما بينهم بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآل وسلم فقال قوم أم الولد مملوكة لولا ذلك لم يعوضكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وقال بعضهم هي حرة قد أعتقها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ففي كان الاختلاف). رواه أحمد في مسنده قال الخطابي وليس إسناده لذلك. حديث ابن عمر أخرجه أيضا البيهقي مرفوعا وموقوفا وقال الصحيح وقفه على عمر وكذا قال عبد الحق. وقال صاحب الإلمام المعروف فيه الوقوف والذي رفعه ثقة قيل ولا يصح مسندا. وحديث جابر الأول أخرجه أيضا الشافعي والبيهقي وحديثه الثاني أخرجه أيضا ابن حبان والحافظ. وحديث سلامة بنت معقل أخرجه أيضا أبو داود وفي إسناده محمد بن إسحاق بن يسار وفيه مقال. وذكر البيهقي أنه أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال هذا بعد أن ذكر أحاديث في أسانيدها مقال ـ وفي الباب ـ عن أبي سعيد عند الحاكم بنحو حديث جابر الآخر وإسناده ضعيف. قال البيهقي وليس في شيء من الطرق أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أطلع علي ذلك يعني بيع أمهات الأولاد وأقرهم عليه. وقال الحافظ أنه روى ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق أبي سلمة عن جابر ما يدل على ذلك يعني الإطلاع والتقرير. قوله: (قال بعض العلماء) قد روى نحو هذا الكلام عن الخطاب فقال يحتمل أن يكون بيع أمهات الأولاد كان مباحا ثم نهى عنه صلى اللّه عليه وآله وسلم في آخر حياته ولم يشهر ذلك فلما بلغ ذلك عمر نهاهم قوله: ومثل هذا حديث جابر سيأتي الكلام عليه في النكاح إن شاء اللّه تعالى. قوله: (عن الخطاب بن صالح) هو المدني مولى النصار معدود في الثقات توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة وسلامة بتخفيف اللام وهي امرأة من قيس عيلان والحباب بضم الحاب المهملة وتخفيف الباء الموحدة وأبو اليسر بفتح التحتية والسين المهملة اسمه كعب يعد في أهل المدينة وهو صحابي أنصاري بدري عقبي. وقد استدل بحديثي ابن عباس المذكورين في الباب وحديث ابن عمر القائلون بأنه لا يجوز بيع أمهات الأولاد وهم الجمهور وقد حكي ابن قدامة إجماع الصحابة على ذلك ولا يقدح في صحة هذه الحكاية ما روي عن علي وابن عباس وابن الزبير من الجواز لأنه قد روي عنهم الرجوع عن المخالفة كما حكي ذلك ابن رسلان في شرح السنن. وأخرج عبد الرزاق عن علي بإسناد صحيح أنه رجه عن رأيه الآخر إلى قول جمهور الصحابة وأخرج أيضا عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني قال (سمعت عليا يقول اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن ثم رأيت بعد أن يبعن قال عبيدة فقلت له فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة) وهذا الإسناد معدود في أصح الأسانيد ورواه البيهقي عن طريق أيوب. وأخرج نحوه ابن أبي شيبة وروى ابن قدامة في الكافي أن عليا لم يرجع رجوعا صريحا إنما قال لعبيدة وشريح اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الخلاف وهذا واضح في أنه لم يرجع عن اجتهاده وإ،ما أذن لهم أن يقضوا باجتهادهم الموافق لرأي من تقدم. قال ابن قدامة أيضا وقد روى صالح عن أحمد أنه قال أكره بيعهن وقد باع علي بن أبي طالب قال أبو الخطاب فظاهر هذا أنه يصح مع الكراهة وروى البيهقي من طرق منها عن الثوري عن عبد اللّه بن دينار قال جاء رجلان إلى ابن عمر فقال من أين أقبلتما قال من قبل ابن الزبير فأحل لنا أشياء كانت تحرم علينا قال ما أحل لكم قالا أحل لنا بيع أمهات الأولاد قال أتعرفان أبا حفص عمر فإنه نهى أن تباع أو تورث يستمتع بها ما كان حيا فإذا مات فهي حرة ومن القائلين بجواز البيع الناصر والباقر والصادق والإمامية وبشر المريسي ومحمد بن المطهر وولده المزني وداود الظاهري قتادة ولكنه إنما يجوزعند الباقر و الصادق و الامامية بشرط أن بيعها في حياة سيدها فإن مات ولها منه ولد باق عتقت عندهم و قد قيل إن هذا مجمع عليه و قد روي في جامع آل محمد عن القاسم بن إبراهيم أن من أدرك من أهله لم يكونوا يثبتون رواية بيع أمهات الأولاد و قد ادعى بعض المتأخرين الإجماع على تحريم بيع أم الولد مطلقا وهو مجازفة ظاهرة. وادعى بعض أهل العلم أن تحريم بيعهن قطعي وهو فاسد لأن القطع بالتحريم إت كان لأجل الأدلة القاضية بالتحريم ففيها ما عرفت من المقال السالف وإن كان لأجل الإجماع المدعي ففيه ما عرفت وكيف يصح الاحتجاج بمثل ذلك والخلاف ما زال منذ أيام الصحابة إلى الآن وقد تمسك القائلون بالجواز بحديثي جابر المذكورين وحديث سلامة وقد عرفت أن حديثي جابر ليس فيهما ما يدل على إطلاع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على البيع وتقريره كما تقدم عن البيهقي وأيضا قوله فلا نرى بذلك باسا الرواية فيه بالنون التي للجماعة ولو كانت بالياء التحتية لكان فيه دلالة على التقرير. وأما حديث سلامة فدلالته على عدم الجواز أظهر لأن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نهاهم عن البيع وامرهم بالإعتاق وتعويضهم عنها ليس فيه دليل على أنه كان يجوز بيعها لاحتمال أنه عوضهم لما رأى من احتياجهم وهذه المسألة طويلة الذيل. وقد افردها ابن كثير بمصنف مستقل. وحكي عن الشافعي فيها أربعة أقوال وذكر أن جملة ما فيها من الأقوال للعلماء ثمانية ولا شك أن الحكم بعتق أم الولد مستلزم لعدم جواز بيعها فلو صلحت الأحاديث القاضية بأنها تصير حرة بالولادة لكانت دليلا على عدم جواز البيع ولكن فيها ما سلف والأحوط اجتناب البيع لأن أقل أحواله أن يكون من الأمور المشتبهة والمؤمنون واقفون عندها كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق صلى اللّه عليه وآله وسلم واللّه أعلم.
|